روايات

رواية زهرة الفصل السابع عشر 17 بقلم ندى أشرف

رواية زهرة الفصل السابع عشر 17 بقلم ندى أشرف

رواية زهرة البارت السابع عشر

رواية زهرة الجزء السابع عشر

رواية زهرة الحلقة السابعة عشر

٭٭★٭٭
عادت زهرة إلى البيت وكانت تشعر بالقلق تجاه سليم الذي بدا عليه الضيق منذ ذلك الإتصال الذي جاءه..
فكانت كلما حاولت أن تفهم منه ما سبب هذا الضيق المفاجئ لا يُجيب بما يُرضي فضولها..
في اليوم التالي التقوا بالعمل وكانت معاملته لها طبيعية فزال القلق، قررت ان تعود إلى البيت بمفردها نظراً لانتهاء عملها واستمرار سليم في عمله لبعض الوقت الإضافي..
وأثناء عودتها إلى البيت استوقفها شاب يبدو عليه التعب الشديد حتى أنه لا يستطيع الوقوف على قدميه يطلب منها المساعدة قائلاً:
– لو سمحتي ساعديني أنا بموت..
أجابت في خوف وفزع:
– حضرتك مالك أقدر أساعدك ازاي؟
لم يكن ينظر إليها فكان يشعر بالألم الشديد في بطنه ممسكاً بها بإحدى يديه وامسك بذراع زهرة بيده الأخرى قائلاً في انفعال شديد:
– بطني بتتقطع مش قادر تعبـان..
ثم ألقى بنفسه بين احضان زهرة وظنت أنه سيقع على الأرض من شدة الألم فأمسكت به بشدة قائلاً:
– أنا مش قادر أقف على رجلي لو سمحتي إسنديني وساعديني أوصل لأقرب مستشفى أرجوكي..
حاولت إسناده رغماً عنها فلم تستطع الابتعاد عنه وهو في هذه الحالة كانت تخشى أن تتركه فيموت وتكون هي السبب..
فوضع ذراعه حول رقبتها مستنداً على كتفيها من الخلف وبدا كأنه يحتضنها بشكل غير لائق فلم تستطع الصبر أكثر من ذلك وحاولت مقاومته والابتعاد عنه قائلة:
– لو سمحت مش هينفع كدة.. حاول تمسك نفسك شوية وتستناني هنا هشوفلك تاكسي يوصلك للمستشفى..
أجاب في تعب شديد مشيراً إلى مقعد صخري في الشارع :
– طيب وصليني أقعد على المقعد ده وشوفيلي تاكسي ربنا يجازيكي خير عني أنا بموت..
وافقت وساندته حتى يصل إلى المقعد ثم حاول الجلوس وفي ذلك الأثناء تشبث بذراعها وجذبها حتى سقطت بجانبه فوضع ذراعه خلف كتفها ثم ضمها إليه وهو يصرخ في ألم، أبعدته عنها وهي تتأفف وتستغفر وفد نفذ صبرها فقامت قائلة في غضب:
– انت متأكد إنك تعبان بتموت ولا إنت إيه قصتك بالظبط!!
أجاب وهو يمسك موضع الألم وينطق بصعوبة:
– تعبان طبعا يااستاذة سامحيني تقلت عليكي أنا ظروفي صعبة ومقدرتش أستنجد بجد ولقيتك انتي قدامي، أنا أسف خلاص سيبيني وانا هتصرف.. ثم صرخ في ألم :
– ااااه..
وأدعى أنه يستفرغ ما بمعدته فاعتذرت زهرة وذهبت مسرعه لتُحضر التاكسي وتركته جالس ينتظرها..
بعد مرور خمس دقائق من الانتظار استوقفت تاكسي ثم عادت به إلى نفس مقعده فلم تجده!
قالت في تعجب حينما سألها سائق التاكسي:
– فين يا أستاذة الشاب اللي بتقولي عنه، مافيش حد..
– إزاي ده كان قاعد هنا دلوقتي.. أخذت تبحث عنه بعينيها ومررت ناظريها في المكان يمنة ويسرة..
لكنه إختفى تماماً.
فقررت أن تجعله يعود بها إلى المنزل وهي تشعر بالغضب تجاه ما حدث وتستغفر الله .
٭٭٭
أنهى سليم عمله وذهب إلى مكتب والده ليعودا معاً فأخبره المنشاوي:
– يلا نروح أنا كمان خلصت شغلي.. صحيح إعمل حسابك كريم كلمني من شوية وقالي إنهم جايين يشوفوا فريدة النهاردة عشان تكون قاعد لما ييجوا .
أجاب سليم:
– حاضر..
تسائل المنشاوي في تعجب:
– إيه مالك كدة مسهم ليه.. في مشكلة ولا حاجه!
تنهد سليم في ضيق فقال:
– لا ياحبيبي متشغلش بالك أنا كويس.. تعجب المنشاوي لكنه أجاب:
– يارب تكون كويس فعلاً.. يلا .
قالها ثم غادر وخلفه سليم عائدون إلى الفيلا..
٭٭٭
*في النادي*
جلست رنا وريم يتنفسن بصعوبة بعدما توقفن عن الجري فقالت ريم:
– أمال فين لينا مش كانت عاملة فيها واحدة من عصابة المافيا، مجتش ليه النهاردة تعرفنا إيه اللي هيتم في الموضوع!
ردت رنا في هدوء وهي تنظر في هاتفها:
– دلوقتي تيجي، هيا مأكدة عليا انها جاية.. وبعدين طول ما الفلوس حاضرة يبقى لينا حاضرة.
قالت ريم في دهشة:
– والله صدقتي، جبنا في سيرة القط جه ينط..
اقتربت منها لينا قائلة:
– طيب خافي على نفسك لا يخربشك بقى.
ضحكت ريم بينما تسائلت رنا في جدية:
– ها.. هاتي ما عندك.
تنهدت لينا فقالت:
– طيب صبرك عليا أخد نفسي حتى!
وبعدين مش هتعزموني على حاجه ولا ايه..
ردت رنا في نفاذ صبر:
– ياستي إطلبي اللي يعجبك بس خلصيني عملتي إيه..
أجابت في ثقة:
– لا من ناحية عملت.. فـ أنا عملت
ردت ريم:
– إنتي يابنتي عايزة تشليني ماتجيبي من الآخر الله!
وضعت يدها في حقيبتها أخرجت ظرف مجهول ما يحوي بداخله ثم مدت يدها به إلى رنا وما إن مدت يدها لتأخذه منها حتى سحبت يدها للخلف قائلة:
– لأ ياحلوة مش قبل ما تديني حقي!
تأففت رنا فقالت:
– هديكي اللي عايزاه بس وريني معاكي إيه
أجابت في عناد:
– لأ معلش أنا بمشي بمبدأ توتو على كبوته!
تعجبت ريم فقالت:
– لأ شبح شبح يعني مافيش كلام..
أما رنا فسحبت حقيبتها في غضب وأخرجت منها الكثير من المال ألقت به على الطاولة ثم أخذت ما بيد لينا..
لم تهتم لينا للطريقة لكنها أخذت تقوم بعَد المال بينما فتحت رنا الظرف وهي تقلب بين محتوياته في دهشة وصدمة قائلة:
– يابنت اللعيبة! دا إنتي أفكارك جهنمية!!
تسائلت لينا في ثقة فقالت:
– بزمتك أستاهل ولا مستاهلش!
ردت قائلة:
– لأ تستاهلي ونص.
كذلك قالت ريم:
– إنتي مش معقولة.. بقى إنتي يطلع منك كل ده! أنا أخاف على نفسي منك بقى.
انتهت لينا من عد المال ثم وضعته في حقيبتها و أسندت ظهرها للخلف قائلة في ثقة:
– طول ما انتي صاحبتي وحبيبتي يبقى ماينفعش تخافي مني أبداً..
نظرت لها ريم دون أن تتفوه بكلمة في إعجاب شديد بينما كانت تفكر رنا ماذا ستكون الخطوة التالية فيما بدأته..
٭٭٭
وصل المنشاوي وسليم إلى الفيلا وبعد مرور ساعة أعلن جرس الباب عن وصول كريم ووالديه فذهبت الخادمة فتحت لهم الباب واستقبلتهم بدرية في ترحاب شديد ثم اصطحبتهم إلى غرفة الضيوف وكذلك ذهب إليهم سليم والمنشاوي..
دلفت عليهم سماح ومعها الخادمة تحمل بين يديها كاسات العصير..
وبعدما انتهى كريم من العصير طلب من سماح اصطحابه إلى غرفة فريدة ليطمئن عليها حاملاً في يده هدية قد أحضرها إلى فريدة..
فدلفت سماح أولاً إلى غرفة فريدة ثم دعت كريم بعدما اخبرتها بقدومه للأطمئنان عليها..
وبعدها تعمدت تركهم بمفردهم لتترك لهم المساحة للحديث فقد كان كريم طموحها الجديد لابنتها عِوضاً عن سليم ..
امتلئت الغرفة بعطره فور دخوله ثم جلس على الكرسي بجانبها فقال:
– عاملة إيه يافريدة ليكي وحشة والله..
أجابت:
– أنا كويسة يا وش الهنا.. إنت ازيك.
تسائل في حيرة:
– وش الهنا ازاي يعني مش فاهم..؟
أجابت:
– الهنا اللي أنا فيه..
اومأ برأسه ثم قال:
– اه دا إنتي لسة زي ما انتي لسانك متبري منك.. عموماً أنا مش هرد عليكي دلوقتي
نظرت له في إعجاب تتفحصه من أعلاه لأسفله قائلة:
– بس إيه الشياكة دي كلها..
أمسك بياقة قميصه قائلاً في غرور:
– عيب عليكي دا شيء أساسي، أقل حاجه عندي.. عجبتك مش كدة..
أجابت في سخرية:
– اه الأزرق حلو أوي عليك.. مافيش منك برباط؟
بعدما ابتسم كريم في سعادة اختفت تلك الابتسامة فقال:
– دا على أساس إيه بقى!
قالت في سرعة:
– رباط الهدايا يعني دماغك متروحش لبعيد.. هوا صحيح إيه العلبة الشيك القمر اللي انت جايبها دي!
أمسك كريم بها فأبعدها عن ناظريها فقال:
– لأ مالكيش دعوة دي مش ليكي إنتي متستاهليش حاجة حلوة طول ما لسانك طوله مترين كدة.. كان مفروض أجيبلك معايا مقص مش علبة شوكلاتة!
أجابت في سعادة:
– شوكلاتة!
ثم ضيقت عينيها في شك قائلة:
– إنت بقيت تدخلي من ثغراتي وكدا هبدأ أخاف منك!
ألقى كريم بعُلبة الشوكلاته بين يديها فقال في حنق:
– ياشيخه بقى.. دا انتي نَفسك تخوفي بلد..
سحبت الرباط لتقوم بفتح العلبة قائلة:
– صح عندك حق..
أخذت تأكل منها في سعادة وهو يتأملها بإعجاب ثم قال:
– مش كنا نمد وقت العملية دا شوية كمان..
قالت وهي تأكل ولازالت تنظر في داخل العلبة:
– ليه يعني..
أجاب في حرج:
– كنت هقضي معاكي وقت أكتر..
– وقت أكتر إيه يا كريم دا أنا ما صدقت خلصت منك تقولي وقت أكتر..
– هاتي يابت انا قولت أصلا انتي خسارة فيكي..
كذلك قال وهو يسحب الشوكلاته من بين يديها..
فحاولت استعادتها منه مرةً أخرى وعن دون قصد أمسكت بيده وهي لازالت تحاول استعادتها منه، كان يراقب تلك النظرات الطفولية منها في إعجاب ولازال يداعبها بمحاولته منع الشوكلاته عنها حتى قال:
– هديهالك بس الأول تقولي الصراحة..
نظرت له تتسائل:
– في إيه؟
– انتي فعلاً مصدقتي تخلصي مني؟
تنحنحت في حرج ثم قالت:
– وليه طيب الإحراج ده..
– يلا قولي بسرعة!
– بصراحة لأ.. أنا أكيد بهزر معاك، مصدقتش أخلص منك ولا حاجه إنت.. كنت حنين عليا ومساندني وواقف جنبي..
وأكيد لو حد مكانك مكنش هيعمل كل ده معايا..
احمرت وجنتاها وهي تتحدث فقال مداعباً:
– كل ده عشان الشوكلاته!
ضحكت في خجل ثم لكمته على ذراعه قائلة:
– بطل رخامة بقى..
تنهدت وهي تُزيح خصلات شعرها المتناثرة على وجهها قائلة:
– أنا بكلمك بجد إنت مش قولتلي أتكلم بصراحة..! يبقى خلاص.
أخذ يُحدق بها مطولاً والإبتسامة تعلو ثغره فقالت في تعجب:
– في إيه ياكريم؟
فقال:
– إيه يا عيون كريم..
أجابت في دهشة:
– الله! إنت بتبصلي كدة ليه وإيه عيون كريم دي..
قبل أن يُجيب سمع أصوات كثيرة أمام الباب دلف بعدها والده ووالدته والجميع ليطمئنوا عليها..
انتهوا من جلستهم وغادروا وكذلك ذهبت سماح لتنام فكان يوماً شاقاً عليها وكذلك فريدة بقيت في غرفتها تنتظر مكالمة كريم كما وعدها بأنه سيتصل بها فور عودته إلى المنزل وفي غرفة سليم دلف المنشاوي وخلفه بدرية فقال:
– تسمحلنا نيجي نتكلم معاك شوية ولا..؟
قام سليم عن مقعدة قائلاً:
– طبعا ياحبيبي انت بتقول ايه..
ثم وجه حديثه إلى بدرية فقال:
– تعالي ياماما اتفضلي
أجابت في غيرة:
– يعني هوا حبيبي وانا ماما بس كدة؟
سحب يدها ثم قبلها في حنان قائلاً:
– ازاي بس دا انتي الخير والبركة وحبيبتنا كلنا..
هتف المنشاوي:
– طب بص ياسليم أنا جيبت بدرية وجيت عشان نتكلم في موضوعك إنت وزهرة..
عقدت بدرية حاجبيها فقالت:
– موضوعه هوا وزهرة!
ازداد نبض سليم في خوف بينما أجاب المنشاوي:
– أيوة..
استنيتك ترجعي من السفر عشان نتفق، ونحدد وقت نروح نتقدم فيه رسمي لزهرة.. قولتي إيه!
أجابت في ضيق:
– يعني انت ياسليم خلاص قررت عايزها؟ مش لاقي غيرها من كل البنات اللي بتشوفها من أصحابك ولا في النادي ولا من العيلة حد مستوانا..!
علق المنشاوي قائلاً:
– مستوانا إيه بس يابدرية إتقي الله هيا كل حاجه عندك فلوس!
وبعدين سبق وقولتلك البنت دي مسئوليتي وقريبتي وبعدين بقى اللي متعرفيهوش زهرة دي ليها زي ما ليكي بالظبط وأكتر كمان!
أجابت على تعليقه قائلة:
– أنت بتقارنها بيا وبتعليها عليا كمان على أي أساس!
بقى سليم يُتابع حديثهم في صمت وخوف ينتظر نهاية ما سيتوصلوا إليه بعد كل هذا النقاش الحاد..
أجاب المنشاوي:
– ياحبيبتي مقارنة إيه بس أنا بتكلم في الحق والمستحق..
زهرة ليها ورث كتير أوي وبعدين هوا اه ابني أولى بيها من الغريب وهيحافظ عليها وعلى حقوقها بس أنا بردو عمري ما كان ميولي لفلوس، حتى إبنك.. مكانش يعرف بحاجه من كل ده وحبها لشخصها..
أبوس إيدك بقى بطلي تخلي نظرتك للأمور محدودة كدة!
أجابت في ضيق:
– يعني الحق عليا إني كنت ببص لمستقبل إبني وخايفة عليه!
رد المنشاوي:
– لا ياستي ولا تخافي خالص كل حاجه تمام وزي الفل، وفوق كل ده البنت جمال وعلم ومال ومتربية أحسن تربية ودا بشهادة إبنك نفسه..
تسائلت:
– يعني خلاص ياسليم إنت قررت ؟
رد في هدوء:
– أيوة يا ماما أنا بحب زهرة وعايز أتجوزها..
– خلاص ياحبيبي ربنا يتمملك على خير
ابتسم في سعادة قائلاً:
– اميـن يـــارب!
فقال المنشاوي:
– يبقى تحضروا نفسكوا هنروح نتقدملها يوم الخميس..!
تذكر سليم أمر الفتاة التي أخبرته بمقابلته في النادي بشأن زهرة يوم الخميس لكنه نفض تلك الأفكار عن رأسه ولم يشغل عقله سوى بذلك اليوم الذي طالما انتظر حدوثه..
٭٭٭
في اليوم التالي قررت رنا التعجل في الأمر فطلبت من لينا إعادة الإتصال بسليم والتعجل في المقابلة..
كان في مكتبه يزاول عمله فوجد اتصالاً فأجاب:
– ألو مين معايا..
أجابته:
– إيه لسة مش قادر تميز صوتي؟
– هوا إنتي؟!
– أيوة بالظبط كدة، لازم تيجي النهاردة النادي الساعه ٩ ورا صالة البولينج.. أول ما تكون هناك اتصل على الرقم ده وهتفهم كل حاجه، سلام.
أخفض الهاتف عن أذنه ليراها أغلقت الخط فشد على قبضة يده وضرب بها بقوة على المكتب ثم ألقى ما بيده وأجرى إتصالاً بصديقه في أمن الدولة أجابه:
– سليم المنشاوي بنفسه بيكلمني!
سليم:
– سيد باشا.. ليك واحشة والله..
سيد:
– وانت كمان واحشني إيه اخبارك مختفي ليه كدة
سليم:
– في الدنيا والله ومشاغلها انت عارف بقى، إسمع أنا عايز منك خدمة لو مش هتقل عليك..
سيد:
– طبعا ياحبيبي إنت تؤمر خليني أرد جميل من جمايلكم علينا..
سليم:
– ميأمرش عليك ظالم ياأخويا.. بص يامعلم أنا معايا رقم كدة هبعتهولك في رسالة ، عايزك تعرفلي قراره وبتاع مين والعنوان وكل حاجه عنه وليك الحلاوة..
سيد:
– بس كدة! إنت تؤمر.. إعتبر الموضوع خلص.
سليم:
– متحرمش منك ياغالي، أسيبك أنا بقى وهستنى منك مكالمة.. سلام.
أنهى حديثه وأغلق الخط وعاد يستكمل عمله وهو يتوعد بالشر لتلك التي تتلاعب بأعصابه وتتجرأ على من ستكون زوجته بالقول والفعل!
٭٭٭
وفي تمام التاسعة كان قد أوقف سليم محرك سيارته أمام النادي ثم اتجه بخطوات ثابتة صوب صالة البولينج.. كانت دقات قلبه في تزايد يخشى ما ينتظره، لم يجد أحد فذهب خلف الصالة كان المكان يكاد يكون مُعتم إلا من قليلٍ من الضوء الخافت، أخرج هاتفه يعاود الإتصال بتلك الفتاة المجهولة حتى وجد صوتاً أنثوياً ينادي عليه..
رفع بصره إلى مصدر الصوت!
هي فتاة على قدر من الجمال، ذات قوام ممشوق وعيون واسعة وجريئة عسليتين وشعرها الذي يُشبه لون عينيها الطويل المموج، تتعمد في ملابسها ارتداء أضيق الملابس التي تُظهر أقل ما تستر ، ودائماً ما تكون على مطمع من الجميع إلا سليم الذي ينظر لها دائما على أنها فتاه مثل الحلوى العاريه الملوثه التي لا ينجذب إليها إلا الذُباب.. فكان لهذا منها رد فعل قوي يجعلها دائما تحاول لفت انتباهه إليها ولا ترى غيره!
نظر لها سليم فلم يستطع تمييز ملامحها في تلك الإضاءة الضعيفة فقال:
– إنتي مين!
اقتربت منه في هدوء قائلة بصوت خافت:
– إيه مش عارفني؟
أجاب:
– لأ معرفكيش.. إنتي مين وعايزة إيه بالظبط..
اقتربت منه أكثر وجعلت كلتا ذراعيها تحاوط عنقه قائلة في خفوت:
– ولا ريحة البيرفيوم دي بتمثلك حد معين؟
أمسك سليم بذراعيها بقوة وأبعدها عنه حتى آلامها فقالت:
– اه إيدي.. في حد يرمي النعمة من إيده كدة!!
هتف في دهشة:
– إنتي رنا ؟!!
عادت تقترب منه أكثر قائلة:
– إيه مستغرب ليه تفتكر في حد غيري هيخاف عليك ويتمنالك الخير..
كادت أن ترفع يدها وتحتضنه كما فعلت من قبل فأمسك سليم بيدها بقوة قبل أن تصل إليه فقال غاضباً:
– بقولك إيه إتكلمي بأدب و ياريت تخلي إيدك جنبك وحافظي على المسافة دي بينا بدل ما اتصرف معاكي تصرف ميعجبكيش ،ثم ألقى بيدها من جديد بعنف..
ثم استطرد قوله وهو يشير في وجهها بإصبع السبابه قائلاً :
– وإوعي تفتكري إني جيت هنا لإني مش واثق في البنت اللي هتبقا مراتي و أم عيالي! أنا جيت هنا بس عشان أشوف مين اللي اتجرأ يجيب إسمها على لسانه و أقطعهوله كمان!
أجابت في خبث :
– حيلك حيلك طالع فيا كدا ليه..؟
الحق عليا إني جبتلك صور لحبيبة القلب و هيا بتخونك، عموماً خلاص إنت الخسران .
همت لتغادر وأعطت إليه ظهرها تُمثل أنها سوف تغادر المكان بهدف إغاظته ، أمسكها سليم من ذراعها بعنف قائلاً:
– تعالي هنا انا لسه مخلصتش كلامي ولا حسابي معاكي
أجابت في حنق:
– بقولك إيه قبل ما تهددني شوف الصور و أحكم بنفسك.. ثم مدت يدها إليه بظرف يوجد بداخله مجموعه من الصور..
أخذهم منها بعنف وكان لا يصدق أبداً ما تقول..
فتح الظرف و نظر إلى الصور الموجوده به ووجد ما لا يُرضيه..
رفع بصره إليها في غضب ثم جذبها من شعرها وهو يقول في غضب:
– جبتي الصور دي منين ها! ومين اللي معاها في الصورة ده يازبالة انطقي!
فاكرة نفسك انتصرتي عليها وإني خلاص كدة هسيبها وأبص لواحده شبهك!
هتفت في خوف وهي تتألم:
– إوعى سيب شعري..
قاومته حتى استطاعت أن تُفلت يديه من بين شعرها وقالت:
– أنا مش فاهمه ازاي شايفها بعينك مع واحد تاني و عادي كدا مش قادر تصدق!
زهره بتخونك يا سليم فوق بقى..
بص في الصور كويس وانت هتفهم اللي بتعمي عينك عنه، والله أعلم بتعمل ايه تاني من وراك دي واحده خاينه متستاهلكش..
كان وقع الكلمات على مسمعه يفوق قدرته على التحمل فصفعها على وجهها بقوة مما ترك أثر أصابع يديه مرسومة على وجهها قائلاً:
– إخرسي.. زهرة دي أشرف منك ومن أمثالك إياكي تجيبي إسمها على لسانك مرة تانية.. إنتي فاهمة!
إنتي أحقر وأرخص من إني أصدق كلام ولا صور زي دي تطلع من تحت إيدك..
وهدفعك تمنها غالي أوي إنتي وأي حد ساعدك في القرف اللي جوا دماغك ده..
ثم دفعها عن طريقه في غضب ووقعت على الأرض تبكي وتطق عينيها بالشر وتنظر له بالتوعد حتى غاب عن ناظريها..
٭٭٭
أخذ الصور بين يديه و ذهب متجهاً إلى حيثُ زهرة، اتصل بها أولاً فأجابت:
– ألو حبيبي عامل ايه؟
أجاب في جمود:
– إنتي فين!
أجابت بتعجب :
– أنا فالبيت، مالك بتتكلم كدة ليه!
– أنا جايلك.. سلام.
اجابت وهي تتسائل في نفسها عن سبب ذلك الإسلوب معها:
– سلام!
٭٭٭
بعد عدة دقائق وصل سليم إلى بيت زهرة فتحت له سنية قائلة:
– أهلاً يا سليم اتفضل.. ازيك يابني
– أنا كويس.. فين زهرة!
– ادخل أقعد طيب هندهلك عليها..
دلف إلى غرفة الصالون ينتظر إلى أن دلفت عليه زهرة في تشتت وقلق..
فلما وقع بصره عليها قال:
– تعالي يا هانم اقعدي هنا جنبي كدة..
جلست بالقرب منه وهي لازالت لا تفهم ما الذي يحدث فقالت:
– في إيه ياسليم؟! انت كويس!
أجاب في غضب:
– زي الزفت..
– إهدا طيب وقولي في إيه أنا عملت حاجه غلط؟
مد يده إليها بالظرف قائلاً:
– اتفضلي شوفي.. وفهميني إيه ده بالظبط!
سحبت الظرف منه وفتحته وأخذت تتأمل في الصور فوجدت نفسها واقفة وأمامها شاب يحتضنها والتالية واضع يده على كتفها وأخرى وهي ممسكة بذراعه وهو الآخر ممسك بذراعها والرابعة كانت تجلس فيها بين أحضانه.. إنه ذلك الشاب الذي كان يدّعي المرض و عدم القدره على الوقوف من شدة التعب.. ثم رفعت بصرها إليه تتسائل في ذهول :
– إيه ده !
أجاب في غضب:
– إنتي بتسأليني أنا.. أنا اللي مفروض اسألك ايه ده!
– لحظة بس هوا إنت بتراقبني و ممشي ورايا حد يصورني!
أجاب:
– أراقبك دا إيه انتي اتجننتي! ايه اللي حصل يخليكي في موقف زي ده و ليه مقولتليش!
اجابت وقد احتقن وجهها غضباً قائلة:
– مش قبل ما أعرف مين اللي جابلك الصور دي..
شد سليم على قبضة يده فقال في غضب:
– زهرة! متختبريش صبري في موقف زي ده وفهميني قبل ما أفقد أعصابي، مين اللي في الصورة ده وازاي كنتي واقفة معاه كدة..
بدأت تقص عليه في توتر وضيق ما حدث ذلك اليوم الذي استأذنت فيه لتغادر بعدما أنهت ما لديها من عمل ومقابلتها لذلك الشاب وما حدث منه بالتفصيل إلى أن جاءت إليه بالتاكسي ولم تجده!
فتسائل:
– وليه مقولتليش على اللي حصل ده!
– هوا جه وقت مناسب نتكلم فيه أساساً ما إنت دايما مش فاضي وعندك مشاوير وشغل..
ثم استطردت قولها في غضب قائلة:
– أقدر أفهم بقى إزاي الصور دي اتصورت و إزاي وصلتلك! انت بتشك فيا يا سليم؟ مش واثق فيا للدرجة دي! ولما هوا كدة مكمل معايا ليه من الأساس..
ثم بكت في حرقة قائلة:
– على فكرة أنا ميهمنيش أي حاجه طالما هعيش مع واحد مش بيثق فيا وبيراقبني!
ثم هبت واقفة في غضب وهي تبكي قائلة:
– انا مش هكمل معاك ياسليم..
قال في هدوء:
– خلصتي!
بقت صامتة لا تُجيب فجذبها من ذراعها لتجلس بجانبه من جديد فقال:
– مش عيب عليكي أنا أشوف صور زي دي وأجي اسألك واسمع منك وانتي تحكمي عليا وتقولي كل الكلام ده من قبل حتى ما تسمعيني!
إنتي مش عارفة بسبب الصور دي أنا عملت إيه عشانك ولسة هعمل ايه!
يابت أنا بثق فيكي وعارفك على إيه وعارف إني حتى لو شوفتك بعيني هبقى فاهم إنتي جواكي ونيتك إيه أنا مش عيل صغير يازهرة..
أجابت وهي تبكي في قهرة:
– آه بدليل إنك جاي تزعق فيا وتتشخط عليا وتعمل اللي عملته ده صح!
أمسك بيدها قائلاً:
– أنا كل اللي كان معصبني كدة حاجه واحدة بس، إنك معرفتنيش بالموقف اللي حصل معاكي ده..
سحبت يدها من بين يديه ثم أخذ يمرر أصابعه على وجنتيها مزيلاً أثر تلك الدموع عن عينيها ووجنتيها قائلاً:
– أنا هفهمك كل حاجه..
قص عليها كل شيء منذ البداية بشأن صديقات النادي وما حدث قبل قليل ثم قال:
– أنا متأكد إنها مش لواحدها اللي عملت كل ده، وصدقيني هجيبلك حقك لحد عندك يازهرة ومبقاش راجل لو دا محصلش..
أخفضت رأسها وهي تبكي على سذاجتها وكيف تحملت ذلك اللعين وساندته حينما ظنت به ألماً حقيقياً ويود المساعدة..
رفع سليم وجهها للأعلى قائلاً:
– متبصيش للأرض أبداً انتي أشرف وأجمل وانقى بنت شافتها عيني.. محصلش منك إلا اللي كان أي حد مكانك هيعمله متزعليش..
ثم جذبها إلى حضنه وأخذ يُربت على كتفها بحنان قائلاً:
– أنا آسف بالنيابة عن كل حد وكل حاجه زعلتك حتى عن نفسي..
أبعدته عنها برفق فقالت:
– خلاص حصل خير وبعدين متستغلش الموقف كتير..
ضحك في حرج فقال:
– قصدك يعني عشان مسكت إيدك وأخدتك في حضني ؟ ياهبلة دا حضن بريئ.. أنا بواسيكي وبعدين إنتي بتاعتي عاجلاً أو آجلاً إنتي ليا…
فلما ضحكت زهرة وبدأت تهدأ دلفت سنية تحمل عصير الليمون فجلست دون ان تنطق بكلمة، نظرت لها زهرة في تعجب وكذلك سليم ثم نطقت أخيراً:
– طبعاً انتوا فاكريني كل ده نايمة على وداني ومش سامعة صوتكوا اللي جايب آخر الدنيا..
أخفضت زهرة بصرها ولم تنطق فاستطردت سنية قولها:
– أنا سمعت كل حاجه حصلت ومحبتش اتدخل بينكوا، وكنت مستنية أشوف النقاش الغريب دا بينكوا هيوصل لحد فين بما انكوا هتكونوا زوجين في المستقبل، ولا دي هتكون اول ولا آخر مرة تتخانقوا فيها..
أزاح سليم بصره بعيداً في حرج فقالت:
– بس أنا اتطمنت عليكوا إن مهما حصل سليم هيكون ليكي ونعم السند يابنتي وعمره ما هيظلمك ولا يجي عليكي ولا يسمح لحد إنه يأذيكي..
يعني أقدر أموت وانا متطمنة على بنتي إنها في إيد أمينة..
قام سليم يقبل يدها قائلاً:
– ألف بعد الشر على حضرتك، هتعيشي وتشوفيها في بيتها متهنية وتلعبي مع أولادها وكمان تجوزيهم..
ضحكت سنية فقالت:
– كل ده؟! ليه هنخلد فيها..
نظرت إلى زهرة التي لازالت تتساقط الدمع من عينيها فقالت:
– متزعليش يابنتي يابخت من بات مظلوم ومباتش ظالم..
أجابت من وسط دموعها:
– أنا مش مستوعبة معقولة في ناس ساكن في قلبها الشر للدرجة دي!
ممكن بالساهل يدمروا حياة أي حد عادي كدة؟!
يعني الواحد يقدم الخير و يكون المقابل شر !
أجاب سليم:
– معلش يعني انتي الغلطانه بردو مهو مش أي حد تصدقيه كدة و تتعاطفي معاه! خليكي حذرة اكتر من كدة في تعاملك مع الأغراب، دي الدنيا مبقتش زي زمان.. كان ممكن يخطفوكي بالساهل من ورا طيبة قلبك الزايدة دي ياحبيبتي..
هتفت سنية في صدمة:
– يالهوي!
ردت زهرة قائلة:
– أنا بعد كدة لو شوفت حد بيموت قدامي مش هقرب منه..
أجاب سليم:
– مافيش حد يقدر يأذيكي طول ما أنا جنبك..
علقت عليه سنية:
– ربنا يصلح حالكوا ياحبايبي
رد سليم:
– آه صحيح كنت هنسى، يوم الخميس الجاي بابا وماما جايين معايا هنا نتقدم رسمي لزهرة هانم..
ابتسمت زهرة في خجل وسعادة وكذلك قالت سنية:
– ربنا ييسرلكوا أموركوا ويفرحني بيكوا ياحبايبي..
أجاب سليم:
– تسلمي يا ماما سنية.. أنا لازم أمشي بقى الوقت اتأخر.. هتعوزوا مني أي حاجه؟
نظرت له سنية وقالت:
– سلامتك ياحبيبي
وردت زهرة:
– سلامتك لما تروح كلمني..
أجاب:
– حاضر إن شاء الله..
ثم خرج من المنزل وقام بتقطيع الصور إلى أجزاء صغيرة جداً ثم ألقى بيها في القمامة
وهو يتوعد بالشر إلى رنا وأصدقائها..
٭٭★٭٭

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على : (رواية زهرة)

اترك رد