روايات

رواية زهرة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ندى أشرف

رواية زهرة الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ندى أشرف

رواية زهرة البارت الثاني والعشرون

رواية زهرة الجزء الثاني والعشرون

رواية زهرة الحلقة الثانية والعشرون

 أعلن جرس الباب عن قدوم المنشاوي وزوجته وسنية وسماح..

ارتدت زهرة عباءة إستقبال أنيقة واستقبلتهم في سعادة وترحاب واحتضنت والدتها بقوة ثم أخبرتها عن كم هي تشتاق إليها الآن..

كان يبدو عليها التعب لكنها سرعان ما تعود لطبيعتها في جمود كي لا تلحظها زهرة

لكنها كانت تلاحظ شعور والدتها بأنها تتألم و تضحك بصعوبة وتتحدث قليلاً..

ذهبت إليها بهدوء وجلست بجانبها وبدأت تطمئن عليها بصوت خافت لكنها استمرت في الإدعاء بأنها بخير و سالمة..

أماءت لها زهرة لكنها بقيت قلقه بشأنها..

تسائلت سماح مازحة موجهة حديثها إلى زهرة:

– ها يا زهره اخبارك إيه.. ياترى الجواز حلو بقى ولا..

ابتسمت في حرج فتحدثت عنها بدرية قائلة:

– بس بقى يا سماح متكسفيش البنت..

هتف سليم مقاطعاً حديثهم قائلاً:

– دا كريم كان عندي هنا الصبح، كنت طالب منه تذكرتين لباريس.. وهنسافر الصبح أنا وزهرة إن شاء الله.

هتفت سماح في حماس:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

– واو باريس مرة واحدة.. ربنا يهنيكوا ياولاد

علقت بدرية:

– وهتفضلوا هناك قد إيه..؟ ياريت بلاش تطول عشان بتوحشني ياسليم مش كفاية عايش بعيد عني!

تحدث المنشاوي قبل أن يُجيب سليم فقال:

– سيبي الولاد يتهنوا ويعيشولهم يومين يا بدرية هوا ابنك هيطير يعني..

ثم وجه حديثه إلى سليم فقال:

– تروحوا وترجعوا بألف سلامة ولو احتاجتوا أي حاجه أو فلوس كلموني على طول..

أماء له سليم قائلاً:

– حاضر يا بابا متحملش هم حاجه..

لوت بدرية فمها تقول في نفسها: ” حتى مهانش عليه يرد على سؤالي..! “

كذلك علقت سنية:

– ربنا يبارك في حياتكوا يا ولاد ويسعدكوا ويرزقكم الذرية الصالحة..

ردوا جميعاً:

– آمين. بينما رمق سليم زهرة بالنظرات فابتسمت في خجل فهي تفهم ما ترمي إليه تلك النظرات..

هتفت سماح:

– آه عايزين البيت يتملي أولاد هاه ولو جبتوا البنت تسموها سماح على إسمي..

أجاب سليم في حنق:

– سماح! يعني بزمتك ياخالتو دا اسم ينفع لبنوته صغيرة! عموماً بنتك فريدة على وش ولادة خليها تسمي بنتها سماح وسيبي موضوع التسمية ده علينا

ثم ضحك وهي تنظر له في حنق قائلة:

– وماله بقى إسم سماح إن شاء الله..

 أجابت بدرية سريعاً:

– إسم جميل ياحبيبتي هما دول يفهموا حاجه فالأسامي!

غادرت زهرة بصُحبة سنية إلى غرفة نومها..

كان المنشاوي يتابع حديثهم وهو يضحك خلسةً فاستطردت سماح قولها:

– واضح إنه خايف من زهرة، أكيد دبحتله القطة من أولها..

 ضحك سليم فدافع عن رجولته قائلاً:

– قطة مين يا خالتو الله يهديكي هوا مين بيدبحها لمين.. مافيش منه الكلام ده.

علق المنشاوي فقال:

– هوا في فأدب زهرة وهدوء زهرة.. دي بنت مطيعة ورقيقة مش محتاجة يدبحلها لا قطة ولا حتى كلب..

ضحك سليم في سخرية وهو يتحسس وجنته التي وضعت زهرة عليها بالأمس علامة بقى أثر ألمها عالقاً بينما ضحكت سماح قائلة:

– ياسيدي بكرة نشوف، الجواز في أوله مربى وآخره مِش.. على كل حال ربنا يسعدكم ويهنيكم..

في غرفة زهرة احتضنت سنية فتاتها في حنان واشتياق قائلة:

– عاملة إيه ياعروسة.. أول ليلة ليا في البيت من غيرك كانت وحشة أوي، البيت ضلم من غيرك ياشقية إنتي..

ابتسمت زهرة في حنان قائلة:

– حبيبتي يا ماما متحرمش منك، أنا بخير والله وانتي عارفة مافيش أحن عليا من قلب سليم من بعدك ..

تسائلت:

– يعني كل أمورك تمام؟

اومأت زهرة في خجل فاحتضنتها سنية من جديد قائلة:

– ربنا يطمني عليكي دايما يابنتي واشوفك متهنية وسعيدة

هكذا قالت ثم أبعدتها عنها برفق قائلة:

– يلا تعالي بقى نقدملهم ضيافة..

هتفت زهرة تتسائل:

– إستني يا ماما.. انتي شكلك كدة مش عاجبني بتاخدي علاجك في وقته؟

اومأت سنية وهي تقول في حيرة:

– والله يابنتي انا متلخبطة شوية عشان انتي اللي كنتي بتديهولي لكن متقلقيش انا بقيت اشوفه وأخده..

وبعدين دا مش تعب دا بس انا باين لسة متعودتش على غيابك عن عيني كتير، لكن ان شاء الله هيعوضني الخلف الصالح ولا إيه..

اردفت زهرة:

– ان شاء الله ياحبيبتي.. يلا تعالي نقدملهم حاجه قبل ما يقولوا علينا ناس بخيلة..

دقائق ودلفت عليهم سنيه و زهرة حاملين أطباق الجاتوه و المشروبات الغازية..

هتفت سماح:

– أيوة بقى هوا ده الكلام التمام.. تسلم إيدك يا أم زهرة..

أجابت بنبرة تميل إلى الإرهاق البادي على قسمات وجهها:

– تسلمي ياحبيبتي بألف هنا..

مر الوقت سريعاً حتى هَم المنشاوي قائلاً:

– طيب نستأذن إحنا بقى..

تركت سماح ما بيدها وقامت على الفور وكذلك بدرية وسنية التي تحاملت على نفسها وقامت في تعب فقال سليم:

– ليه بس كدة يا جماعة لسة بدري

وكذلك قالت زهرة:

– متخليكوا شوية كمان..

قالت سماح:

– لا ياحبيبتي يادوب بقى نسيبك تقعدي مع جوزك شوية زمانك وحشتيه..

هكذا قالت ثم ضحكت بينما شعرت زهرة بالخجل قائلة:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

– الله..! ما أنا قدامه طول النهار، زمانه زهق مني أصلا..

أردف سليم قائلاً:

– زهقت! دا أنا مصدقت..

لكمته بدرية على كتقه قائلة:

– يا واد انت إمسك نفسك شوية متبقاش مدلوق كدة..

نظر إلى زهرة التي تضحك في خجل فقال:

– هوا في حد يبقى معاه الجمال ده كله وميتدلقش!

يلا يا ماما ياحبيبتي على بيتك هتوحشينا..

وبخته قائلة:

– يا قليل الأدب إنت.. ماشي أنا هوريك.

خرج المنشاوي وخلفه سماح، احتضنت بدرية زهرة وودعتها ثم غادرت ومن بعدها سنية التي ودعت فتاتها وزوجها بعد أن احتضنت زهرة بشدة وكأنها تحتضنها لآخر مره..

ذهبت بخطوات ثقيله ثم عادت إلى بيتها تشعر بالتعب يتزايد عليها ويتملك منها وهي بمفردها في المنزل، أخذت الدواء وكذلك مُسكن الألم ثم غطت في ثبات عميق..

عاد سليم إلى زهرة التي وضعت يدها على فمها تكتم ضحكاتها فتسائل في حنق:

– مالك يا هانم ايه اللي بيضحك أوي كدة..

عادت ملامحها للجمود مرة أخرى فأخذت تردد ما قالته بدرية:

– بس يا قليل الأدب إنت..

ثم تركته وغادرت إلى الغرفة تنهي ما بدأته من تحضير لحقائبهم..

دلف خلفها فقال:

– بقولك إيه سيبي الشنط أنا هحضرهم وحضريلنا العشا عشان أنا جعت فجأة كدة ولو مأكلتش حاجه دلوقتي هاكلك انتي..

تركت ما بيدها قائلة:

– لا تاكلني أنا ليه، أنا هحضرلك العشا وانت إياك تمد إيدك في حاجه عشان متبوظليش ترتيبي..

ثم مرت من جانبه فوضع قبلة على وجنتها فتسائلت:

– دا إيه بقى إن شاء الله؟

أجاب:

– دي تصبيرة..

ضحكت زهرة ثم غادرت فقال سليم مداعباً:

– جمل يابا الحاج جمل..

                            ٭ ٭ ٭

*في صباح اليوم التالي*

انتفضت زهرة من منامها تنظر بالساعة ثم أخبرت سليم قائلة:

– يا سليم قوم يلا بسرعة

تحدث بنُعاس قائلاً:

– إيه يا زهرة سيبيني أنام شوية كمان..

أخذت تُربت على كتفه بعُنف قائلة:

– ياسليم قوم اتأخرنا على معاد الطيارة يادوب نلحق نوصل..

حاول أن يستفيق ثم نظر في الساعة وهَب جالساً عندما وجد أنه لا يبقى إلا وقت قليل على ميعاد إقلاع الطائرة..

فقال:

– إيه النوم دا كله إحنا اتأخرنا

أجابت وهي ذاهبة إلى الحمام قائلة:

– مهو إنت السبب مسهرنا طول الليل..

هتف في حنق:

– هنقعد نشوف مين السبب ونسيب الطيارة تطلع من غيرنا..

أزاح الفراش ثم قام ليستعد هو الآخر وبعد بضع دقائق

غادروا البيت وحمل عنهم البواب حقائب سفرهم ووضعها في السيارة..

 استقلاها هو وزهرة وأوصلهم السائق إلى المطار فأخبره سليم بأن يعود بها إلى الفيلا لا إلى الشقة..

هتفت زهرة قائلة:

– بسرعه بقى يا عم مجدي لحسن اتأخرنا خالص

– حاضر يابنتي ماتقلقيش هنوصل في المعاد إن شاء الله..

بعد دقائق تأفف سليم قائلاً:

– هيا فعلاً كان ناقصها شوية الزحمة دي..

أنا عارف دي عين مين..

فقالت زهرة مازحة:

– بس عمرنا ما نروح نقول..

ضحك سليم من وسط تأففه وضيقه بهذا التأخر فأردفت زهرة:

– ياحبيبي خلاص روق بقى هتتيسر إن شاء الله..

علق مجدي قائلاً:

– الله يفتح عليكي يا مدام زهرة أهو الطريق مشي الحمدلله..

دقائق ووصلوا إلى المطار في الموعد المحدد وبعد تمام الإجراءات استقلوا الطائرة واستكانوا في أماكنهم فهتف سليم بأريحية:

– يـاه الواحد مابيحسش بمتعة الوصول إلا بعد ما يتعب عشان يوصل..

ابتسمت زهرة في سعادة وحماس قائلة:

– فعلاً والله.. المهم، حافظ دعاء السفر ولا لسة هعلمك من أول وجديد..

تسائل بعد ان قطب ما بين حاجبيه جهلاً بما قالت:

– ايه دعاء السفر ده؟

أجابت:

– طيب قول معايا..

” الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مُقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون..

ردد سليم خلفها فاستطردت قولها:

“اللهم إنا نسألُكَ في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العملِ ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعْثاءِ السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل”..

بعد أن انتهى تسائل:

– خلاص كدة؟!

اومأت في هدوء قائلة:

 – أنا هقول الأذكار بقى..

تعرف انا بخاف من السفر أوي وبحبه في نفس الوقت.. بس الاذكار هيا اللي بتطمن قلبي..

استطردت قولها وهي تبتسم قائلة:

– بتحسسني إن أنا في السليم..

اماء فقال:

– آه فاهمك.. معاكي حق بردو، يلا قولي وانا هقول معاكي..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بدأت توضح له ما سيقولون وأخذ يُردد خلفها ويقرأ معها كل ذكر وفضله وفي النهاية سحب يدها وقبلها قائلاً:

– فعلاً الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة، ربنا يخليكي ليا يا زهرتي.

                            ٭ ٭ ٭

استيقظت سنية من منامها في تعب نظرت في هاتفها وجدت أن الوقت قد تعدى الظهيرة..

وقطع شرودها صوت هاتفها معلناً عن إتصال أحدهم، سحبته لتُجيب ظناً منها أنها زهرة لكنها وجدته المنشاوي فاجابت:

– السلام عليكم.. صباح الخير يا منشاوي بيه

– صباح النور يا سنية، طمنينا عنك أخبارك إيه النهاردة..

– الحمد لله بخير نحمد الله على كل شيء

– يدوم حمدك ، بقولك صحيح الدكتور خالد بيتصل بيكي مبترديش عليه فاضطر إنه يكلمني أنا، أصل قعدتك لواحدك دي متطمنش بصراحة..

أجابت في ضيق:

– ياه دا النهاردة معاد الجلسة أنا إزاي فاتتني..

– منا بقولك عشان كدة يا سنية، انتي قدامك حل من اتنين..

يا إما تعيشي معانا هنا في الفيلا واحنا نكون جنبك أو تقبلي أبعتلك خدامة تفضل معاكي وتخلي بالها منك..

أجابت في نبرة حزن تُهدد بالبكاء:

– زهرة بنتي هيا اللي كانت بتبقى معايه و تخلي بالها مني، حتى سليم الله يسعده و يصلح له حاله كان مهتم بس معلش هيا الدنيا كدة دي سنة الحياه.. بس أنا مش هقدر أسيب بيتي و ريحة عبد الحميد فيه حتى لو فيها موتي أعذرني يا منشاوي بيه.. مش هاخد راحتي غير في بيتي..

– خلاص يبقى هبعتلك أم مريم، وعم عبده السواق هديكي رقمه في كل معاد جلسة تكلميه يوصلك ويرجعك.. كدة مالكيش حِجة!

أجابت في امتنان:

– والله الواحد ما عارف يردلك جمايلك علينا ازاي، كتر ألف خيرك يا منشاوي بيه، وربنا يجعله في ميزان حسناتك..

– ولا حاجه يا أم زهرة دا انتي حماة إبني يعني الغالية..

يلا انا هبعتهملك دلوقتي مش عايزة اي حاجه نبعتهالك يا سنية؟!

– كتر خيرك يااخويا خيرك مغرقنا..

– تسلمي يا أم زهرة يلا سلام.

– مع ألف سلامة..

أغلقت سنية المكالمة وقد دمعت عيناها تحمد الله مدبر الأمور قائلة:

– صحيح والله العبد في التفكير والرب في التدبير اللهم لك الحمد والشكر.

بعد مرور ساعة أطرقت الخادمة على الباب وبعد أن رحبت بها سنية اخبرتها بانتظار السائق بالأسفل ليوصلها للمشفى..

طيلة الطريق وكانت سنية تتحدث إلى أم مريم وأصبحن صديقتان فإن لسنية قلباً حنوناً لا يعرف التكبر أو التعالي وفي المقابل استطاعت أن تكسب قلب تلك المرأة في هذا الوقت القليل..

 بدأت سنية جلسة الغسيل الكلوي خاصتها و لكن سرعان ما بدت على الأجهزة مؤشرات سلبيه أثارت الرعب في نفس دكتور خالد الذي حاول أن يقوم بحل تلك المشكلة حتى فقدت سنية وعيها..

إجتمع الأطباء حولها في حالة من الذعر بلا جدوى..

حتى هتف خالد مُسرعاً:

– لازم تتنقل فوراً للعناية..

بسرعه لحد ما أكلم المنشاوي.

 جلس المنشاوي خلف مكتبه منغمساً في عمله حتى قطع تركيزه إتصال خالد به فأجاب

– السلام عليكم..

جاءه الرد من الجانب الآخر فهب واقفاً في ذعر فقال:

– إيه!! أنا جايلك حالاً.

بعد وقت قليل وجد خالد المنشاوي واقفاً أمامه يستفهم منه ماذا حدث فاخبره:

– مافيش فايدة يا منشاوي بيه، حالتها مبقتش مستحملة أكتر ولازم عملية زرع كلى وبسرعة قبل فوات الأوان.

أجاب في فزع:

– طيب إزاي هنقدر نلاقي متبرع.. مهما كان التمن يا دكتور خالد لازم نلاقي حل!

تنهد ثم هتف خالد في ضيق:

– أنا هعمل كل اللي عليا يامنشاوي بيه واللي ربنا عايزه هيكون..

أردف المنشاوي قائلاً:

– لسة بنتها اللي مسافرة ملحقتش حتى توصل، زهرة مش لازم تعرف أبداً باللي بيحصل ده تمام! وربنا يجيب العواقب سليمة.

اماء له خالد ثم استأذنه وغادر ليتابع حالة سنية..

                         ٭ ٭ ٭

انتفضت زهرة فجأة في فزع فتسائل سليم:

– مالك يا حبيبتي إنتي كويسة؟

أجابت وقد بدا على وجهها الوجوم:

– لا دا أنا عيني غفلت بس واتفزعت فجأة.. حاسة إن قلبي مقبوض.

أردف قائلاً في هدوء يحاول أن يطمئنها:

– متقلقيش دا أكيد عشان إنتي خايفة من جو السفر والطيران..

أسندت ظهرها للخلف قائلة:

– ممكن بردو..

ثم انحانت عليه واستقرت رأسها على كتفه بينما أسند رأسه هو الآخر على رأسها وناموا في هدوء..

                           ٭٭٭

بعد مرور ساعات عديدة أعلن مضيف الطيران عن وصولهم وهبوط الطائرة بعد وقتٍ قليل وطلب منهم أخذ أوامر الحيطة والحذر..

فلما سمع بذلك سليم حاول إيقاظ زهرة في هدوء فاستفاقت من نعاسها في حماس قائلة:

– أخيراً وصلنا..

أجاب:

– آه ياحبيبتي حمداللة على السلامة

بإبتسامة رقيقة أردفت:

– الله يسلمك ياحبيبي..

استقلوا سيارة من أمام المطار وذهبوا بها إلى إحدى الفنادق الفخمة في باريس والتي قد تم حجز غرفة كبيره بها من قِبل سليم..

وصلوا إلى غرفتهم ودلفوا ليستريحوا من تعب السفر وكي يرتبوا أمتعتهم قبل أن تبدأ رحلتهم في البلد..

فتح سليم باب الغرفة وجد أنوارها مغلقة فلما فتح الإضاءة كانت خافتة للغاية ولاحظوا أوراق الورد المتناثرة في كل مكان بشكل جميل وبالونات على شكل قلوب و الشموع العطرية والشمعدان في كل مكان أشكال وألوان مختلفة وجذابة..

عندما خطوا أول خطوة بها وجدوا باقة من الورود الفرنسية الجميلة مُلحَق بها كارت لطيف مكتوب عليه بالفرنسية:

” félicitations aux mariés “

” مبروك للعروسين “..

ابتسمت زهرة في سعادة وهي تنظر إلى سليم في إنبهار فقد فاق الأمر توقعها..

دلفت إلى غرفة النوم فكانت ذات إضاءة خفيفة أثر إنعكاس ضوء الشموع وعلى السرير مرسوم قلب بالورد الأحمر وفي الأعلى مكتوب بالورد ” Zahra ” وفي الأسفل “Seleim” يتوسطها ذلك القلب..

وعندما نظرت للأعلى وجدت بالونات الهيليوم الحمراء قد ارتسمت على السقف بشكل رومانسي وخاطف للقلوب..

حاوط خصرها سليم بذراعه في حب فقال:

– مش قولتلك بلد الحُب، باين كدة بيقدسوا اللون الأحمر، بصي هناك كدة؟

نظرت حيثما أشار فوجدت فستان أحمر قد اشتراه سليم خصيصاً لأجل زهرة كما أعطاهم مواصفاته ومقاسة فقال:

– ده هتلبسيه ليا وتيجي ورايا..

هكذا قال ثم غادر وبعدما بدأت في تبديل ملابسها عاد ينظر إليها من جديد فقال:

– مش عايزة مساعدة؟

وضعت زهرة الملابس فوق جسدها العاري إلا من ملابسها الداخلية قائلة في حرج:

– سليم بقى متهزرش، لو سمحت أخرج..!

ضحك فقال:

– هتفضلي طول عمرك محتاجة اللي يفكرك إني جوزك، أنا بعد كدة همشيلك في البيت كاتب على جبهتي جوزك..

هكذا قال ثم غادر فأحكمت إغلاق الباب من خلفه.

تركها وذهب متوجهاً إلى الحمام ليجده قمة في الرومانسية والرُقي فكان البانيو مملوء بالمياه الدافئة التي يوجد بها مساج مائي والورود داخله تدور مع دوران المياه التي ينبثق منها عطر الورد والبخار، وعلى حافته الشموع ..

نظر خلفه حينما سمع صوت خطوات زهرة قادمة إليه فحدق النظر بها من أعلاها لأسفلها فقال معبراً عن إعجابه بالفرنسية:

– très belle..

 

 

 

 

 

 

 

 

أنا مكنتش أتخيل أبداً يكون عليكي بالجمال ده كله..

سحبها من يدها إلى الردهة وعلى الموسيقى الفرنسية الهادئة أخذوا يتراقصوا في هدوء وحميمية، تنظر له زهرة بعيون ذائبة عشقاً وينظر لها بعيون حادة قوية تتملك منها بكامل الثقة والعشق والابتسامة الرقيقة لا تفارق ثغره..

إنحنى على عنقها ولثمها بقبلاته الرقيقة و

تشبثت هي في عنقه ومن ثم تخللت خصلاته بأناملها الرقيقة فضاعفت رغبته فيها..

اقشعر بدنها بقوة وهي تضحك على مداعبته لها في نعومة حتى تمكن منها..

فحملها بين ذراعية القويتان ودلف بها إلى غرفتهما وأغلق الباب خلفه.

                            ٭٭٭

*في المستشفى*

بقيت سنية في غرفة العناية المركزة فاقدة للوعي يُقال أنها لو لم يجدوا متبرع لها سريعاً وفي خلال تلك الأربع وعشرون ساعة ستموت!

 جاءت بدرية وسماح إلى المشفى فذهبت مباشرةً حيثُ المنشاوي فتسائلت بدرية في فزع:

– إيه اللي حصلها بس يا منشاوي..

أجاب:

– وضعها مايطمنش خالص يا بدرية

هتفت سماح قائلة:

– طيب وإيه الحل هنسيب الست تروح بالساهل كدة مننا!

أجاب المنشاوي في ضيق:

– اللي فيه الخير يقدمه ربنا.. عموماً خلال الـ ٢٤ ساعة دول لو ملقيناش متبرع هنسافر بيها برا مصر وهنعمل كل اللي علينا..

تسائلت بدرية في أسف:

– زهرة عرفت حاجه؟

أجاب المنشاوي في تسرع:

– لأ إوعي! محدش يقولها حاجه.. إن شاء الله سنية هتعدي من الأزمة على خير وتقوم بالسلامة..

هتفت سماح في توتر تتسائل:

– طيب لو لا قدر الله حصل حاجه لسنية!

دي زهرة أكيد هتنهار ومش هتسامحنا إن خبينا عليها حاجه زي دي!

أنا بقول السفر يتعوض لكن الأم ما تتعوضش!

أجاب المنشاوي في نفاذ صبر وغضب:

– خلاص يا جماعة يعدي اليوم بس واحنا بندور على متبرع ولو ملقيناش هنضطر نعرفها خلاص!

تنهدت بدرية في ضيق وهي تردد بالدعوات سراً وتشفق على زهرة حينما تعلم بما حدث لسنية..

                         ٭ ٭ ★ ٭ ٭

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على : (رواية زهرة)

اترك رد

error: Content is protected !!