روايات

رواية ظل السحاب الفصل الثامن عشر 18 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب الفصل الثامن عشر 18 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب البارت الثامن عشر

رواية ظل السحاب الجزء الثامن عشر

رواية ظل السحاب الحلقة الثامنة عشر

: شوفت بقا يا عزوز إن بنتك طول عمرها بترفع راسك، وان دي درجات وهمية ومش مهمة كمان!
صاحت بها فريدة بطرافة أثناء دخولها البيت في صحبة أبيها، ثم رد عز عليها قائلًا باستياء
: أيوة، بس الأستاذ هادي قال إن مستواكي مش اللي هو، وإنك مش بتركزي معاه ودايمًا سرحانة!
اتسعت عينيها في دهشة: هو قال كدة؟
: يعني، مش بالظبط بس أنا اللي بلاحظ كدة عليكي!
قالها وهو يتوجه ناحية الطاولة ويلقي عليها المفاتيح، ثم التفت لها وأسند يده على كتفها وقال بهدوء
: شوفي يا فريدة يا حبيبتي، انتي بنتي الوحيدة وأنا بخاف عليكي من كل حاجة، حتى من نفسك .. فلو فيه أي شيء شاغل بالك تعالي واحكيلي وهنحل المشكلة سوا
ابتسمت وضمت والدها: ربنا يبارك لي في عمرك يا حبيبي، أصلاً انت صاحبي قبل ما تبقى أبويا…
ثم ابتعدت عنه لتقول وهي تضع كفتيها ع صدره: بس متخافش عليا .. وبعدين دة أنا اسلك ف الحديد ولا إيه؟
قالت مازحة ليمسد ع شعرها بلطف، ثم يسأل: قوليلي صحيح أخبارك ايه ف شغلك مع مراد؟
بتيه وتوتر: ها؟ مراد؟ كويس، قصدي يعني الشغل كويس
تعجب من نبرتها: هو بيضايقك؟
لترد ف عقلها “إن جيت للحق أنا اللي بضايقه”
ثم تنفي برأسها: لا يا بابا، دة حتى عنده عمة لطيفة أوي، طول الوقت مع بعض وبقينا صحاب
بغرابة: عمته؟
بعفوية: أه، نيـ…
بتر كلامها صوت رنين جوالها، ثم فتحت حقيبتها وأخرجت هاتفها لترى أنها هي المتصل
: دي هي، بعد إذنك يا بابا هرد
كانت سترد لولا أن أوقفها هو: لا خشي كلميها جوة، أصل أنا داخل أنام
قالت وهي تقبله: ماشي يا زيزو، تصبح ع خير
ثم اتجهت نحو غرفتها لتحادثها، بينما عز دلف لحجرته ثم أخرج الصندوق لتظهر ابتسامة خافتة، ثم يسبح في بحر ذكرياته الجميلة مع نيرة، وبالأخص اليوم الذي تركها به، يتذكره بحذافيره، كمن كان بالأمس ****
: عز أرجوك تعالى نهرب، بلاش تضيع حبنا عشان خاطر ناس مش هاممهم غير المظاهر الخداعة!
كانت تلك المسكينة تترجاه بعينيها المترقرقة بالدمع، وهي قابضة على كفيه بشدة وكأنها تخاف فقدانه .. ليسحب عز الدين يديه بأسى وقلة حيلة ثم يقول بنبرة متحشرجة..
: إذا كان عليا أنا نفسي آخدك بعيد عن الدنيا بحالها، بس يا نيرة عمري ما هقدر أشوف نظرة لوم ف عيونك ف يوم من الأيام عشان بعدتك عن أهلك!
أردفت بشجن: مش هطلب منك أبدًا أشوفهم ولا حتى هلومك، أنا متأكدة إن حبك هيقدر ينسيني كل حاجة، حبك لوحده كفيل إنه يعوضني عن حب أهلي
اهتزت مقلتيها التي يشوبها الدمع الثائر في عينيها، لتسمع منه ردًا قد صدمها وجمد قلبها الرقيق
: الحب وحده مش كفاية خليكي واقعية، اركني مشاعرك ع جنب وفكري بعقلك مش بعواطفك، بلاش تكوني ساذجة!
كان كلامه قاسيًا ونبرته حادة بعض الشئ، أغلقت جفنيها وبدأت الدموع تتناثر على وجنتيها الورديتان، وقد احمر جفنها وتفتلت أهدابها من كثرة بكاءها..
شعر عز الدين بخنجر قد استقر في فؤاده وتفتتًا في أحشائه، لا يستطيع أن يراها ضعيفة هكذا .. ليرفع يده المرتجفه ويمسح دمعها الحار بلطف، ويهمس بنبرة مخملية جياشة..
: أنا آسف، غصب عني يا حبيب الروح، مكانش قصدي أتعصب عليكي
رفعت بصرها ببطء، فبالكاد يرى زمردتيها الذابلة التي أغرقتها الدموع.. تطلعت إليه بعتاب أصابه في مقتل، لتهمس ببحه..
: أنا مش زعلانة منك، أنا زعلانة عليك أوي، كنت فاكرة إني لما آجي أقولك نبعد عنهم، هتوافقني من غير ما تفكر
تعسرت كلماتها قليلًا، بعدما شعرت بنفضة تسري في أوصالها .. ليرد بصوت رقيق
: مش هعرف أعمل اللي بتقولي عليه عشان كدة بثبت لنفسي وليهم إني ضعيف، وأنا مش كدة يا نيرة
لتندفع بهمس وهي تمسك بيديه وهي تمسد عليها بوجنتها
: أنت أشجع راجل ف الدنيا، واللي هنعمله دة مش ضعف يا عز، احنا هنتوج حبنا ودي أكبر قوة لينا
لا ينبغي عليه أن يرفض هذه الجميلة قد أوقعته في مأزق حقيقي، لكن هو.. هو لا يمكن أن يقدم ع تلك الفعلة
تنهد ليردف بهدوء: نيرة، انتي عارفة إن أمي تعبانة ومش حمل شحططة، ولو حصلها أي حاجة مش هقدر أسامح نفسي، دة غير صعب ألاقي شغل بسهولة!
هدرت بأمل: مش هيجرالها أي حاجة، والله هشيلها ف عنيا الاتنين، وكمان هنسافر بيها برة ونعرضها ع أحسن دكاترة، أنا عندي صيغة وفلوس كتير مش هنحتاج لأي حد
سحب يده باستياء: نيرة انتي بتقولي إيه؟ هو انتي شايفاني قليل للدرجة؟ أو مش هقدر أوفرلك عيشة كريمة؟
بوجهٍ باكِ وبراءة: أعمل إيه، أنا عايزة أعيش معاك بأي طريقة، بحاول ألاقيلك حلول لحججك
تذمر: نيرة أنا مبتحججش، أنا عايزك تفهمي
زمجرت ببكاء: مش عايزة أفهم، أنا عايزة أكون ويّاك
: وأنا مش هقدر، أرجوكي متصعبيهاش عليا
همس بقلب مكسور، لتسأل هي في ضعف ويأس: يعني دة آخر كلام عندك؟
حدق في مقلتيها بحزن عميق، وأُلجم لسانه الذي يأبى أن ينطقها، كما صرخ فؤاده بين ضلوعه، صرخة هزت وجدانه، يود احتضانها وبشدة.. تنهد بوتيرة قبل أن ينطق بتلعثم
: أ..أيوة، ودي آخر مرة هشوفك فيها
أحست بغصة في حلقها، ونكزة قوية استقرت بقلبها .. ثم نهض عز وهو يشعر بساقيه لا تتحمله وكأنه هرم .. استدار بضعف ليذهب فأوقفه صوتها الأجهش
: عز…!
التفت ببطء لها وهو يحاول ألا يضعف، فهمس في صمود زائف
: نعم؟
وقفت واقتربت منه وهي تلفح حرارة ناعمة لامست وجهه وجعلت نبضات قلبه تنخفض .. لتهمس
: أنا بحبك
بدأت ضربات قلبه تزداد حتى أنها قد شعرت بدقاته تصل إليها.. حاول تنظيم أنفاسه ليجعل نبرته طبيعية، ثم قال ف جمود زائف..
: وأنا مبحبكيش، وبتمنى تلاقي الإنسان اللي يستاهلك، وأكون أنا مجرد ذكرى ليكي
قالها وهو ينظر لعينيها، داخل مقلتيها يود أن يصل لقلبها ويخبره أنه لن يعشق سواه، حتى عندما يستدير ليغادر ستتوقف تلك النبضة عن الخفقان المستمر، وسيصبح قلبه بلا روح لأنها روح الفؤاد..
نصل يدها بهدوء من قميصه الذي تقبض عليه براحتها كالطفل الصغير، ثم استدار وتحرك بخطوات واهية ومتثاقلة، راقبته وهو يغادر ببطء وعينيها تتابعه وقلبها يركض وراءه تريد إيقافه، لن تستطيع العيش من دونه،
لم هو متحجر القلب هكذا، تعلم أنه يحبها لكن ما الفائدة وها هو يتركها وحيدة بلا رفيق .. هبطت دمعة قهر من عينيه تعبر عن انهيار داخلي، وفؤادًا يحترق مع كل خطوة تبعده عنها .. يا ليته يلتفت لها للمرة الأخيرة لكن إن حدث لن يتحمل وسيركض لها فورًا، عندها لن يستطيع الفراق وسيفعل ما يود فعله ويخطفها بعيدًا…
__________
: هتعملي إيه دلوقتي يا ست حلويات انتي؟
سألت فريدة بسخرية، وهي تجلس أمام نيرة بمكتبها
: مش عارفة يا فيري، أنا خايفة مراد يتهور ويضايقه بالكلام
قالت وهي تفرك أصابعها بتوتر، لترد الأخرى معاتبة
: بصراحة انتي غلطانة، مكانش أصلاً لازم تقولي له
نهضت وتحركت لتجلس بالمقعد قبالتها
: ما تعودتش أخبي عنه حاجة، وبعدين كان هيشك لما يلقاني متلخبطة، أصله بيخاف عليا أوي
قالت برقة لتردف فريدة بابتسامة
: عارفة علاقتك بمراد شبه علاقتي بـ بابا أوي، هو كمان بيحس بيا زيه
ابتسمت: ربنا يباركلك فيه
ثم تنهدت بحيرة لتقول: قوليلي أعمل ايه، مش عايزة مراد يروح، أصلي خايفة من المواجهة بينهم
استنكرت: بقا خايفة من المواجهة، ولا خايفة تضيعي الفرصة انك تشوفيه
قالت بنبرة لعوب، وهي تعلو ابتسامة ماكرة ع وجهها .. احمرت وجنتي نيرة بشدة، فضحكت فريدة بصوت عالي
: يا لهوي ع الطمطاية…
لتصمت هنيهة وهي تتعمق في الخلاء، ثم تصيح بمرح وهي تطقق أناملها ببعضهم
: لقيتها
: لقيتي إيه؟
: الحل، اسمعي أنا هحاول أعطلك مراد ع قد ما أقدر .. وانتي تروحي تجيبي صندوقك منه، وبكدة مراد مش هيعرف يشوفه!
قالت كلمتها الأخيرة وهي تهز كتفيها ببساطة، لتنتظر الأخرى لوهلة وهي تقلّب الموضوع برأسها، ثم قالت بهدوء
: تفتكري؟ طيب لو اكتشف بعد كدة إني روحتله من وراه؟
قامت بتذمر وهي تهتف باستهجان: هو مين عم مين؟ انتي كمان عاوزة تستأذنيه قبل ما تعملي حاجة؟
لتنهض نيرة بهدوء: مراد مش مجرد ابن أخ يا فريدة، أنا بعتبره أخويا وإبني وأحياناً أوي أبويا، فصعب أوي أعمل حاجة من غير ما أقوله
همهمت بتفكير: طيب خلاص روحي قوليله إنك مش عاوزاه يروح، بسيطة!
تنهدت نيرة بشرود وهي تفكر كيف سيكون رد فعله
_______
دلفت نيرة لمكتب مراد، فوجدته منهمك في الحاسوب ولم ينتبه لوجودها، حمحمت فرفع ببصره إليها
: نيرة، تعالي
أشار إليها بالجلوس، فتقدمت وجلست على المقعد، فقالت
: كنت عايزاك ف موضوع
أغلق حاسوبه، ثم أردف باهتمام: قولي يا ستي اللي عايزاه
فتحت فمها لتجيب، لكن قاطعها دخول العم شفيق وعماد باندفاع، وتعتلي ملامحهما الإصفرار
نهض مراد وتساءل في تعجب من دخولها: ف إيه يا جماعة، مالكم؟
اندفع عماد قائلًا: الحق يا مراد باشا، مصيبة!***
_______
خرج مراد من الشركة وصعد عربته وانطلق في سرعة رهيبة وكأن فاجعة قد حدثت .. قاد سيارته إلى أن وصل لمكان به حريق عارم…
تقدم شخص وهو يجهش بالبكاء: الحق يا باشا المكتب باللي فيه اتحرق، ومفيش حاجة فضلت فيه غير الرماد
: حد جراله حاجة؟
سأل في لهفة وقلق، لينفي الشخص برأسه وهو يرتجف
: لا مفيش، يعني شوية إصابات خفيفة للموظفين، بس كل الأوراق والأرشيفات اتحرقوا
تنهد مراد براحة، ثم قال: مش مهم الورق، اطلبوا الإسعاف للناس اللي اتأذوا
هز رأسه بإيجاب ثم يذهب وينفذ ما أمره به مراد، ليأتي من خلفه عماد والعم شفيق، ليلتفت لهما ويتساءل
: إيه سبب الحريقة دي؟
رد عماد: لسة ما فيش حد يعرف، بس أنا شاكك إنه ماس كهربائي!
نعر باستهجان: شاكك؟
أخفض عماد رأسه، ليشير مراد بسبابته: اسمع، مش عايزك تتنقل من هنا غير لما تعرفلي حصل إيه بالتفصيل
أومأ عماد برأسه ثم ذهب، ليقول العم شفيق وهو يرى توتر مراد..
: أهدى يا مراد يابني كل شئ هيبقى كويس
نظر للعم شفيق وقال بهدوء: يا ريت تصرف للموظفين اللي اتصابوا أجر إضافي، وكمان يروحوا أحسن مستشفى!
ربت ت ذراعه برفق: حاضر
________
: عملتي إيه؟
سألت فريدة باهتمام، وهي تقف بالممر مع نيرة
: ملحقتش، أصل في مكتب لمراد اتحرق، وجري بسرعة ع هناك
وضعت يدها ع صدرها: يا ساتر يا رب، ومين اللي حرقه؟
رفعت حاجبيها: مش عارفة، لما يرجع هعرف التفاصيل
: طيب يلا روحي جيبي صندوقك، دي فرصة كويسة ومراد مشغول
اومأت برأسها بتردد، لديها رهبة من أنها تقدم ع فعلة قد تنجرح بسببها مرة أخرى.
_________
وقفت بسيارتها أمام الورشة، ملأت صدرها بالهواء وتنهدت بقوة قبل أن تهبط، لتجد عز يخرج من الورشة وف يده الصندوق، فيتقدم منها ويقول بابتسامة
: كنت حاسس إنه انتي .. اتفضلي جهزتهولك من امبارح
مد يده يعطيه لها فتتلقاه بلطف، وتهمس
: متشكرة أوي .. تمن تصليحه كام بقا؟
: تاني؟ ع فكرة انتي كدة بتشتميني!!
شهقت بدهشة، ثم تقول ببراءة: لا والله مش بشتمك، أنا بشكرك!!
ضحك: لسة طيوبة زي مانتي، أنا أقصد عشان بتقوليلي تمنه، هو فيه بينا الكلام دة؟
استنكر بهمس، لتبتسم بخجل: هو مفيش، بس برضو مش هينفع آخده من غير ما أدفع تمنه!!
: طب إيه رأيك تعزميني ع حاجة ف أي مكان؟
اقترح هذه الفكرة بعفوية حتى يمكث معها أطول وقت ممكن .. ابتلعت لعابها وهي تحدق به بحيرة وخوف
: بس…
: لو مش هينفع خلاص براحتك، أنا مش بضغط عليكي، أنا بس بهزر مش أكتر
ظهر الحزن والاستياء على معالمه، ليس من حقه بعد أن تركها أن يطلب منها شيئًا كهذا!
فتسارعت بالأجابة: لالالا، مش قصدي
ابتسم فقالت وهي تشير له: اتفضل
تهللت أساريره وهو يصعد سيارتها بجوارها .. أما هي فقد نسيت تحذيرات مراد وانجرفت نحو مشاعرها التي لا تقدر ع كبحها، لأنها ما زالت تحبه!
وصلت به إلى مكان عام وجلسا ع طاولة، فبدأ هو بالحديث بسؤال..
: عاملة إيه ف حياتك يا نيرة؟
ردت بنعومة وهي تضع العصير أمامها بعد أن ارتشفت منه
: الحمد لله، وانت؟ سمعت إنك اتجوزت وخلفت، معاك كم ولد وبنت؟
ابتسم: بنت واحدة واسمها فريدة ع اسم جدتها
اندهشت بمرح: فريدة؟
فغمغم بشجن وهو يومئ برأسه برفق: كان نفسي أسميها نيرة
ابتلعت غصة ف حلقها وشعرت بنغزة في صدرها، ثم حاولت أن ترسم ابتسامة كي لا تضعف
: ربنا يخليهالك، ومراتك!
سألت فأجاب بأسى: الله يرحمها ماتت من 9 سنين، بسبب المرض الخبيث
حزنت: ربنا يرحمها
ثم سأل في همس: وانتي… خلفتي؟
: أنا متجوزتش يا عز عشان أخلف!
قالت فجحظت عيناه من الدهشة: إيه؟ ليـــه؟!!!!
ردت باقتضاب: نصيب .. المهم أنا لازم أمشي عشان متأخرش
قالت وهي تنهض، فقام هو الآخر ليقول بلهفة دون تفكير
: هشوفك تاني؟
تعجبت له: مش عارفة
ثم فتحت حقيبتها لتخرج النقود، فسارع هو وأمسك بيدها يمنعها، لتسحبها بسرعة بعد أن شعرت بصعقة كهربائية لامست جسدها من لمسته..
ليردف بنبرة رخيمة: متأسف، اتفضلي انتي وانا هدفع الحساب!
: بس احنا اتفقنا انا اللي هعزمك!
ابتسم بألم: بس أنا كنت بهزر يا نيرة!!
تنهدت بوجع وبدى ع وجهها الكدر، هو يظن أنا قد نسيت لكنها تتذكره جيدًا، حتى مزحه معها بشأن دفع الحساب سابقًا!
رفعت رأسها وسألته في لطف: تحب أوصلك ف حتة؟
: لا متشكر، اتفضلي انتي عشان متتعطليش
أشار إليها بالذهاب ثم سارت مغادرة وهو يراقبها حتى اختفت من أمام ناظره
_______
الساعة قد دقت الخامسة مساءًا وما زال مراد بالخارج ولم يعود، نفخت نيرة الهواء من فمها وهي تشعر بالقلق .. هبطت لأسفل وهتفت سائلة ..
: مدام عفاف، مراد لسة موصلش؟
خرجت الأخرى من المطبخ وهي تقول: لا يا هانم
أردفت وهي تفرك بيديها: دة حتى تليفونه مقفول، أنا قلقانة أوي!
وقبل أن ترد عفاف وع إثر حديثها، انفتح الباب وكان الداخل هو مراد .. ركضت صوبه فورًا واحتضنته
: مراد، اتأخرت كدة ليه خضتني عليك، وليه تليفونك مقفول!
توترت كلماتها، ليجيب بحنو: اهدي يا نيرة، أنا كويس أهو
: طب حصل إيه ف المكتب طمني؟
: الحمد لله، حاجة بسيطة
أجاب مختصرًا دون إعطاء أي تفاصيل، ثم ضم كتفها إليه وهو يتجه نحو الردهة وجلس في إنهاك ..
: شكلك تعبان أوي، هروح أخليهم يجهزولك الأكل!
: ماشي، وأنا هطلع آخد دش أفك عضلاتي
قال وهو ينهض، فأومات نيرة برأسها .. بعد أن طلع الدرج جلست لبرهة تفكر في عقلها، هل يجب أن تخبره أنها قد ذهبت لـ عز الدين وقابلته، أم تترك الأمر يأتي رويدًا؟!
قررت ألا تخبره فهو لا يتحمل ضغطًا آخر، يكفي ما مر به اليوم.
________
باليوم التالي، مراد يقود سيارته متجهًا نحو الورشة، يود وبشدة أن يعرف شخصية هذا الذي قد نكث وعده مع نيرة، وتركها دون أن يشعر ولو بذرة من الأسى نحوها ..
وصل أمام الوشة المقصودة، ثم هبط من السيارة ليجد شخصًا ويسأله عن عز دون أن يخطر في باله أنه يكون أبا فريدة…
دلف الشخص لداخل الورشة وصاح قائلًا
: عم عز، في واحد برة بيسأل عنك
: دة تلاقيه أسامة!
لينفي: لا دة باين عليه راجل مهم من المتريشين دول!
تعجب: مين دة؟
ثم تحرك ليرى من هذا!
_______
كانت تخفق البيض مع السكر لتصنع كعكة، فهتفت
: احكيلي بقا بالتفصيل حصل إيه؟
أسندت يدها على الرخامة فقالت: طلب مني أعزمه ع حاجة، وروحت معاه
توسع فمها بمرح: بتهزري؟ وقالك إيه؟
تنهدت محاولة الثبات: ولا حاجة، قاللي إنه اتجوز وخلف بنت اسمها فريدة
اندفعت باندهاش: فريدة؟!
ضحكت بوجع: تصوري إن إحنا كنا متفقين انا وهو نسمي أول بنوتة فريدة ع إسم مامته، فهو سمى فريدة بس من واحدة تانية!
ابتلعت فريدة مرارة وهي تتمنى ما تفكر به ألا يكون، وبالكاد خرج صوت مختنق وهي تسأل..
: هو اسم حبيبك إيه؟
: عز الدين
سقط الإناء من يدي فريدة ليدوي صوت ارتطام قوي أصدح في المكان كله……………….
يتبع..
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية ظل السحاب )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *