روايات

رواية دايما جنبك الفصل الثالث 3 بقلم جنة جابر

رواية دايما جنبك الفصل الثالث 3 بقلم جنة جابر

رواية دايما جنبك البارت الثالث

رواية دايما جنبك الجزء الثالث

دايما جنبك
دايما جنبك

رواية دايما جنبك الحلقة الثالثة

– هنحجز في فُندق إيه؟
رَفعت النضارة، وبَصيتله:
– لا أنا مش هقعد في الفندق.
هَز راسه بإستفهام:
– ليه؟
– عندي مكان أقعد فيه.
وقفت تاكس وأنا بقوله:
– بعتلك لوكيشن أحسن فندق، وهيكون قريب مني تمام.
مديتوش فرصة وركبت التاكس، إديتله العنوان وسَندت راسي على إزاز العربية، سامعة في الخلفية ألحان السِت الهادي، ببص بهدوء على كورنيش النيل اللي عدينا عليه، الحقيقة إنه في طريقي لبيتي، كُنت بلمس فيه الحنين، الحياة، الدفى، وكل حاجة فقدتها، كل حاجة راحت مني في لمح البصر.
– والله ليكِ وحشة يا ست جنة.
حَضنت فتحية، وأنا مبتسمة:
– تسلمي يا فتحية.
كُنت طالعة في الأسانسير، وأنا بقولها:
– يعني مش عايزكِ تنضفي غير المطبخ، وأوضتي، والصالون، أنا واثقة إن دول أكتر تَلت أماكن متوسخة.
فَتحية إستغربت:
– مين اللي هيوسخ كل ده، ده حضرتك كُنتِ مسافرة.
ضِحكت بهدوء وأنا بخرج من الأسانسير، متجهه ناحية باب الشقة:
– هتشوفي دلوقتي مين اللي عامله كدا.
حَطيت المُفتاح في الباب، ولحسن الحظ الكلون كان زي ما هو، فَ دخلت ببساطة، بالفعل لقيت الزبالة موجودة في كُل حته، وفتحية شهقت:
– يلهوي، إيه كُل ده، هو حضرتك مربية كلب، ولا قطة؟
– الكلاب، والقطط أنضف من الكائن اللي عايش هنا.
سِمعت الصوت المألوف جاي من جوا:
– أدهم إنتَ جيت.
كانت نانسي طالعة لناحية الباب، والصدمة أكلت وشها:
– إنتِ إيه اللي جابك هِنا؟، وعرفتي تدخلي إزاي؟
ضِحكت بسخرية:
– هو فيه حد بيسأل صاحب البيت عرفت تدخل إزاي، من الباب سهلة يعني.
لهجتي إتغيرت:
– سيبتك كام شهر أهو تلعبي، يلا يا شاطرة إطلعي برا.
زعقت بإنفعال:
– صاحب بيت إيه، وأطلع برا إيه، ده إنتِ اللي تطلعي برا.
ميلت على فتحية، وأنا بتكلم بتريقة:
– بموت في الناس اللي بتصدق نَفسها دي.
الجنون إحتل ملامح نانسي، فقربت مني ولسه هتمد إيدها، مسكت إيدها، وجيبتها من شعرها اللي فرحانة بيه، وهمست جنب ودنها:
– لا شكلك نسيتي نَفسك، أنا اللي كُنت سيباكِ بمزاجي فمتعيشيش الدور.
قاطعنا صوت عارفاه كويس:
– جنة!.
سِكت شوية أخد نَفسي، وبعدها لفتيلُه:
– أيوه جنة، مالكوا مستغربين وجودي كدا ليه، تكونش ناسي يا أدهم.
كشر بإستغراب:
– ناسي إيه؟
– الورقة دي مثلًا.
مِسك الورقة يقرأها، وملامح الدهشة، وإستغبائه لنفسه بتحتل وشه واحدة واحدة:
– إنتِ كُنتِ عارفة إن الشقة بإسمك؟
– أُمال، أنا أصلا سيبتهالك بمزاجي.
– إنتِ إتنازلتي عن كُل حقوقك قبل ما تمشي.
– معاك اللي يثبت ده، ورقة رسمية يعني؟
– لاء، بس.
قاطعته:
– أيوة يعني وقفنا قدام المحكمه، سوا كدا وأنا قولت للقاضي أنا متنازله لأدهم عن كل حقوقي، ومتنازله لأدهم عن شقتي؟
قَرب:
– جنة مُمكن بس.
– ولا كلمة يا أدهم، ولا حرف، ده أنتَ مضيعتش وقتك ما شاء الله اللي كانت أُختك قال إيه بقت مراتك.
قَربت خطوة واثقة:
– خُدها وإمشي، بدل ما هعمل حاجة تزعلكوا إنتوا الإتنين، وأنا لسه مزعلتكوش أصلا.
رَميتها عليه، وهي بدأت تزعق:
– أنا مش هسكت على فكرة، وهندمك.
مسمعتش منهم أكتر من كدا، وقفلت الباب في وشهم، وفتحية بتقول:
– يا ساتر يارب ربنا نجاكِ منه والله يا بنتي.
إبتسمتلها:
– الحمدلله.
دَخلت البلكونة كانوا لسه واقفين تحت، فَ ندهتلهم بمشاكسة:
– إستنوا خليكوا واقفين.
نانسي بَصت لأدهم:
– عايزة إيه دي مش خلاص طردتنا؟
قال بضيق:
– هنشوف دلوقتي.
بالفعل وقفوا، وأنا جريت على الحمام لقيت الست فتحية الله يعمر بيتها مالية جردل ماية، وشيلناه قصاد بعض وحطيته عند السور، ودخلت بسرعة جيبت كل هدومهم، وحطيتها في شنطة بلاستيك.
يدوب رِجعت تاني البلكونة، وصفرتلهم، فبصولي:
– مش دي حاجتكوا، خدوا.
قَلبت الكيس، وبقت قطعة قطعة تنزل عليهم، ونانسي بتجري زي المجنونة بتحاول تلم هدومها:
– دي ماركات ياللي مبتفهميش، منك لله.
حَطيت إيدي على وِدني:
– بتقولي إيه؟
– بقول حسبي الله ونعم الوكيل، أه.
حبة ماية باردين، مُنعشين كانوا مصير نانسي، في هذا الجو البديع، غصب عني قعدت أضحك على منظرها وهي بتتنطط بجنان جنب أدهم، هِديت من الضحك لما شوفت أدهم بيضحك، رغم إنه يمكن زيه زيها، بس ضِحكته القوية، كانت وصلاني حتى إبتسامتي قُدامة تلاشت، وساب نانسي ومشى وَقف تاكسِ.
– فيه أوضتين فاضين يا فندم، هتقعد كام يوم؟
إتنهد:
– يدوب يومين كدا.
نانسي مسكت كُمه، وهي بتهمس بضيق:
– أوضتين ليه مش فاهمة.
غَمض عينه بزهق:
– مش عايز أشوف حَد، حابب أكون لواحدي، وإنتِ حاولي تخلصي حوار الناس اللي مأجرين شقة خالتي خلينا نروح نقعد فيها بدل الفندق.
– إتفضل المفاتيح.
أخد المفاتيح، وحط لنانسي بتاعها وسابها ومشى من غير ما يلتفت ليها، وهي الغيظ مش سايبها.
– تِحبي ناكل فين؟
كُنت بحضر شنطتي الباك، وأنا بكلم جاسر فون:
– ممكن وإحنا بنظبط الفرع الجديد في المُول، نشوف مطعم هناك ونتغدى.
– يعني مش جاي على بالِك حاجه معينه؟
– تؤ إنتَ عايز تاكل حاجة معينة؟
– يعني بصراحة لاء.
– طيب هنتقابل فين؟
– إبعتيلي اللوكيشن وهجيلك أخدك، أنا أجرت عربية.
– شاطر يا جاسر، بس بلاش خليها مرة تانية، نتقابل قدام بوابة المول.
– تمام إتفقنا.
– عَجبك الفرع الجديد؟
إبتسمت بإعجاب:
– تحفة يا جاسر، ذوقك حلو أوي.
– إممم يعني أنا اللي هوضب شقتنا؟
ضِحكت:
– لا مش للدرجة دي، المفروض الحجات دي تبقى مشتركة بينا.
رَفع حاجبة، وإحنا بنتمشى:
– والله مش من شوية كان تُحفة يا جاسر؟
– لا إسكوزمي، الشغل حاجة، والبيت حاجة تانية.
ضِحك، ومسك إيدي بيمرجحها:
– بتعشقي الديمقراطية.
هَزيت راسي بضحك:
– جدًا.
سِكتنا حبة، وعيوني راحت تلقائي على إسورة رقيقة، فَ إتجهت ناحيتها، وجاسر بيقول:
– عَجبتك؟
سِرحت ورجعت بدماغي، لسنة فاتت، كُنت بتمشى في نَفس المول ده، ومعايا أدهم، بندوق نفس العصير، وقفت قُصاد المحل ده، وقولت بحماس:
– الله يا أدهم حلوة أوي الإسورة دي.
– متغلاش عليكِ.
بَصيت لعيونه، كان بيهرب بيها مني، ومش عارف يقول إيه بس أنا فهماه، فَ مسكت دراعه:
– على فكرة عادية جدًا، يلا بينا.
– بس.
– مَبسش، يلا بينا إنتَ وعدتني هنقعد على النيل سوا النهاردة، وناكل فشار، ونسمع أُم كلثوم، ومن ساعة ما نزلنا وإحنا بنجيب طلبات البيت.
– يا جنة.
قاطعته:
– يلا يا أدهم قُدامي.
فُوقت على إيد جاسر اللي قُصاد عيوني بتتحرك، فَ بصيتله، وهو إتنهد:
– إيه اللي خدك مني كدا؟
إبتسمت:
– ولا حاجة.
رِجع شاور تاني على الإسورة:
– عايزاها.
– عجبتني.
شد إيدي، ودخلنا المحل وبدأ يكلم الراجل، بَس قاطعته:
– جاسر حابة أجيبها لنفسي، بفلوسي الخاصة يعني.
مَيل عليا، وهَمس:
– مفيش الكلام ده.
– دي رغبتي.
رَفع حاجبة:
– ودي رغبتي، عيب أوي إن يبقى معاكِ جوزك.
صَححت:
– خطيبي على فكرة.
غَمض نُص عين:
– كاتبين الكتاب في معلومك يعني!.
بصيتله بلُطف:
– بليز يا جاسر.
أخد نَفس، وقال بهدوء:
– بصي يا جنة، أنا مش راجل خفيف قدامك علشان تبربشي كدا، وأقولك سمعًا وطاعة، نوع من التقدير بالنسبالي إنك تتأكدي إني مش هخليك تدفعي ولو ربع جنية قدامي وأنا واقف، وإلا هكون لمؤاخذة كيس جوافة.
الراجل كان جبهاله، ومِسك إيدي بهدوء يحط الإسورة فيها:
– جميلة ما شاء الله.
بَص للراجل بتأكيد:
– هناخدها.
طلع الكيريدت كارد، و حطها على المكتب، وحاسبنا، وكملنا تمشيه، في إتجاه المطعم، علشان نتغدى سوا، وكل دقيقتين بتفرج على الإسورة بإبتسامة:
– شُكرًا يا جاسر.
مَيل، وهمس في ودني:
– مينفعش تقولي بحبك يا جاسر.
غَمز:
– أحلى.
إبتسمتله بسماجة:
– لو مسكتش دلوقتي، مش هتشوف خلقتي غير يوم الإفتتاح.
– خلاص يا عم متقفيشيش كدا.
سِكتنا نَص دقيقة، ورجع قال:
– يعني مهتقوليليش بحبك يواد يا جاسر.
– أدهم أنا عايزة أرجع أشتغل.
إتعدل:
– هو إحنا مش كُنا قفلنا السيرة دي.
– لا يا حبيبي مقفلنهاش، إنتَ عاجبك حالنا الجميل اللي من تحت راس الست جنة حبيبة القلب، وبعدين إيجار شقة أُمي خلاص معتش حد هيأجر، يعني مفيش فلوس، وأنا مش هتسحمل عيشة بالمنظر ده.
– والله، ليه مبأكلكيش يختي، لأكون بعذبك.
وَقفت في نص الشقة بطبق الغسيل:
– لا زهقت، وقرفت، وطهقت، عايز أسباب كمان.
– ياه للدرجادي العيشة صعبة معايا.
– عيشة هباب فوق دماغك يا شيخ، هي اللي ما تتسمى طفشت من شوية، ده من الخنقة وحياتك.
قَرب منها ويدوب هيتكلم سَكتته بجمله صدمته:
– لو فكرت تضربني هلم عليك العمارة إنتَ حُر.
– إيه رأيك يا جاسر؟
– الديزاين وصاحبة الديزاين، قمر.
– شُكرًا إنتَ أقمر.
سكتنا شوية نستوعب أنا قولت إيه، وهو أول ما إستوعب ضِحك بصوته كله:
– أقمر، لا شكرًا مبنشحتش مَدح والله.
ضَربته في كتفه:
– إسكت العمال، والموظفين بيتفرجوا علينا.
– الله مراتي وبنضحك، حد ليه حاجة عندنا؟
– يا إبني مخطوبين.
– يا بنتي مكتوب كتابنا بقولك، أجيبلك عقد الجواز علشان تتأكدي.
– لو أعرف إنك زنان كدا مكنتش وافقت والله.
– لا إخص عليكِ، وبعدين ده إحنا عشرة عُمر، وكلنا عيش وملح مع بعض.
ضِحكت:
– عيش وملح إيه، قول إمتيازات، وترتيبات، ده إحنا كُنا بنتنافس ولا كأننا ألد أعداء لبعض.
– على فكرة كُنت فاكرك مستمتعة بالجو التنافسي اللي بينا ده.
– قصدك جو المقالب، تنافسي إيه يا راجل بس.
– أنا يا بنتي، إنتِ بتظلميني.
– أنا يا إبني، شُكرًا على ثقتك الغالية.
ضِحكنا سوا، وهو أخد الورقة مني ومِسك القلم:
– الديزاين ده هيكون الرئيسي في الكولكشن الخاص بالإفتتاح صح؟
– أه طبعًا.
– هيبقا قمر عليك يا قمر.
بَصيت حواليا ولقيت كله منشغل في شُغله، فَ حطيت إيدي السقعانه في قفاه:
– مرسي يا حبيبي.
إتنفض:
– حرام عليكِ، أنا غلطان إني بعلي من معنوياتك يا بعيدة.
ضِحكت بشر، وهو مسك خدودي يفك الضحكة دي:
– شيلي السِحنه دي، متبقيش سِمجة.
– إنتَ اللي سِمج.
– فيه واحدة محترمة تقول لجوزها يا سمج.
– يختاي!.
– بتحضر شنطة سفرك ليه؟
– لقيت شُغل بمرتب أعلى في إسكندرية، هرجع كل جُمعة.
إبتسمت بفرحة:
– بجد يا أدهم.
هَز راسه بسخرية:
– بجد.
– طب مقولتليش ليه؟
– أقولك إيه يعني، هيهمك.
إتكت على كلامها:
– طبعًا يهمني يا حبيبي، ولو مش هيهمني هيهم مين غيري.
– على رأيك، هو عاد فيه حد يهتم لأمري.
شال الشنطة على كتفه:
– سيبتلك مصروف الإسبوع، سلام.
– هتطلبي إيه؟
إبتسمت:
– زَيك.
بَص للجرسون:
– ٢ أيس كوفي، من فضلك.
بَصلي بعد ما الجرسون مشي:
– ها يا جنجون، هنظبط الإفتتاح إزاي فاضل إسبوعين؟
– يعني يا جاسر أرق حاجة تليق بوضع الشركة، حبة ورد في المَدخل مثلًا، و يكون فيه توزيعات، عِطر، بخور كدا.
سِكت شوية، وبعدها سَقفت بحماس:
– بمناسبة البخور، نوقف بنتين لابسين عبايتنا كل اللي داخل تبخره، إيه رأيك؟
كُنت قادرة ألمس نظرة الفخر اللي في عيونه، إبتسم بهدوء:
– حلو، حلو أوي.
إبتسمت بزهو:
– أنا مش قليلة برضوا يا إبني.
– واثق من ده.
إبتسمت بحَنون:
– تسلم يا جاسر، لولا دعمك عمري ما كُنت أتخيل أوصل لكدا.
– أنا اللي مُمتن إنك في حياتي.
– إصحى يا خويا، أجازة زي الفُل.
إتكلم بنوم:
– عايزة إيه يا نانسي على الصُبح؟
– شوف يا حبيبي، دونًا عن كل الأماكن الست الغندورة قاعدة هي، ومين في المَطعم اللي تحت البيت.
إتعدل بيمسح في عينه:
– ست مين مش فاهم؟
– جنة يا أدهم هو فيه غيرها؟
وَقف مَسح، وقام بسرعة ناحية البلكونه، وبَص بالفعل وشاف المكان اللي قاعدين فيه، قال لنانسي:
– ده أنا عيني سته على سته، ومشوفتهاش غير لما ركزت.
– الله أكبر، ركز أكتر وشوف قاعدة مع واحد، مين ده تعرفه؟
رَكز، وإستغرب وجودهم:
– لا مشوفتوش قبل كدا.
طَبطبت على ضهره:
– يلا معلش يا حبيبي، ربنا بعدك عنها علشان شَر.
بَصلها، وضحك بسخرية:
– شَر!.
– تعرف بكره أوي المنطقة دي.
شِرب حبة من الأيس كوفي:
– ليه؟
– يعني بتفكرني بذكريات وحشه.
هَز راسه بتفهم:
– أنا أسف بجد لو أعرف إنك مش بتحبي المكان ده مكنتش جيبتك، هو واحد بس من العمال رشحهولي.
إبتسمت:
– لا عادي يا جاسر، المكان فعلا جميل، وحاجته لذيذة.
– طب يلا بينا، مش هقعدك أكتر من كدا في منطقه مش مريحاكِ.
هَزيت راسي، وأنا بلم حاجتي:
– ماشي، يلا.
_____ _____ _____
تعالوا أخدكوا بالحدوته ليوم الإفتتاح، اليوم اللي عبارة عن صوت لعربية الإسعاف، وريحة الفُراق، ريحة الد-م!.
– جنة أرجوكِ تعالي نرجع لبعض معتش ليا غيرك.
هَزيت راسي ب لاء:
– أدهم إفهم بقا، خلاص فات الأوان على الكلام ده.
قاطع كلامنا، صوت جاسر الحاد:
– مين ده؟
أدهم بَصله بإستغراب، وشاورله وهو بيقولي:
– مين ده بقا؟
بَصيت بينهم هما الإتنين، وغَمضت عيوني بتعب، من الحياه، من المعافرة، تعب، تعب، تعب، مفيش راحة، مفيش سَكينة!.
_____ _____ _____
وإحنا بنلقي نظرة لورا هنشوف إن في يوم أدهم وهو راجع من السَفر، يدوب بيحط المُفتاح في الباب، لقاه علق ومبيفتحش، إستغرب، وحاول أكتر من مرة، بس برضوا مفيش فايدة.
– إنتَ أدهم؟
بَص وراه لاقى سِت عجوزة جارتهم واقفة على الباب، فَ رد بإستغراب:
– أه أنا.
هَزت راسها، ودَخلت شوية غابت، رجعت تاني بورق في إيدها، بتمدهوله:
– نانسي سابتلي ده قبل ما تمشي أديهولك.
كَشر وهو بيمسك الورق:
– نانسي، ليه راحت فين؟
هَزت كتافها:
– معرفش يا إبني، محتاج حاجة مني؟
هَز راسه ب لاء، وهي قفلت باب شقتها، فَتح هو الورق وكل سطر بيقرأه بيخلي عنيه توسع أكتر لحد ما إنتهى، وإيده تلقائي وقعت منها الورق على الأرض، وهو بيردد كلمة واحدة بَس:
– قَضية طلاق، سافرت مع أخوها!.
– ملاقيش عندك شقة إيجار يا سَمير، على قَدي؟
حَك دقنه:
– والله يا أدهم شقة هتبقى غاليه عليك، إيه رأيك في أوضة فوق السطح؟
هَز راسه بقلة حيلة:
– أي حاجة مش مشكلة.
– تمام خُد مفتاح شقتي ريح فيها كدا، عقبال ما أخلص شُغلي، وهاجي نشد بعض كدا وننضف الأوضة.
إبتسم أدهم بتعب:
– تسلم يا سَمير.
إداله المفتاح:
– هتلاقي أكل في التلاجة لو عايز، كُل براحتك متتكسفش إنتَ في بيت أخوك.
– تمام تسلم.
يدوب هيمشي لمح، جاسر داخل من باب المول بيسلم على سَمير، ووراه كان أنا يدوب بنزل من العربية، فَ أدهم لَف وشه لحد ما دَخلت المول، وجاسر كمان، ويدوب سَمير هيحصلنا، كان أدهم وقفه:
– مين ده؟
– ده صاحب المحل اللي بشطبه، راجل طيب أوي، ومحترم، ده ساعات بيساعدنا مبيقرفش، علشان كدا شُغلة خلص بسرعة، ده حتى الإفتتاح بكرة.
– طب والبنت اللي معاه؟
– تقريبًا مخطوبين، أو متجوزين، معرفش يا أدهم بتسأل ليه؟
أدهم ضِحك بعدم إستيعاب:
– قول غيرها.
– أقول إيه مش فاهمك؟
قاطعهم صوت جاسر، وهو بينده لسَمير:
– إنتَ بتعمل إيه يا سَمير عندك؟
– جاي أهو يا باشا.
شاور لأدهم يمشي، وبالفعل أدهم مشى، وهو بين نارين!.
– أهلًا بحضرتك، حابب تجيب عباية للمدام.
كانت عيون أدهم بتدور في المحل، تحديدًا في يوم الإفتتاح بتوهان، فَ جاسر إستغرب، ونده حَد من المساعدين يكون معاه، وتابع هو باقي الضيوف.
عيوني إتلاقت ويا عيونه، كان هو خرج برا بيبص حواليه، لحد ما شافني، كُنت وقتها بسلم على الضيوف، لما دخلوا وسابوني، هو كان بيقرب بضعف لاحظته في عيونه، مش ضعف عادي، ضعف مُصاحب للإنكسار.
شكله هزيل جدًا، عيونه حمرا، الهالات ظهرت تحت عيونه بوضوح، خاسس أوفر، ودقنه تقيله!.
أخيرًا نطق:
– جنة.
بَصيت بعيد:
– إيه اللي جابك هنا يا أدهم؟
– جنة عايز نرجع لبعض.
بَصيتله بضحك:
– إنتَ بتهزر.
لاحظت بعض الدموع في عيونه:
– لا مبهزرش.
خَد نَفس وكَمل:
– جنة أرجوكِ نرجع لبعض، أنا مليش غيرك.
– تحديدًا علشان ملكش غيري عايز ترجعلي، على العموم فات الأوان يا أدهم.
– مين ده؟
أدهم مسك إيدي هِنا:
– مين ده يا جنة؟
ملحقتش أشد إيدي منه، كانت إيد جاسر أسرع ومسكه بقوة، تحت ملامح جامدة منه، وقالي:
– مين ده قولي؟
– أدهم، ده أدهم يا جاسر.
أدهم شَد نفسه منه، وبصله بتحدي:
– وإنتَ مين؟
جاسر إبتسم بثقه:
– ردي مش هيعجبك نوعًا ما، بس تعايش مع الواقع، أنا جوزها.
حسيت بعض الناس بدأت تلتفت لينا:
– جاسر ممكن نتكلم بعيد عن هنا علشان الناس.
هَز راسه، وهو لسه بيبص لأدهم:
– يلا بينا ليه لاء.!
طلعنا الشارع، ووقفنا بعيد عن المول، وهِنا الإتنين مسكوا ياقة بعض، فقولت:
– لاء إحنا مش طالعين هنا علشان نتخانق.
بَصيت لأدهم:
– بهدوء يا أدهم، ومن غير شوشرة إمشي من هِنا.
– جنة إنتِ قدرتي بجد تنسيتي بالسهولة دي؟
جاسر تدخل:
– إنتَ كُنت عايزها تفضل تبكِ على الأطلال جنب ذكراك يعني ولا إيه؟
وَقفت جاسر عن الكلام، وقولت لأدهم:
– يعني مش فهماك عايز إيه مني، مش روحت إتجوزت، مش إنتَ اللي طلقتني، مش إنتَ مع أول مُشكلة بينا بيعتني، هو حلال عليك، وحرام عليا يعني؟
– بس أنا لسه بحبك.
– بتحب مين، إنتَ شكلك معندكش دم؟
وقفت بينهم، وكَملت:
– أدهم اللي بينا ده مكنش حُب، أو كان حُب وإنتهى.
جاسر مسكني وعدينا الطريق سوا، الحقيقة إن قلبي كان هيتخلع من مكانه، أحاسيس وحشة كتير كانت بتهاجمني، للحظة سمعت صوت عربية نَقل جاية من بعيد، وللأسف بكره صوتها، وجاسر لاحظ ده، فَ حاوط كتفي، وكَملنا مَشي.
بس صوت العربية كان قَرب، وكان قوي جدًا فَ وقفت تلقائي، وسمعت صوت أدهم بيقول:
– أنا كُنت غبي، أنا اللي ضيعتك بسهولة.
لفيتله، ولسه هَرد قطع رَدي ده، مَنظر جسم أدهم وهو في لحظة واحدة بيتضرب من العربية وبيقع بعيد، إتجمدت مكاني من الصدمة، عقلي بيردد إن كُل ده مش حقيقة، أكيد محصلش، هو لسه كان كويس!.
جاسر سابني وجرى ناحيته، كمان الناس اللي في الشارع بدأوا يتجمعوا، رجلي بدأت تتحرك ناحية التجمع، كنت حاسة إن دقات قلبي واقفة، وقفت قريب منه، وبوضوح شوفت الد-م، صوت الإسعاف اللي كان بيدوي في ودني!.
قَعدت على رُكبي، إيدي بتلمس وشه بمسح عنها الد-م علشان أشوف ملامحة بوضوح، وعيوني بتنزل الدموع واحدة واحدة.
لساني نَطق أخيرًا:
– ليه كدا، ليه كدا يا أدهم؟
“كان يا مكان الحُب مالي بيتنا
ومدفينا الحنان، مدفينا الحنان
زارنا الزمان وسرق منا فرحتنا
والراحة، والأمان، الراحة، والأمان.
حبيبي كان هِنا مالي الدنيا عليا بالحُب والهنا
حبيبي يا أنا يا أغلى من عنيا نسيت مين أنا
أنا الحُب اللي كان اللي نسيته أوام
من قبل الأوان.
نسيت إسمي كمان
نسيت يا سلام على غدر الإنسان.”
• النهاية.

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية دايما جنبك)

اترك رد