روايات

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الخامس عشر 15 بقلم أميرة مدحت

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الخامس عشر 15 بقلم أميرة مدحت

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) البارت الخامس عشر

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الجزء الخامس عشر

براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2)
براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2)

رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الحلقة الخامسة عشر

أتسعت عيناي “عز الدين” في محجريهما من هول ما رأه، بينما فغر “إيهاب” ثغره صادماً وحدق بالسيارة بأعين مذعورة، ترجل الذئب مهرولاً، وقد بدأت الجموع تتكون حول السيارة الذي يقودها” طائف”، شق طريقهم وهو يهدر فيهم بعصبية، وكذلك” إيهاب” الذي يشعر ببعض الخوف عليه، بقى سقف السيارة على الأرضية وهو ملقاه بداخلها وقد فقد وعيه، وكانت رأسه تُسيل منه الدماء بقوة، فتح “إيهاب” السيارة بصعوبة بالغة وبعد معاناه كبيرة، فقام “عز الدين” بإجتذابه من الداخل بصعوبة شديدة، ولكنه فعلها في النهاية، هدر بنبرة صارمة لـ رفيقه وهو يأمره بـ :
_يالا بسرعة، لازم نلحقه.
ساعده “إيهاب” على حمل جسد “طائف” ثم تحركا نحو السيارة، فتح أحدهم الباب له ليضعه بحرص بالخلف، وأستقلا السيارة، لـ تنطلق بأقصى سرعة نحو المشفى.
وصل “عز الدين” نحو أحد المستشفيات، ترجل هو أولاً راكضاً صوب الداخل، دخل المشفى ووجهه متهجمًا، صرخ بالموجودين قائلاً بنبرة جهورية صارمة :
_حد يجي معايا بسرعة، يالا.
أنتفض بعض الأطباء بفزع من تلك النبرة، ثم بسرعة البرق بدأ الأطباء بإعطاء الأوامر بتجهيز غرفة الطوارئ، بينما تحرك ثلاثة من الممرضين وهو يجرّون سريراً نقالاً نحو الخارج متوجهين ناحية السيارة، بدأوا بإخراج جسد “طائف” بحرص شديد بمساعدة “إيهاب” و”عز الدين”، عقب أن أسندوه على الناقلة الطبية، تحرك الجميع داخل المشفى لـ فحصه، خاصةً بعد أن رأوا بأعينهم الدماء تُسيل من جانب جبينه، ولج كبير الأطباء داخل غرفة الطوارئ بعد أن أدخلوا “طائف”.
أنتظر “عز الدين” و”إيهاب” خارج الغرفة، وهم غير قادرين على الإستيعاب ما يحدث، جلسا على المقعدين أمام الغرفة منتظرين خروج كبير الأطباء من الداخل.
مرت فترة ليست بقليلة على الإطلاق، خرج كبير الأطباء مطرق الرأس، فـ هب “عز الدين” من مكانه وهو يسأله بحدة :
_إيه الأخبار؟!..
رد عليه بهدوء :
_إحنا عملنا إشاعة وطلع عنده أرتجاج في المخ، بسبب خبطة قوية خدها على دماغه، هي حصلتله حادثة!؟..
أجاب “إيهاب” بضيق طفيف ثم سأله بجدية :
_للأسف حصلتله حادثة عربية، العربية أتقلبت جامد وهو كان جواها، المهم أنا محتاج توضيح أكتر لحالته؟؟..
رد الطبيب بنبرة هادئة :
_هو هيتحجز يومين كده لحد ما نطمن عليه، وهو عنده شوية كدمات سطحية في دراعه الشمال.
سأله “عز الدين” في شئ من الضيق :
_طب هو هيفوق إمتى؟؟..
تنهد الطبيب وهو يجيبه على السؤال الذي طرحه :
_أنا أديتله منوم واليومين دول هنمشي على حُقن منومة عشان لازم يفضل نايم، لأن الحركة الكتير غلط عليه دلوقتي، وخصوصاً أنه واضح عليه جداً التعب.
مد “إيهاب” يده قائلاً بجمود :
_شكراً يا دكتور.
صافحه الأخير بأدب :
_على إيه، إن شاء الله يقوم بالسلامة، عن إذنكم.
أنصرف الطبيب بينما أستدار “إيهاب” لـ “عز الدين” الذي قال وهو يُضيق عينيه :
_في حاجة غلط، في حاجات بتحصل وأنا مش فهمها ومش عارفها.
تسائل “إيهاب “بنبرة متعجبة :
_في حاجات مش مظبوطة فعلاً، ياترى هو كان عاوزك ليه؟؟.. وإيه الموضوع إللي كان محتاج يتكلم معاك فيك؟؟.. وغير كده.. إيه إللي وصله للحالة دي، كان واقف قدامنا كويس، إيه إللي حصل؟؟..
أولاه ظهره وهو يفكر بعمق، ثوان وكان يعود النظر إليه وهو يبتسم بزواية فمه :
_في حاجة لازم أتأكد منها!!.. وعشان أتأكد لازم أروح أعمل مشوار دلوقتي حالاً.
سأله بتوجس :
_مشوار إيه؟؟..
إبتسم بقسوة وهو يدس يديه بداخل جيب بنطاله :
_رأفت الحديدي.
**************
جلست “ياسمين” على الأريكة وبجوارها “مُنى”، بعد أن وضعت كبيرة الخدم فنجان قهوة وكأسًا من العصير، إبتسمت لها إبتسامة واسعة عقب أن علمت بأنها الآن تحمل في أحشائها جنيناً، بينما أخذت الأخيرة تعاتبها على عدم وجودها بجوارها في تلك المناسبة السعيدة، تناولت “مُنى” الفنجان القهوة وهي تقول :
_معلش بقى يا ياسمين، بس والله كنت مشغولة أوي فالمُستشفى، بس أول ما بقيت فاضية، جيتلك على طول.
برقت عيناه ببريق لامع وهي تُهنئها بإبتسامة صافية :
_ألف مبروك يا حبيبتي.
بادلتها الإبتسامة قائلة :
_الله يبارك فيكي يا قمري، عقبالك يارب.
أشارت بكف يدها قائلة بشرود :
_مش عارفة يا ياسمين، بس موضوع الحمل ده مش هيبقى دلوقتي.
سألتها بتعجب :
_ليه؟؟..
أجابتها وهي تحرك كفيها بحركة سريعة :
_عادي، إيهاب طلب مني أخد حبوب منع حمل، وفعلاً بدأت أخدها من كام يوم.
تساءلت بإستغراب :
_طب ليه؟؟..
قالت ببسمة صغيرة لم تصل لعينيها :
_هو بيقول أنه محتاج يأجل الحمل لفترة عشان نقضي فترة طويلة مع بعض وحاجات شبيها بـ دي يعني.
زفرت “ياسمين” بحرارة وهي تهتف :
_يابنتي عادي، أي زوج بيبقى محتاج يقعد مع مراته فترة، لأن الفترة دي مش هتتعوض بعد الخلفة، وكمان ده أنتوا لسه فالبداية.
إبتسمت “مُنى” مرددة :
_الموضوع عادي أنا عارفة، المهم أخبار الهضبة معاكي إيه؟؟..
قهقهت “ياسمين” بضحك على كلمتها وهي تقول :
_هضبة!!.. إنتي مش هتبطلي اللقب ده؟!!..
ردت عليها بعدم إكتراث :
_تؤ، هو لايق عليه بـ جسمه وشكله.
أعتدلت “ياسمين” في جلستها بحركة سريعة وهي تقول لها بحماسٍ :
_آه صح، عايزة أقولك إني قررت خلاص أتحجب!!..
أسندت فنجان القهوة على الطاولة _متوسطة الحجم_ التي أمامها، ثم قالت بدهشة :
_بـجد!!.. إيه الأخبار الحلوة دي!!.
أضافت بإصرار :
_من بُكرا نروح نشتري أحلى لبس ليكي، ده إنتي هتبقي قمر بالحجاب.
هزت رأسها نفياً قائلة :
_لأ مفيش داعي، أنا قولت لـ عز النهاردة الصُبح على القرار ده، فمن غير كلام راح خدني وأشترينا لبس كتير ليا وفساتين.
قالت “مُنى” بإبتسامة مُتحمسة :
_طب أنا عايزة أشوف اللبس.
نهضت “ياسمين” من مكانها وهي تقول :
_طيب، أنا هاطلع أجيب الأكياس عشان أنا بحب رأيك أوي.
**************
مسحت دموعها بقوة التي كانت على وشك الهبوط مرة أخرى، فهي منذ أن خرجت وهي تبكي، كانت أستقلت إحدى سيارات الأجرة، أخرجت هاتفها من الحقيبة، ثم فتحت أحد مواقع التواصل الإجتماعي “الفيسبوك”، لتقرأ الأخبار العاجلة، كنوع من أنواع التسلية حتى تصل إلى منزلها، توقفت حركة أصبعها عن تحريك شاشة الهاتف وجحظت عيناها من هول ما تقرأهُ.
“أنقلاب سيارة طائف الحديدي إبن رجل الأعمال الشهير رأفت الحديدي”
شهقت بخفوت وهي تقول بهمس :
_يــنهــار أسود!!.. معقولة أنا السبب!!..
ضغطت على الخبر ليظهر لها تفاصيل الحادثة، كان مكتوب أسم المشفى التي متواجد بها، لتقول بدون أن تفكر مرتين للسائق :
_لو سمحت أطلع على مُستشفى الـ…….
**************
أستشاط “رأفت” غضبًا وأشتعلت عيناه، علت أصواته المرتفعة في أرجاء المكتب، حاول بعض من رجالته أن يسيطروا على نوبة الغضب التي أعترت رب عملهم والتي تتزايد بشكل عجيب حينما علم ووصل له معلومات موثقة بإنقلاب سيارة إبنه الوحيد، فالبداية ظن أنها إشاعة ولكن حينما وصلت له المعلومة من المصادر الموثقة، صاح بعصبية قائلًا :
_الكلب، أكيد إبن السيوفي هو إللي عملها، هو أكيد إبن الـ….، والله لأحرق قلبه زي ما هو حرق قلبي!!..
ركض أحد رجالته ناحيته وهو يقول :
_يا باشا أهدى، عشان صحتك!!..
صرخ بغضب :
_ملكش دعــوة!!.. غور من قُدامي!!..
هتف رجل آخر بخوف :
_ألحق يا باشا، عز الدين باشا السيوفي مستنيك بــرا.
أتسعت عيناه التي تبرق بالغل والحقد، حينما علم بوجوده، خرج من المكتب مسرعًا وهو يهدر بصوته العالي :
_هو فين؟؟..
أستدار “عز الدين” وهو يعقد حاجبيه بإستغراب زائف، كان يرتدي نظارته الشمسية السوداء وهو يبتسم إبتسامة قاسية :
_أنا أهوو.
وقف قبالته وهو يقول بذات الإبتسامة :
_واضح إنك عرفت حادثة إبنك.
أجاب “رأفت” بغل :
_عملتها يا إبن السيوفي وجاي تشمت.
تمتم بثقة عالية لا تُليق إلا بهِ :
_أنا لا يُمكن أموت إنسان، صحيح أنا معروف عني إني مش برحم، بس إلا القتل، وبعدين الشماتة دي مش صفة فيا يا إبن الحديدي.
أضاف بصلابة :
_وبعدين دي حادثة عادية على الطريق زي ما بيحصل كل يوم.
سأله في شئ من الغضب :
_أومال جاي ليه؟؟..
لم يرد عليه بل سأله بخُبث :
_بتسأل ليه؟؟.. هو إنت إيه أخبارك أصلاً مع إبنك؟!!.. الخناقة لسه شغالة ولا لأ؟؟..
ضيق عينيه وهو يقول :
_قصدك إيه؟؟..
أولاه ظهره ليسحب علبة سجائره من داخل جيب بنطاله، أشعله واحدة بتريث تاركاً أعصابه تحترق لمعرفة قصده، أستدار ناحيته منفثاً دخانها ثم قال بنبرة قوية :
_هو مش في خناقة حصلت لما هو هرب السكرتيرة إللي بتشتغل عندي من القصر عندك هنا لما جيت إنت بجبروتك خطفتها.
أبتلع الأخير ريقه بتوتر ملحوظ بعد حديثه الموحي عن جريمته، ولكن هتف بصوت حاول إخراجه أجش :
_أنا لا يُمكن أعمل كده.
قهقه ضاحكاً ليُثير أعصابه، رمقه الأخير بنظرات متوعدة كاظماً غضبه في نفسه، نظر له بإزدراء وهو يقول :
_لأ عملت، وبعدين مش إنت بعت قاتل مأجور عشان يقتل روان!!..
لوح له بيده صائحاً :
_أخــــرس، أنا معملتش كده.
قست نظراته وهو يتسائل بتهكم :
_أومال إبنك عرف منين إنك عملت كده؟؟.. مش هو بردو راح أنقذها قبل ما ياخُدها الموت.
صاح فيه بإهتياج بعد كشفه عن جريمته :
_بقولك أخـــرس!!..
دس يديه بداخل جيب بنطاله وهو يقول بثقة :
_بس خلاص روان بقت فـ حمايتي دلوقتي.
ثم تابع بتأكيد ونظرات قوية :
_وهتفضل فـ حمايتي لحد ما تنتهي يا رأفت.
**************
بعد ساعة.. أضطربت أنفاسها وهي تجده متمدد على الفراش وبعض من الأسلاك موصولة بصدره العالي، ورأسه الذي تم تضميد جزء العلوي بالشاش الطبي، كتمت شهاقتها لثوان قبل أن تنطق إسمه بصوت متحشرج :
_طائف.
أغمضت عينيها أن تهبط دموعها قائلة :
_يعني إمبارح كنت أنا بين الحياة والموت، والنهاردة تبقى مكاني.
أنسابت دموعها بغزارة أكبر لتزيد من آلمها النفسية، أمسكت بكف يده قائلة :
_أنا آسفة إني جرحتك، بس إحنا لازم فعلاً نبعد، أنا مكاني مش معاك، أنا هفضل جنبك زي ما إنت كنت جنبي، طب أقوم عشان خاطري.
صمت للحظات وهي تبكي بمرارة قبل أن تشهق بفزع حينما أستمعت صوت صــارم يُنادي عليها، أستدارت ببُطء لتجد رب عملها ومدير مكتبه يقفان بثبات، قالت بصوت مبحوح :
_مستر عز!!!.. ومستر إيهاب!!..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2))

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *