روايات

رواية القاتل الراقي الفصل الثامن عشر 18 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي الفصل الثامن عشر 18 بقلم سارة بركات

رواية القاتل الراقي البارت الثامن عشر

رواية القاتل الراقي الجزء الثامن عشر

رواية القاتل الراقي الحلقة الثامنة عشر

“القاتل .. خائف؟!”
بارك لها الجميع وهي في حالة ذهول تام مما يحدث لها .. لقد أصبحت زوجته .. إنتبهت لأشرقت التي أمسكت بيدها … نظرت لعينيها التي تهطل الدموع منها ..
أشرقت ببكاء:”أنا آسفة على إللي إنتي عشتيه ده أ……”
قاطع حديثها مريم التي سحبت يدها منها بقوة وتحدثت بكرهٍ دفين ..
مريم:”كلكم متفقين عليا؟؟ كلكم عايزين تدمروني؟؟ .. *إنهمرت الدموع من مقلتيها* .. بطلي دموع التماسيح دي، ماتعمليش نفسك زعلانة عشاني … كلكم هنا عشان تفرحوا فيا.”
توجهت بنظرها نحو طارق الذي ينظر لها بحزن …
مريم:”وإنت؟؟ أكيد التسامح ده مش هييجي فجأة كده، لإن إنت الوحيد إللي بتكرهني هنا.”
إستقامت من مقعدها وإتجهت نحو باب القاعة بفستان زفافها هاربة لمكان بعيدٍ عن النفاق الذي تشعر به حولها … إستقام ياسين من مقعده هو الآخر وإبتسم بهدوء للجميع …
ياسين:”نورتونا النهاردة .. شكرا ليكم.”
تركهم وخرج خلف مريم التي أوقفها رجاله بالخارج …
ياسين بإستفسار:”على فين؟”
إلتفتت له بأعين ممتلئة بالبكاء …
مريم بغضب:”على مكان أبعد فيه عنك وعن أمثالك.”
ياسين بإبتسامة هادئة:”إنتي بقيتي زوجتي وللأسف مبقاش في مهرب مني … *أشار نحو سيارته* … إتفضلي.”
نظرت له بكُرهٍ كبير بداخلها ولكنها إنتبهت لخروج طارق وأشرقت من القاعة، توجهت نحو السيارة وصعدت إليها وإنتظرت قدوم ياسين الذي توقف أمام أشرقت وطارق …
أشرقت ببكاء:”مريم معتقدة إني عملتلها حاجة، أنا ماقدرش أعمل حاجة زي دي في صاحبتي، وبعدين أنا مش فاهمة أي حاجة أصلا، كل إللي أعرفه إنه بيحبها وعايز يتجوزها.”
نظر ياسين لها بهدوء ولكنه عاد بنظراته نحو طارق الذي يشعر بالضيق الشديد مما يحدث …
ياسين بإبتسامة هادئة:”أظن إن دكتور طارق عنده كلام كتير محتاج يوضحه ليكي.”
تركهم وصعد بجوار مريم التي تنظر أمامها ولا تنظر حتى لصديقتها التي بدأت تشعر بالإنهيار .. بعدما تأكد من صعود عماد لسيارة أخرى خلفهم مع أحد رجاله، أمر سائقة بالتوجه للقصر وتمثل لأمره .. أما مريم كانت شاردة مما حدث .. لم تكن تلك الحياة التي تتمناها يومًا .. كانت تتمنى حياة سعيدة فقط .. كانت تريد أن تُنشئ أسرة صغيرة مع زوج لطيف لها .. أسرة تُعوضها عما فقدته .. ينظر لها ياسين بطرف عينيه؛ لقد بعثر بكائها مساحيق التجميل التي تضعها بوجهها ويوجد خطين باللون الأسود على وجنتيها الناعمتين .. إنتبه عندما وصلته رسالة بهاتفه … “لاقيناه” … أغلق ياسين هاتفه بعدما قرأ الرسالة النصية التي أرسلها أحد رجاله له .. ثم عاد ينظر لها مرة أخرى .. يراقبها وهي تمسك الورقة بيدها بقوة .. كأن هناك أفكار كثيرة متزاحمة بداخلها .. ظلا هكذا طوال الطريق لم يتحدث أحدهما للآخر مطلقًا .. بمرور الوقت … توقفت سيارة ياسين أمام باب القصر وترجل منها وتوجه نحو مريم التي ظلت جالسه بالسيارة .. فتح الباب بالجهة الموجودة بها ومد يده لها .. ظلت صامتة قليلًا ولكنها أزاحت يده عنها وهبطت هي الأخرى بوجه بائس و غاضب … تجاهل ياسين فعلتها تلك ودخل القصر بجانبها وهنا كانت جميع الخادمات يقفن صفًا واحدًا يرحبن بسيدة القصر … لم تُبدِ مريم أية ردة فعل تُذكر وإعتبر ياسين أن صمتها ذلك وقاحة ليس إلا ..
ياسين بإبتسامة هادئة للخادمات:”شكرًا ليكم.”
تأففت مريم وقلبت عينيها وتركته وصعدت للأعلى وتبعها ياسين بهدوء يترقب صعوبة صعودها لدرجات سُلَم القصر بسبب ثوب الزفاف … وعندما أصبح بجانبها مد له يدها مرة أخرى …
ياسين:”إسحميلي أساعدك.”
تأففت بحنق ونظرت له قليلًا ولكنها بالنهاية إستسلمت وأعطته يدها … أسندها وقامت بإمساك جزء من ثوبها بيد واليد الأخرى تمسك بيد ياسين الخشنة القوية … لماذا تشعر بالدفء هكذا .. إنه يمسك بيدها فقط!! نظرت له بطرف عينيها وجدته ينظر أمامه ولا ينظر إليها، فقط يتحكم بخطواته وفي ذات الوقت ينتبه لخطواتها وحذر في أن لا تتعثر بأحد الأدراج .. إلتفتت لتنظر أمامها مرة أخرى .. بماذا تفكرين مريم؟؟ أتفكرين بقاتل؟؟ .. وصلا للطابق الذي يوجد به غرفتهما، أبعدت يدها من يده وسارت بالممر المؤدي لغرفتها القديمة وكان ياسين يتبعها كظلها، توقفت أمام غرفتها وحاولت فتح الباب ولكنه لا يُفتح .. حاولت فتحه مرة أخرى ولكنه لا يُفتح، نظرت بغضب لياسين الذي يقف خلفها وينظر لها بهدوء ..
مريم:”إفتح الباب.”
ياسين:”ليه؟”
مريم:”هو إيه إللي ليه؟؟؟ بقولك إفتح الباب.”
ياسين:”مانا عايز أعرف السبب، ليه أفتحلك باب الأوضة دي؟”
حاولت أن تتحكم بغضبها ولكنها لم تستطع ..
مريم بغضب:”ما هو لو إنت مافتحتش الباب، أنا هنام فين سيادتك؟؟”
ياسين بإبتسامة هادئة:”معايا.”
مريم بغضب وهي تقترب منه:”إنت قليل الأدب ووقح.”
تحولت معالم ياسين من الهدوء إلى الغضب الشديد من أسلوبها الغير لبق بتاتًا .. أمسكها بقوة من ذراعيها وقربها إليه أكثر ..
ياسين بتحذير:”أنا لصبري حدود، وبلاش تختبري صبري .. وإنتي عارفة كويس أنا هعمل إيه؟ إتفضلي روحي لأوضتنا وأنا دقايق وهحصلك، في لبس ليكي موجود هناك.”
إبتعد عنها وتركها عائدًا للأسفل … أمام هي في ذاك الوقت كانت تريد أن تصرخ به بقوة .. فهي ليست في مزاج جيد أن يوبخها أحد .. فهي ضحية اليوم .. كانت أشرقت تنظر إليه بمزيجٍ من الصدمة والمفاجأة مما تسمعه …
طارق:”أنا في الأول كنت هستغلك بس رفضت ده كله .. إنتي بنت كويسه وأنا إتشديت ليكي، وكنت على قد ما أقدر بحاول أبعدك عن أي حاجة تأذيكي.”
أشرقت بعدم إستيعاب:”وإنت فاكرني هصدقك؟؟؟ إنت عارف إنت عملت إيه؟؟ *صرخت بوجهه* إنت خليتني أخسر صاحبتي، أختي إللي مخلفهاش أبويا وأمي … هي الوحيدة إللي كانت معايا.”
بدأت بالبكاء وكاد أن يربت على كتفها ولكنها صرخت به ..
أشرقت:”إياك! … إياك تقرب مني .. أنا كنت غبية وساذجة لما قررت أني أدي لنفسي فرصة تانية .. عيشت نفسي في أجواء المراهقين وقولت مافيش مشكلة أهو أعيش في قصة حب جديدة وأبدأ من تاني كإني لسه بنت صغيرة .. بس للأسف إتأكدت إنكم كلكم شبه بعض .. نسخة واحدة.”
طارق بتوضيح:”أشرقت إفهميني أ……..”
أشرقت بصراخ وهي تفاطعه:”أفهم إيه؟؟ هاه؟؟ أفهم إيه؟؟ .. إنت عايز تنتقم لمجرد إعتقادك إن صاحبتي السبب في موت إبن أختك .. وياسين المغربي يبقى السبب الرئيسي في موته .. تقوم تنتقم إزاي؟؟ تستغلني أنا عشان تنتقم من صاحبتي.”
إبتسمت بألم وإستأنقت حديثها ..
أشرقت:”بس برافو عليك، خليتني أخسر صاحبتي .. شكرا.”
إبتعدت عنه وحاولت أن تهدأ بسبب ماحدث .. صعدت لسيارتها وإلتقطت هاتفها وبدأت بالإتصال بمريم مرات تلو الأخرى ولكن لا توجد إجابه … أرسلت لها رسالة نصية .. “صدقيني أنا ماعملتش حاجة “.. تحركت بسيارتها تاركة طارق ينظر أمامه بضيق مما يحدث … بمرور الوقت .. توقف ياسين أمام غرفته وطرق الباب بهدوء وبعد عدة ثوانٍ دخل الغرفة .. تعجب من جلوسها بفراشه بثوب الزفاف فهي لم تبدله ..
ياسين:”لسه مغيرتيش؟!”
رفعت رأسها نحوه ونظرت له بهدوء، ولكنها لم تُجبه .. إقترب منها ياسين وأعطاها هاتفها …
ياسين:”إتفضلي، كنتي سايباه هناك.”
أمسكت بهاتفها وقامت بوضعه بجانبها ..
ياسين:”الدكتورة صاحبتك، مكانتش تعرف أي حاجة بخصوص إللي بيحصل.”
تنهدت تنهيدة بسيطة وبدأت بالتحدث ..
مريم بإستفسار:”ممكن أسألك سؤال؟”
ياسين:”إتفضلي.”
إستقامت من الفراش وفتحت يدها التي توجد بها الورقة التي أرسلها آسر إليها ..
مريم:”إنت إللي كتبت دي؟ إنت عملت حاجة في آسر صح؟”
ياسين ببرود:”إتهامك ليا قاسي يا زوجتي العزيزة.”
مريم برجاء:”أرجوك رد عليا، طمني.”
ياسين:”مع الأسف مش أنا إللي كتبتها.”
مريم ببكاء:”يعني كل إللي أنا عايشاه ده بسبب ناس مؤذيين غيرك.”
إقترب منها بضع خطوات حتى صارت المسافة بينهما قليل جدا ..
ياسين وهو ينظر بعمق عينيها:”تقبلي الواقع، مش أنا الوحيد إللي بأذي .. الناس كلها مؤذية بس بمراحل.”
ظلت تشهق شهقات بسيطة وأبعدت بناظريها عنه ولكنه رفع يده وأمسك بذقنها ليجعلها تنظر إليه مرة أخرى .. نظرت إليه بأعين باكية .. كانت نظراته لها في تلك اللحظة دافئة وهو يقوم بمسح دموعها المنهمرة .. يتأملها بهدوء وهي تنظر إليه بالمقابل …. قرَّب ياسين وجهه من وجهها وبدأ بتقبيلها برقه؛ أما مريم فقد كانت في صراع مع عقلها وقلبها؛ فهي في يوم من الأيام كانت تتمنى أن تصبح زوجته وتبقى معه بنفس الغرفة والفراش .. كان يومًا ما هو إختيارها الوحيد .. لكنه الآن ومع الأسف هو قاتل بالنسبة إليها .. إستفاقت عندما شعرت به يقوم بفتح سحَّابة ثوبها وإبتعدت عنه سريعًا، نظر لها ياسين بإستفسار وهو يحاول إستعادة هدوئة …
مريم بغضب:”إياك تقرب مني مرة تانية، أنا يستحيل أبقى زوجة قاتل.”
ياسين بهدوء:”إنتي بالفعل بقيتي زوجتي.”
مريم:”إنت بتحلم.”
ياسين بإبتسامة هادئة مع إستفسار:”طب ليه مرفضتيش؟؟ كان ممكن ترفضي إننا نتجوز من البداية.”
مريم:”إنت إستغليت صدمتي، وخليتنا نتجوز.”
ياسين:”بالعكس، إنتي كنتي موافقة على جوازك مني، أو على الأقل في حاجة جواكي منعتك ترفضي جوازنا.”
إقترب منها وكادت أن تبتعد إلا أنه أمسك بكتفيها وقربها منه أكثر وتحدث ببرود وهو ينظر بعمق عينيها ..
ياسين برُقيّ إعتادته منه قبلًا:”أنا إتجوزتك عشان ماحدش يقول عنك كلمة وحشة، وأنا ممكن أستغل إنك زوجتي أسوأ إستغلال وهو إني آخد منك حقي حتى لو هغتصبك .. بس دي مش أخلاقي أبدًا .. أنا مش بالوحشية إللي تخليكي تبصيلي بالنظرة دي.”
إبتعد عنها وكادت ان تجيبه إلا أنه قاطعها بهدوء ..
ياسين مكملًا حديثه:”أنا سايبك على راحتك، ويوم أما أقرب منك هيكون برغبتك إنتي مش أنا.”
إستفزها حديثه ذاك ..
مريم بغضب:”إنت حتى ماجبتش سيرة الطلاق .. مش إنت المفروض متجوزني عشان ماحدش يقول كلمة وحشة عليا؟؟ يبقى الموضوع ده يكون فترة وبعدها نتطلق.”
ياسين بنظرات خالية من الحياة وهو ينظر بعمق عينيها:”الأسلم ليكي إنك تكوني على ذمتي.”
ضحكت بإستهزاء على مايقوله لها ..
مريم:”وده من إمتى؟؟ هو مش إنت كنت دايما بتبعدني عنك؟؟ .. *بدأت بااتحدث بغضب مع بكاء* .. جاي دلوقتي تفتكرني وتقول إن الأحسن ليا إني أبقى مراتك؟؟؟ .. إنت بتتكلم بجد؟؟”
ياسين بإستفسار:”حددي كلامك، إنتي بتعاتبيني دلوقتي على إني ياسين إللي إنتي بتحبيه ولا ياسين القاتل؟”
مريم وهي تقترب وتنظر في عمق عينيه بغضب:”ياسين إللي بحبه مات لما عرفت إنه قاتل.”
ياسين:”يبقى مالكيش الحق إنك تعاتبيني .. إللي فات حاجة، وإللي حاجة تانية يا زوجتي العزيزة.”
مريم بغضب:”أنا مش مراتك .. أنا إسمي مريم.”
ياسين بإبتسامة هادئة:”وأنا ياسين المغربي .. *ضغط بقوة على أسنانه عندما نطق تلك الكلمة* .. زوجك.”
سئمت من الجدال معه بخصوص أمر زواجهما وأعطته ظهرها بضيق من حديثه …
ياسين وهو ينظر لظهرها العاري:”أظن من الأفضل إنك تغيري هدومك يا مريم عشان ننام.”
تأففت ثم عادت ونظرت إليه ..
مريم:”مش لاقية دولابك.”
تحولت ملامحه للإستفسار ..
مريم:”أنا قعدت أدور على دولابك مالقتهوش عشان كده ماغيرتش.”
ياسين بإبتسامة:”أعذريني، الغلطة غلطتي، ماحبتش حد من الخدم ييجي يساعدوكي أحسن يزعجونا وإحنا بنتكلم .. إتفضلي ورايا.”
توجه نحو إحدى الغرف الداخليه وهي تبعته .. وقام بفتح رفٍ خشبي عملاق ملصق بالحائط والذي تبين أنه ليس بحائط إنما هو خزانة ملابس …
ياسين:”تقدري تغيري هدومك، وأنا في إنتظارك بره.”
مريم بإعتراض:” أكيد مش هلبس اللبس ده، دي قمصان نوم وحاجات غريبة.”
نظر ياسين نحو الملابس المعلقة ثم عاد ونظر لها مرة أخرى ..
ياسين:”الوقت مكنش يسمح إني أجيبلك اللبس إللي إنتي عايزاه، ده المتاح حاليا، ولو مش حابه تلبسي حاجة فيهم يبقى نامي بالفستان إللي إنتي لابساه.”
تركها وغادر الغرفة أما هي تأففت بضيق من ذلك .. أخذت قميصًا أبيض رقيق بخيط رفيع بالكتف وإرتدته على مضض بعدما نزعت ثوبها … بعد مرور دقائق قليلة … أخرجت رأسها من داخل الغرفة تبحث عنه بالأرجاء محرجة من وجودة، إنتبهت له يجلس بالفراش يمسك كتابًا منغمسًا في قراءته .. إقتربت بهدوء نحو الفراش وإختبأت أسفل الغطاء بجانبه وحاولت أن تبتعد عنه حتى تكون بطرف الفراش .. أعطته ظهرها وظلت مستيقظة خوفًا مما يمكن أن يفعله أثناء نومها .. شعرت به يضع الكتاب بجانبه وإستلقى بالفراش ولم تشعر بشئ بعد ذلك .. إلتفتت للخلف بهدوء وجدته معطيًا إياها ظهره يبدو أنه نائم .. ظلت تفكر بما حدث لها اليوم .. لقد كان يومًا طويلا وشاقًا بالنسبة إليها والذي إنتهى بوجودها مع قاتلٍ في فراشٍ واحد .. حاولت أن تقاوم النوم الذي يسيطر عليها منذ أن وضعت رأسها بالوسادة ولكن لخوفها منه ظلت مستيقظة مترقبة لحركاته .. ظلت هكذا حتى الصباح… ذَبُلت عينيها بسبب مقاومتها للنوم ولكنها إنتبهت لياسين عندما سمعت أنينًا منه وهو نائم .. إلتفتت خلفها بهدوء ووجدته يتصبب عرقًا لقد كان يإن وهو نائم كأنه يتعذب … كابوس … كان براء يحلم بذاك المشهد الذي لن يفارقه طيلة حياته … والدته وهي تُغتصب وتُذبح أمامه، ووالده الذي طُعِن أمامه من صديقه .. ولكن تلك المرة رآه جمال مختبئًا أسفل الأريكة سحبه عنوة عنه وبدأ براء بالصراخ والبكاء .. رفع جمال السكين عليه ولكن براء حاول مقاومته والإبتعاد عنه ولكن جمال كان يمسكه بقوة … حاولت مريم إيقاظه وهي تراه يصرخ ويقاوم شيئًا ولكنها لا تستطيع أن تميز ما يحلم به سوى أنه كابوس … أمسكت بكتفية تُقوم بإبقاظه ..
مريم:”ياسين.”
لم يستيقظ لأنه لم يسمعها لقد كان في صراعٍ مع جمالٍ الذي يحاول قتله … ربتت على كتفيه ووجهه وبدأت تناديه بصوت عالٍ .. فتح ياسين عينيه على مصراعيهما واللتان إلتقيتا بأعين مريم الناعسة و الخائفة .. نظر ياسين حوله و عاد ينظر لها مرة أخرى … إعتدلت من فوقه وإعتدل بفراشه هو الآخر وأغمض عينيه قليلًا ..
ياسين بإستفسار مع نعاس:”إيه إللي حصل؟”
نظرت له مريم قليلًا ولكنها أجابت بلامبالاة مصطنعة ..
مريم:”عادي، كنت بتحلم بكابوس قولت أصحيك.”
همهم ياسين وإستقام من فراشه وتوجه نحو الحمام دون أن يتحدث بأي كلمة .. كانت عينيها ناعستين للغاية ولكنها بداخلها تتسائل عما رآه بذلك الكابوس .. لم تتغافل عن الخوف الذي رأته بعينيه عندما إستيقظ .. ياسين المغربي .. القاتل .. خائف؟! … ظلت هكذا لدقائق عديدة وإنتبهت عندما خرج من الحمام وإلتفتت سريعًا دون تفكير لتتحدث إليه ولكنها شهقت عندما رأته نصف عارٍ يلُّف منشفة حول خصره فقط .. إلتفتت مرة أخرى وتحدثت بضيق ..
مريم:”لاحظ إنك مش لوحدك هنا.”
ياسين ببرود:”عارف، معايا زوجتي.”
مريم وهي على نفس وضعها:”زوجتك اه .. بس على الورق.”
“رواية/ القاتل الراقي .. بقلم / سارة بركات”
لم يُجبها ياسين بل تحرك نحو غرفة تبديل الملابس الخاصة به وأغلق الباب خلفه … أما هي تأففت، هو حتى لايستحق أن تفكر به وتهتم بشئونه الخاصة .. بعد دقائق خرج من الغرفة مرتديًا إحدى حُلَّاته الراقية وتوقف أمام المرآة ووضع عطره الخاص به والذي وصل لأنف مريم وأغمضت عينيها عندما شمّت رائحته ولكنها إستفاقت عندما تحدث ..
ياسين بإنشغال:”عندي ليكي مفاجأة النهاردة، هبعت حد من السواقين ياخدك للمكان إللي هنتقابل فيه بليل.”
حمل هاتفه وتوجه نحو باب الغرفة ولكنه توقف ونظر لها وأردف بهدوء …
ياسين:”كل إللي شوفتيه مني بدون وعي إنسيه، لإنه مش أنا.”
خرج من الغرفة وتركها في حيرة … ولكنها هزت رأسها بنفي تريد تأجيل التفكير بما حدث لان كل ماتشعر به الآن هو النوم .. ألقت بجسدها على الفراش بإهمال وبدأت بتعديل الوسادة ثم خلدت إلى النوم .. كانت أشرقت تحاول الإتصال بها مرارًا وتكرارًا ولكن مريم لم تُجِب .. كانت تبكي بنحيبٍ لأنها تأكدت أنها خسرت صديقتها للأبد وبسبب من؟؟ رجل تافه غبي أراد الإنتقام من صديقتها على شئ لم تفعله .. إستمرت بالإتصال بها؛ فهي لن تيأس حتى تتصالح هي وصديقتها … مر اليوم بنوم مريم بغرفة ياسين ولا تفهم ما سبب الراحة الشديدة الذي شعرت بها أثناء نومها .. لكنها وجدت السكينة والهدوء في فراشه … إستيقظت في المساء عندما سمعت صوت بابٌ يغلق بالغرفة .. فزعت قليلًا ولكنها تنهدت بإرتياح عندما رأت عماد أمامها …
مريم بسعادة:”عماد.”
إبتسم عماد لها بحنانٍ أبوي وضمها بشدة ..
عماد:”وحشتيني يا مريومة.”
مريم:”وإنت كمان وحشتني أوي.”
إبتعدت عنه وهي مبتسمة بسعادة لرؤيتها إياه ولكن عماد إنتبه لما ترتديه … شعرت بالحرج كثيرًا وقامت بوضع الغطاء عليها ..
عماد بإبتسامة:”مش هدخل تاني الأوضة دي غير لما تكوني صاحية.”
مريم بإستهزاء:”وحتى لو صاحيه؛ فمافيش هدوم غير دي هنا أصلا، أنا مش عارفه هخرج إزاي من الأوضة دي.”
ضحك الإثنان سويًا قليلًا ولكنهما بعد ذلك صمتا ..
مريم بشرود:”إنت ليه ماقولتليش إنه قاتل؟ كنت بعدت عنه من البداية.”
عماد:”أنا فضلت أقولك ده، وإنتي كنتي مصممة إني مريض.”
دمعت عينيها وبدأت بالتحدث بصوت مهزوز ..
مريم:”عشان مش معقول إن يبقا في قاتل بالشكل ده .. طبيعي ماصدقش لإن مافيش حاجة إسمها كده.”
هبطت الدموع من مقلتيها ..
عماد:”كان نفسي أبعدك عنه، أنا آسف .. أنا السبب في كل إللي حصلك ده يابنتي.”
مريم:”ياريتني كنت صدقتك من زمان، مكنش ده بقا حالي.”
عماد:”أنا آسف.”
ظلت تبكي أما هو ظل يشعر بالندم لأنه لم يستطع إبعادها عنه … وبعد قليلٍ من الوقت نظرت له مريم بإستفسار …
مريم:”هو إنت كنت بتعذب إبنك وهو صغير؟”
تحولت ملامح عماد للإستفسار …
عماد:”نعم؟ ليه السؤال ده؟”
مريم بتفكير:”مش عارفة .. بس ياسين كان بيحلم النهاردة بكابوس وكان بيصرخ.”
صمت عماد ولم يُجبها لأنه يعلم بما يحلم .. لأن ذلك الحلم لم يُفارقه في بعض الليالي منذ أن أخذه من دار الأيتام .. كان هو وزوجته يستيقظون على صراخه وكانوا يرجونه للذهاب إلى أخصائي نفسي لكنه كان يرفض .. حتى إعتادوا على صراخه وإيقاظه لهم بالليل ..
مريم:”عماد أنا بكلمك.”
نظر لها بإستفسار ..
مريم بإستفسار وتكرار:”ماتعرفش كان بيحلم بإيه؟”
عماد بلامبالاة:”يحلم بإللي يحلم بيه .. إحنا مالنا.”
مريم بعدم فهم:”بس ده إبنك، المفروض تتطمن عليه، أو تشوف ماله.”
عماد:”أنا عمري ما أخلف قاتل.”
لم تفهم إلام يرمي بحديثه ذلك وكادت أن تتحدث ولكنها إنتبهت للطرقات الخفيفة على الباب .. دخلت بعض الخادمات للغرفة وهن يحملن بعض الحقائب .. نظرت لهن بإستفسار .. ووضحت إحداهن سبب وجودهن ..
؟؟:”ياسين بيه بعت لحضرتك اللبس ده.”
توجهت بعضهن لخزانة ملابسها في الغرفة المجاورة ليقوموا بتوضيب ثيابها ..
عماد:”أنا هخرج، ونبقى نتكلم بعدين.”
هزت مريم رأسها بهدوء وتحرك بكرسيه المتحرك لخارج الغرفة، أما مريم أزاحت الغطاء من فوق جسدها وإستقامت من فراشها وإتجهت نحو الخادمات تنظر لهن وهن يرتبن خزانتها .. إنتبهت إحداهن لها ..
؟؟:”أساعدك في حاجة يا هانم؟”
“هانم؟!” .. تعجبت مريم لذاك اللقب .. ولكنها هزت رأسها بالنفي ..هزت الخادمة رأسها هي الأخرى ولكنها تذكرت أمرًا ..
؟؟:”ياسين بيه بيفكرك بميعادك معاه، هيكون بعد ساعتين من دلوقتي.”
مريم بإبتسامة:”أكيد مانسيتش.”
شعرت الخادمة بإحراج من نبرة حديثها تلك وأكملت عملها؛ أما مريم فقد تركتهن وذهبت للحمام … بعد أن إنتهت من الإستحمام كانت قد إنتهت الخادمات من ترتيب ثيابها .. توجهت للغرفة ونظرت للثياب الموجودة بها .. فكلها كانت من أغلى الماركات العالمية .. لمست الأقمشة التي تخص بعض ثيابها .. فقد كانت ناعمة ولطيفة وراقية!! .. يريدها أن تبدو مثله! .. حسنًا إذًا، لك ذلك .. إنتقت أروع الثياب لديها وبدأت بإرتدائها وعندما خرجت من الغرفة رأت العديد من مساحيق التجميل تزين تسريحة الغرفة .. لقد قام بشراء كل مايلزم لأجلها … عقصت حاجبيها قليلًا وأردفت بتمتمة وضيق ..
مريم:”قاتل راقي.”
بدأت بتجهيز نفسها وأثناء التجهيز إنتبهت لهاتفها الذي تضئ شاشته ثم تنطفئ مرة أخرى .. تنهدت بهدوء عندما رأت أشرقت تتصل بها .. إلتقطت هاتفها وقررت أن تُجيب …
مريم:”ألو.”
أشرقت بإرتياح:”مريم! .. أخيرًا رديتي!! صدقيني أنا معملتش أي حاجة يا مريم، أنا عمري ما أذيكي، إنتي أقرب حد ليا، انا ماكنتش أعرف أي حاجة.”
لم تُجبها ولكن ظلت صامتة ..
أشرقت:”إنتي ساكته ليه؟؟ ردي عليا.”
مريم بإستفسار:”طالما إنتي ماكنتيش تعرفي حاجة .. ليه كنتي مخبية عني إن في بينك وبين دكتور طارق ده حاجة؟”
أشرقت:”أنا لاقيتك مش بتطيقيه؛ فماحبتش أضايقك، وكنت هحكيلك إمبارح على كل حاجة فعلا، صدقيني ده كل إللي حصل.”
ظلت صامته ولكن أزعج صمتها أشرقت ..
أشرقت:”ماتفضليش ساكته كده، أرجوكي ردي عليا.”
مريم بتنهيدة:”تمام يا أشرقت .. حصل خير.”
أشرقت بإستفسار:”بجد؟”
مريم:”اه بجد، خلاص مافيش مشكلة، أنا آسفة إني شكيت فيكي.”
أشرقت:”إحنا مافيش بينا أسف يا مريم .. إنتي صاحبتي وأختي وكل حاجة في حياتي.”
كادت أن تتحدث مريم ولكنها إنتبهت لطرقات على الباب …
قامت بفتح الباب ونظرت للخادمة التي تقف أمامها ..
؟؟:”السواق مستني حضرتك تحت.”
هزت مريم رأسها بهدوء ثم رحلت الخادمة …
أشرقت بإستفسار:”في إيه؟”
مريم:”لا مافيش، ورايا ميعاد مع ياسين.”
أشرقت:”أنا لحد الآن مش مصدقة إنكم إتجوزتوا.”
مريم بشرود:”ولا أنا يا أشرقت .. ولا أنا، هقفل معاكي دلوقتي وهرجع أكلمك مرة تانية.”
أشرقت:”مستنياكي.”
أغلقت المكالمة الهاتفية معها وخرجت من الغرفة … بعد مرور عدة دقائق كانت تجلس بسيارة ضخمة وهي واحدة من إحدى سيارات ياسين تنظر للخارج بشرود .. تشعر أنها تائهة .. تحتاج أن يُنقذها أحد مما تعيش به … تشعر أن حياتها تحت التهديد طالما هي متواجدة معه تحت سقف واحد .. إنتبهت للسائق الذي أوقف السيارة أمام أحد البيوت …
مريم بإستفسار للسائق:”إحنا فين؟”
؟؟:”إحنا في المكان إللي ياسين بيه أمر إننا نكون فيه.”
تعجبت من حديثه ولكنها إنتبهت لخروج ياسين من البيت الذي توقفت السيارة أمامه .. فتح باب السيارة لها .. لم تهبط ونظرت إليه بإستفسار …
ياسين ببرود مجاوبًا على السؤال الذي يدور بعقلها:”أكيد مش ده البيت إللي هقتلك فيه .. إنزلي.”
هبطت من السيارة وتبعته لداخل البيت وعندما، دخلت غرفة خلفه وهنا شهقت بفزع عندما رأته … رأت آسر مكبَّلًا بالحائط وجسده ينزف ويوجد بوجهه بعض الكدمات ..
ياسين بأمر لمريم:”خدي حقك منك.”
رفع آسر رأسه بإرهاق ونظر لمريم الواقفة أمامه …
آسر بألم:”إلحقيني يا مريم، خطفني ومخلانيش أتجوزك عشان هو يتجوزك.”
إرتعش جسدها ونظرت لياسين بشك هل معقولٌ فعل ذلك؟؟ .. ولكن ملامحه كانت هادئة .. عادت تنظر نحو آسر مرة أخرى …
آسر برجاء:”مريم، ماتسيبنيش كده.”
أغمض آسر عينيه بإرهاق … وشعرت بالفزع ليس لأجل ماتراه أمامها؛ فمن الواضح أنه تم ضربه بشدة ..
مريم بغضب لياسين:”فكه، هو مايستحقش إللي عملته ده.”
ياسين ببرود:”لا، يستحق .. خدي حقك منه.”
مريم:”إنت مين إنت عشان تحكم على الناس؟؟ بقولك فكه.”
تجاهلها ولم يُجبها، غضبت من تجاهله لها وإقتربت نحو آسر ولكن توقف أمامها رجال ياسين …
مريم بغضب لياسين:”خليهم يعدوني.”
أشار لهم ياسين بعينيه للإبتعاد وإبتعدوا .. بدأت مريم بفك قيد آسر من خلال المفاتيح المعلقة بالغرفة، حتى وقع أرضًا حاولت أن تقوم بإسناده ولكنها لم تستطع .. تأففت ونظرت لياسين تطلب منه المساعدة …
ياسين بغضب:”قومي.”
مريم بإصرار:”لا، لازم يخرج من هنا، وأنا وإنت بينا كلام كتير هنتناقش فيه بعد مانخرج من هنا.”
ياسين:”مش هيخرج من هنا.”
تركت مريم آسر ملقى أرضًا وبدأت بالتحدث بغضب وصراخ …
مريم:”لا هيخرج .. إنت مين إنت عشان تحبسه هنا؟؟ ولو ماخرجش من هنا، أنا هفضل معاه ومش هسيبه.”
أشار ياسين لرجاله بالخروج وخرجوا من الغرفة وأستأنف حديثه ..
ياسين بإستفسار وهدوء:”أسمي إصرارك على خروجه من هنا ده إيه؟”
مريم بغضب:”سميها زي ماتسميها .. مافيش قتل بعد كده، وكل قاتل لازم ياخد جزاؤه، هي مش سايبه.”
ياسين:”إنتي بتتكلمي عني ولا عنه هو؟”
تحولت ملامحها للإستفسار ولكنها إستأنفت بغضب بعدها …
مريم بإصرار:”آسر مش قاتل .. أنا بتكلم عنك إنت.”
ياسين:”في الفترة الأخيرة كنت بدأت أعترف بذكائك لكن مع الأسف إنتي بقيتي تثبتيلي عكس كده تمامًا.”
كان آسر يتحرك دون أن يشعرا به وتوجه نحو أحد الأسلحة النارية …
مريم:”تقصد إيه يعني؟؟ تقصد إني غبية؟”
كاد ياسين أن يتحدث ولكنه تفاجئ من آسر الذي أمسك بمريم ووجه السلاح الناري نحو رأسها .. صرخت مريم من فعلته تلك وشعرت بالفزع عندما تحدث بتهديد …
آسر:”خرجني من هنا وإلا هقتلها.”
نظر له ياسين بهدوء لبعض الوقت، ولكنه إبتعد عن طريقه وأفسح له المجال .. تحرك آسر بمريم الخائفة والتي تنظر في أعين ياسين الغاضبة .. كان آسر حريصٌ على أن لا يعطي ياسين ظهره أثناء خروجه وأمر ياسين رجاله بالإبتعاد عنه .. وعندما وصل آسر نحو باب المنزل كان أحد رجال ياسين يأتي خفية من خلفه وأمسك بيد آسر ورفعها بالهواء وهنا فقط إبتعدت مريم بسرعة عنه ولكنها لم تنتبه لآسر الذي يصوب السلاح نحوها أثناء هروبها نحو ياسين .. أطلق آسر النار وهنا أمسك ياسين بمريم وأحتضنها وأعطى ظهره لآسر سريعًا … إستقرت مريم بأحضان ياسين وهي تبكي بقوة على ما حدث؛ أما هو كان يربت على رأسها بهدوء .. قتل رجاله آسر ولكن مريم ظلت مختبئة بأحضانه خوفا مما ستراه إذا خرجت منه .. وبعد ثوانٍ قليل شعرت مريم بأن ياسين يسحبها لتقع معه أرضًا … نظرت له بعدم إستيعاب وإنتبهت لتلك الدماء التي تسيل من جسده وبالتحديد أسفل ظهره لتتأكد أن الرصاصة التي أطلقها آسر قد أخذها ياسين عنها.

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية القاتل الراقي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *