روايات

رواية سمال الحب الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت الثالث والعشرون

رواية سمال الحب الجزء الثالث والعشرون

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة الثالثة والعشرون

#سمال_الحب
#وقبل_أن_تبصر_عيناكِ ج٢ _ الفصل ( ٦٦ ) :
_ هذه دمائي.. هذا قلبي ! _
في البادئ
كان كل شيء باللون الأبيض
ثم فجأة
صار كل شيء أسود
و فقط أسود …
قبيل لحظات من وقوع الفاجعة، كان كالمجنون، لحظة اكتشافه العطل المتعمّد بمكابح سيارته
الوقت ليلًا، الطريق السريع نائيًا مقفرًا، صراخ طفلته من ورائه حيث تجلس في المقعد الخلفي المخصص للرضّع، انهيار “نسمة” بجواره و بكائها المذعور
كلها أشياء وترته بشدة …
-إهدي يا نسمة. بقولك إهدي خليني أعرف أفكر !!! .. صاح فيها منفعلًا
و هو يفادي تلك العربة التي اصدرت له إنذارًا مسبقًا، لكن الأخيرة لم تستمع له و كأنه لم يتكلم، ظلت تصرخ بضراوةٍ مرتعبة :
-هانموت. هانموت يا رزق. كاميليا هاتموت معانا. بنتي.. بنتنا يا ررررررررررررررررررززززززززق …
كانت مادة يدها للخلف قابضة على رسغ الصغيرة بقوة مؤلمة، بينما كلماتها أثارت جنون “رزق” و ألهبت الدماء بشرايينه، ليزمجر احتجاجًا و رفضًا لمخاوفها المحتّمة :
-لأ.. مش هاتموت. بنتي مش هاتموت. كاميليا مش هاتموت تاني !!!!
كان كأنما يخبر نفسه بهذا، يحدث نفسه و يوّجه لها هذا الأمر الصارم، لن يفقد ابنته، لن يفقدها الآن، ليس هذا معادها، بل لا يمكن أن يشهد هو هذا اليوم أبدًا
إن كان سيأتي و سيأتي، فإنه لن يكون حاضرًا، عليه أن يكون رفاتًا، أو جثة هامدة، أو عظامًا بالية
طفلته لن تموت اليوم، و لا حتى غدًا، لن يسمح بهذا مطلقًا ….
-امسكي في الكرسي كويس. اهدي و اسمعي كلامي يا نسمة. نسمــــــــــــــــــــة …..
ما كانت لتنصت له و لا لنداءاته الجهورية في هذه اللحظة أيضًا، خاصةً بعد أن أدركت ما سيفعله، فكّت حزام الأمان حين أدار عجلة القيادة موجّهًا السيارة إلى الرمال بزاوية دائرية
في ثوانٍ كانت بالخلف إلى جانب ابنتها تعانقها بقوة
و على ما يبدو بأنها قد رأت ما لم يراه “رزق”.. إذ لم تمر لحظة أخرى
و فجأة بدأ إطلاق الرصاص عليهم من كل حدبٍ و صوب، و رغم أنه أصيب في كتفه، إلا أنه تحوّل و كأن مارد قد تلبّسه، ما و إن نجح في إيقاف سيارته و غرس اطاراتها بالرمال
استلّ سلاحه من طوق خصره، و أخذ الآخر من درج السيارة، ألقى نظرة للخلف على زوجته و ابنته فشاهد “نسمة” لا تزال تغطي الطفلة بجسمها و هي تصرخ و تبكي بخوفٍ شديد، و لكن لا تفك عنها درع الحماية هذا ابدًا
دفع “رزق” باب السيارة، و قفز واقفًا في مرمى الرصاص، غير عابئًا بالخطر، مضحيًا بروحه بلا ترددٍ و لا تفكير من أجل طفلته
سحب صمام السلاحين بحركة احترافية و بدأ في التصويب عشوائيًا و هو موقن رغم الظلام الدامس بأنه أسقط عددًا لا بأس به ….
_____________
قبل ساعات …
مجرد الاحتمال يضرب في صميمه بشدة، ليصاب بالجنون التام في نفس اللحظة و هو يصرخ بوجهها :
-انتي بتقولي إيــه ؟ انتي واعية لكلامك ده ؟ عارفة معناه إيه ؟؟؟؟؟؟؟
نزلت دموعها أكثر و هي تخبره بيأس بَيّن :
-و الله ده إللي انا شوفته. انا مش بكدب عليك. يارب ما ألحق اربي بنتي ده إللي حصل.. انا مش بكدب عليك يا رزق !!
هز رأسه بعنفٍ ليطرد كلامها عبثًا، فاطلق سبّة غاضبة و هجم عليها تاليًا، حبست أنفاسها بينما يقبض على ذراعيها غارزًا أصابعه في لحمها غير عابئًا بألمها
ركّز عيناه القادحتان بعينيها الدامعتين و قال بتهديد صريح لا يخضع لأيّ تراجع او استهانة :
-عارفة لو الكلام ده طلع مش صحيح ؟ مش هارحمك يا نسمة. مش.. هارحمك !
ثم أفلتها بغتةً، و بدأ يدور في الغرفة كالمجنون …
_________________
حسنًا
تلك لم تكن كذبة بيضاء، ربما رمادية، أجل فهي لم تذهب فقط للمشفى من أجل رؤية “فاطمة” كما أدّعت، لكن يصادف بأن طبيبها و الذي أرسلت إليه ابنة عمها لا يزال يشرف عليها هناك
و هي اليوم صباحًا قد أجرت اختبارًا، و لا تصدق، تريد أن تتأكد حتى تصدق، ما من سبيل آخر …
-مبروك يا مدام ليلة. حصل. انتي حامل ! .. بشرّها الطبيب المسن مبتسمًا بعد أن رفع جهاز السونار
كسا الذهول وجهها في للبداية، ثم لبثت اساريرها أن انفرجت و ضحكت بانذفاعٍ غير مصدقة، لدرجة أنها سألت الطبيب بشكٍ :
-صحيح يا دكتور ؟ بجد ؟؟!!!
اومأ لها سعيدًا لسعادتها :
-بجد يا مدام ليلة. انتي حامل. حامل. كمان مرة حامل !
لم تتحمل من فرط الحماس و صرخت مبتهجة و هي تقفز من فوق سرير الفحص، لينتهرها الطبيب فورًا :
-ايه إللي بتعمليه ده ؟ لأ الاستهتار ده مش كويس انا بقولك !!
اغتذرت منه و هي لا تزال تضحك :
-آسفة آسفة. من فرحتي بجد مش عارفة بعمل إيه ! .. و صاحت فجأة :
-معلش با دكتور انا لازم أروّح دلوقتي حالًا. لازم أقول لجوزي. لازم يعرف عن إذنك !
و انطلقت راكضة و هي تسمع ضحكات الطبيب من خلفها …
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
كان يعلم أنها ستأتي في نهاية المطاف، و قد كان ينتظرها، بعد أن قام بتحضير الطاولة بشكلٍ مرتب و مخيف آن، كان كالجزار، ككنيتهُ، يحدّ أسلحته …
سمع “رزق” المفتاح يدور بقفل باب الشقة، ثم سمعها تلج، سمع أنفاسها ثم صوت إغلاق الباب، أتبعه صوتها الهاتف :
-رزق.. حبيبي.. عندي ليك مفاجأة مش هاتصدقها !!!
و اصطدمت بظهره من الخلف مطوّقة خصره بذراعيها، أمالت رأسها على حدبته اليسرى و اغمضت عينيها مرددة :
-إنهاردة حاسة ان الدنيا بترقص قصاد عيني. وسط كل إللي بيحصلنا.. مش مصدقة. بجد مش مصدقة
بدأت تلاحظ سكونه المريب، فعبست من فورها و ارتدت عنه، وضعت كفها فوق كتفه و قالت بحذرٍ :
-رزق.. مالك يا حبيبي ؟ في حاجة حصلت ؟ حد من البيت جراله حاجة ؟!!
لحظة و الأخرى، ثم استدار ناحيتها ببطءٍ، و للمرة الأولى تراه يرمقها بتلك النظرة العدائية …
-انتي صحيح… قتلتي أبويا ؟
هذه كانت صفعة
لم تتخيّل أبدًا أن تسمعه يتفوّه بهذا !!!!
_______________
كالشجرة العجوز، وقف “رضوان السويفي” متكئًا على عصاه، الدمع يفيض من عينيه، ولده الصغير و الذي نجا وحده من بين اخوته
ظل ممسكًا به و هو يتحدث في الهاتف بصوتٍ يخلو من الحياة :
-الجزارين قتلوا عيالي يا معلم رجب.. حرقوا قلبي و روحي.. رضوان السويفي خلاص. ماعادش له لازمة.. انا مش عايز اسمع مواسيه.. انت و المعلمين هاتقفوا جمبي و لا لأ ؟ .. كنت عارف. كنت عارف يا معلم.. لا لا لا. انا كده كده مش محتاج لحد.. لا ليك و لا ليهم.. انا إللي يهمني دلوقتي حاجة واحدة.. تار عيالي.. و هاخده.. و لو كان آخر حاجة هاعملها في حياتي.. و عزة الله تار عيالي هاخده !
و أغلق الخط دون كلمة أخرى
إلتفت نحو ولده و قال بهدوء شديد :
-كلم الديب. قوله يجي و يجيب رجالته. كل رجالته !
_______________
-انت جبت الكلام ده منين ؟
طرحت سؤالها ببرودة أعصاب …
لم يبدو عليه أنه تفاجأ، لكنه سألها ليتأكد :
-يعني صحيح ؟
لم ترد، فواصل :
-ردي عليا.. صحيح إنك قتلتي أبويا. ررررردددددي !!!!!
هكذا فقد أعصابه بالنهاية، لكنها هي لم تفعل و قالت :
-عاوزني أرد أقول إيه ؟
-قولي الحقيقة.. مش عايزة تقولي و لا خايفة ؟!
هزت رأسها للجانبين …
-خايفة أجرحك.. بس !
ضحك بسخرية مريرة و قال :
-تجرحيني ؟ الكلام ده لو حقيقي. انتي هاتكوني قتلتيني. تخيّلي ؟ هاتكوني قضيتي على البني آدم لسا بقيته عايش جوايا.. إتكلمي يا ليلة. إتكلمي
كانت لجهته طافحة بالمرارة و اليأس …
لوت فمها و قد بدت العصبية جلية في نظراتها، تحاربها من الداخل، لكنها فشلت الآن و هي تنفجر أمامه :
-أبوك.. أبوك اسوأ كوابيسي. و كوابيسك. أبوك هو الشيطان بنفسه.. انت بتحبه. متخيل إنك بتحبه. بس لو شيلت الغمامة عن عنيك و شوفت حقيقته صدقني كان شعورك ده مات من زمان… أبوك إتسبب في موت أبويا ….
هنا بدت عليه الصدمة قليلًا..فاومأت له مؤكدة و تابعت :
-أمي حكت لي كل حاجة من زمان.. دي ماكنتش حادثة و خناقة بلطجية عادي كده.. أبوك إللي طول عمره مهووس بالسلطة. طول عمره ماشي يئذي في خلق الله.. هاجس السيطرة كان ماسكه و كان متخيل انه فرعون. حط أخوه ناصر قصاد المدفع. ضحى بيه عشان يخوف اعداؤه.. لولاه كان زمان أبويا عايش و معايا. كان زمان أمي عايشة بردو.. ماكتتش عاروح أعيش عند عزام. ماكنش هايعمل فيا كد …
قطعت عبارتها حين اختنقت بالغصّة، تماسكت بصعوبة و لم تسمح لدموعها بالظهور أبدًا، و أردفت معترفة بجلدٍ و شدة دون إظهار ذرة ندم :
-أيوة يا رزق.. أنا إللي قتلت أبوك. و كنت قاصدة اقتله بالبطيئ. و مش ندمانة. و لو ينفع يؤجع هاقتله تاني. لأني مش ناسية إللي حصلّي. و لا ممكن أنساه أبدًا بالأخص لما كان عايش و قصاد عيني. ببصله و بفتكر. كل ما أبصله أفتكر.. أبوك كان عذابي.. و أنا قضيت على العذاب ده. بتلومني ؟
بقى هادئًا و هو يسألها :
-و انتي كده ارتاحتي يا ليلة ؟
طفرت الدموع في عينيها الآن و هي تجاوبه بأنينٍ متألم :
-لأ. لأ.. مارتحتش. بردو بعد كل ده… مارتحتش !!
هز رأسه مرارًا كأنما أرضاه جوابها، ثم مد يده ليجر الطاولة الصغيرة من خلفه ليضعها بينهما، و قد وضع أمامها الخيارات هكذا بهذه البساطة، و خيّرها بمنتهى الهدوء :
-اختاري.. هاتموتي إزاي !
نظرت مشدوهة إلى كل هذا، كم تفنن و أبدع في اختيار أدوات اعدامها.. مسدس أبيه، خنجر جده، وقنينة سُم سريعة المفعول
هل يُعقل ؟ كل هذا من أجلها !!!
-اختاري عشان انا إللي هاموّتك بايدي يا ليلة !
تلك القساوة
من أين جاء بها ؟ و معها.. معها هي، رغم الدموع المتحجرة بعينيه، رغم حبه الأبدي لها، لكن كان عليها أن تصدق
كفّة “سالم” راجحة دائمًا و أبدًا …
-عايز تموّتني ! .. رددت بجفاء
ما لبث أن إنقلب شجنًا هستيريًا و هي تضحك و تبكي في آن واحد :
-لأ.. لأ يا رزق. أنا مش هاسيبك تعمل كده. مش هاخليك تتعذب العذاب ده طول عمرك… انا إللي هاعملها بإيدي ….
و خطفت قنينة السُم، ثم حدث كل شيء بسرعة أمام عينيه، نزعت الغطاء، أفرغت السائل القاتل كله في جوفها خلال لحظة و هو كالمُغيب عن الوعي، لا يشعر و لا يصدق ما يعيشه ؛
تركت القنينة الفارغة تسقط من يدها، ثم تطلعت إليه زائغة العينين، و يبدو بأن الوضع نفسه الذي بدأ يجرّدها من وعيها أولًا، لكن ليس قبل تخبره بهذا …
نطقت باعياءٍ و خشونة، عبر فاها المفتوح اللاهث :
-بس على فكرة. أنا نسيت أقولك… أنا حامل !!!!
و كأن قلبه على وشك أن ينفجر بصدره، و هو الذي دفعه نحوها قبل أن تسقط و يلامس جسمها الأرض، حملها بسرعة إلى الآريكة و هو يبكي الآن و يصرخ غير مصدقًا :
-ليلة ! حامل ؟ ماقولتليش ليه ؟ ليـــه ليــــــــــــــــــــــــلـة ….
بأعجوبة قسر عقله على التروِ قليلًا ليستطع التفكير و إيجاد مخرج لتلك الكارثة التي اقترفاها معًا، ماذا عليه أن يفعل ؟ ما الذي تعلّمه في هذه الظروف ؟ ماذا !!!
أجل، نعم
جده الباشا، جده الحبيب، إن نفس الموقف يتكرر، في ذلك النهار الشهير يوم عيد ميلاده الثامن، لقد تناول الطباخ واجبةً فاسدة قبل حضوره إلى المنزل
جده هو الذي أسعفه، ماذا فعل ؟
إنه يتذكر …
لقد قام الآن و هرول إلى دورة المياه، خلع صندوق الاسعافات الأولية و فتش بعنف عن تلك الحبوب، نعم لقد وجدها
حبوب الفحم النشط …
حملها و عاد كالطلقة إليها، رباه !
لقد شحبت على الأخير و صارت بشرتها كالثلج
جثى “رزق” على ركبتيه أمامها و أمسك فكها بيده مباعدًا بين شفتيها بالقوة، أفرع حبتين في جوفها و مررهم بشربة ماءٍ
جاء عند قدميها و رفعهما للأعلى مع ثني الركبتين بحيث تضغطان على البطن كلها، ظل ضاغطًا عليها لدقيقة كما فعل جده، و بينما يفعل كانت دموعه تتساقط و هو يناجيها نائحًا :
-ليلة أرجوكي. ماتسبنيش.. أرجعيلي يا حبيبتي. أرجعيلي عشان خاطري !
حملها بعد ذلك على ذراعيه و غادر بها المنزل كله خلال لحظاتٍ لا أحد يعرف كيف، حتى عائلته لم يتسجيب لأيّ من نداءاتهم و وضعها بالسيارة و إنطلق بها إلى المشفى
في هذه اللحظات تمامًا، كانت نظراتها تتبعهما منذ ظهرا و اختفيا سويًا، بالرغم من كل الاضطرابات المحيطة بهم، كم كان من الجميل أن تتخلّص منها
لكنها أدركت خطأها مرةً أخرى، لا يمكنها أن تفوز، لا يمكن لـ”نسمة” أن تفوز على “ليلة” بأيّ حال من الأحوال، لقد صارت من المسلّمات، إنها حب “رزق”.. هي لا غيرها
أقفلت نافذتها معتصرة جفونها بشدة، لتدرك بأن مدعها قد جفّت بالفعل، لقد استنزفتها كلها و انتهى ….
°°°°°°°°°°°°°°°°°°
لم يفارقها للحظة
سلّمها للأطباء بغرفة الفحص، كان معها أكثر من سبعة أطباء و ممرضين يسعفونها، و كان هو يراقبها عبر الباب الزجاجي
و رأى كيف أنهم أدخلوا أنبوبًا عبر فمها ليسحبوا السم و يمنعوا آثاره من التسبب لخا بالاختناق قبل أن يتفاقم وضعها …
إنقضت نصف ساعة و قليل، حتى خرج الطبيب مزيلًا قناعه، أقبل “رزق” عليه متلهفًا :
-دكتور.. أرجوك. طمني مراتي كويسة ؟
ابتسم الطبيب و طمأنه بلطفٍ :
-اطمن مراتك بقت بخير. عملنا اللازم. عملنا غسيل معدة و خرجّنا السموم كلها منها. و انت اتصرفت صح جدًا برافو عليك. الاسعافات إللي عملتها قبل ما تجيبها هي مية في المية السبب إنها حيّة دلوقتي
زفر “رزق” بارتياحٍ :
-الحمدلله ! .. و صاح فجأة كأنما تذكر :
-و الحمل.. الحمل كويس ؟؟؟؟
-أطمن كله تمام. ماحصلش الضرر إللي توقعته. بس على حسب روايتك إنها حاولت تنتحر. ف أنا بنصحك إنها لازم تخضع للعلاج النفسي في أسرع وقت. و إلا ممكن تكررها تاني و تئذي نفسها و الجنين كمان
-أكيد هاعمل كده.. متشكر جدًا يا دكتور !
و مد يده ليصافحه
صافحه الطبيب قائلًا :
-لا شكر على واجب. هي بقت كويسة بس تخلص المحاليل و تقدر تاخدها و تمشي
شكره “رزق” للمرة الثانية، ثم ولج إلى زوجته بعد خروج طاقم الممرضين من عندها، كانت ترقد فوق السرير الطبي ساكنة، متعبة، و… بريئة كالملاك !!!
كان خليطًا من المشاعر يجتاحه و هو يجلس قربها الآن و يرنو إليها، إنها إبنة عمه، و زوجته، و أم طفله الذي لم يولد بعد.. و أيضًا… قاتلة أبيه !
كيف عساه يتقبّلها بعد الآن
كان سيقتلها و هو حقًا سيفعل ذلك، إنها بطريقة ما لم تنتحر، لكنها أنقذت نفسها في الحقيقة، أنقذت نفسها منه و من انتقامه
المعضلة التي تواجهه الآن
كيف سيتاعمل معها بعد أن تفيق ؟ كيف ؟!!!
-ليه ؟ .. همس قريبًا منها و هو يمسح على رأسها بحنانٍ
-ليه عملتي كده ؟ ليه عملتي فينا كده يا ليلة ؟ حبي ليكي ماكنش كفاية ؟ كل إللي عملته ماكنش كفاية ؟؟؟؟!!
سمع نقرة على زجاج الغرفة، فمسح عينيه سريعًا و قام واقفًا، استدار فوجده “علي” يقف بالخارج و الاضطراب يعلو ملامحه
خرج له و سأله و هو يغلق الباب خلفه :
-إيه يا علي ؟
علي بتوتر : جاتلي معلومة إن رضوان السويفي باعت لفاروق الديب و هاينظم هجوم علينا. لازم نخلي البيت. قصدي الستات. لازم نمشيهم !
رزق بجدية : ده إللي لازم يحصل الفترة دي. مرات أبويا هاتاخد نينا دلال و تروح عند اخواتها. و الباقي يروحوا لأهاليهم. ضروري
-طيب انا جبت لك معايا نسمة و كاميليا. تحت في العربية. النشار قالي إنك اتفقت معاه يروحوا يقعدوا مع نور
اومأ له : أيوة انا هاوديهم. كويس إنك عملت كده …
و ألقى نظرة على “ليلة” عبر الزجاج و قال بقلقٍ :
-بس ليلة…
طمأنه : ماتقلقش عليها. لما تفوق هاخدها مع أمي و فاطمة عند اخوالي. المهم الحوار ده لازم يخلص بسرعة عشان نفوق للناس دي.. الوضع مايطمنش
عبس “رزق” قائلًا بقتامةٍ :
-محدش يقدر يمس منكوا شعرة طول ما انا عايش يا علي. ماتقلقش.. انا راجع بسرعة !
________________
الآن …
مُلقى على الأرض، و قد أُصيب جسده بالكامل، نزل به ضعفٍ مزري، أراد أن يقاوم أكثر
لكنه لم يستطع
انتهى، انتهى كل شيء، في الواقع انتهى عندما استمع إلى هذه الجملة أثناء نقله إلى عربة الاسعاف قبل أن يفقد وعيه مباشرةً متمنيًا أن تكون النهاية :
-لا حول و لا قوة إلا بالله.. و دي ماتت. لا إله إلا الله ! ……………………………………………………………………………………………

يتبع ….

اترك رد