روايات

رواية مقامر المحبة الفصل الأول 1 بقلم روزان مصطفى

رواية مقامر المحبة الفصل الأول 1 بقلم روزان مصطفى

رواية مقامر المحبة البارت الأول

رواية مقامر المحبة الجزء الأول

رواية مقامر المحبة الحلقة الأولى

| مُقــامر المـــــــحبة |
المُقدمة:
حتى تستطيع إبتلاع الدواء دون الشعور بالقيء، تناول بعده قِطعة من الحلوى، وحتى تتقبل الواقع المقيت الذي نُعاصرُه.. عليك الهروب منه عن طريق خيالك
تِلك البوابة التي على وشك أن تخطو داخلها، هو خيالي الخاص، الخصب.. الذي لطالما جذبك، أرجو ألا تظل عالِقًا في الداخل ، مرحبًا أيُها المُقامر! تم قبول تذكرة دخولك.
مُلاحظة الكاتب | لا سامح الله ولا عفا ولا غفر، لـِ من يستحِل كلماتي.. حبكتي، أحداثي، إسلوبي، وحتى شخصيات رواياتي لـِ ذاتُه، وأنا لن أسامح.. |
٢: جميع الشخصيات، الأماكن، وحتى الأحداث من وحي خيال الكاتِب، قِراءة مُمتعة.
♠ المُقامرة الأولى ♠ 1
_ سِتة عشر ربيعًا
المكان: المنطقة ٩٠
التوقيت: بعد غروب الشمس مُباشرةً

 

بدأ مقهى ” ليالي الأُنس في صف المقاعد الخشبية في الخارج، والطاولات.. تحرك بينهُما ” وصيف ” صبي المقهى ضئيل الجسد ذو البشرة السمراء العتيقة التي تنُم عن الجُهد لـ كسب قوت اليوم
تحرك بـِ خِفة وهو يمسح الطاولات بالمنشفة الصغيرة،
أما صاحب المقهى في الداخل قام بـ تشغيل المذياع على صوت السيدة أم كلثوم ” أغدًا ألقاك؟ ”
وبدأ بقية سُكان المنطقة في فتح باقي المحلات المُغلقة
على صوت وألحان الأغنية الصادحة من المِذياع
وفي الشُرفات، ربات المنازل، الجالسة ترتشف كوب قهوتها وهي تُتابع المارة ذهابًا وإيابًا بـ عينيها
والأخرى التي تقِف بـِ جانب قِطها حتى تدعُه يستنشق هواء الخارج
والأخيرة التي لا تملُك رفاهية الإثنتان اللاتي تم ذِكرهُن، وهي تُمسك بيدِها قميص زوجها المُبتل وتنفُضه بإرهاق، حتى لا يجِف وهو مُتعرِج التقسيمات
دُكان واحد فقط المُغلق ومُنطفيء أضواؤه..
إقتحمت سيارة أجرة المنطقة، وقد بدا عليها أنها من مُحافظة أخرى

 

ترجلت منها سيدة متوسطة القامة، بدينة نوعًا ما ترتدي عباءة سوداء واسعة، وعلى رأسها وشاح رمادي باهِت اللون، تستغفر الله بـِ صوت مُنخفِض وهي ترتدي حقيبة يدها..
قالت موجهه حديثها لـِ شخص أخر يجلس في الداخل: إنزلي يا ماما يلا، كتر خيرك يا إبني
ترجلت فتاة في السادسة عشر من عُمرها، قامتها ممشوقة.. جسدها ضئيل وشعرها أسود كـ ليل حالك، قصير نوعًا ما ينسدل على كتفيها
لها شامة سوداء صغيرة فوق شِفتها مِن جِهة اليسار، وبشرتها بـِ لون القمح
أما عيناها، زيتونيتين.. ناعستين..
وقفت بـِ جانب والدتها وهي تنظُر إلى المنطقة بـ رهبة
تحركت سيارة الأجرة مُغادرة المنطقة، ووقفت والدة الفتاة وهي تمسح وجهها المُتعرِق بـ منظيل ورقي مُهتريء وهي تقول: فوضت أمري إليك يا صاحب الأمر
بلت شفتيها وهي تنظُر للمنطقة وتُخاطِب إبنتها وتقول: لو ربنا أراد، وحنن قلبهُم علينا، هنعيش هِنا يا كادي
نظرت كادي لـِ والدتها قائلة: بس أنا متضايقة يا ماما! إنتِ بتقولي مبيحبوش بابا الله يرحمُه، إزاي أتقبلهُم!

 

والدتها بـِ حزم: ششش! أبوكِ الله يرحمُه شرب أخوه الله يرحمه برضو اللي هو عمك المرار من سوء أفعالُه، أنا جاية لِـ مرات عمِك ووشي في الأرض مِنها! وبدعي من جوايا ربنا يحنن قلبها هي وإبن عمك علينا عشان منترميش في الشارع، لأحسن أهلي مقاطعيني من ساعة ما إتجوزت أبوكِ
تأففت كادي قائِلة: هو مش لينا وِرث جدو؟
ضحِكت والِدتها بـ سُخرية قائلة: أبوكِ خلانا على الحديدة حتى بعد وفاتُه، عشان أسِد ديونه.. حسبي الله ونعم الوكيل
إقترب وصيف صبي المقهى مِنهُم قائِلًا وهو يمسح بـِ ذِراعُه جبينهُ المُتعرِق: إؤمري يا أمي؟ بتدوري على حاجة؟
والدة كادي: الله يستُرك يابني، هاخُد نفسي بس
أشار وصيف بـ يده لـِ طاولة وقال: تعالي إستريحي إنتِ والأمورة الصُغيرة، شكلكُم تعبانين
نظرت والِدة كادي لـِ المكان الذي يُشير إليه وقالت بـِ خجل: معقول نقعُد على قهوة رِجالة؟
وصيف بِـ ضحكة: شكلكُم أول مرة تيجوا المنطقة ٩٠، عادي يا أمي تقعُدي تعالي إستريحي
شكرته والِدة كادي وجلست على طاولة تطُل على الشارع، كان النسيم البارد مع غروب الشمس يهبهُم هدوء نفسي لا يوصف

 

قالت مُتسائِلة لـ صبي المقهى: متعرفش يا إبني ألاقي فين شقِة علي خطاب ؟
مسح الصبي الطاولة وهو يقول: شقة! بتسألي على مين تحديدًا؟
مسحت السيدة وجهها بـِ ذات المنديل مُجددًا وهي تقول: إياس علي خطاب.
إنفرج ثُغر وصيف وهو يقول بـِ نبرة عالية، مُبتهجة: شباب الخُن.
عقدت كادي حاجبيها قائِلة بإستغراب: الخُن؟
وصيف وهو يضع المنشفة على كتِفُه: إياس مفيش حد ميعرفهوش، شايفة الباب الكبير اللي هناك ومقفول دا؟
أومأت والدة كادي بـِ رأسها فـ أكمل وصيف قائِلًا: دا معرض العربيات بتاع إياس علي خطاب، أهو المعرض دا أهل المنطقة ٩٠ مسميينُه الخُن، عشان زي الرُكن بتاعُه هو وصحابُه، ومن ساعِتها إسمهُم شباب الخُن، مع إن اللهُم صلِ على النبي
كادي ووالدتها: عليه الصلاة والسلام
وصيف: رجالة ملو هدومهُم وخيرهُم على المنطقة
والِدة كادي بـ إنبهار: اللهُم بارك، تربية علي ورُفيدة يتضـِ|رِب بيها المثل
وصيف بـ تساؤل: لكِن لامؤاخذة مين حضرِتك؟

 

والِدة كادي: أنا چيهان مِرات عم إياس، ودي بنتي كادي يعني بنت عمُه
إتسعت عينا وصيف وقال: طب مش تقولي يا سِت الكُل، هجيبلكُم أزوزة
چيهان بـ إعتذار: لا يابني كتر خيرك، إحنا بس عاوزينك تعرفنا إياس فين
وصيف بـِ هدوء: لا والله شباب الخُن رِكبوا عربيتهُم ومشيوا من ساعتين كِدا، لكن الست روفيدة فوق في بيتها
ضيقت چيهان عيناها وقالت: أنهي عمارة بتاعتهُم؟
وصيف: الثلاث عمارات اللي جنب بعض دول بتوعهُم، بتوع إياس والست روفيدة
چيهان بـِ صدمة: بِسم الله ماشاء الله، طب أنهي عمارة وشقة كام بيت السِت روفيدة؟
قبل أن يُجيبها وصيف، إقتحمت المنطقة ٩٠ سيارة سوداء مُرتفِعة، زُجاج مُغيم.. وتُبطيء من سُرعتها
قال وصيف بـ تهليل: أهو إياس بيه حضر ..
نظرت كادي للسيارة بـ تركيز، ووالدتها أيضًا
ترجل من الأبواب الخلفية شابين، أحدهُم يرتدي مِعطف أسود قصير على بِنطال من الچينز الأزرق
والأخر بِنطال رمادي داكِن على سُترة سوداء
الأول شعره أسود قصير وعيناه لامعة غريبة

 

عندما رأهُ وصيف قال بـِ صوت مُرتفع: الغالي علينا غالي
أومأ غالي بـِ رأسُه ثُم نظر أمامُه ببرود.
نظر مهد أمامُه بـِ نظرة سريعة فـ قال وصيف: مهد بيه اللي مروقنا
چيهان بـ همس لإبنتها: تقريبًا اللي سايق إبن عمك
إبتلعت كادي لُعابها وهي تتنفس من فمها
فُتح الباب الأمامي للسيارة وترجل منه شاب، طويل عريض المنكبين.. ذو بشرة مائِلة للإسمرار نوعًا ما
شعره بـ لون الكستناء
نظرت كادي لـِ قسمات وجهه.. وعيناه بـ لون البُن الداكن، يبدوان غاضبتين
حك ذقنه وهو يقوم بإلقاء مفاتيح سيارته لـ وصيف قائِلًا: إركنها بعيد عن المعرض، عشان كُل ما يشوفوها يفتكروها للبيع
إلتقط وصيف المفاتيح قائِلًا: عينيا يا باشا، بس الجماعة دول بيسألوا عليك
نظر إياس تجاههُم، نظراتُه إصطدمت بـِ نظرات كادي

 

دق قلبها بـِ نغزة غريبة، تعجبت هي لها ولم تستطع إبعاد عينيها عنه إلا عِندما قامت والدتها فجأة بإتجاه إياس
وضعت كادي يدها على صدرها من جِهة اليسار وهي تتبع والدتها
چيهان بـِ إبتسامة ودودة: السلامُ عليكُم
إياس صمت قليلًا وهو يدرس ملامح وجهها، ثُم أجاب بـِ صوت بارد: وعليكُم السلام ورحمة الله!
چيهان وهي ترتجف قليلًا: ينفع نتكلم في معرضك أو بيتك يا إياس لو مش هعطلك؟
قال إياس بـِ صوت مُرهق: مش لما أعرف مين حضرتِك؟
صمتت چيهان قليلًا، حرك إياس نظره على الفتاة الصغيرة بـِ جانبها ولكنها كانت شاردة به تمامًا، أعاد نظره لـ چيهان ورفع حاجب واحد من حاجبيه في إنتظار إجابتها
چيهان بـ تردُد: مـ.. مرات عمك، الله يرحمُه.
تغيرت قسمات وجه إياس من البرود، للغضب الصامت، لاحظت كادي ذلك وإرتعدت قليلًا
لطالما خشيت چيهان تِلك المواجهه، لأنها تعلم عِلم اليقين كم الأذى الذي ألحقه زوجها الراحل بـ أخيه وعائلته، لكن إجابة إياس خالفت توقعاتها عِندما قال: إتفضلوا عندي في المعرض ..
تنفست چيهان الصعداء وهي تتبعُه، أما كادي كانت تنظُر لـ ظهرُه، عِطره.. وداخلها خوف لا تعلم مصدرُه.. هل بالفِعل ذلِك الرجُل هو إبن عمها؟

 

فتح مهد المعرض وقال شيئًا ما في أُذن إياس، ثُم ذهب
بـِ رفقة غالي
ضغط إياس زِر الإضاءة، وأنار المعرض
نظرت كادي بـ ذهول للسيارات الچديدة، موديل السنة كما يُطلِقون عليها
أشار إياس لهُم لـ يجلسوا على مكتبه، المقاعد أمامُه
ثُم جلس هو خلف مكتبه قائِلًا: تِشربوا إيه؟
چيهان بـ إعجاب تام بـ لباقته وحُسن إستقباله ونُضجه العقلي: ربنا يحميك لـِ شبابك، ولا حاجة يابني
إياس بـ صوت مُرتفع: وصيف
حضر صبي المقهى وهو يقول: عينياا
إتنين قهوة واحدة سادة وواحدة..
ثُم أشار بـ إصبعهُ لـ چيهان التي شعرت بالـحرج وقالت: مظبوطة
إياس لـ وصيف: واحدة سادة وواحدة مظبوطة، وهات عِلبة عصير للبنت.
لوت كادي شفتيها لإنه نظر لها نظرة الطِفلة، بالفِعل هي طفلة!
قالت چيهان وهي ترتجف وتُزيد من إهتراء المنديل الورقي بين أصابعها: مش عارفة أقولك إيه، بس أنا أبواب الدُنيا كُلها إتقفلت في وشي أنا وبِنتي من بعد ما عمك توفى.. من غير مُقدمات أنا وهي في الشارع.
شعرت كادي بالحرج فـ بدأت في اللعب بأصابعها على طرف مكتب إياس
إياس بـ هدوء: أعتقد إن ميراث جدي إتقسم بالعدل على أبويا، وجوزك..
توترت چيهان لـ تجاهلُه المُتعمد لـِ كلِمة عمي وقالت بـ أعيُن دامعة عِندما شعرت أنها على وشك فِقدان الأمل الوحيد: ضيعهُم، حتى البِت مكانش بـ يدفعلها مصاريف المدرسة، قعدني من شُغلي وبيعت دهبي واللي ورايا واللي قُدامي عشان أعلِمها.. وفلوسه اللي بقيت من الورث بعد ما توفى إتصرفت على ديونُه، فضلت أجيلكُم عن إني أروح لأهلي.. لإنهُم مقاطعيني تمامًا ورافضين حتى كلام معايا تليفون، جوز أختي قالي بالحرف متضيعيش فلوس التاكسي وتجيلنا عشان مش هنفتحلك باب

 

قامت بـ تغطية عينيها وبكت قهرًا، شعر إياس بـ الضيق من عمه وقال مُحاولًا تقبُل زوجته وإبنتُه: لا ميرضنيش تترموا في الشارع طبعًا، عندك كام إبن؟
چيهان: هي كادي بس، معنديش غيرها
إياس بـ ضيق من عمه وكُل ما يتعلق به: مش بسأل عشان مُهتم بأخباركُم، بسأل عشان أشوف هديكُم شقة كام أوضة
چيهان بـ رجاء: هي أوضة واحدة بس تلِمنا أنا والبت ومش عايزة حاجة تاني.
إياس بـ تضييق عين: تمام، هخلي فهمي البواب يوصلكُم عند والدتي لحد ما أخلص شُغل وأفتحلكُم شقة
وضع إياس سماعة الهاتف على أذنه فـ قالت چيهان: الله يستُرك ويكرمك ويفتح لك أوسع أبوابه يا إياس يا إبن حوا وأدم
إياس بـ رسمية: شرفتوني
وضع وصيف القهوة والعصير فـ قال إياس: شيل الصينية خلاص وإديها الفنجان بتاعها تشربُه فوق مع والدتي، وإدي البنوتة عِلبة العصير
نظرت كادي لـ إياس وهي تلف عُنقها حتى لا تغيب نظراتها عنه، تجاهلها هو تمامًا ونظر في أوراق أمامُه تخُص السيارات
إصطدم كتفها بـ مهد الذي دخل قائِلًا: إياس، ميار نازلة من عربية واحد قُدام المنطقة.. ودا مش كويس
قام إياس سريعًا من خلف مكتبه وهو ينظُر لها وهي تتلفت يمينًا ويسارًا، عِندما رأت إياس ظهرت معالم ُرعب على ملامحها، ركض تجاهها وخلفه مهد

 

أمسك مهد بالشاب وجذب إياس ميار من ذِراعها
وصعد بها لـ بنايتها
ميار وهي ترتجف بين يديه وهُما صاعدين على الدرچ: هفهمك يا إياس، دا.. دا.. يعني هو شافني واقفة وقالي هوصلك..
صفع إياس باب شقة والديها بـ يدُه في إنتظار أن يفتح له أحد
فتح والدها الباب فـ ألقى إياس ميار على والدها بـ قسوة وهو يقتحم الشقة، صعد خلفه غالي وهو يقف وراؤه وينظُر لهُم
إياس بـ غضب: بنتك نزلت من عربية خطيبها القديم في نُص المنطِقة وهي فاكرة إني لسه مرجعتش من برا، يا ترى بنتك بتعمل الحركة دي من إمتى؟ أبقى قاري فاتحِتها
ثُم إرتفع صوت إياس وهو يقول: وبـ عِلمك إنها بتقابل خطيبها القديم وهي مقري فاتحتها عليا!
والِدة ميار: إستهدى بالله يابني عشان نِفهم مِنها
إياس: بنتك بتجامل خطيبها على قفايا؟ صعبان عليها وأنا مبحبش أشرب من كوباية مشاركني فيها حد بـ شاليمو..
والد ميار كان يقف صامِتًا، رفع إياس أحد حاجبيه بـ غضب وقال بـ نبرة باردة: بِنتك تِحرم عليا زي أمي وأختي
ميار وهي تصفع وجهها: يالهوي!! يالهووي يالهوووي
نظر لها إياس بـ قرف نظرة أخيرة وهو يُغادر الشقة وخلفه غالي

 

جلست ميار على رُكبتيها وهي تبكِ بـِ مرارة وتقول لـ والدها بـ رجاء: بالله عليك يا بابا تروح تهديه ناحيتي، والله أنا بحبه والله
خرج إياس للشارع وخلفه غالي، صادف أمامه چيهان وكادي
چيهان بـ تساؤل: خير يا إبني حصل حاجة؟
إياس وقد وصل من الغضب مبلغه قال:

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مقامر المحبة)

اترك رد

error: Content is protected !!