روايات

رواية شمس ربحها القيصر الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر البارت السادس والثلاثون

رواية شمس ربحها القيصر الجزء السادس والثلاثون

رواية شمس ربحها القيصر
رواية شمس ربحها القيصر

رواية شمس ربحها القيصر الحلقة السادسة والثلاثون

فتحت عينيها اللامعتين للحظات ثم أغلقتهما على الفور بقوة عندما بدأت ذكريات الليلة السابقة تتدفق داخل عقلها بسرعة ..
احمرت وجنتاها وهي تتذكر كل ما حدث .. كل لمسة وهمسه شعرت بها .. كل شيء كان مثاليا وهي شعرت بسعادة غريبة تدغدغ روحها ..
فتحت عينيها عندما استوعب للحظة إن الفراش خالي بجانبها ..
إلتفتت نحو جانبه تتأمل فراغه براحة فهي على الأقل ليست مجبرة للتعامل معه على الفور ..
سوف تستعيد ثباتها وطبيعتها وتتخلص من شعور الخجل والإستيحاء الذي يبعثر أنفاسها وكيانها كليا ..
نهضت معتدلة في جلستها مستندة على السرير خلفها تتأمل جناحها الفخم بغرابة تشعر بها لأول مرة ممزوجة بفرحة وحيوية إستغربتها كليا ..
نهضت من فراشها بخفة متجهة الى الحمام كي تأخذ حماما طويلا ..
خرجت بعد مدة وهي ترتدي روب الإستحمام وتلف شعرها الطويل بالمنشفة ..

 

 

 

وقفت أمام المرآة تتأمل وجهها شديد الإحمرار قبل أن تفك المنشفة الملتفة حول شعرها ..
هطلت خصلات شعرها المبللة فوق ظهرها لتحمل المنشفة وتبدأ بتجفيفها قبل ان تضع المنشفة جانبا وتحمل المشط كي تسرحه ببطء ..
توقفت عما تفعله على صوت رنين هاتفها لتحمله فتجده يتصل بها ..
ابتلعت ريقها وهي تحاول السيطرة على أنفاسها المضطربة وتوترها الشديد ..
توقف الهاتف عن رنين وهي في خضم تهدئه نفسها لتزفر أنفاسها يبط قبل أن تقرر تشجعة نفسها والإتصال به ..
ضغطت على اسمه بتردد ثم زر الإتصال لتضعه بأنامل مرتجفة على أذنها فتسمع صوت رنين الهاتف قبل أن يأتيها صوته الرخيم يهتف بها :
” صباح الخير ..”
ردت بصوت جاهدت ليظهر ثابتا :
” صباح النور ..”
سألها بهدوء :
” هل أيقظتك من النوم ..؟!”
ردت بسرعة :
” كلا ، كنت مستيقظة من الأساس ..”
” إذا ، ماذا ستفعلين هذا الصباح ..؟!”
أكمل قبل أن يسمع ردها :
” إذا تريدين ، بإمكانك أن تأتي وتباشري عملك في الشركة ..”
تنهدت ثم هتفت :
” دعني أفكر في الأمر جيدا .. أما اليوم فسأبقى في المنزل .. ”
” كما تريدين يا شمس ..”
قالها بجدية قبل أن يسألها أخيرا :
” هل تريدين مني شيئا ما ..؟! سأغلق الهاتف الآن ..”
أجابته :

 

 

” كلا .. لا أحتاج شيء .. أشكرك ..”
” مع السلامة ..”
قالها منهيا الحوار لترد قبل أن تغلق الهاتف :
” مع السلامة ..”
تطلعت الى الهاتف للحظات قبل أن تضعه على الطاولة أمامها وتعاود تسريح شعرها ..
……………،،…………………………………………………..
أغلق الهاتف معها وهو يتنهد براحة يشعر بها لأول مرة منذ زواجه بها فيبدو أن إستسلامها البارحة وما حدث بينهما انعكس إيجابيا عليها فهاهي تتحدث معه بهدوء احتاج له منذ مدة ولا تبدو غاضبة أو منزعجة منه على الأقل كما توقع ..
نظر الى هاتفه مجددا وأفكاره تتمحور حولها ليحمله وهو يقرر الرحيل ..
نهض من فوق مكتبه خارجا من المكان متجها الى مكتب خالد ..
دلف الى الداخل بعدما طرق الباب ليجد خالد يعمل كالعادة فيهتف به بعدما رفع الأخير بصره بنظرات متسائلة :
” أريد منك اليوم الذهاب الى عشاء السيد عزمي بدلا مني ..”
هم خالد بالرفض لكنه تذكر إن قيصر عريس جديد و ليس من اللائق أن يرفض طلبه فيجبره على الذهاب .. ربما لديه مخطط ما مع عروسه ..
أومأ خالد برأسه دون رد ليمنحه قيصر إبتسامة خفيفة قبل أن يخرج مغلقا الباب خلفه ..
خرج بعدها من الشركة واتجه الى سيارته مخبرا السائق الخاص به أن يتجه الى احد أشهر محلات المجوهرات ..
بعد مدة قصيرة دلف الى المحل وأخذ ينتقي أحد الأطقم الماسية ليختار الأفضل والأجمل ..
هنأه البائع على ذوقه المميز ثم أخذ شيك بالمبلغ الخاص بالطقم قبل أن يودع قيصر الذي خرج من محله وجلس في المقعد الخلفي من سيارته مخبرا السائق أن يعود الى القصر ..
…………………………………………………………………..
دلفت كوثر الى جناح حوراء بعدما طرقت الباب عدة مرات دون رد ..
وجدتها ما زالت نائمة في سريرها والجناح مظلما بشكل يثير الإكتئاب ..
زفرت أنفاسها بضيق من وضعية الجناح وابنتها النائمة في وقت كهذا على غير العادة ..
اتجهت نحو الستائر وقامت بفتحها ليسطع ضوء الشمس بقوة في أرجاء الغرفة ..
أخذت حوراء تتقلب في سريرها بضيق قبل أن تفتح عينيها قليلا وتعتدل في جلستها بعينين نصف مغلقتين وهي تتأفف بضيق ..

 

 

” ماذا حدث ولمَ فعلتِ هذا ..؟!”
قالتها حوراء متسائلة بقليل من الحدة لتقترب كوثر منها وهي تردد :
” افتحي عينيكِ وإنهضي من فوق سريرك لتأخذي حماما سريعا عله ينعشك قليلا ويعدل مزاجك..”
فتحت حوراء عينيها ونظرت لها بحنق مرددة بملل :
” ماذا تريدين مني ماما ..؟!”
ردت كوثر بجدية :
” انا من يجب أن يسأل ..؟! ماذا يحدث معك ..؟!”
” ماذا تقصدين ..؟!”
سألتها حوراء بنعاس لتكمل كوثر بهدوء مفتعل :
” أتحدث عن مزاجك السيء وإعتزالك الجميع وبقائك في جناحك أغلب الوقت .. أنت مختلفة تماما هذه الأيام ..”
قالت حوراء وقد سيطر الوجوم بوضوح على ملامح وجهها :
” لا يوجد شيء محدد .. انا فقط أرغب في البقاء لوحدي قليلا .. ”
” هكذا .. بدون سبب ..”
قالتها كوثر بدهشه لتومأ حوراء برأسها دون رد فتلوي والدتها فمها وهي تقول :
” أنا لا أصدقك وأريد أن أفهم ماذا يحدث بالضبط ..”
وعندما لم تجد ردا من حوراء سوى وجوم ملامحها أكملت بنبرة ذات مغزى :
” هل هو السبب ..؟!”
سألتها حوراء ببرود :
” من تقصدين ..؟!”
ردت كوثر بتهكم مقصود :
” ابن عمك المصون ..خالد بك ..”
هزت حوراء رأسها نفيا وأجابت بعدما مالت بوجهها نحو الجانب الآخر البعيد عن والدتها :
” لا يوجد شيء كهذا .. أنتِ تتوهمين..”
قالت كوثر مستهزءة بإبنتها التي لا تفهم إنها تعرف مشاعرها تلك منذ مدة طويلة :
” تستطيعين الكذب على الجميع وإخفاء مشاعرك عنهم عداي أنا .. أنا أعرف بمشاعرك يا حوراء منذ زمن طويل ..”
نظرت حوراء إليها بدهشة صادقة لتومأ كوثر برأسها وهي تبتسم وتقول :
” لا تنظري إلي هكذا .. لقد إكتشفت إنك مغرمة به منذ سنوات .. ”
قضمت حوراء شفتيها بقوة ثم هتفت مدعية اللامبالاة :
” حتى لو .. ما المطلوب مني الآن ..؟!”

 

 

قالت والدتها بجدية :
” المطلوب أن تنهي هذا الآمر .. طالما هو يتجاهل مشاعرك تجاهليها أنتِ أيضا وعيشي حياتك بشكل صحيح …”
نهرتها حوراء :
” ومن قال إني لا أفعل ..؟!”
زفرت كوثر أنفاسها وقالت بنفاذ صبر :
” أليس هو سبب ما يحدث معكِ هذه الفترة ..؟! أخبريني ..؟!”
صمتت ولم ترد لتكمل كوثر بثقة :
” هل رأيتِ إنني أدرك ما يحدث معك دون أن تتحدثي ..؟!”
منحتها حوراء إبتسامة خائبة لتردف كوثر بصدق :
” انظري إلي .. إما أن تنسيه تماما أو تحاولي لفت إنتباهه على الأقل ..”
منحتها حوراء نظرة مندهشة لتغمض كوثر عينيها للحظات ثم تفتحها وتقول بهدوء :
” لا تنظري إلي هكذا .. أنتِ تتعاملين معه بطريقة تجعله ينفر منكِ .. أعلم أنكِ بإسلوبك هذا تحاولين إخفاء مشاعرك لكنكِ في نفس الوقت تتسببين بنفوره منكِ ..”
نظرت إليها حوراء بتمعن وتذكرت إعترافها الغبي له بحبها لتجد أن حديث والدتها لم يعد يجدي نفعا بعد الآن:
” لا فائدة مما تقولينه بعد الآن ..”
” لماذا ..؟! مالذي حدث لتقولين هذا ..؟!”
أدركت حوراء خطأها فتطلعت إليها محاولة إيجاد سبب مقنع لقولها هذا فردت بعد لحظات :
” لإن هناك أخرى سبقتني إليه ..”
عقدت كوثر حاجبيها متسائلة بغرابة :
” أخرى سبقتكِ إليه ..؟! من تقصدين ..؟!”
منحتها حوراء نظرة متألمة صادقة قبل أن تجيب بما جعل والدتها تفرغ فاهها بصدمة :
” تارا .. تارا الهاشم يا ماما .. المغنية المعروفة ..”
………………………………………………………………….
جلست شمس على سريرها تحمل هاتفها بيدها تقلب فيه حينما فوجئت بهاتفها يرن بإسم صبا صديقتها ..
ابتسمت لا إراديا وهي تحمل الهاتف وتهتف بمرح :
” اهلا بصديقتي التي نستني ولم تتصل بي وتسأل عني منذ مدة ..”
جاءها صوت صبا المعتذر :
” اسفة حقا يا شمس .. لقد إنشغلت الفترة السابقة في وظيفتي الجديدة ..”
قاطعتها شمس صارخة بفرحة :
” هل وجدتِ عملا أخيرا يا صبا ..؟!”
جاءها صوت صبا الفرح :
” نعم وجدت عملا يا شمس في إحدى الشركات الخاصة ..”
” هذا رائع .. مبارك لكِ ..”

 

 

قالتها شمس بسعادة حقيقية بينما سألت صبا :
” المهم أخبريني عنكِ .. ما أخبارك ..؟! كيف يسير الزواج معكِ ..؟!”
تنحنت شمس وهي تجيب بإختصار :
” جيد .. يسير جيدا عموما ..”
” ماذا يحدث ..؟! أشعر إن هناك الكثير يحدث معكِ ..؟!”
صمتت شمس لوهلة قبل أن تقول بحسم :
” سأخبركِ بإختصار عما حدث منذ ليلة الزفاف ..”
” هيا بسرعة ..”
قالتها صبا بحماس لتبدأ شمس في سرد ما حدث ..
توقفت شمس عن الحديث أخيراً وأخذت نفسا قويا لتهتف صبا بعدم تصديق :
” فعلتِ كل هذا بالرجل يا شمس ..؟! يا لك من قوية يا فتاة ..”
عارضتها شمس :
” لماذا تتحدثين هكذا ..؟! أنا لم أفعل شيئا ..”
ضحكت صبا بصوت مسموع ثم قالت بجدية :
” من الجيد إنه لم يرد عليكِ بطريقة قاسية .. ألم تخشِ من ردة فعله ..؟!”
لم ترد شمس فأكملت صبا بحزم :
” كفي عن هذه التصرفات يا شمس .. لا تنزعجي من حديثي ولكنني أقول هذا لأجلك .. طريقتك هذه ستضرك أنتِ قبل أن تضره هو .. طالما تزوجته وأصبحتِ زوجته رسميا وفعليا لم يعد هناك فرصة للتراجع .. حاولي أن تجعلي هذه الزيجة تنجح بدلا من سعيك لفشلها ..”
لم ترد شمس أيضا بل أخذت تفكر في كلمات صديقتها التي دوما ما كانت تثق برأيها ..
صبا ووالدتها يتحدثان بنفس الطريقة وفي داخلها هي تعلم إن هذا هو الصحيح فلمَ تستمر في العناد ..؟!
أساسا بعدما حدث البارحة لم يعد هناك مجال لأي عناد ..
لقد تزوجته فعليا كما قالت صبا منذ لحظات .. إستسلمت له وهو بدوره إمتلكها كليا لذا عليها أن تعترف بأحقية نجاح هذه الزيجة فالطلاق لن ينفعها أبدا وقيصر زوجها وعليها تقبل هذه الحقيقية والتعايش معها كما ينبغي وإن كُتِب لهذه الزيجة الفشل يوما فلا يجب أن تكون هي سببا في ذلك .. فلتترك الأمر للقدر ليحدد نجاح هذه الزيجة من عدمها ..
سمعت صوت صبا تنادي عليها فردت بسرعة :
” اسفة .. شردت قليلا في حديثك ..”
ردت صبا بهدوء :
” لا عليكِ .. المهم أخبريني كيف هي حياتك في القصر وكيف تتعامل حماتك وبقية افراد عائلة زوجك معكِ ..؟!”
ردت شمس بسرعة اخبرها عن أفعال حماتها وحوراء معها وتفاعلها مع لميس قليلا وبقية الأفراد ..
أنهت حديثها لتنظر أمامها قليلا ثم تقرر الخروج من جناحها ..
خرجت من جناحها بعدما إرتدت فستانها قصير قليلا قطنيا ذو لون أزرق فاتح ..
سارت نحو صالة الجلوس لتجد إحدى الخادمات تخرج منها حيث توقفت أمامها وهتفت برسمية :
” صباح الخير يا هانم ..”
ردت شمس بإبتسامة لطيفة :
” صباح النور ..”
سألتها الخادمة وهي ترسم إبتسامة رسمية على فمها :
” هل ترغبين بشيء ما تتناولينه ..؟! هل أعد لكِ الفطور ..؟!”
هزت شمس رأسها نفيا وردت :
” شكرا .. لا أريد أي شيء ..”

 

 

هزت الخادمة رأسها وهي تنسحب من أمامها بينما دلفت شمس الى الداخل لتجد رانسي تجلس على احدى الكنبات تضع جهازها اللوحي بين يديها ويبدو إنها تتابع احد الأفلام او احدى المسلسلات الأجنبية ..
” صباح الخير ..”
قالتها شمس وهي تدلف الى داخل المكان وتجلس على الكنبة المقابلة لها لترد رانسي بعدما رفعت وجهها من فوق الجهاز :
” صباح النور ..”
ثم إبتسمت وقالت وهي تلمس الشاشة ثم تغلق الجهاز وتضعه جانبا :
” اهلا بالعروس الجميلة ..”
نظرت شمس الى الفتاة وردت :
” اهلا بك يا رانسي .. كيف حالك ..؟!”
ردت بجدية :
” بخير الحمد لله .. وأنتِ ..؟!”
ردت شمس بنفس الإبتسامة :
” بخير ..”
أومأت رانسي برأسها ثم سألتها :
” كم عمرك أنتِ ..؟!”
أجابت شمس :
” ما زلت في الثانية والعشرين من عمري ..”
” أنت صغيرة للغاية .. “

 

 

قالتها رانسي بدهشة لتبتسم شمس وهي ترد :
” يبدو إنك تفاجئت من عمري ..هل أبدو أكبر من اثنين وعشرين عاما لهذه الدرجة ..؟!”
هزت رأنسي رأسها نفيا وردت بعفوية :
” أبدًا .. الأمر ليس هكذا .. لكنكِ كونكِ تزوجتِ من قيصر ظننتك أكبر سنا فقيصر تجاوز الرابعة والثلاثين او الخامسة والثلاثين تقريبا .. ”
” فهمت .. فرق السن بيننا كبير نوعا ما ..”
قالتها شمس بجدية لتهتف رانسي بإعجاب :
” لكن قيصر وسيم وجذاب ولا يبدو عليه السن ..مهما بلغ من العمر سيظل بنفس القوة والوسامة ..”
تنهدت شمس وهي تؤيدها دون وعي :
” معك حق ..”
ثم سألتها :
” وماذا عنكِ ..؟! كم عمركِ يا رانسي ..؟!”
“أربعة عشر عاما ..”
قالتها رانسي بثقة لتبتسم شمس على تلك المراهقة التي تمتلك شخصية وثقة تجعلانها تبدو أكبر من عمرها بمراحل ..
همت بالحديث لكنها توقفت على صوته يلقي التحية عليهما لترد رانسي عليه تتبعها هي بعدما وجدته يقترب منهما ثم يسأل رانسي عن أحوالها ..
تأملت تلك العلبة بفضول سرعان ما ذهب وهو يقترب منها ويخبرها :
” هل تنهضين معي ..؟! أريدك قليلا ..”
أومأت برأسها ثم نهضت من مكانها وودعت رانسي قبل أن تسير جانبه بوجنتين حمراوتين من شدة خجلها الذي ظهر عليها بوضوح فهذه المرة الأولى التي تراه فيها بعدما غفت ليلة البارحة ..
……:…………………………………………………………..
دلفت الى الجناح يتبعها هو حيث أغلق الباب خلفه لترتعش لا إراديا للحظات قبل أن تلتفت نحوه بثبات مفتعل فتجده يفتح العلبة أمامها فيظهر عقدا ماسيا مميزا للغاية وجذابا ..
تأملت العقد بإعجاب لم تستطع كبحه بينما هتف قيصر وهو يمد العلبة نحوها :-
” هذا العقد لكِ .. ما رأيك به ..؟!”
سألته متعجبة :-
” ما المناسبة ..؟!”
رد ببديهية :-
” ليس من الضروري وجود مناسبة كي أهديكِ شيئا ما .. أليس كذلك ..؟!”
نظرت إليه بإحراج مفاجئ ثم مدت يدها تلتقط العلبة وتتأمل العقد عن قريب ..
رفعت بصرها نحوه من جديد مرددة بصدق :
” شكرا .. إنه جميل جدا ..”
ابتسم بخفة وقال بصدق :
” سيصبح أجمل عندما ترتدينه ..”

 

 

منحته بسمة خجولة مرتعشة لتسمعه يكمل :
” اليوم أنت مدعوة لتناول العشاء في أحد المطاعم معي ..هل تقبلين الدعوة ..؟!”
تعجبت مرة أخرى من سؤاله وإعطائها حق القبول او الرفض لترد وهي تمنحه إبتسامة هادئة :-
” أقبل …”
بادلها إبتسامتها قبل أن يخبرها :-
” إذا انا لدي عمل مهم سأنهيه وبعدها سنخرج .. حسنا ..؟!”
أومأت برأسها ليكمل :-
” إذا أردتِ أي شيئ مني تجديني في الطابق السفلي في مكتبي ..”
ثم منحها نظرة أخيرة قبل أن يرحل تاركا إياها لوحدها تنظر الى العقد بشرود ..
………………………………………………………………….
داخل مكتبه جلس قيصر ممسكا بمجموعة ملفات تخص العمل .. بدأ عمله بتركيز شتته طرقات على الباب يتبعها دخول والدته التي كانت تنظر إليه بنظرات غريبة تبعتها قائلة :
” أريد الحديث معك بأمر هام للغاية ..”
نظر إليها بتمهل قبل أن يهتف :-
” تفضلي …”
أغلقت الباب وسارت نحوه ثم جلست أمامه وهي تهتف :-
” هناك شيء هام جدا ويجب أن تعرفه ..”
“قولي .. ماذا يحدث بالضبط ..؟! عمَ تتحدثين ..؟!”
قالت أخيرا :-
” المياه تجري من تحت قدميك وانت لا تعلم ..”
رفع حاجبه يسألها بدهشة ممزوجة بالسخرية الواضحة :
” عم تتحدثين هذه المرة ..؟!”
زفرت انفاسها وقالت :
” انا لا امزح .. لقد حذرتك مسبقا من كل هذا .. اخبرتك ان تنتبه على ما يجري حولك لكنك لا تفعل شيئا سوى الاهتمام بزوجتك ومراعاتها .. ”
سأل بصرامة :
” ماذا حدث لكل هذا ..؟! هل هناك مصيبة تحدث وانا لا اعلم ..؟!”

 

 

نظرت اليه بإنتصار لحظي قبل أن تميل نحوه وهي تقول :
” تلك المغنية ..”
تأفف وهو يسأل :
” ما بها تارا ..؟!”
اكمل بضيق :
” ألم اطلب منك تركها وشأنها .. ؟! كرهك هذا لا داعي له ابدا ..”
قاطعته بسرعة :
” هذه المرة معي كل الحق فيما سأقوله ..”
نظر اليها بصمت لتكمل بهدوء :
” ابن عمك مغرم بها .. ”
الدهشة على ملامحه أنبأتها بمدى جهله بكل ما يجري لتكمل بسرعة :
” يحبها وربما ..”
صمتت لوهلة ثم اكملت :
” وربما يتزوجها .. ”
اتسعت عيناه بعدم تصديق لتكمل :
” اذا فعلها خالد فستنكشف الحقيقة وزوجتك تعرف انها كانت تلتقي منذ مدة مع مع كانت زوجة زوجها ولا اظن ان شمس بعقليتها هذه ستتقبل كذبة كهذه ابدا ..”
هتف معترضا :
” المشكلة لا تقتصر على شمس فقط .. علاقتي مع خالد ستنتهي اذا كان ما تقولينه حقيقي ..”
هتفت بسرعة :
” اقسم لك انه حقيقي .. لقد حذرتك مسبقا من تلك الفتاة .. انظر ماذا حدث .. ستدمر عائلتنا يا قيصر .. علاقتك مع خالد اساسا متوترة وانت يجب ان تخفف من هذا التوتر لا ان تزيده ..”
نهض من مكانه متجها نحو النافذة مفكرا فيما وصل اليه فهل سيدفع ثمن هذه الزيجة بهذه الطريقة بعدما ظن ان كل شيء انتهى منذ سنوات ..
” هناك حل واحد يصب في مصلحتنا جميعا ..”
التفت نحوها يطالعها باهتمام لتكمل :
” خالد يجب ان يرتبط بأخرى غيرها وبأسرع وقت ..”
” من تقصدين ..؟!”
سألها متعجبا لتهتف بسرعة :
” حوراء .. هي اكثر من تناسبه .. ابنة عمه واولى به من تلك المغنية وغيرها ..”
قال بتهكم :-
” وهل سأجبره على الزواج منها ..؟!”
قاطعته بحدة :-
” وما الذي ينقص ابنتي كي تجبره عليها ..؟! ألف شاب يتمنون الإرتباط بها ..؟!”
رد بجدية وصدق :-
” أؤكد لكِ إن خالد ليس واحدا منهم …”

 

 

نظرت إليه بوجه مكفهر ليكمل هو بحسم :
” على العموم دعيني أفكر في الموضوع وأدرسه جيدا وبالتأكيد سأصل الى حل مناسب ..”
أومأت برأسها موافقة على مضض .. همت بقول شيء ما لكن طرقات على الباب قاطعتها حيث دخلت الخادمة بعدما سمح لها قيصر بالدخول لتخبرهما :-
” هند هانم وصلت منذ لحظات الى القصر ..”
تأففت كوثر داخلها بينما اصطنعت إبتسامة وهي تلتفت نحوها اذنها :-
” سأذهب اليها عزيزي ..”
” تفضلي ..”
قالها قيصر بجدية قبل أن يعاود النظر الى احد ملفاته بذهن شارد بما سمعه من والدته وكيف سينهي هذه العلاقة اذا كانت موجوده بالفعل كما إدعت والدته منذ قليل وهل إنهاؤها هو التصرف الصحيح ..؟!
………………………………………………………………..
أغلق قيصر حاسوبه الشخصي بعدما أنهى أخر أعماله .. عاد بظهره الى الخلف مفكرا من جديد في حديث والدته وكم يتمنى ألا يكون حديثها صحيحا .. اتجه بأفكاره نحو تارا التي يعرف عنها جيدا إنها لا تفكر بالإرتباط نهائيا .. مالذي غير رأيها إذا كان حديث والدته صحيح ..؟!
ثم عاد يفكر بخالد الذي يعرفه عن ظهر قلب مثلما يعرف إنه ليس من النوع الذي ينجذب للنساء بسهولة فلا يتذكر يوما سمع عن إرتباطه بإحداهن ولم يلحظ يوما إنجذابه لواحدة معينة .. لطالما كان خالد خطا مستقيما لا ينحرف عن إستقامته ولو قليلا حتى .. رجل واضح وصريح والنساء لم يكن لهن يوما مكانا في حياته .. نهض من مكانه مقررا إزاحة أفكاره جانبا فاليوم سيخرج مع زوجته لأول مرة بعد إتمام زواجهما وعليه أن يكون حذرا في تصرفاته كي لا يعود الى نقطة الصفر من جديد ..
خرج من مكتبه متجها الى صالة الجلوس كي يرحب بعمته قبل أن يصعد الى زوجته ..
استقبلته عمته هند بسعادة وهي تحتضنه ثم تسأله عن أحواله وأحوال زوجته ..

 

 

رحب بها بشدة كما اعتاد ثم إستأذن منها مخبرا إياها إنه سيذهب الى زوجته فهما سيخرجان الى العشاء سويا ..
صعد بعدها الى جناحه ليفتح الباب ويدلف الى الداخل فيجد الجناح فارغ وقبل أن ينادي عليها وجدها تخرج من الحمام بملابس فائقة الأناقة رغم بساطتها وشعرها مرفوع عاليا بتسريحة بسيطة لكنها جذابة ..
تأملها كليا بينما وقفت هي تنظر إليه بحذر قبل أن تهتف بعد لحظات بخفوت :
” انا جاهزة للخروج .. فقط سأرتدي حذائي ..”
ثم سارعت لإرتداء حذائها ذو الكعب العالي تحت أنظاره التي لم تبتعد عنها ..
نهضت من مكانها بخجل من نظراته التي تحاصرها بصمت مهيب فسارعت لجذب حقيبتها ثم وقفت في مكانها على بعد مسافة منه بصمت قطعه أخيرا وقال :-
” هل نخرج الآن ..؟!”
أومأت برأسها وردت بنفس الخفوت :-
” حسنا لنخرج ..”
رفع حاجبه متسائلا بخفة :-
” أين اختفى صوتك اذا شمس ..؟!”
ردت بضيق :-
” لم يختفِ .. هذا هو صوتي كما عهدته ..”
رد متهكما وهو يتذكر علو صوتها حينما تتشاجر معه او تتحدث بطريقتها المزعجة سابقا :-
” هل أنتِ متأكدة ..؟! لم أعهده يوما هكذا ..”
ردت بغضب مكتوم :-
” البركة فيك .. أنت من كنت تتسبب بعلوه وحدته ..”
كتم ضحكته وهو يقول بنبرة جعلها جادة :-
” الآن عادت شمس لطبيعتها المعهودة ..”
سارت نحوه وهي تسأل بملل :-
” ألن نخرج ..؟! ”
رد بصوت خافت بعدما وقفت بجانبها وهو يميل نحوها قليلا :-
” هل تعلمين ..؟! أحيانا أحب طولة لسانك وعنادك وتمردك أكثر من هدوئك ..”
التفتت نحوه وقد بدأت تتخلى عن خجلها .. رفعت حاجبها مرددة بدهشة مصطنعة :-
” حقا ..؟! لمَ لم تخبرني ..؟! من الآن فصاعدا سوف أعاندك طوال الوقت دون توقف ..”
منحها إبتسامة صادقة قبل أن يهتف أخيرا :-
” دعينا نذهب يا ذات اللسان الطويل ..”
ثم قبض على يدها ليخرجا من الجناح متجهان نحو الطابق السفلي ..
………………………………………………………………..
دلفا سويا الى صالة الجلوس حيث تجلس كلا من هند مع كوثر و علياء ..
” مساء الخير ..”

 

 

قالتها شمس وهي تبتسم بهدوء قبل أن تتجه نحو هند وتحييها .. انحنت نحوها تقبلها وهي تقول :-
” اهلا بكِ عمتي .. سعدت برؤيتك كثيرا ..”
ربتت هند على كفها الممسكة به وهي ترد تحيتها بإبتسامة سعيدة :-
” اهلا بك يا شمس .. انا الأسعد برؤيتك ..”
ثم أكملت وهي تتأمل فستانها الأخضر متوسط الطول وملامحها التي أبرز نعومتها المكياج الخفيف :-
” ماشاءالله .. ما أجملك يا ابنتي .. حقا اسم على مسمى ..”
ابتسمت شمس بخجل وهي ترد :-
” شكرا عمتي .. عيناك الجميلتان هي من ترى كل شيء جميل ..”
تحدث قيصر أخيرا :-
” اسمحي لنا عمتي فنحن سنتناول عشائنا في الخارج ..”
أومأت العمة برأسها وهي ترد بتفهم :-
” خذا راحتكما يا بني ..”
ألقى قيصر تحية الوداع تبعته شمس وهي تخرج معه ..
إلتفتت هند نحو كوثر تهتف عن قصد :-
” ما أجمل كنتك يا كوثر .. جميلة ومؤدبة .. لقد أحسن قيصر إختيار زوجته ..”
اصطنعت كوثر الإبتسامة وهي ترد عليها :-
” معكِ حق يا هند .. ”
وأيدتها علياء :-
” إنها كذلك بالفعل .. حتى إنها لا تخرج من جناحها إلا مرات قليلة .. الجميع أحبها حتى رانسي ..”
قالت هند بتمني :-
” عقبال خالد عندما يجد من تناسبه وتسعده ..”
” اللهم أمين ..”
قالتها علياء برجاء خالص بينما كوثر تراقبهما بإمتعاض شديد من كلامهما الذي لم يلاقي إستحسانها على الإطلاق ..
……………………………………………………………………..

 

 

كانا يجلسان أمام بعضيهما على احدى الطاولات المطلة على البحر من الخارج ..
دون النادل طلباتهما ثم إبتعد عنهما ليلتفت قيصر نحوها من جديد متأملًا شرودها الغريب ..
تنهد بصمت قبل أن ينادي عليها بهدوء :-
” شمس ..”
لم يجد إستجابة منها حيث كانت غارقة في أفكارها .. تعجب من وضعها دون أن يعرف إنه كان سبب شرودها ومحور أفكارها ..
انحنى نحوها مناديا إياها بخفة :-
” شمس ..!! ”
انتبهت إليه أخيرا مستوعبة شرودها لتتنحنح بحرج ثم ترد بجدية :-
” آسفة .. لقد شردت قليلا ..”
سألها بهدوء :-
” بمَ كنتِ شاردة إذا ..؟! مالذي يشغل تفكيرك الى هذا الحد ..؟!”
نظرت إليه بتردد قبل أن تجيب بصدق :-
” كنت أفكر بزواجنا ووضعنا سويا ..”
” وما به وضعنا يا شمس ..؟!”
سألها بنفس الهدوء لترد بصدق :-
” أشعر إن كل شيء يبدو غير منطقيا .. لا أستطيع أن أثق بما يجري حولي .. ولا أستطيع التصديق إن زواجنا سينجح ..”
أخذ ينظر إليها بصمت لمدة لا بأس بها جعلتها تقلق من صمته هذا ..
إرتسمت إبتسامة خفيفة على شفتيه فاجئتها .. هتف أخيرا بصوت ثابت واثق :-
” أنا على عكسك تماما .. أرى كل ما يحدث منطقيا بل إنه يماثل ما أردت ..”
” ما أردت أنتَ ولستُ أنا ..”
قالتها بضيق خفي ليسألها بجدية :-
” ومالذي تريدينه أنتِ يا شمس ..؟!”
التزمت الصمت حيث شعرت بعجزها عن إيجاد رد مناسب ليرد نيابة عنها :-
” هذا ما كنت أنتظره .. لا جواب .. لا يوجد لديكِ جواب محدد يا شمس ..”
ردت معترضة :-
” بلى ، لدي جواب ولكن ..”
قاطعها بصدق :-
” انظري إلي يا شمس .. مشكلتك تكمن إنكِ لا تعرفين ما تريدين والأهم إنك تفعلين كل ما تفعلينه وتعاندين في كل شيء فقط كي تثبتي لنفسك إنكِ كنت على صحة في رفضك هذه الزيجة .. ”
أردف وهو يسير بعينيه فوق ملامحها :-
” يزعجك تقاربنا .. تفاهمنا في نقطة معينة .. يزعجك إستمرار زواجنا ونجاحه يوما ما ..”
كانت تنظر اليه بصمت وهي تشعر إن كل كلمة ينطقها تصيب شيئا ما داخلها..
تشعر إن ما يقوله حقيقة هي تنكرها ..

 

 

شعرت بجفاف حلقها فجذبت قدح الماء وتناولت المياه بإضطراب ظهرت جليا على ملامحها ..
” ألن تمنحيني ردا على ما قلته ..؟! ألا يوجد عندك جواب ..؟!”
سألها بإهتمام ليشاهد الضيق يملأ وجهها فيقول بصدق :-
” لا أقصد إحراجك أو إثبات شيئا محددا لكِ بسؤالي …”
أكمل بعدها :-
” أريد فقط سماع المزيد منك .. أريد معرفة ما يجعلك متوترة ومترددة الى هذا الحد .. أريد أن أعرف وأفهم ما يدور في عقلك يا شمس ..”
إبتلعت ريقها ثم قالت بجدية :-
” سأسألك سؤال .. سؤال محدد وأريد جوابا محددا منك وصادقا بالطبع ..”
اومأ برأسه يطلب منها أن تسأل لتقول بنبرة متصلبة :-
” علاقاتك النسائية ..؟! هل ما زالت موجودة ..؟! هل هناك نساء آخريات غيري في حياتك ..؟!”
حل الصمت بينهما للحظات هو ينظر إليها بتمعن وهي تنتظر جوابه بإهتمام وترقب شديد ليأتيها جوابه :-
” كلا ، لا يوجد نساء غيرك ..”
” وهل سيوجد يوما ما ..؟!”
سألته بإهتمام صادق ليجيب بعد لحظات صمت بصراحة شديدة :-
” جواب هذا السؤال يعتمد عليكِ …”
عقدت حاجبيها متسائلة بإستغراب :-
” ماذا تقصد ..؟!”
رد موضحا حديثه :-
” اسمعيني يا شمس .. انا رجل وأنتِ زوجتي .. زوجتي التي إخترتها بنفسي وأردتها زوجة بحق لي .. مالذي يجعلني أخونكِ يا شمس ..؟! أخبريني أنتِ .. اذا وجدت لديك ما أنشده من زوجتي فحينها لن توجد إمرأة على وجه الأرض تدخل حياتي سواها ..”
” فهمت ..”

 

 

قالتها بإقتضاب وقد فهمت ما يعنيه .. هو يخبرها بوضوح إن الأمر يعتمد عليها .. هي بيدها إخلاصه لها وبيدها خيانته لها مع آخريات ..
” ماذا فهمتِ بالضبط ..؟!”
سألها بصوت جاد لترد بنفس النبرة :-
” فهمت إن الأمر يعتمد علي وإن علي أن أكون الزوجة التي تريدها .. الزوجة التي تفعل وتشبه ما تريده ..”
” وهل يزعجكِ هذا ..؟!”
تأملت سؤاله المهم بالنسبة لها لترد بنبرة صادقة :-
” على حسب الصفات التي تريدها بي .. على حسب ما تود مني أن أكون عليه ..”
قال بصدق :-
” أتمنى ألا تتجه أفكارك الى منطقة بعيدة عما أعنيه .. أنا لا أقصد بحديثي أن تكوني خاضعة مطيعة لي كما ظننت مسبقا .. على العكس تماما .. أنا أعجبني بك قوتك وكبريائك يا شمس .. أعجبني تمردك أحيانا .. أنت تعجبيني بصفاتك هذه يا شمس لكنني أمقت عنادك في أمور لا تستدعي العناد .. أكره عنادك وتمردك لمجرد العناد والتمرد .. أكره أن تفعلي هذا فقط كي تزعجيني وتضايقيني .. أريدك على طبيعتك معي .. أريدك سعيدة وأنتِ زوجتي وراضية عن زيجتك مني .. لا أريدك دوما كارهة ناقمة ممتعضة .. أريد أن نكون كأي زوجين طبيعيين .. هذا كل ما أرغبه وأريده ..”
كانت تسمعه بتركيز وإهتمام شديد .. صوته الهادئ وكلماته الحكيمة تركت داخلها آثرا كبيرا .. ولأول مرة تشعر إنه صادقا فعلا في كلماته وإنه بالفعل لا يرغب في السيطرة عليها والتحكم بها .. إنه لا يريد أن يجعلها دميته كما ظنت سابقا .. لا يريد أن يجعلها بنان طوعه .. إنه ليس كما ظنت ..
جاء النادل وبدأ يضع الطعام أماميهما .. انتهى من وضع الطعام وسألهما إذا ما يريدان شيئا قبل أن ينسحب من أمام طاولتهما ..
تلعثمت في حديثها وهي تقول أخيرا :-
” دعنا نتناول الطعام فأنا جائعة جدا ..”
” تفضلي اذا ..”
قالها وهو يمنحها إبتسامة خافتة وداخله شعور قوي إن كلماته هذه المرة مست روحها وتركت آثرها داخلها ..
…………………………………………………………………….
انتهيا من تناول الطعام ليسألها قيصر بعد مدة قصيرة :-
” هل ترغبين بالتحلية ..؟! ماذا تحبين أن تتناولي أم أطلب لك شيئا على ذوقي ..؟!”
ردت بسرعة :-
” كلا ، شكرا لا رغبة لي بتناول أي شيء بعد هذه الوجبة الدسمة ..”

 

 

 

ابتسم مرددا :-
” لكنكِ لم تتناولِ إلا القليل .. لم تنهِ نصف وجبتك حتى .. ”
أردف بعدها بجدية :-
” أنتِ لا تتناولي سوى القليل من الطعام .. هل هذه طبيعتك أم إنك تخجلين من تناول الطعام في وجودي ..؟!”
ردت بجدية وصدق :-
” بالطبع لا .. انا دائما ما أتناول القليل من الطعام .. هذه طبيعتي منذ أن كنت طفلة .. ”
أردفت بعفوية :-
” حتى والدتي لطالما تشاجرت معي بسبب قلة الطعام الذي أتناوله .. أساسا نحافة جسدي أكبر دليل على ذلك ..”
اومأ برأسه وهو يرد :-
” هذا واضح بالفعل .. لذا عليك بتناول المزيد من الطعام كي يمتلأ جسدك قليلا ويصبح أكثر جاذبية .. ”
أكمل بعدها بنبرة وقحة :-
” الأجسام الممتلئة قليلا في مناطقها الصحيح تبدو مليئة بالإثارة .. ”
احتقنت ملامحها من تصريحه الوقح فحملت هاتفها تعبث به ..
تأمل إحمرار وجهها بإستمتاع قبل أن يتفاجئ بها تصيح فجأة :-
” نتيجة اخي أسامة ستظهر بعد ساعات ..”

 

 

هتف بجدية :-
” حقا ..؟!”
أومأت برأسها وهي تقول بخوف :-
” حقا ..؟! انا خائفة للغاية .. ”
قال محاولا طمأنتها :-
” لا تقلقي .. ستكون نتيجته جيدة للغاية باذن الله ..”
ردت بتوتر :-
” اتمنى ذلك حقا .. لقد بذل جهدا خرافيا …”
ثم قالت بتردد :-
” قيصر .. هل يمكنني الذهاب الى منزلي كي أكون مع عائلتي في هذه الساعات المهمة ..”
رد بجدية وعلى الفور :-
” بالطبع .. يمكنك الذهاب …انهضي هيا لأقلك هناك على الفور ..”
ابتسمت بإمتنان دون رد ثم نهضت من مكانها ونهض هو بعدما وضع بضعة وريقات مالية وسار خلفها متجها خارج المطعم ..
………………………………………………………………….
دلفت تارا الى داخل المطعم حيث تمت دعوتها من قبل أحد أصدقائها على عشاء يجمع مجموعة من الأصدقاء من النخبة ورجال الأعمال ومن ضمنهم صديقها أياد إسماعيل مدير احدى القنوات الفضائية المهمة ومنتج لبعضا من أعمالها …
سارت بخطواتها المتزنة نحو الطاولة مرتدية فستانا أحمرا مثيرا يلتصق بجسدها النحيل كجلد ثاني بعدما خلعت سترتها السوداء المصنوعة من الفرو وعلقتها في مكان إستقبال الضيوف ..
اقتربت من الطاولة لينهض حامد الحداد وهو رجل أعمال معروف بالخمسينات من عمره مرحبا بها ..
لامست يدها يده بخفة وهي تبتسم بصدق ترد تحيته ..
أخذت تحيي الموجودين قبل أن تقع عيناها عليه بملامحه الهادئة وعينيه الجامدتين ..
كان قد وصل قبلها بربع ساعة وعلم بعد جلوسه بالصدفة عن مجيئها ..
وكم لعن حظه على هذه الصدفة ولعن نفسه أكثر حينما وجد نفسه منتظرا مجيئها على نار ..
رجل مثله لم تلقَ إمرأة يوما إهتمامه ولم تؤثر به إحداهن ولو قليلا سيكون من الصعب عليه أن يشعر بكل هذا الإهتمام والإضطراب تجاه إمرأة معينة ..
كان يعرف في داخله إنها ليست إمرأة عادية مثلما يعرف جيدا إن ما يشعره نحوها غير عاديا وإنه إذا سمح لنفسه الإنسياق ورا ما يعتمل داخله سيرمي بنفسه الى هاوية الجحيم وحينها لن يخرج منها الى الأبد ..
تأملها وهي تنظر إليه بنظرات إختلفت عن نظراتها تجاه البقية .. نظرات صعب عليه تفسيرها ولأول مرة يخونه ذكائه ويعجز عن تحديد مشاعر الشخص أمامه .. فتارا الهاشم تبدو غامضة بشكل مهيب .. إمرأة يصعب تفسير ما تريده وما تشعر به وما تنوي عليه ..
بالكاد يداها لامست يديه بخفة قبل أن تبعدها من حصار كفه وهي تهتف بإبتسامة خفيفة مصطنعه :-
” أهلا بك خالد بك ..”
رد برسمية معتادة :-
” اهلا بكِ يا هانم ..”

 

 

وما إن إلتفتت نحو الجانب الآخر حتى تغضنت ملامحها بإنزعاج اختفى تماما قبلما يلحظ هذا الانزعاج أحد الموجودين ..
مدت يدها نحوه متجاهلة إبتسامة التي تفهم ما يعنيه من خلالها وقبل أن تلمس كفه كلها كانت قد سحبت يدها وهي تحييه بإبتسامة باردة مصطنعة ..
اتجهت بعدها وجلست بجانب إياد بعدما حييته ليعود جميع الموحدين رجالًا ونساءا الى أحاديثهم ..!!
……………………………………………………………………
بعد مدة شعرت تارا بالملل من الأحاديث المعتادة والتي تتحدث عن العمل والتطورات .. شعرت بالضيق من المجاملات والإجابة على اسئلة الموجودين المعتادة والنقاش في عدة أمور حول عملها ..
قررت النهوض أخيرا متعللة بحاجتها في الذهاب الى الحمام لتعديل مكياجها …
سارت بعيدا عن الطاولة واتجهت الى الشرفة الخارجة للمكان على الجانب الآخر كي تأخذ قسطا من الراحة وتبتعد عن تلك الأحاديث المملة المجبرة على سماعها بل والتفاعل معها …
فوجئت بأصوات أقدام خلفها فإلتفتت فورا لتحتد ملامحها وهي تراه ..
صاحت بلا وعي :-
” ماذا تفعل هنا ..؟!”
رد واضعا إصبعه على فمه :-
” هش .. إهدئي يا عزيزتي .. سوف تفضحيننا ..”
حاولت إخفاض صوتها وهي تبتعد بجسدها عنه :-
” ماذا تريد يا منير ..؟! لماذا أتيت خلفي ..؟!”
أطلق تنهيدة طويلة ثم هتف بنبرة ذات مغزى :-
” أنت تعرفين ما أريده منذ زمن طويل يا تارا ..”
ردت بقوة :-
” وأنتَ تعرف جيدا إن ما تريده لم تناله ولو على قطع رقبتي ..”
ضحك بخفة ثم قال متمهلا :-
” أنتِ تعرفين جيدا إن رفضك وتعنتك هذا يزيد من إعجابي ورغبتي بكِ أضعافا ..”
ردت بسخط ونفور :-
” هذا لأنك رجلٌ مريضٌ .. “

 

 

وضع إصبعه على فمها مرددا بتحذير :-
” لا تتفوهي ببعض الحماقات التي لن تؤذي سواكِ عزيزتي تارا ..”
أبعدت إصبعه بعيدا بقرف ثم قالت بتشنج:-
” يكفي يا منير .. اقسم لك إنني سأفتعل فضيحة كبيرة وليحدث ما يحدث اذا لم تخرج الآن …”
رمقها بنظراته المستخفة وقال :-
” كلانا يعرف إنكِ لا تستطيعين فعلها .. على العموم أنا سأرحل الآن لكن تذكري إنني دوما حولك ولن أرتاح أو يهدأ لي بال حتى أنالك يا عزيزتي ..”
” على جثتي يا منير ..”
قالتها بتحدي وهو يهم بالإبتعاد عنها ليتوقف في مكانه ويلتفت نحوها نصف إلتفاتة ..
لحظات قليلة وفوجئت به يستدير نحوها ثم يقبض على جانبي وجهها بأنامله وهو يدفعها بقوة الى الحائط خلفها مرددا بقوة وجنون :-
” إياكِ أن تتحديني يا تارا لإنني مستعد أن أنال ما أريده والآن فأنا منير سلمان الذي لا يعصى عليه أمرًا ..”
حاولت دفعه وتحرير وجهها من قبضته لكنه كان يشد من ضغطه حتى شعرت بوجهها يتمزق وقبل أن تضربه بقدمها كان أحدهم يخترق المكان صائحا بصوت حاد قوي :-
” ماذا تفعل هنا أيها النذل ..؟!”

يتبع….

‫7 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *