روايات

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم سارة أسامة

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم سارة أسامة

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء البارت الخامس والعشرون

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الجزء الخامس والعشرون

وخنع القلب المتجبر لعمياء

رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الحلقة الخامسة والعشرون

ران على قلبه الرُعب عندما وقعت أعينه فوقها فور أن دلف الغرفة ووجد وجهها غارق بدموعها الصامته..
قطع الخطوات التي تفصله عنها بلهفة وجلس على أعقابه أمامها وهو يهتف بلهفة وأصابعه تعمل على محق دموعها البلورية بحنان:-
– رِفقة … حبيبتي مالكِ، في حاجة وجعاكِ، ليه الدموع، مين زعلك..
كان شعرها متوسط الطول يُكلل وجهها وينبسط فوق ظهرها، رفعت أصابعها تُرجع خصلاتها للخلف، وابتسمت من بين دمعها تقول بشوق:-
– بابا وماما وحشوني أوي يا يعقوب، وحشني وجود ماما ولمساتها على حياتي ويومي، ودلال بابا ليا … لما كان بيقعد ويسرحلي شعري ويعملي تسريحات مختلفة..
قلبي واجعني عليهم والوجع مخفش بعد مرور السنين دي كلها..
حرقة قلبي لسه زي ما هي..
حزنها ودموعها شواظٌ من نار تسقط على قلبه، لا يطيق حزن قلبها، يوّد أن لو يستطيع إعادة عجلة الزمان ويمنع حدوث ما حدث، أو لو أنه بقى بجانبها منذ هذا الحين ولم يتركها…
أستتذكره عندما يعود نور أعينها، أستذكر ذاك الوجه الذي طلّ عليها من وسط الظلام بينما هي راقدة بحالة اللاوعي، أستذكر تشبثها بقمصيه ونظرات الرجاء التي ملأت جفونها وكلمتها المتقطعة حينها(متسبناش)..
وقتها كانت مازلت صغيرة، وقد تبدلت وتغيرت ملامحها لذلك لم يتعرف عليها، لكن ملامحه مازالت كما هي فقد كان في أخر سنوات جامعته، لم يتغير سوى مسحة البرود التي نُقشت فوقها، وبعض الجفاء والبؤس الحزين، أستذكر ملامحه من وسط الضباب في يوم الحادث؟!!
انحنى يضع قُبلة حنون بباطن كفها ثم اعتدل وانحنى يحملها برِفق بين ذراعيه وخرج بها من الغرفة..
أجلسها أرضًا وتحرك يجذب بعض الأشياء ثم جلس خلفها..
قبل رأسها من الخلف وقال بوعد:-
– هبدأ أدور على أهلك يا رِفقة، ووعد مني مش هسيبهم أبدًا..
وأكمل بمرح وهو يتحسس خصلاتها العسلية برِفق يُخلل أصابعه بينهم بنهم:-
– أما نبدأ نعمل إللي عمي يحيى كان بيعمله أما نشوف رأيك فيا وهعرف ولا لأ..
ضحكت بسعادة وهي تستعد بحماس بينما ترفع رأسها وقالت بخوف:-
– بس إنت تعبان يا أوب، متجهدش نفسك علشان مش تدوخ..
قال بلامبالاة وهو يضع الفرشاة ذات الأسنان الناعمة لتجري بشلال العسل المموج برأسها:-
– أنا مش متعود إن أنام عالطول كدا، وبعدين أنا زهقت وإنتِ حاكمه عليا أفضل في السرير وأنا مش بحب كدا، وأنا الحمد لله بخير جدًا وفي أفضل الأحوال، من ساعة ما رجعنا البيت وأنا نايم … المهم قوليلي إنتِ عايزه تسريحة أيه، أعملك ضفيرة..
حركت رأسها بنفي وقالت بسعادة:-
– لأ مش ضفيرة عادية.. اعملي ضفيرة السُنبلة..
بتعرف تعملها..!
توتر يعقوب وقال متنحنحًا:-
– ااه ااه طبعًا بعرف، دا مفيش أسهل منها..
ابتسمت باتساع ورفعت رأسها بحماس مُردفة:-
– يلا وريني إبداعك بقاا يا أوب..
مسح على وجهه باضطراب وظل يُعيد ويُكرر مرور أصابعه بشعرها، وخفيةً أخرج هاتفه وفعّل وضع الصامت وأخذ يبحث في صندوق البحث (طريقة عمل ضفيرة السُنبلة)..
فتح أحد مقاطع الفيديو وأخذ يُطبق ما يراه ببطء..
ابتسمت رِفقة باتساع واستمتاع لما يفعله وبدأ النوم يتغلغل لجفونها..
تنهدت براحة وقد مرّت ثلاثون دقيقية ويعقوب في عالم أخر مع هذا البلاء الذي يُمسى (السنبلة) عاقد جبينه وبين عينيه بتركيز لم يفعله من قبل…
تنهد براحة أخيرًا وقال بسعادة:-
– أخيرًا .. الحمد لله عملتها..
رفع الصورة بالهاتف يضعها بجانب رأس رِفقة ليشعر يالإحباط وهو يرى أنها بالكاد تحمل ملامح بسيطة لما قامت به السيدة لكنه تمتم برضا:-
– حلو بردوه، الله عليا فنان يا يعقوب..
كتمت رِفقة ضحكتها ورفعت أصابعها تتحسس رأسها بهدوء تحت ترقب يعقوب، أردفت بإعجاب وتقدير توّج حروفها:-
– تسلم إيدك يا أوب، سُنبلة غالية على قلبي..
حاوطها يعقوب بحنان وقال مُقبلًا رأسها:-
– وإنتِ أغلى أرنوب في حياة يعقوب، يلا هتعلم فيكِ علشان أبقى أعملها لبناتنا…
قالت بامتنان وهي تشعر بتميمة الحب التي دارت بأفلاكها:-
– ربنا يديمك ليا يا أوب، قولي إنت حطيت أكل لرِين!
– أيوا يا ست البنات حطيت..
تذكرت شيء ما ثم استقامت مسرعة وهي تتحسس طريقها وتتوجه باتجاه المطبخ..
سار يعقوب خلفها لتتسائل وهي تبحث في خِزانة المطبخ:-
– مفيش هنا عيش ناشف أو أي حبوب يا يعقوب..
أخرج لها بعض الخُبز الجاف ووضعه بين يديها لتقوم بتفتيته فقال باستفهام متعجب:-
– عايزاه ليه يا رِفقة، ما أنا قولتلك حطيت لرِين أكل..
قالت بتوضيح وهي تتجه نحو الشُرفة:-
– لأ يا أوب أنا مش عيزاه علشان رِين، أنا هحط الطبق ده في البلكونة دايمًا للعصافير..
أنا اتعودت أعمل كدا لأن ماما دايمًا كانت بتعمل كدا، وفي بيت خالي كانت نهال بتساعدني وبنحطه على صدفة الشباك إللي كنت بنام تحته، متتخيلش بقاا صوت العصافير الصبح بيبقى عامل إزاي، حاجة أخر بهجة بجد يا أوب..
طالعها بفخر وحب وعشق عميقان وارتجف جسده بخفقان قلبه وهو يود أن يعلم ويتشرب أدقّ التفاصيل بحياة رِفقة، لديه نهم غير طبيعي في معرفة كل أمرّ يخصها حتى وإن كان من وجهة نظر الجميع شيء ليس بالضروري..
جلس على أحد مقاعد الشُرفة وجلست هي بجانبه بعدما ساعدها بوضع الطبق في مكانٍ مناسب وبعدما دلف للداخل وقام بصنع القهوة المُثلجة لها وله، وجلسوا يتسامران في جو مليء بالمرح والسعادة والعشق بينما أواني الزهور تحاوطهم وقد فاح عبقها…
تسائل يعقوب بفضول:-
– قوليلي يا رِفقة إنتِ أيه حلمك، يعني نفسك تبقي أيه، أو لكِ مثلًا هواية معينة..
رفرفرت بأعينها وتوسع فمها بإبستامة مشرقة وهتفت بحماس وهي تتحدث بينما تُحرك يديها بطريقة عشوائية:-
– أنا خريجة لغات وترجمة، قسم اللغة الفرنسية..
بس أنا تعرف نفسي في أيه وأيه موهبتي..
دبلجة الكرتون … الأصوات الكرتونية يعني بعرف أقلد الأصوات بشكل كبير جدًا..
اسمع كدا..
ثم أجلت حلقها وبدأت تُقلد الأصوات بصوت مختلف تمامًا جعل أعين يعقوب تتسع بصدمة ومفاجأة:-
«أنا لستُ جين الأرنبة أنا آن شيرلي تنتهي بالـ(e)، وأنا لستُ مثلكُن، أنا مختلفة عنكنّ أيتها الحُثالة القادمة من الشوارع، كانت لي غرفتي الخاصة، أبي وأمي كانا مدرسين محترمين، إنني أحفظ أشعار براوننج وقرأت لشكسبير أيضًا…
روميو قالها في روميو وجوليت .. ما لم يختبر الألم يسخر من جِراح الأخرين…
كُلكنّ جهلة وخاليات من الخيال ولا تعرفنّ من هو شكسبير، لهذا من السهل أن تسخرنّ من الأخرين، إنني احتقر كل من في هذا المكان … أنا احتقركنّ جميعًا … اتفهمنّ ما أقوله، أنا أفضل منكنّ أيتها الفتيات اللاتي لا يشعرنّ بألآم الأخرين.»
رفعت رأسها له بخجل وقابلها صمته المُزين بإعجابه الذي يتنامى وعيناه تدوران عليها دون كلل، قالت بخفوت:-
– دي آن في البراري الخضراء..
وواصلت بصوت مختلف:-
-«أتعلمان؟!
هممم … أود أن أكون ما خلقني الله لأجله..
– آآه … لا أفهم ما تقولين..
– أما أنا فسأصير كاتبة..
– كاتبة!!
– أجل، وأتمنى أن يقرأ الناس في كل مكان قصائدي وقصصي …. سأكتب قصصًا تدفع قارئيها لإخبار من حولهم عنها، هذا ما أطمح إليه..»
تنهدت وقالت وهي تبتلع ريقها:-
– ودي إيميلي…
وواصلت تقول بصوت مختلف تمامًا:-
« – وهل لديكِ وقتٌ للقراءة يا آنسة؟!
– يجب عليها أن تجد الوقت للقراءة، فالقراءة تُغني العقول وكما تعلم ميزان الشخص عقله لا مظهره..»
ورددت وقد تنامت نظرات الفخر بأعين يعقوب:-
– ودي ريمي..
وقالت للمرة الأخير وقد تكاثر شغفها واتقد:-
«مهما كانت الظروف صعبة .. نحنُ لها..
أيوااا … اديني أكتر…»
قالت بإبتسامة:-
– ودي حاجة بسيطة لتيمون..
وبس كدا … دي بعض الأصوات، كانت نهال بتساعدني وسجلتلي كام مرة وجالي عرض شغل من قناة كرتون واشتغلت حاجة بسطة معاهم بس الموضوع كان عايز وقت ودعم وبصراحة مش لقيت فانسحبت بس لسه الشغف جوايا…
وكمان وأنا صغيرة كان عندي شغف بالفن الإسلامي لو تسمع عنه … وكنت برسم كتير فيه..
وماما وبابا كانوا بيشجعوني جدًا…
ترنحت أنامله بحنو على وجنتيها وقال بنبرة يغمرها الكثير والكثير:-
– حتي أحلامك وموهبتك مميزة تشبهلك يا رِفقة، أنا خلاص معاكِ وبوعدك إن كل الأحلام إللي على قيد الإنتظار هتتحقق كلها..
انتظرت كتير أووي العوض يا رِفقة .. وما أجمل الإنتظار عندما تكون نهايته أنتِ..
همست له برِقة مفعمة بالمشاعر:-
– لا أعلم كيف بدأت قصتي معك، ولكنني أُدرك جيدًا أنك أصبحت أغلى من روحي..
قبل باطن كفها بحنان متدفق وهمس وهو يجذبها لأحضانه:-
– وأنتِ أصبحتي أغلى من الروح يا حبة القلب ونور العين…
ابتسمت بخجل لينظر لها بأعين ضيقة وقال فجأة:-
– قوليلي بقاا أيه حكاية اسم أوب…!!
•••••••••بقلم/سارة نيل••••••••••
– يا ترى مين رَجع هنا يا عفوف.؟!
كانت جالسة بصدر الرُدهة تبكي قهرًا على ابنتيها، فقد تم إخراجهم من المشفى بعدما حدد لهم الأطباء الكثير من العمليات التجميلة وأخرى بأعينهم، وهم لا يملكون حتى القليل من الأموال..
لكنها وسط لُجة حُزنها وبكاءها اخترق أسماعها هذا الصوت المألوف، اعتقدت أنها تتوهم فرفعت أصابعها تُدلك رأسها بإرهاق..
لكنها أدركت أنها بأرض الواقع حين شعرت بيد دافئة على كتفها…
رفعت رأسها ببطئ لتقع أعينها على أخر شخص توقعته، همست بصدمة وأعين متسعة بينما قلبها فأخذ يسبح في فضاء السعادة:-
– راجح..!!!
وقفت بأقدام مرتعشة وأعينها تجري على ملامحه الغالية المحببة لها، إنه ولدها الغالي الغائب..
ابتسم هو ببشاشة ثم اقترب يأخذها في عناقٍ واسع وهو يُردد بتنهيدة مرتاحة:-
– أمي .. عفاف..
طوقته بذراعيها تحتضنه بقوة وهي تبكي بكاءًا شديدًا وتُقبل كل جزء بوجهه ورأسه وكتفيه مُرددة بنبرة ممتزجة بالبكاء غير مستوعبة:-
– راجح … ابني …حبيبي… راجح إنت قدام عيني … أنا مش مصدقه يا ابني…
قبل رأسها ويديها ببِرّ وأردف بوقار:
– قولت أعملهالكم مفاجأة يا أمي، إنتِ وأبويا وأمل وشيرين..
وصمت قليلًا ثم همس باشتياق حدّ الألم وعشق شديد:-
– ورِفقة…
وأكمل راجح بمرح:-
– أكيد كالعادة أمل وشيرين برا خاربينها فُسح..
بس رافي أكيد هنا، متعرفيش أنا جاي على مَلى وشي إزاي يا أمي، اشتغلت كل السنين دي وهريت نفسي علشان أقدر أقف على رجلي وتكون رِفقة ليا..
والحمد لله كونت نفسي وأقدر دلوقتي أطلب إيد رِفقة وأجيبلها كل إللي تتمناه، حتى هجري بيها على عيونها علشان ترجع تشوف تاني..
خيم عليها شبح الموت واصفر لونها، فهي أعلم بمدى تعلق راجح ولدها الأكبر برٍفقة، وتلك الغُربة والإبتعاد عن الأوطان كل هذه السنوات لأجلها ولأجل توفير حياة تليق بها دون الإعتماد على أموال أبيها..
اضطرب قلب راجح وهو يرى تربد لون والدته بالشحوب، ابتلع ريقه بتوتر وتسائل بحذر مترقب:-
– في حاجة أنا معرفهاش يا أمي، رِفقة كويسة …هي فين..
وأخيرًا خرج صوتها المتحشرج تقول بانكسار وقد خمد جبروتها وانكسر غرورها:-
– لازم تنسى رِفقة يا راجح وتعيش حياتك، هي راحت لحال سبيلها … انساها يا راجح..
تصلب بدنه وجرت حمم لاهبة بأوردته، همس بصوتٍ أجشّ وأعصاب متماسكة بأخر عزمه:-
– مش فاهم …معنى أيه الكلام ده، مالها رِفقة، إنتِ عملتي فيها حاجة!!
الآن حصحص الحق، ومهما غابت الحقيقة مُدثرة بالكذب والنفاق عليها أن تخرج للأفق يومًا ما، أخفضت رأسها بخزي وبدأت تسرد له الحكاية منذ سفره وما لاقته رِفقة بينهم ومخططتها التي عملت عليها للإيقاع برِفقة واستغلالها واتبعت بسردها زواجها بيعقوب وحمايته لها…
بأي طريقة كان سيعلم الحقيقة فلتكن عن طريقها لعلّ هذا يشفع لها لديه ويقلل من حجم جُرمها ويشفع لها ندمها واعترافها بالذنب…
لكن هذا الذي شعر بفُتات قلبه المتهشم تذريه الرياح في مكانٍ سحيق، شعر وكأن ثمة جاثوم يطبق على صدره، مُحقت الإبتسامة من فوق فمه وأفل رونق الشعاع الوضاح بوجهه وسقط على المقعد من خلفه بجسد متهدل شاعرًا بالعالم يدور من حوله وجميع أحلامه الوردية قد احترقت وأصبحت رماد، أن تأتي مُحمل بالتلهف والسعادة في أنك أخيرًا ستنال جائزة سعي تلك السنوات والحرمان والمشقة، لتجد أن من ظللت تسعى لأجلها قد أصبحت من المُحال…!!
ألم ساحق احتل قلبه وغصة مريرة علقت بحلقه وغامت أعينه بدموع حارقة وقد أصبح الفؤاد مغمورًا في جوٍّ من الغم وسقط قلب عاشق في غيابة الظلام الدامس لن يُخرجه منه إلا نورٌ قوي يُبدد هذا الظلام لأخر قطرة…
•••••••••••بقلم/سارة نيل••••••••••••
رفرفت بأهدابها ثم قالت بإيتسامة عريضة:-
– بص يا سيدي … هو خرج تلقائية مني كدا، بس بردوه في حد اسمه أوب … هو محدش بياخد باله منه بس أنا بحب الشخصية دي جدًا، وهو أوب يعقوبيان..
تسائل يعقوب بفضول وجبين مُجعد:-
– ويطلع مين أوب يعقوبيان ده..!!!
رددت رِفقة باستنكار:-
– معقول متعرفش هو مين، طب أكيد عارف كرتون عائلة رُبّسوس أو روبنسون..
ضحك يعقوب وقال بتدارك:-
– ااه هي شخصية كرتون، لا بصراحه معرفهوش، ما أنا قولتلك كل الحاجات دي كانت ممنوعة عند لبيبة بدران ومكانش ينفع أتفرج عليها..
شعرت بالألم لأجله فقد حُرم من جميع نُزه الطفولة، احتضنت كفه وقالت بحنان:-
– وأيه يعني … نقدر إننا نعوض دلوقتي ونتفرج عليهم من أول وجديد .. أنا كنت بتفرج وأنا صغيرة ولما فقدت البصر بقيت أسمع بالصوت الحاجات إللي كنت شيفاها قبل كدا..
مسح على شعرها بحنان وقال بصدق:-
– المرة الجايه مش هتعتمدي على السمع وبس وهتشوفي كل الألوان وكمان هتشوفي جديد، بوعدك يا رِفقة … خلاص هانت كلها يومين..
قالت باعتراض:-
– أجلها يا يعقوب لغاية ما تخف شوية الدنيا مش هتتهد ومش هيحصل حاجة..
هتف بحسم:-
– رِفقة حبيبتي أنا الحمد لله بخير ومفيش أي داعي إننا نأجلها دي مجرد خياطة مش أكتر..
ويلا تعالي هنا علشان أحطلك القطره إللي الدكتور قال عليها..
وجذبها نحوه ليجعلها تتمدد ويضع رأسها فوق ساقه لتقول بتذمر:-
– لا يا أوب دي بتحرق أووي..
ردد بحسم ممزوج باللين:-
– يلا يا سُكرتي استحملي عشر دقايق والدنيا هتبقى تمام وهيروح كل الوجع..
وبعد الكثير من التملل منها استطاع السيطرة عليها وقطّر بأعينها بعض القطرات تحت تذمرها واعتراضها، قال ليصرف ذهنها عن الوجع:-
– بس مقولتليش يعني مين أوب يعقوبيان، وهو شخص كويس ولا أيه..!!
قالت بتلقائية:-
– دا كان الشرير في الكرتون..
أردف بعتاب:-
– بقاا كدا يا رِفقة … وإنتِ شيفاني شرير كدا..
رددت ببسمة بشوشة:-
– لأ طبعًا هما كانوا مفكرينه شرير، بس محدش كان عارف وراه أيه وأيه إللي حصله..
هو كان صديق لِمض في الأوضة في الملجأ وكان لِمض مخترع وبيسهر طول الليل على إختراعاته وأوب مكانش بيعرف ينام وكان بيبقى عنده ماتش بيسبول الصبح ولما كان يروح كان ينام على نفسه ومش يمسك الكوره وياكل علقة محترمة…
أوب عاش حياة صعبة أووي واتظلم ومحدش كان بيرضى يتبناه وعاش وحيد والكل كان مفكر إن هو شرير..
بس لِمض صحح الغلطة دي وقبل ما يقدم إختراعه نادى أوب وقدر يمسك الكورة وفاز وفي أسرة اتبنيته وعاش سعيد..
كان يعقوب يستمع لها بتركيز وشغف ليقول بهدوء:-
– هتعملي العملية وكل يوم هنعمل سهرة حلوة ونسهر نتفرج كل يوم على حاجة مختلفة ونعوض كل إللي فاتنا..
فتحت أعينها وهمست له بشرود:-
– تعرف يا يعقوب أنا مكانش عندي أي مشكلة إن أفضل طول عمري كفيفة والحمد لله راضيه أووي أووي..
بس مش هكذب عليك كنت ساعات بتمناها وبزعل أووي .. تعرف إمتى!
لما كان يجي العيد الكبير وكنت أقعد أسمع التلبية الخاصة بالحجاج، الكعبة وحشتني أووي ونفسي أشوفها وأشوف الحُجاج يوم عرفة..
لأن أنا وماما وبابا كنا دايمًا نفضل فاتحين التلفزيون ونقعد نتفرج وإحنا بنعيط لأن كان نفسنا نروح …ولما ربنا كتبها لبابا وماما راحوا ومش رجعوا تاني..
تمزق قلبه لتلك النبرة الحزينة التي تحرق روحه وعزم داخله وأقسم بأغلظ الأيمان بأنه سيمحق ويبدد كل قطرة حزن داخلها..
جذبها يحتويها داخل أحضانه بحنان وهو يهمس:-
– هانت يا رِفقة … بوعدك كل حاجة تبقى تمام..
••••••••••بقلم/سارة نيل•••••••••••
ذاهبة في ثباتٍ عميق يبتلعها كابوسٍ مزعج وجسدها يتلوى فوق الفراش..
اقترب منها يحتضنها ويحاول السيطرة على حركاتها العنيفة وهدهدة بكاءها وشهقاتها العالية أثناء نومها غير الهمهمات الغير مفهومة…
فزعت من فوق الفراش بأعين متسعة ووجه متعرق تنظر بأرجاء الغرفة بفزع شديد حتى وقعت أعينها فوق زوجها الذي جذبها يحتضنها محاولًا بثّ الأمان لقلبها بصمت ووجه مليء بالحزن والقهر…
لكنها تمسكت بملابسه تجتذبه منها بقوة وهي تجاهد بشق الأنفس لتحريك لسانها لتهتزّ حنجرتها وينطلق لسانها من وسط بكاءها بتلهف وروع:-
– بــنتـــــــــــي رِفــــــــقـــــــــــة…
••••••••بقلم/سارة نيل•••••••••
صوت الضحكات الصاخبة السعيدة يغمر أرجاء المطبخ..
قالت رِفقة بامتعاض:-
– أووب كفاية بقاا أكلت خلطة الكيكة كلها وهي لسه طرية، هو أنت فاكرني مش حاسه بإيدك ولا أيه .. المقادير باظت كدا..
ناطحها يعقوب باعتراض وهو يمسح بأصابعه البقع الحمراء من فوق خديها المُلطخين برِفق:-
– إنتِ مش أحسن مني .. ما إنتِ كمان خلصتي الكرز كله ومعدش في حاجة نحطها في قلب الكيكة … صدقيني هي كدا حلوة خلينا ناكلها كدا أنا بحبها كدا أحسن ما تطيب…
صرخت بنفاذ صبر:-
– يــــــــــعــــــــقــــــــوب .. شيل إيدك من البوله..
واعمل حسابك إنك هتعوضني عن العجينة إللي كلتها دي..
– اللاه هو إحنا فينا من كدا..
– أمال أيه .. كل حاجة بحسابها..
الكيكة حسابها حوض سمك وعصافير هتجبهوملي..
وكوباية النسكافية بكتاب عالطول..
متقلقش هحطلك القايمة وحساب كل حاجة وهلزق نسخة على التلاجة ونسخة ورا باب الشقة..
– والله طلعتي مش ساهلة يا رِفقة..
– إللي أوله شرط أخره نور يا أوب..
وقبل أن يُجيبها قاطعهم صوت رنين جرس الباب عقد يعقوب ما بين حاجبيه بتعجب وردد:-
– مين جاي دلوقتي لنا..
قالت رِفقة ببعض التوتر من الأحداث الأخيرة التي حدثت معهم:-
– طب روح افتح وإن شاء الله خير..
– هرجعلك عالطول..
وسار نحو باب المنزل وفتحه بهدوء ليجد شاب ما مجهول، تسائل يعقوب بتعجب:-
– محتاج مين … وإنت مين..!!
قال الأخر بلهفة واضحة من نبرته وأعين لامعة:-
– رِفقة … مش رِفقة موجودة هنا .. أنا عايز رِفقة..
انصبت حُمم بركانية بدماء يعقوب وشعر بقلبه يحترق من نبرة هذا الرجل وطريقة تلفظه لاسم رِفقة وملامحه الحالمة، قبض على كفيه بشدة واسودت ملامحه وقال من بين أسنانه بغضب:-
– وتطلع مين أنت..!!
قال الأخر بوجه مكفهر:-
– قولها راجح…

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء)

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *