Uncategorized

رواية راهنت عليك الفصل التاسع عشر 19 بقلم عبير فاروق

 رواية راهنت عليك الفصل التاسع عشر 19 بقلم عبير فاروق

رواية راهنت عليك الفصل التاسع عشر 19 بقلم عبير فاروق

رواية راهنت عليك الفصل التاسع عشر 19 بقلم عبير فاروق

كانت بتترتجف في ايده، جسمها كله بيرتعش من الخوف والرعب، ردت بهمس:
– أنا معرفكش، ولا عمري شوفتك.
– ولا هتشوفيني عمرك تاني، انا بنتي سميرة، اللي قضيتي عليها واستغليني فقرنا، وكانت ضحيتك، بنتي متحملش العار وانتحرت، ماتت وارتاحت بسببك، وأنا ادفنت معاها بالحيا، لازم تدفعي ثمن كل جرايمك يامجرمه.
مد ايده من جبيبه خرج شئ من جيبه، فلتت من قبضته، وحاولت تهرب منه، اتكعبلت وقعت، وإذا فجأة.. رش عليها ازازة ميه نار، شوهت وشها وصدرها، اتحرق، فضلت تصرخ زي المجنونه، لحظات كانت كفيله انه يشوفها بتتلوي، وبتصرخ، اتشوهت من اثر مية النار المركزه، لكن للاسف مهما تكون حرقة النار اللي فيها، مش هتكون زي نار حرقة قلبه على بنته، حس ان في أصوات بتقرب بره باب الشقه، خرج بسرعه، ونزل على السلم، دقايق كان بيجري زي المجنون في الشارع يهرب، وهو بيردد جواه:
– انتقمتلك ياسميره… اخدت بتارك يابنتي.. حققت عدل ربنا، وفشيت ناري.
الناس حوالين منه، بتبص عليه مش فاهمه حاجة، منهم اللي صعبان عليه، ومنهم اللي بيقول مجنون وخايف يقرب منه، وهو ماشي بيجري تايهه ولسانه بيردد الكلام.
عند “كامليا” البواب والجيران اتجمعوا، أول ما شافوا منظرها، اترعبوا من شكلها، وجريوا، في اللي اتصل بالاسعاف عشان تلحقها، خصوصا انها اغمى عليها، وواحده جارتها بصت بشماته وقالت:
– ادي اخرة المشي البطال، أهي أخدت جزاءها، والعماره هتنضف منها، كانت مسوءه سمعتها، استرها علينا يارب.
وانفض الجميع عنها، وكل واحد طلع شقته، وسبوها تواجه مصيرها، وبعد نص ساعه جت الإسعاف، ونقلتها، وبلغوا البوليس عشان يحقق في الواقعه، والكل اجمع على سوء سمعتها، وتسلط لسانها مع الكل، وحين تم استجواب الخادمه، ثبت إنها كانت مش موجوده، وما تعرف شئ عن الحادث، وتبين من التحقيقيات سوء سمعتها، وكثر ضحياها، وبناء عليه تم غلق التحقيق في القضية، وقيدت ضد مجهول.
اما “كامليا” فكانت حالتها صعبه جداً، وفقدت عين من عيونها، وتشوهت لدرجة كبيرة ولا حد يقدر يبص في وشها، ودفعت ثمن شرها.
************ **********
نور الشمس ملئ المكان، وصوت الحاره الشعبيه ارتفع من بياعين خضار، وتكاتك وقهوة زي ما يكون كل الناس أجمعوا انهم يصحوا “صلاح” بعد ليله طويله ولا الف ليله وليله؛ نايم في ارضيه الصاله فارد درعاته الاتنين وكل رجل في ناحيه بيبربش شال دراعه يخبي نور الشمس اللي ضرب في عنيه، والدوشه اللي وصله له من وقت كبير بيحاول يفتح عنيه ويقفلها لحد ما اخد على ضوء المكان، راسة تقيله مش قادر يقوم حاول يتعدل كذا مره و وقع، نادى على بطه بس ماردتش ركز يسمع كده بودانه مافيش صوت للعيال، قام اتنطر يدور عليها في الشقه مالقاش لها أثر، فتح الباب بسرعه نازل بيت خبط على السلم لقى واحد من رجالته طالع شده من هدومه وسأله:
– بطه فين ياض.؟
– والله ماعرف يامعلم صلاح، أنا لسه جاي اهو قدامك.
ضربه كام قلم وهو بيشتم فيه؛ وزقه كان هيقع على السلم وقاله يلم الرجاله بسرعه ويدورو عليها.
طلع في نص الشارع حاطت ايده في وسطه، وبيدور بعنيه في كل الاتجاهات، لقاها داخله من اول الحاره شيله بنتها وبتجر “علي” في ايديها مد الخطاوي ليها، وقف في وشها وبيزعق جامد فيها:
– كنتي فين يا برنسيسه، مش قولت رجلك ماتخطيش عتبه الشقه ولا انتي عايزاني اكسرهالك.
الناس اتلمت على زعيقه، وبقوا يتفرجوا عليهم، “بطه” بتبصله بكل حقد وغل كانت كناه له طول الأيام اللي فاتت كلها.
واحده من الجيران واقفه جنبها بتحاول تهدي “صلاح” وبتقول:
– بالهداوه مش كده دول عيال اخوك بردو، لفت لها “بطه” والدتها بنتها تشلها عنها، وهي لفت وقفشت فيه بايدها الاتنين من عنفها معاه كانت هتوقعه على الارض:
– تكسر رجل مين يا نصاب يا حرامي، يا رد السجون يا سوابق أنت، ده أنا اللي هكسر رقبتك على صدرك.
” صلاح” واقف مصدوم من ردها؛ كان مستني منها الخضوع والطاعه، لكن قابل نمر عايز يفترسه بكل قوته، مسك ايداها ونطرها عنه بقوة طوحتها من قدامه مهما كان “بطه” ست وقوتها صفر على الشمال قدام صلاح؛ استرجع ثباته ورجع يهب فيها يمكن تخاف منه زي المره اللي فاتت هجم عليها مسكها بكف ايده من راسها اتملك من شعرها وفضل يهز فيها زي العروسه اللعبه:
– جرى ايه يامرى، انتي اتهبلتي ولا ايه؟ ان كان عقلك وزك تلعبي بيه لا، ده أنا صلاح اللي مافي مرى ولا دكر قدر يقف قدامي، ده أنا اهرسك تحت رجلي.
علا صراخها ملا الحاره والستات بصريخ خضه على “بطه” “على” ابنها ماسك رجل عمه وعمال يضرب في ويعيط ويقوله سيب امي ياعم وبناتها مفزوعه من كل الاصوات اللي حواليها وعيطها يقطع القلب.
“بطه” في وسط صريخها بتحاول تفلفص منه، وتفك ايده من شعرها بتنادي على رجاله الحاره يحوشو عنها:
-يالهوووووووووي الحقوني يا رجاله الحاره، بقى مرات ماهر تنضرب وسطيكم كده، ايه ماعدش في رجاله ماعدش في نخوه.
الرجاله والستات هاجت عليه بس رجاله “صلاح” حوطوهم، واحد طلع فرد مسدس وضرب طلقه في الهوا، رجعت كل واحد مكانه، و”صلاح” حط السكينه اللي في جيبه على رقبتها وهدد لو حد اتحرك ولا ادخل هيخلص عليه وعليها، وفي لمح البصر انقلبت الموازين مع دخول عربيات الشرطه (البوكس) في نص اللمه ارتبك “صلاح” وساب “بطه” من ايده وخفى السكينه ورا ضهره بسرعه ورجلته كل واحد شال سلاحه والكل واقف انتباه.
نزل العساكر و الظابط أتقدم من “صلاح” وحط ايده على كتفه وقاله:
– وألله و وقعت يابو صلاح واي اللمه دي عملي نمره بروح امك.
-ولا لمه ولا حاجه ياباشا مرات أخويا وبأدبها فيها حاجه دي.
انطلقت “بطه” زي السهم اللي عارف طريقه من غير بصله توجهه ناحيه الظابط وكلمته:
– يأدبني إيه ياباشا؟ ده مفتري وحرامي ونصاب ياباشا ده معاه سكينه، وكان لسه حطتها على رقبتي دلوقتي، وربنا ياباشا حتى اسأل كل الحاره يا باشا.
كل الحاره من وراها اتكلمتوا في بؤق واحد وايدوا كلامها، و”صلاح” واقف عايز يمسك في زماره رقبتها، الظابط قفشه من قفاه وثبته على “البوكس” وفتشه لقى معاه السكينه فعلاً اخدها وقاله:
– الله اكبر قضيه جديده، انضمت لكوم القضايا اللي عندك.
– قضيه اي يا باشا؟ أنا صاغ سليم حتى فتشني.
ردت “بطه” بغضب، وصوتها مجلجل في الحاره:
-لا هو اللي يسرق ويقتل بيخبيهم في جيوبه يا صلاح، اوعى تكون صدقت دور الحنيه، والسهوكه اللي عشت فيه، لا بابا فوق كده لنفسك ده أنا بطه، اللي طول عمرها رافعه رأسها بشرفها، كله متسجل يا نحنوح، وحبل عشماوي مستنيك، ظلمت أخوك ولبسته تهمه، واهو ربنا انتقم منك
ووقعك في شر أعمالك.
صلاح بيجز على سنانه لو سابوه عليها هيقتلها في الوقت والحال، وهي بترقص له حواجبها من ورا الظابط، أمر العساكر تلم الرجاله المشتبه فيهم وكانوا رجالة “صلاح” ركبهم كلهم ” البوكس” الظابط وجه كلامه لبطه:
– وأنتِ حصليني على القسم، اكتب لك محضر بالواقعة اللي حصلت معاكي.
بطه بتهلل ومبسوطه:
– تحت امرك يا حكومه، تحيا العدل ياباشا، ماتزغرطي ياوليه منك ليها.
علا صوت الزغاريط من ستات الحاره كلهم، وكانت زفه تليق بخروج
“صلاح” من الحاره نهائي.
***********************
بعد عده ساعات خرجت “كامليا” من غرفة العمليات، نايمة من آثر المخدر، عشان الآلام كانت فوق الاحتمال، محدش كان جنبها، الكل سابها مرميه ولا قدر يقرب منها، الممرضة بتدخل تطمن عليها، وتابع حالتها، خرجت تشوف حالة تانيه، وفجأة سمعت صوت صراخ عالي، كانت مش قادره تتحمله، بمجرد ما فاقت، حرقان لا يحتمل في وشها وصدرها، لحد وسطها كله ملفوف بالشاش، حسست على وشها صرخت، الممرضه جريت بسرعه عليها، حاولت تهديها، كانت في حالة هياج كامل، بتشوح بأديها بعشوائية، وكل اللي بتردده عايزة مرايا، تشوف جرالها ايه؟
حذرتها الممرضه بس صوت زعقها كان مخيف، استسلمت لها، وراحت جابت مرايا، مسكتها واديها بترتعش، فكت الشاش بسرعه، واول ما بصت، اتصدمت عينها اتحرقت مع باقي وشها، والتانيه مقفوله، ويادوب مفتحوا لها فتحته بسيطه عشان تشوف منها، رمت المرايا، وقامت زي المجنونه تمشي في الاوضه، وتصرخ تقول، لا لا، حالة من الهجيان معرفتش تسيطر عليها الممرضه، نادت حد يساعدها، بتصرخ وبس، حتى الدموع مش بتزل من عينها، رفضت بكل استماته تخضع ليها، لمحت خيال للشباك، قربت ناحيته، حست أنه هو ده طوق النجاه ليها، مفيش حل تاني، روحها بتروح منها، وهو ده السبيل لنجاتها من العذاب اللي حساه، وهتعيش بيه، هو ده الحل، الممرضه بتحاول تمسكها، زقتها ورمت نفسها من الدور الرابع، وقعت على راسها والدم سال على الأرض، وماتت في الحال.
************
بطه راحت للمحامي بتترجاه تشوف جوزها، وهو عمال يقنعها وهي مش فاهمه:
– ابوس ايدك يابيه اشوفه بس وَلو دقيقة.
– يا ست فاطمه أنا مقدر موقفك، بس للأسف مش هينفع، أنا يادوب سيبك الصبح، وفهمتك أنه مش هنلحق نطلع تصريح زيارة ومافيش استثنى مع المحكوم عليهم في قضايا قتل.
– بريئ والله العظيم بريئ يابيه.
– ياستي عارف امال بدافع عنه ازاي؟ ده من حسن حظه أن ليكم واسطه ومعارف، واتحدد جلسه سريعه عشان ظروفه، وأن شاء الله بكره هيكون قدامك بشحمه ولحمه.
*************
في مكتب “جاسر” بيتابع شغله مع بعض الموظفين في اجتماع طارئ، بيرن تلفونه برقم غريب، مش بيرد، اتكرر كذا مره، رد :
– ايوة مين معايا؟
– أنا خدامه الست كامليا يا جاسر بيه.
تعجب من اتصالها، فسألها:
– خير !! في حاجة اقدمهالك؟
– أنا بتصل ابلغك باللي حصل للهانم.
وحكت له على كل حاجة، فقام انهى اجتماعه، وراح بسرعه للمستشفى، ولما وصل سأل عن غرفتها لقى الدنيا مقلوبه عن انتحارها، اتصدم وقعد علي اقرب كرسي، َحط ايده على راسه وموطي؛ مش قادر يصدق نهاية “كامليا” بالشكل ده، برغم كل اللي يعرفه عنها، لكن صعبت عليه جدا، مسك فونه واتصل برقم “صافي”، لكنها مردتش، حاول كتير، بعت رساله على الواتس اب:
– ردي عليا ضروري.
جاء رنين الرساله، سمعتها واستغربت، أنتظرت اتصاله ، ردت بسرعه وقال بدون تردد:
– ربنا انتقملك من كامليا، واخدتي حقك.
– ازاي؟ !!
– واحد دخل عليها ورشها بمية نار، ونقولها للمستشفى، ولما فاقت متحملتش تشوف روحها بالشكل ده، ورمت نفسها من الشباك وماتت.
شقهت بصرخه، وحطت أديها على بقها، ودموعها نزلت غصب عنها، هي عمرها ما اتمنت لها الشر، زي ما هي كانت عايزة تعمل معاها، طال صمتها، فقطعه وقال:
– صافي سمعاني؟ خلاص صفحة كامليا اتقفلت نهائي، ومفيش اي حاجة تدينك، اخرجي وابدأي حياتك من جديد، ارجعي صافي اللي بحبها، ومش عايز غيرها من الدنيا.
– تفتكر هرجع لصافي تاني، صعب اللي مريت بيه؛ تجربه صعبه اوي، مفتكرش إني ممكن ارجع زي ما كنت.
– لأ هترجعي وأقوى كمان من زمان، وأنا هستناكي لحد اخر العمر.
انهى المكالمه، وتمم اجراءات دفن “كامليا” لمثواها الأخير.
وقعدت “صافي” تفكر كتير في اللي حصل “لكامليا” وإزاي الحقد والغل، واذية الناس وصلتها للنهاية دي، بصت لنفسها في المرايا، شافت واحده تانيه؛ جديدة من جواها، حست أنها مش “صافي” اللي الغرور كان مليها من جوه وبره، بقت زي البلونه اللي فرقعت، وعرفت أن النقاء وحب الناس، هو ده المكسب الحقيقي، دخلت تاخد شور، ولبست أجمل ماعندها، ونزلت واللمعه في عنيها، وقررت تبدأ حياة تانيه، وتنسى الماضي بكل آساه، شافها والدها، فرح ان بنته رجعتله تاني بضحكتها وابتسامتها اللي منوره وشها، حضنها بحب، وحمد ربنا على رجعوها لحضنه من تاني، وخرجوا يسهروا بالمناسبه الحلوه دي.
***********
“هدهد” طول الوقت قاعده في اوضتها حتى الأكل بيوصلها لحد فوق، مش بتنزل غير لما يكون “سالم” موجود تتكلم وتضحك وتهزر معاه، وبعدها تختفي تاني في اوضتها، متجنبه التعامل معاه نهائي وده مجنن “آمر” ومخلي تصرفاته في شيئ من التهور والاندفاع، هو كمان تعب من الغضب المسيطر عليه طول الوقت، غرق نفسه في الشغل والتعاقد على الحفلات واختيار الأغاني لألبومه الجديد، اللي أثرت حالته النفسيه خلته كله شجن وحزن، وحاليا قاعد في مكتبه بيراجع أوراق سمع عمه بيزعق بره فخرج له:
– انتوا فين ايه الهدوء القاتل ده؟ عايش مع أموات ولا أية؟ فين الشباب والضحك والحركة في البيت ده فين شاهي ؟!
“آمر” عارف الهلوله اللي عمه بيعملها كل مره يكون واخد جنب، ولما سأل عليها بص على فوق كارد بمكانها؛ “سالم” اتجه للسلم ونادي عليها كام مره طلعت من اوضتها جرى وهي بتبتسم له لقته مكشر استغربت مش متعوده يقابلها بالشكل ده، عيونها بتخطف النظرات لـ “آمر” اول ما اتلقوا في نظره واحده، ركز بعيونه ليها كانت وحشاه ومشتاق اوي ليهم؛ هربت بعيونها وتوترت قربت من “سالم” وكلمته:
– نعم بتنادي عليا؟
– طبعاً امال بنادي عليا أنا ؟! ، بتعملي ايه فوق؟
– ابداً كنت براجع شويه اساله مهمه، وبثبت الحوار في دماغي، أنت عارف بكره اخر عرض وانت عارف بقى.
– ولا يفرق معانا عرض، فين “آسر”
– شكله لسه ماجاش هو و ملك.
في اللحظة دي دخل آسر و ملك، وسلم عليهم وشتمه لأنه اتخض منه والكل ضحك وقال له :
– خضتني يابن الكـ… ب اترزعوا هنا
اية البيت ده ولا بيت الأشباح، ده أنا شباب عنكوا كاتكوا القرف.
الكل كاتم ضحكته، نادى على “نفين” جت بسرعه، وقالها :
– من فضلك خليهم يجهزوا قاعده في الجنينه هنسهر فيها.
هزت رأسها وخرجت وجه كلامه لي آمر:
– وأنت (آمر شاور على نفسه) ايوه أنت غيرلي شكلك ده مش عجبني.
“آمر” غطى وشه بكف ايده وسحبه مره واحده مع ابتسامه كبيره سمجه، واتكلم وهو جز على سنانه:
– كده حلو.
سالم كاتم ضحكته:
– أيوه اثبت على كده.
“سالم” شد هدهد من ايدها وماشي بيها:
-هنروح فين ؟
-تعالى هنختار فيلم نتفرج عليه.
بعد تجهيز الجنيه وضعوا شاشة عرض كبيره، وبفات كبيره على عددهم، خرجوا كلهم و”سالم” شغل الفيلم وقعدوا، واندمجوا معاه بس “آمر” اللي من وقت للتاني بيتابع كل حركه لها، ونفس طالع ونفس داخل، وكان بيستغل خفض الاضاءه في لقطات الفيلم عشان يبصلها مباشر، “هدهد” كانت كمان شيفاه لدرجه كانت بتكتم أنفاسها اللي كان بعدها عليها رحمتها “نفين” لما انضمت ليهم وقعدت جنب “آمر” واخدها في حضنه وفي النهايه نام على رجلها يتفرج على الفيلم.
“ملك” منتظره “آسر” اللي سبهم بقاله نص ساعه، وهي طول ما هو مش قدامها بتحس باختناق بتمشي ايديها على رقبتها فعلا مش قادره تتنفس، اخد كبايه عصير تعملها حجه وتدور عليه؛ كان واقف بعيد وهي بتقرب عليه شايفاه متعصب وهاين عليه يكسر الفون، وصلت له ومدت ايديها بالعصير شكرها وقالها مش عايز حست بضيقه فضولها خلاها تسأله:
-مالك متعصب ليه في حاجه خاصه بالشركة؟
هز راسه بنفي قلقها زاد والحت عليه بالسؤال رد:
– بحاول اوصل لحد ومش عارف اوصله.
– والحد ده مهم أوي كده أنه ينرفزك طب ما ترحله.
– للأسف معرفش له وسيله اتصال غير فونه.
– طب اديني معلومات عنه وفي دقايق أعرفك كل حاجه عنه.
– للأسف بردو ماعرفش غير اسمها.
هنا “ملك” عرفت انه يقصد “فلك” لأنها قررت تخفيها من الوجود لما هو و “ملك” قربوا من بعض الفتره الأخيرة، وهو بطل يتصل بي “فلك” ايه فكره بيها ارتبكت وبقت مش عارفه تقوله ايه غيرت الموضوع، واتكلموا في كذا حاجه تخص الشغل وفي آخر الكلام طلب منها تمشي، وهو هيعمل محاوله كمان ويحصلها قلبها مش مطاوعها تسيبه وتمشي، وهو بيدور عليها وهي قدامه بترجع كام خطوه لورا بضهرها، اتكعبلت في خرطوم المايه بتاع الجنينة لحقها “آسر” من وقعه جامده لكن كوبيه العصير انكبت عليها، وهي صرخت من الخضه اطمنت لما لقته ماسكها، قلبها دق زي الطبل كانت قريبه من قلبه اوي، ودي اول مره تحس بحضنه عدلت وقفتها بسرعه بتبربش كتير العصير دخل في عنيها، و”آسر” بيمسح لها وشها بمنديل وهي مرتبكه وفي لحظه صمت طولت وهو بيبصلها وبس، هو ماكنش صمت على اد ما كانت صدمه كبيره له؛ لما اللنسيز بتاعتها وقعت من كتر البربشه من غير ما تاخد بالها، وهو شايفها قدامه بالشكل ده عمال بيربط الأحداث والتفاصيل باللي واقفه قدامه، دي هي مين بالظبط عيونه تايهه مش راكزه على شيئ معين، جت على انسيال لبساه افتكر أنه شافه في ايد “فلك” وكان في حروف اسم “ملك” ازاي ما اخدش باله وقتها؟ برفنها اللي على طول بيشمه فيهم اتغبيت وقولت لنفسي وقتها انه عادي، وممكن يكون صدفه، لا مش صدفه دي حقيقه كلامهم في تشابه كبير ازاي كنت غبي بالشكل ده ازاي فاق على صوتها :
-هطلع اغير هدومي وارجع لك.
هز راسه بالموافقة وأول ما التفت وخطت اول خطوه نادي عليها بصوت مخنوق:
-فلك!
اتصمرت في مكانها من نداه مش مصدقه انه ممكن يكون عرفها، أو هو بيقول اسم التاني كده وخلاص، الخوف متملك منها رجليها بقت زي الحجر مش قادره تحركها لفت بوشها حاجه بسيته وسألته:
قولت حاجه؟!
قرب منها لحد مابقوا وجهً لوجه هي بتخبي عيونها عنه، مش قادره تواجهه مد ايده تحت دقنها ورفع وشها له واستقبلت عنيهم في نظره عمرها ماهتنسها؛ نظره لوم وعتاب ونظره خذلان اول مره يشعر بيها، مد ايده التانيه على شعرها ورفع الباروكه عنها، وانفرد شعرها الأصفر الحريري ورا ضهرها غمضه عيونها وايقنت انه عرف حقيقتها، دموعها نزلت مش عارفه هتقوله ايه، أو تبرر بأيه، واقف يتفرج عليها مش مصدق اللي بيحصل قدامه شالت هي طقم الأسنان، وبكده كشفت كل الخدعه، دموعها مش هتقدر تغسل شعورها بالذنب تجاهه، أو تخليه يسامحها كل اللي وصلها منه سؤال واحد بس:
-ليه؟!
أصعب سؤال ماتوقعتش في يوم إنها تتسأله بعد مرور لحظات رده ما بين دموعها.
-ماتظلمنيش يا آسر.
رده كان ضحكه جامده بسخرية، قربت منه جامد، حاولت بكل وسيلة تفهمه، عيونه كان بتهرب من مواجهتها، شعوره متضارب، مش عارف يفرح أنهم واحد، ولا يحزن أنها غشته طول الوقت اللي فات ، شعور الخداع صعب، وبمرار قالها:
– هو مين فينا اللي اتظلم، أنا اللي غشيتك وضحكت عليكي، ولا انتي؟
– أنت متعرفتش حاجة؟
– هو لسه في حاجة معرفتهاش يافلك، ولا اقول ملك!! بس تصدقي برافووو عليكي طلعتي ممثلة شاطرة اوي، عرفتي تمثلي علينا كلنا، أنك ملك البنت الوحشة، الدميمه، وتخبي جمالك ورا القناع المزيف، وتمثلي عليا الحب.
حطت اديها على شفايفه، وبين شهقاتها وعيونها اللي بتترجاه، قالت:
– أيوة أنت متعرفش أنا بحبك اد إيه؟ من أيام الكليه، سنين عشق مرت عليا عذاب، وأنت بالنسبه ليا نجمه في السما، صعب الوصول ليها، ولما عرفت بالإعلان مديرة مكتبك اتقدمت، وعرفت ان كلهم بيترفضوا عشان حلوين، مشيت ورجعت تاني يوم بالشكل ده، ووالدك وافق عليا من غير حتى ما يعرف مؤهلاتي، وقولت كفاية أني هكون قريبه منك، واتحملت نظراتك وكرهك ليا، وتريقتك عليا طول الوقت، كل ده وأنا يكفيني أمتع عيني بقربك لحظات.
اخدت نفسها، وبلعت ريقها وكملت:
– ظهرتلك بشكل فلك، عشان تعرف الفرق، ان البنت مش بجمالها وبس، لأ بروحها اللي هتعيش معاها، اوعى تنكر أنك حبيت روح ملك، وجدعنتها مع الكل، واعتمادك عليها في كل حاجة، وأكبر دليل؛ أن فلك لما اختفت مكنتش بتفكر فيها، لوقت كبير، قربت من روحي، متنكرش يا آسر، شوفت الحب في عيوني.
كان بيسمع ليها، ودماغه هتنفجر من التخبط والتشتت اللي مش عارف يحدد موقف، أيوة عندها حق، هو حب روحها، وفي نفس الوقت حب شكل فلك، واتمنى يجمع مواصفات الاثنين في واحده بس، لكن لما قالت كلمة عيونها قاطعها ورد:
– أي عيون بتتكلمي عنها، عيونك السودا، ولا الزرقا؟ الحقيقيه ولا المزيفه؟
وطت رأسها بخجل، ومش لاقية رد، وهو بعد خطوتين وقالها:
– الكذب والخداع ملهمش معيارين، وانتي كدبتي وخدعتيني، وأنا مش هقدر اسامحك.
كانت هترد وتكمل شرح، وقفها بأنه رفع ايده، بمعنى انتهى الكلام بينا، ولف اداها ظهره، جريت بسرعه داخل الفيلا ودمعها سبقاها على حقيقه عمرها ما اتمنت تنكشف بالشكل ده.
كانت “هدهد” مراقبه الموقف، واول ماشافتها؛ قامت بسرعه وجريت تلحق “اسر” اللي كان هيمشي ويخرج جريت وبتنادي عليه، وهو مش بيرد، لحقته قبل مايخرج، مسكت ايديه بترجي يسمعها وقالت بنبره صدق:
– سامحها يا آسر، اوعى تضيعها.
بصلها بذهول، وصدمه وقال:
– أنتي كمان كنتي عارفه، وأنا الوحيد المغفل !!
– أيوة من أول يوم كنت عارفه، وسمعت حكايتها، وحسيت اد اية هي بتحبك، عشان كده بطلب منك تسامحها، اوعى تضيع من ايديك قلب صافي وجدع زي ملك، وتأكد أني لولا اتأكدت من حبها مكنتش خبيت عليك.
– صعب ياهدهد، صعب اثق فيها تاني، دي كانت بتشوف حيرتي وحبي لفلك، أقصد ليها، وسعيده بالعذاب ده، كانت طول الوقت قريبه مني، ومخبيه عني حقيقتها.
– يابني أفهم، تقولك ازاي، وأنت معروف بحبك وضعفك للبنات الحلوه، ام عيون زرقا، تظهرلك وتاخد غرضك منها وبعدين تطردها، أنت سمعتك ماشاءالله، حدث ولا حرج يعني.
سكت ومعرفش يرد، لانه هو فعلا كده، ولو كانت ظهرت له بشكلها، كان هيقضي معاها يومين ويزهق، بس ازاي وهو فعلا حبها، سحب ايده وطبب على اديها وقال:
– معلش ياهدهد، سبيني دلوقتي، عشان أنا فعلا متلغبط، وحاسس بتشتت، عايز افضل مع نفسي شويه.
– ماشي براحتك، بس بلاش تظلمها، وتكسر بقلب البونيه، اللي زمانها مقطعه نفسها من العياط فوق.
هز راسه، وسابها وركب عربيته، وساق بسرعه جنونيه، مش عارف هيروح فين، بس عايز يراجع كل حسباته من أول وجديد.
رجعت “هدهد” عشان تروح تشوف “ملك”، وماخدتش بالها ببركان النار المشتعل، ومراقبه “آمر” اللي كان حاطتها تحت الميكروسكوب، ومش واخد باله من نظرات “سالم” و”نيفين” اللي ملحقاه.
يتبع..
لقراءة الفصل العشرون والأخير : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية عشق ياسين للكاتبة سمسمة سيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *