روايات

رواية زهرة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم ندى أشرف

رواية زهرة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم ندى أشرف

رواية زهرة البارت الثالث والعشرون

رواية زهرة الجزء الثالث والعشرون

رواية زهرة الحلقة الثالثة والعشرون

٭ ٭ ★ ٭ ٭
جلست زهرة أمام التلفاز بعد أن حصلت على وجبة غدائها المقدمة من الفندق هدية لهم كعروسين وهي تحاول الإتصال على والدتها مراراً وتكراراً بلا فائدة..
وجدها سليم منشغلة بالأمر ولا يهدأ لها بالاً فتسائل:
– إيه ياحبيبتي بردو مش عارفة تجمعيها..
أردفت:
– آه مش عارفة أوصلها خالص وبصراحة كدة بدأت أقلق عليها، أصل ماما ممكن فجأة كدة تلاقيها دخلت في غيبوبة وتكون لوحدها.. أنا أصلا قلبي مش مرتاح من وقت ماشوفتها إمبارح..
من نظرة عينيها بعرف هيا بخير فعلاً ولا بتمثل إنها بخير..
انتهت المكالمة دون رد فقالت في نفاذ صبر:
– انا كده مش قدامي غير اني اكلم عمي المنشاوي يطمني عليها..
اماء لها سليم في إيجاب وهو يحاول الاتصال بوالده..
بينما كان المنشاوي عائداً من المشفى مستقلاً سيارته وبجانبه بدرية وخلفهم سماح..
نظر في هاتفه فوجد أنه سليم يتصل به فنظر إلى بدرية في حيرة يتسائل:
– سليم بيتصل أكيد زهرة عايزة تطمن على سنية ومش عارفة توصلها..
أردفت في قلق:
– طيب هتعمل إيه ولا هتقولهم إيه؟
وضع الهاتف جانباً فقال:
– أنا مش هرد..
توقف أمام الفيلا وطلب من بدرية وسماح العودة وأنه سيعود لاستكمال عمله..
ترجلت من السيارة وهي تتسائل:
– مش عايز حاجه ياحبيبي؟
أجاب بابتسامة باهتة:
– سلامتك، خلي بالك من نفسك.. يلا سلام.
نظر حينها سليم إلى زهرة في حيرة فأردف:
– حتى بابا مش بيرد أهو.. يعني دا شيء عادي!
هنكلمهم في أي وقت تاني بس إنتي حاولي متشغليش بالك كتير وتعكري على نفسك رحلتك.. الأيام دي مش هتتعوض تاني.
لوت شفتيها وهي لازالت تفكر وتحدق بهاتفها في قلق ويتراود بذهنها ألف شيء قد يكون حدث لوالدتها حتى نفضت تلك الأفكار عن رأسها قائلة في نفسها:
– ” بعد الشر عليها أنا اللي بخاف زيادة عن اللزوم وإن شاء الله هيا بخير “..
هتف سليم قائلاً:
– إعملي حسابك إننا هنتعشى برا في مكان عمرك ما هتنسيه من جماله.. وبعدها هنلف في البلد شوية..
دقائق وقامت زهرة لتبدل ملابسها وكذلك سليم ووضعت القليل من مساحيق التجميل وتكحلت عيناها بالأسود فنطق الأخضر من بين جفنيها معبراً عن نفسه ووضعت أحمر الشفاة الذي أنطق جميع ملامحها بالجمال والثقة وكالعادة نظر لها سليم في إعجاب شديد، في كل مرة تتجهز للخروج تبدو أجمل من ذي قبل..
أخرجت من حقيبتها عطر مميز ووقفت أمام سليم وأخذت توزع عليه نثرات منه فامسك بيدها سليم وهو يقرأ الإسم على القنينة ويستنشق عبيرها فقال في إعجاب:
– جميل أوي البرفيوم ده جبتيه منين؟
أجابت:
– ده أنا جبتهولك معايا من مصر.. كنت مشترياه مخصوص عشانك.
أخذه منها ووضعه جانباً ثم قبل يدها من الداخل قائلاً:
– تسلم إيدك ياروح قلبي..
ابتسمت ابتسامة رقيقة ثم هتفت قائلة:
– الله يسلمك ياحبيبي..
غادروا الفندق وبدأوا رحلتهم في أفخم مطاعم باريس حيثُ الأجواء الرومانسية والطعام الذي لا يوجد ما يضاهيه، ومن ثم غادروا إلى أماكن متفرقة من البلدة فقالت زهرة في سعادة:
– باريس لا تنام الليل..
ابتسم سليم فقال:
– تعرفي أنا على جملتك دي افتكرت إني من ضمن تنظيمي لليوم ده في كافيه هنا بيفضل على مدار الأربعة وعشرين ساعة مفتوح، أكتر ميزة فيه إنك بتقعدي طول الليل فيه تستمتعي بنسيم الهواء البارد وتراقبي شروق الشمس، واجهة المكان من التصميم الفرنسي والردهة اللي بيطل عليها الكافيه مع الورود والذوق الفرنسي الرائع بيخلي من ضوء الشروق تحفة فنية لا تقاوم، دا غير بقى أضوء الليل الهادية بصي هتنبهري..
تحمست زهرة قائلة:
– واو أنا بعشق الأجواء دي أوي.. طيب هنعمل إيه دلوقتي..!
أجاب:
– دلوقتي أنا هاخدك على حي الرسامين، بيبقى موجود فيه رسامين مبدعين حرفياً وبيكونوا على أتم استعداد يرسموا الزائرين.. فـ أول هدية مني ليكي إني هخليكي تروّحي من هناك معاكي برواز فيه صورتك مرسومة زي ما انتي كدة..
وبعدها هاخدك على جسر الحُب، هنعمل حاجه كان نفسي أعملها من زمان أوي..
تسائلت زهرة في لهفة:
– اللي هيا إيه بقى؟
أمسك بيدها ثم أجاب:
– في هناك أقفال إسمها أقفال العشاق.. إحنا هنشتريها ونقفلها في الجسر ونرمي المفتاح في النهر عشان نفضل مع بعض العمر كله..
ابتسمت زهرة ثم أردفت قائلة:
– ياه ياسليم إنت بتصدق في الحاجات دي؟
ابتسم في حرج فأجاب:
– بصراحة لأ بس هيا تجربة حلوة وأنا نفسي أجربها معاكي.. ها إيه رأيك نروح؟
أجابت في سعادة:
– نروح طبعاً..
٭٭٭
في فيلا كريم وفريدة جاءت سارة شقيقته لزيارتهم وفجأة جلست فريدة تتألم بشدة ويبدو أنه قد حان موعد ضيفهم الذي طال انتظاره فهتفت في كريم تصرخ به ألماً قائلة:
– إلحقني ياكريم أنا شكلي بولد..
ثم أخذت الصرخات تتوالي منها غير قادرة على التحمل..
شعر كريم بالتوتر فقال:
– خلاص ياحبيبتي إهدي هاخدك على المستشفى حالاً بس هتصل بمامتك الأول تحصلنا على هناك..
اسنديها يا سارة ووصليها للعربية..
أسندتها سارة وهي تشعر بالخوف وفريدة تردد في غضب:
– كان مالي بالجواز وسنينه ما كنت عايشة مع ماما مرتاحة ااااه
قهقهت عليها سارة فلكمتها على كتفها قائلة في غضب:
– إنتي بتضحكي عليا وانا بعيط من الوجع، روحي يا سارة يابنت الشربيني يارب أشوفك في الحالة اللي أنا فيها دي..
صمتت سارة ولم تُجيب بينما كانت تحاول أن تكتم ضحكاتها حتى أوصلتها إلى السيارة ولحق بهم كريم ثم اصطحبهم إلى المشفى..
٭٭٭
أما سنية فكانت حالتها تزداد سوءاً كلما تأخروا في إيجاد حلٍ لها..
بقيت هكذا في غرفة العناية المركزة ساكنة لا حراك، حتى قرر الطبيب خالد الاطمئنان عليها ومتابعة حالتها حتى فوجئ بالأجهزة تُعلن عن توقف نبضات قلبها مُعلنة مفارقتها للحياة..
فزع الطبيب وأخذ يصرخ بالممرضات كيف لم يلحظ بالأمر أحد!
ذهب مسرعاً لإجراء صدمات كهربائية لها لإعادة تنشيط القلب مرة ثانية لكن للأسف دون جدوى..
حاول مراراً وتكراراً رافضاً خضوعه وتقبله للأمر يتصبب عرقاً في توتر وخوف شديدين..
كما بقيت الدموع تنهمر من عينيه وهو يردد:
– لا أرجوكي إصحي، متموتيش، أرجوكي استجيبي..
وينظر لها وجسدها ينتفض أثر الصدمة الكهربائية حتى اقتربت منه إحدى الممرضات تحاول منعه وإيقافه، أمسكته من ذراعه برفق قائلة:
– خلاص يا دكتور أمر ربنا نفذ حضرتك كدة بتعذبها..
دفعها عنه بعُنف وهاجمها قائلاً:
– كنتي فين لما حصل كدة ومكنتيش جنبها ليه! إنتي السبب..
رفعت بصرها إليه في صدمة ففوجئ بدموعها التي تتلألأ في عينيها قائلة بعتاب:
– حضرتك مستوعب إنت بتتهمني وبتحملني ذنب إيه!!
كل اللي غيبته عنها دقيقتين مش أكتر عمر حضرتك ولا شهاداتك ولا خبراتك في مجالك هتقدر تخليك تمنع أمر ربنا كتبه من إنه يحصل!
نظر إلى سنية في قهرة وأخذ يضرب بيده بقوة على الحائط بجانبه ثم مرر أصابعه من بين خصلاته في غضب شديد ثم أجاب
بندم واضح في نبرته إعتذر منها:
– أنا آسف.. أنا مش قصدي أتهمك بس كان مفروض تبقي جنبها متفارقيهاش لحظة تنبهيني لحظة ما حصل كدة يمكن كان في أمل يخليني أقدر أنقذ حياتها، انتي مش متخيلة الست دي عشرة عمر ومش سهل عليا أشوفها مرمية الرمية دي وميكونش في إيدي أرجع لقلبها النبض من تاني..
ثم ألقى بجسده على المقعد خلفه فقال:
– لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
نهض من جديد في غضب فقال:
– كلمي أهلها فوراً وعرفيهم باللي حصل انا راجع مكتبي..
٭٭٭
كان المنشاوي في طريقه إلى المشفى ليطمئن على سنية فوجد إتصالاً من خالد وحينما أجابه أخبره خالد بما حدث..
كان وقع الخبر على مسامعه كالصاعقة فضغط على فرامل سيارته فجأة وهو يتسائل:
– إنت بتقول ايه.. سنية ماتت!!
– البقاء لله يامنشاوي بيه، أنا عملت كل اللي بيمليه عليا ضميري لكن للأسف هوا ده أجلها..
شرد المنشاوي في ردة فعل زهرة حينما تسمع بالأمر..
تسائل خالد:
– منشاوي بيه حضرتك سامعني!
انتبه على حديثه فأردف في أسى:
– سامعك يا خالد سامعك.. انا مسافة السكة وهكون عندك.
أغلق الخط فوجد إتصالاً من بدرية فأجاب:
– أيوة يابدرية..
أجابت في سعادة:
– فريدة ولدت يامنشاوي.. تعالى عشان تشوف الطفل.
لوى فمه فقال في حزن:
– سنية ماتت يا بدرية.. وانا رايح على المستشفى، حاولي تكلمي إبنك ومراته يرجعوا من باريس..
صرخت من خلف السماعة في صدمة:
– سنية ماتت!
تجمع الدمع بعينيها على الفور فأردفت:
– إنا لله وإنا إليه راجعون..
خلاص أنا هكلمهم، هحاول أخليهم ينزلوا مصر.. سلام .
٭ ٭ ٭
جلس سليم في إحدى مقاهي باريس التاريخية مع زهرة وهي لازالت تُحدق في صورتها المرسومة منذ مغادرتهم المكان في إجاب وانبهار شديدين..
قهقه سليم في نبرة ساخرة قائلاً:
– ايه ياحبييتي عمرك ماشوفتي رسمة بالجمال ده؟
أجابت محدقة بتفاصيلها الصغيرة:
– دي مش أي رسمة، هوا راسمني كأني قدام مراية انا معجبة بيه جداً
اعتدل في جلسته فهتف في غضب:
– هوا مين اللي معجبة بيه ياروح ماما!
ضحكت فأردفت:
– لا إنت فهمتني غلط أنا قصدي بـ فنه وإبداعه بس مش أكتر
أسند ظهره للخلف من جديد فقال:
– آه طيب أظبطي كلامك بقى ها.. وبعدين خلاص سيبي اللي في إيدك دي وركزي معايا شوية..
وضعتها جانباً قائلة في خصوع:
– حاضر ياسيدي.. ها بقى حابب تتكلم في إيه..
تسائل في هدوء:
– قوليلي بقى نفسك في إيه؟
سحبت يده وأسندت وجنتها على كفه وهي تحتضن كفه بكلتا يداها ثم أجابت في رضى:
– طول ما أنا جنبك مش حاسة إن نفسي في حاجه..
تسائل من جديد:
– ماشي بس أكيد في حاجات نفسك تحققيها ولا ايه!
زمت شفتيها بتفكر قائلة:
– نفسي أخد ماما معانا ونعمل عمرة..
ونفسي أسافر بلاد أكتر وأشوف جمال الدنيا من حواليا..
وانت نفسك في ايه ؟
تنهد تنهيدة حارة فقال:
– نفسي أحققلك كل اللي بتحلمي بيه..
قطع حديثهم إتصال من بدرية فأجاب:
– ألو إزيك يا ماما عاملة إيه.. وحشتيني
أجابت في نبرة هادئة على غير العادة:
– أنا كويسة.. عايزة اقولك حاجه بس لو زهرة جنبك حاول تبعد عنها .
نظر سليم إلى زهرة التي علقت بصرها عليه وهو يتحدث فابتسم لها ثم تصنع أن الشبكة ليست جيدة فأخفض هاتفه وقال:
– ثواني ياحبيبتي هقوم اتحرك كدة عشان الشبكة وارجعلك تاني..
أماءت له وهي تترقب خطواته يبتعد عنها فعادت تنظر في صورتها المرسومة من جديد..
سليم:
– ها يا ماما قلقتيني في حاجه ولا إيه؟
أجابت في نبرة متهدجة تهدد بالبكاء:
– سنية ياسليم..
اتسعت حدقتا عينيه في خوف وهو يتسائل:
– مالها؟!
– اتوفت من شوية..
اقشعر بدنه من الصدمة فتسائل:
– إزاي يا ماما.. أزاي ده حصل!
– دخلت في غيبوبة وهيا في جلسة الغسيل بتاعتها ونقلوها العناية.. واتوفت هناك، مكناش عايزين نعرفكم على أمل إنها هتبقى كويسة بس للأسف..
هتف في أسى:
– إنا لله وإنا إليه راجعون.. أنا هحاول بكرة الصبح نكون في مصر إن شاء الله.
ولو قدرت أتحرك من دلوقتي هعمل كدة..
يلا أنا هقفل وأشوف هعرف زهرة الخبر ده ازاي..
أجابت من وسط دموعها:
– ماشي يا حبيبي خلي بالكم من نفسكم، مع السلامة.
أغلق سليم الخط ثم عاد إلى زهرة وجلس بجانبها في هدوء..
بدا الوجوم على وجهة مما أثار القلق في نفس زهرة فتسائلت:
– خير مامتك كويسة؟ في حاجه حصلت ولا ايه ؟
حاوطها بذراعه واحتضنها بحنان ثم أجاب:
– لا ياحبيبي مافيش حاجه..
تنهد فقال:
– زهرة بقولك ينفع نرجع الفندق أنا حاسس إني تعبان ومش قادر أسهر هنا النهاردة..
قامت زهرة من مقعدها قائلة:
– طبعا بس إنت تعبان مالك حاسس بإيه؟
قام هو الآخر ثم أجاب:
– لأ مافيش هوا شوية إرهاق بس..
أخرج محفظة النقود خاصته ثم وضع المال على الطاولة وأخذها من يدها مغادراً المكان عائداً إلى الفندق، بقى طيلة الطريق يُفكر كيف سيمهد لها الأمر.. لقد كان موقفه هذا من أصعب المواقف التي مر بها طيلة حياته..
دلف إلى غرفتهم وخلفه زهرة فلم تتوقف قسمات وجههُ عن التعابير السلبية والضيق الذي اعتلا وجهه فتسائلت زهرة في حيرة وخوف:
– مالك يا سليم.. من ساعة مكالمة مامتك ليك وانت مش على بعضك! في حاجه حصلت طمني؟
نظر في عينيها مطولاً وقد زم شفتيه في حيرة ثم أخفض بصره لا يعلم بما يُجيب فتسائلت من جديد:
– في إيه ياسليم إنت قلقتني..
إحتضنها ليجعلها تهدأ وتشعر بالأمان في صمت مما زاد من ضربات قلبها وأثار في نفسها الشكوك ثم أبعدته عنها في خوف قائلة:
– هوا إنت مش بترد عليا ليه، ماما جرالها حاجه طيب!
أجاب في سرعة:
– لأ!.. قصدي آه، يعني.. إحنا لازم ننزل مصر.
بدأت تشعر باهتزاز طفيف يسري في أعصابها وشعرت بالبرودة تجتاح جسدها بدايةً من الأطراف.. أمسكت يده في رجاء ألا يخبرها بما جال بخاطرها الآن.. تمنت أن يُخلف الله سوء ظنها وهي تسأل:
– ليه ياسليم..
أمسك ذراعيها بكفيه ثم قال:
– بصي يا حبيبتي إنتي مؤمنة بالله طبعاً وعارفة إن الموت علينا حق.. فـ أنا عايز أقولك إن ربنا إسترد أمانته في والدتك وهيا دلوقتي في مكان أحسن بكتير من الدنيا ومافيها وربنا رحمها من التعب اللي كانت عايشة فيه وأكيد هيا من أهل الجنة لأنها إتوفت بمرض وميتزعلش عليها.. هيا في منزلة الشهداء وهتكون في جنات النعيم بإذن الله..
بقيت صامتة تنظر له وتجول بناظريها في أرجاء المكان غير مصدقة، وهو لازال مُحكم قبضته على ذراعيها فاستطرد قوله:
-فـ إحنا لازم نصبر و نحتسب وما نقول إلا ما يُرضي الله عنا.. ونرضى بقضاء ربنا و قدره!
لم تُجيب زهرة لكن سليم بدأ يشعر بثقل جسدها من بين يديه حتى سقطت مغشياً عليها..
جثى على ركبتيه بجانبها يحاول سليم أن يجعلها تستفيق بدون استجابة منها..
رفع سماعة الهاتف وطلب المساعدة من القائمين على العمل بالفندق وبعد دقائق قليلة وجد من يطرق عليه الباب وأسندوها حتى وصل بها إلى المِصعد فهبط بها واستقل سيارة أجرة من أمام الفندق وطلب من السائق أن يصطحبهم إلى أقرب مشفى وهي لازالت فاقدة للوعي..
وبعد عدة دقائق توقف السائق وطلب سليم منه أن ينتظره لحين عودته، فلما تذمر أخبره بأنه سيعطيه ما يريد من المال..
عاد مع الممرضات والنقالة ثم ساعدوه فوضع زهرة أعلاها حتى استطاع أن يوصلها إلى الطوارئ..
قام الطبيب بفحصها وطلب بعض التحاليل
فجلس سليم في توتر وخوف ينتظر بالخارج..
حتى جاءته إحدى الممرضات تُخبره بأن زهرة بدأت تستعيد وعيها وتنادي بإسم سليم كما وأخبرته بالتأكيد أنت سليم.. أماء لها فدلف على الفور وجلس بجانبها ممسكاً بيدها وهي في حالة تعب وإعياء شديدة كانت تشعر به و تبكي دون أن تتفوه بكلمة..
سحبت منها الممرضة عينة من الدم لتقوم بتحليلها وغادرت..
وبقى سليم بجانبها ينتظر ما سيدلي به الطبيب ونوى في نفسه أنه إذا كانت حالة زهرة الصحية لن تساعدها في السفر تلك الليلة، سيعود بها إلى مصر في صباح الغد أو حينما تتحسن حالتها..
عاد الطبيب حاملاً النتائج بين يديه فأخبر سليم بأنه كل شيء على ما يرام وأن ماحدث لابد وأنه ناتج عن ضغط عصبي أو صدمة عصبية، ويمكنه المغادرة بعد أن تستريح زوجته ولا داعي للبقاء..
كانت زهرة تكتم شهقاتها وتبكي في صمت فأخبرت سليم في هدوء قائلة:
– أنا عايزة أرجع مصر حالاً..
هتف سليم في خوف:
– طيب ياحبيبتي إنتي كويسة؟ هتقدري يعني!
نظرت له وهي تبكي وتردد:
– لأ انا مش كويسة.. مش كويسة أبداً يا سليم يلا روحنا نلم حاجتنا وخلينا نرجع..
أسندها سليم في أسى وعاد بها إلى الفندق قاموا بتجيمع أشيائهم جميعها واستقلوا أول طائرة عائدة إلى مصر..
٭ ٭ ٭
بعد مرور خمس ساعات قضتها زهرة في البكاء وسليم يحاول مواستها والتخفيف عنها، تارةً تهدأ وأخرى في بكاء ونحيب..
كان يوجد في استقبال سليم السائق الخاص بهم طلب منه سليم أن يأخذهم إلى شقتهم أولاً..
لاحظ السائق الانهيار والحزن الذي يبدو على زهرة فحاول مواستها قائلاً:
– البقاء لله يا مدام زهرة..
أجابته من وسط دموعها:
– ونعم بالله ياعم مجدي شكراً..
أوصلهم إلى المنزل وكان سليم على إتصال دائم بوالده يعرف منه الأخبار وما يحدث..
فأخبره بأنه قد تأخر الوقت وستكون الدفنة في اليوم التالي بعد صلاة الظهر..
٭٭★٭٭

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على : (رواية زهرة)

اترك رد