روايات

رواية في حي الزمالك الفصل السابع و العشرون 27 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك الفصل السابع و العشرون 27 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك البارت السابع و العشرون

رواية في حي الزمالك الجزء السابع و العشرون

رواية في حي الزمالك الحلقة السابعة و العشرون

قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ 🤎🦋✨

“عمو أحمد أنا طالب القرب من حضرتك.” تفوه بها نوح ليسقط فك كلًا من أفنان وميرال، نظرت أفنان
نحو نوح برعب شديد… بذلة رسمية، باقة زهور، علبة شيكولاتة فاخرة ويطلب القرب من والدها!!!

هل فقد عقله للدرجة التي تجعله يأتي إلى هنا ويفعل شيء كهذا؟! وبهذه الطريقة السخيفة؟ لقد كانت برفقته في الجامعة بل وكانت تتحدث إليه كثيرًا وتراه أكثر في الفترة الماضية ولم يُفكر ذلك الأحمق أن يُلمح لها ولو تلميحًا بسيطة بنيته السوداء تلك.

“يا نهارك أبيض!!! أنت البجاحة وصلت بيك أنك تعمل كده يا نوح؟ لعلمك بقى أنا مش موافقة شوفت أحرجت نفسك وأسرتك معاك ازاي؟!”

“مش موافقة على ايه؟ مش تسمعي الي هقوله؟”

“سيبك منها يا نوح يا ابني وكمل وفرح قلبي.” اردفت والدتها بحماس ليحمحم نوح وهو ينظر إلى أعين أفنان الغاضبة وأعين ميرال التي اغرورقت بالدموع.

“يكمل أيه يا ماما؟ أنا بقولك مش موافقة.”

“أنت مالك أصلًا توافقي ولا متوافقيش بتاع أيه؟”

“مالي ازاي يعني؟ هو مش زمن الجواري انتهى وكده ولا أنا فاهمة غلط.”

“اصبري يا أفنان خليه يخلص كلامه الأول، قول يا نوح يا ابني.”

“أنا جاي النهاردة يا عمي عشان اطلب ايد ميرال.”

هنا تضاعفت الصدمة ولم تكن أفنان وحدها من تشعر بالصدمة بل الجميع، فلقد نطق نوح بإسم غير متوقع بتاتًا، نظر الجميع نحو نوح بصدمة لكن أفنان كانت تنظر نحوه بصدمة، شك، غضب وتوجس… لقد كان الأمر برمته خاطئًا قدومه إلى هنا بتلك الطريقة وتحدثه إلي والديها مباشرةً متجاهلًا إياها وثم طلب الزواج من ميرال؟!!

“م… ميرال؟” سألت والدتهم بدهشة وتلعثم فطوال حياتها تقول أن أفنان لنوح ونوح لأفنان؛ متى ظهرت ميرال في الصورة؟

“اه يا خالتو ميرال، أنا بصراحة مُعجب بيها جدًا و.. هي شخصيتها مناسبة لشخصيتي وطبعًا أن لو لفيت الدنيا كلها مش هلاقي في أدب ولا أخلاق بنت من بنات خالتي.”

تفوه نوح بثقة بدت مُريبة قليلًا إلى أفنان، ولما قال ‘بنت من بنات خالتي’ لما لم يختص ميرال في حديثه؟ كان هذا السؤال يدور في مخيلة أفنان.

أما عن ميرال فقد اختلطت مشاعرها ولكن الغالب كان الصدمة؛ صدمة جعلتها لا تنبس بحرفًا واحد بل تراقب ما يحدث وكأنها تُشاهد فيلمًا وليست مُشتركة في الأحداث بل هي البطلة الرئيسية الآن، بدأ عقلها في ترجمة ما يحدث ببطء شديد لكن كل ما تعرفه الآن هو أن حلمها يكاد يُصبح حقيقة، سيكون نوح من نصيبها أخيرًا، سيصبح زوجها ولن يبتعد عنها مجددًا مطلقًا… ابتسمت ميرال ابتسامة واسعة من الأذن للأذن وهي تُطالع نوح.

“تعالي يا ميرال يا حبيبتي تعالي في حضني هنا.” قال والدها بهدوء وحنان وهو يُحاول إخفاء الإرتباك الذي يشعر به، على الفور نفذت ميرال وبأرجل مُرتجفة ذهبت لتجلس إلى جانب والدها بخجل.

“أنتي سمعتي اللي نوح قاله؟” سأل والدها لتومئ ميرال بنعم بينما تُراقب أفنان ما يحدث بأعين يتطاير منها الشرار.

“طب وأيه رأيك يا حبيبة بابا؟”

“أعتقد أنه المفروض نديها فرصة تفكر يا بابا ولا أيه؟” سألت أفنان بجملة بدت خبرية أكثر من كونها سؤال لتنظر نحوها مريم بنظرة ذات مغزى قبل أن تُعلق مؤكدة على كلام أفنان قائلة:

“أفنان بتتكلم صح وبعدين ده أحنا زيتنا في دقيقنا يعني ومفيش حد غريب يفكروا براحتهم وبعدين يردوا علينا.”

“بس أظن أني عارف رد ميرال.” علق نوح بثقة وهدوء لترمقه أفنان بحده وغيظ، ذلك الأحمق يقول أن شقيقتها ‘مدلوقة عليه’ كما يقولون، حتى وإن كان ذلك صحيحًا فلن تقبل أفنان أن يُصرح به.

“حتى ولو ده مش قرار ميرال لوحدها ده قرار أسرة كاملة فأظن المفروض نسيبهم يتناقشوا وياخدوا راحتهم يعني.” أردفت مريم من بين أسنانها وهي تضرب نوح في كتفه بخفة دون أن يلاحظ أحد.

“طيب يا نوح مش هتقول لعمو إمكانياتك أيه وكده عشان تبقى كل حاجة على نور ويفكروا براحتهم.”

“أيه الكلام ده بس؟ ده أنتي أختي وده ابني اللي مخلفتوش ولو لفينا الدنيا كلها مش هنلاقي عريس زيه.”

“لا يا خالتو ماما بتتكلم صح، بص يا عمو أنا عندي شقة في أكتوبر مساحتها ١٢٠ متر وتلات أوض.”

“أول مرة يعني نعرف أن عندك شقة.” قالت أفنان بسخرية لينظر نحوها نوح بإستهزاء ثم يُردف:

“بابا كان شاريها عشاني وأنا بدأت توضيب فيها، وطبعًا حضرتك عارف يا عمو أن مُرتب الكلية مش كبير عشان أنا لسه في البداية بس أنا بدي كورسات وتدريبات في شركات كبيرة وده بيدخلي مبلغ كويس الحمدلله.”

لم ترد أفنان على حديثه لكنها كانت تُنصت بإهتمام حتى صدح في المكان صوت رنين هاتفها لتنتفض من موضعها وهي تنظر نحو الإسم، ذلك الأحمق لما يتصل بها الآن؟! ألم تكن برفقته منذ ساعة!! كانت الأنظار كلها موجهه نحو أفنان التي حاولت أن تتصرف بهدوء دون أن تتسبب في المزيد من لفت الإنتباه، أنهت أفنان المكالمة ثم أرسلت له رسالة على تطبيق الواتس أب قائلة:

‘عندنا ضيوف مش هعرف أرد عليك دلوقتي.’ أغلقت أفنان الهاتف ووضعته في جيب البنطال خاصتها ثم عاودت النظر نحوهم ليحمحم والدها ثم يُعلق على حديث نوح السابق مُردفًا:

“كويس جدًا بس أنت عارف يا نوح أن الماديات طبعًا مش فارقة معانا المهم الأصل وأنك تشيل بنتي في عينيك.”

“أنا عارف طبعًا يا عمو وأنا لو عليا أجيب تُقل ميرال دهب، عمتًا أنا تحت أمر حضرتك في أي طلبات وكمان الشبكة يعني…”

“لا مش هنتكلم في الشبكة دي هديتك لميرال وتجيبها حسب إمكانياتك.”

“أنا شايفة أنه بدري شوية عاللي بتتناقشوا فيه ده أحنا اصلًا مقولناش موافقين ولا لا.” علقت أفنان بحدة وهي تعقد يديها بإستياء أمام صدرها لتتوجه نحوها أنظار الجميع بإندهاش من نبرتها تلك بل ومن حديثها بشكل عام.

“أفنان معاها حق، طيب نستأذن أحنا بقى يا عمو وهستنى الرد بتاع ميمي… احم قصدي ميرال.”

“لا تستأذنوا فين بس استنوا هنتعشى سوا.”

“لا يا رانيا خلي العشاء لقراية الفاتحة إن شاء الله.”

“ماشي يا حبيبتي نورتونا، الودودي ازغرط بس ملحوقة المرة الجاية إن شاء الله.”

بمجرد أن غادر الجميع ساد صمت غريب على المكان لا أحد يدري ماذا يقول، هل يبدأو في المباركة لميرال أم يتناقشوا في الحدث الصادم الذي حدث قبل قليل، لم تعي أفنان بنفسها سوى وهي تسحب ميرال إلى حجرتهم ثم تدفع بها على السرير لتجعلها تجلس غصبًا.

“ميرال هو أنتي موافقة عاللي بيحصل ده؟”

“يا ماما أنتي مال وشك عامل كده؟ هتتحولي ولا أيه؟”

“ميرال أنا مش بهزر! أنا سألت سؤال وعايزة رد اه ولا لا؟”

“أفنان أنتي بتسألي بجد ولا بتهزري؟ أفنان؛ أفنان أنتي مستوعبة اللي بيحصل؟ حلم حياتي بيتحقق ونوح اللي بحبه من وأحنا عيال صغيرة جاي يتقدملي، بيحبني وجاي يتقدملي!!”

تفوهت ميرال بحماس شديد وقد لمعت عيناها، كانت تعبث ميرال في خصلات شعرها السوداء وهي تتحدث بشغف عن الأمر بينما كانت تُطالعها أفنان بحيرة ممزوجة بالشفقة.. نوح لا يُحب ميرال هذه حقيقة مُطلقة لكن أفنان لا تدري كيف تُخبر ميرال بذلك فهي لا تُريد أن تُفسد فرحتها لكن في الوقت ذاته أفنان تعلم جيدًا أن تلك السعادة هي مجرد سراب..

“ميرال هو أنتي متأكدة أن نوح بيحبك؟” سألت أفنان بطريقة مُباشرة ليُصبها الندم فور عبوس ميرال، لكن لا بأس فلتحزن ميرال قليلًا الآن بدلًا من أن تحزن ما تبقى من عمرها، ساد الصمت لبرهة قبل أن تتفوه ميرال بالآتي:

“لو مش بيحبني هيتجوزني ليه؟ وبعدين عادي يعني في ناس كتير اتجوزوا من غير حب وحبوا بعض مع الأيام والعشرة ولا أنتي شايفة أني مستحقش أتحب يا أفنان؟”

“والناس دول كانوا أجوازتهم بيحبوا أخواتهم برضوا يا ميرال؟!” بإستنكار وحنق شديد طرحت أفنان سؤالها؛ نظرت نحوها ميرال بصدمة شديدة فهي لم تتوقع قط أن تتفوه شقيقتها بجملة كتلك، دمعة تهرب على الفور من أعين ميرال وهي تنبس بالآتي:

“نوح مش بيحبك يا أفنان نوح متأثر بكلام ماما وخالتو وأنا عمري ما أتخيلت في حياتي أنك تقوليلي حاجة زي كده!! شكرًا جدًا يا أفنان.. يا أختي يا اللي المفروض تفرحيلي وعلى فكرة بقى أنا هروح أقول لبابا أني موافقة!”

صاحت ميرال في وجه أفنان لتجفل الأخيرة في صدمة من نبرة شقيقتها التي لم تُحدثها بها من قبل، لقد كانت ميرال غاضبة؛ غاضبة لدرجة قد أعمتها عن الحقائق التي تفوهت بها شقيقتها فكل ما يستوعبه عقلها هو أن شقيقتها الصغرى تحاول تخريب سعادتها وهي لا تدري لماذا؟ ربما لأن أفنان أعتادت أن تحصل على كل الإهتمام، الحب، التشجيع ودائمًا ما كانت الأختيار الأول للجميع؛ ربما عقلها لم يستطع تقبل فكرة أن نوح قد أختار ميرال بدلًا منها، هذا ما كان يدور في خاطر ميرال.

“ميرال لا!” تفوهت أفنان بمزيج من الترجي والإستياء وهي تجذب ميرال من ذراعها بلطف لتدفع ميرال يدها بعنف وهي تُعلق قائلة:

“دي حاجة متخصكيش يا أفنان..”

في غرفة والدي أفنان جلست والدتها على الأريكة بجانب زوجها بينما يحتسي كلاهما الشاي، كان والد أفنان جالسًا يُفكر في صمت فمازال عقله مشتت بما حدث قبل قليل، قاطعت زوجته الصمت وهي تتحدث بسعادة قائلة:

“مش مصدقة نفسي، أخيرًا يا أحمد هنطمن على بنت من بناتنا لا وأيه مع واحد أنا اللي مربياه على ايدي يعني عمره ما هيزعلها.”

“والله يا رانيا أنا مش عارف هنطمن عليها ولا قلبنا هيتوجع عليها..” تحدث زوجها بينما يتنهد بضيق، هو حقًا لا يدري ما الصواب وما الخطأ في ذلك الأمر.

“أعوذ بالله يا أحمد أيه الفال الوحش ده؟!! لا طبعًا هنطمن عليها إن شاء الله، نوح عمره ما هيزعلها.”

“رانيا هو أنتي بجد مش مستوعبة اللي حصل؟”

“وأيه اللي حصل؟ أنت شكلك يا أحمد متضايق عشان اللي هتتجوزه يبقى ابن أختي، عمرك ما نسيت مشاكل العائلة زمان.”

“والله عيب عليكي يا رانيا بعد العمر ده كله لما تفكري فيا كده! زمان أيه ومشاكل أيه اللي هفكر فيها دلوقتي! أنا بتكلم في أن نوح طول عمره بيحب أفنان والكل كان بيقول أن أفنان ونوح لبعض بغض النظر أن الموضوع ده عمره ما جيه على هوايا وأني دايمًا كنت بتخانق معاكي عشان مينفعش تسمعي الولاد وهما صغيرين الكلام ده، لكن اللي أنا مش فاهمه ازاي نوح طول السنين دي بيلمح لأفنان وفجاءة كده عايز يخطب ميرال!”

“أديك قولت ده كان كلام عيال وهما صغيرين، أكيد هو أنجذب لشخصية ميرال عشان شاف فيها الزوجة العاقلة الراسية أما بنتك التانية دي دماغها ضاربة ومتعرفش تفتح بيت.”

“بالعكس يا رانيا؛ بالعكس… أفنان دي لفت وشافت وعندها خبرة في الحياة وبتعرف تجيب حقها أما ميرال دي غلبانة يعني لو هو جيه عليها عمرها ما هتشتكي.”

“أنا بصراحة بقى شايفة أنك أنت وأفنان مكبرين الموضوع ورد فعلكوا النهاردة مكنش مضبوط وكان في فيه إحراج ليهم وليا أنا كمان، أنا بصراحة شايفه أننا نسمع رأي ميرال في الأول والآخر هي اللي هتتجوز و…”

قبل أن تُكمل رانيا الجُملة أُقتحم الباب من قِبل ميرال التي وقفت تنظر إلى والديها بثبات شديد قبل أن تفتح ثغرها وتقول:

“بابا أنا موافقة أتجوز نوح.” ساد الصمت لبرهة بينما ينظر نحوها والدها في حيرة شديد لكن رانيا استقامت من جلستها بسعادة وهي تُطلق زغرودة تأتي أفنان على آثرها مهرولة نحو الغرفة وهي تُبادل والدها نظرات الحيرة والإضطراب.

أما عن نوح فكان يقود سيارته عائدًا إلى المنزل برفقة والدته وشقيقته، ساد الصمت في المكان لكن عقلهم لم يخلو من الصخب وضجيج الأفكار المُشتتة؛ حتى كاد نوح أن يكسر الإشارة مرة أو اثنتين أثناء القيادة.. وصلوا إلى منزلهم بعد وقتًا قصير وبمجرد أن دلف نوح إلى داخل المنزل اتجه نحو غرفته هاربًا من أي نقاش، هم ليُغلق باب حجرته لكن مريم أدخلت قدمها فمنعته من ذلك.

“مش قادر أتكلم.”

“مش قادر تتكلم دلوقتي وكنت عامل زي البغبان هناك ما شاء الله! أنا مشوفتش في برودك يا أخي والله.”

“عايزه أيه يا مريم الساعة دي؟”

“عايزة أعرف أيه اللي أنت عاملته النهاردة ده؟ نوح هو انت جرا لعقلك حاجة؟!!”

“عملت أيه؟ مش أنتي كنت دايمًا بتنصحيني أسيب أفنان وارتبط بميرال؟ مش ده اللي أنتي كنتي عايزاه؟”

“نوح متصيعش عليا! أنا كنت بقول كده على أنكوا بتحبوا بعض ولعب عيال وشغل مراهقين لكن لما الموضوع يدخل في الجد ويبقى جواز يبقى لازم تحدد كويس أنت عايز مين، فمتجبش الموضوع فيا أنا.” صفعت مريم الحقائق في وجهه بنبرة غاضبة لكنه اكتفى بالنظر نحوها بتعابير وجه باردة بينما يخلع رابطة عنقه، أخذت مريم نفسًا عميق ليسود الصمت لثوانٍ قبل أن تُكمل حديثها بسؤالًا هام:

“أنا بس عايزة أعرف هو أنت مُدرك اللي أنت عاملته النهاردة ولا مش واصلك؟”

“اه طلبت أيد ميرال.” نبس نوح بلا مُبالاة بينما كانت تتمنى مريم لو تُمسك برأسه وتدفع به في الحائط كي يسترد وعيه ويُدرك حجم الكارثة التي قد فعلها.

“طلبت أيد ميرال بعد ما فهمتنا أنك هتطلب أيد أفنان، يا أخي ده أنا كنت شايفة حرف الألف وهو بيخرج من بوقك وفجاءة كده بقى ميم سبحان الله.”

“ما تسيبي أخوكي في حاله يا بت أنتي، وبعدين أنا أساسًا مكنتش موافقة على أفنان هي أه بنت أختي وبحبها بس هي شخصية صعبة ومكنتش هتريح ابني.” علقت والدتها التي دلفت إلى ظهرت في الحجرة من اللامكان لكنها جاءت غالبًا حينما سمعت صوت شجار مريم ونوح، وكالعادة قد أخذت صف نوح بدلًا من مريم، ضحكت مريم بسخرية على حديث والدتها المتوقع قبل أن تُردف بالسخرية ذاتها الآتي:

“لا وأنتي يا ماما اسم الله على ابنك مُريح أوي، نوح حبيبي بابا.. مينفعش تكسر قلب ميرال عشان تغيظ أفنان، أفنان مستفزة وقليلة الذوق أنا عارفة لكن ميرال ملهاش أي ذنب.”

“أنتي بجد يا مريم فاكرة أني ممكن أطلب أيد ميرال بس عشان أغيظ أفنان؟”

“اه.”

“يبقى متعرفنيش كويس.”

“يارب يا نوح؛ يارب مكونش عارفاك كويس والنهاية متبقاش غم على دماغنا ونخسر خالتنا وبناتها اللي ملناش غيرهم.”

“اطلعي منها بس أنتي وأفنان ومحدش هيخسر حد، ولو سمحتي اطلعي برا بقى عشان عايز أغير هدومي.”

“ماشي يا نوح.” قالت مريم وهي تسحب والدتها ويتجه كلاهما نحو الخارج تاركين نوح غارقًا في دوامة من الأفكار لا نهاية لها.

لم يستطع أحد أن ينام في تلك الليلة وكأن النوم أقسم ألا يخطو عتبة تلك العائلة، ما حدث اليوم لم يكن بالأمر الهين بالنسبة للجميع بل وبالنسبة لنوح نفسه المتسبب في كل ذلك، كانت أفنان متمددة على سريرها وقد أشاحت بوجهها عن سرير ميرال، كانت دموع أفنان تنهمر في صمت بينما يرفض عقلها تصديق أن ميرال تحدثت إليها بتلك الطريقة اليوم ومن أجل من؟! نوح المُغفل..

لكن كل ذلك لم يُهم أفنان الآن بل كل ما كان يهمها هو أن عليها إيقاف تلك الزيجة بأي ثمن أو ليثبت لها نوح حسن نواياه ويُثبت حقيقة مشاعره تجاه ميرال، فحتى ولو لكان القرار النهائي يعود لميرال فأفنان ستحاول إقناعها بشتى الطرق بإنهاء ذلك الأمر قبل أن يبدأ.

في صباح اليوم التالي استيقظت أفنان ونظرت إلى سرير شقيقتها لتجده فارغ على ما يبدو أنها ذهبت للعمل، غادرت أفنان سريرها واتجهت نحو الخارج بكسل لتجد والديها يتناولوا طعام الإفطار.

“صباح الخير، ميرال راحت الشغل؟”

“اه أنتي مش رايحة الكلية؟”

“لسه السكشن الساعة 12، صحيح يا بابا أنت منزلتش الشغل ليه؟”

“حسيت أني مرهق فا اخدت النهاردة أجازة، أيه رأيك أوصلك للجامعة ونتكلم؟”

“أيه ده هي العربية أتصحلت؟” سألت أفنان بحماس شديد ليومئ والدها بنعم لتقفز هي في موضعها بسعادة ثم تنظر نحو والدتها بإمتنان فهي من استطاعت أن تُقنعه بأن يأخذ الأموال دون أن يعرف بالطبع أنها خاصة أفنان، تناولت أفنان طعامها ومن ثم قامت بتجهيز أغراضها وبدلت ثيابها سريعًا.

“بابا أنا جاهزة.”

“وأنا كمان يلا بينا.”

داخل سيارة والد أفنان ساد الصمت لبضع دقائق بينما تزاحم عقل أفنان بالأفكار لكن فجاءة خطرت على بالها فكرة مُرعبة؛ ماذا إن قرر رحيم أن يُفاجئها وينتظرها أمام الجامعة وهي برفقة والدها اليوم؟!!
أكثر ما يُخيفها في الأمر أن رحيم ساذج وقد يذهب لإلقاء التحية على والدها بكل إريحية دون أن يُدرك نتائج ذلك ففي النهاية نحن في القاهرة ولسنا في لندن.

“أفنان كنت عايزة أتكلم معاكي بخصوص موضوع نوح وميرال وبعيد خالص عن رانيا.”

“أتفضل يا بابا.”

“أنا عارف أنك رافضة وكان باين عليكي جدًا من أول ما بدأ كلام، أنا بس عايز أعرف سبب إصراراك على الرفض.. هل أنتي شايفاه مش مناسب لأختك ولا…”

“مفيش ولاَ يا بابا، أنا مش بحب نوح لو ده اللي حضرتك بتحاول تلمح ليه، نوح ده بالنسبالي أخويا وأخ رخم كمان؛ أحنا مش بنعرف نتفاهم مع بعض خالص ولا نقعد دقيقتين على بعض من غير خناق.”

“طيب فين المشكلة؟” سأل والدها بحيرة لتأخذ أفنان نفس عميق بينما تحاول ترتيب أفكارها قبل أن تتحدث.

“المشكلة يا بابا في كذا حاجة، أولًا نوح فضل سنين بيلمحلي أنه بيحبني وفي الآخر غير رأيه على آخر لحظة وطلب أيد ميرال، ثانيًا ميرال بتحب نوح جدًا يا بابا.. بتحبه لدرجة أنها امبارح اتخانقت معايا جامد لأول مرة عشانه؛ هو ليه تأثير كبير عليها وثالثًا بقى أن نوح شخصية ملهاش أمان يعني ممكن يفضل يحب في حد طول الوقت ومع أول خلاف يسمعه كلام زي الزفت.”

“أنا بصراحة مش موافق عالجوازة دي ومش مرتاح للموضوع كله.” عقب والدها على حديثها لتبتسم أفنان بإنتصار لكن سرعان ما تختفي تلك الإبتسامة حينما يُكمل والدها حديثه مُضيفًا:

“بس أنا عمري ما أجبرتكوا على حاجة، أنا ربيتكوا أنكوا تختاروا كل حاجة بنفسكوا طالما أنكوا عارفين أنكوا الشخص الوحيد اللي هيتحمل نتيجة الأختيار ده.”

“يعني أنت يا بابا هتسيبها تتجوز نوح؟”

“مقدرش أجبرها يا أفنان أنا بس هنصحها وهي حرة.”

صمتت أفنان عند هذا الحد بغيظ شديد؛ والدها صادق هي لم تعتاد أن تُجبر على أي شيء وبالفعل معظم قررات أفنان منذ أن كانت صغيرة كانت تتخذها بنفسها لكن في هذا الموقف تحديدًا تمنت لو أن والدها يُجبر ميرال أن ترفض؛ لكن المشكلة تكمن في أنه لا أحد منهم يُدرك كم الأذى الذي سيلحق بميرال إن وافقت غير أفنان…

“أحنا وصلنا، خلي بالك من نفسك ومتتأخريش.”

“حاضر يا حبيبي، شكرًا عالتوصيلة.”

لمحت أفنان بطرف عيناها نوح يغادر المبني ويتجه إلى الجهة الآخرى منه لتهرول هي لاحقة به، كانت تلك المنطقة خاوية من الطلاب لذا لم يوجد أحد سواهم، أقتربت أفنان منه وجذبته من حقيبته بقوة حتى كاد أن يتعثر ويسقط.

“أنا عايزة أفهم أيه اللي أنت هببته إمبارح ده؟”

“أيه ده؛ أيه ده في أيه؟! أنتي اتجننتي يا أفنان ولا الغيرة كلت دماغك؟!”

“غيرة مين يا أبو غيرة؟ ده أنا غير على عم محمد بتاع كشك السجاير اللي على أول الشارع ولا أني أغير عليك.”

“طبعًا ما أنا مش أد المقام زي ناس تانية.”

“نوح حبيبي بابا، أنت مدرك أنت عاملت أيه كويس؟”

“اه، اتقدمت للبنت اللي عايز أكمل معاها حياتي.”

“طيب بص يا نوح هقولك كلمتين تحطهم حلقة في ودنك، لو الزفت اللي أنت بتحاول تعمله ده كمل وإرتبطت أنت وميرال وفكرت؛ مجرد فكرة بس أنك تزعلها مش هخلي الدكتور يعرف يخيط فيك غرزة أمين؟”

“أنتي نسيتي نفسك يا دكتورة ولا أيه؟! احترمي نفسك وأنتي بتتكلمي معايا.”

“والله ده أسلوبي ولو مش عجبك حولني مجلس تأديب.”

أردفت أفنان بلا مبالاة وهي تغادر المكان ليتمتم هو بمزيج من الغيظ والرهبة:

“ده أنتي محتاجة تروحي القسم مش مجلس تأديب.”

اتجهت أفنان إلى أحدى المعامل حيث سيبدأ ‘السكشن’ الخاص بها، ولأول مرة تقريبًا منذ أن بدأت مسيرتها التعليمية في الجامعة أن تجلس شاردة لتلك الدرجة فلم يكن هناك متسع في عقلها لإستقبال المعلومات التي يتم شرحها.

“أفنان أنتي كويسة؟” سألت بصوت أقرب إلى الهمس فتاة تجلس إلى جانب أفنان والتي كانت تُعدي روميساء وهي زميلة أفنان في الجامعة.

“مصدعة شوية، لما نيجي نشتغل عملي فهميني هنعمل أيه.”

“حاضر، متكتبيش حاجة هكتب أنا وابعتلك.”

شكرتها أفنان بإمتنان فهي بالفعل لا تقوى على التركيز ولا الكتابة، انتهى اليوم الطويل أخيرًا وعادت أفنان إلى المنزل في السادسة والنصف مساءًا لتجد أن ميرال قد عادت بالفعل وهي تساعد والدتهم في طهو الطعام، أخرجت أفنان تنهيدة طويلة وهي تُغلق الباب من خلفها بخفة ثم تتجه نحو حجرتها دون أن تنبس بحرفًا واحد.

“مش اللي داخل البيت ده بيقول السلام عليكوا حتى؟”

“والله؟ بقيت أنا دلوقتي اللي غلطانه؟”

“متزعليش مني، أنا اتعصبت عليكي جامد إمبارح مكنش قصدي بس أنا يا أفنان بحب نوح ومش هضيع الفرصة دي من ايدي وحتى لو هزعل بعدين مش مهم طالما هفرح دلوقتي.”

“أنا مش عارفة أنتي بتفكري ازاي بجد! ربنا يهديكي يا ميرال ويكتبلك الخير ويبعد عنك نو.. الشر يبعد عنك الشر كله.”

“آمين يارب، على فكرة ماما كلمت خالتو وقالتلها أني موافقة وهيجوا يوم الجمعة عشان نقرأ الفاتحة فا شوفي بقى هتلبسي.”

“هلبس أيه؟ هو أنا لسه هلبس؟ ما لبسنا كلنا خلاص يا ميرال يا حبيبتي.”

“أنا مبسوطة أوي بجد!! أفنان أنتي متخيلة أننا خلاص كبرنا وحد فينا هيتجوز.”

قالت ميرال بحماس شديد وهي تصفق بيديها بطفولية قبل أن تنقض على أفنان وتضمها ولم يكن بيد أفنان حيلة لذا بادلت شقيقتها العناق وهي تسب نوح من دخلها فبسبب ذلك الوغد لا تستطيع أن تعيش مشاعر السعادة التي تشعر بها أي فتاة ستتزوج شقيقتها.

“وأنا كمان مش مصدقة، المهم عايزين ننزل بقى نجيب زينة والبالونة اللي مكتوب عليها قرينا الفاتحة والحاجات الهايفة الجميلة دي.”

“اه طبعًا وكمان عايزه انزل اشتري فستان جديد بس مش عارفة الفلوس هتضبط معايا ولا لا، ومش هعرف أخد من ماما حاجة عشان هي لسه هتنزل تجيب أكل كتير وكمان طقم صواني جديد.” نبست ميرال بحماس شديد بينما لمعت عيناها في حين أن أفنان كانت تنظر نحوها بتملل وبرود قبل أن تُعلق على حديث ميرال بمزيج من السخرية والإنفعال قائلة:

“طقم صواني جديد ليه إن شاء الله؟ وأنتي متقدملك مهند؟ ده نوح، ما يطفح في أي صنية وخلاص.”

“بطلي رخامة بقى وركزي معايا في الترتيبات.” ساد الصمت لثوانٍ وأفنان تفكر في أمر المال الذي تحتاجه ميرال قبل أن تتذكر أنها قد تبقى معها أربعمائة جنيهًا من ثمن الجائزة، إنها آخر مدخراتها لكن لا بأس فشقيقتها أولى منها.

“بصي خدي دول خليهم معاكي وهاتي الفستان اللي يعجبك.”

“يا روح قلبي ربنا يخليكي ليا بجد، بس خليهم معاكي أنتي أحنا كده كده هننزل سوا ولو احتاجتهم هبقى أخدهم منك، وشوفي أنتي هتلبسي أيه أو لو هتجيبي طقم جديد.”

قالت ميرال وهي تعانق أفنان مجددًا، لم تكن تنوي أفنان شراء ثياب جديدة بل كانت تنوي ارتداء أحدى ثيابها التي لم ترتديها كثيرًا فهي لا تُريد أن تكون ظاهرة بجانب شقيقتها ففي النهاية شقيقتها هي العروس.

“أفنان هو أنتي اتخانقتي مع نوح النهاردة في الجامعة؟”

“يا فتان! هو لحق قالك؟”

“لا مقاليش بس أنا متوقعة، عشان خاطري أنا يا أفنان متضايقهوش وحاولي تتجاهليه خالص.”

“حاضر يا ميرال حاضر!”

تمتمت أفنان بنفاذ صبر قبل أن تنتقل لتجلس على سريرها، تُمسك بهاتفها تبدأ في تفقد الإشعارات والرسائل ثم تترك الهاتف لثوانٍ وهي تحاول أن تتذكر شيئًا ما وهي تهمس لنفسها:

“أنا حاسه أني ناسيه حاجة… يالهوي رحيم!!!”

لقد تذكرت أفنان أنها لم تتحدث إليه بعد أن أغلقت الإتصال ولم تُجيبه لأن نوح كان في منزلهم، تذكرت أفنان أنها قد بعثت له برسالة وقتها وأنه بالتأكيد قد أجاب على رسالتها وبينما كانت تبحث بين الرسائل عن خاصته نفذت بطارية هاتفها.

“ده أنت عيل فقر، أبقى أرد بكرة بقى إن شاء الله.”

“على مين؟ نوح؟”

“خليكي في حالك يا قطة، ولا مش نوح.”

في الأيام التالية انشغلت أفنان كثيرًا في الصباح في الجامعة وفي المساء تذهب للتسوق برفقة ميرال ووالدتها لشراء بعض الأغراض من أجل يوم الجمعة، لم يكن هناك متسع من الوقت بالنسبة لأفنان كي تعبث بهاتفها أو حتى تُجيب على أي رسائل.

في مساء يوم الخميس وبينما تقوم أفنان بتنظيف الشقة بمساعدة شقيقتها ووالدتها صدح صوت إشعار من هاتفها مُعلنًا عن وصول رسالة، تركت أفنان ‘الزعافة’ من يدها وأمسكت بالهاتف لتتذمر والدتها على الفور وهي تقول:

“مش وقته لعب في التليفون ويلا خلصي تزعيف السقف عشان تلمعي النجفة.”

“في أيه يا ماما هو أحنا هنضايف خالتو فوق النجفة يعني؟ معرفش مالكوا مهتمين بالسقف ليه النهاردة؟!”

“بلاش لماضة وخلصي عشان ورانا شغل كتير.”

تنهدت أفنان بضيق وهي تبحث عن الرسالة الجديدة لتجد أن المُرسل هو رحيم!!! ولم تكن رسالة واحدة بل العديد من الرسائل وكانت كالتالي:

“أفنان.. Why are you ignoring me ‘لماذا تتجاهليني’ ؟”

“أفي… مش بتردي ليه؟ مشغولة طيب؟”

“طيب tell me are you okay ‘أخبريني هل أنتِ بخير’ ؟”

“أنتي بتعاقبيني عشان قعدت أكتر من أسبوعين مش برد وأنا مسافر صح؟”

“أفي..”

“أفنان على فكرة it’s not funny anymore ‘لم يعد الأمر مضحكًا’.”

ابتسمت أفنان ببلاهة وهي تقرأ الرسائل لتنظر نحوها ميرال بشك وهي تُضيق عينيها وبمجرد أن تراها أفنان تبعتد عنها وهي تُخبئ شاشة الهاتف بيدها.

“مش بتجاهلك أكيد أنا مش بعمل زي ناس كده، أنا بس كنت مسحولة في حوار كده هحكيلك عليه بعدين عشان لازم اسيب التليفون دلوقتي.”

أجابت أفنان وهي تهرب من المحادثة سريعًا حينما رأت أن رحيم قد قرأ الرسالة في نفس الدقيقة التي أرسلتها بها، أغلقت أفنان الهاتف ورفعت رأسها لتجد ميرال، والدتها، ووالدها يحدقون فيها بريبة لتحمحم أفنان ثم تسألهم بتوتر:

“هو في أيه؟”

“مفيش بنشوف أيه اللي شاغلك أوي كده في التليفون.”

“بكلم روميساء يا ماما زميلتي في الكلية بتبعتلي اللي كتبناه في المحاضرة النهاردة.” كذبت أفنان كما اعتادت أن تفعل مؤخرًا وقد فاقم ذلك من شعورها بالذنب فبدلًا من كونها تُخفي بعض الأمور عن والديها فقط أضافت إلى ذلك واحدة من أسوء الخٍصال؛ الكذب.

“أممم قولتيلي.”

“روحي بقى شوفي بتعملي أيه.”

قالت أفنان ثم وضعت هاتفها على الطاولة وعاودت التنظيف برفقة والدتها وشقيقتها بينما تبتسم لا إراديًا كل خمس ثوانٍ حينما تتذكر رسائل رحيم فلقد ظنت أنه لن يهتم بإختفائها.

في مساء اليوم التالي وتحديدًا في السادسة مساءًا، كانت أفنان تشعر بمزيج من المشاعر المختلفة فهي بالتأكيد تشعر بالسعادة لأن شقيقتها أصبحت عروس لكن ما أفسد فرحتها هو أنها ستتزوج بذلك الأحمق، نفضت أفنان تلك الأفكار من رأسها ورسمت ابتسامة على ثغرها وهي تتجه إلى الحجرة مجددًا؛ حيث تستعد ميرال وقد ارتدت ثوبها الجديد ذو اللون الزهري، لون نوح المُفضل، كانت ميرال تستعد في حجرتها هي وأفنان وبرفقتهم صديقتين لميرال منذ الجامعة؛ ملك وياسمين.

“ياسمين الميك أرتست الجميلة بتاعت الشلة حطي بقى لميرال ميكب خفيف وهادي كده عشان بابا ميضربناش كلنا، وأنتي يا ملوكة يا قمر تعالي معايا نصور الزينة اللي برا قبل ما نوح بيه يشرف.” ألقت أفنان التعليمات لتومئ كلتاهما بينما تُعلق ياسمين بالآتي بمزاح:

“حاضر يا ست أفنان على الله يطمر بس.”

“كلمة كمان يا ياسمين وهحرمك أنتي وملك وميرال من العشاء.” هددت أفنان بنبرة جديه لتنظر نحوها ملك برعب وهي تسأل بإستنكار قائلة:

“الله!! هو أنا فتحت بوقي أصلًا؟!”

“سيبكوا منها وخلصوا أبوس ايديكوا نوح خلاص نازل من البيت.”

أوميء ثلاثتهما وبدأت كل واحدة منهم في القيام بالعمل الذي طُلب منها، ألتقطت أفنان بضع صور ثم اختارت واحدة لتضعها كحالة على تطبيق ‘واتساب’.

غادرت أفنان التطبيق واتجهت لتطبيق آخر خاص بالصور وهو تطبيق ‘الإنستجرام’ ولسبب ما خطر على بالها أن تبحث عن حساب رحيم، لم تستغرق سوى محاولتين تقريبًا حتى استطاعت الوصول إلى حسابه والذي كان يحمل اسم: Rahim El Bakry.

كانت صورته الشخصية عبارة عن صوراه وهو يبتسم بينما يرتدي نظارة شمسية وقد كانت تظهر مياه البحر الزرقاء من خلفه وكان يظهر في الصورة عنقه الذي زُين بسلسال فضي، قطعت أفنان تأملها بتلك الصورة وأخذت تتأمل في الصور التي نشرها لكنها عن طريق الخطأ اتجهت إلى الصور التي تم الإشارة له بها لتجد أن هناك فتاة قد أشارت له في صورة لهم معًا، كانت الفتاة شقراء ولون عيناها قد سرق من السماء لونها؛ لقد بدت آية في الجمال ولكن كل ذلك لا يهم بل ما يهم هو أنها كانت تضم رحيم بودٍ شديد وقد قربت وجنتها نسبيًا من خاصته.

نظرت أفنان نحو الهاتف بأعين يتطاير منها الشرار، شعرت بنيران تحرق صدرها ولم تجد لذلك سببًا مقنعًا، ودت لو تمتد يدها إلى داخل الهاتف لتجذب تلك الفتاة من خصلات شعرها الشقراء التي تطايرت على وجه رحيم وتُمزق وجنتها التي لامست خاصته ولا داعي لذكر المزيد من التفاصيل بل يكفي قول أنها كانت أقرب إلى كونها قاتلة متسلسلة وليست طالبة بكلية الصيدلة.

أغلقت أفنان التطبيق وعادت إلى محادثتها هي ورحيم وهي تستعد لكتابة موشح من اللوم والسباب بسبب تلك الصورة لكن رحيم قد سبقها وأرسل إليها الآتي:

‘بقى هو ده اللي أنتي مشغولة بيه يا أفنان هانم؟!!’

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (في حي الزمالك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *