روايات

رواية جاريتي 3 الفصل الثلاثون 30 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 الفصل الثلاثون 30 بقلم سارة مجدي

رواية جاريتي 3 البارت الثلاثون

رواية جاريتي 3 الجزء الثلاثون

رواية جاريتي 3 الحلقة الثلاثون

وقف أيمن أمام باب غرفة شمس اخذ نفس عميق عدة مرات ليشعر رحيم بتوتره و قلقه فاقترب منه و وضع يديه على كتفه لينتفض أيمن ينظر اليه بخوف ليبتسم رحيم و هو يشير له على تلك الزاوية بجانب الغرفة التى يوضع بها كرسيان كبيران و طاولة متوسطة الحجم تحرك أيمن معه باستسلام و جلس ليجلس رحيم بجانبه و قال بهدوء
– اللى أنت حاسس بيه ده طبيعى جدا خصوصا أن الموضوع مش سهل و كبير فعلا
اخذ نفس عميق ثم اكمل
– اضطراب الشخصية النرجسية ده تشخيصى لمرض شمس المرض ده المريض بيكون عنده مشاعر مؤلمة جدا من وجة نظره و بيحاول يفرغ كل الشحنة المؤلمة خلال سلسلة من الدفاعات لحد ما يلاقى الوسيلة المناسبة لأخراج كم الغضب و الألم اللى جواه زى مثلا الكبت الاوعى او الإنكار الاوعى او التشوية بمبالغة كبيرة او بتقليل رهيب و كذب كتير و مستمر او انه يطلب المساعدة من ناس حاسس انهم هيقفوا جمبه و يساعدوه فى كذبه ده و هيساعدوه كمان علشان يثبت وجهة نظره
كان أيمن يستمع الى كلمات رحيم بدهشه و صدمة غير مصدق ما وصلت اليه ابنته و ما سبب ذلك من الاساس ليربت رحيم على قدم أيمن و هو يقول بهدوء
– باشمهندس أيمن حضرتك لازم تبقى عارف ان المرض النفسى ممكن يكون وراثي أو كمان يكون بسب اضطراب الشخصية يعنى كلنا مرضى نفسيين فى الأساس بس فى ناس بتكون محتاجة مساعدة و فى ناس لا …. ناس بتحتاج الدعم النفسى اللى الدكتور بيقوم بيه و كمان الأهل و الناس اللى بتحبهم
هز أيمن رأسه بنعم و هو يفكر فى كلماته و حالة ابنته هل كانت تعانى منذ وقت طويل دون ان ينتبه ظل عقله يعرض بعض المواقف التى كانت تحدث قديما و كان يظن انها أمور طبيعية بين الأخوة فى تلك المرحلة لكن اتضح الان انها كانت علامات خطيرة تشير ان هناك خلل كبير و هو لم ينتبه لذلك رفع عينيه الى رحيم و قال
– اعمل ايه معاها ليل و فطرتى كأب هى اللى اتصرفت معاها …. كمان هى فى الاصل سهله التعامل و لينه القلب لكن شمس
اخذ رحيم نفس عميق ثم قال
– أظهر حبك ليها كمان زعلك بينلها انها غلطت غلط كبير لكن كمان أنت هتفضل فى ظهرها و هتفضل سند و أمان مش معنى ان ولادنا غلطوا ان ده نهاية العالم بالعكس نغلط و نقع و نرجع نقف تانى خليها تحس بالذنب اللى عملته بس كمان تطمن أنك جمبها و هتساعدها تصلحه
أخذ أيمن نفس عميق و اخرجه بهدوء ثم قال
– اصلا الغلط مش غلطها لوحدها الغلط غلطى أنا الأول أنا اللى مكنتش الأب الحقيقى لبناتى
– أنت مش أب فاشل أنت بس مكنتش مستوعب المشكلة و ده مش فشل مش كل الأبهات قادرين انهم يحتوا و لادهم أو يستوعبوا تفكيرهم
قال رحيم بهدوء شديد فى محاولة لتهدئه ذلك الرجل الذى تكالبت عليه المشاكل دون هواده ثم وقف و هو يقول
– يلا أدخلها و أنا جمبك لو إحتجت مساعدة هتدخل فورا
هز أيمن راسه بنعم ثم وقف على قدميه و توجه لغرفه ابنته طرق الباب برفق ثم دلف و لم يغلق الباب جيدا حتى يستطيع رحيم متابعه ما يحدث
••••••••••••••••••••••••••
كانت تقف امام النافذة تنظر الى حديقة القصر الكبيرة بصمت ولم تشعر بدخول والدها الغرفة و لم تلتفت
وهذا سمح لأيمن بتأملها فى وقفتها تلك بعيون أب يشعر انه لأول مرة يرى أبنته و كأنه كان اعمى لسنوات طويلة و الان أبصر ليصدم بالحقيقة أخذ نفس و اقترب بهدوء من وقفتها و قال بحنان
– شمس
نظرت اليه بهدوء شديد لكنه شعر بالصدمة حين نظرت اليه لقد فقدت الكثير من الوزن حول عينيها هالات سوداء كبيرة و نور عينها لم يعد به ذلك البريق الذى اعتاد عليه من ثقة حد الغرور
ان شمس لم تعد شمس لقد انطفىء نورها و اختفت شمسها
لم يشعر بنفسه و هو يضمها الى صدره بحنان أبوى وكانت دموعه تسيل على وجنتيه و تتساقط على كتفها لكنها لم تستجب الى ذلك ظلت ثابتة تماماً لم تبادله العناق او تبكى تأثرا و لكنها ظلت كما هى صامته و جامدة دون تحرك
كان رحيم يشعر بالأندهاش من رد فعلها و صمتها الغريب هذا
شعر أيمن بجمودها بين ذراعيه فابتعد عنها ينظر الى عينيها و هو يقول بخوف
— مالك يا شمس فيكى ايه انتِ عاملة كده ليه يا بنتى
ظلت صامتة تنظر اليه ببرود شديد لم تتحرك لم تهتز ليضع يديه على كتفيها و هو يقول
– يا بنتى طمنينى عليكى
ابعدت يده عن كتفها و تحركت خطوتان تبتعد عنه و هى تقول ببرود رغم صوتها العالم
– بنتك من امتى … انا مفيش حد هنا بيحبني كلكم بتحبوا ليل الهادية المؤدبة بس أنا بقى اصحابى كلهم بيحبوني كلهم شايفنى احسن واحدة فيهم كل الولاد بيتمنوا نظرة منى خليها تشبع بجواد اللى فرحنالى بيه ده هو الوحيد اللى بصلها و ده معناه انه هو مش بيشوف كويس و محتاج نظارة
كان يشعر بالصدمة من حديثها ما هذا الحقد الكبير الذى تحمله لاختها لما كل ذلك الكره و كان رحيم عند الباب يتابع كل ما يحدث بأهتمام شديد لتكمل هى بغرور
– أنا مش محتاجة حد منكم انا بكرهكم كلكم و مش عايزة اى حد منكم فى حياتى انا بكرهكم كلم
لم يتمالك أيمن نفسه و اقترب منها و بغضب شديد امسكها من كتفيها و هزها بقوة و هو يقول
– عملنا لك ايه غلط علشان تكرهينا قصرنا معاكى فى ايه عمرنا ما فرقنا بينك و بين أختك محبة واحدة عمرى ما جيت عليكى علشانها و لا جيت عليها علشانك أنتو أغلى أتنين فى حياتى أنا و أمكم انتِ حتى مش فارق معاكى أمك اللى فى المستشفى و بتفكرى أزاى تأذى أختك أنتِ بتفكرى ازاى ازاى ؟!
كان رحيم يتابع ما يحدث باهتمام حتى اذا حدث خروج عن السيطرة تدخل لينهى الأمر لكن ما حدث حقا كان غريب لكنه متوقع بالنسبة له
اندهش أيمن مما تقوم به و هى تحاول الابتعاد عنه و الصراخ بصوت عالى و هى تقول
– حرام عليك يا بابا متضربنيش حرام يا بابا أرجوك
ابتعد ايمن عنها بذهول و على أثر صوتها عالى صاعد مهيره و سفيان و كل من بالمنزل و لكن رحيم اشار لهم بالهدوء و طمئنهم بعينيه و دخل الى الغرفة و هو يقول بصوت عالى
– الكذب و الملاوعة و شغل خدوهم بالصوت ده مينفعش معانا متبقيش غلطانة و الغلط ركبك من فوقك لتحتك و تكابرى
نظرت اليه شمس بغضب شديد و هى تعض على نواجزها و انتفخت اوداجها و هى تصرخ بصوت عالى قائله
– وانت مالك و ايه دخلك اوضتى امشى أخرج بره
ليقترب أيمن منها سريعا و هو يقول بغضب
– يظهر أنى فعلا كنت مقصر بس مقصر فى تربيتك
ورفع يديه و نزل بها على وجنتها جعلت بعض الدماء تسيل من فمها و هى تنظر اليه بغضب و حقد ليقف رحيم بينهم و قال بضيق
– الضرب مش حل أنت كده بتعقد الأمور اكتر من فضلك اخرج دلوقتى و سيبنى معاها شوية
ظل أيمن واقف مكانه ينظر اليها و هو يشعر بمشاعر مختلطة بين غضب و صدمة و احساس بالخسارة و ايضا بالضياع
ظل على وقفته حتى علا صوت هاتفه ليجده زين ليشعر بالخوف يتصاعد واجابه سريعا و خرج من الغرفه سريعا بعد سماعه لبضع كلمات من زين
•••••••••••••••••••••••••••••
كانت تجلس أمامه هادئه تماما و على وجهها أبتسامة هادئة و كان هو ايضا يبتسم لها لكن من داخله يشفق عليها بشدة لحديث الطبيب معه جعله يقلق عليها
– عاملة ايه يا نور ؟!
ظلت صامته لبعض الوقت ثم قالت بصوت منخفض
– انا كويسة جدا و مرتاحة بس مش عارفة ليه هنا مفكرين انى مجنونة
قطب جبينه بحيرة و هو يردد خلفها باندهاش
– مجنونة ؟ …. ازاى يعنى ؟!
اعتدلت فى جلستها و كتفت ذراعيها أمام صدرها ولوت فمها كالأطفال و قالت
– معرفش مش عارفة ليه مش مصدقين ان أنا اللى قتلت الشيطان
ثم رفعت كتفيها باستسلام واكملت قائلة
– براحتهم المهم انى مرتاحة و اخذت بتارى و تار أبويا و أخويا
كان عزيز يستمع اليها بشفقة واراد تغير الحديث
– صهيب بعتلك معايا السلام
رفعت عيونها تنظر اليه باندهاش ثم ابتسمت ابتسامة امتنان و قالت بحزن
– اخباره ايه ؟ يارب يكون كويس تعب معايا اوى ربنا يجازيه خير عن كل اللى عمله معايا
شعر عزيز بالشفقة على صهيب خاصة و هو يتذكر حالته و كيف كان يرغب فى رؤيتها بجنون و كيف هى تشعر بالأمتنان تجاهه و انه صاحب فضل عليها فقط
– ده بعتلك معايا رسالة
قطبت جبينها بحيره فقال بهدوء
– بيقولك انه عايز يشوفك و يطمن عليكى وانه جمبك و فى أنتظارك
ظلت تنظر للأستاذ عزيز بإندهاش غير مستوعبة للكلمات الذى قالها الان فأكمل هو قائلا
– هو مينفعش يزورك خلال ال ٤٥ يوم علشان كده قلقان عليكى و عايز يطمن و يطمنك انه معاكى و متخلاش عنك
لتبتسم براحة و هدوء و قالت
– هو عمل معايا كتير و كتر خيره لحد كده وصلوا لو سمحت شكرى و قوله ان جميله هيفضل فى رقبتى طول العمر
ليتأكد احساسه انها لا تبادله مشاعره انها تراه فقط صاحب فضل من وقف بجانبها حين تخلى عنها الجميع و لا تستوعب فكره انه يحبها او لا تراها من الأساس
غادر المستشفى و حين جلس فى سيارته اخرج هاتفه و اتصل بالدكتور اكرم قص عليه كل ما حدث و ما يشعر به و وعده اكرم بالتدخل و اخبره عزيز ايضا بموعد لقائه مع الطبيب
•••••••••••••••••••••••
كان أدهم يجلس داخل مكتبه سارحا فيما حدث يمرر أطراف اصابعه على ذلك الخدش بوجنته
وهو يتذكر كل ما حدث انفعالها تحول نظراتها و ملامحها و احساسه بغضبها و النار التى تشتعل بداخلها
هو عليه ايضا ان يساعد فى تحقيق العدالة عليه ان يقدم المذنبين الحقيقين الى المحاكمه فذا كانت رأس الحية قد قطعت فلابد من حرق باقى الجثمان فيجب ان يتم القبض على كل من كان يعمل مع ذلك القذر هذا هو عملهم تنظيف المجتمع من تلك الآفات لذلك و حين دلف إلى مكتبه طلب استدعاء طارق
و كأنه خرج من افكاره انتبه على صوت طرقات على الباب ثم دخوله
– طلبتني يا باشا
ليعادل أدهم فى جلسته و هو يقول بهدؤه المعهود
– أيوه يا طارق ادخل
دلف طارق و أغلق الباب و جلس على الكرسى بجانب المكتب و هو يقول بأستفهام
– ايه الجرح ده يا باشا
وضع أدهم يده على مكان الجرح ثم قال
– حاجة بسيطة
ثم وقف على قدميه ودار حول المكتب و جلس امام طارق و هو يقول
– أخبار التحريات ايه ؟
– بنكشف كل شوية بلوة جديدة أنا مش عارف الراجل ده كان أيه ده مش بنى أدم ده الشيطان جمبه ملاك بجناحات
قال طارق باشمئزاز و تقزز ليقول أدهم
– و شخص بالقذارة دى و كل الناس اللى كانوا حواليه ميستحقوش انهم ينقبض عليهم وياخذوا جزاء أفعالهم و ننظف المجتمع منهم
ليقطب طارق حاجبيه بعدم فهم ليبتسم أدهم بجانب فمه و هو يقول
– معقول هفهم رجل المباحث الأول شغله
ليبتسم طارق بإستيعاب و هو يهز رأسه بنعم ليبتسم أدهم ببعض الراحة و هو يهز رأسه بنعم و نظرة تحدى ترتسم على وجهه
••••••••••••••••••••••
وصل إلى المستشفى لا يعلم كيف كان يقود سيارته كل ما كان يفكر به … كل ما كان يشغل عقله كلمات زين و صوته الذى يتردد داخل أذنه
– ملك فاقت يا أيمن و بتسأل عليك
خرج من المصعد وركض فى اتجاه تواجدها داخل غرفة الرعاية لكن زين قابله فى منتصف الطريق ليقف فجاءه و هو يلهث ليخبره زين انها قد تم نقلها الى غرفة عادية اخذه سريعا الى هناك و حين وصل امام الغرفة
ظل صامت الا من صوت انفاسه العالية و المتلاحقة و بعد عدة دقائق فتح الباب ينظر اليها حبيبة قلبه التى غابت عنه كثيرا تنظر اليه بعيونها الذى يعشقها تبتسم اليه بارهاق لكن يكفى انها تنظر اليه يكفى انها تبتسم
اشار زين لفرح فخرجت بهدوء و اغلقت الباب خلفها
ظل على وقفته ينظر اليها يتأملها كم أصبحت نحيفة و شاحبة اقترب منها ببطىء شديد و كأنه يخشى ان تكون سراب وحين يقترب تختفى
يقترب منها و عيناه لا تفارق خاصتها لقد اشتاق الى تلك النظرة و ذلك الأحساس ان العالم يسكن داخل عينيها و كانت هى تنظر إليه باشتياق و أشفاق فملامح و جهه شديدة الارهاق أكتافه متهدله و كأنه يحمل فوقهم الجبال حين وصل اليها قال بصوت مهزوز
– ملك
لتتسع ابتسامتها المرهقة و قالت
– وحشتنى اوووى يا قلب ملك
ليجثو على ركبتيه بجانبها و أمسك يديها والدموع تسيل من عينيه دون توقف ثم احنى راسه يقبل يديها و هو يقول
– يعنى انتِ بجد رجعتيلي يا ملك بجد رجعتيلي
لتسيل دموعها هى الأخرى و هى ترى انحنائة رأسه و دموع عينيه و صوته الذى يؤلم القلب لتقول من بين دموعها
– الحمد لله يا أيمن رجعتلكم كلكم وحشتوني و حقكم عليا حقكم عليا يا حبيبى
ليعتدل واقف ثم جلس بجانبها و انحنى يضمها بين ذراعيه بقوة
قوة كبيرة و هو يحمد الله ان أعادها اليه و يشكر الحج راضى و يدعوا له بالصبر و السلوان
ابتعد عنها حتى لا يؤلمها حين انتبه لما يقوم به و نظر اليها باهتمام
– وجعتك … فى اى آلم انا أسف بس مش مصدق عينى
لتبتسم أبتسامة صغيرة و هى تقول
– انا كويسة متقلقش …. البنات فين صحيح ؟
القت سؤالها و هو يبدوا سؤالا عادى لكن فى حالتهم هذا السؤال ليس بالأمر العادى خاصة مع ما حدث اليوم مع شمس و ما وصلت اليه حالتها فابتسم وهو يقول
– فى القصر بيذاكروا علشان الأمتحانات قربت و علشان كمان يفرحوكي بيهم
ابتسم براحة ثم قالت
– وحشونى اوى يا أيمن و عايزة أشوفهم
ليبتسم أبتسامة متوترة و هو يقول
– اه طبعا طبعا لازم تشوفيهم و هما كمان عايزين يشفوكى و يفرحوا برجوعك بالسلامة
ظل طوال اليوم بجانبها لا يريد الأبتعاد عنها و لا يريد تركها لحظة رغم أن عقله يفكر فى ايجاد حل لتلك المعضلة كيف سيحضر لها الفتيات و يجب أيضا ان لا تعلم ما يحدث و ان لا ترهق نفسها او تشعر بالضيق
شعر بحاجه قوية للتحدث مع الحج راضى فاتصل به و اخبره ما حدث مع ملك و شكره كثيرا ثم طلب منه الحضور فهو يريد رأيه فى الأمر
•••••••••••••••••••••••••
لم يستطع كل من مهيره و سفيان الذهاب الى ملك لأنهم لم يستطيعوا ترك دكتور رحيم مع شمس خاصة و هى بتلك الحالة من الأنهيار التى جعلت رحيم يعطيها فى النهايى حقنى مهدئة و لم يكن هناك وقت فعليهم الأستعداد للذهاب لموعدهم مع محمود
كان يقف بالسياره اسفل بيت السيد عادل رحمه الله ينتظر نزولهم فنظر الى مهيره التى تسند رأسها على ظهر الكرسى مغمضه العين بإرهاق شعر بالإشفاق عليها و مد يديه و ربت على كتفها لتفتح عيونها تنظر اليه بإرهاق ليقول هو بإشفاق
– تعبتى يا مهيره
اعتدلت فى جلستها و نظرت له و هى تقول
– حاسة انى شبه الخيل اللى بيجرى فى سباق مينفعش يقف و لسه خط النهاية بعيد … بعيد اووووى
ظل ينظر اليها ثم ضمها الى صدره و هو يقول
– و انتِ قدها يا مهيره انتِ جواكى قوة وحب يخلوكى تقفى و تستمرى و توصلى
كانت تغمض عينيها و هى تستنشق رائحته المميزة التى تتغلل الى قلبها تشعرها بالراحة و الأمان
لم يخرجها من مكانها سوا طرقات على نافذة السيارة لينظر سفيان الى محمود الذى يبتسم بمرح مع حاجبه المرفوع و قال
– مش يالا و لا ايه … و على فكرة انا العريس
لتخفض مهيره وجهها بخجل وقال سفيان بسماجة
– اه يا عريس يلا
وصلوا جميعا بيت السيد عماد والد ندى و كان الترحيب جيدا جدا و السعادة بادية على الجميع بدء سفيان فى الحديث قائلا
– انا مش هقول ان محمود ابنى انا لسه صغير مش كبير اوووى كده
ليضحك الجميع بمرح ليكمل هو
– محمود انا بعتبره اخويا الصغير و هو بيعتبرنى فى مكانه والده ….. و هو فى الحقيقه راجل بمعنى الكلمه و احنى كلنا كده جاين و طمعانين فى نسبكم قولت ايه
ابتسم السيد عماد و هو ينظر الى محمود وقال
– انا كمان متوسم فى الدكتور محمود خير و كمان انا سألت عليه و بسم الله ما شاء الله السيرة زى الفل
لتقول مهيره بابتسامة سعادة
– و عروستنا هتبقى واحدة من بناتنا وزيها زى باقى بنات العيلة فى التجهيزات
ليكمل سفيان حديثه و اتفقوا على كل الأمور المادية و تحديد موعد شراء الشبكة و تمت قرأة الفاتحة وكانت النظرات بين محمود و ندى تملئها السعادة و بعد انتهائهم من القرأه وقف محمود ليهنىء ندى
كان ينظر اليها بسعادة وابتسامة واسعة ثم قال
– مبروك ….. و اخيرا يا ندى
لتخفض راسها ارضا و هى تقول بخجل شديد
– الله يبارك فيك يا دكتور
ليضحك بصوت عالى و هو يقول
– لا دكتور دى فى المدرج هناك لكن هنا و فى اى مكان تانى محمود بس مفهوم
لتقول سريعا
– مفهوم يا دكتور
– تانى
ليقترب السيد عماد و هو يقول
– شوية شوية يا ابنى و هتاخد عليك و تقولك يا حوده كمان
لينظر الى ندى وقال
– ياااااريت
لتشعر ندى بالخجل الشديد و اختبئت بين ذراعى والدها ليضحك الجميع بسعادة
•••••••••••••••••••
كان يجلس فى صالة منزله بجواره أواب يقرأ أحد الكتب و جوري تمسك هاتفها تنظر اليه لكنها فى الأساس سارحة تماما و تجلس بجانبه مباشرة كان ينظر لابنته مره و لابنه مره ثم يحرك راسه يمينا و يسارا بتعجب لتقترب لمى من اذنه و هى تقول
– عايز تعرف مالهم
نظر حذيفة لها باندهاش ثم هز رأسه بنعم لتقول بصوت منخفض
– آبيه أواب كان عايز يروح لأبلة فجر بس خالو سفيان مش هناك فقالتلوا مش هينفع علشان كده تلاقيه مقريف
رفع حذيفة حاجبيه باندهاش ثم قال
– طيب و جوري
اقتربت منه أكثر و قالت
– لا دى بقى آبيه آدم كارفها
– كارفها
رددها بأندهاش لتقول موضحة
– أيوه مش بيتصل بيها و لا بيبعتلها رسايل و هى كرامتها ناقحة عليها ومش عايزة تكلمه فزعلانة
كان ينظر اليها باندهاش و قال لها بصدمة
– يا بنتى انتِ و لا وكالة الاخبار لا وكالة اخبار ايه ده انتِ المخابرات ذات نفسها
لترفع كتفيها و هى تقول ببراءة
– هما اللى بيتكلموا قدامى اعملهم ايه يعنى
هز رأسه باستسلام و عاد ينظر الى أبنه السارح داخل كتابه و ابنته السارحه فى هاتفها و اخذ نفس عميق بضيق و هو يعود بتركيزه الى التلفزيون يتابع ما يحدث مع تلك الأميرة صاحبة الشعر الطويل
••••••••••••••••••••••
كانت تجلس امام أبنها الذى يبدوا على ملامحه الضيق الشديد و ايضا التوتر تريد ان تفهم بماذا يفكر هى تعلم تعلقه بليل و تعلم ما حدث لها و مؤكد هو يشعر بالخوف و القلق عليها
– حبيبى انت ليه عامل فى نفسك كده ؟
نظر اليها بحزن و قال
– ليل يا ماما ليل
لم يستطع اكمال كلماته لتضمه بحنان و قالت بعطف
– ليل محتاجاك تكون قوى مش ضعيف محتاجاك تقويها و تكون سند و دعم ليها علشان تعدى من ازمتها
كان يستمع اليها بتركيز شديد و اهتمام و قال
– قوليلى اعمل ايه ؟
لتبتسم بحنان و قالت
– خليك جامد و قوى و متفائل و متمسك بيها و ادعمها دايما خليها تحس بأهميتها عندك و انها أهم حاجة عندك فى الدنيا
ليهز راسه بنعم و هو يقول
– معاكى حق هعمل كده فعلا
لتربت على وجنته و هى تقول
– و الأهم من كل ده انك تحسسها أنك علشانها قوى و ناجح فاهمنى يا جواد
هز راسه بنعم و هو يتذكر مواقفها الكثيرة مع والده ثم انحنى يقبل يديها بإحترام و حب و تقدير
••••••••••••••••••••••••
– انت مش عايز تساعدنى ليه … ليه كلكم واقفين قصادى
رفع اكرم عينيه لصاحب الصوت الذى اقتحم المكتب دون سابق إنذار فوضع القلم فوق الاوراق وخلع نظارته و نظر بهدوء شديد لصهيب و قال
– مش عايز اساعدك فى ايه و كلكم دول اللى همًا مين
جلس صهيب على الاريكة الكبيرة بعصبية كبيرة و القى تلك الوسادة الصغيرة ارضا وهو يقول
– محدش فيكم عايز يساعدنى أشوفها و لا يطمنى عليها محدش حاسس بالنار اللى جوا قلبى عقلى اللى مش بيبطل تفكير فى حالها هناك و عاملة ايه لوحدها و يا ترى بيعاملوها كويس و لا شاي الويل هناك كمان
صمت وهو يحاول التقاط انفاسه المتلاحقة ليتحرك اكرم و جلس بجانبه و ربت على كتفه فهو يعرف جيدا ما يمر به صهيب و ما يشعر به و ما بداخل قلبه من آلم و لكن ماذا عليه ان يفعل لآبد ان يوضح له الآمر لابد ان يضعه امام الحقيقة صحيح سوف يتألم لكن ألم اليوم و راحة الى الابد
– صهيب انا عايزك تهدى و تسمعنى كويس
نظر اليه صهيب باهتمام شديد رغم عدم ظهور الهدوء على ملامحه ليكمل أكرم موضحا
– نور كل افكارها عن علاقة أى راجل و ست مشوهة تماما اللى خلاها تثق فيك لحد دلوقتى انا مش قادر احدده بس هى وثقت فيك شافت فيك الأمان شافت فيك حاجات كتير اتحرمت منها طول حياتها نور متقدرش تحب و لا تقدر تبادلك شعورك ناحيتها كمان
صمت لثوانى وهو يتابع ملامح صهيب المتشنجة و الغاضبه ليكمل
– كمان تفتكر والدك و الدتك هيقبلوا ان ابنهم الوحيد يرتبط بواحده فى ظروف نور … اكيد لا و اصلا انت فى حرب من بدايتها خسرانة لان الطرف التانى فيها مش معاك أصلا و لا حاسس بيك
ظل صهيب صامت مقطب الجبين عقله غارق فى دوامات التفكير و قلبه ينذف آلما و خوفا و احساس كبير بالخسارة رفع عينيه لأكرم الذى ينظر اليه بشفقة ثم وقف على قدميه و غادر العيادة دون كلمة اخرى و ظل صامت طوال طريق عودته الى البيت لكن عقله كان يحلل كلمات أكرم يقتنع احيانا بكلماته و احيانا اخرى يرفض و بشدة و يحاول ايجاد حلول و تبريرات
حتى وصل البيت ترجل من السيارة و دلف الى البيت دون ان ينتبه الى والديه الجالسان فى بهو الفيلا و صعد مباشرة الى غرفته
شعر جواد ان هناك شىء كبير قد حدث و وقفت ميما حتى تصعد الى ولدها لترى ماذا به ليمسك بها جواد و يمنعها من الصعود قائلا
– خليكى انا هطلع له
نظرت اليه بقلق و خوف ليربت على يدها التى بين يديه و قال
– متقلقيش هطمنك
هزت راسها بنعم ليصعد مباشرة الى غرفة ولده طرق الباب عدة مرات لكن لا إيجابه ففتح الباب و دلف الى الغرفه لم يجده بها و باب الحمام مفتوح لينظر فى الاتجاه الاخر ليجد باب الشرفه مفتوح على مصرعيه توجه مباشره الى هناك ليسقط قلبه اسفل قدميه من هول ما يراه امامه
فلقد وجد صهيب يجلس ارضا ينظر الى السماء و يبكى ابنه القوى الذى يراه دئما ثابت و هادىء و قوى فى هذه الحالة فمؤكد هناك شىء كبير قد حدث جلس امامه وهو يقول بلهفة و خوف
– مالك يا ابنى فيك ايه ؟ ايه اللى حصل ؟
اخفض صهيب عينه الى والده وقال
– فى نار جوه قلبى نار هتموتنى حاسس ان قلبى هيقف
صمت لثانيه واحدة ثم قال
– انا بموت يا بابا روحى بتطلع منى

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جاريتي 3)

اترك رد

error: Content is protected !!