روايات

رواية حي البنفسج الفصل التاسع عشر 19 بقلم نور بشير

رواية حي البنفسج الفصل التاسع عشر 19 بقلم نور بشير

رواية حي البنفسج البارت التاسع عشر

رواية حي البنفسج الجزء التاسع عشر

رواية حي البنفسج الحلقة التاسعة عشر

” ١٩ رمضان “.
اليوم السابع ( السبوع ):
فى منزل ” آل عمران ” حيث تجتمع نساء العائلة بأكملها وعلى رأسهم الجدة ” عزيزة ” والجميع يعمل على ساق وقدم إلى جانب وجود ” صفية ” و تلك ” الأشجان ” و ” فريال ” يساعدون فى إعداد الطعام ويخدمون على جميع أهل الحارة والأقارب الذين هم فى ضيافة منزل ” الحاج عمران ” وزوجته ” الحاجة عزيزة ” وفى الخلفية صوت ” كريمة مختار ” و ” عبدالمنعم متبولى ” وهم يرددون فى بهجة.
كلمات الأغنية 👇
يا رب يا ربنا تكبر وتبقى قدنا
تلعب وتجري زينا وتبقى أشطر مننا
حلقاته برجلاته إن شاء لله يعيش
إن شاء لله يعيش
يكبر يبقى فى وسط أخواته جن مصور زيه مفيش
بريلا بريلا ضحكة أمة وفرحة أبوه
أصغر واحد فى العيلة رشوا الملح عليه وأرقوه
” صبا ” بحماس وهى تعرض لجدتها ذلك الإبريق المصنوع من الفخار التى قامت بتزينه خصيصاً على شرف ذلك الحفل وسعادةٍ بميلاد أبن شقيقتها.
– إيه رائيك يا تيتة فى الإبريق بعد ما زينته…؟
” عزيزة ” بسعادة بالغة.
– يا أختى إسم اللّٰه عليكى عقبال ما نتعبلك كده يا غالية..

 

 

” صبا ” بحب.
– ربنا يخليكى ليا يا تيتة..
” أشجان ” بمحبة.
– واللّٰه يا بت يا ” صبا ” أنا مش عارفة لو مكنتيش موجوده كان مين اللى هينظم كل حفلة سبوع تحصل فى الحارة..
ده أنتى ليكى فى كل بيت قله ولا إبريق من عمايل أيديكى..
وإسم اللّه عليكى تزينك ولا أجدعها مزين فى الدنيا..
” صبا ” بحب.
– واللّٰه يا ” أشجان ” أنا بعمل كل ده من قلبى وبكون مبسوطة بولادكم أكتر منكم أنتم شخصياً..
” فريال ” بتمنى.
– عقبال ما نفرح بسعدك يا حبيبتى..
” عزيزة ” بتساؤل.
– أومال فين الولية ” أم ذكى ” الداية..
ده أنا مشيعلها ” صفية ” عشيه ومأكده عليها تيجى من بدرى عشان تدق الهون..
” صفية ” وهى تأتى من غرفة المطبخ وتقوم بتكسير الخبز المقرمش المستخدم فى ” الفتة ” تلك الأكلة التى تقدم فى العقائق وحفلات المولود.
– واللّٰه يا خالتى مأكده عليها زى ما قولتى بس الغايب حجته معاه..
” عزيزة ” بتهكم.
– يا أختى ربنا يسوقها بالسلامة..
ثم تابعت وهى توجه حديثها إلى تلك ” الأشجان ” فى تساؤل.
– وأنتى يا أختى عاملة إيه مع المنيل على عينه جوزك، لسه برضو صارف فلوسه على الخرد اللى بيجبها..
” أشجان ” وهى تجذب ملابسها للأمام.
– يا أختاااااااى ا أختااااى..
ده أنا هخرج من هدومى منه يا خالتى..
فأضافت ” أشجان ” بحسره.

 

 

– تصورى يا خالتى الموكوس أبن الموكوسه أخد الفلوس اللى كنت حيشاهم عشان أجيب هدوم العيد للعيال وأدفع لهم مصاريف المدرسة بيها وصرفها على حتة ” توكتوك ” معدوم..
” عزيزة ” بتهكم وسخرية.
– ده إيه يا أختى الهم ده..
دى بلوه يا بتى ووقعت على دماغكم..
الراجل ده لازم توديه لحكيم يكشف على عقله لأحسن شكله خلاص أتلحس عالأخر..
ثم أكملت بغرابة.
– يا بنتى ده أنتم عندكم ” توناية ” صارفين عليها فلوسكم كلها، ناقصين كمان ” الفوت كوت ” اللى راح جابه ده كمان..
” زينة ” بمرح.
– ههههههه ” فوت كوت ” إيه بس يا ستى، إسمه ” توكتوك “..
” عزيزة ” بتهكم.
– يا أختى ” فوت كوت ” ولا ” بوت كوت ” ما الخيبة واحدة..
قال على رأى المثل؛ اللى تحوشه النملة فى سنة ياخده الجمل فى خفه..
” أشجان ” بحسره.
– والنبى يا خالتى خلينى حاطه فى قلبى وساكته لأحسن حاسه أنى هموت مجلوطه من عمايل أبن ” بتعه ” فيا..
ثم تابعت بغيظ.
– الراجل كل ما أكلمه وأقوله فلوس العيال، يقولى أصبرى بس ده أنا بكرا هأكلك الشهد من ” التوكتوك ” ده..
” عزيزة ” بمرح فهى تعلم هفواته ومواقفه التى يفتعلها فى كل مرة يتعلق الأمر بها بالسيارات التى تستحوذ على جميع خلايا عقله بأكملها.
– ههههههه قالوا الجمل طلع النخلة، قولنا أدى الجمل وأدى النخلة..
أما أنتى همك هم يا ” أشجان ” يا بتى ربنا يعينك عليه..
” أشجان ” بتنهيده.

 

 

– هنعمل إيه بس يا خالتى، اللى رماك عالمر..
ورحمة أبويا العيال هما اللى مصبرنى عليه وعلى عيشته ودماغه الخرابة دى وبقول أهو ضل راجل ولا ضل حيطة..
” عزيزة ” برضى.
– ربنا يكملك بعقلك يا حبيبتشى..
ما أهو برضو المال ماله وهو اللى بيجبه المهم أن إلتزاماتك وإلتزامات عيالك تتوفر وكبرى دماغك منه..
أمى اللّٰه يبشبش الطوبة اللى تحت رأسها كانت تقول؛ مكسح طلع يتفسح قال بفلوسه..
ده حال الدنيا يا ” أشجان ” ومحدش مرتاح..
قولى الحمدللّٰه على عيشتك أنتى برضو أحسن من غيرك..
” أشجان ” برضا.
– الحمدللّٰه يا خالتى واللّٰه أنا دايماً بحمده على نعمة وفضله ده غيرى بيتمنى ربع اللى أنا فيه ومش لاقى بس برضو يا خالتى الإنسان طاقة..
” عزيزة ” بهدوء.
– يا بت متنكديش على نفسك وسبيه بكرا لما هياخد على قفاه هيتعلم وهيعرف أن اللّٰه حق وساعتها هيعرف أنك الوحيدة اللى تخافى على مصلحته مش صحابه اللى مغرقينه معاهم وبيسمع لهم..
” أشجان ” بحزن.
كله على اللّٰه يا خالتى ملناش غيره..
فتمتم الجميع بصدق.
– ونعم باللّٰه..
” عمران ” وهو يخرج من غرفته مردداً بحفاوه.
– اللّٰه ينور عليكم يا بنات..
أن شاء اللّٰه نخدمكم فى الفرح دايماً..
” أشجان ” بود.
– أن شاء اللّٰه تسلم يا حاج..
مبروك ما جالك وتعيش وتعمل يارب..
” عمران ” بود.
– فى حياتك أن شاء اللّٰه يا أم ” زهرة ” عقبال ما تفرحى بعيالك يارب وتفرحوا كلكم بحبايبكم..
وهنا يدلف ” سليم ” بصحبه والد زوجته ووالدتها وتلك ” الفريدة ” التى تبتسم مجاملةٍ وليس إلا وإلى جوارها والدتها التى تشعر بالإشمئزاز من كل المكان حولها وذلك الحى القانطين به.
” سليم ” بسعادة وإبتسامة تزين ثغره.
– تيتة..

 

 

جدو..
أقدم ليكم حمايا البشمهندس ” نصار ياقوت ” و ” طنط سهير ” حماتى..
” عمران ” وهو يهب واقفاً بترحيب شديد وود مصافحاً لـِـ ” نصار ” بحفاوه.
– يا ألف أهلاً وسهلاً يا مرحب بالشمهندز والأسرة الكريمة..
نورت يا بشمهندز البيت والحتة كلها..
” نصار ” بود ومحبة.
– اللّٰه يسلمك يا حاج..
منور بأصحابه وأهله..
” عزيزة ” بترحيب شديد وهى تهم بتقبيل ” سهير ” المشمئزه مما يحدث حولها.
– يا أختى يا أهلاً وسهلاً..
خطوة عزيزة ده أحنا زارتنا البركة النهارده..
” سهير ” بنبرة مقتضبه.
– ميرسى يا حبيبتى شكراً..
” سليم ” بود.
– ” عمى نصار ” كان مدير الفرع اللى كنت شغال فيه فى ” الإمارات ” وهو اللى ساعدنى ووقف جمبى من أول ما وصلت لحد ما رجعت تانى ليكم هنا..
” عمران ” بمحبة وود.
– البشمهندز راجل كومل ومحترم وزى ما بيقوله كده سماهم على وجوههم..
” نصار ” بمحبة.
– اللّٰه يكرم أصلك يا حاج..
واللّٰه أنتم اللى خيره الناس وأرتحتلكم أوى..
” عزيزة ” بمحبة وود.

 

 

– يووووه أتفضلوا أقعدوا..
يا أدى النور يا أدى النور..
تعالى يا أختى متتكسفيش دول أهلنا وأهل الحتة..
تعالى يا بدارة أقعدى هنا فريحى…! قالتها وهى تشير إلى نساء الحى بمحبة موجهه حديثها إلى تلك ” السهير ” ثم تابعت وهى تهتف بإسم صغيره ولدها بلطف.
– يا ” صبا ” يا ” صبااا “..
تعالى يا حبيبتشى شيلى الصوانى من هنا..
” صبا ” وهى تقترب بإبتسامة مرحبه.
– أهلاً وسهلاً نورتم..
” نصار ” بود.
– البيت منور بأهله يا حبيبتى..
ثم تابع بتساؤل ونبرة يملؤها اللطف والود.
أنتى ” صبا ” مش كده…؟
” صبا ” بإيجاب.
– ايوه يا عمو أنا ” صبا “..
” نصار ” بحنان.
– ما شاء اللّٰه عليكى يا بنتى زى البدر ربنا يحفظك..
” صبا ” بتهذب.
– ربنا يخلى حضرتك يارب، شكراً..

 

 

” نصار ” بتساؤل ونبرة مشبعه بالحنان فهو قد أستشعر الراحة والمودة بينهم، وقد أعادوا إليه أياماً تمنى بقائها طويلاً.
– وعلى كده بتدرسى يا ” صبا ” ولا خلصتى خلاص..
” سليم ” بفخر وإبتسامة صافية محبة.
– ” صبا ” مهندسة ديكور يا عمى وبتشتغل فى شركة كبيرة وكمان بتنحت تماثيل..
” نصار ” بفخر وإعجاب شديد.
– لا ده كده لازم تنحتى تمثال ليا..
أنا شغوف جداً بالنحت والتماثيل بس للأسف معنديش الموهبة دى رغم أنى مهندس مدنى..
” صبا ” بإبتسامة صافية وتهذب.
– عيونى لحضرتك..
حضرتك تقدر تبعتلى صورة مع ” سليم ” وأنا هنحت لحضرتك التمثال وأبعتهولك مع ” سليم ” و ” فريدة “..
” فريدة ” بغيظ.
– مالوش داعى يا بابى..
حضرتك ممكن تكلم أشهر Sculptor فى البلد ينحتهولك وهيعملك تمثال Professional على أعلى Quality وكله بفلوسك..
فشعر ” نصار ” وكأن وعاء من الماء البارد قد سكب سكباً فوق رأسه وكذلك الحال بالنسبة لـِـ ” سليم ” الذى قبض على يديه بقوة من شدة غضبه فلولا الحرج وتربيته التى تربى عليها لكان صفعها بتلك اللحظة على ذلك الهراء التى تفوهت به على حين غرة..
وأحست ” صبا ” بالحرج الشديد من حجم الإهانة الموجهه لها من تلك ” الفريدة ” حتى أن أنفاسها قد زاد معدلها عن المعدل الطبيعى مما يدل على إنفعالها التى تحاول كظمه منذ أن أستمعت إلى عبارتها المرَّة حد العلقم تلك التى أردفت بها للتو ومن ثم نطقت بنبرة هادئة وهى ترسم إبتسامة بارده على شفاها كرداً على هذا الهراء.
– عندك حق يا ” فريدة ” لو عمو حب يعمل تمثال Professional يقدر يروح لأشهر نحات فى البلد وهيطلع تحفة على فكرة لأن ملامح عمو هادية جداً ومريحة بس للأسف مش هيكون زى تمثالى لأن اللى بيتعمل بالحب غير اللى بيتعمل بالفلوس عشان الحب عمره ما بيتشرى ده بيتحس..
فأبتسم لها ” نصار ” بتقدير وإعجاب شديد بلباقتها بالحديث والرد على أبنته التى يشعر بالخجل وخيبة الأمل من تصرفاتها الرعناء الطائشة التى تفتعلها أسفاً بوجوده ووجود زوجها ومن ثم استطرد بحنان.
– وعشان كده مفيش أحسن منك عشان ينحت التمثال ده..

 

 

ثم تابع وهو يخرج هاتفه من سترته بحماس.
– أنتى لازم تدينى رقمك عشان هحتاجك كتير أوى الفترة الجاية..
قوليلى الرقم بسرعة…! قالها بإبتسامة يملؤها الحماس والمحبة فأجابته ” صبا ” بود وإبتسامة صافية فذلك الرجل على النقيض تماماً لإبنته بالرغم من أنها نسخة مصغره من ملامحه إلا أنها لم تحمل چيناته وطبائعه الحميدة قط.
– أكيد طبعاً ده شئ يسعدنى..
٠١٢…….. ده رقمى وهستنا حضرتك تبعتلى الصورة وأنا واثقة أنه هيعجب حضرتك جداً..
” نصار ” وهو يعبث فى هاتفه بحماس.
– سجلته وبعتلك الصورة عالواتساب كمان..
أنا أساساً متشوق عشان أشوفه وواثق أنه هيعجبنى كفاية أنه من إيدك يا حبيبتى..
” صبا ” بود وألفة.
– تسلم يا عمو يارب..
كل ذلك و ” فريدة ” تقف ناظره إليها بغلٍ واضح لم يستشعره أحد سوى والدها وتلك ” السهير ” تجلس تهز قدميها فى إشمئزاز من كل ما يحدث حولها ومن تلك ” الصبا ” على وجه الخصوص فهتف ” سليم” مغيراً لمجرى الحديث محاولاً الخفض من حدة الموقف الذى بدر من زوجته.
– طيب يا جدو يلا بينا ننزل وناخد عمى نعرفه على أبويا وعمى ” كريم ” وخالى ” توفيق ” ونجهز للمائدة عبال ما المغرب يأذن..
” عمران ” برزانه.
– أصبر يا أبنى الراجل ياخد نفسه ده لسه داخل يا دوب والدنيا صيام يا حبيبى..
” نصار ” بمحبة وحماس واضح.
– لا يا حاج أنا مرتاح واللّٰه..
وبعدين متتصورش أنا أرتحت ليكم قد إيه وفى القعدة وسطيكم حاسس أنى قاعد وسط أمى وأبويا اللى يرحمهم..
” عزيزة ” بمحبة.
– ما أحنا برضو زى الحاج والحاجة اللّٰه يرحمهم والبيت مفتوحلك فى أى وقت يا ضنايا تأنس وتشرف..
” نصار ” بمحبة.
– تعيشى يا حاجة وتسلمى يارب..

 

 

دايما مفتوح وعامر بحسك أنتى والحاج أن شاء اللّٰه..
ثم تابع وهو يوجه حديثه إلى ” سليم ” و ” الحاج عمران ” بحماس وإبتسامة عريضة محبه.
– يلااااا بيناااا..
وبالأسفل بعد مرور ساعة ونصف حيث يجتمع الجميع على باب المخبز الخاص بكل من ” عمران ” و ” كريم ” و رجال الحى يجتمعون معهم يتحادثون ويتشاورون فى أمور الحياة وأوضاع الأبناء والمنازل والبلاد بأكملها فى جو أسرى وترابط وتكاتف قد أرجع ” نصار ” إلى أيام إشتاق إليها فؤاده وهتفت بها روحه وحن إليها حنينه فهو يشعر بالإستمتاع من أحاديثهم وأقاويلهم وأثناء أحاديثهم تلك جاء فتى صغير يبلغ من العمر العاشرة صائحاً بصوتاً عالِ.
– ألحقوا بسرعة دكان ” عم نسيم ” مسكوا فى حرامى و ” حماصه ” و ” عم موسى ” قتلينه ضرب..
” نسيم ” بفزع وهو يركض إلى حيث متجره.
– يا نهاااار أسود ومنيل الخزنة..
فركض الجميع ومن بينهم ” نصار ” إلى حيث متجر المجوهرات الخاص بـِـ ” نسيم ” فى هلع وفزع شديد وما أن وصلوا إلى المتجر حتى وجدوا ذلك المدعُو بـِـ ” موسى ” ممسكاً بالفتى الذى يبدو عليه أنه فى منتصف العشرينات من عمره مبرحه إياه ضرباً ولكماً بمساعده ذلك ” الحماصه “..
” نسيم ” بغضب وهو يلكمه هو الآخر.

 

 

– بقا أنت يا …. داخل تسرق دكانتى فى عز النهار يا ….
طب لو مش خايف لحد يمسكك خاف من ربك والأيام المفترجة اللى أحنا فيها..
بتسرق فى نهار رمضان يا دون..
” عمران ” وهو يخلص الفتى من بين يديهم.
– أستهدوا باللّٰه يا جماعة مش كده أوماااال..
الواد غلط بس مش بالضرب، البلد فيها قانون لكن مش بالطريقة دى تحلوا المشكلة..
الفتى ببكاء وصريخ.
– لااااا لاااااااا..
موتنى وأضربنى بس خاصيمك النبى ما تسلمنى للبوليس..
أبوس رجلك يا حاج أنا واللّٰه أول مرة أعملها ولولا الحاوجة ما كنت فكرت أعمل كده..
” عمران ” بحكمة ورزانة.
– إيه اللى يخلى شاب زى الورد زيك يمد أيده ويسرق وفى نهار رمضان كمان..
الفتى ببكاء وقهره.
– أمى يا حااااج..
أمى بتموت ومعيش حق العلاج وأنا واقف بتفرج عليها وهى بتموت ومش عارف أعمل إيه ولا فى فإيدى حاجة أعملهلها..
” عمران ” بتأثر.
– بتموت أزاى يا أبنى..
والدتك عندها إيه يا…! قالها ومن ثم صمت محاولاً معرفه إسم ذلك الفتى الذى يشفق كثيراً على حالته ووضعه هذا.
الفتى بنبرة مسرعه.
– خدامك ” شحته ” يا حاج..
” عمران ” برزانه.
– والدتك مالها يا أبنى بعد الشر…؟!
” شحته ” ببكاء.
– أمى بتغسل كلى فى الأسبوع ٣ مرات وبتجيب علاج فى الشهر يجى بـِـ ٦٠٠ج وبقالها يومين مغسلتش كلى ولا أخدت علاج وحالتها عدم خالص وكل ده بسبب أننا معناش حق العلاج..
ثم أضاف بإنكسار ونبرة باكية.

 

 

– واللّٰه يا جماعة أنا أول مرة أعملها بس أمى بتموت ومحدش راضى يسلفنى وأنا بشتغل صبى مع نجار ويوميتى ٢٥ج وبالليل بمسح سلالم بـِـ ١٠ج يا دوب بجبلها ورك فرخه وشوية رز تقوت نفسها بيهم بعد جلسه الغسيل وكعوبى ورمت من اللف على شغلانة عليها القيمة بس ملقتش..
” نسيم ” بغضب مكتوم.
– تقوم تسرق..
هو كل اللى ظروفه وحشة بيختار السرقة، إيه مفيش خوف من ربنا ولا حتى من القانون..
مخفتش حد يشوفك ولا يحصل معاك زى اللى حصل دلوقتى..
مفكرتش أنك لما هتأذينى أو تأذى غيرى وتاخد تعبه وشقاه أن ربك مش هيفوتها كده وأن ممكن تتردلك فى أمك التعبانة..
” شحته ” ببكاء.
– العجز وحش أوى يا أستاذ..
تخيل تقف عاجز ومش عارف تعمل حاجة قصاد أمك اللى باقيه ليك من الدنيا دى كلها وتشوفها وهى بتصارع الموت فى كل لحظة عشان محلتكش مليم واحد تصرفه على عياها..
دماغى وقفت والدنيا أسودت قصاد عيونى لما أقرب ناس ليا رفضوا مساعدتى وبخلوا عليا وعلى أمى..
دماغى أتشلت ومش عارف أزاى عملت كده بس وحيات النبى غصب عنى..
” نسيم ” بحدة.
– وأنا إيه يضمنلى أنك صادق وأنك مش بتعمل حوار عشان تصعب علينا ومنبلغش البوليس..
” شحته ” ببكاء وهو يخرج أوراق والدته من جارب سترته بلهفة.
– أتفضل..
أتفضل يا أستاذ دى كل روشتات أمى وإيصال الغسيل اللى بتغسل بيه كل مرة..
وحيات أمى اللى بتمنى شفاها من كل قلبى وربنا شاهد عليا دى أول وأخر مرة أعمل فيها كده..
دى كانت ساعة شيطان وأنا عمرى ما هضعف لشيطانى تانى بس وحيات الأيام المفترجة دى وحق ما بتقوله ربنا يسترها معاكم أستروا عليا وسبونى أرجع لأمى عشان أنا الوحيد اللى بعيلها وبصرف على علاجها..
” الحاج عسران ” بتساؤل.
– أنت معاك شهادة يا أبنى…؟!
” شحته ” بخجل.
– أنا خريج تجارة يا حاج بقالى ٣ سنين..
” عمران ” بتساؤل وغرابة.
– أومال إيه اللى رماك عالمر يا أبنى…؟!
” شحته ” بحزن.

 

 

– حال الدنيا يا حاج محدش بيختار خط سيره، ده مقدر ومكتوب..
” عمران ” وهو يوجه حديثه إلى أهل الحى.
– خلاص يا رجالة كل حى يروح لحالة، فوضينا سيرة يلاااا…! فأنصرف الجميع فيما عدا رجال مجلسه ومن ثم أقترب ” الحاج عمران ” من حفيده ” عمر ” وهتف بنبرة منخفضة لا يستمع إليها سواهم.
– روح قول لستك جدى بيقولك هاتى كيس لحمة وتعالى…! فأطاعه ” عمر ” على الفور وأنطلق ركضاً إلى حيث منزلهم ليجلب طلب جده الذى طلبه منه للتو.
ثم عاد ” عمران ” وهو يوجه حديثه إلى ” نسيم ” مستنداً على عصاه بهيبة ووقار.
– إيه يا أبنى هتصافح وتعفو ولا مصر تسلمه للنقطة..
” نسيم ” بنبرة مقتضبه.
– المسامح كريم يا حاج وده لأجلك وتقديراً ليك ولأجل أمه العيانة غير كده هو ميستاهلش..
” عمران ” بجدية وهدوء.
– عفا اللّٰه عما سلف يا أبنى..
تعيش يا حبيبى طول عمرك أمير زى أبوك اللّٰه يرحمه..
ثم تابع وهو يمد يديه إلى داخل سترته جاذباً إلى نقوده بعدما حضر ” عمر ” وقام بأخذ الكيس من يديه.
– أسمك يا أبنى دول ٢٠٠ج يساعدوك عالمعيشة وده كيس فى لحمة حلاوة المولود الجديد، وربك يسترها عليك وعلينا بس أوعى ترجع تانى تضعف لشيطانك عشان ربنا يبارك ليك وكويس أنها جت المرة دى مع راجل طيب زى عمك ” نسيم ” يا عالم المرة الجاية فى إيد مين…؟
” شحته ” بخجل.
– اللهى يسترك يا حاج زى ما سترتنى وما تشوفوا أبداً أى حاجة وحشة فى حبايبكم ويقدركم على فعل الخير..
ثم تابع وهو يهم بالرحيل.

 

 

– سلاموا عليكوا..
” نصار ” وهو يصيح عالياً موجهاً حديثه إليه.
– أستنى يا أبنى عايزك…! فوقف فى موضعه دون حركة فأقترب ” نصار ” بدوره إليه ومن ثم تابع وهو يخرج من سترته ورقة معطياً إياها إليه بهدوء ولطف.
– بكرا الساعة ١ الضهر عدى عليا فى العنوان ده هحاول ألاقى ليك شغلانه مناسبة بمرتب كويس بدل البهدلة دى..
” شحته ” وهو يهم بتقبيل يديه.
– اللهى يجبر بخاكرك يا باااشااا ويطعمك ما يحرمك أبداً يارب..
” نصار “وهو يسحب يديه سريعاً منه.
– أستغفر اللّٰه، إيه اللى أنت بتعمله ده يا أبنى..
ثم أضاف بهدوء وجدية.
– بكرا هستناك أوعى تتأخر..
” شحته ” بلهفة.
– واحدة بالدقيقة هكون عند معاليك..
فى سلامة اللّٰه يا باااشااااا..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية حي البنفسج)

اترك رد