روايات

رواية سمال الحب الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت التاسع والعشرون

رواية سمال الحب الجزء التاسع والعشرون

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة التاسعة والعشرون

#وقبل_أن_تبصر_عيناكِ ج٢ _ الفصل ( ٧٢ ) :
#مريم_محمد_غريب
_ صفحة بيضاء ! _
صار الأمر مجفلًا على نحوٍ مفاجئ، فقد باغتته حقًا، هل سمع جيدًا ما قالته للتو ؟
ماذا قالت ؟
“أحبك” ؟
هل قالت ذلك بالفعل !؟
نظر إليها بنظراتٍ ملؤها الاستنكار الذاهل و قال باضطراب حانق :
-انتي بتقولي إيه ؟ انتي مجنونة يا ست انتي ؟ جايباتي هنا.. و لا خطفاني. انتي عايزة مني إيه ؟؟؟
هزت رأسها مبتسمة و حاولت تحرير يدها من قبضته عبثًا، فرفعت يدها الأخرى لتمسك بوجهه بكفها الناعم، ثم تبث له بصوتها عبارات السحر :
-مش الخطف إللي تعرفه يا رزق. أنا آه خطفتك. بس لنفسي.. انت هنا في أمان يا حبيبي. صدقني. لو كنت سيبتك.. كنت هاتموت. و أنا مش عايزاك تموت. أنا بحبك !
جن جنون “رزق” من تكرار كلمتها، فصاح بها :
-بتحبي مين ؟ انتي مجنونة فعلا. انا اعرفك اصلًا و لا انتي تعرفيني ؟؟؟؟
جاوبته بجدية مريبة :
-أنا اعرفك كويس أوي. تاريخك كله عندي من يوم ما اتولدت لحد اللحظة دي.. رزق سالم مصطفى الجزار. ابن كاميليا توفيق الباري. بنت الباشا توفيق الباري تركي الأصول. اتولدت ف اسكندرية و عشت فيها 10 سنين. و بعدين اتنقلت حي الجزارين انت و مامتك مع باباك. مامتك ماتت بعدها بفترة قصيرة بعد ما ولدت اختك الشقيقة نور. انت الوحيد في اخواتك المتعلم تعليم عالي و آخد شهادة. و انت الوحيد المفضل بينهم و كبيرهم بأمر من سالم الجزار قبل ما يموت. ورّثك كل حاجة على حياة عينه. الحب و السلطة و الدم.. متجوز اتنين. واحدة منهم مخلف منها و ماتت. و التانية بنت عمك و هربت منك. سبب هروبها للأسف ماعرفوش و حاولت أعرف راحت فين بعد ما سابت المستشفى. لكن للأسف فص ملح و داب. زي ما بنتك كمان مالهاش أي أثر …
إبنته !!!
هي أيضًا تؤكد على إختفائها.. أين هي ؟ أين “كاميليا” بحق الله ؟ من أخذها !!!؟؟؟؟
فجأة يفلتها “رزق” و يثب واقفًا ناسيًا آلامه، وجد قميصه بالقرب منه فسحبه و ارتداه على عجبالة، لتقوم هي لاحقة به هرولة إلى باب الغرفة الفسيحة …
-رايح فين يا رزق ؟ بليز ماتمشيش ..
لم ينصت لها و تابع سيره الحثيث للغاية نزولًا إلى الطابق السفلي، و قد بدا المنزل فخم و كبير جدًا من الداخل، فماذا عن شكله الخارجي !؟
-يا رزق طيب استنى لما تبقى كويس At least.. بابي بليز قوله حاجة !!
هنا فقط توقف “رزق” و قد كان أمام باب الخروج المزدوج، حقًا شعر بانضمام شخص ثالث لهما، فادار رأسه فقط للخلف و نظر مباشرةً ليرى اللواء.. “ربيع الخبيري” يقف بكامل صرامته و عنفوانه، بدا أن الأمر برمته لا يعجبه
لكنه وقف عاجزًا أمام إرادة إبنته الوحيدة …
-سيرين معاها حق يا رزق ! .. قالها “ربيع” بجفاءٍ هادئ
-لو خرجت و انت في الحالة دي مش هايكون كويس عليك
تنضم الفتاة لأبيها في هذه اللحظة، فيحاوط خصرها بذراعٍ، بينما يودع يده الأخرى في جيبه، كلها وضعياتٍ تنم عن أنفةٍ و غرور واضح و صريح …
عبس “رزق” و هو يخبره باقتضاب :
-ربيع بيه. أنا متشكر على كل حاجة عملتها مع عيلتي و معايا.. بس من اللحظة دي. لأ. من لحظة موت أبويا انت في حِل تمامًا من أمورنا و مشاكلنا. انا كفيل بنفسي و بعيلتي
علت زاوية فم الأخير بشبه ابتسامة و هو يرد عليه :
-انت في حاجات كتير غايبة عنك.. بس أنا عاذرك دلوقتي. لو عاوز تمشي مش هامنعك.. لكن أنا عارف إنك راجع تاني
هز “رزق” رأسه سلبًا و أجاب بثقة :
-مش هايحصل
رد اللواء بثقة أكبر :
-هايحصل.. لو حابب تعرف سر أبوك.. و وصيته ليك… هاترجع !
يقطب “رزق” جبينه بشدة، كان محاصر الآن، بين اغراء ما يقوله هذا العجوز، و بين نداء الواجب، بل نداء الدم
كفة من التي سترجح ؟
بالتأكيد كفة إبنته، عليه أن يجد “كاميليا”.. عليه أن يعثر عليها أينما كانت و مهما كلفه ذلك …
-بالإذن يا ربيع بيه ! .. هتف “رزق” مقررًا و مودعًا دون أدنى تردد
خلال لحظة كان قد خرج
بينما تتكئ “سيرين” برأسها على كتف والدها مغمغمة بصوتٍ تغشاه الدموع :
-احميه يا بابي. عشان خاطري.. انا اخيرًا لاقيت الراجل إللي كنت بدور عليه. رزق مكانه مش في حي الجزارين. رزق مكانه وسطنا. رزق لازم يخرج من البيئة دي و يبقى جمبي.. بليز يا بابي رجعه ليا. لو بتحبني !!
لم يكن لديه من حيلة، أخذ يمسّد على شعرها بحنو، و يمضي لسانه واعدًا إيّاها :
-هايرجع يا سيرين.. هايرجع !
______________
-ادخلي !
قالها و اضاء الشقة كلها بضغطة زر على المفتاح الكهربائي الرئيسي، كانت لا تزال تقف عند عتبة الباب خائفة، قلقة
استدار لها باللحظة التالية، و حثها ثانيةً :
-ادخلي يا نور.. مالك انتي خايفة ؟
و قد أصاب، إنها حقًا خائفة، لكن لا تعرف مِمّ بالضبط !!!
أخيرًا إتخذت خطوة للأمام، ولجت إلى الحد الذي خوّلها مناظرة الشقة بوجهٍ عام، كانت شقة كبيرة، أنيقة، مريحة.. نوعًا ما …
-انت جبتني هنا ليه يا علي ؟ .. تساءلت بلهجةٍ متوترة و قد كانت تفرك يديها لتهدئ من روعها قدر الإمكان
تنهد “علي” و هو يمضي ليغلق باب الشقة الذي نسيته هي مفتوحًا، ارتعدت بخفةٍ إثر اغلاقه، عاد إليها وقف أمامها و اخفض رأسه قليلًا لينظر بعينيها قائلًا :
-مش انا قولتلك إن البيت و الحي كله ماعادش أمان اليومين دول ؟ الحريم كلهم سابوا البيت. و أكيدمش هاوديكي تقعدي هناك لوحدك وسط الرجالة
-طيب ماودتنيش ليه عندهم.. في المكان إللي هما فيه !
-انتي إيه مشكلتك عاوز أفهم. الشقة مش عجباكي ؟ على فكرة الشقة دي بتاعة أخوكي رزق. كان جايبها لنسمة قبل ما تيجي تعيش وسطنا في البيت
تململت بعدم راحة و قالت :
-حلوة. الشقة حلوة.. بس مش هاينفع أقعد هنا
-ليه يا نور !!؟
-هابقى لوحدي بردو …
ابتسم لها بنعومةٍ و مد يداه ليمسك بكتفيها، أحس بارتجافتها المتواصلة تحت لمسته، فازداد قربًا منها و هو يقول بصوتٍ حنون دافئ :
-ماتهافيش يا حبيبتي. أنا أكيد عمري ما هاسيبك لوحدك. أنا هاكون معاكي كل يوم وقت النوم و لحد ما الفجر يطلع.. هاكون بين الحي و بين هنا عشانك. و هاتبقى على إتصال طول النهار. مش هاتحسي إنك لوحدك خالص
عبست بوجهها الطفولي قائلة بنفس نمط الأطفال الساذج :
-ماينفعش تبات معايا يا علي !
رفع حاجبه مستنكرًا :
-ليه بقى ؟!
ردت ببديهية : عشان انت راجل و انا بنت. عيب.. بابا النشار قالّي كده. ماينفعش أي راجل يكون معايا في حتة لوحدنا اصلًا. احنا لازم نمشي من هنا دلوقتي.. يلا لو سمحت !
لم يتمكن “علي” من إمساك ضحكته، فضحك بانطلاقٍ، هدأ بصعوبةٍ ليخبرها بمرحٍ أدهشه :
-يا نور. يا حبيبتي و روحي.. إنتي مراتي. احنا مكتوب كتابنا. عادي لما أكون معاكي لوحدنا. عادي لما أبات معاكي.. حتى عادي لو نمت انا و انتي في سرير واحد …
و سكت هنيهةً، ثم قال مزدردًا لعابه بحماسةٍ فجائية :
-عادي لو حضنتك.. أو بوستك مثلًا !
شهقت شاخصة العينين و غطت فمها بكفيها، كانت قد قفزت خطوة للوراء و نظرت له بصدمةٍ …
-إللي بتقوله ده يا علي !!!!؟؟؟؟ .. صاحت فيه بعدم تصديق
بلل شفته السفلى بلسانه و هو يتمتم و قد كبرت الفكرة برأسه :
-إيه يا حبيبتي. بقول الطبيعي.. انتي مراتي يا نور. دي كلها حقوقي. كلها حلال ربنا
هزت رأسها بعنفٍ غير مصدقة :
-لأ. لأ.. ده عيب. ده قلة أدب …
لم يرد عليها، بل قطع المسافة بينهما بخطوتين يسيرتين و طيع شفاهه فوق شفاهها المنفرجة على نفس صدمتها، هكذا اغتال براءتها دون أن يدرك، ربما توقع أن تتمنّع عليه أو حتى تصفعه
لكن هذا لم يحدث
فهي الآن… بدأت تتشنج، و تبكي، تبكي فقط !!!
-نور ! .. غمغم “علي” في قبلته الساخنة التي ما لبث ان قطعها ليرى ما حلّ بزوجته
صُدم كليًا للنتيجة التي رآها بعد فعلته، كانت منهارة و تكتم بداخلها بشدة، لدرجة أن خشى عليها أن يحدث لها مكروهًا …
-نور انتي كويسة ؟ مالك حصلك إيه ؟؟؟؟
صوته الذي علا بخوفٍ و لهفته الكبيرة عليها لم تلاحظ أيّ منهما، الفكرة الوحيدة التي سيطرت عليها و طفقت ترددها على الفور و الرعب يفتك بها :
-بابا النشار.. بابا النشار هايقتلني.. بابا النشار هايقتلني !!!
رفرف “علي” بأجفانه صائحًا بغلظةٍ :
-إيه التخريف ده. مستحيل طبعًا. مين يجرؤ و يلمسك أصلًا. و النشار هايقتلك ليه يا نور ؟؟؟
جاوبته مرتعشة بشدة من رأسها لأخمص قدميها :
-هو قالّي.. لو حد. قرب مني كده… هايقتلني. و بابا سالم. قالّي نفس الكلام !!
الآن وضحت الصورة له
فهم ما تقوله
و بالأكثر فهم أنها صفحة بيضاء، لا تعي و لا تعرف شيء عن عالم الكبار، تعرف فقط ما أملاه عليها كلًا من النشار و عمه المرحوم
ها هي الحقيقة.. “نور” لا تعرف عن الزواج سوى اسمه، يا له من مشوار طويل و شاق سيخوضه للتمهيد إليها، و الوصول لها …
-نور ! .. هتف و قد اكتسب صوته لهجة صارمة
أمسك بوجهها و أجبرها على النظر إليه، أخذ يزيل دموعها بكفها و هو يطمئنها بحزمٍ :
-ماتخافيش و بطلي عياط. محدش يقدر يلمسك طول ما انا عايش.. و انتي دلوقتي مراتي. فاهمة يعني إيه ؟ أنا لو عملت كده قصاد أي حد. لو بوستك أو حضنتك قصاد النشار نفسه مش هايقدر يفتح بؤه. عارفة ليه ؟ عشان انتي مراتي على سُنة الله و رسوله. كان لازم تفهمي حاجة زي كده. العيب مش عليكي يا حبيبتي. إهدي يا نور. إهدي خالص يا حبيبتي
رمقته بغير ثقةٍ و قالت بصعوبة من وراء غصتها المريرة :
-يعني بابا النشار لو عرف مش هايزعل ؟!
جاوبها بثقة : مش هايزعل. مش هايقدر يتكلم بقولك.. انتي مراااااتي. أنا بس إللي اتحكم فيكي و أعمل كل إللي عاوزه
عاودتها حالة الرعاب مرةً أخرى :
-تعمل إيه ؟ لأ عشان خاطري ماتقربش مني تاني.. عشان خاطري يا علي …
غضب بشدة حين شاهدها تزداد رعبًا و ساقاها ترتجفان، فقال منفعلًا :
-قلت إهدي يا نور. مش هاعمل حاجة ماتخافيش. إهدي !!!
حبست أنفاسها و جمدت نسبيًا بين يديه، زفر مستاءّ لما آلت إليه الأمور، لكنه تنفس بعمق و هدأ أعصابه
تطلع إليها بنظرات أرق و لف ذراعيه حولها قائلًا بصوتٍ ألطف :
-ماتخافيش مني يا حبيبتي. أنا آسف.. اوعدك إني مش هاعمل أي حاجة تاني منغير أذنك. مش هقرب منك تاني ألا برضاكي. لما تكوني جاهزة و راضية. ماتخافيش يا نور. وعد و الله !
طمأنها وعده إلى حدٍ، لكنها لم تتمكن من السيطرة على مدامعها، فتنهد بثقل و هو يبتسم مبديًا بها حسن نواياه، قرّبها إليه بحذر مدروس و ضمها إلى صدره في عناقٍ أبوي
انتظر ريثما شعر بارتياحها و استرخائها من التشنجات، و إن كان استغرق ذلك بضع دقائق… ثم أضاف هامسًا فوق شعرها الحريري :
-نوري.. ملاكي… خلتيني أخاف عليكي حتى من نفسي.. مقدرش أفرط فيكي.. بحبك يا نور ! ………………………………

يتبع ….

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!