روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والخمسون 53 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الثالث والخمسون
رواية أترصد عشقك الجزء الثالث والخمسون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة الثالثة والخمسون

إما أن تكون ممسكا بخيوطها جيدا
او تلف تلك الخيوط حول عنقك مُزهقة روحك.
وخيوط الحب لم تلعب على أوتار قلبه فقط
بل على روحه
حياته المليئة بالملل الاقرب للسكون لم تكن مليئة بصواعق الحب ولا حتى فياضاناته
لكن ماذا يقول؟!
عينيها الزرقاوين أسقطته صريعًا، وصار على باب حبها متضرعًا
يسألها الخلاص أو الحب
فأجابته بالحب.. والحب الذى حصل عليه كان سم قاتل منها
فلا يقدر على تخطيها ولا نسيانها، بل باتت كالدم يجرى فى عروقه!!
ضم لؤى قبضة يده بعنف، عروق يده النافرة على وشك أن تنفجر، لكنه يود أن يفجر رأس تلك الوقحة، الحية خاصته الذي بات فريستها .. تريد الخلاص منه، ولا حتى تفكر فى عواقب فعلتها لمركزه ولا حتى لاسمه، ولا حتى لرجولته
رنين هاتف مكتبه جعله يرفع سماعة الهاتف ليسمع صوت سكرتيرة قائلة بصوت عملى جاد عن اعتذار السيدة اسيا لتأتي لمكتبه… شرارة نارية لمعت في عينيه وهو يغلق الهاتف بحدة… أغلق زر سترته وانطلق كوحش ثائر صوب مكتبها..
لم يلقي بالا إلى سكرتيرتها التى حاولت ثنيه عن الدخول، لكنه لم يكترث، فتلك المرأة يبدو من الاسابيع السابقة ظنت أن طلبها الأحمق سيقابل بالموافقة، وأن جدهما سيوافق على تفكيرها الساذج.. هم بفتح الباب ليفتح الباب من الجهة الاخرى وتقابله عيناها الزرقاوان الباردتان وبجوارها رجل أحمق جوارها قصير القامة، استشعر الرجل بذبذبات وطاقة سلبية من لؤي ليبتسم بتوتر منهيا حواره مع آسيا التي كانت توليه كامل اهتمامها متناسية التنين الغاضب، ولكى لا يزداد الوضع سوءً رحل دون سلام ايدى لتلتفت اسيا الى مكتبها دون أن توجه حديث للؤي الذي استشاط غضبا واندفع داخل مكتبها مغلقا الباب خلفه بحدة لم يؤثر على باردة الاعصاب تلك لتنظر اليه عاقدة ذراعيها على صدرها وهى تراه يتقدم نحوها كقذيفة نارية ليصرخ في وجهها
-ممكن افهم يعنى ايه ترفضى تقابلينى، انتى فاكراه لعب عيال ولا ايه، احنا هنا فى شغل
عيناها حطت على اظافرها المطلية باللون الاصفر متماشيا مع ثيابها العملية البيضاء، لترفع عينيها بملل قائلة
-اعتقد يا استاذ لؤى، حضرتك عارف انى مشغولة وكان عندى عميل، ولما سئلت السكرتيرة ردت عليك انى مشغولة، مفيش داعي للعصبية
لكن ردها زاد من صب نيرانه على رأسها ليصرخ فى وجهها
-اسياااا
احتقنت عيناها الباردتين لتتقدم منه هامسة بتحذير
– نحافظ على الألقاب ما بينا، ما تسمحش لنفسك تتخطى أى حدود ما بينا
ترى عروقه النافرة فى كلا من عنقه ويداه، عينيه تحذرانها من التمادى لكن ماذا تفعل معه
وهو الذي أحرق جميع فرصه معها، لا تكترث لغضبه ولا حتى لجنونه
هسهس بنبرة خطيرة اقشعر جسدها من وعيده
-اقسم بالله هطلع جنانى عليكى لو مفوقتيش من اللى بتعمليه
رعشة باردة مرت على عمودها الفقرى وهى ترى قربه المشبع بالغضب والحنق، غضب مشبع بأسابيع من جفائها، ترى عدم سيطرته أمامها، ووعيده الممزوج بنيران عينيه التى تستطيع حرقها من موضعها
ولكى يعلم ان تهديداته العبيثة او الحقيقة لا تكترث لها، اشارت بكف يدها اتجاه الباب لتقول بلا مبالاة
-اتفضل لمكتبك لو معندكش حاجة تقولها، عندى اجتماع خاص مع غالب كمان نص ساعة، فلو معندكش حاجة ارجو انك متعطلش غيرك
هل يستطيع خنقها، ام يوسع وجهها الفاتن هذا ضربا كى لا يفتتن به رجال غيره!!
اقترب منها بجاذبية يملكها هو وحده، رغم الانبعاثات الخطيرة المنبعثة من جسده ليهمس بوعيد
– هيجى اليوم اللى هطلع عينكى فيه، ورحمة أمى ما هرحمك وقتها
رفعت رأسها لتحدق في ظلمة عينيه، يبدو أن الحبيب لا يستطيع التحمل البعد عنك اكثر، وتلك الفكرة وحدها جعلها تبتسم بسخرية فى وجهه، لتمسك رابطة عنقه مرتفعة عدة انشات لتصبح فى طوله رغم كعبها العالى، مالت فى اذنه هامسه
-ابقى ورينى وقتها، عن اذنك
ربتت على كتفه باستهزاء تام وهى تتخطاه لكن خطوة وأخرى أمسك من زندها بقسوة، تألمت وهي تعض باطن خدها لترفع رأسها محدقة فى عينيه الشرستين، ليدفعها دفعا لتكون بين ذراعيه، تشعر به يفعلها عمدا.. يعيد الاحمق اواصر هو قطعها، لتنظر اليه بجفاء تام
-خييييىر
هسهس بغضب ويده الاخرى موضوعة اسفل ظهرها، ينهل قربا بات محرما عليه، لكم اشتاق لها، لوقاحتها فى الحديث معها، طلبها فى الوصال الذى لا تخجل من البث به أمامه، جرائتها فى طلباتها واندفاعها للحصول على ما ترجوه اضعافًا مضاعفة!!
-انسى اني اطلقك
افترت عن أسنانها لتميل رأسها متأملة اياه بأسف بالغ، لتضع يدها كوضع عازل عن اى شوق يستعر في جسد الآخر، تشعر بحرارة جسده تذيب جليدها، بل عامدا متعمدا ليجعلها امرأة وضيعة فى نظرها
ان كان يزن ما تفعله سابقا وشوقها لحبه مجرد علاقة حسية فهو مخطئ تماما، دفعته بحدة عنها قائلة
– مهو لو مطلقتش انا هخلعك، ولا أى حد هيلومنى
أعاد جذبها مرة اخرى بألم اكبر وقسوة شديدة ليسألها بحدة ممزوجة بسخرية
-ويا ترى ايه سبب الخلع.. ايه مبعرفش
عبست ناظرة إليه بعدم فهم عن ماذا يقصد “مبعرفش” سرعان ما لمع الإدراك في ذهنها لتبتسم بشيطنة قائلة
– مش هغلب متقلقش
كادت تهرب من حصاره للمرة الثانية لكن للمرة الثالثة جذبها بحدة للحائط، دفعها بحدة المت عظام جسدها كليا لتنظر اليه بحدة وغضب لتصرخ فى وجهه
-سيبنى، مينفعش اللى بتعمله ده
كاد يجذب شعرها يصرخ فى وجهها بحدة ان ما تقوم به لا يزيده سوى اصرارا
لاعادة القطع إلى نصابها، ليصرخ فى وجهها
– انا لسه جوزك
اتسعت عيناها شراسة، لتدفعه بكل قوتها لتهدر بشراسة
– منفصلين فى حكم المطلقين يا لؤى، اعرف انت بتقول ايه كويس
انفتح الباب بحدة ليرتفع الرأسان ناظرين تجاه غالب الواقف بحدة امامهما، أغلق الباب خلفه وهو يرى حفيده يحاصر زوجته فى الحائط.. تصرف غير موفق منه اذا اراد اعادة الأواصر بينهما، ليقول بنبرة حادة
-آسيا
لمع الجنون فى عينا اسيا، وهى تراه يدينها دائما، همت بالرد عليه الا انها رأته يوجه بكامل تركيزه تجاه لؤي قائلا بحدة
– شغل العيال فى الشركة ده مش مسموح بيه هنا، ولا انت عندك رأى تانى يا لؤى
القى نظرة سريعة تجاه الغاضبة، ثم ابتعد بحصاره عنها قائلا بصوت متفهم
– اكيد طبعًا
أعاد ترتيب هيئته ليقول بصوت بارد على مسامع كلاهما
-عقلها وقولها مفيش طلاق، عشان متزعلش من اللى هعمله
تلك المرة لم تستطيع اسيا سوى الانفجار فى وجهه قائلة بغضب جم
-هو انت ليك عين يا بجح انت تتكلم، وتقول ان انا هزعل من اللى هتعمله، هو انت فاكر عشان كنت بحبك خلاص هتستبيح كل حاجة، انسى يا لؤى
اتسعت عينا لؤي وهو يرى الغضب فقط يلون عينا زوجته، برغم كل شئ لم يتوقع ان يناله من غضبها نصيبا له، جز على اسنانه وهو يقترب منها قائلا
-استبيح!! انتى مجنونة؟!
ضحكت بسخرية وهي تواجهه بكبرياء جريح لتقول بما يزيد اشعال النيران فى صدره
-انت اللى اتجننت، ولا خلاص فكرة انك مبقتش مرغوب معفرتاك
وها هو يسألها بعينه ان لم يعد مرغوبا كما تخبرها صراحة امامه
ولصدمته قالتها دون حاجة ان تنطقها، اشاح بعينيه عنها ليهمس بسيطرة
-لولا غالب باشا، كنت اتصرفت معاكى
كانت بارعة جدا فى الضرب على الأوتار الحساسة خاصته لتقول بسخرية لاذعة
– طبعا عشان متوريهوش وشك التانى، وش لؤى اللى على حقيقته
ضرب غالب بالعصا على الأرضية المصقولة لينفجر هادرا بحدة فى وجه كلاهما
– بس بقى، مفيش احترام ليا هنا ولا ايه
ران الصمت بين الجميع تخللها انفاس لؤى الثائرة وهو يلاحظ انتفاضة امرأة اخرى بداخلها
امرأة تتخلى عنه بكل سهولة، لم يراها قبلا
نظر نظرة سريعة إلى جده ثم قال بهدوء يكاد يحسد عليه
– لأ طبعا ليك احترامك، عن اذنكم
تحرك مغادرا مكتبها لتفاجئه بصوتها المرتفع المهدد
– لو منفذتش طلبى يوم الفرح، تانى يوم هقدم طلب خلع يا لؤى انت سامعنى
نظر بوعيد صريح وتام لها ولم ينبس ببنت شفه ليغادر المكتب مغلقًا اياه بحدة، جعلت الجدران تهتز.. تكاد تقسم انها تهتز التفتت تجاه غالب الذى صاح فى وجهها موبخا
– بطلى جنان انتى كمان، مش ناقصة اتنين مجانين فى نفس الشركة
لمعت عيناها بشراسة، ورغم أنها لم تأخذ أمانها بالكامل معه خاصة أنها تعلم ماذا يعد لؤي بالنسبة للعائلة لتقول بغضب
-يعنى انت مش شايف جنانه معايا
لكن الوضع لم يعجبه خاصة ان لؤي يفقد كامل اتزانه وسيطرته معها، وهذا ما حدث وجرى أمام عينيه ولم يهتما بكونه أمامهما، بل انساق كلا منهما فى جرح وايذاء الاخر بأكبر قدر ممكن، ليقول
-وهو عشان مجنون تبقى انتى أجن منه
اقتربت من غالب تحدق فى وجهه، ترى ما الذي جد لتراه يتغير
اهو الاخر سيرفع يده عن طلبها، لكن نظرة الجد الصارمة وهو يقرأ ما بداخلها جعلها ترتعب
أن يعلم هذا الرجل ما بدواخلها أو ما يخطر على بالها، يجعله متقدمًا عنها، همست بحدة فى وجهه
-اومال عايزنى اعمل، اهادى واسايس واتحايل واقوله معلش يا حبيبى، انا تعبت.. حاططنى فى بؤرة الخاينة والغدارة وهو مش شايف نفسه بيعمل معايا ايه، لطاما مش واثق فيا يسبنى
لا يملك سوى ان يهز رأسه لما تقوله، هى محقة فيما تقوله.. لكنه لا يملك سوى الحفاظ على سمعة العائلة.. ليقول بصوت هادئ
-اهدى الكلام ده مينفعش يتقال قدام الناس، فى البيت هنتصرف
رفعت نظرها تجاهه، ترمقه بنظرة بدت غريبة بعض الشئ له، لتقترب منه متسائلة
– هتطلقنى منه
لم يملك سوى أن يهز رأسه بنعم، فقد كان هذا اتفاقهما الاولى، لتبتسم اسيا بشراسة لتقول
– اوعدنى
حدق الجد فى عينيها، يرى أن الطلاق هو الأنسب الحل لكلاهما، ليعلم كل شخص اهمية الاخر… ولن يستطيعا فهم هذا سوى بالفراق.. ابتسم بثقة قائلا
-هطلقك منه
لكنه تابع حديثه قائلا بتقريع
-بس ميصحش اللى حصل فى مكان الشغل
قلبت عينيها بملل حقيقي، والغضب بدأ يندفع إلى أوردتها تدريجيا لتقول
-انت برضو بتدافع عنه
ابتسم غالب وهو يخبرها بهدوء
-لو بدافع عنه يا آسيا مكنتش سبتك تتكلمى بالطريقة دى قدامه
هزت اسيا رأسها بلا معنى وهى تهمس بتحذير تام له
– لو ورقة الطلاق موصلتش، يبقى ميزعلش من اللى هعمله
لن تعقل تلك الوقحة، هز غالب رأسه بيأس وهو يراها تغادر مكتبها، ليتنهد بيأس قائلا
-اتنين اغبى من بعض
*********
فى شركة شادية،،،
الوقت يمر ببطء وعينا داود متربصتين، متحفزتين، على أهبة الاستعداد للانقضاض
لكنه بحاجة للاشارة الخضراء
عينيه تتأملانها بوقاحة، يرسم تفاصيل جسدها بفجور، حتى أدق تفاصيلها الحساسة.. مما جلب احتقان وجنتى شادية غضبا ناظرة إليه بحدة على وشك الإمساك بدباسة الورقة وإلقائها على وجهه
حتما لا يختلف عن الوقح الآخر في شئ، يعاينون المرأة كبضاعة وما أن تستهويهم يلقون بشباك سحرهم عليها..
تأفف حانق خرج من حلقها جلب البسمة لداود وهو ينظر لها، يبحث جاهدا عن سبب او شئ يجعل الاخر مدلها بها لتلك الدرجة ..فبالنظر لجسدها فهى نحيفة، نحيفة للغاية مقارنة بصورها القديمة التي رآها، لكن بالنظر الى مكامن أنوثتها حسنا هنا يستطيع التحدث.. ان من امامه امرأة وليس عمود كهرباء
رفع عيناه ليقابل ملامح وجهها المليح، سمراء البشرة، ناعمة الملامح، ربما ما يشفع لها شفتيها… عض على طرف شفته السفلى بحسية شديدة جعل الاخرى تنتفض بنفاذ صبر لتستقيم من مجلسها قائلة بحنق بالغ
-هيا اخبرنى بما جئت لأجله، لا املك الوقت لك
حمرة وجنتيها جراء تفحصه الذكوريى لها، يراها مغطاة الشعر الا من مقدمة رأسها، كفتاة محتشمة تتلمس طريقها للحجاب، حسنا من النظر لصورها ومعلوماته السابقة انها كانت محجبة ثم خلعته، لكن يبدو ان تحبو حبوا فى العودة!! تنهد وهو يريح ظهره على المقعد ليجيبها ببرود
-أظن من آداب الحديث ألا تكونى نزقة للمحاور أمامك
رفعت شادية حاجبا مستنكرا لتتأمله مليا هو الآخر، يبدو أن هناك سمة ظاهرة فى تلك العائلة وهي الطول والعرض.. ومعنى الطول والعرض هنا.. إنهما ضخام الجثة مفتولى العضلات وان كانت عضلات هذا الرجل اكثر من الاخر، مشتركون في اللحية والشارب وإن كانت خاصة ذلك الرجل مهذبة عكس الآخر
التقط عينيها وهى تحدق فى عينيه، لتشير برأسها بلا مبالاة وكأنها تخبره برسالة صريحة أنها لا تخشى من نظراته المتحرشة لها، فما تعرضت له يفوق مجرد نظرات!!
نقرت بقلمها على طاولة مكتبها لتنظر اليه قائلة بجدية ، تقوم باعادة سيطرة موضعها، وجعله يعلم ذلك الوقح متحرش العينين انه لم يخلق رجل بعد لاعادة بعثرتها بعد لملمة شتاتها الآن
– ان لم تخبرنى بما جئت إليه، صدقنى اعدك ستخرج من شركتى والحارسين يلقونك خارجا كأحد المتسولين
نبرة التهديد واضحة والتقطها هو بسهولة ليرتفع حاجبيه للحظة من قوة التهديد الناعم بها، تهديد لا حاجة لتأويل،
نابع من قوة امرأة تعلم قدر نفسها جيدًا، يتأملها مليا ويتأمل المكتب الخاص بها، لينظر لها قائلا بنبرة ناعمة لينة.. يأسر بها اهتمامًا خاصا بها
– حسنا.. دعيني أعترف أنهم لم يكذبوا مطلقا عن اعطائهم لقب الشرسة فى العمل
ضيقت عينا شادية بملل ولم تنسي رفع أعلام التحذير له، تابع متفكها وهو يطرق على وتر حساس يختبرها به
– ظننتهم يبالغون فى ردة الفعل، خاصة حينما رأيتك فى اشد حالات ضعفك، كنت منكسرة، مهزومة، أصابك داء العشق بسهامه
رعدة خفيفة شملتها في أطراف جسدها لكن عينيها الحادتين لم تتزحزح مقدار شعره ليصمت هو قليلا.. وقت كافى لدراسة تأثرها به، متابعا بنبرة ساخرة
– حسنا لن أطيل فى الحديث، لكن علمت لما الأحمق الآخر وقع مدلها فى حبك كصبى مراهق لم يجرب العشق سابقا
انتفخت أوداجها لتمسك بسماعة هاتفها، منهية ذلك الحوار العقيم الا ان يده الضخمة التى حطت على كفها مانعة اياها من رفع سماعة الهاتف، رفعت عيناها بحدة ترسل شرارات نارية تكاد تحرقه من موضعه، ضغط بخفة على كفها قائلا بحدة
– اياكِ، حتى هذه اللحظة أنا لطيف معك
طحنت ضروسها وهي ترى يده الحقير على يدها لتفلت يدها منه بحدة قائلة بحدة
-فكر مرة أخرى لمس يدي، وستندم أشد الندم وقتها
دارت حول المكتب لتصبح مواجهة لذلك الضخم، وقفت أمامه شامخة الرأس
كبرياء عالي
امرأة ما زالت صامدة بعد فاجعتها، صاحت ببرود شديد … برود ينخر فى العظام
-اسمع يا رجل، لم ولن يخلق رجل يجبرنى على الحديث معه، بل يضعنى امام الامر الواقع كفرصة سانحة له لتحقيق أحد أحلامه المريضة
تأملها مبهرا لثوانٍ، لم يستطيع سوى ان ينبهر حتما، افتر عن اسنانه ضاحكًا ليهمس
– القذر اللعين عرف يختار امرأته حتمًا
لم تعطيه فرصة واحدة لمتابعة حديثه الأحمق، لتشير الى باب مكتبها المغلق قائلة بجمود
– اتفضل
وضع يديه فى جيب بنطاله الجينز الاسود وعينيه تتأملانها حتى أصابع قدميها، رغم ثيابها العملية الواسعة، الا ان الثياب لم تستطيع مدارة انوثة المرأة مطلقًا
ابتسم، وابتسامته تتسع، وهو يخبرها بمكر
– اشك لثانية انك كنتى هكذا امام حبيب القلب، ذلك الايطالي الفاسد المدلل، انا متأكد ان ذلك الحقير يملك طرق ساحرة لنساء مثلك لا يستطعن مقاومته، وانتى مثلهم
رعشة خفيفة جعلتها تغمض جفنيها لثانية واحدة، محافظة على تعابير وجهها الباردة.. عيناها محدقة فى وجه ذلك الغليظ العابث مثل قريبه، كل هذا لم يجفل عنه داود الذى استرسل فى حديثه قائلا باعتذار مخادع
– حسنا يبدو انني سافرت قليلا بحديثي، اخبريني هل تعيشين على ذكراه؟ ام استطعتي ان تتخطيه؟
كل هذا والمرأة أمامه واقفة بصلابة يكاد يحسد عليها، يقسم ان المرأة تكاد تقف بصلابة كى لا يعرف نقاط ضعفها، مستغلا هذا فى المستقبل
وهذا ما يبحث عنه، نقاط ضعف المرأة كي يسدد لكمات غادرة تجعلها كالآخر
وجدها تبتسم رغم ما قاله، تميل رأسها محدقة فى عينيه التى لم تتبين معرفة لونهما لتقول ببرود
– ماذا تريد أن تصل بهذا الحديث
لم يمنع أن يخبرها بكرهه وحقده لقريبه بصراحة تامة
– اننى اكره حبيبك هذا، ولن تصدقي مدى سعادتى بعجزه عن تحقيق حلمه الوحيد
حاول أن يلتقط رد فعل من كلماته، لكنه وجدها ببساطة شديدة تسأله
– هل انتهيت الآن؟
لمعة غضب سكنت مقلتيه التقطتها شادية التى تبتسم بتفكه، الاحمق ماذا يظنها
بعد كل تلك التجارب لن تستطيع أن تبقى صامدة امام شخص يعبث معها بكلماته محاولة رؤية اثر تعاطف او حب مستحيل
وكل هذا لغريم… استمعت الى نبرته التي لمست بها انزعاجًا
– تبدين من النساء اللاتي يستطعن التكيف مع فقدان احبائهن
لم تملك سوى ان تهز كتفيها دون حتى أن تكلف نفسها عناءً للرد على سؤاله، لتقترب منه قائلة بتهديد صريح ومع ابتسامة واسعة تزين ثغرها
– زيارتك معى انتهت، فكر مرة اخرى الاتصال او حتى ان تطأ بقدمك هنا وصدقني لم تعلم بعد ماذا باستطاع شادية السويسرى فعله
ضحكة خافتة خرجت من داود، وهو يقبل التحدى الذى تعلنه امامه، ليقول بنبرة محذرة
-كلام رائع ويبدو أنه خارج من امرأة متمرسة في عملها، لكن يا عزيزتي لا تعبثي مع الشخص الخاطئ
اتسعت عيناها وابتسامة خافتة مستفزة تكاد تغيظ الرجل، ليقترب خطوة منها هامسا بخطر
– ان كان الحقير هذا قام بقتلك حية، فانا لست رحيم مطلقا بمن يجذب حواسى للصيد، ودعيني اخبرك انك تبدين كغزال برى اشتهى التهامه
تشعر بذبذبات الخطر تنبعث من جسد الرجل، هيئته ليست مريحة مطلقًا، ولا تحبها.. وضعت كف يدها على شفتيها مانعة ضحكة ساخرة تخرج منها، مما جلب الدهشة في وجه الآخر… رفعت اصبعها باستهزاء أمام وجهه قائلة بحدة لاذعة
– هل تريدنى اتحدث معك بصيغ الحيوانات الآن!!! حسنا.. احذر ايها الاسد المغرور، ربما سقوطك سيكون على يد غزالة، ومن يعلم ربما الغزالة هي من اسقطتك في فخها وانت بغرورك هذا لم ترى أنك دخلت المصيدة!!
بدا ملامح الانزعاج تسيطر على الرجل، وان كان يسيطر عليها، لكن ظلمة عينيه تخبرها انها تلك المرة ضربت على وتر حساس خاص به، يبدو أن الأسد المتفاجر لديه نقطة ضعف كالجميع
ابتسمت شادية وهي تراه يقترب منها .. تشعر بالهواء يضمحل ليأتى هو .. برائحة عطره النفاذة وحرارة جسده ليميل امامها ناظرا الى عينيها التى لم تخشى منه حتى الآن، ليهسهس فى وجهها بصرامة
– اتعلمين ما أكثر شيء يزعجني.. ان ذلك الحقير امتلك مقاليد قلبك، لو رأيتك قبله لوصمتك بملكيتى الخاصة .. ملكية داود
اجفلت شادية لثوانى وهى تنظر اليه .. غير مصدقة وقاحة رجل مثله … عضت على باطن خدها وهى ترى التماع عينيه الداكنة وانقشاع ذلك الظلام .. لتنفجر ضاحكة وهي تهز رأسها غير مصدقة ما يقوله الأحمق
اى ملكية هذا الاحمق يتحدث عنها، وهل لو كانت رأته لوقعت فى حبه!!! اللعنة على عائلة النجم… هدأت ضحكاتها وهي تلعن الاخر فى عقلها، اللعنة عليه، لما يستحوذ الان على عقلها … ادارات بوجهها اتجاهه لتغمز له بمكر ملاعبة على وتر جديد
-سيعجبنى رؤية سقوطك المتفاخر يا داود، لا تغتر بنفسك كثيرا، من تشركها في صيدك، أسقطتك هى فى صيدها اولا
حديثها المتلوى بل وتأكيدها عن كونه يشرك مصيدة لفريسة اخرى، جعله يود معرفة كيف توصلت لهذا… لم يملك سوى أن يخبرها بسخرية
– سنرى!
تابعت حديثها بتسلية قائلة
– وحينما تأتى تلك المرأة، أنا واثقة اعز الثقة أنها ستقلب حياتك جحيما
فتح ذراعيه مرحبا، ليقول بنبرة مسرحية
-مرحبا بالجحيم إذا “ثم اخرج بطاقة تعريفه من محفظته الجلدية ومدها لشادية قائلا بجدية تلك المرة” هذه بطاقة اعمالى، سيتصل بك وكيل أعمالي للاتفاق على تنظيم مناسبة فى الخارج، يمكنك وضع السعر الذي ترغبينه
لم تملك شادية سوى اخذ البطاقة ناظرة الى تعريف عمله، اتسعت عيناها دهشة من معرفة عمله، لتنظر اليه بذهول قابلها بابتسامة متسلية وغمزة قائلا
– الى اللقاء قريبا يا شرسة
ثم تحرك بثقة مغادرًا مكتبها، لتزفر شادية بحرارة لتلقى البطاقة على المكتب قبل أن تصرخ بغيظ
– عيلة متخلفة زي وشهم، رجالة قذرة
اللعنة على تلك العائلة جميعهم، أمسكت بتلك الدباسة التى ودت ألقاها على رأسه لتلقيها بعنف على الحائط، عائلة تقسم ان رجالها لم يعرفوا معنى التربية بشئ.. وضعت يداها على المكتب محاولة تهدئة نبضات قلبها الثائرة وفلاشات ذاكرة رجعية تذكرها بالآخر وقربه لها، تخطيه لجميع الحدود الحمراء معها، قاطعا اى بعد جسدى عنه، ارتجفت شفتيها مغمضة جفنيها لتمر ذكرى يوم الباخرة فى يوم عيد ميلادها..
قربه
لمساته
غضبه
غيرته الواضحة لأخيها
تملكه
هزت رأسها مخرجة تلك الذكري من عقلها، ماذا فعلت بنفسها؟
لقد أعطته الاشارات الخضراء من اول يوم تجرأ بأساليبه البوهيمية تلك مفرضًا ذكوريته عليها
وهى الحمقاء قبلت به، قبلت بذكوريته … انوثتها كانت ترغب ذلك الجانب البوهيمى منه!!
اللعنة كان يعلم ذلك الحقير.. يعلم هذا حينما اخبرها جانب منها يستسلم له..
الحقير… خبطت بكف يدها على سطح باب مكتبها، لتلتف حول المكتب لتمر في خاطرها ذكريات وجوده هنا فى المكتب… حتى اقساهم حينما تلقت خبرًا لتجده داخل شوال مضرج بالدماء!!
العالم يدور من حولها، وتباطأت انفاسها لتشعر باختناق شديد فى المكتب، تشعر أن الجدارن تقترب محاولة إزهاق روحها، سحقت شفتها السفلى بقوة محاولة طرده من عقلها
لقد بدأت تعتاد على هذا البعد والنسيان المؤقت، لكن اللعنة .. ذلك الرجل جاء وعبث فى اوراقها، انتبهت على صوت جيهان الفكاهى
– صاروخ… اقسم بالله صاروخ ارض جو دخل الشركة
رفعت رأسها بحدة لتحدق فى ملامح شقيقتها المرح لتغمغم بحدة
-جيجي اتلمى، والا متلوميش نفسك لما وسيم يعرف
قلبت عينيها بملل حقيقي لتجيبها بلا مبالاة
-ما يعرف، هكش منه مثلا ولا هخاف
جلست على المقعد الأقرب لها، محاولة التمرن على التنفس الذى اخبرتها به الطبيبة النفسية، لتسألها
– جيتى ليه
ابتسمت جيهان ببرود وهى تجلس على المقعد المقابل رافعة ساقيها على مكتبها مما جعل شادية تجحظ عيناها بدهشة لتقول جيهان بابتسامة باردة
– جاية عشان اجدد اشتراك باقة الصمت اللى فى البيت، هكون جاية ليه مثلا فاضية موريش حاجه قولت اعدى عليكى
عقدت حاجبيها بريبة وهي تنظر للساعة التي لم تتخطى الثانية ظهرًا وهذا الموعد بعيد كل البعد عن فراغ الوقت الذى تخبرها به جيهان، سألتها بشك
– بابا رجع البيت؟
لوت جيهان شفتيها بحنق متمتة بضيق حقيقي
– بابا مبقاش يهمه صحته، والدكتور تعب حقيقى بس هو دماغه ناشفة، قولت مفيش غيرك هيلين معاه
هبت من مقعدها فورًا وهى تتقدم من جيهان والشحوب يمتلك وجهها لتسألها بقلق
– بابا حصله ايه يا جيجي
تفاجئت جيهان حينما حطت شادية كلتا يديها على ذراعها لتطمئنها قائلة بابتسامة ساذجة
-متتخضيش يا شادية، بابا بس يدوب الضغط ارتفع معاه مفيش حاجة تقلق
أجلت شادية حلقها وهى تسألها خشية أن ما تفكر به صحيح
– جيجي، بابا فى المستشفى مش كدا!!!
همت جيهان بالمماطلة، ولأنها لا تستطيع الكذب على شقيقتها خاصة فى امور صحة والدهما، هزت كتفيها قائلة محاولة ان تبث الاطمئنان داخلها
-والله كويس، حتى انا موجودة هنا.. متقلقيش.. انا مرضتش اتصل عشان متتحوليش زومبى كدا
صرخت شادية بجزع، وهمت بإلقاء شتيمة فى الوقت هذا لشقيقتها الا انها امسكت حقيبتها قائلة بحدة
– ودينى هناك يلا
……..
كانت تركض بين اورقة المشفى حرفيًا، تسبق الزمن للاطمئنان على والدها، رغم محاولة جيهان لاطمئنانها عليه، لكنها لم تصدقها
والدها هى وصية والدتها الغالية، كيف تفرط فى اخر وصية لوالدتها على فراش الموت!! الدموع تنهمر رغما عنها، لتصل امام باب غرفته، نظرت بخيبة الى شقيقتها لعدم اخبارها، دفعت باب الغرفة لتركض الى والدها الراقد على الفراش بنزق محاولا تغير محطات التلفزيون
تفاجئ معتصم من اقتحام شادية للغرفة، ليرفع رأسه تجاه جيهان الذي نظرت إليه بأسف، تنهد وهو يربت على ظهر صغيرته التي تبكي … لم يملك سوى أن يحتضنها مطمئنا إياها على صحته
تنحنحت جيهان بحرج وهى تخرج من الغرفة سانحة لهم الفرصة للحديث، ففرصة كتلك لا تأتى مرة اخرى، ومن يعلم، ربما المياه تعود لمجاريها مرة أخرى بينهما!!!
امسكت شادية كفى والدها بقوة لتنظر اليه بعتاب واضح هامسة بحشرجة
-ينفع تخضينى عليك كدا!!!
وعتاب الأب كان اقوى، لتخفض شادية عيناها اسفًا، ليقول الأب بكل صراحة
-انتى السبب يا شادية
رفعت رأسها مجفلة، اى سبب الان يربط مرضه بما حدث، هى لم تقم بأى شئ، بل هي أقرب لأمراة ارملة تلتفت الى عملها وفى الليل تعود للمنزل ولا تفعل شئ آخر سوى الجلوس في غرفتها… ظلل الاسف فى عينيها الكهرمانتين لتهمس باسف مستمر طوال مدة خصامه
-انا اسفه، مش العيال بتفضل تغلط والاب بيسامح
ضغط الاب بكفيه على يديها لتنظر الي يديه ثم نحوه ليقول بجدية تامة
-الاب بيسامح لما الطفل يغلط مرة وبيوعده انه ميكررهاش مرة تانية، بس انتى كررتيها تانى وتالت ورابع
ازدردت ريقها وهي تعلم أمر الحادثة لن يدعه يمر مرور الكرام، رفعت عيناها للسقف لثوانى قبل ان تحط عيناها عليه، لتهمس
-يا بابا انا خايفة عليك
غمغم الأب تلك المرة بحدة
-خايفة عليا من ايه يا شادية؟ من صحتى!!! ما كله قدر ومكتوب
عادت الدموع تزور عينيها المجهدتين لتهمس بعذاب
-مش عايزة احط نفسى فى ذنب، يا بابا انا مش هستحمل والله هنهار
عض الأب على شفته السفلى بحدة محاولا الهدوء، كى لا يقوم باحثا عن اي شئ والقائه على رأسها تلك الحمقاء، لا يصدق حقا ان زوجته تركت له ثلاثة مخبولين فى مسائل الحب!!!
انتبه على صوت شادية القلق وهمسها المترجى
– ارجوك اهتم بصحتك، انا من غيرك ولا حاجة، انت السند اللى اقدر اتحدى الدنيا.. وقت ما الدنيا تدينى ضهرها
تنهد معتصم بيأس، مهما ضغط ومهما خاصم لا تتحدث، حتى ابنه لم يعد يتحدث عن أمر الحادثة، والتفت الى عمله محاولا إعادة الأجواء في المنزل كالسابق، قال معتصم بنبرة اب فشل فى ممارسة أبوته
– بحاول يا شادية، ثريا مشيت وسابتنى وردتين محتاجين رعاية واهتمام وانا حاولت امشى زى ما بتعمل بس واضح انى فشلت، كل واحدة بتمشى برأيها ونسيتوا ان فيه اب هنا عايش
هزت شادية رأسها نافية لتلقى نفسها بين ذراعيه قائلة
-انا مقدرش اعمل اى حاجة بدونك والله، انتى قدوتى وسندى وضهرى، سامحنى بقى
رفعت عينيها البريئتين له، ترجوه مصالحتها، وهو ما كان يستطيع أن يخاصمها ساعة ما بالك بشهرين!!! سألها بحدة
– ولو غلطتي
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتى شادية قائلة
-ابقى اعمل اللى انت عايزة، حتى لو هتضربنى، بس خصام لأ مش هستحمل تانى
هز معتصم رأسه برضا ليسألها بجمود
-هتهتمى بمواعيد الدوا بتاعتى
انفلتت ضحكة ناعمة منها لتغمز له قائلة بتأكيد
– بالمواعيد
حدق بها لثوانى مما جعل شادية تتسأل ما سبب نظراته، ليقترب منها قائلا بنبرة ذات مغزى
-عايز اطمن عليكى يا شادية، اعتقد شهرين كفاية كدا سايبك
اصابها التوتر لثوانى وهى لا تصدق ما يخبره والدها، ايريدها الارتباط برجل مرة اخرى!!!
لم تملك سوى ان تجلى حلقها مبتسمة بتوتر قائلة بنبرة جادة
– اللى عايزه يا بابا انا هنفذه
عقد الأب حاجبيه ليضربها على كف يدها بحدة تأوهت لها ليقول لها بحدة
– مش انا اللى عايزه، انا عايزة اشوفك بتدى لنفسك فرصة تالتة ورابعة، الناس يا شادية محطات في حياتنا، مهما قعدوا مصيرهم هيمشوا
ابتسمت شادية بمشاكسة وهى تسأله بمشاكسة
– لطالما الناس محطات، متجوزتش بعد ماما ليه يا بابا
تنهيدة حارة خرجت من شفتى معتصم، وعينيه غامتا بعاطفة جعلت شادية تبتسم لحب والدها الافلاطونى لوالدتها ليقول معتصم بابتسامة ناعمة قلما تظهر على شفتيه
– امك يا شادية ادتنى كل حاجة، ملقتش نفسى غير ان انا بديها كل حاجة عندى، مفيش ست زيها استحملتنى ولا هيكون فيه، كانت حفظانى فى سكوتى قبل حركاتي، كنت بالنسبالها كتاب مفتوح ملقتش نفسي غير اني احبها
ربت الاب على ذراعها وهو يتابع قائلا
-جيجي فترة وهتسيب بيتى، مش هيبقى غيرى انا وانتى، واتمنى يا شادية لما تختارى طريق تمشي فيه بدون تردد وتتحملى كامل المسؤولية
هزت شادية رأسها متفهمة ما يحاول والدها ايصاله، مهما تحدثا لن يخرج نطاق حديثهما عن أمر الزواج.. غمغمت بهدوء
– مين قالك انى مش متحملة يا بابا، انا ادمرت بعد تجربتين، الاولى كانت صعبة.. والتانية دمرتنى نهائيا، مفيش جوايا حاجة اديها لحد يا بابا، مش عايزة اظلم شخص يكون كويس ويتعب معايا
لم يعجبه ردها حتمًا، تتحدث وكأنها فتاة فى الستين من العمر.. ليسألها ببرود
– والحل يا شادية!!!
لما لا يصدق والدها انها امراة ذات حظ سيء، بل مغناطيس لجذب أكثر الرجال المنحطين فى هذا العالم، بالكاد تحاول جاهدة نسيان الايطالى، ليأتى قريبه الحقير هذا .. تنهدت وهي تنظر الى والدها قائلة
– مش قولت كل واحد بيتحمل كامل المسؤولية، انا بتحمل المسؤولية يا بابا
ابتسم الأب بتفهم وهو يقولها صراحة
– مستنياه
اتسعت عينا شادية وهى تنظر الى والدها بعدم تصديق الى ما يقوله، حاولت أن تعدل ما خطر على باله، لكن يعجز لسانها عن اخباره
كيف تخبره.. انها تشتاق له لدرجة انها تود ان تسدد له عدة صفعات على وجهه
تشتاق لدرجة رؤية ذلك العنيد على قدميه مرة اخرى ليرتاح قلبها، سمعت غمغمة الاب البائسة
– فهمت الاجابة
اتسعت عينا شادية قائلة محاولة تصحيح رأسه
-بابا الموضوع مش كدا
حلت زوبعة العائلة على الغرفة، التى قالت ببرود
– ايه سيباكم كل ده على فكره واقفة برا، دى لو اسرار حربية مكنوش قعدوا كل ده
ابتسم الاب رغما عنه على صغيرته التي أصبحت عروس، وكلها بضعة ايام ستمر سريعا وستصبح عروس وحياة خاصة، اشار لها بالاقتراب لها قائلا
-تعالى يا شعنونة
ابتسمت جيهان بحماس لتندفع على الجانب الاخر محتضنة إياه بقوة، متنعمة بدفء والدها قبل أن تستقيم بحدة قائلة
-بابا عيب، افرض سمعها خطيبى، يقعد يتريق عليا طول السنين
ابتسمت شادية وهى ترى ان الوضع تحسن كثيرا عما مضى، سمعت اجابة والدها الساخرة
-ما المصيبة انه عارف وراضى، مش عارفة ماله ده
ورغم احراج جيهان، لم تقم سوى ان تعدل من خصلات شعرها قائلة ببرود
-هو يستجرأ يلاقي احسن منى اصلا
أومأ الأب برأسه ليقبل رأسها، لتغمغم شادية بمشاكسة
-لا طبعا ميقدرش يتجرأ هو هيلاقى فى جمالك ولا حتى حسب ونسب من فين
ارتفع نسبة الغرور فى أوردة جيهان التى هزت رأسها بشكر، لتقول لوالدها
– يلا يا عصوم بقى قوم من السرير، ده انا عزماك على عشا ملوكى بس فى البيت
اتسعت عينا الأب هلعا، وهو يتذكر الاسبوع الفائت حينما قررت مفاجئتهم بعمل عشاء لهم.. وانتهى الأمر بكارثة لا تصدق كاد ان يسبب حريق كامل فى المنزل ..ليغمغم الأب بعدم اطمئنان
-ياخوفي منك ومن اكلاتك
هزت جيهان رأسها نافية أمر الحادثة لتقول
-متقلقيش طلبت اوردر، مش ناوية استغني عنك يا غالى
القى نظرة ذات مغزى لشادية التى ارتسمت على وجهها ابتسامة واسعة، ليغمغم الأب بيأس
-كلى عقلى بكلمتين
شهقت جيهان وهى تقترب من والدها تلتصق به حرفيا لتجيبه طابعة قبلة على خده
-والله ما في غيرك يا غالى اللى متربع على القلب كدا هو
ضيق الأب عينيه مستنكرا ليسألها
– ووسيم
اجابته بصراحة قائلة بصوت مرح
-واخدله طرف يعني، بس انت الكبير يا كبير
هز معتصم رأسه متنهدا مربتا على ظهرها قائلا
-معرفش ارد على كلامك يا غلباوية
*****
منطقة وسط البلد،،
ترجلت فرح من سيارة الاجرة حاملة حقيبة ظهر باتت من مفضلاتها نظرًا لحمل حاسوبها وأوراق دراستها.. هذا ناهيك عن بعض الكتب التي تقترضها من مكتبة عم صلاح، ابتسامة ناعمة تزين محياها البشوش ملقية تحيات سريعة على من تعرفت عليهم من أصحاب محلات الجالسون على الطريق، توجهت بخطوات سريعة تجاه المكتبة لتدفع باب المكتبة مصدرة رنين معلن عن دخول زائر لتنادى بصوت مرتفع كعادة كل صباح
-صباح الخير يا عم صلاح
لكن صوت شاب فاجئها عن صوت الرجل الكهل، لتقع عيناها على صبى القهوة
-عم صلاح فى القهوة يا استاذة فرح، تحبى اخدمك بحاجة
ما زالت محافظة على ابتسامتها بأكبر قدر ممكن لتهز رأسها قائلة
-ياريت قهوة من ايدك الحلوة دى، ورايا شغل كتير
– من عنيا يا استاذة
أومأ الصبى بلهفة بعدما وضع شطائر الصباح التي يطلبها عم صلاح فى الميعاد ليستأذن مغادرًا وفرح اندمجت كليا مع عالمها الخاص
حيث هي وحاسوبها الخاص وكتبها، لم تنسى بالطبع العالم الافتراضى الخاص بها، متابعة نشر مقاطع فيديو توعوية للمراهقات وللنساء اللاتي أصبحن مجنونات بمرض الحب.. جاءتها عروض كثيرة كى تصبح واجهات اعلانية لمنتجات التجميل، لكنه قوبل بالرفض منها وكذلك عروض تلفزيونية للقاء سريع مع المذيعين.. هى ترفض جميعهم كونها تعلم انهم يرغبونها كونها طليقة رجل الأعمال نضال الغانم
وليس كونها فرح بذاتها.. تنهدت بيأس وهى تفتح مفكرة خواطرها لترسم ملامح مبهمة لرجل يقدم خاتم زواج وامراة ترفض طلبه بسخرية
ابتسمت بيأس، ماذا سيقولون الرجال عنها كونها مدافعة عن المرأة من الدرجة الأولى.. لا بأس في جعل تلك المرة المرأة هى جانب الشر فى الحكاية.. خطت بعنوان عريض فى منتصف الصفحة ” ذبح بارد”
غافلة عن عينين صقريتين تلمعان بخطورة عند زاوية فى المكتبة، يتعاظم صدره بانفعال خطير يشى بمدى قربه لفقدان السيطرة، ضم قبضة يده بقوة مبرزة عروقه النافرة.. تقدم بخطوات هادئة
كقرب أسد من غزالته، التي يحاصرها من كل زاوية، يمنع عنها حتى محاولة للفرار.. ازداد اقترابه ليصبح ملتصق خلف ظهرها.. عيناه سقطت فوريا على المجلد ليجدها تكتب!!
مذ متى تكتب تلك؟ بل تكتب خواطر.. التقط بعينيه سقوط القلم من اصابعها ليبتسم بتفكه، ما زالت اذا تتذكر رائحته.. راها تلتفت رأسها تجاهه وملامح الصدمة سيطرت على وجهها المليح كليًا ليميل رأسه مشبعًا حاجته الماسة للقرب
انه يشتاق للمسها
شعوره بجلدها الناعم على صدره
أفكاره اللعينة تتخابث بشيطنة مصورة صور سابقة حينما كانت تلك العينين الجليدية، مفترة المشاعر، متأججة بعاطفة قربه
حاجتها الماسة له، وتخمتها بعد شبعها فتكون ساقطة على صدره نائمة.
همس بصوت أجش خرج منعدم السيطرة نتيجة أفكاره المنحلة لامرأة كانت يومًا تحت قبضة يده
– واضح انك اتغيرتى يا مدام
قراءتها بوضوح
قرأت الجوع الشديد فى عينيه، جوع رجل اشتهى قرب امراة عافته، مالت رأسها مائلة بابتسامة ناعمة مرحبة به لتستقيم من مجلسها قائلة
– صباح الخير يا نضال، اتفضل تحب اساعدك بايه
لم تتحاشى بعينيها، لم تصاب برعشة جسدية يخبره بمدى تأثرها برجولته عليها كالسابق، عيناها ساكنتان مشبعة بحب الحياة التى رآها فى عينين أسرار ما أن هدأت الأوضاع مع زوجها
اللعنة عليها
كيف تخطته لتلك الدرجة وتعامله كغريب، وهو كان اقرب لها حتى من انفاسها.. نظر الى المكان ولم تكن سوى التقزز يسكن عينيه ليسألها بتهكم
-انتى بتشتغلى هنا
حدقت به بلا مبالاة حقيقة وهي ترى عينيه النهمتين تنهش انوثتها حية لتعض على باطن خدها بقوة، محاولة كبح طاقة الغضب التى تود إخراجها بداية من سخريته من مكان وجدت به سبيل راحتها وثانيهما عينيه التى تود أن تفقأها
كيف ينظر لها بشهوانية رجل لامرأته، اجابته بفتور مغيظ
-والله ده شئ ميخصكش، لو حابب حاجة اتفضل اساعدك ولو انى اشك من انك من النوع اللى بيقرا
ضم نضال يديه فى جيب بنطاله وبدى حلته السوداء الفخمة وحذاءه اللامع مناقض تماما للجو الأثرى الذى به، حتى هي بثيابها البسيطة.. من فستان صيفي ناعم بالكاد يصل لكاحليها .. يعلم أشد العلم الهواء يجعله يرتفع مبرزًا ساقيها الرشقتين.. حتى حزام فستانها ابرز خصرها ومدى حجم صدرها المكتنز
طحن ضروسه وهو يتوعد لذلك الصبى القهوة، بالطبع امراة تفوح منها عطر تجذب كافة انواع الحشرات والقوارض غمغم ببرود
– كنت بقرا أدب روسي
عيناها الجاحظتان الغير مصدقين كونه قارئ جعلها تنظر اليه بعدم تصديق، تعلم نضال ليس من النوع الذي يكذب ليثير انتباه امراة .. بل هو من النوع الذى يرفع شعار عدم الاقتراب لتتساقط النساء على قدميه نتيجة الغموض والخطر المنبعث منه!!
ابتسامة ساذجة زينت شفتيها وهى تهز رأسها ببرود قائلة باسف
-أدب روسي!! جميل .. بس هنا للاسف مفيش كتب عن الأدب الروسي
عقد نضال حاجبيه ويبدو ان ادعاء الشئ الذى يدعى “استهبال” يعجبها، ليقول بحدة
-ما انا جيت عشانك مش عشان الكتب
عقدت ساعديها على صدرها متسائلة بنفاذ صبر
– اتفضل
عينيه سقطت رغما عنه الى جذعها العلوى وحركتها الحمقاء تلك زادت من بروزهما ليزفر بحدة لاعنًا شياطين عربدته قائلا
-عيد ميلاد شمس النهاردة
هزت فرح رأسها قائلة بصوت عملى بارد
-عارفة!! كل سنة وهى طيبة واتمنى متأذيهاش بجنونك الهستيري
جز على اسنانه من ردها الجاف ليقترب منها خطوة واحدة ممسكًا بذراعها صائحها فى وجهها بحدة
– فرح
ألقت فرح نظرة على يده القذرة لذراعها لترفع عينيها الخاملتين لتهمس بنبرة شرسة
– المس ايدى تانى يا نضال، وانا اقسملك هتندم
وضعت كلتا يديها على صدره العضلى تدفعه عن طريقها، خارجة من المكتبة إلا ان ذراعه أعادها مرة أخرى وهو يصيح بغضب شيطانى، والمارد خرج من مرقده
-تعالى
زفرت فرح يائسة وتفوقه العضلى تكرهه بقوة، تكره لترفع عينيها بتحدى متسائلة بسخرية
– اجى فين يا مجنون
ترك ذراعها وبقي يحدق فى عينيها الداكنتين ليجيبها بنبرة حسية محدقًا إلى حمرة شفاها
-عيد الميلاد يا فرح
عيناها ارتفعت الى بوابة المكتبة علّ أحد يدخل ويرحمها منه، لتزفر بحدة قائلة بنفاذ صبر
-من الافضل ان شمس تنسانى، الموضوع هيزيد سوء لو ظهرت فى حياتها تانى، اعتقد وجودك انت ومامتها وعيلتها احسن من وجودى، عن اذنك
تحركت متجاوزة اياه ليتداركها هو قاطعًا طريقها قائلا بخشونة
-انا عايزك
تلك المرة ضحكت فرح فى وجهه، ضحكة مجلجلة تركت صدى صوتا فى المكتبة لتنظر اليه بملامح مبهمة قبل ان تشرس ملامحها صائحة في وجهه نافية
– وانا بقولك لأ
اقترب منها وانفاسه تتبارى، عينيه اظلمتا محدقا فى فرح بشراسة وعدائية واضحة، دب الرعب داخلها وهيئته تقسم انها اقرب لقاطع طريق على وشك قتلها حية.. هسهس بصوت غاضب ويداه تحاولان التحكم كي لا يمسكها ويضرب رأسها فى اقرب حائط علها ترتد وتعود لعقلها وحياتها معه
– جبتى الجرأة للرفض من فين
هزت كتفيها بلا مبالاة قائلة
– منك
صوت أجراس جذب انتباهها مع دخول عم صلاح الذي كان يطوى جريدته، قيم الكهل الوضع واقتراب هذا الغريب الشديد من يعتبرها ابنته ليعلم انه طليقها، يلتمس ذبذبات وشحنات سلبية في الأجواء ليسأل بقلق
-فيه مشكلة يا فرح
هزت رأسها نافية ناظرة إلى نضال ثم الى عم صلاح، مرتسمة ابتسامة مطمئنة لتقول بهدوء
-لا يا عمو، مفيش .. الاستاذ كان عايز طلب منى وللأسف طلبه مش متاح
زمجرة خشنة خرجت من حلق نضال الذي يتمنى جذب ذراعها خارج حدود منطقة قوتها ليهسهس بغضب
-مش عايز اجبرك ترجعيلى
لمست تهديده الصريح لتتغير معالم وجهها للكره هامسة
-حاول انك تعملها يا نضال، وانت هتتفاجئ من ردى
طحن ضروسه بغل شديد لتنظر اليه فرح بوداعة تسمع تهديده الصريح
-مش عايز أذيكى
هزت رأسها بأسف بالغ لتميل هامسة في أذنه قائلة
-لا موضوع ان انا اذيكى ده انتهى، انت بس خاف على نفسك وسمعتك.. اكيد مش عايز شمس تكبر وتعرف ان ابوها كان شخص متحرش، سادي ونسوانجى .. ده انا اشك واحد بماضيك ده هيخلى حد من شباب المستقبل يتجرأ ويقبل انه يطلب ايد بنتك، ما انت عارف اللي بتزرعه دلوقتى هتحصده بكرا
ابتعدت قليلا لتنظر الى ملامح وجهه السوداء، ان كانت ملامحه منذ قليل كقاطع طريق.. فالان بلا شك يبدو كقاتل مأجور
رفع عيناه وبركة دماء اتسعت فى حدقتيه ليهمس بوحشية
– ياااا….
قاطعت سبة على وشك الخروج من فمه بابتسامة ناعمة مستفزة على ثغرها الذي سيمزقه يومًا
-نورت يا نضال
غادر المكتبة كإعصار حقيقي، لتبتسم فى وجه صلاح الذى ينظر بقلق، لتطمئنه وهي تعود مرة اخرى الى موضعها، ليهز صلاح رأسه بيأس متنهدا على وضع الجيل الحالى من المتزوجين.. تحرك نحو طاولته ليبدأ عمله الصباحي.
توجه نضال الى سيارته ليهب سائقه باحترام، ركل اطارة سيارته بعنف هادرًا بوحشية
– الحقيرة!!
نظرة قلقة ارسلها السائق الى حارسه الشخصي، ومزاجه المتعكر اصبح دائما بعد انفصاله عن زوجته، اقترب الحارس متسائلا بصوت خفيض
-تحب نرجع القرية يا باشا
رفع نضال عينيه تجاههما ليقول بحدة تجاه السائق
– ارجع على البيت
أومأ السائق بإيجاب ليفتح الحارس الباب له، نظر نضال بغل حقيقى مشبع بالكراهية تجاه المكتبة ثم اشاح بوجهه تجاه الطريق وفى داخله جانب خبيث يخبره ان يسترد كرامته المهدورة التي بعثرتها..!!
*****
فى قرية الغانم،،،
اصطف نزار بسيارته امام قصر الغانم، ترجل من سيارته حاملا كعك ميلاد الصغيرة شمس ليتفاجئ من خروج رهف وهي تلتهم سلالم الدرج مقتربة منه بتلهف قائلة بعصبية
-كل ده تأخير يا نزار، دى شمس صدعتنى من الصبح على الكيكة بتاعتها
أبتسم نزار بهدوء ليغمز بعينه مهدئًا عصبيتها قائلا بمشاكسة
-هي الكيكة يا سكرتي وصاحبا أدامكن
تجهمت ملامح رهف عابسة، ومزاجه الرائق سيزيد من عصبيتها أضعافا مضاعفة لتشير إليه بالتقدم قائلة بجدية
-مباخدش منك غير الكلام الحلو يلا الحقنى على المطبخ
تقدم نزار منها ليميل برأسه هامسًا في اذنها بمكر
– كنافتي تعي تعي لقلك تعي منشان اثبتلك انو مو بس حكي وفعل يائطة
اتسعت عيناها جحوظًا مع تورد طفيف فى وجنتيها لتقترب منه قائلة بحنق
-نزار بطل قلة ادب، وقاص او اى حد ممكن يدخل علينا فجأة
دفعت باب المطبخ الخالى لتشير له بوضع الكعك على الطاولة، وضع نزار الكعك كما طلبت ليقترب منها بخبث وهو يراها تعيد تقيمها على الطعام وما ينقص
– طب بدي دووووووق
قالها بغتة وهو يميل طابعًا قبلة اسفل فكها، لتنتفض رهف فوريًا وهي تحدق نحوه بحنق
-بطل قلة ادب، انت طول الوقت مش بتفكر غير فى الحاجات دى
انفجر نزار ضاحكًا وياليتها تعلم انه فقط مشاغب ليس إلا، وجميع امنياته تكسرها واحدة تلو الاخرى دون أن يلمس شيئًا .. مال مقتربًا منها هامسًا بخشونة
-لك علييي ما عليي جوات عئلي شغلااات رح تخليكي مو بس خدودك يحمرو لا ياروحي لاااا بدي خليكي كلك عبعضك نااار
زرقة عينيها اتسعتا بجحوظ حد أنه يكاد يرى أفق السماء، كسى وجهها حمرة قانية وبدت لثوانى فقدت التعبير عن النطق جراء وقاحته
أتعتبر وقاحة!!!
اللعنة الرجل كل يوم عن الآخر يزداد فسادًا ولا تستطيع هى حتى ان تعلو بصوتها.. مال نزار ليضع ذراعه على خصرها دافعًا جسدها للاصطدام بصدره مما جلب لها الصرخة الخجلة باسمه
-نزااا
وحروف اسمه التهمها حرفيا من شفتيها، تحاول عبثًا الفرار من عناقه الجامح خشية أن يمسكها أحد العاملين أو أخويها، لكن الآخر لم يعبأ ولا يكترث.. رباااه ستكون فضيحة إن أمسكهما أحد متلبسين!!
دفعة من جسده للاصطدام برخام المطبخ، وقوة عاطفته اخرست عقلها لبرهة لتربت كفها على موضع قلبه الثائر باضطراب يشابه اضطراب جسدها..
امسك نزار وجهها براحتى يديه منفصلا عدة انشات عن وجهها ناظرًا الى مقلتى عينيها، ومدى تأثرها الانثوى به
مال طابعًا قبلة على جبينها، وحالة انهيار تكاد تعبث بفؤاده، سيموت شوقًا لانهاء عامها الآخير الدراسى، ووقتها لن تجد حجة لتأجيل زفافهما المترقب ..
تنحنح بخشونة وهو ينظر حوله، غريب ان اخيها الثائر، غمغم براحة نسبية
– اخيييه كانو هداك الغول مووو هون الحمد لله
عقدت رهف حاجبيها لفترة قبل ان تجيبه وهى تهز راسها بيأس
– مش موجود دلوقتى، قال وراه شغل وهيحصل عيد الميلاد
نظر لها غير مصدقًا ليقول بتعجب
-غريب شي بحط العئل بالكف شو الشغل يلي وراه
زمت رهف شفتيها بحنق، تعلم ان يحاول تشتيت عقلها بالتحدث عن اخيها لكن حتما ما فعله لن تجعله يمر مرور الكرام، تساءلت بضيق
-هتشتغل كمحقق كونان يا نزار ولا ايه
اقترب منها ممسكًا بوجنتيها، لتنظر اليه عابسة الوجه، محمرة الشفتين اثر عبثه بهما ليقول هو بغمزة مشاكسة
– لك بالعكس انا مو مصدق انو مو هون بدي اخد راااحتي بئااا
رأت لمعة خطيرة فى عينيه، واقترابه الغير برى بالمرة، لتنفصل بجسدها عنه مبتعدة عدة خطوات لتقول محاولة تعقله
– نزار، فيه ناس برا واهدى كده علشان اللى فى دماغك الوحشة دى مش هيحصل
تابع اقترابه راميًا جميع التحذيرات فى عرض الحائط ليمسك ذراعها دافعا جسدها للاقتراب منه، ليميل بشفتيه هامسًا فى اذنها بخشونة
– لك ياحبيبي ياروحي انا ماني غريب انا زوووجك حبي
يستدرجها بصوته ولكنته، واقتراب جسده منها، لتميل رأسها محاولة نفض أى محاولة قرب قائلة بهمس
– وعلشان انتى زوجى فى رتبة خطيبى، انسى اللى فى دماغك
انسلخت بجسدها عنه لتدير رأسها محاولة الخروج من المطبخ، الا ان عينيها اتسعت حينما وقعت على وقاص الذى ينظر ببرود الى كلاهما
خمنت وقفته المستريحة تلك انه هنا منذ فترة، ابتسم وقاص بهدوء قائلا
– نورت يا نزار
التفتت رهف لتغمز له ماكرة قائلة بهمس
– اسيبك يا حلو بقى مع اخويا
عبس ملامح نزار فوريًا وهو يرى بطرف عينه نظرات مسلية تلمع فى حدقتى وقاص ليهمس بوعيد
– استني علييي بس والله لطلع عليك الخمير والفطير
اشاحت رأسها بلا مبالاة قائلة
– حاول حتى
هرولت راكضة من المطبخ، تاركة الرجلين بمفردهما.. لتغطى كلتا كفيها فى وجهها
ماذا إن رأى وقاص قبلتهما معًا!! رباااه سيقتلها.
…………..
فى الحديقة الخارجية لقصر الغانم،،
كان حفل عيد الميلاد باذخا.. يليق بمدللة عائلة الغانم، تحولت الحديقة الى اقرب الى منطقة ألعاب للأطفال .. مع صوت الدى جى المرتفع كان المكان لاقرب حرفيا الى حفلة صاخبة للاطفال مع عائلتهم..
نظرت اسيا بضيق شديد الى ما يحدث حولها، لترى اطفال لا تعلمهم يعبثون فى الارجاء والاباء يتجاذبون أطراف الحديث خاصة، لا تصدق أن الصغيرة قامت بدعوة زملائها في فصلها الدراسي
متى كونت تلك الصداقات؟!!! لو كانت تعلم ان المكان سيتحول الى سيرك هكذا ما اتت مطلقًا واكتفت فقط بارسال هديتها و زيارتها فى يوم آخر.. اقتربت منها مارية لتلكزها من ذراعها قائلة
– مصدرة وش النكد ده ليه
تأففت آسيا بحنق بالغ، وهى تحدق فى الجميع بعدائية واضحة خاصة الرجال، لعنة الله عليهم بنظرات عيونهم الزائغة التي ستخلعها من محاجرهم قريبًا لتقول
– مش بطيقه ولا بطيق حد من العيلة دى
تبدلت ملامح التسلية فى وجه مارية ليتحول الى جمود لتقول مارية بجدية مدافعة عنهم
-آسيا، الناس اللى مش عجبينك دول هما اللى خلونى ارجع بنتي لحضنى تانى
انفجرت آسيا ضاحكة بسخرية لتتحول ملامحها الساخرة الى جدية تامة وهي تقول بحدة
-مارية انتى مصدقة الكلام ده، البنت بتقعد تتنقل من وسطكم كل واحد ليه عدد ايام محددة، لأ وبتحضروا مجالس الآباء مع بعض فى المدرسة، ايه رد فعل جوزك يا مارية
هزت مارية راسها بيأس تام لتغمغم بصوت جاد
-ماهر مقدر يا آسيا، صدقى او متصدقيش.. مقدرنى
ضحكت ساخرة من سذاجة أفكارها لتقترب منها قائلة بحدة
-مفيش راجل بيستنى او بيضحى بدون مقابل يا مارية، مهما ضحى على حسابته وكرامته لازم ترديها للضعف على كرامتك وانوثتك
تنهدت مارية مشيحة وجهها عنها، تعلم ما تقوله اسيا صحيح، لكنها تستطيع أن توفق بين طفلتها وعائلة زوجها
تعلم أن والده ينتظر سماع عن خبر حفيد، وهذا ما تسعى له مستقبلا، تعلم رغم صمت ماهر ودعمه الا هو الاخر يحتاج ان يكون ذا تأثير وأهمية فى حياتها وهذا ما تحاول أن تنجح به.. مالت برأسها تغمز لشقيقتها بمكر
– واضح ان جوزك لسه مردش كرامتك يا اسيا
اسودت ملامح آسيا قتامة، زاجرة نظرات ذلك الحقير المتوددة لها بجانب زوجته، لترفع عيناها تجاه مارية قائلة
-هو فاضله ايام معدودة، وانا عارفة انه عمره ما هيعملها، بس ميندمش بقى لما ارفع قضية خلع
اختفت التسلية من معالم وجه مارية لتقول
-اسيا من امتى بتفكرى فى الطريقة دى، معملتيش حساب ليه للناس اللى قاعدة وسطهم
عقدت آسيا ساعديها على صدرها قائلة بجدية
-واضح انك ناسية يا مارية، ان الناس اللى قاعدة وسطهم دول يبقوا عيلتك، ومستنين زيارتك ليهم بالكتكوتة بتاعتك شمس
أجلت مارية حلقها بصعوبة، لتهمس بتردد
– زيارة!!
هزت اسيا راسها موافقة لتخبرها بصراحة
-لحد الان غالب مستنى المبادرة منك، بس لما تتأخرى هيجيبك
همت مارية الرد بالرفض القاطع، إلا أن اقتحام الصغيرة بفستانها الأرجواني الشبيه لاميرة ربانزل المفضلة لها جعل اسيا تحملها من ذراعها قائلة بمرح
-وادى برنسيسة الحفلة
طبعت شمس قبلات عدة على وجنتى آسيا التي امطرتها قبلات عديدة، لتمط شمس شفتيها بعبوس طفولي قائلة
-مامى عايزة شوكلت
نظرت شمس بنظرات جائع صغير كى تجذب اهتمام المرأتين، لتقول مارية بجدية تامة
– هناكل شوكلت كيك يا روحى، بس مستنين بابا يرجع
عبس وجه شمس الطفولى لتطبع آسيا قبلة على وجنتي الصغيرة هامسة في أذنها
– وحشتيني
لم تعبأ شمس بمحاولات اسيا لمداعبتها سوى رفض والدتها حتى قدوم والدها، قالت آسيا بتهكم
– بس واضح ان ابوها مكلف وصارف، انا مش عارفة دى حفلة رجال أعمال ولا حفلة عيد ميلاد بنته
القت مارية نظرة خاصة نحو شمس التى تطلب من اسيا ان تنزلها كى تلعب مع اصدقائها
– قولتلك شمس هى اللى اصرت تعزم صحابها فى المدرسة
لبت آسيا نداء الصغيرة لتهب الصغيرة متسائلة بصوت عابس عن صديقها الغائب حتى الآن عن حفلتها
-مامى، يوسف جاى
اومأت مارية موافقة لتقول
-ايوا هيجي هو وأخوه، انا عزمتهم
لمعت عينا الصغيرة بسعادة لتغمغم بثرثرة عفوية
– قالى هيرسمنى، ويدينى صورتى
رفعت آسيا حاجبها باستنكار تجاه ما تقوله الصغيرة، لتسأل بتهكم
– يرسمك!!.. انتى قولتيلي مين يوسف ده
اجابتها مارية ببرود وهي تعلم أن ما ستقوله اسيا لن يعجبها حتمًا
-زميلها فى class
لم تمنع آسيا من الابتسام بمكر قائلة
-كل ده وزميل، اومال لو كان حبيبها كانت عملت ايه
زفرت مارية حانقة من عقل آسيا الذى يتجه نحو مكان معين، لا يعجبها تماما.. مشوهًا براءة اطفال لتقول بحدة
-متبقيش انتى وهو بدماغكم المعقدة لدى، الأطفال بيتصرفوا بتلقائية لما بيحبوا شخص، وتفكيرك القذر ده ترميه فى اقرب زبالة يا اسيا، وبعدين كدا كدا يوسف ولد محترم ومن عيلة كويسة وفوق كل ده رسام، هتنبهري من لوحاته رغم سنه الصغير
قلبت آسيا عينيها بملل حقيقى
– وماله اشوف لوحات سى يوسف
لمحت الصغيرة وجود والدها لتصرخ الصغيرة بسعادة راكضة تجاهه
– بابى جيه
رأى نضال اندفاع قذيفة صغيرة الحجم، ليميل بجذعه مادا ذراعيه حاملا اياها دائرا بها لتنفجر الصغيرة ضاحكة بمتعة ليضمها الى ذراعيه طابعا قبلة على رأسها قائلا بدفء
– روح وعقل وقلب بابى، كل سنة وانتى طيبة يا شمس الشموس
الا ان الصغيرة اختفى المرح من وجهها، لتقول بعبوس
– بابى يوسف اتأخر ليه
نظر نضال بعبوس الى صغيرته، لم تعد تهتم به بل اهتمت بصديقها الناعم هذا، حتى لم تسأله عن حاله حتى.. غمغم بحنق
-لسه بدرى على التورتة، متقلقيش هيجى
اتسعت ابتسامة الصغيرة من الخد للخد الأخرى، ليتعاظم غيظ نضال تجاه ذلك الطفل، ضحكة أنثوية صدرت من خلفهما لتقترب اسرار مقتحمة دائرتهما قائلة
– اللى يشوفك فى الوقت ده، ميشوفكش وانت بترفض انه يجى عيد الميلاد، بس كون انك توافق بعد فترة يا نضال، مخلينى مقلقة منك
القى نظرة مميتة تجاه اسرار التى تنظر اليه بمكر ليقول بحنق
-اسرار، روحى شوفى جوزك، لتصطاده ام مطلقة او ارملة
لفت اسرار خصلة من شعرها قائلة بثقة
– عارف ستات غيرى هيقولوا متأمنيش لراجل، بس اسرار الغانم عمرها ماتتقارن بست يا نضال، وهو عارف ده كويس
ضيق نضال حاجبيه إلى ثقتها المفرطة بحق نفسها ليسألها بتهكم
– مسيطرة يعنى!!
هزت رأسها نافية لتجيبه ببساطة
– هو عارف هيحصله ايه كويس لو فكر يلعب بديله، عندى أسدين فى ضهرى سندي وعزوتي
اندفع أوردته للفتك بهذا الرجل حتما، ليغمغم بحنق
– اسرار خفى عليا، علشان نفسي اقوم دلوقتى واديله علقة محترمة عشان خطفك منى وجاب زنان وجايب شكل ابوه
شهقت اسرار باستنكار تام الى طفلها الصغير لتقول بحدة
– يا نضال حرام عليك، نور هيطلع اوسم شاب فى الدنيا
غمغم نضال بتهكم
-القرد في عين امه
لمعت عينا اسرار بشرر لتقول
– تصدق انا غلطانة انى كلمتك، بس ده ميمنعش انى عارفة انت روحت فين النهاردة
هم بالرد عليها الا ان صوت أنثوي آخر مقتحم لجلستهما صاح بمرح
– اكيد عند فرح
أدار نضال رأسه تجاه العصفورة ليصدح صوته ناهرًا
-رهف
ابتسمت رهف بمشاكسة لتنضم بجانب اسرار قائلة بتسلية
-يعم باين على وشك، مشتاق لست تدلعك وتهنيك الصراحة ماشاء الله اسد لحد دلوقتى انك مستحمل بعد الستات عنك
انتفخت أوداجه وهو يحدق إليهما بشرر ليقول
-لا واضح الشامى مأثر عليكى تمام يا رهف
اقتربت رهف بمشاكسة عابثة قائلة
-ما اجوزك سورية يا نضال
الا ان نضال لم يكن فى وضع المزاح ليقول بحدة
– امشى من وشى علشان معملش تصرف ميعجبكيش قدام الناس
ضاقت عينا رهف بعبوس شديد وهى تستشعر!! بل أكيدة ان الزيارة كانت فاشلة لترفع راسها بشموخ قائلة
– رهف الغانم مبتتهدش فى بيتها يا نضال
برغم انه يكرهه هذا الشامى، لكن إن كان وجوده سيجعله يرى هذا الجانب من العصفورة طوال الوقت، فلا بأس من وجوده.. دفء عميق شمل حواسه وهو يراقب كافة حركاتها وسكناتها إلا أن لسانه نطق بحدة
-هقنع اخوكى بطريقة أو بأخرى، انى أأجل الجواز
لمعت عينا رهف بمكر لتضع يدها على صدرها متنهدة براحة
– تكون عملت فيا معروف يا نضال
اقتربت اسرار منه لتسأله بقلق
– قولى كنت بتعمل ايه عندها
هز رأسه بهدوء وهو ينظر تجاه شمس التى تعبث فى الارجاء هنا وهناك ليقول
-هكون بعمل ايه عايزها عشان عيد ميلاد شمس
اقتربت رهف عاقدة ذراعيها حول عنقه قائلة بمشاكسة
– طب وابو شمس
وضع نضال يداه على ذراعيها طالبا اياه بصمت نزع ذراعيها، لكن الرفض المتسلى فى عينيها جعله يغمغم اسمها بنفاذ صبر
– رهف
تنهدت رهف بأسف بالغ وهى تنزع ذراعيها كما طلب
– طبعا رفضتك
رأت اسرار ملامح وجهه التي اسودت قتامة، لتسارع اسرار قائلة بحدة
– متشتمش، ما اكيد هترفضك، اكيد داخل بكل عنجهية منك وغرور، وفوق ده بتأمرها عايزها تيجى معاك ازاى
هزت رهف رأسها موافقة لتلتفت إلى نضال قائلة
– الست عايزة الحنين دايما، الحنية تدوب صخور الجليد اللى ما بينكم، وانا مظنش ان فرح قررت تسيبك ومترجعش الا لو خلصت كل رصيد طاقتها معاك
تنهدت اسرار بسأم إلى معالم الغضب التى تجلت فى وجهه، لتقول بيأس
-هيحصل ايه لو وضحت مشاعرك ومدى تأثيرها عليك يا نضال، انا عارفة انك هتتجنن وترجعلها لحضنك تانى، اكيد برغم مشاكلكم كانت فيه ذكريات حلوة مش كده!!
جز نضال على اسنانه مزمجرًا، وحالتها صباح اليوم لا تزيده سوى غضبا فوق غضبه،زمجر بخشونة
-عايزانى ارجعلها عشان ابين ضعفي ليها، وتبقى فى مركز قوة
وضعت رهف يدها فى ذراعه لتستشعر عروقه النافرة، دلالة على غضبه الشديد لتهمس
– الحب مش انك تكابر يا نضال، المكابرة فى الحب بتضيع فرص حلوة ولحظات احلى مع شريكك التانى
مال نضال برأسه تجاه الصغيرة، التى ما عادت صغيرة، بل انثى تعطيه دروس عن الحب ليقول بسخرية
– بقيتى زى اسامة منير يا رهف
قلبت رهف عيناها بملل حقيقي قائلة بيأس
– متستقلش بيا ابدا يا نضال
انطلق صوت شمس الصارخ قائلة
– يوسف جيه
جز نضال علي اسنانه غاضبا وهو يراها تنطلق تجاه الطفل وعائلته ليغمغم بحدة
– شوف البت، مش تتقل قدامه
تقدم بخطوات رزينة هادئة تجاه والدة المدعو يوسف ليقول بابتسامة عملية
– نورتونا
عيناه سريعا خفضت تجاهها ليرى حسنا، يوجد بعض بوادر التغير بها.. لا يعلم ما هو رغم عظم وضعها لاى مساحيق تجميل لافتة للنظر.. بل ملامحها هادئة ابتسمت بعملية تجيبه
– كل سنة وشمس طيبة، الصراحة مقدرتش اكسر بخاطر مامتها ولا شمس فجينا
هز براسه ونظرات الصياد تحاول كشف ذلك التغير بها، حتما سيعلمه وسيعرفه، عيناه حطتا على عينيها ليقول
– نورتى يا مدام غالية ولا تحبى اقول يا استاذة غالية كون انك مش متجوزة فى الوقت الحالى
اختفى تعابير الهدوء من وجه غالية، لتسود ملامح وجهها قتامة وعينيها نحو طفليها اللذان بجوار شمس التى تقوم بدور مرشدة لمناطق الالعاب
– افضل متقولش اسمى من أساسه يا استاذ نضال
لمحت عودة يحيي ليقترب منها قائلا
-مامى هروح انا ويوسف نلعب
اومأت براسها لتربت على رأسه قائلة بجدية تامة
– خلى بالك من اخوك يا يحيي
هز الطفل رأسه موافقًا
-حاضر يا مامى
لم يجفل نضال عن مدى حرص واستماع الصغير الوصايا العشر من والدته لأخيه، ليبتسم وهو يسمعها تنهى حديثها قائلة
– متنساش تدى هديتك لشمس
اومأ الطفل والعجيب لم يكن أى معالم ضجر يسكن وجهه ليجيبها
– حاضر يا مامى
انطلق الطفل من فوره الى توأمه، ليضع نضال يديه فى جيب بنطاله متسائلا بدهشة
– بتعملى كدا ازاى
حدقت تجاهه بريبة لتسأله بعدم فهم
– بعمل ايه
أجابها ببساطة
– تخليهم تحت طوعك
اتسعت حدقتيها فى دهشة قبل أن تغمغم باستنكار
– تحت طوعي!! محسسنى ان انا شايلة سلاح تهديد فى وشهم
تنهد نضال بحدة قبل أن ينطق اسمها فى خشونة
-غالية
عبست وجهها فوريا وهي تنظر إليه منتظرة ان يخرج كل ما فى جوفه، لمعت عينا نضال بإدراك شديد
لقد علم سر تغيرها
إنها سر الالوان.. ثيابها لقد تغيرت.. يبدو انها لا ترتدى ثيابا عملية فى المناسبات بل اكتفت بثوب بسيط فضفاض لونه ازرق شاحب دون ان يبرز اى تفاصيل انثوية، لمعت عيناه بمكر ليقول
– اسمك حلو اووى ومناسب ليكى
انفرجت شفتا غالية بسخرية وهي تحدق به باشمئزاز تام لتقول
– هو انت بتعاكسنى فى بيتك، لا وفوق ده قدام طليقتك
هز نضال راسه ببرود قائلا
-اديكى قولتى طليقتي، يعنى انا حر
زمت غالية شفتيها وهي تنظر الى عيني الرجل العابثين لتقول بحدة
-عارف يا نضال، واسمحلي اقولك نضال.. اكتر حاجة بكرها فى الرجالة ايه
رفع حاجبيه بتسلية وهو يضم يديه فى جيب بنطاله، يعترف ان غضب المرأة يثير اهتمامه .. لتهمس بحدة في وجهه
– الخيانة
ما زالت التسلية تزين حدقتيه، يقابلهما كراهية واشمئزاز منها لينظر الى عينيها باقتحام سافر قائلا بنبرة ذات مغزى
-واضح ان جوزك محافظش عليكى كويس
أصابها الارتباك فى ثوانى وهى تشعر أن ما وراء جملته خبايا اخرى، الا انها لم تستسلم قائلة بجفاء
– زى غبائك كدا بالضبط مع طليقتك
ارتفع حاجبيه بتسلية اكبر.. يبدو أن المراة بحثت عنه جيدا كما فعل هو، ليميل براسه وهو يسمعها تخرج ما فى جوفها
– عارف برغم اختلافكم ان فيه صفة قذرة ما بينكم، عارف ايه هى
اختفت ملامح التسلية حينما سمع انها بدأت تقلل من رجولته، ليقترب منها قائلا بحدة
– مفيش واحدة على وش الدنيا، استجرأت تهيني فى بيتى
اتسعت ابتسامتها لتقول ببرود
– هو ده السبب المشترك ما بينكم
رفعت عيناها تحدق فى ذهبية عينيه بجرأة شديدة قلما رآها فى امرأة، لتقول بنبرة محذرة
– متديش تهديدات انت مش قدها يا نضال، انت متعرفش انا مين كويس
ومن قال إنه لا يعلمها
أأحمق هو كى لا يعلم أي فريسة يقوم باصطيادها، غمغم بنبرة ساخرة
– بلاش انا، انا حتى بقول اللهم اخزيك يا شيطان، وانتى بتشدى ديل الاسد يا غالية
طالعته من منابت رأسه حتى اخمص قدميه باسف بالغ لتصدمه بقولها الصريح
– مش متفاجئة من أنها رفعت الطلاق، لو انت بالشخصية دى
سكنت ملامحه وبقى محدقًا بها بريبة، لتهز هى رأسها قائلة بجفاء
– هو انت فاكر انى بروح بيوت الناس من غير ما اعرف صاحبها كويس
تبادلت الأدوار وأضحى الصياد فريسة، وتم جره الى المصيدة، لتبتسم غالية بظفر وهى ترى ملامح التردد فى عينيه لتسترسل بهدوء خادع
– وانا عارفة كويس انت عايز منى ايه.. بس انسى ده تماما
سألها صراحة
– عايز ايه؟
ابتسمت بسخرية وهي تلقى قنبلتها فى وجهه
– فــــرح

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك رد

error: Content is protected !!