Uncategorized

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دعاء الكروان

 رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم دعاء الكروان

فى صباح يوم الجمعة…. 
فى منزل رأفت… 
حضرت نهى زوجته السابقة فى كامل زينتها مما أثار حنق لينا و غيظها، جلست قبالتها تتفحص ملابسها الملتصقة بجسدها رغم أنها محجبة، تراقب نظراتها التى ترسلها لزوجها الجالس فى المقعد الملاصق لمقعدها و المقابل أيضا لمقعد تلك المتطفلة. 
لوت لينا شفتيها لجانب فمها مردفة بغيظ مكتوم: 
أهلا و سهلا يا حبيبتى منورانا. 
تصنعت الأخرى الابتسامة مجيبة و نظرها معلق برأفت: 
انشالله يخليكى يا حبيبتى. 
أثارت تلك النهى غضب لينا بجدارة و لكنها أبت أن تترك لها المجال لتنتصر عليها، حيث نشبت بينهما حرب الغيرة فابتسمت لينا بسماجة قاصدة إثارة حنق غريمتها فقالت: 
ألا انتى يا حبيبتى بقالك أكتر من نص ساعة قاعدة و مسألتيش على العيال… هو انتى مش جاية علشان تشوفيهم بردو…. و لا تكونيش يا حبيبتى جاية تشوفى أبو العيال؟! 
اشتعلت النار بداخل نهى،  فنظرت لرأفت باستنكار قائلة بغضب: 
ما تلم البت دى يا رأفت. 
هب من مقعده يرد عليها بصوت حاد: 
بت لما تبتك… دى مراتى و احترامها من احترامى… و بعدين هى معاها حق.. لما انتى جاية تشوفى العيال مسألتيش عليهم ليه لحد دلوقتى؟! 
اتسعت عيناها من رد فعله الغير متوقع بالنسبة لها، و أصابها الارتباك الشديد فأجابت بنبرة مهزوزة: 
أصل اااا…. 
تدخلت لينا فى الحوار مردفة بحدة: 
أصل إيه و فصل إيه يا ست إنتى… و الله اللى أعرفه عايزة تشوفى العيال،  عندك يا حبيبتى شقة الحاجة أم رأفت تحتنا علطول مش بعيدة يعنى، هنزلك العيال يقعدو معاكى انشالله حتى تقعدى معاهم طول النهار،  بس الشقة دى شقتى و أستقبل فيها اللى أنا عايزاه… و انتى بقى مش مرحب بيكى ف شقتى. 
أخذت توزع نظراتها بين لينا و رأفت الذى يستمع دون إبداء أى اعتراض، فزمت شفتيها بغضب جم موجهة حديثها لرأفت:
عاجبك كلام مراتك دا يا أبو عيالى؟!
اجابها بنبرة ساخرة:
أبو عيالك؟!…هو انتى بتفكرى فى عيالك أصلا و لا عايزاهم؟!..إوعى تكونى فكرانى أهبل و مش عارف غرضك من زياراتك بعد ما اتطلقتى من البيه التانى…و أنا رأيى من رأى مراتى، من هنا و رايح تشوفى العيال ف شقة أمى…عاجبك يا أهلا و سهلا..مش عاجبك أعلى ما ف خيلك اركبيه.
غلى الدم فى عروقها و اصتكت أسنانها من الغيظ و أردفت بغضب مكتوم:
طيب يا رأفت…ان ما دوختك السبع دوخات ف المحاكم و لففتك ع المحاميين كعب داير مابقاش أنا نهى؟!
اقتربت منها لينا متحفزة للهجوم عليها و إبراحها ضربا و لكن رأفت قيدها من ذراعيها فصاحت بها بعصبية:
جرى إيه يا ست إنتى؟!…هو انتى يا إما تنطيلنا هنا ف شقتنا و تتدحلبيله لحد ما يرجعلك، يا إما تجرجريه ف المحاكم؟!.. أما انك ست بجحة صحيح؟!
استكمل رأفت وصلة الهجوم و هو مقيد ذراعيها:
امشى اطلعى برا و مالكيش عيال عندى…يلا برا…
أفلتت لينا ذراعيها من قبضة زوجها و راحت تدفع تلك المتطفلة و تزج بها إلى خارج الشقة ثم أغلقت الباب خلفها بقوة من فرط العصبية و الغضب.
أسرع إليها رأفت يسندها و هو يتمتم بحنان:
براحة شوية يا قلبى؟!.. أعصابك..انتى مالكيش تتعصبى كدا…دا حتى غلط على النونو اللى جاى.
تنهدت بارهاق ثم رمقته بابتسامة عاشقة و أردفت:
تسلملي يا حبيبى..اعمل ايه بس..يعنى مسمعتش كلامها اللى يغيظ دا…يلا أهى راحت ف داهية إلهى ما ترجع تانى.
ضحك بصخب فرمقته بغيظ و أردفت بحنق:
بتضحك حضرتك؟!
أومأ من بين ضحكاته ثم قال:
بصراحة المفروض أشكر نهى إنها ظهرت فى حياتى تانى؟!
طالعته بأعين متسعة مردفة باستنكار:
نعم؟!
ضحك مرة أخرى ثم أخذها من كفها و أجلسها برفق على الأريكة و جلس بجانبها ثم قال بجدية:
أيوة…لأن ظهورها بينلى قد إيه انتى بتحبينى و بتغيرى عليا…يعنى نقدر نقول ظهورها هو اللى حركك من البرود اللى كنتى حابسة نفسك فيه.
هزت رأسها بتفهم مردفة:
امممم…ممكن يكون كلامك صح…بس تصدق نسيت أقولها ان أنا حامل علشان تهبط و تبعد عننا بقى.
أجابها بابتسامة محب:
متخافيش أكيد هتعرف..مفيش حاجة بتستخبى…
أراحت رأسها على كتفه و تنهدت بارتياح و هى تقول:
ياااه..هم و انزاح…مكنتش أعرف إنى بحبك أوى كدا.
اتسعت ابتسامته أكثر و مسد على شعرها بحب و هو يقول:
و أنا بموت فيكى.
فى فيلا راشد سليمان….
بعد أدائهما صلاة الجمعة استقلا السيارة التى كانت بها سهيلة و زينة تنتظرهما ليتجه الجميع إلى منزل رفعت بمدينة بنها.
تناول الأسرتان الغداء و قضيا يوما جميلا مليئ بالمزحات و المرح إلى أن حل المساء و استأذن يوسف و راشد للإنصراف، و قبل الرحيل طلب من عمه أن يجلس مع زينة منفردا، فأخذتهما سهيلة إلى الغرفة التى سوف تقيم بها زينة و تركتهما و انصرفت.
جلسا على الفراش، و أدار يوسف دفة الحديث مردفا بشجن:
هتوحشينى أوى…البيت هيبقى وحش أوى من غيرك يا حبيبة قلبى.
لم تستطع إجابته بالكلام و لكنها أجابته بأن أمسكت كفه بكلتا يديها بقوة و و رفعته إلى فمها لتقبله بعشق جارف فابتسم بدوره و مسد بكفه الآخر على شعرها و هو يقول:
متخافيش مش هلحق أوحشك..هتلاقينى ناططلك هنا كل شوية…بس أهم حاجة عايزك تخلى بالك من نفسك و تاكلى كويس و متفكريش ف أى حاجة غيرى أنا و بس. 
اتسعت ابتسامتها و هزت رأسها بتأكيد، فبادلها الإبتسامة ثم قال لها: 
أنا همشى بقى.. زمان عمى بيبص ف ساعته كل ثانية،  و هم أن ينهض إلا أنها لم تفلت يده بل شددت قبضتها عليها و طالعته باستعطاف فاعتدل بجلسته مرة أخرى و قال بنبرة ملتاعة: 
يا حبيبتى أنا كمان مش عايز أسيبك…بس إنتى اللى وافقتى تيجى هنا و تسيبينى…و طالما جيتى مش هينفع أسيب أشغالى و أفضل قاعد هنا.
أطرقت رأسها بحزن و هزت رأسها باستسلام، رفع رأسها بمواجهته و أردف بحب:
قولتلك هجيلك كل شوية و هبات كمان..خلاص بقى مش عايز أمشى و أسيبك مكلضمة كدا.
رمقته بابتسامة عذبة فقبلها من جبينها و هو يقول:
أشوف وشك بخير يا حبيبتى.
نهض اولا فنهضت هى تباعا و قبل أن يستدير باتجاه الباب باغتته بقبلة سريعة على وجنته و أولته ظهرها خجلا، لبرهة تجمد جسده و لم يستوعب ما فعلته، و لكن سرعان ما استفاق من ذهوله و ابتسم على خجلها و لكنه لم يُرِد أن يُزيد خجلها و استدار إلى الباب و غادر الغرفة و مازالت الابتسامة تشق وجهه الوسيم.  
فى صباح اليوم التالى….
فى شركة آل سليمان….
استدعى يوسف مدير أمن شركته هشام و جلسا سويا على أريكة الصالون فأدار يوسف دفة الحديث مردفا بجدية:
اسمع يا هشام…أنا عايزك تبعت حد يستدرج اللى اسمه راضى دا و يجيبهولى هنا الشركة..و على ما ييجى تكون جبتلى أراره و أصله و فصله و كان إيه و بقى إيه.
قطب جبينه بتفكير و هو يقول:
طب هنجيبه بحجة إيه؟!
سكت يوسف لبرهة يفكر ثم أردف:
بص اللى هتبعته يقوله كدا بالظبط” الباشا صاحب الشركة اللى أنا شغال فيها عايز يأجر النايت كلاب ليلة واحدة هيعمل فيها حفلة عيد ميلاده و عايزك تروحله علشان يتفق معاك على التفاصيل و المبلغ اللى تطلبه هتاخده” هتلاقيه جاى من غير تفكير.
رمقه هشام باعجاب مردفا بابتسامة:
دايما بتغلبنى بذكائك و سرعة البديهة اللى عندك يا يوسف.
ضحك بصخب مردفا و هو يربت على كتفه:
دا من بعض ما عندكم يا أخ هشام.
ضحك هشام ثم أردف بجدية:
طاب ناوى تعمل معاه إيه؟!
شرد فى الفراغ بعينيه مردفا بابتسامة ماكرة:
لما يجيلى هتعرف.
بالفعل لم يمر أكثر من ساعتين إلا و كان راضى ماثلا أمام غرفة مكتب يوسف فى انتظار إعطاءه إذن الدخول، فقد قصد يوسف جعله ينتظر طويلا حتى يُشعره بمدى أهمية شخصه و دنائته بالنسبة له. 
بعد فترة من الإنتظار دلف أخيرا إلى الداخل و تقدم من مكتبه باحترام و بمجرد أن رفع يوسف رأسه له،  شخص بصره و تجمد جسده رعبا، فقد تذكره فى الحال و أول ما جال برأسه أنه أتى به لكى ينتقم منه بعدما علم أنه هو من قام بتصويره أثناء شجاره مع جلال.
بينما يوسف طالعه باشمئزاز حاول أن يخفيه، فقد استفزته ملابسه و التى كانت عبارة عن بنطال جينس ضيق للغاية يعلوه قميص حرير ذو ألوان زاهية أشبه بقمصان النساء و مفتوحة أزراره العلوية، علاوة على الأساور المعدنية التى يرتديها فى ساعديه و القلادة الفضية التى يلفها حول رقبته و تتدلى إلى منتصف صدره العارى الذى يظهر من القميص المفتوح، و أصابعة المكتظة بالخواتم الفضية ذو الفصوص الكبيرة.
حاول يوسف أن يتغاضى عن هيئته المثيرة للإشمئزاز و رحب به بغرور و برود فى آن واحد و سمح له بالجلوس بالمقعد المقابل لمكتبه مديرا دفة الحديث مردفا:
منورنا ياااا
أسرع يخبره باسمه:
راضى يا باشا.
يوسف بغرور يقصده:
ماشى يا راضى…أظن انت عارف أنا عايزك ليه؟!
أجابه بتوجس:
عشان عايز تأجر الكباريه لليلة يا باشا..صح؟!
حك يوسف ذقنه بسبابته و إبهامه بتفكير ثم قال:
اممممم…الحقيقة غيرت رأييى.
هوى قلبه فى قدمه ظنأ أنه قد اكتشف مصيبته التى فعلها فى حقه و لكنه انتظر بقية حديثه على أحر من الجمر حتى استرسل يوسف بنفس وتيرة الغرور:
أنا قولت أشتريه أحسن و يبقى بتاعى كل ليلة مش ليلة واحدة بس.
جحظت عيناه بشدة و شعر أنه قد وقع بمأزق صعب الفرار منه، فالملهى ليس ملكه، ازدرى لعابه بصعوبة مجيبا بتوجس:
لا يا باشا أنا آسف…الكباريه مش للبيع.
أردف بثبات:
هدفعلك فيه ٤ مليون جنيه.
أجابه بجدية:
قولتلك يا باشا الكباريه مش للبيع.
أردف يوسف بملامح ثابتة:
هخليهم ٥ مليون.
بدأ الطمع يأخذ منه مأخذه و قد لاحظ ذلك يوسف عندما سكت و لم يرد فأراد أن يطرق الحديد و هو ساخن فقال بجدية مترقبا رد فعله:
٦ مليون جنيه و مش هزود عن كدا.
نظر له بتردد و حيرة، فقال له يوسف:
انت لسة بتفكر؟!… هى دى حاجة محتاجة تفكير؟!
أجابه بتلعثم:
يا باشا أصل ااا..حضرتك يعنى….
قاطعه بمكر:
الكباريه مكتوب باسمك بس مش بتاعك..مش دا اللى انت عايز تقوله؟!
نظر له بقلة حيلة دون رد فاسترسل يوسف يسأله بجدية:
واخد عليك ايصالات أمانة بكام؟!
أجابه بخنوع: 
٤ مليون
رد يوسف: 
طاب ماهى محلولة أهى… ارميله ال ٤ مليون بتوعه و خود انت ال٢ مليون… أظن مبلغ مكنتش تحلم بيه. 
تسلل القلق إلى جوارحه و إجابه بنبرة مترددة: 
يا باشا المشكلة أنه ممكن يلبسنى تهمة و يحبسنى فيها،  دا لو عدى موضوع إيصالات الأمانة دا بالساهل. 
طرق المكتب طرقة مدوية مردفا بحدة و عصبية: 
ما هو انت مش قدامك غير انك توافق و تبيعلى الكباريه، يا إما بقى هقدم فيك بلاغ لمباحث الأموال يشوفو إزاى راضى العاطل اللى محلتوش اللضى و ساكن فى حتة قوضة بالإيجار فى حارة ف العشوائيات بقدرة قادر بقى يملك كباريه فخم زى دا و شقة سوبر لوكس ف أرقى الأحياء؟!… شوف انت بقى!! 
جف حلقه و ازدرى لعابه بصعوبة و تعرق جبينه رعبا من تهديد يوسف الصريح فاسترسل يوسف بنبرة أقل حدة: 
متخافش من على يا راضى… كلها أيام و هيشرف ف اللومان و مش هيلحق يعملك حاجة… ها قولت إيه؟! 
سكت لبرهة ثم أجابه باستسلام: 
موافق يا باشا…. 
ابتسم يوسف بانتصار و استدعى محاميه الخاص ليبدأ فى إجراءات البيع، و بمجرد أن انتقل الملهى لملكيته أرسل فريق من شركة مقاولات كان قد اتفق معها مسبقا لهدم الملهى و تحويلها إلى مجمع خيرى عبارة عن عيادات طبية و روضة أطفال للأيتام و مسجد كصدقة جارية عن والديه الحبيبين.
مر اليوم بسلام على يوسف و قد كان سعيدا للغاية أن وفقه الله لما نوى على فعله و حمده كثيرا أن يسر له ذلك الأمر.
عاد فى المساء مرهقا للغاية بعد قضاء اليوم فى موقع الملهى يشرف على عملية الهدم، و لم يستطع الذهاب إلى زينة كما وعدها.
إلتقى بعمه و قص عليه ما فعله اليوم و ما ينوى فعله الأيام القادمة فسعد راشد كثيرا و شعر بمزيد من الفخر أن رزقه الله ابنا و زوجا لإبنته كيوسف، استأذن منه و صعد غرفته بارهاق شديد و بمجرد أن انتهى من الاغتسال و بدل ملابسه، ألقى بجسده المتعب على الفراش و غط فى النوم سريعا.
فى منزل رفعت….
تجلس زينة فى غرفتها على غير هدى، تنظر فى هاتفها الجديد كل حين فى انتظار أى رسالة منه تطمئنها عليه، و لكن لا فائدة…فبلغ القلق منها أقصاه، و جال بخاطرها أسوأ السيناريوهات التى يمكن أن تحدث له من قبل الوغد على الرفاعى.
طرقت سهيلة باب الغرفة و دخلت لتطمئن عليها قبل خلودها إلى النوم، فرأت علامات القلق بادية على ملامحها بوضوح، فهزت رأسها بيأس مردفة بعتاب:
مفيش فايدة ف قلقك على يوسف دا يا زينة؟!…يا بنتى تلاقيه مشغول شوية ف الشركة…دا انا كنت بفضل بالأيام مشفهوش.
أمسكت الدفتر و كتبت:
أنا خايفة عليه أوى..حاسة إن زفت على هيغدر بيه خاصة إن يوسف بيراقبه و  بيحاول ينتقم منه، خايفة يحس بكدا و بعيد الشر عنه يقتله.
قرأت سهيلة ما كتبت فابتسمت مردفة بسخرية:
يقتله مرة واحدة!!.. لاااا دا انتى خيالك واسع أوى يا زينة…متخافيش عليه يا حبيبتى، ادعيله و ان شاء الله ربنا هيحفظه من كل شر.
رفعت بؤبؤ عينيها للسماء بخشوع و دعاء، فابتسمت لها سهيلة و قالت:
نامى بقى يا حبيبتى علشان بكرة إن شاء الله هاخدك بعد ما أخلص شغل و نروح للدكتور اللى قولتلك عليه…تمام؟!
أومأت بإيجاب فنهضت سهيلة و قبلتها من وجنتها و هى تقول:
يلا تصبحى على خير.
نامت زينة أخيرا بعد عناء مع نفسها التى توسوس لها بأفكار سوداء يمكن أن تحدث لحبيبها فى المستقبل.
فى صباح اليوم التالى….
استيقظ يوسف متأخرا يعانى من صداع رهيب يكاد يفتك برأسه من فرط الإرهاق، فقرر ألا يذهب للشركة اليوم و أن يتابع أعماله عن طريق هاتفه او حاسوبه النقال، كما أنه نوى أن يسافر لزينة بمجرد أن ينهى أعماله العالقة.
وصل يوسف إلى منزل رفعت عند أذان الظهر، فتحت له الجدة صفية الباب و أخبرته أن سهيلة ما زالت فى عملها و زينة لم تستيقظ بعد من نومها، انتابه القلق الشديد، فليس من عادتها النوم إلى هذه الساعة المتأخرة من النهار، و استأذن منها للدخول إلى غرفتها للإطمئنان عليها.
دلف الغرفة بهدوء و أضاء الضوء الخافت و جلس بجانبها بالفراش فوجدها نائمة و يبدو على ملامحها علامات الانزعاج و حبات العرق تبلل جبينها.
بينما زينة تقف بغرفة مظلمة بين يوسف المقيد بكرسى  قديم و علامات الضرب المبرح تملأ وجهه و ينظر لها بإعياء شديد و على الذى يقف خلفها و علامات الشماتة تحتل وجهه و ينظر لها بشماتة و ليوسف بانتصار، تذهب لعلى و تنزل على قدمه تتوسل إليه أن يتركه إلا أن صوتها يأبى الخروج، تحاول و تحاول و تحاول و لكن بلا جدوى إلى أن صوب على سلاحه النارى صوب صدر يوسف المقيد بلا حول و لا قوة، فطالعته بذهول و عينين جاحظتين تستجديه بعينيها ألا يفعل و لكنه رمقها باحتقار و ضغط على زناد سلاحه و خرجت الرصاصة مخترقة قلب يوسف مباشرة، فصرخت المسكينة بملئ صوتها تناديه بفزع:
يوسااااااااااف.
هب يوسف من جلسته مذعورا بعدما رأى هيئتها و هى تناديه بهذه الطريقة بعدما نفضت عنها الغطاء و جلست تأخذ أنفاسها المتلاحقة و كأنها كانت تعدو فى أعتى سباقات العدو، و أسرع بأخذها بين أحضانه و هو يهدهدها و يربت على ظهرها بحنان:
دا كابوس يا زينة…كابوس يا حبيبتى..أنا جنبك..جنبك و مش هسيبك أبدا.
بينما هى كانت تشهق من شدة البكاء و تشدد من احتضانه، تشعر و كأنها على وشك فقدانه، فراحت تقول ببكاء مزق نياط قلبه:
كنت هتروح منى يا يوسف….كنت هتروح منى…
كان يستمع لها و الابتسامة تشق وجهه، يشعر بسعادة بالغة أنها استعادت قدرتها على النطق.
أبعدها قليلا عن حضنه و جفف دموعها بإبهاميه و هو ينظر لها بسعادة بينما هى تنظر له باستنكار من سعادته فضحك بصخب من نظرتها فزاد استنكارها فقرصها من وجنتها و هو يقول بمرح:
انتى مش واخدة بالك ان صوتك طلع و لا إيه؟!
أجابته ببلاهة:
ها…فوضعت يدها بتلقائية على حنجرتها و قالت بسعادة:
أيوة….أيوة صح أنا بتكلم….صوتى…صوتى طلع أخيرا…
اغرورقت عيناها بدموع الفرح فرمقها بلوم و هو يجفف عينيها مرة أخرى:
و بعدين معاكى بقى…هو انتى تزعلى تعيطى…تفرحى تعيطى.
ابتسمت من بين دموعها و قالت:
الحمد لله يا يوسف الحمد لله…أنا مش مصدقة إن صوتى رجع من قبل ما أروح للدكتور حتى.
تذكر يوسف جميل صنيعه الذى فعله أمس على الفور و حمد الله أن كافأه بعودة النطق لزينة بدون أدنى مجهود يذكر.
يتبع… 
لقراءة الفصل السادس والثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!