روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الثامن والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثامن والعشرون

رواية أترصد عشقك الحلقة الثامنة والعشرون

صراخ شق سكون المكان ، تبعه سقوط داخل المياه المغمورة وبعدها حل صمت

صمت مخيف على الجميع ، ردة الفعل الأولي هو تخلي وسيم عن تبلده وهو يصيح صارخا

– جيهااااااااااااان

لم يتردد وهو يسقط من مستوى مرتفع لينقذ صاحبه الخفقة الاولى لوجدانه ، الفتاة التي زلزلت حياته ، افقدته اعصابه ، كارثة تسير على قدمين توشك على إزهاق روحه

وروحه هو هائمة بها

عاشقة لجميع تفاصيلها

فؤاده ينبض بالحياة وهو قريب منها ..

يتقدم نحوها وهو يراها تصارع المياة وكل ثانية تفصله عنها ، كالموت

يخشى فقدانها كخشيان افتراق روحه دون أن يستأنس قربها …

سرعة استجابة وسيم السريعة جعلت شادية هي الأخرى دون تردد تتقدم للسقوط في قاع المياه لإنقاذ شقيقتها ، كل ما تسمعه فقط هو صراخها ونجدتها

الدموع تتساقط من عينيها وهي تهمس بلوع

– جيهااان

رأت وسيم وهو يحتضن جسدها لتسارع بتجديف يديها وهي تقترب قائلة

– جيهااان

الوضع في الأعلى كان اشبه بالجنون ، الرجل البدوي يخبرهم أن الطريق العودة للاعلى هو حبل … حك سرمد مؤخرة رأسه وهو يتمتم بحدة

– اللعنة ، تلك الغبية

نزع حقيبته واعطي متعلقاته لغسان قائلا ببرود

– أخرج المناشف

فغر غسان شفتيه صادما من تصرف صديقه سرعان ما انتبه إلى صوت البدوي وهو يطلب من الاسفل أن يتمسكوا بحبل كي يستطيعوا التسلق للاعلي … هز غسان رأسه بيأس وهو يخرج المناشف ويحمد الله أن ليس هناك كارثة حدثت …

الرعب والقلق يكادان يفتكان بشادية التي التصقت بشقيقتها وهي تستشعر بكونها ما زالت علي قيد الحياة ، تعلم أن تلك المرة ليست الأولى لتنزلق قدميها وتسقط في المياه .. حاول وسيم طمئنتها وهو يرى تشبثها حتى أنها رفضت مرارا ان تتركها .. صاح وسيم بنفاذ صبر

– شادية اكيد مش هنقعد طول النهار هنا ، سيبيها خلينا اشيلها عشان نطلع

رفعت شادية عيونها بتوتر لترى فقط حبل هو من سيساعدهم على الصعود للاعلى ، تركت شقيقتها علي مضض وعيناها تنظران بهلع الى الحبل ، شهقت بعنف حينما سقط جسد رابع في المياه لتتسع عيناها وهي ترى سرمد يقترب منها وعلى وجهه ارتسمت أمارات القلق ، لم تحاول منعه حتى من إمساك يديه لذراعها وهو يطمئن بعينيه على جسدها ليتنهد براحة ثم اقترب من وسيم ليساعده على جعل جيهان تتشبث بجسده كي لا تسقط مرة أخري في المياه

يدا جيهان لا اراديا ترتعش ليمرر وسيم أنامله على وجهها مرددا بعض العبارات الهادفة ، دفنت وجهها في عنقه ليطلب منها ان تتشبث به بقوة كي لا يقعا معا وهما يصعد للاعلى .. هزت جيهان رأسها موافقة واكتفى بإشارة واحدة لعدم قرب الاجنبي بينهما ليهز سرمد رأسه بتفهم وبدأت رحلة الصعود … عاد سرمد ينظر نحو برتقاليته ليجدها تحاول جاهدة عدم البكاء .. رق قلبه وابتسم وود تلك اللحظة عناقها … عناقها واطمئنانها وازالة ذلك الخوف من عينيها .. لكن وعد نفسه تلك المرة

لا تهور معها ، فقط يهدأ ويكف عرقه الايطالي عن الاندفاع لكي لا يزيد من رعبها ، مد يده نحوها قائلا بصوت دافئ

– اعطيني يدك

للعجب انها استسلمت سريعا دون ادني مقاومة وهي تضع يدها على يده ليضم يدها بقوة واقتربا من الحبل ليضع يدها علي الحبل … اهتزت عينا شادية ورفعت عيناها بقلق وعجز شديد ليهمس

–  ثقي بي .. سأكون خلفك

هزت شادية رأسها مرارا لتمتم بصوت متحشرج

– انا اثق بك

لمعت عيناه و تهدجت انفاسه من كلماتها العفوية ليحدق بها بعاطفة تكاد تذيب عظامها ليبدأ تعليماته البسيطة جدا للاستطاعة علي الصعود علي الحبل .. عيناه عليها وهو يراها تصعد على الحبل ليتمتم بصوت فخور

– جيد .. جيد

عضت شادية علي شفتيها وهي تحاول ان تتخلص من ذلك الحبل اللانهائي ، محاولة السماع لتعليمات الايطالي .. اهتمامه بها وكونه نزل خصيصا لمساعدتها هي جعلها تبدأ تنظر إليه من اتجاه مختلف

هو ليس سيئا لتلك الدرجة كما توقعته ، لكنها ليست غبية للسقوط في الفخ مرة اخرى

نعم لهفته وقلقه كانا حقيقيين ،لكن قلبها أهم .. لن تعيد ترميمه مرة أخرى ولن تكرر حماقتها واندفاعها ، هي لا تعلم نيته ولا ما يريد الوصول إليه بالنهاية

تنهدت حينما وجدت من يمد يده لها ليساعدها على التخلص من ذلك الحبل ، لم تتردد لثانية وهي تمد يدها لتشعر بعدها بجسدها وقف علي أرض صلبة ، اختل توازنها لتسقط أرضا وعيناها تحدقان في شقيقتها ووسيم يلفها بمنشة متحدثا معها وردها هو الصمت

حاولت شحذ طاقتها للوصول إليها ، لكن ما استهلكته خلال صراعها مع الحبل جعل طاقتها تستنفذ .. ترقرقت الدموع من عينيها وهي تنعت نفسها بالحمقاء والغبية لتتفاجئ بشخص يلف شئ حول جسدها ، رفعت عيناها لتجد ذلك الايطالي وعينيه مظلمتين برعب جعلها ترتجف من رأسها لأخمص قدميها .. رأته وهو يحاوط جسدها بمنشفة أخرى وتقاسيم وجهه حانقة بل غاضبة منها هي ، لم تفهم سر غضبه البليغ منها لكنها تمتمت

– جيهان

لم يمنع سرمد نفسه من اقترابه منها ليضع ذراعه حول ظهرها وعيناها تحدقان بشرر نحو الرجل البدوي الذي يلتهم تفاصيل جسد انثاه بعد ان التصق التيشرت بها ليبرز تفاصيل انوثتها بطريقة فجة … رفع بعض خصلات شعرها ليزفر بحرارة وهو يقترب منها هامسا

– لا تقلقي .. هي بخير ، انظري اليها

حاولت الاستقامة بجسدها لكنها فشلت ، انسلت الدموع من عينيها وهي ترفع رأسها له بنجدة .. تأوه سرمد بصوت مكتوم وهو يزيل دموعها بانامله قائلا بصوت خشن

– لا تبكي يا شاديااه ، يؤلمني رؤية الدموع تلك

اسدلت اهدابها باستحياء شديد وبدأت الاشارات العصبية الانثوية تستشعر قرب جسد رجولي معها ، التذبذبات الصادرة من جسده أمنه … مما جعل جسدها يسترخي اكثر معه لاول  مرة ، تطالعه بنظرة مختلفة وهي تتأمل شخص مثله بعبثه ومجونه تري القلق يسيطر علي ملامح وجهه بسببها هي … تحشرج صوتها وهمست

– ساعدني للوصول إليها

تنهد سرمد بحرارة يومئ برأسه وهو يستقيم من مجلسه ويساعدها على الوقوف مع حرصه الشديد على عدم انزلاق المنشفة .. غمغم بصوت هادئ

 – تمسكي بي

تمسكت بساعده ليغمض سرمد جفنيه محاولا التخلص من وحوشه المعربدة ، ليست مشكلة وحوشه انها ناعمة جدا .. وليست مشكلته انه رجل حار الدماء والتي بجواره تلهبه وتزيد من شعلة حريق جوفه ، دعي كثيرا ان لا يتهور في تلك اللحظة معها لتنقبض روحه فجأة حينما تركت يده واقتربت من جيهان قائلة بخوف

– جيهان

حدق بها سرمد مطولا وعينيه لم تغادر مراقبتها ليمسد قلبه حينما شعر بحرقة تأكله .. اخفض رأسه وقرار واحد يلمع في رأسه .. لقد سئم من تلك اللعبة .. سئم ومل من استجاباتها المتناقضة ، لا يوجد حل سوي الاقتحام وسيتأكد تلك المرة من أن ترضخ له !!!

هز وسيم رأسه مطمئنا اياها قائلا

– هي كويسة متقلقيش

هزت جيهان رأسها موافقة وهي تحاول نحر البرد الذي يرعد اطراف بدنها ، الخرس الذي أصابها نتيجة الصدمة لثاني مرة في المياة والمنقذ هو معذب الفؤاد ، رغم كون شادية الشقيقة الكبرى لكنها مرهفة المشاعر بعكسها ، سريعة التأثر بمن حولها ، تستطيع البكاء دون تحفظ من كان أمامها ، وهي عكسها تماما .. ان كانت تموت خوفا فهي تحاول التمسك برباطة جأشها والهدوء كي تستطيع استجماع اعصابها المتلفة …

لكن ذلك البرود الظاهري لم يعجب وسيم مطلقا الذي تمتم ببعض الحنق والضيق من تصرفات أفعالها الرعناء

– ينفع تخضينا عليكي يا ست هانم

ارتعشت شفتيها رغما عنها لتهمس

– اتزحلقت يا عم ، يعني اكيد مش قصداها

البرود في صوتها لم يعجبه ، احتد صوته قائلا

– ولو قصداها

انتبها علي صوت نحنحة خشنة ليقاطع شجار على وشك البدأ ، تمتم سرمد بخشونة

– سنضطر للعودة وسنأتي في يوم آخر

عينيه توجهت تلقائيا نحو شادية ليتمتم

– هل يوجد لديكم ثياب اضافية ؟

تلون وجه شادية من الحرج وهي تلتفت نحو شقيقتها التي هزت رأسها نافية لتمتم

– لا

هز سرمد رأسه متفهما وهو يتوجه نحو صديقه لتسمع صوت جيهان المعتذر

– انا اسفه اني بوظتلكم الطلعة يا شباب

اندلع الشرر في زرقة عينا وسيم لينفجر هادرا في وجهها

– اخرسي انتي ، خروجة ايه وزفت ايه اللي بتحكي عليه دلوقتي

استقامت شادية بصمت وشجارهما اخر شئ قد يهمها تلك اللحظة، التفتت جيهان بحده إليه لتقول

– انت بتزعقلي ليه دلوقتي

انفجر زاعقا في وجهها

– انتي كنت هتموتي من شوية لولا ستر ربنا

فغرت جيهان شفتيها من الصدمة سرعان ما عادت تمتم بغضب

– انت بتفول في وشي يعني ولا ايه نظامك دلوقتي

جز وسيم علي اسنانه كاظما غيظه ، مانعا يده من صفعها تلك المتبجحة ليصرخ بصوت خشن

– اخرسي

ألجم لسانها من الصدمه وهي ترى ملامح وجهه المكفهرة ، فتحتي انفه اللتان تنقبض وتنبسط دلالة على شدة غضبه منها .. اتسعت عيناها يديه التي تجرأت لتمسكان بعضديها وهو يقول بصراخ

– انتي ايه البرود اللي انتي فيه ده

غضبه زاد من سوء حالتها ، لتهب في وجهه هي الأخرى تدافع بحق الصوت الأعلي لتقول

– يعني عايزني اعمل ايه دلوقتي اعيط واقولكم مش قادرة هموت واستموت بقي ، اتزحلقت والحمدلله ربنا سترها ، خلاص يعني الدنيا مش هتقف علي كدا

اخرسها مرة أخرى بصوته الحانق

– لا هتقف يا غبية انتي

هز جسدها بعنف وهو يصيح بخشونة وزاد وجعها مع ازدياد ضغط انامله لعضديها

– ولو مش مهمة عندك حياتك فهي مهمة عندي انا

خمد غضبها ، وهدأ جنونها وبقت تحدق به وعاطفتها تستدرجه لاطمئنانها .. للشعور به بجسده وهو يعانقها برغبته في عناقها وليس لدافع او واجب مفترض عليه ، لمعت عيناها وهي تهمس بصوت متحشرج

– وسيم

تراخت يداه عن إمساكه الموجع لعضديها ليغمغم بصوت خشن

 – انا عمري في حياتي شفت واحدة للدرجة دي مش فارقة معاهم الناس اللي حواليها ولا خايفة عليهم

انسلت دمعة من عينيها سارعت بإزالتها متمتة بصوت ساخر

– انت بقي ما صدقت عشان تطلع اللي جواك

اتسعت عيناه دهشة وظل محدقا بها لبرهة من الوقت وهو يجيبها

– اطلع اللي جوايا؟!! ، انتي مصدقة نفسك يا جيهان .. انتي بتحاولي تخلي اللي حواليكي ضحايا رغم انك الوحيدة المذنبة

عقدت جبينها بعدم فهم لتغمغم

– وكل ده عشان وقعت في الماية

كاد قلبه أن يتوقف عن الحياة حينما راها تسقط مرة أخرى، تلك المغفلة ذات الخصلات … غادرت الالوان من خصلات شعرها الداكنة ومنظر شعرها الندي يذكره بتلك الصغيرة التي كان يحملها ويرعاها في طفولتها

بنفس نظرة الضياع في عينيها والخوف ، بنفس ذلك الاستنجاء الذي غير قادرا على تلبيته .. بل هي المانعة للاستجابة لطلبه .. أجاب موافقا

– ايوا عشان وقعتي في الماية

نكست جيهان رأسها أرضا وهي تحاول التحكم في الدموع المهددة بالسقوط ، لن تفعلها الان … لن تبكي .. لن تبكي

انفجرت في البكاء وهي تزيل الدموع من عينيها هامسة

– انا اسفه

اقترب منها وابداءها بالاعتذار لن يتفاجئ منه ، رغم توقعه الوحيد انها ستماطل قليلا في إنكارها لكن لم يمنع قلبه من سرعة خفقانه وهو يهمس

– كنت مرعوب عليكي

جابت عيناه علي ملامح وجهها واناملها وهي تزيل الدموع من عينيها مجيبا إياه بصوت متحشرج

– انا كويسة متقلقش عليا، جربت موتسكلات وجبال وشقلبظات يا وسيم

عاد وجهه الوسيم للتجهم مرة أخرى ليتمتم باقتضاب

– متفكرنيش بسفرياتك دي عشان كانت بتخليني مش قادر امسك اعصابي

ذلك الغضب ليس موجه لها كما اعتقدت ، تنهدت وهي ترفع عينيها تنظر الي تلك الزوبعة في عينيه لتسأله

– بتخاف عليا الدرجة دي ؟

السؤال هنا محله دفع بعض الأمان لها ، للشعور بها ودحض أي مخاوف تحاول ان تسيطر عقلها ، تنهد وسيم زافرا وهو يجيبها بهدوء

– بخاف عليكي حتى من نفسك انتي

لم تمنع شفتيها من الابتسام تلك المرة ، توردت وجنتيها نتيجة نظرته المتعمقة لها لتهمس

– هتعرف تشيلني

– نعم

قالها مستنكرا ما قالته لتهز جيهان رأسها قائلة بتوجع خفيف

– مش قادرة اقف ، شيلني

ردد كلماتها باستنكار وعبوس يملأ تقاسيم وجهه

– اشيلك

لوت جيهان شفتيها بضيق لتعقد ذراعيها على صدرها قائلة بنبرة مستفزة

– ايه يا ابو عضلات ، يعني العضلات دي نفخ ولا ايه نظامها ، يخسارة الجيم …يا مجنوون

صاحت صارخة اخر جملتها حينما شعرت ان الدنيا تدور بها رأسا علي عقب ، اخر شئ تتوقعه من وسيم المتحفظ ان يحملها كما طلبت منه  ، تشبثت به بقوة حينما رفعها على ذراعيه لتتشبث بعنقه وهما عازمان للخروج من الوادي …

مال غسان بنبرة مشاكسة في اذن صديقه قائلا

– متى ستحمل عروسك؟

التفت سرمد اليه بحدة قائلا وهو يغلق سحاب حقيبته بحدة

– هل حقا أنت في مزاج جيد للمزاح

هز غسان رأسه قائلا بمكر

– انا مجرد منبه فقط ، لا تتأخر يا رجل ، يوجد لديها معجبون بالطبع .. امرأة مثلها بالطبع ستكون تحت انظار رجال كثيرون هذا ان لم تكن انت متلهف عليها

صمت سرمد وهو يفهم رسالة صديقه ليتمتم

– هي ليست مثل الأخريات

هز غسان رأسه متمتما بصراحة

– هي ليست مثلهم ، لكن جميعهن جنس حواء

عقد سرمد حاجبيه وجملة صديقه لم تعجبه مطلقا ، عقد حاجبيه قائلا

– ماذا تقصد؟

ربت غسان علي كتف صديقه قائلا

– استمع لنصيحة والدتك ، ان كنت حقا جدى معها ، تقدم لها وكن صريحا ، الفتيات هنا لسن كالخارج ولن ينتظرن شخصا كتوم بل سيسارعن نحو الرجل المتقدم لهن رسميا

هم بسؤاله إن كان يعلم ان كان هناك شخصا له نية للاقتراب من امرأته لكن صوت خجول ناعم اقتحم حديثهما

– معذرة

التفت برأسه لتقع عيناه على برتقاليته الملتفة بمنشفته حول جذعها ، خيالات خصبة بدأت تقتحم عقله

تخيله الجامح أن ما حولهما هو فقط أربعة جدارن منزله، خصلات شعرها ندية وعينيها مليئة من تخمة مشاعر اختبرته فقط على يديه ، وجسدها …عض على شفتيه بحسية و نيران بدأت تقتات من جوفه وهو يسمعها تهمس باعتذار

– سرمد ، انا اسفه لانني افسدت النهار ، وافسدت عملك

يلتهمها بعينيه .. هو الوصف الأقرب لما يفعله معها ، شعر بلكزة غسان لخصره ليجيبها بنبرة شديدة الخشونة

– لا داعي لذلك يا شاديااه

اسمها من بين شفتيه غريب ،لكن له وقع خاص من شفتيه ، علامة ملكية من سرمد النجم ، توردت وجنتيها ورفرفت باهدابها حينما احست بنظراته المتيمة بها  لتهمس

– أشعر بالذنب حيال هذا حقا ، انا حقا اسفه

اندفع غسان يجيبها بمرح ، معطيا مساحة لصديقه للسيطرة على هروموناته الذكورية كي لا يفضحه

– لا تعتذري كثيرا منه ، هو المخطئ لأنني أخبرته ان نبيت في دهب قبل الذهاب إلى الوادي لكنه أصر بعدم المبيت وكله يعود بسبب واحدة

فغرت شفتي شادية صدمة وهي لا تستوعب انه قام بفعل شيء كهذا لها ، تعلم أن عمله في المقام الأول ، لكن كونه قدم استثناء تلك المرة وقدمها قليلا ن عمله جعلها تتعثر في حديثها

 – انا … انا

قاطعها سرمد قائلا بصوت أجش

– حقا شاديااه ، لا داعي للاعتذار .. دثري نفسك جيدا كي لا تصابي بنزلة برد إلا سيتعين علىّ الاعتذار طيلة النهار والليل لأنني أمرضتك

تلون وجنتيها بالحمرة جعل غسان يلكزه مرة اخري في خاصرته وهو يعلم ما سيفعله من وراء كلمة اعتذار فقط ، ذلك الوقح لن يتغير ابدا ولن يتوقف عن غزله الجرئ وكلماته المتلاعبة ، وجه أنظاره نحو الضحية الجديدة التي سقطت من جراء كلماته المعسولة المنغمزة بوقاحته لتمتم

– شكرا

زفر غسان حانقا وتركهما لاحقا بوسيم وجيهان تاركا اياهما بين احضان الجبل بمفردهما .. عقد سرمد حاجبيه قائلا

– علي ماذا؟

لن تنكر رجولته ومرؤته معهما حينما قدم منشفته لها تاركا نفسه تتساقط منه شعره وثيابه الماء ، لفت جسدها حول المنشفة جيدا وهي تمتم

– علي طلبك للمجئ هنا ، انا اشعر بالسخف كونني هنا ولا أعلم شيئا عن بلدي واكتشف  أن الغريب يعلم أماكن مبهرة لم اتخيل انني ساجدها هنا

أجابها بنبرة عابثة وانامله تمرر على خصلات شعره الندية

– هذه هي وظيفتي

سحقت طرف شفتها السفلى ليجز على اسنانه وبدأت الحرارة تغزوه مرة أخرى بسببها ، اللعنة بحياته لم يرى امرأة تسبب البراكين لعواطفه

لاحظ ارتعاشات جسدها بسبب مرور الهواء ليلعن بالايطالية وهو يتمتم

– ياليت جلبت الثياب الاحتياطية ، كله بسبب ذلك الاحمق

لاح الحزن علي قسمات وجهها الناعمة وهي تغمغم بأسف شديد

-انا اسفه .. حقا اسفه ، انت من ستمرض بتلك الطريقة سرمد ، هل لديك ثياب  احتياطي؟

قالتها بنبرة قلقة لتلمع عينا سرمد بالمكر وهو ينظر يمينا ويسارا ويري أنه لا يوجد سواهما .. اقترب خطوة منها وهو يتمتم

-هل تريدين أن أبدل ملابسي أمامك؟

شهقت فزعة متراجعة خطوة للخلف لتمتم بتوتر

– ماذا !! ، لا لا بالطبع ،سأعطيك خصوصيتك

ارتعاش شفتيها جلب البسمة لشفتيه ، تنهد بحرارة قائلا

– احب رؤية تورد وجنتيك

تلعثمت وهي تحاول بشتي الطرق النظر في كل الامكان الا مرمي عيناه ، شهقت بخجل حينما رأته ببساطة يخلع تيشرته مبرزا قوة جسده البدنية ،لتدير وجهها للجهة الأخرى متمتمة بتوتر

– انت .. انت وقح

انفجر ضاحكا وهو يعصر تيشرته مخرجا الماء الزائدة ليعيد ارتدائها مرة اخري وهو يتلاعب بخصلات شاربه ليقول بجدية شديدة

– يجب أن نعود للفندق ونجلب ثيابا لك ولشقيقتك

استدارت شادية بخجل متحاشية النظر له لتتقدم أمامه وهي تضم المنشفة بقوة حول جسدها ..

ساعدها لتستخدم الحبل وهبط هو الآخر ليرى الجميع بانتظارهم .. لاعب غسان حاجبيه وهو يصدر بعض التعليقات الوقحة بالايطالية ليلكزه في خاصرته قائلا

-اخرس

تأوه غسان متوجعا ليصيح

– اللعنة عليك يا غبي ، بدلا من أن تشكرني لأني تركتك مع الوجه الحسن بمفردكما والله أعلم بما فعلته

قبض سرمد بقوة من ياقة قميصه ليقترب منه قائلا بتهديد ونظرة عينيه مهددة

– اياك ان تتمادى غسان ، ابدا أتفهم ، إلا هي

اتسعت عينا غسان دهشة من تصرف صديقه العنيف بعض الشيء ، تمتم بذهول

-اللعنة يا رجل ، أنت لا تمزح معها

التمع شرارة الغضب وهو يصيح بحدة

– لا أمزح ، وحافظ على حدودك في الكلام عنها لأن المرة القادمة لا تلوم سوي نفسك

القي غسان بجسده معانقا صديقه قائلا بسعادة

-يا وغد ، كنت أظنك متأثرا بجمال العربيات فقط ثم بعدها ستصرف نظرك عنها ، لم  أظنك جديا حقا لتلك الدرجة سوي الان  .. الخصال العربية تسير في شرايينك جيد الخصال  العربية هي التي ستتحكم في تلك العلاقة ، نساؤنا تعشقن الرجال الغيورين ذو الدماء الحارة

كاد عناقه له أن يخنقه ليدفعه ببعض القوة وغسان يتمتم بفخر

– فخور بك يا أسد ، جيد انك قررت زرع نبتتك في أرض خصبة وليس في أراضي الغرب

صاح سرمد بضيق شاعرا ببعض الاهانة لنصفه الأوروبي

– أنا منها يا احمق

هز غسان رأسه نافيا

– لست مثل شقيقك الاحمق هذا ، يبدو ان شقيقك هو الاخر يحتاج لمن يضع بذوره في أراضينا

هز سرمد رأسه يائسا وهو يسبقه متقدما لملاحقة الاخرين قائلا

– لا فائدة منك

*****

في قصر المالكي ،،

تجئ جميلة جيئة وذهابا، تعترف وجود امرأة كـ آسيا سيزعزع من السلام النفسي الذي توصلت إليه العائلة بعد سنين من الصراعات والحروب .. جزت علي أسنانها بعصبية وكلمات الفتاة المهينة بحقها وبحق الجميع جعلت الجميع يصاب بالخرس من عدائها الشديد الموجه للجميع

لم يسلم أحد من لسانها ، ألم يخبروها سابقا انها توفيت إثر حادث مروري أم كذبوا عليها ، تلك الساحرة اللعينة هي من سببت المرض لعمها .. التفتت نحو عمها قائلة بعصبية ممزوجة بالغضب

– لا يمكن دي تقعد هنا في البيت ده

اخفض غالب جريدته ليهز رأسها يائسا ، بعد العشاء الكارثي والجميع لجئوا إلى مخادعهم .. الله يعلم ماذا حدث للمشبعة بالحقد مع حفيده ، يتمنى ان لا يفقد حفيده عقله رغم شكه في هذا ، تنهد قائلا

– جميلة

قاطعته بعصبية مفرطة

– انتي مش شايفها بتعمل ايه في كل واحد ، مش طايقة اشوف وشها  ، دي هدمر العيلة كلها

تنفست بصعوبة بالغة والشحوب يزحف تدريجيا لتهمس بعدم تصديق

– انت هتخليها قاعدة هنا

هز غالب رأسه قائلا ببرود

– ده بيت ابوها وعيلتها

جحظت عيناها  لتحدق فيه منتظرة أن يخبرها انه يمزح تمتمت بحشرجة

– وانا

زفر غالب بيأس محاولا أن ينهي ذلك النقاش بينهما ،هو يعلم سر خوفها الشديد منها لكن لديه امل بحفيده والعشق الذي رآه في عيونهم

– ده بيتك يا جميلة زي ما هو بيتها

هزت رأسها نافية ، رافضة فكرة وجود امرأة أخري في ذلك المنزل ، امرأة لها قوة شخصية ووقود يحفزها للانتقام

– بيتي ومعاها

ابتسم غالب ببرود قائلا

– انتي خايفة منها يا جميلة

سؤال ضربها في مقتل ،هى تكاد تموت رعبا منها ، إلا أنها أبت أن تعترف له قائلة

– مش خايفة طبعا ، لكن هتأذي الكل واولهم انت

ابتسم غالب بهدوء متمتما ببعض الامل

– آسيا مندفعة بطاقة عنف وحقد بس هتهدي وهتفهم

قلبت جميلة عيناها ، عمها يبدو أنه يحلم .. امرأة كتلك ابدا لن تتخلى عن حقدها لأي سبب من الأسباب كانت ، تمتمت بنبرة متحشرجة

– تهدي وتفهم ، انت بتكلم عن واحدة غير اللي بنشوفها مثلا

صدر صوت نحنحة ليرفع غالب رأسه ليرى حفيده وهو يتقدم منهما قائلا بابتسامة جامدة

– مساء الخير

عقد غالب حاجبيه متفرسا ملامح حفيده ، يحتاج للاطمئنان انه لم يؤذيها وانها لن تكرر من جرح رجولته هو الآخر

اندفعت جميلة تصيح هادرة في وجهه

– اقدر افهم ايه الهانم اللي جبتها دي

تصلب جسد لؤي تحت أثر كلمات عمته ليجيبها بجمود

– مراتي يا جميلة هانم ، وبنت عمي يعني لحمي وعرضي .. عايزاني ارميها

هل يقلب الطاولة الآن ؟ ، زمجرت جميلة وهي تهم بالرد بأسلوب حاد معه إلا أن غالب أخرسها نهائيا

– الكون مش بيدور حواليكي يا جميلة ، صدقيني زي ما انتي مهتمية بمصلحة العيلة زي ما بتقولي ، انا مهتم اني ارمم اللي اتحطم عشان نقدر نعيش عيلة زي ما بتقولي

نظرت بين الحفيد والجد بعدم تصديق ، كلاهما متحالفان لها .. رغم خطأ الأخرى إلا أنها سحرتهم .. سحرتهم جميعا

– يعني عايزين تفهموني انها مماتش زي ما قولت يا لؤي ، لا كانت خطة ما بينكم يعني

صاحت بها بثورة بالغة وهي تنظر بعدم تصديق بين الجد والحفيد المتواطأن علي اخفائها ليقول الجد بهدوء

– جميلة … كفاية كلام كتير ، الايام الجاية اعتقد هتكوني مشغولة في حاجه اهم

انفلتت منها ضحكة ساخرة لتمتم

– مشغولة في ايه

القي غالب نظرة خاصة نحو حفيده ليعيد النظر إليها قائلا

– وجد جالها عريس ابن ناس ، وانا موافق عليه

ابتسامة ناعمة شقت طريقها سريعا وتناست جميع غضبها وحنقها لتقول بلهفة

– عريس ؟ امتى حصل الكلام ده ؟ ليكون سمير ابن …

هز غالب نافيا وقال بأسلوب غامض

– لا مش هو ، حد غيره

عقدت جميلة حاجبيها متمتمة

-ايه ده بجد !! ، طب هو من عيلة ايه؟ وابن مين

اكتفي غالب قائلا بجمود

– دكتور نفسي وباقي التفاصيل لما يزرنا هو وعيلته

لكن المعلومات بالنسبة لها ضئيلة جدا للبدأ بالبحث عنه وعن عائلته ، قالت بفضول شديد

– طب هو مين عشان اسأل عليه

صاح غالب بصرامة شديدة

– ليه شايفاني كبرت وخرفت ومش عارف مصلحة احفادي

هزت جميلة رأسها نافية رغم التفاجؤ من تحول ملامحه للعبوس والغضب المظلل حدقتيه لتهمس بأسف

– لا العفو طبعا

بسمة متسلية كادت تشق طريقها الا انه حافظ على ملامحه الصارمة ليآمرها بحدة شديدة

– اتفضلي علي اوضتك

هزت جميلة رأسها موافقة وهي تستأذنهم للذهاب الى غرفتها … زفر متنهدا بارتياح وهو يوجه نظره نحو حفيده ليقول بصرامة أشد

– وانت .. تتصرف مع مراتك وتفوق لنفسها .. الطريق اللي بتروحله هيخليها تخسرك انت وتخسرنا كلنا

أومأ لؤي برأسه والقلب يجلده بصمت على ما فعله بها ، لم يقصد ابدا صفعها ،  لم يكن ليرفع يده ويصفعها

لكن هي التي بدأت تستفزه

هي التي نقضت ميثاقهم

هي تعلم ما يكره وأكثر ما يجرحه لذا تتحمل نتيجة أفعالها ، غمغم لؤي باذعان قائلا

– حاضر يا غالب باشا

ابتسم غالب بحنين وهو يضع جريدته على المنضدة ليستقيم من مقعده متوجها نحو حفيده مربتا على ذراعه هامسا

– طمنها يا لؤي ، طمنها وقولها انك ضهرها ، عاتبها وخاصمها براحتك عشان تعرف غلطها ، لكن اوعي تستقل بيك او تقلل من قيمتك كراجل وكزوج

بسمة ظللت شفتي لؤي من مبادرته الطيبة لحياته ، جده بالنهاية قلق عليها ابتسم قائلا

– فاهم ياجدي

ربت غالب على ذراعه قائلا

– ربنا يقويك يا ابني

*****

طريق رحلة العودة قضوه صامتين ، إلا من نظرات مختلسة بين سرمد وبرتقاليته التي تزداد توردا من نظراته العميقة لها .. زفرت جيهان بحده وشعور بالملل يعتريها ومن أهم أسباب الضجر والملل هي ثيابها الغير الانيقة بالمرة .. تقززت ملامحها نفورا حينما تذكرت ذهابهم إلى متجر صغير بجوار الفندق ، لم تجد مقاسها كل ما وجدته هو مقاس أصغر أو أكبر من مقاسها ولان صاحب العيون الباردة بجوارها أصر أن ترتدي المقاس الاكبر ، ذلك الاحمق عديم الذوق ، زفرت بحدة محاولة ان تجلب اهتمامه .. لا يوجد شئ يسليها بعد ضياع هاتفها في الماء .. صاحت بحنق

– وسيم

رفع عيناه عن هاتفه وقال بملل

– نعم

أظهرت ابتسامة صفراء على شفتيها لتمتم بصوت هامس

– شيلني لما ننزل

رفع وسيم حاجبه لميل برأسه هامسا بسخرية

– وحضرتك انسه متكسحة عشان أشيلك

ضربته بعنف على صدره لتهمس بحنق

– ما تبقي رومانسي شوية يا غلس ، انا عايزاك تشيلني لحد الاوضة

قرصها من ذراعها لتتأوه بعنف وهي تسمعه يهمس بخشونة

– لو عليا احطك على السرير بس مش سريرك .. سرير عش الزوجية يا عمري

اتسعت عيناها جحوظا لترمش باهدابها عدة مرات والخرس أصاب لسانها ، دارت بعيناها حول الجميع لتجد كل شخص في عالمه ، التفتت إليه لتهمس

– يا قليل الادب

ارتسمت ابتسامة ماكرة علي شفتيه وهو يري اصطباغ وجنتيها بالحمرة ، و لسانها اللاذع اصابه الخرس .. عيناها مليئة بالشغف والحنين ليهمس بتسلية

– دلوقتي بقيت قليل الادب ، انا من الصبح بقول اللهم اخزيك يا شيطان وانتي ابدا ما تسكتي

عضت على شفتها السفلي بقهر ، ذلك الحقير .. المخادع ..الوقح ، تحاول عبثا ان ترميه بكلمة وقحة كحاله لكن ، تبا لما يتحدث تلك الأشياء الوقحة التي تتمناها !!!

انتبهت على صوت سرمد الاجش

– لقد وصلنا

تمتمت شادية بهدوء وهي تمسك حقيبتها لتضعها علي ذراعها مستعدة للترجل

– يلا يا جيجي

هزت جيهان رأسها بصمت لتهمس بأسف نحو سرمد

– اسفه على تعطيل عملك سرمد

هز سرمد رأسه قائلا بهدوء

– لا مشكلة جيجي ، الاهم انك بخير

لمعت عيناها بتسلية وهي تغمز بعبث نحو شادية التي أشاحت برأسها وهي تترجل من الميكروباص لتمتم قائلة

– شكرا لاهتمامك ، كل يوم تثبت لي انك رجل بحق

عقد وسيم حاجبيه بشر ليتمتم بغلظة

– يلا

دفعها بخفة لتتأوه بميوعة وهي تترجل من الميكروباص لترفع رأسها نحو بوابة منزلهما ، اختل توازنها ما إن أبصرت والدها عاقدا ذراعيه ناظرا بعبوس لتزدرد ريقها بتوتر من النظرة المميتة في عيني والدها قائلا

– بابا بيعمل ايه عند الباب

وجهت نظراتها الإجرامية نحو شادية لتسارع بهز رأسها نافية ، التفتت نحو وسيم بوعيد

– وسيم

تمتم بلا مبالاة قائلا

– كان لازم يعرف ، محدش يبصلي بالطريقة دي

ما أن أبصر غسان رجل كهل واقفا بتحفز ارجح انه والدهما ، التفت غسان نحو صديقه قائلا

– هيا ترجل من السيارة

عبس سرمد قائلا

– لما ؟

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه ، ذلك الاحمق الأوروبي لن يتعلم أبدا .. ما زال محتفظا بأصله الغربي وتفكيره ، غمغم بخشونة

– سنذهب لوالد امرأتك .. ترجل من السيارة وتحدث معه

رفع سرمد عيناه ناظرا نحو الرجل المتجهم الوجهه لينظر نحو صديقه قائلا بتردد

– لا يبدو أنه سيكون متفهم للأمور ، ربما مرة اخرى

لكزه من خاصرته قائلا بحدة

– كن رجلا يا وغد

ترجل كلاهما وسرمد يستمع إلى الحدة في صوت الرجل نحو الفتاتين ، لم تنبس برتقاليته ببنت شفة بل خفضت عينيها ارضا لكن الاخري رفعت عيناها بجرأة مواجهة والدها ليتنحنح قائلا

– مساء الخير

تنهد معتصم بحدة وهو يغمغم بخشونة قائلا

– حسابي معاكم بس لما نكون لوحدنا

هزت شادية رأسها لتجر شقيقتها العابسة داخل منزلهم .. عقد معتصم ذراعيه وقد بلغ نفاذ صبره من  كلتا ابنتيه .. الأولى المدللة متمنعة والثانية حقا بات يخشى عليها بسبب ذلك الأجنبي  .. تمتم ببعض النزق

– اهلا

ارتسمت ابتسامة دبلوماسية علي شفتي سرمد ليميل نحو غسان قائلا

– اخبرتك يبدو أنه لن يستقبلنا في منزله

اقترب غسان بترحاب شديد قائلا

– مسا الخير عمي

رأي غسان بعض الدهشة التي لاحت علي صفحة وجهه الأب ليتمتم الأب بلغته

– الله ، ايه اللي لم الشامي على المغربي

ضحك غسان محاولا كسر البرود ليتمتم

– والله قصتي طويلة ،عندك وئت تسمعني

القي معتصم نظرة ممتعضة نحو سرمد الذي حافظ على ابتسامة هادئة ، جيد انه يوجد وسيط بينهما ، فهو لا يحب التحدث بلغة اخرى خصوصا ان صاحب اللغة هذا يبدو أنه سيكو زائرا ثقيلا .. أومأ باقتضاب وهو يشير نحو المنزل

– مفيش مشكلة اتفضلو

وجه نظره نحو وسيم الذي يمرر أنامله في خصلات شعره بحرج شديد ليقول بصرامة

–  وأنت تعالى معايا

زفر سرمد قائلا

– يبدو أن الليلة ستطول

الرجل رغم امتعاضه وكراهيته إلا أنه رحب بهما وأدخلهم منزله ، لم يخفي الكراهية التي اظهرها له الأب لكن يتمنى ان تلك الليلة تمر علي خير !!

*****

تدور في الغرفة جيئة وذهابا ، ذاكرتها تعود لجزء من يوم عصيب تمنت لو لم تخطي بقدمها لباب الشركة .. ما فعله ناجي بها أنه أجلدها

ثم عراها .. عري روحها وأظهر أبشع ما بها

ارتجفت يداها وهي تحاول ازاحة تلك الذكري بعيدا لكن الذكرى تشبثت بها لتغمض جفنيها بيأس مستعيدة تلك الأحداث تلك المرة بهدوء …

قالها ببساطة شديدة

– تتطلقي منه

تراجعت عدة خطوات واتسعت عيناها جحوظا

طلاق

لطالما كانت الكلمة تتردد في ذهنها مرارا وهي حبيسة جدران منزل ارتعبت من قسوة برودته

هلعت وبدت الكلمة التي قالها ببساطة ثقيلة جدا على قلبها ، هل أصبح الحمل ذئب مفترس أبرز أنيابه الوحشية مستعدا للانقضاض على الفريسة ؟!!

تراجعت خطوة  للخلف وهي تمتم

– انت .. انت بتقول ايه

وضع يديه في جيب بنطاله قائلا

– اللي تعمليه وانتي لحد دلوقتي متجرأتيش تاخدي الخطوة دي

ازدردت ريقها ولا تعلم لما عيناها ارتفعت تلقائيا نحو باب الغرفة ، تتمنى وجوده الان

ذلك الرجل الذي تبغضه والذي لن يتوانى عن قتلها ما إن يراها ترغب حمايته من ذلك الغريب عنها ، اهتزت عميقا واحساس بالوحدة يقتات منها لتهمس بصلابة زائفة

 – وانت مالك بيا

شبح ابتسامة ظهرت على شفتيه ليقول

– صدقيني دخلت جوا اللعبة ما بينكم

انفجرت ضاحكة والدموع تنساب على وجنتيها ، لتهسهس بغضب

– مفيش حد دخل اللعبة ، اللعبة دي لعبتي انا وانا اللي هنهيها بمعرفتي، الظاهر اني حكيت قدامك كتير لدرجة انك اتجرأت ووصلت بيك الوقاحة انك تطلب مني طلب زي ده

مال ناجي برأسه متفرسا اياها ، يبدو أنها تنكر وتزيد في الانكار وتريد اسقاط الجميع في الدرك دافعة إياه دون التجرأ هي على التقدم.. رغم بعض الشفقة التي يكنها له ، لكن تلك الانانية التي بها كشفته وهو يراها تحن له بعد كل ما سببته له من مشاكل والله لوحده يعلم ماذا سيحدث !!

– انتي مش واخدة بالك ولا ايه ، بتسحبي ناس وراكي وتخليهم في وش المدفع وتستخبي انتي وتجري وتيجي في الاخر تقولي ملكش علاقة بيا ، لا ايه الجراءة اللي انتي فيها دي

تفاجات من هجومه العنيف لها لترمش بأهدابها متمتمة

– انت عايز ايه مني

ظهر شبح ابتسامة ساخرة على شفتيه ليقول بغلظة

– مش عايز غير انك تبعديني عن مشاكلك انتي وجوزك اللي مش هتخلص

تنفست فرح بهدر وهي تقول بـ اباء

– لو للدرجة دي بأذيك في الشغل ، فشكرا .. انا هستقيل ومش هتضايق من وجودي تاني عن اذنك

اندفعت خارجة بعنف ليمسكها بقبضة غليظة من معصمها  ويميل برأسه قائلا

– ثورتك وغضبك ده المفروض يوجه لشخص واحد مش ليا

حررت يدها منه بعنف وهي تصرخ في وجهه قائلة

– من حقي اغضب واثور لما سمعت منك الكلام زي ده ، ليه فاكرني مثلا هترمي في حضنك وابكي وتتطبطب عليا وتقولي ابكي يا حبيبتي ، انت اصلا تكون كداب ومستغل وشخص حقير

الاهانة التي سددتها في وجهه جرم كبير في حقها وفي نفسه لانه سمح بالتعاطف معها ، تصلبت ملامح وجهه وهو يمسك زندها بخشونة المتها .. حاولت مرارا ان تزيح يده الا انه قسي بقوة وهي تري وجهها اخر غير  وجه ناجي الذي اعتادته

حتما اللعب مع الرجال صعب للغاية ، خصوصا الرجال علي شاكلة ناجي ، الذي يبرزون وجه مسالم لكنهم في الحقيبة عبارة عن ماذا ؟

هي حتى لا تعلم ، أصبحت لا تأمن شخصا بل أصلحت تشك في الجميع ونواياهم والأمر يعود لفضله !!

– انا كداب ومستغل وحقير ، ممكن تقوليلي امتي استغليتك ، وامتي كدبت عليكي فى حاجه ، وفين الحقارة اللي بتحكي عنها يا مدام فرح

اشاحت عيناها عنه وهي تحاول أن تفلت يدها من قبضته لتهمس بصوت ضعيف

– انا محتاجة امشي

انفجر صارخا في وجهها وقد اكتفي منها حقا

– مش هتمشي غير لما تردي عليا ، انتي عارفة هكون حقير امتى بجد ، لما استغلك فعلا وحاجتك للفلوس تخليكي تندفعي لاقذر اعلانات بتتعرض قدام الناس من رقصات ساخنة مع مطرب وملابس مثيرة واعلانات لملابس لانجري ، تفتكري واحدة زيك في ظروف زي دي هترفض اعلانات زي دي

بهتت من هجومه لتتراجع عدة خطوات للخلف و جسدها يرتعش من منابت رأسها لأسفل قدميها لتجيبه

– انا مبعملش الحاجات دي اخري اعلانات محترمة

لاحت ابتسامة متهكمة وهو يجيبها

– مفيش حاجه اسمها محترمة يا مدام ، كون انك موديل ف انتي اديتي شخص زيي كل الحق يحطك في اي حتة تعجبه ، اديتيلي الجرين كارد يا فرح

وقع تلك الكلمات القاسية عليهة مخيف ، مخيف جدا

تشعر بالوحدة .. بأنها في غابة حقيقة وهي غزال شريد في أرض الأسود

انتفضت وهي تخرج من الغرفة قائلة

– وانا يستحيل اقعد في مكان زي ده

هز ناجي رأسه بلا مبالاة قائلا

– براحتك ، بس افتكري كويس وقت ما تقرري تطلعي من هنا مترجعيش تندمي

حتى فرصة المال خسرتها

ظلت تنظر اليه نظرات مطولة ثم خرجت بصمت وفقدت آخر رمق منها للمحاربة

استنزفت كليا وبقت وحيدة ، مشردة ، بدون عائلة حقيقية تهتم بها ، تخشي من شبح صورة نضال ، وما تبقى من فرح

لا شئ

لا هي كالماضي

ولا حتي تستطيع العودة لماضيها ،حيث اخر همها هو جلب المال لمساعدة أهلها

انتهت الذكري لترفع رأسها وهي ترى جدران غرفتها التي لم تعتاد عليها تخنقها ، انفجرت في البكاء لتضم قبضة يدها وتضربه على نبضات قلبها هامسة

– كله بسببك انت

زادت من قوة ضرباتها وجسدها ينتفض  من البكاء

– كل ده بسبب خوفي منك ومن رعبي من جنانك

تراخت يدها لتستقيم بضعف من جلستها وهي تطالع وجهها في المرآة

حتى من تراها سطح المرآة العاكسة ، امرأة عجوز هرمة .. ليست امرأة على وشك انتهاء عقدها الثالث .. سالت الدموع من وجنتيها وهي تمتم

– ليه .. ليه دمرتني بالشكل ده

خاطبت مرآتها متحدثة عن الغائب ، والغائب الحاضر لا يجيب  .. مسحت دموعها بحدة لتلتقط هاتفها لتهم بالاتصال علي جيهان .. تفاجأت من اغلاق جيهان لهاتفها ، لتحاول اعادة تكرار اتصالها ظنا ان هناك عيبا في الشبكة إلا أن الرد واحد .. تأففت بضجر وهي تعود تجلس على فراشها تتصفح المواقع كعادتها كل يوم الا ان خبر فضيحة تخص جيجي السويسري المنتشرة على وسائل الإعلام جعل عيناها تتسعان بجحوظ

صورة عارية ، فيديوهات رقص رخيصة.. جمهور ثائر حانق ، ومن يخاطب بإرسال تلك الساقطة خلف القضبان جعل الهاتف يسقط من يدها شاهقة بذعر

– يالهوي

عادت تمسك هاتفها وهي تنظر الى الصور بتمعن ، تلك الصور ليست هي .. جيهان رغم جرأتها وملابسها المتحررة بعكسها إلا أنها ليست هي

نضال ، اسمه انبثق من غياهب عقلها ليبهت وجهها … لقد فعلها .. فعلها المجنون لينتقم منها وينتقم لكل يد قدمت لها يد المساعدة !!

*****

في قصر الغانم ،،

دلك نضال رقبته وهو ينظر الي ارجاء القصر المصمم بأناقة مبالغة ، بل بذخ .. كأنه في عالم خيالي مثل تلك الرسوم المتحركة التي تشاهدها شمس .. وبذكر شمس تذكر والدتها ليعبس جبينه وهو يتذكر انها لا تفوت يوم سوي وهي تقضي اليوم في منزله .. منزله الذي تمكث فيه مع زوجها ، وهو شبه مطرود من المنزل

زوجها ابدي رفضا شديدا عن بقائهما وعرض أن تمكث الطفلة في منزله الا انه رفض بشدة .. ووصل الأمر إلى تهديد صريح بايذائهم ، رضخت الأم بسهولة إلا أن الزوج لم يعجبه الوضع لكن مع تحايلات الزوجة علمت كيفية تخليه عن رأيه

اللعنة على النساء واللعنة على من ينقاد خلفهن بسبب دموع التماسيح خاصتهن .. صعد الدرج الملوكي ساخرا من البريق الذي يلمع في كل تحفة فنية موضوعة بعناية في ذلك القصر المهيب ، اللعنة القصر يضرب شقته العصرية مئة ضربة ، هز رأسه يائسا وهو يحاول ايقاف تدفق افكاره الساخرة مركزا مهمته العالقة مع اخته الصغري مع خطيبها

الرجل مصر وملح شديد بل وراغب بها وتلك الخبيثة الصغيرة و عينيها المفضوحتين تفشي أثر اشتياقها له … لكن العقل والعناد الأنثوي تدخلا في المعادلة وعليه هو حل تلك المشكلة بطريقته

هو حتما لا يريد إفساد الأمر ، لكن الأمر معروف .. نضال الغانم ما أن يدخل شيئا في عقله فهو لن يطمئن سوي وهو يحققه ، هذا الأمر كحال تلك المزعجة سليطة اللسان التي حشرت أنفها فيما لا يعنيها .

طرق باب غرفتها واقتحمه كعادته بعد شبه وجوده الدائم في القصر .. فزعت رهف وسارعت بغلق البوم حفلة عقد قرانهما مزيلة دموعها المنهمرة ليقلب نضال عينيه بملل قائلا بتقزز

-انا مش عارف ايه اللي عاجبك فيه ده

تحشرج صوت رهف وهي تجفف دموعها قائلة بعبوس

-نضال

صمت رهف قليلا مهدئة من دفاعها عنه لتعض على طرف شفتها السفلى وهي تراه يجلس بجوارها على الفراش متفرسا ملامحها ببطئ … رفرفت بأهدابها وهي تسأله

-انت بتكرهه ؟ يعني شايفة مش مناسب

ابدي نضال تفاجأ .. لم يكن يظن انها ستسأله عن رأيه به ، اخر شئ يتوقعه من ابنة الغانم .. لكن يبدو أن تلك الصغيرة ستفاجئه ، لاحت ابتسامة علي شفتيه ليضرب رأسها بخفة قائلا

– وانتي بتسأليني دلوقتي بعد ما بقي بعقد رسمي جوزك

أمسكت كفه وهي تسأله بجدية

– جاوبني من فضلك يا نضال ، عايزة اشوف هل انت راضي عنه ولا لأ؟

ملامسة يدها له فاجئه ، بل وتره للحظ وفقد بها زمام سيطرته وهو يحدق في زرقة عينيها المنطفئة ، ازدرد ريقه بتوتر و شبح الماضي بات رفيقا لا يغادره إلا لماما .. ابتسم بشحوب قائلا بصوت أجش

– ولو قولتلك لأ هتعملي ايه ؟! ، هتقرري مثلا انك تسيبيه وتضحي بسعادتك ولو اني مش شايف اي سعادة بسبب هوس اخ وخايف علي اخته

انفجرت رهف ضاحكة وهي تحاول السيطرة علي دموعها لتسمع صوته المنزعج

– انتي بتضحكي

اعتذرت وهي تحاول ان تسيطر علي مشاعرها لتنظر اليه بجدية ثم تنهدت ، مررت اناملها على خصلات شعره الناعمة ليرفع نضال حاجبيه بريبة إلا أنها لكزته في مرفقه لتقول بهدوء

-الظروف يا نضال مسمحتش قبل كدا نقرب من بعض ، انت عارف لما كبرت شوية اتمنيت انك تقرب مني اوتحصل حاجه تقربنا من بعض بدل ما أنا شايفاك وحيد وبعيد

وهل تراه هي طفلا صغيرا تريد الاعتناء به كما كانت تعتني بدمياتها ؟!! ، سؤال ساخر انبثق نتيجة رؤيته وهي بأفعال صغيرة تبدد من برودته .. بل تصهره ليشيح بوجهه عنها قائلا

– وياريتني ما قربت منك بعد اللي حصل

تنهدت رهف بحزن وهي تستمع الي صوته الاجش والندم الذي حفر تقاسيم وجهه الوسيمة ، مررت اناملها بفضول شديد تلامس وجه أخيها لتهمس بهدوء

– انسى ، زي ما نسيت انت كمان انسي

رفع نضال رأسه والظلمة في عينيه اخافتها ، ازدردت لعابها وهي تسمعه يهمس

– مسمحاني ؟

هزت رأسها ايجابا ليزفر نضال براحة ، وكأن حملا ثقيلا انزاح من علي صدره .. لتتفاجأ به يعانقها بقوة .. معبرا عن ندمه وأسفه ، وعدم كونه رجلا ناضجا ليساعدها على التخلص من السيئين من حولها دون أن يمس بها ضرر

لكن صوت خبيث .. في اعماق اعماقه ،ليس متشفي لكن راضي تماما عما فعله ، أنه يجلب عليها تعلم الدرس

اخذته على حين غرة حينما سألته بفضول

– فين فرح ؟

اكتسي تعابير وجهه الجمود إلا أن عينيه اشتعلت بغضب وهو يغمغم بحدة طفيفة

– بتسألي ليه عنها دلوقتي

اقتربت منه هامسة بصوت خفيض

– لسه مراتك ولا طلقتها قولي مش هقول لحد

بل ما يود فعله الان كسر عظامها .. عظمة ، ثم ممارسة عليها أشد عذابا كي تعلم ان نضال الغانم لا يمكن أبدا الاستهانة بغضبه ، وكل من يخفيها عنه سيلحقه الضرر

صاح باجرامية واحتقدت عيناه بشرر مميت

– نفسي اشوفها ، لاني لو شوفتها هكسر ضلوعها ضلع ضلع ، مش هخلي فيها حتة سليمة

تفاجئت رهف من العدوانية والغضب في صوته لتهمس بشك

– انت بتحبها يعني ؟

انفجر ضاحكا بسخرية كما لو انها القت اليه نكتة ليسأل بسخرية

– لسه مؤمنة بحاجة زي دي ؟

ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها وهي تجيبه تنهدت بحالميه أنثى مراهقة تفتحت بتلاتها لتهمس

– الحب دي أنقي شعور إنساني اتخلق واتزرع في قلوبنا ، صدقني الحب بيعملك توازن نفسي وبيقدر يطلعك من ضغط عصبي واجهاد نفسي

قلب عينيه بملل وهو يغمغم بسخرية

– وده كلام مين عشان اشكره

اقتربت منه وهي تمسك ذقنه لتقع عيناها علي السواد المشبع بداخله ، همست بهدوء

– كلام اللي حبوا يا نضال ، لما تحس ان حد في ضهرك وهيفضل يحميك بحياته وكل اللي ما يملك .. الشخص ده يستاهل نحطه جوا قلبنا ومنسمحلهوش يبعد عن حياتنا نهائي

ران الصمت بينهما وصمت نضال يزيدها من ملامستة بجرأة ، هي بحياتها لم تقترب منه كحد السلام لكن أمنية داخلها تمنت أن يبادر بسؤال ما عن صحتها وعن حالتها وكيف تبلي في مذاكراتها ، اهتمام مريض به تمنته منه ونست أنه فقد حق الاهتمام حينما تحاشته وظن انها تنبذه كما نبذته والدتها ووالدها  ، تفاجئت من سؤاله

– لسه بتقري روايات ؟

رفعت عيناها بدهشة و شعور بالذهول يكتنفها ، كيف علم شئ كهذا ؟!! … بحياتها لم تخبر وقاص عن هذا ولا حتى فترة مكوثها في المصحة النفسية ، حاولت أن تهذب من ردود افعالها وهي تجيبه

– بطلتها لاني عايزة اعيش حكاية اكون انا بطلتها يا نضال ، مش اتخيل نفسي مكان حد غيري

نقرات على باب الغرفة قطعت من حديثهما ليرفع نضال رأسه واتسعت عيناه صدمة حينما استمع الى صوت الشامي

– مسا الخير

احتقدت عينا نضال بشرر وهو يستقيم واقفا وحمية اخوية لعينة جعلته يخفي الصغيرة بجسده ليواجه ذلك الوقح الذي تجرأ علي دخول غرفة نوم الصغيرة ليصيح بزمجرة

– نفسي اعرف بتيجي هنا ليه

هز نزار رأسه بلا مبالاة ولم يخفي نضال العداء ليتمتم ببرود

– جاي شوف مرتي انت شو دخلك

عضت رهف شفتها السفلي بتوتر وهمت بالحديث ليرتجف جسدها حينما انفجر نضال صائحا بثوران

– ده كمان بيتبجح

اكتفي نزار بابتسامة المغيظة لنضال ليقول بهدوء

– اي بدي اقعد معها ولحااالنا كمان اذا ماعندك مانع يعني

متبجح ووقح ، يطرده من غرفة أخته ليغرر بها .. علي جثته ان حدث هذا ، وإن كان لا يوجد بعض القواعد والانضباط في مرحلة خطبتهم تحت مسمي زوجته فهو الآن موجود وسيحرص على أن يضع كل شخص في مكانته الحقيقية .. القي تعليق ساخر وهو يعقد ذراعيه على صدره

– لأ وكمان بيطردني ، طيب شوف بقي مين هيتحرك من هنا ، انا مش عارف مين سمحلك تدخل اوضتها بالشكل ده هي سايبة ولا ايه

تخلي نزار عن برودته واقترب منه قائلا بحدة

– لك افهم بقا انا زووجها زوجها غنيلك ياها يعني

اشاح نضال بيده مغمغا

– علي ورق بس ، يعني في حكم المخطوبين ، تقدر تستناها تحت ولما تجهز  يبقي هتقابلك قدام عنيا

بشق الأنفس حافظ نزار علي برودة اعصابه ليغمغم موجهها حديثه نحو المختبئة خلف جسد شقيقها

– عشر دقايق و تكوني جاهزة رهف

سمع همس ناعم منها

– حاضر

استدار نزار مغادرا ليتلفت نضال نحو رهف واعينه ترسلان شررا لتهمس رهف بحرج

– ملهوش داعي للي عملته ده يا نضال

أجاب بغلظة شديدة

– انا أدري بمصلحتك ، رجله هتكون متعودة علي اوضتك يا انسة وانا راجل ميقبلش اسيب خطيب اخته فى اوضتها وكمان شامي بلسان معوج

عضت باطن خدها وهي تدافع عن حبيبها هامسة

– متقولش عليه كدا ، نزار ده طيب جدا ومحترم

القي ضحكة ساخرة وهو يغمغم

– مين  يشهد للعروسة

تلونت وجنتي رهف بالحمرة والاهانة التي تسمعها منه لنزار لم تعجبها ، همست بلوم شديد

– نضال مينفعش اللي بتقوله ده

اكتفي نضال بنظرة زاجرة ليقول بجفاء

– يلا اجهزي متتأخريش

استدار مغادرا وهو علي وشك الرحيل ، بالطبع لن ينسي أن يضايق السوري ثم يعود لمنزله متمنيا ان لا يجد والدتها او زوجها في المنزل .. تفاجئ بجسد يلتصق بظهره وذراعين تلتفان حول جذعه وهمس ناعم قشعر جسده

– بحبك اووي ، شكرا انك كنت موجود في اليوم ده .. انت ووقاص سندي في الدنيا دي مليش غيركم

دار بجسده ليعانقها بأخوية ، ربت علي ظهرها ورهف تزداد التصاقا به لتسمعه يهمس بمشاكسة

– انا هتكلم مع الشامي لحد ما تجهزي

رفعت رأسها وعبوس وجهها جعله ينظر اليها بحنين وهي تمتم برجاء

– نضال ارجوك ملهوش داعي انك تقلل منه ، صدقني هو عامل خاطر علشاني

وتدافع عنه الصغيرة ، اكتفي بابتسامة باردة وهو يمرر أنامله في خصلات شعرها قائلا

– متخافيش ، اطمني ..روحي اجهزي

هزت رأسها وهي تبتعد عنه لتسارع بالذهاب الي خزانة ثيابها ، هز نضال رأسه يائسا متذكرا مثل مصري ليتوجه تلك المرة نحو الخارج عازما على وضع النقاط في الحروف ..!!

تفاجئ بوجوده خارج باب الغرف يسير في الردهة الواسعة ليقول بصوت مقتضب

– عايزك

اتسعت عينا نزار مفاجأة حينما وجده يأمره بكل صلف وعنجهية متوجها نحو آخر الردهة التي تنبثق منها غرفة استقبال صغيرة ، كز نزار علي اسنانه وذلك المتبجح يزيد من أفعاله الحمقاء .. غمغم بسخرية

– خير ياطير

عقد نضال حاجبيه غير عالما بسبب ذكر كلمة (طير داخل السياق ) لكن أي اختلافات في اللهجة سيضعها جانبا ، جلس على المقعد ورفع راسه بكبرياء شديد قائلا

– ايه السبب اللي يخليك ترتبط بواحدة سمعتها مش .. امم بحاول اقول لفظ مناسب قدامك ، سمعتها مش نضيفة زي الصفحة البيضا

نظر نضال باستمتاع نحو ملامح وجهه السوري المصدومة ، ظل لثواني عاجزا عن الرد ثم تدارك نفسه ليقول

– والله انت غريب عجيب اول مرة بشوف اخ بحكي على اخته بهالطريقة هي

ابتسامة مقتضبة هو ما حصل عليه ليغمغم نضال بجفاء قائلا

– انا اخ عكس الباقيين

تجهمت ملامح وجهه نزار ليقول بعدائية

-يعني عم تعمل هيك لتطفشني ياعيني

وضع ساقا فوق الأخرى وأشاح بيده بلا مبالاة

– والله دي حاجه تفهمها علي مزاجك انت

طحن نزار ضروسه وتعمده للتقليل من شأنه واعتباره نكرة يجعل الشياطين تغويه للكم هذا المتبجح ، جلس علي المقعد المجاور له وهو يجيبه بجمود

– طول حياتي وانا شايف انو الحب شي مو موجود وبعمري مااعترفت فيو بسبب المسؤولية يلي تحملتها خصوصا لما تهجرت انا وامي كل همي كان كيف خليها تعيش حياة كريمة ،ورغم انو الله يسرلي ولاد الحلال وشغلي تحسن وصار الي اسم كبير بس مشاعري ماتحركت لحدا فيك تقول كنت حاططها بخزنة وزاتت المفتاح بالبحر ….لحتى شفت رهف حياتي كسرت اقفال قلبي زلزلت كياني خلتني واحد تاني تماما ومع هيك كنت خاايف خايف يكون حدا بحياتا ،بس لما تاكدت انو مافي حدا فورا تقدمتلها لانو خفت تروح مني بعد مالقيتها

هز نضال رأسه وهو يضغط باصبعي السبابة والابهام على جسر انفه ليقول

– مردتش علي سؤالي يا شيف

أجاب نزار بثقة شديدة

– مو شوية اشاعات بتخليني غير نظرتي الها انا حبيت روحها لرهف ، ومتاكد انو كل هالاتهامات كلها باطلة وكلو كذب وافترا عليها

اعتدل نضال بجلسته وانحني مشبكا أصابعه وهو يقول بنبرة غامضة

– ولو الاشاعات دي حقيقية

هز نزار رأسه نافيا

– مانها حقيقية

غمغم نضال بثقة شديدة وهو يحدق في حدقتي الرجل امامه

– ولو قولتلك انها حقيقية فعلا مش كدب

ما زال الرفض وعدم التصديق مرتسمان على وجه نزار ليقول نضال بمكر

– لو قولتلك اللي ناوي ترتبط دي بيها مش انسة يا نزار

وانقلبت الأحوال في ثانية لحظة خروج تلك الكلمة التي كانت كطلقة لم تقتل ضحية واحدة

بل اثنان … الاول الجالس أمامه والثانية التي شهقت متراجعة بضعف غير مصدقة أن أخيها يفعل هذا بحقها !!

*****

في قصر السويسري ،،

تطحن جيهان ضروسها بغل شديد وهي تراقب من حاسوبها صفحتها التي اقتحمها ذلك الحقير ، جميع صفحاتها على التواصل الاجتماعي سرقت

اللعين ، اللعين ، اللعين ، دمر عملها وحذف معظم فيديوهاتها علي اليوتيوب التي حققت اعلى مشاهدات .. لقد أوقف حياتها نهائيا لا وما يعقد الامر تلك المنشورات الخاصة بها علي موقع الانستجرام

منشورات تسيئ من قدر نفسها ، بل وفضائح مجلجلة جعلت جميع الانظار تتوجه نحوها ، ملابس شبة عارية وفيديوهات مركبة وهي ترقص بمجون أمام كاميرا هاتف ، وما جعل الناس يصدقوه ان الاضاءة خافتة .. تفاجأت من زمور سيارة شقيقتها التي ترجلت من سيارتها علي الفور وهي تتوجه نحوها قائلة بحدة ملقية جهازها اللوحي علي المنضدة به صورة لها .. أو وجهها هي وجسد أخرى

-شايفة الكارثة دي، لما بابا يشوف الصور دي يا تري هتقوليله ايه

اغمضت جيهان جفنيها وهي تحاول التخلص من صداع الرأس الذي يفتك بها ، لتسمع إلى آخر صوت تود سماعه الآن

-اقدر افهم ايه اللي حصل

قالها وسيم بحدة لتعض جيهان علي شفتيها قائلة

– مش وقتك دلوقتي ، سبوني احل المصيبة دي

انفجر هادرا في وجهها

– مصيبة ، دي كارثة .. فضيحة ، هتعملي ايه

نظرت شادية بقلق بين الاثنين تخشي ان يسمع والدهما الشجار الذي بينهما لتمتم جيهان بعصبية

– بحاول  ارجع الاكونت بتاعي ، الكلب الحيوان .. قسما بالله ما هسيبه

امسكت بحاسوبها عازمة أن تدمر عمله كما دمر عملها ، عليها اولا ان تخترق النظام الأمني لفندقه العظيم وتدمر المواعيد لضيوفه المهمين وتسقط عدد الاراء و الاحصائيات وتخفض عدد نجوم الفندق .. عقدت شادية حاجبيها مغمغمة

– بتعملي ايه

أجابت جيهان بنزق

– هو عملها حرب تكنولوجيا ، والله ما هسيبه الكلب  ده

اندفع وسيم مقتربا منها وهو يغمغم بعصبية اتلف ما تبقى لها من أعصاب

– هتعملي ايه يا مجنونة

اجابته بجفاء

– هبوظله الفندق بتاعه ، هطربقها عليه لحد لما يقفله

جحظت عينا شادية وصمتت للحظات قبل ان تمتم

– انتي مجنونة ، الفندق تبع المؤسسة الخاصة بيهم ، واللي ماسكها جوز فريال

وهو حينما يدمر سمعتها لم يعبر في باله ان هناك علاقة تجمعهم ، صاحت بحدة

– ههد المعبد باللي فيه ، انتي يعني عاجبك اللي حاطه ده

احتقنت أوداجها بغيظ شديد واندفعت تصيح بصراخ

– لاسجنه القذر ده ، لاسجنه

مررت شادية يدها علي ظهر جيهان قائلة بهمس

– اهدي طيب .. أهدي

لوي وسيم شفتيه وهو يغمغم بخشونة

– عرفتي تحلي المصيبة

أغلقت حاسوبها بعنف والتفت اليه قائلة بنفاذ صبر

– وسيم انا مش ناقصة اسمع صوتك دلوقتي سيبني

ابتسم بسخرية وقال

– دي اخرة رعونتك وتهورك يا انسة جيهان

هل وقت عتابه الآن ؟ زفرت جيهان بضجر وهمست بيأس

– وسيم مش وقتك نهائي

امسك ذراعها بخشونة وصاح فيها هادرا

– اقدر افهم بقي استفدتي ايه من كل ده ، الناس المزيفين ولا معرفة المصلحة اللي يقوم يبقوا معاكي معاكي ويوم ما تنتهي يقلبوا ضدك

نظرت  شادية بين الطرفين ثم رفعت عيناها نحو الباب ، بالتأكيد سيأتي ابيها لا محالة .. اندفعت داخل الباب لتطمئن من والدها أنه لم يقرأ شئ أو يخرج من الداخل ، ثم شجارات هذان الشخصان أصبحت معتادة عليها لدرجة انها اصابت بالضجر وتوقفت عن ان تكون ضحية في المنتصف …

لمعت الدموع في عيني جيهان ، وحاولت ان تجلد ذاتها لأكبر وقت ممكن وهي تهمس بحشرجة

– جاي دلوقتي تكلمني يا وسيم ، الوقت ده

اومأ وسيم موافقا

– عشان تفوقي وتنتبهي لحياتك ، فهميني عايزة ايه تاني .. عايزة ايه من الحياة دي

اتسعت عيناها بذهول قبل ان تفلت يدها من قبضته وهي تستقيم قائمة من مقعدها صائحة

– ابقي مهمة .. ابقي مهمة وقت ما قررت ترميني وتسيبني بقي بمعتقداتك المتخلفة واللي عرفت أسبابها ، قررت اكون مهمة في عيون غيرك ارتحت

استقام هو الآخر ليقترب منها متسائلا بتعجب

– انتي لسة شاكة في اهتمامي بيكي ؟

انسلت الدموع من وجنتيها وهي تجيبه باختناق

– ايوا واحد زيك اخاف منه ، لانه كان مرعوب من مشاعره اتجاهي ، يعني ايه كنت شايفني طفلة واني متعلقة بيك ، مبذلتش جهد ليه في حبك وحاولت تضحي زي ما ضحيت انا عشان اظهر بصورة انثي قدامك واملي عينك

ثم اقتربت منه تضربه بكلتا يديها على صدره الصلب ، لعله يعاني من بعض الالام الجسدية حينما الحق بها بآلام نفسية شديدة نتيجة غبائه

– تقدر تقولي ليه محاولتش تدافع عن حبك ليه زي ما قولت ، تملي الحب في قلبي يا وسيم .. تقدر تقولي ليه قررت تجري وتمشي زي الجبان

لم يدافع عن نفسه حتي بل صمت كعادته ، صاحت بقهر

– عارف ليه ، لانك مش عايز اصلا العلاقة دي … مش عايزها تتم ولما صرفت نظر وبحاول اشوف غيرك قررت تبقى أسد قدامي وتدافع عن اللحم بتاعه اللي هيتغدي بيه

حاول .. حاول الا يضحك علي تشبيهها الاخير الا ان بسمة صغيرة كانت خطأ ليراها تهجم عليه بافتراس

– متضحكش علي تشبيهاتي ، امشي يا وسيم

امسك كلتا يديها هامسا بصوت أجش

– عايز احضنك

رعدة خفيفة سرت في كامل جسدها ، لتفغر شفتيها بصدمة قائلة

– افندم

مال برأسه قائلا بنبرة مثخنة من العاطفة

– وعايز ابوسك حقيقي

رفرفت جيهان بأهدابها ، تخضبت وجنتيها بالحمرة لتهمس بتلعثم

– انت سخن يا وسيم

زفر وسيم بيأس وهو يغمغم بخشونة

– عايز اضمك لحضني يا جيهان

ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة مؤلمة ليغمغم

– وراسك تتسند على قلبي عشان تحسي بمعاناته ووجعه ، واطبطب عليكي ويكون ليا حق انى ألمسك بدون اي ذنب

شهقت بذهول وهي تخرج من غمامته الوردية لتصيح بذهول

– تلمسني !!

عقد حاجبيه قائلا بريبة

– مش عايزاني المسك ؟

عضت طرف شفتها السفلى وهي لا تصدق الوقح ، جارها الوقح يعبر عن خيالاته الجامحة لهما .. تمتمت بصوت مرتجف

– كلامك ده فيه احتمالين حاجة قليلة الادب وانك تلمس ايدي

انفجر ضاحكا وجيهان تنظر اليه بتوتر ، ليخفت  من ضحكته ليهمس

– اقصد طبعا القليل الادب يا عبقرية

نظرت يمينا ويسارا داخل حدود منزلها لترفع عيناها اليه قائلة بشك

– انت بتقول الكلام ده ومش خايف

هز رأسه نافيا متمتما بثقة

– مش خايف

استنكرت تلك الثقة المنبعثة منه ، حدقت به مطولا قبل ان تنفجر في وجهه صارخة

– ده وقته الكلام ده .. وقته وفي الظروف دي و ضاقت بيك الدنيا خلاص ،ولما تقول كلام تقول كلام قليل الادب

انقبض قلبها حينما استمعت الي صراخ والدها

– جيهااااااان

اغمضت جيهان جفنيها ، وتلك الليلة ستكون ميتة لا محالة ..!!

****

في مؤسسة الغانم ،،

يقلب وقاص صفحات ملف مشروع سكني جديد ، إلا أن ابتسامة هادئة جعلته لا يشغل باله الآن سوى العودة للمنزل

تقرب نضال واستمراره بزيارته لصغيرته وتطور علاقتهما أعجبه ، يتمنى أن تستمر تلك العلاقة وتتوطد علاقتهما  ويكف عن التصرف برعونة كما عاهده !!

رنين هاتف المتصل بسكرتيرته جعلته يغلق الملف وهو يفتح الاتصال بينهما قائلا

-خير

ترددت السكرتيرة قليلا قبل ان تمتم

– مستر وقاص .. فيه واحدة عايزة تقابلك ضروري جدا ورافضة تمشي الا وتقابلك

عقد جبينه وهو يسألها

-مين ؟

رفعت السكرتيرة عيناها نحو المرأة المتلونة لتمتم

-بتقول اسمها فرح

استقام وقاص من مقعده بحدة قائلا

– فرح .. دخليها

توجه سريعا نحو باب المكتب وفتحه لينصدم من شعر اشقر وملامح وجهها متخفية اسفل نظارة شمسية لتبتسم فرح بحرج وهي تزيل نظارتها قائلة

– مساء الخير

تابع من عينيه نظرات السكرتيرة الفضولية ليفسح مجالا للدخول قائلا

– تعالي يا فرح استريحي ، مش عايز ازعاج يا ناريمان وابعتي عصير للمدام

هزت السكرتيرة رأسها متمتمة

– تمام يا فندم

عاد مغلقا الباب والتفت اليها وهو يشير نحو اريكة لتجلس عليها ليسمعها تهمس

-انا اسفة اني ازعجتك

هز رأسه وهو يقول بابتسامة مهذبة

– مفيش ازعاج ، قوليلي كنتي فين الوقت ده

اجابته بصراحة شديدة وهي تنزع شعرها المستعار قائلة

– كنت بحاول اهدي واجمع افكاري

سألها بتشكك

-وجمعتي افكارك ؟

همت بالرد عليه إلا هناك من اقتحم الباب فجأة ، رفع وقاص عينيه وهو يشاهد أسرار التي تقدمت نحوهما وخلفها سكرتيرته التي تمتمت

– مينفعش اللي بتعمليه ده يا فندم ، مستر وقاص نبهني اني مدخلش حد

رفعت اسرار رأسها بأنفة وهي تجلس علي الاريكة المجاورة ليهز وقاص رأسه وهو يغمغم بنبرة هادئة

– اتفضلي بعد اذنك انتي يا ناريمان

عضت السكرتيرة على طرف شفتيها ولم يخفي عليها رؤية الشعر المستعار الموضوع على المنضدة لتمتم

– حاضر

سارعت بالمغادرة لتحدق بها اسرار بعدائية شديدة وهي تراها تسير بميوعة شديدة متعمدة ابراز ساقيها وجسدها ،التفت نحو وقاص صائحة بحنق

– خليك ناشف معاها ، مش شايفها بتمشي بميوعة

قلب وقاص عينيه بملل ، يكفيه ما عنده من امرأة تكاد تفلت اعصابه بسبب الحمل ، لا ينقصه الان اسرار ومزاجيتها المختلفة ، التفتت اسرار قائلة

– رجعتي بعد اختفاء يا فرح

نظرت فرح بتردد نحو الاثنين لتهمس

– انا جيت عشان انا ابلغكم بقرار وطالبة انكم تساعدوني حقيقي لانكم اللي فاضليني في الدنيا

ظهر الاهتمام والفضول على ملامحها لتمتم

– عايزة اطلق من نضال

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *