روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل التاسع 9 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل التاسع 9 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون البارت التاسع

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء التاسع

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة التاسعة

دخل أشهد عدة خطوات ونظر لرقة التي تجلس وعينيها منتفختان من البكاء وجارتها أم بسنت تواسيها .. وقال مباشرةً :
_ ردي على الكدب اللي اتنشر ده هو أن كتب كتابنا هيكون خلال الأسبوع ده بالكتير .. ده بالنسبة للناس .. أنما بالنسبالك أنتي .. فأنا ..
وصمت أشهد قليلًا وكأنه يشعر بثقل الكلمات وصعوبة في نطقها حتى قال ما استطاع نطقه:
_ أنا مافيش في حياتي واحدة غيرك .. ما تصدقيش أي حاجة ممكن تتقال عني، لإن الإشاعة دي مش هتكون الأخيرة.
تطلعت به رقة في صمت ودموع، حاولت ان تستشف الحقيقة من كلماته الجادة وعينيه التي تهرب من عينيها كأنه يريد أخفاء شيء .. فقالت شهد بأنفعال :
_ بس دي مش إشاعة .. دي صورتك مع واحدة وبنفس اللبس اللي كنت لابسه امبارح .. هيخمنوا كمان كنت لابس إيه ؟!
سقطت دموع رقة وهي تنتظر منه إجابة، بينما زفر أشهد بعصبية وأجاب :
_ الصورة حقيقية .. بس المكتوب كدب، لإن نهال كانت مراقبانا وشافتنا من أول ما خرجت ورا رقة لحد ما وصلتها ورجعت للبيت .. وفي طريق رجوعي السواق بتاعي اضطر يوقف وتقدروا تسألوه .. ونزلت من عربيتي عشان احذرها للمرة المليون تبعد عني .. والصورة دي اتاخدت عن قصد لما اترمت عليا وبعدتها عني .. هي دي كل الحكاية .. ثم أن إيه اللي هيخليني أخطب واحدة وأنا في دماغي واحدة تانية ؟!
قالت رقة بحيرة وهي تنهض وتقف أمامه بعينان دامعتان :
_ أنا مصدقاك .. بس خايفة، احنا مالحقناش نعرف بعض كويس عشان نكتب الكتاب بالسرعة دي ؟! ..
اغتاظت شهد من موافقتها بتلك السهولة، فقال أشهد لها بتأكيد :
_ لازم ده يحصل يا رقة، نهال مش هترتاح غير لما تبعدك عني وأنا مش مستعد أخسرك .. كتب الكتاب هيكون تكذيب كافي للي اتنشر .. لو يهمك اسمي وسمعتي وافقي .. ومش هتندمي.
تدخلت شهد بعصبية وقالت :
_ انا لحد الخطوبة ومكنتش معترضة .. قولت تتعرفوا على بعض براحتكم، أنما خطوبة وكتب كتاب في اسبوع واحد ده شيء ما يدخلش دماغي .. وبعدين أفرض أختي ما ارتاحتش معاك وحبت ما تكملش .. تطلق ؟! .. لا أنا مش موافقة !.
قالت لها أم بسنت :
_ أستني بس يا شهد .. هو يعني إيه اللي هيأخره ما خير البر عاجله يا بنتي !.
اعترضت شهد وقالت :
_ بس مش أسبوع يا أم بسنت ! .. ده أختي ما تعرفش اسمه الثلاثي حتى !…
رد أشهد بغيظ من شهد وقال :
_ أنا مش أي حد عشان تكلميني كده يا آنسة شهد ؟! .. أنا اسمي وشخصي معروفين للكل مش حد مجهول وشاكة فيه ! .. وبعدين أنا مكنتش مخطط أن كتب الكتاب يبقى بالسرعة دي … لكن الظروف حكمت .. وبعدين أنا قررت القرار ده لإني نيتي خير وعايز أكمل مع رقة أختك .. ايه الغلط ؟
وتابع ناظرا لرقة التي ابتسمت له بين دموعها :
_ نهال بقت زي المجنونة وعايزة ترجعلي بأي طريقة .. خصوصا لما وصلها خبر أني خطبت، مش هتسكت وهتحاول تفركش الخطوبة دي بأي شكل .. وأدي عينة من اللي ناوية عليه ، فضيحة وكدبة مالية الجرايد أنا ماليش اي ذنب فيها.
وأضاف وهو يحدثها وينظر لعيناها بعمق:
_ الخطوبة دي لو كانت في البداية مزيفة فدلوقتي أنا حابب أخليها حقيقية وأكمل .. نصيبنا نتقابل بالطريقة دي .. ونصيبنا برضه أننا نتجوز بالسرعة دي من غير تخطيط أي حد فينا .. يبقى ايه الفرق أني اكتب الكتاب بعد أسبوع أو استنى شهر أو شهرين ؟ .. هنكتب الكتاب بعد يومين والفرح بعد شهر ..
وقبل أن تناقشه شهد وتدخل معه في جدال قالت رقة بابتسامة واثقة :
_ أنا موافقة ..
ابتسم لها أشهد وقال :
_ حضري نفسك عشان هننزل دلوقتي وتختاري فستان كتب الكتاب وفستان الفرح وكل اللي تحتاجيه ..
نظرت شهد بحدة لشقيقتها، ثم توجهت نحو غرفتها بعصبية، فقالت رقة معتذرة لأشهد :
_ ما تقلقش أنا هتكلم معاها .. هي بس شهد بتخاف عليا أوي و …
قاطعها أشهد بتفهم :
_ أنا مقدر خوفها .. وعلى فكرة، أنا أمي وأخويا لسه محدش فيهم يعرف حاجة عن قراري ده .. أنا لما شوفت اللي منشور عني أول حد فكرت فيه أنتي ..
مسحت رقة عينيها من الدموع وقالت بابتسامتها المتوردة:
_ انا هروح اكلمها ..
تطلع بها بنظرة دافئة وقال :
_ وأنا هرجع على البيت اقعد مع أمي شوية واكلمها .. وبعد ساعتين بالضبط هرجعلك .. تكوني جهزتي نفسك عشان هنقضي اليوم سوا النهاردة … مش هنرجع غير لما تكوني جبتي كل اللي نفسك فيه.
اشتدت ابتسامتها واسرعت نحو غرفة شقيقتها بحياء، فتنهدت أم بسنت بابتسامة حالمة بعدما خرج أشهد وقالت :
_ ده الحب حلو يا ولاد ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بمنزل آل شاهين ..
فتح حازم باب غرفة والدته وقال :
_ خير .. طالما أنت قاعد مع أمي يبقى ربنا يستر ..
نظر أشهد له وقال :
_ خير أن شاء الله ..
وقالت مشيرة بغيظ :
_ ما تتكلم بقا يا أبني قلقتني !
أعلن أشهد الخبر ودوافعه لسرعة القرار.. ففغرت مشيرة فاها من الصدمة وذهل حازم للحظات وكاد أن يقول شيء ولكن انتبه لوجود والدته .. فسأل شقيقه أشهد بجدية :
_ كتب الكتاب بعد يومين .. أنت بتتكلم بجد يا أشهد ؟!
رد أشهد بثقة :
_ أومال بهزر ؟! .. طبعا بجد ..
نظر له حازم نظرة ذات معنى وصمت .. بينما صاحت مشيرة بغضب :
_ يعني أنا أعارضك في الجوازة نفسها وأنت تروح تتفق معاها على كتب الكتاب ولا كأن ليك أم تعبرها وتاخد رأيها وتعرفها .. ؟!
قال أشهد بضيق :
_ أنا وضحتلك اللي خلاني اعمل كده يا أمي .. أنتي كنتي شايفة أي رد تاني مناسب أكتر من ده ؟! .. لما اكتب كتابي ده اثبات كافي إن كل اللي بيتنشر عني كان كدب وأن موضوع الخطوبة ده مكنش للشو وخلاص وكان حقيقي .. قوليلي لو كنتي مكاني هتعملي ايه ؟
لم تجيبه مشيرة ولكن علامات الغضب والرفض ارتسمت على وجهها بوضوح .. بينما قال حازم بجدية :
_ أنا عايز اتكلم معاك شوية يا أشهد لوحدنا .. بعد اذنك يا أمي.
هتفت بهما مشيرة بعصبية وقالت :
_ ما تتكلموا قدامي ولا انتوا مخبيين عني حاجة ؟!
رد حازم بغيظ :
_ أنا خارج ..
وخرج حازم من الغرفة ولحقه أشهد وأوقفه قائلًا :
_ تعالى نتكلم في المكتب ..
وبالمكتب ..
تحدث حازم بعصبية أمام شقيقه الكبير أشهد الذي جلس أمام مكتبه وبدا عليه الهدوء :
_ لا يا أشهد اللي بيحصل ده غلط .. المرادي مش هسكت ومش هوافقك في الخطوة دي .. الاتفاق من البداية أن الخطوبة دي أصلًا كدبة وكلها يومين وتخلع .. ايه اللي حصل ؟!
رد أشهد بنظرة حادة قوية :
_ اللي حصل أن نهال اتعدت حدودها المرادي بجد وقررت تدمرلي حياتي للمرة التانية .. و ده مستحيل يحصل.
دهش حازم وقال :
_ بس مش على حساب بت غلبانة يا أشهد مالهاش ذنب ! .. ذنبها ايه تبقى لعبة تاخدها وقت ما أنت عايز وتسيبها وقت ما تزهق وتخلص مصلحتك ؟! .. لا مش هقف معاك المرادي ..
تنفس أشهد بعمق ثم قال ببعض التيهة :
_ هي اللي وقعت نفسها في طريقي .. وبعدين هي هتخسر ايه يعني؟! .. دي هتبقى حرم أشهد شاهين !.
ضرب حازم بقبضته على مكتب أشهد وقال بعصبية :
_ بس بالكدب يا أشهد !! .. جوازة من بدايتها قايمة على كدبة، واللي أنت بتعمله دلوقتي مالوش غير تفسير واحد بس .. أنك لسه بتحب نهال ولسه موجوع منها ومانسيتش .. أنا صدقتك كتير لما كنت بتقول نسيتها .. لكن الحقيقة أنك لسه بتحبها وبتدور على اي حاجة وتوجعها زي ما وجعتك وغدرت بيك ..
ضيق أشهد عينيه التي أسودت من الغضب ونهض من مقعده متوجها نحو شقيقه .. ثم صفعه بعنف قائلًا بتحذير غاضب :
_ طريقتك دي وصوتك العالي تستعملهم مع شوية المجرمين اللي بتتعامل معاهم .. أنما أنا أخوك الكبير تكلمني باحترام ..
وتابع أشهد بشراسة :
_ ليك حدود يا حازم تتكلم وتدخل بيها في حياتي ما تتخطيهاش… وقراري مش هرجع فيه .. سواء رضيتوا أو رفضتوا .. كتب كتابي بعد يومين، اللي عايز يجي معايا مش همنعه .. واللي رافض مش عايز اسمع صوته.
تطلع به حازم بنظرة عاتبة شديدة وقال :
_ أنا هبقى معاك يا أشهد … بس مش عشان موافقك، عشان مش هتهون عليا تبقى لوحدك في يوم زي ده ..
وخرج حازم من الغرفة وبعينيه الم شديد .. واغمض اشهد عينيه بثقل شديد جسم على صدره .. ولا أحد يعلم حربه مع نفسه، لا أحد يشعر بتلك المعركة الشرسة بينه وبين خوفه من الاعتراف أن قلبه بدأ يدق بالفعل للمرة الثانية ولو كانت تلك الدقات بطيئة وتلفها الحيرة والخوف.. ومدى خوفه من أن يخذل مجددا .. ومدى صعوبة الاعتراف بكل هذا !.
جلس على مقعده مرةً أخرى مثقلًا بالهموم.. وأمامه ساعة واحدة من الزمن حتى يذهب لتلك الفتاة التي فجأة اقتحمت حياته وبأياما قليلة لا يعرف كيف آلت الأمور ليقرر بجدية أن يجعلها زوجته! .
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
انتهت رقة من تجهيز نفسها وقد ارتدت الرداء الأحمر ذو الطراز الغجري الأسباني .. وقالت بابتسمة رضا وهي تنظر لنفسها عبر المرآة :
_ الفستان ده حلو أوي عليا ..
لم تجيب عليها شهد التي انتهت من ارتداء ملابسها للتو .. فأقتربت منها رقة وقالت بابتسامة حنونة :
_اضحكي بقا وفكي التكشيرة دي .. هو مش أنتي كنتي اقتنعتي بكلامي ؟!
أجابت شهد بابتسامة حائرة :
_ خايفة عليكي يا رقة .. يعني لو مكنتش أخاف على أختي هخاف على مين ؟!
ضمتها رقة وقالت بثقة :
_ ما تخافيش .. وهو فعلًا مكنش قدامه حل احسن من ده يرد على الكدابة دي بيه .. هو لو معملش كده كنت قلقت منه اصلًا وقولت لنفسي ده بيتسلى بيا يومين وهيرميني.
نظرت شهد لشقيقتها بقلق وقالت :
_ تصرفها ده معناه إنها ست قادرة وممكن تعمل أي حاجة ومايهمهاش … أنتي مستعدة للي جاي ؟!
أومأت رقة رأسها بالايجاب وقالت بابتسامة واثقة :
_ ولا عشرة زيها هيشغلوني طالما هو بيحبني وأختارني من وسط مليون بنت .. أختك مش بالضعف اللي أنتي متخيلاه..!
لم تطمئن شهد رغم ما قالته شقيقتها، وعندما أتى أشهد انتظرهما بسيارته وبدا عليه الشرود والضيق عكس المتوقع !.
وقاد السيارة بنفسه ولم يبدي اهتمام كاف بمظهر رقة الناعم بهذا الرداء التي ظنت أنه سيسرق تركيزه حينما يراه .. ولكن جلست بالمقعد الأمامي جانبه وامتلأت عينيها بالأحباط خصيصا مع الجفاء الواضح في معاملته وعينيه الشاردة للبعيد والمنصبة على قيادة السيارة بتركيز تام وصمته المثير للقلق والشك .. !
وبعد مضي بعض الوقت أوقف سيارته أمام “أتيليه” مشهور لبيع فساتين السهرة والزفاف .. نظرت شهد للمكان بدهشة، فأقل وابسط رداء هنا سيكون بمبلغ وقدره .. ولكن هو من أختاره وأتى بهما لهنا ! .. تحدث أشهد دون أن يلتفت لرقة ولو بنظرة :
_ أنا خليت السكرتيرة بتاعتي تكلم صاحبة الاتيليه عنك .. هي دلوقتي مستنياكي .. وأنا هستناكم في العربية عشان بعد ما تخلصوا هنتغدا سوا ..
نظرت له رقة لبرهة بوجوم ثم قالت :
_ أنت مضايق من حاجة .. هي والدتك رفضت ؟
تنهد أشهد بضيق .. وليت هذا الامر كان السبب الحقيقي فقط، فقال ولا زال ينظر أمامه بحدة :
_ رفضت في الاول، وده امر متوقع وطبيعي.. بس فهمتها اللي حصل وأنتهى الأمر ..
سألته شهد بعدم فهم :
_ يعني إيه أنتهى الأمر ؟! .. أنا أختي مش هتتجوز وحماتها مش موافقة !!
رد أشهد بعصبية على شهد وقال :
_ وأنا مش صغير وقد قراري .. وبخصوص أمي ما تقلقوش .. زعلها ده مؤقت وبعد كده كل شيء هيبقى تمام .. وبعدين في شيء لازم تكونوا فاهمينه .. أنا المسؤول الأول والأخير عن أي شيء يخصني ويخص حياتي الشخصية بالذات … يعني الجدال في مين موافق ومين رافض مالوش داعي .. المهم أنا عايز إيه.
وصمت للحظات ثم نظر لرقة التي امتلات عينيها بالقلق والتوتر وقال :
_ وأنا اخترت اللي هتجوزها وعايز أكمل معاها .. فمسألة جوازي منها مافيهاش أي نقاش تاني .. سواء اتجوزنا دلوقتي أو بعدين .. ولا أنتي شايفة ايه ؟
طرح عليها السؤال لتجيب على شقيقتها ..فقالت رقة بابتسامة :
_ أنا شايفة أني هتأخر كده على الست اللي مستنياني ..
أهدته رقة ابتسامة ناعمة قبل أن تخرج من السيارة مع شقيقتها شهد، وراقبها أشهد بوجه دون تعابير .. رغم ما يستعر بقلبه من نيران وخوف عليها من نفسه التائة .. تلك الفتاة بريئة أكثر مما ينبغي، وهو لم يعد يتوقع ماذا سيحدث بالأيام القادمة .. !
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
استقبلتها المصممة الشهيرة ” بيلا جود ”
وادخلتها غرفة واسعة بها عدد ليس كبير من فساتين سواريه خاصة للمحجبات .. وقالت بابتسامة مجاملة:
_ أنا جبتلك افضل فساتين عندي يا عروسة .. اختاري منهم السواريه اللي يعجبك وبعدين نختار براحتنا فستان الفرح .. ولو تحبي موديل معين ممكن أعملهولك ..
شكرتها رقة وقالت بابتسامة :
_ ماشي .. فستان الفرح مش مستعجلة عليه، قدامي أكتر من شهر اختار براحتي ..
اومأت اليها بيلا بابتسامة بلطف وخرجت من الغرفة وفي نفسها بعض الغرابة والتعجب من مظهر الفتاة البسيط التي من المفترض إنها الزوجة المستقبلية للچان الشهير أشهد شاهين .. !
همست رقة بانبهار لشقيقتها شهد على الفساتين المعروضة :
_ كلهم أحلى من بعض .. ماشوفتش فساتين بالجمال والفخامة دي قبل كده ! .. وأنا اللي كنت فاكرة نفسي بعرف افصل وأصمم !.
ردت شهد قائلة بإعتراض :
_ ما تقلليش من نفسك أنتي مش ناقصك غير إمكانيات بس، ..وأنتي لو بدأتي في المشروع ده بجد هتبقي خلال سنة سنتين بالكتير احسن من بيلا جود .. أنا متأكدة ، وبعدين احنا هنقضي الوقت في الكلام ولا إيه .. يلا تعالي قيسي وشوفي اللي يعجبك ..
تحمست رقة وبدأت تختار الأنسب .. وبعد مرور بعض الوقت من الحيرة، دخلت بيلا عليهما الغرفة وقد كانت رقة ترتدي ملابسها الاصلية بالبروفا وقالت بلطف :
_ ها إيه الأخبار ؟
أجابت شهد وقالت وهي تشير لأثنان من الفساتين بيديها:
_ هي هتاخد واحد من الأتنين دول .. بس بصراحة احنا الاتنين محتارين تاخد أنهي فيهم .. الاتنين تحفة عليها.
نظرت بيلا فساتين وقالت بابتسامة لطيفة:
_ خلاص ..سيبولي أنا القرار ده، تلبسهم وأنا هختار الأحلى عليها ..
وافق الفتاتان بترحيب وشكرت رقة لطف تلك المرأة ومعاملتها الراقية المريحة .. وبعد دقائق وقع أختيار بيلا على الفستان الأزرق الفاتح الذي جعل رقة كالأميرات بالقصص الاسطورية.. وقالت بيلا بتأكيد :
_ هو بس عايز شوية تغيرات بسيطة خالص وهيبقى أحلى من كده كمان .. أنتي أتفقتي مع ميكب ارتيست ولا لسه ؟
شعرت رقة بالحرج ونظرت لشقيقتها ثم قالت :
_ بصراحة لسه ..
فقالت بيلا بمشاكسة :
_ ومكسوفة ليه ؟! .. عموما أنا بس كنت هكلمها عشان ااكد عليها استايل الطرحة عشان شكل الفستان ما يبوظش .. أنا يهمني شغلي وبتدخل في ادق التفاصيل معلش ..
وابتسمت لها رقة بصدق وقالت :
_ انا كنت هلف لفة الحجاب العادي، زي اللي أنا لبساه ده .. مش بحب رقبتي تبان.
نظرت بيلا لحجابها للحظة ثم قالت :
_ لو كده تمام .. أصل في استايلات عجيبة بشوفها بتدمر شكل الفساتين .. عموما الف مبروك يا عروسة ، تتهني بيه يارب .
شكرتها رقة بلطف ثم قالت بيلا بحماس :
_ تعالي معايا بقا عشان البنات ياخدوا مقاساتك بالتفصيل وبالمرة هاخدك لفساتين الفرح تشوفيهم ..
تابعت شهد شقيقتها رقة التي اندمجت مع بيلا والفتيات داخل غرفة كبيرة بها عدد من آلات الخياطة الحديثة ، وحينما رأتهم رقة اسرعت نحو آلة منهم وقالت بعفوية وإعجاب شديد :
_ الله …المكنة دي اللي نفسي أجيبها من زمان .
قرصتها شهد لتنتبه، بينما لاحظت بيلا ما قالته رقة وسألتها بتعجب :
_ أنتي بتعرفي تخيطي وتفصلي ؟!
ردت رقة بتأكيد وحماس طفولي :
_ ده أنا اعجبك أوي .. اتعلمت كل حاجة بسرعة ، الخياطة والقص والتفصيل وكله .. ده حتى الفستان اللي عليا ده أنا اللي مفصلاه بإيدي .. وبعرف أطبع كمان.
دهشت بيلا للوهلة الأولى، ثم نظرت للفستان الغجري بإعجاب وقالت :
_ حلو جدًا .. بس عليه ملاحظات لو كان في وقت كنت قولتلك عليها ..
بدا على بيلا أنها ملت من الحديث ، فوكزت شهد شقيقتها بذراعها ثم همست قائلة بغيظ :
_ ما تسكتي بقا ! . خياطة ايه وتفصيل ايه اللي بتتكلمي فيه ! .. أنتي ناسية أنتي خطيبة مين ؟!
انتبهت رقة وشعرت بالحرج خصيصا مع نظرات بيلا المتعجبة منها !! .. وبعدما انتهت من أخذ مقاساتها ذهبن إلى قاعة ضخمة لفساتين الزفاف ..
وقفت رقة تنظر للفساتين بابتسامة حالمة بجانب شقيقتها.. ووقفت معهن بيلا لدقائق .. ومع الحيرة العنيفة في الاختيار ظنت بيلا أن رقة لم ينال أعجابها شيء فقالت مقترحة :
_ في أكتر من تصميم بخلص فيهم .. يعني تقريبا كده بعد أسبوعين .. لو عايزة تستني وتشوفيهم تمام ..
سألتها رقة بعفوية :
_ يعني أستني أحسن ولا أختار من دول ؟
ضحكت بيلا من تلقائية رقة وبراءتها وقالت :
_ لو عايزة رأيي … يبقى آه أستني، ثقي فيا وأنتي مش هتبطلي تتعاملي معايا.
وافقت رقة دون تردد وقالت :
_ خلاص هستنى .. المهم دلوقتي فستان كتب الكتاب وخلاص اختارته .. بس لسه ..
قاطعتها بيلا قائلة :
_ كل مستلزمات الفستان سبيهالي أنا هجيبهالك .. اديني بس رقمك عشان لما اعوز ابعتلك حاجات تختاري منها اللي يعجبك على الواتساب … أنتي عايزاه أمتى ؟
ردت شهد وقالت :
_ بكرا بليل بالكتير ..
فكرت بيلا قليلًا ثم قالت بابتسامة :
_ مافيش مشكلة .. هخلي البنات يخلصوه النهاردة وبكرا بإذن الله هخلص الباقي بنفسي ..
سألتها رقة بحياء :
_ هو الفستان اللي اختارته حسابه كام ؟
شاكستها بيلا وقالت :
_ العرايس القمر اللي زيك مالهمش دعوة بالحساب.
وتابعت بابتسامتها المرحة :
_ الحساب كله هيتحدد لسه لما الفستان يخلص وابعتهولك بكل كمالياته .. وبعدين سكرتيرة أستاذ أشهد هي اللي هبعتلها الحساب زي ما طلب ..
فهمت رقة أن فاتورة الحساب سيكون مبلغ سيصعب على فتاة بسيطة مثلها تفسيره، وقد ادركت بيلا ذلك فراوغت بالإجابة .. وعندما خرجت رقة مع شهد قالت لها بإطمئنان:
_ كويسة أوي بيلا دي .. ده حتى الطرحة والجزمة هي اللي صممت تختارهم .. ريحتني في كل حاجة بصراحة.
ردت شهد بسخرية :
_ ما بتعملش كده ببلاش يا حبيبتي ما تقلقيش .. وبعدين أنتي بعد كام يوم هتبقي مرات الباشا .. يعني اتعلمي لما تيجي هنا تختاري اللي انتي عايزاه من غير ما تسألي على الفاتورة .. مجرد التخيل بس مريح نفسيا.
وضحكت شهد وعادت لمرحها المعتاد، فخرجت معها رقة وعلى وجهها ابتسامة واسعة، وعندما عادا لسيارة أشهد وجداه خارج السيارة ويقف بعيدًا مواليًا لهما ظهره ويتحدث بهاتفه المحمول، قالت رقة لشقيقتها :
_ استني هروحله أنا وأقوله إننا خلصنا.
وذهبت رقة له بوجها بشوش متفائل حتى انتبهت لصوته وهو يقول بعصبية عبر الهاتف لشقيقه حازم الذي اتضح صوته بواسطة مكبر الصوت بسبب الضوضاء ولم ينتبه أشهد لوجودها خلفه:
_ عموما لو حد سمعنا فمش هيقدر يتكلم أطمن .. اكيد حد من الخدم كان ماشي بالصدفة ومخدش باله كنا بنقول ايه ..
رد عليه حازم عبر الهاتف وقال :
_ طب والفازة اللي لقيتها مكسورة وصوت خطوات كانت بتجري ! … أنا بس قلقان ليكون حد من بنات خالتك سمعنا وعرف الحقيقة ويفضحنا .. أمك لو عرفت إنك كدبت عليها أنت بالذات هتخربها على دماغنا ..
قال أشهد بزفرة حارة :
_ لو حد منهم سمع مش هيسكت .. عموما هعرف لما ارجع البيت، واللي اتصنت علينا يا ويله مني لو فكر يتكلم أو يعملي مشكلة تبوظ الجوا…
وقطع كلمته الأخيرة عندما انتبه لظل ظاهرا خلفه، استدار أشهد واتسعت عينيه بذهول عندما وجدها رقة تقف ناظرة له بصمت .. نظر لها بتوتر وحاول أن يستشف منها اي شيء ، لكنها قالت بقلق :
_ في حاجة يا أشهد ؟ .. أنا حاسة أن في مشكلة عندكم في البيت !…
ابتسم أشهد بعدما تنفس الصعداء وقال بتأكيد :
_ لا أبدًا .. ده أنا وحازم كنا بنتكلم في ترتيبات الفرح واحنا في البيت وحازم مصمم أن حد كان بيتصنت علينا وبيدور عليه .. شغله مأثر عليه !.
سألته رقة بقلق وخوف :
_ مكنتش اقصد اسمع والله .. بس حقيقة ايه اللي خايف والدتك تعرفها .. انا حاسة أن الموضوع ده يخصني !.
صدم أشهد لوهلة، حتى ساعده ذكائه وقال مبررا :
_ حقيقة معرفتنا ببعض .. أنا مقولتش لأمي التفاصيل من الأول ، واكتفيت بس باللي اتنشر في الجرايد بسبب أختك .. محبتش أنها تفهمكم غلط .. سيبت الحقيقة دي تبقى بينا أنا وأنتي بس .. واللي بعتبرها فعلًا اجمل صدفة في حياتي .. أنما أمي مكنتش هتبص للحكاية كده .. فاهمة؟
ابتسمت رقة له بمحبة وقالت :
_ فاهمة .. وواثقة فيك.
دهش أشهد من كلمتها الأخيرة، هل بتلك السرعة وثقت به ؟! .. نظر لها نظرة طويلة ثم قال مغيرا مجرى الحديث :
_ اختارتي الفساتين ؟
قالت رقة بابتسامة واسعة :
_ نقيت فستان كتب الكتاب بس وهستلمه بكرا .. أنما فستان الفرح لسه بعد أسبوعين .. كويس أنك مدخلتش معايا عشان بعد بكرا تبقى مفاجأة وتشوفه ..
ابتسم لها ابتسامة باهتة وقال :
_ سكرتيرتي هتتصل بيكي النهاردة عشان هتقولك على شوية حاجات ..
ضاقت رقة من تكرار ذكر تلك السكرتيرة وقالت :
_ هو أنا طفلة صغيرة ؟! .. وبعدين هي تقولي ليه يعني ؟!
رد أشهد عليها بتفهم وقال :
_ على فكرة هي مش صغيرة، دي أكبر مني بـ ١٠ سنين تقريبًا .. بس بتفهم في كل شيء، وعلى فكرة هي اللي اختارت بيلا جود وقالتلي كمان انها هتحجزلك عند ميك ارتيست ممتازة تعرفها .. يعني هتريحك جدًا، اعتبريها أختك الكبيرة ..
تنفست رقة بهدوء وابتسمت، فابتسم أشهد لها وقال بتسلية :
_ غيرة من أولها كده ؟!
تورد وجه رقة بالحياء وتحاشت النظر اليه وأشارت لشقيقتها شهد بأن تأت!.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
ذرعت هدير الغرفة ذهابًا وإيابًا في حيرة وتردد، ضربت قبضتيها ببعضهما بتنهيدة حائرة حتى قالت لها شقيقتها نرمين بحقد :
_ أنتي مستنية إيه بعد اللي سمعتيه وسجلتيه ! .. لازم خالتو تعرف الحقيقة حالًا !.
تنفست هدير بعصبية وقالت :
_ مش بالسهولة دي يا غبية ! .. أشهد وحازم لو عرفوا أني سجلت كلامهم هتبقى مصيبة ، أنا مايهمنيش خالتو في حاجة ، انا اللي يهمني البت اللي اسمها رقة دي تغور في داهية .. عايزة افضحهم بس من غير ما ابان في الصورة .. مش عارفة أجيبها أزاي وده اللي هيجنني ..
نهضت نرمين وقالت بقوة :
_ يبقى لازم ماما تعرف ، هي اللي هتقدر تتصرف.
ضيقت هدير عينيها بغضب وأشارت لشقيقتها بتحذير وقالت :
_ أنتي عارفة لو نطقتي بحرف من اللي قولتهولك هكدبك انتي شخصيا قدام الكل .. أمك يا غبية لو عرفت مش هتفكر حتى وهتروح تقول لخالتو .. وأنا اللي هتصدر وهتعرف للكل أني اتصنت عليهم بدل المرة اتنين لحد ما عرفت اسجلهم كلامهم كدليل ..
وجلست هدير وهي تحاول أن تجد حلا لتلك المعضلة، فقالت نرمين بغيظ:
_ خليكي فكري لحد ما تلاقيه كتب الكتاب واتجوز ..
نظرت لها هدير بسخرية :
_ أنا مايهمنيش كتب الكتاب في حاجة .. اللي يهمني أن الجوازة دي تنتهي قبل الفرح وقبل ما تدخل واحدة البيت ده .. كده كده مش هلحق اعمل حاجة وخلاص هيكتب كتابه بعد كام ساعة .. المصيبة أني مش لاقية حل اكشف الحقيقة بيه من غير ما حد يشك فينا !.
زفرت هدير بغيظ من نفسها وهي عاجزة عن ايجاد حلًا ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وفي المساء ..
دخلت نهال منزلها وعلامات الغضب مرتسمة على وجهها، حتى وجدت حركة غريبة بالقصر .. وقفت مكانها حينما انتبهت لخروج الطبيب من غرفة زوجها بالطابق الأرضي وهو يقول لكريم ولده :
_ أنا أسف .. هو خلاص .. ادعيله ..
فهم كريم حديث الطبيب وأن والده الآن يحتضر وفي عداد الأموات، لم تكترث نهال بالأمر وتركت الجميع وصعدت لغرفتها .. وبعد مرور ساعات قليلة
اتت خادمة وقالت هي تبك وتنوح :
_ الحقي يا ستي .. فاروق بيه .. مات !
وكانت نهال ممددة على فراشها تبك خوفا من زواج حبيبها اشهد، وعندما سمعت الخبر تنفست بقوة ومسحت عينيها من الدموع وقالت :
_ أخيرًا خلصت منه ..
وكان هذا الخبر من المفترض أن يحزنها، ولكنه جعل الأمل يتفتح بقلبها من جديد !!.. فنهضت وفتحت خزانتها لتنتقي أرقى ملابس سوداء لديها . .. وابتسمت وهي ترتدي الأسود وقالت :
_ كده مالكش حجة يا أشهد ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *