روايات

رواية ومقبل على الصعيد الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم رانيا الخولي

رواية ومقبل على الصعيد الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم رانيا الخولي

رواية ومقبل على الصعيد البارت الثالث والأربعون

رواية ومقبل على الصعيد الجزء الثالث والأربعون

رواية ومقبل على الصعيد الحلقة الثالثة والأربعون

❈-❈-❈
وقفت سارة أمام الغرفة بتردد، تعلم جيدًا بأنها تخطئ فيما تفعله وإن علم جاسر لن يرحمها، لكنها تريد ان ترى في عينيه نظرة الإنكسار التي لازمتها شهورا عدة
لذلك عندما طلبت منها ساندي الحضور وافقت دون تردد
طرقت الباب لتفتح لها ساندي وتدعوها للدخول
_ اتفضلي ياسارة
دلفت سارة للداخل وياليتها لم تفعل.
فور رؤيته عادت إليها تلك الذكريات الأليمة ليهتز داخلها بوجل لكنها استطاعت بصعوبة إظهار عكس ذلك ودلفت بقوة وثبات نجحت في إظهاره بوضوح على حركاتها و سكناتها.
كان في حالة يرثى لها.
ولما لا وهو قد وقع بين براثن جاسر الذي لم تترك مكانًا في وجهه إلا وقد أعطته ما يستحق
فضلا عما حدث لذراعه من كسور مركبة تحتاج وقتاً طويلاً لتشفى و قد لا تعود لطبيعتها مطلقاً.. ما شهدته أثلج صدرها و شفى غليلها منه.
تلاشى الخوف بداخلها عندما لاحظت نظرات الانكسار في عينيه وصوته الذي امتلأ بالخزى و هو يقول
_ اهلًا ياسارة متشكر أوي إنك جيتي
بثبات وهدوء تام تحدثت
_ معقول بتشكرني عشان جاية اشمت فيك؟
خفض عينيه بانكسار وهو يقول
_ عندك حق انتى ربنا انتقملك مننا اشد انتقام، انا بس كنت عايزك تسامحيني وتغفريلي اللي عملته فيكي
انكسارهما والخزي الذي ظهر عليهما جعلها
تشتاق اكثر لذلك الذي انتقم لها من ظالميها
فردت بثبات
_ بالعكس انا بعتبره جميل عملته معايا عشان أروح لأهلي واتعرف على جاسر، يمكن لو مكنش ده حصل مكنتش هروح هناك ولا أتعرف عليه، أو يمكن أروح بعد ما يكون فات الاوان ويكون ارتبط بغيري
ودي الحاجة الوحيدة اللي هتخليني أغفرلك اللى حصل
انا كنت جاية بس عشان أشمت فيكم بس لقيت إنكم حتى متستهلوش إني الشماتة.
خرجت من الغرفة دون إضافة كلمة أخرى
لم يكف هاتفها عن الرنين منذ خروجها من الغرفة فقامت بإخراجه من حقيبتها لتجده جاسر مما جعلها تشعر بالقلق من حدوث شيء ما
وصلتها رسالة منه فتحتها لترى محتواها المتوعد
” افتحي الفون لآجي اكسره على دماغك”
ابتسمت بيأس ممن خدعها فقال ” تغير كثيرًا بعد فراقك”
واهمًا لا محالة، رن هاتفها مرة أخرى
وما إن فتحت حتى دوى صوته الهادر الذى يكاد يخرق طبلة أذنها مما جعلها تبعد الهاتف عنها بإنزعاج
_ انتي فين ياهانم؟
قلبت عينيها بغيظ وقد وضحت أمامها الرؤية بمراقبته لها وقالت بهدوء
_ وانت مالك؟ بتسأل بصفتك أيه؟
صاح بها بانفعال
_ بصفات كتير ياهانم ولو عايزة تعرفيها هاجي اعرفهالك، وإذا كان منصور سايبك تدوري زي ماانتي عايزة فانتي ليكي أهل يحكموكي
ضغطت على أسنانها بغيظ وتحدثت بحدة
_ وانت بقى اللي هتحكمني؟
تابع هدره
_ ايوة هحكمك لما تروحي تزوري واحد زي ده وبعد اللي عمله فيكي يبقى لازم احكمك
راقتها غيرته عليها رغم غلاظة كلماته وواصلت تحديها له
_ والله اللي ليه كلمة عليه بعد بابا هو جدي وعمي من بعده يعني مفيش حد تاني له كلمة عليا، ولعلمك أنا مش جاية أزوره زي ما الغفير اللي باعته مـ وصلك انا كنت جاية اشوف انتقام ربنا ليا مش أكتر
إزداد غضبه منها وهى تمحو وجوده من حياتها وقال باحتدام
_ يظهر إن منصور دلعك بزيادة وانا بقي اللي هعلمك الأدب و أربيكى من أول و جديد
تابعت إشعال نيران الغضب بداخله قائلة بإستفزاز
_ لما يكون ليك صفة
أشعلت النار بداخله بالفعل وصاح بها
_ بصفتي جوزك ياهانم
صححت له بفتور
_ تقصد اللي كان جوزي، انت نسيت إنك طلقتني
كان واقفًا على جمر ملتهب وقد أسود كل شئٍ من حوله من شدة الغضب الذي سيطر عليه تمتم من بين أسنانه
_ متلوعيش معايا وقولي انتي روحتي عنده ليه؟
ردت بنفس فتورها وهي تشير لسيارة أجرة
_ ساندى قالت لى أن أخوها عايز يعتذر وبصراحة كان نفسي أشوفه وهو مذلول كده، والحمد لله راضيت فضولي وفضولك وتسمحلي اقفل عشان هركب العربية
لم تمهله فرصة للتحدث وأغلقت الهاتف مما جعله
يضغط على الهاتف بيده حتى كاد يكسر الهاتف أو أصابعه أيهما أقرب
كان يهدر بقوة مما جعل أمجد وليلى يستمعون لحديثه رغم المسافة بينهم ثم وجدوه يدلف الغرفة ويأخذ مفاتيحه وهو يقول باعتذار
_ انا مضطر استأذن لإني عندي مشوار ضروري
خرج دون ان يستمع إليهم
فقالت ليلى بقلق
_ انا هروح أشوف في ايه
منعها أمجد من التحرك
_ لا بلاش تدخلي انا دلوقت مع جدك فـ اللي قاله
ووممكن اللي حصل ده يكون سبب لرجوعهم لبعض.
ردت بتمني
_ يارب ياأمجد بصراحة الاتنين صعبانين عليا اوي
طمئنها بهدوء
_ إن شاء الله هيرجعوا لبعض بس سيبك من جاسر
وخليكي معايا
اشار لها بعينه وهو يغمز لها
_ فاكره الاوضة اللي جانبنا دي، متيجي نعيد المشهد من تاني، بس هيكون بطريقة مختلفة عن كدة
زمت فمها بغيظ وقالت بحدة
_ كلمة زيادة وهقوم من قدامك
قال بخبث وهو ينظر إليها بلوع
_ براحتك بس كلها أسبوع وهيتعاد برضاكي، بس لما تيجي تقربي مني هخطفك في حضني
اشتد غيظها منه وهمت بالنهوض وتركه لكنه نهض مسرعًا و قف أمامها يمنعها وقال
_ ايه مالك حمقية كدة ليه، هو انا كنت قلت حاجة عيب.
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت بغيظ
_ لا مقلتش حاجة
ابتسم لها بحب وهو ينظر إلى ملامحها التي حفرت داخل قلبه وعقله وبكل كيانه
تلك الحبيبة التي أسرت قلبه وجعلته يسير وفقًا لرغباتها
فقال بوله
_ مش عارف انتي عملتي فيا ايه.
كل مدى حبك جوايا بيزيد لدرجة إني بقيت مسلوب الإرادة قدامك
ابتسمت بخجل وقد أخذ قلبها يهدر بقوة من كلماته التي وصل صداها لأعماق قلبها فقالت بخجل
_ انا واقفة قدامك وخايفة اكون بحلم
اكد لها بولع
_ وانا كمان خايف اكون بحلم.
ليقاطعهما صوت متهكم
_ وانا بقى اللي جاي افوقكم من الأحلام دى
❈-❈-❈
عادت سارة إلى المنزل وعاد هاتفها يرن بإزعاج
تجاهلت وصعدت إلى غرفتها
محاولات كثير منه لكنها عاندت وقامت بأغلاق هاتفها ووضعته على المنضدة بعناد
محاولة أخرى منه فوجد هاتفها قيد الأغلاق مما جعله يزداد غضبًا فتمتم متوعدًا
_ ماشي بكرة بالكتير وهطلعه على عينك يا بنت المنياوي
عاود الاتصال بمصطفى الذي ما إن أجابه حتى تحدث باقتضاب
_ استناني مع أمجد أنا جاي حالًا
ثم اغلق الهاتف وألقاه على المقعد المجاور و بدأ فى استرجاع ذكرى قريبة
فلاش باك
فتح جاسر باب غرفته ليجد مصطفى أمامه يقول بإحراج
_ محتاج مساعدتك هتساعدني ولا اشوف حد تاني
فهم جاسر مقصده فأشار له بالدخول ليجلس مصطفى وهو بجواره لينظر إليه بشك
_ خير عملت أيه تاني؟
رد مصطفى باحراج
_ أنا هربت حلم وهى دلوقت في طريقها للقاهرة
مسح جاسر على وجهه يحاول تمالك اعصابه كى لا ينفعل عليه وسأله بجمود يحاول به الحفاظ على ثباته الإنفعالى
_ تقصد حلم بنت الهواري
اومأ له في صمت مما جعل جاسر يضغط على قبضته محاولًا السيطرة أكثر على غضبه مما جعله يتمتم من بين أسنانه
_ وديتها فيها؟
حمحم بإحراج وهو يجيب
_ مش عارف لسه، انا كنت عامل حسابي إنها تروح عند أمي بس لقيت انه أول مكان هيدوروا فيه، هما وصلوا دلوقت للقاهرة ومش عارف اخليها تروح بيت جدي ولا اعمل أيه
هز رأسه وهو يحاول تهدئة انفعاله، فما حدث؛ حدث وانتهى
_ وانت جاي تسألني بعد الدنيا ما خربت؟
هز كتفه مغمغمًا بضيق
_ كنت خايف لتقف قصادي وتمنعني وانا دلوقت بطلب مساعدتك، هتساعدني ولا أشوف حد تاني
تنهد جاسر بيأس
_ وناوي على أيه بعد اللي عملته ده؟
_ هخدها ونسافر برة نكمل تعليمنا هناك
هز رأسه قائلًا بصعوبة تحكم
_ بما إن المصيبة حصلت وخلاص فغصب عني هساعد
سأله بتوجس
_ إزاي؟
فكر قليلًا ثم أخرج هاتفه ليجرى مكالمة وعندما أجابه تحدث بدون مقدمات
_ محتاجين مساعدتك ضروري
رحب قائلًا
_ أكيد طبعًا قول.
_ الأول في بنت في مشكلة واحنا بنحاول نساعدها، هى دلوقت في القاهرة وعايزين حد نثق فيه تكون عنده الفترة دي لحد ميعاد سفرها
تردد قليلًا ثم تحدث بجدية
_ قصة بنت دي تقلق بس بما أنها تبعك فـ حاضر هساعد باللي أقدر عليه، هى فين دلوقت؟
نظر جاسر لمصطفى يسأله فأجابه
_ خليه يبعتلك العنوان وانا هكلمهم
_ هى في القاهرة دلوقت قول العنوان
❈-❈-❈
_ وأنا جيت بقى عشان افوقكم من الحلم ده
ضحك أمجد وقال بتسويف
_ بلاش انت لإنك عملت اللي مـ في حد يقدر يعمله.
تحدثت ليلى باستنكار
_ ولا كان هيقدر يعمل حاجة من غيري
اتسعت عينا أمجد بعدم استيعاب لما تقول وسألها
_ عملتي ايه ياعملي الاسود
تحدثت بغرور مصطنع وهي تجلس على المقعد
_ ولا حاجة عرفته طريق سامية اللي حلم بتثق فيها
نظرت إلى مصطفى وتابعت بغيظ
_ بس كان ممكن يودي نفسه فى دهية بجرئته دي
جلس مصطفى وهو يجيبها
_ على اساس سفرك لليونان مكنش جرأة بصراحة أحفاد الحاج عمران دول مصيبة كل واحد فيهم ليه حركة جريئة كده إنما أيه تودي في داهية
اتسعت أعينهما بصدمة وسأله أمجد بحيرة
_ وانت عرفت منين؟
قاطعهم دخول جاسر الذي ظهر عليه الهدوء قليلًا بعد تلك العاصفة التي خرج بها
_ السلام عليكم
ردوا جميعًا السلام ثم جلس معهم فقالت ليلى
_ طيب اسيبكم انا بقى
ظل أمجد ينظر إليها وهي تذهب حتى نبهه جاسر
_ خليك معانا هنا.. هنعمل ايه؟
التفت اليه أمجد قائلاً
_ متخافش ياسيدي كل حاجة ماشية زي ما اتفقنا بكرة الصبح هيكون المأذون معانا وإن شاء الله يخلصوا ويطلعوا على الطيارة، بس كل واحد فيهم من طريق
سأله مصطفى بقلق
_ وفيه ايه لما تروح معايا؟
نظر إلى جاسر وقال بيأس
_ تهوره ده هيوديه في داهية، يا ابني انت أكيد هتكون متراقب من وقت ماتخرج من البيت لحد ما تركب الطيارة ولما يشوفوها معاك مش بعيد يقتلوك ويقتلوها.
أيده جاسر
_ مش ولحدهم كل اللي ساعدهم هيروح معاهم، يعني نهدي كده ونتصرف بحكمة
تحدث أمجد بجدية
_ مصطفى الموضوع مش سهل زي مـ أنت فاكر فلازم كل خطوة تكون محسوبة ومن غير تهور اتفقنا؟
أومأ له على مضض
_ اتفقنا، بس
قاطعه جاسر بحدة
_ مفيش بس اللي قولنا عليه يتنفذ بالحرف، مش عايز أقولك إن لو جدك وعمك عرفوا حاجة زي دي هما بنفسهم اللي هيقفوا قصادك ويرجعوا البنت لأهلها، وانا أول واحد كنت هعمل كده بس لقيت إن خلاص المصيبة حصلت واللي كان كان.
أيد أمجد رأيه
_ فعلاً جاسر عنده حق ولولا إنى بثق في تصرفاته مكنتش وافقت
رد مصطفى باستنكار لقسوتهم عليه
_ بس الكلام ده لو هي عايشة مبسوطة مع أهلها وانا جيت خطفتها منهم، دا الجحيم أرحم من اللي هي فيه
وافقه أمجد بتعاطف
_ عارفين وده السبب الوحيد اللي مخلينا واقفين جنبكم واحنا مش بنطلب منك تسيبها إحنا بس عايزينك تكون هادي ومتتصرفش بتهور
اومأ لهم
_ تمام اللي تشوفوه
اخرج جاسر التذاكر من جيبه وقال بثبات
_ وانا جيبت التذاكر وإن شاء الله الموضوع يعدي على خير
❈-❈-❈
أصبح مصطفى على أتم الاستعداد للسفر
وغدًا في الصباح سيذهب مع جاسر وأمجد إلى القاهرة كي يتم عقد قرانه على حلم ويأخذها ذاهبين إلى الخارج.
ترجل مصطفى ورغم فرحته الكبيرة بحلم إلا إنه كان يتمنى أن يشاركهم فرحته
دلف الغرفة ليجدهم جالسين بوجوم لحزنهم على فراقه
تقدم منهم ليصافح جده ويقبل يده وهو يقول بأسف
_ عارف إن فراقي صعب عليك بس أوعدك إني هكلمك كل يوم واطمن عليك
ربت عمران على كتفه ورد بحب
_ تروح بألف سلامة ياولدي ويكفيك شر الطريق
أومأ له بابتسامة ثم تقدم من جليلة التي سبقتها دموعها وقالت بحزن
_ خلاص هتفارقنا
ابتسم بحب ودنى منها يقبل رأسها وقال بثبات
_ مين قال كده إن شاء الله هكلمك كل يوم وفيديو كمان كأني معاكم
ثم دنى من عمه الذي كان ومازال بمثابة أب له وقال بصدق
_ بصراحة اتعودت عليك فى حياتي مش عارف إزاى هقعد المدة دي كلها من غيرك
ابتسم جمال بود ليربت على كتفه بقوة
_ وانت كمان بعتبرك واحد من ولادي زيك زيهم بالظبط بس ياريت اول ماتخلص علامك ترجع على طول.
ابتسم بحب وقال بتأكيد
_ من غير ما تقول آخر يوم في الامتحانات هرجع على طول.
_ إن شاء الله، انا حولتلك مبلغ بسيط على حسابك تمشي به نفسك لحد ما تستقر هناك
تذكر مصطفى امر الرسالة التي وصلته أمس وقد ظن انها من والده فلم ينتبه لاسم المرسل فقال
_ بس المبلغ كبير أوي و….
قاطعه جمال
_ مش كبير ولا حاجة انا لسه قايلك انت زيك زي جاسر وطبيعي اني اعمل كده معاه
لم يجد كلمات يصف بها مدي امتنانه له فقال بحب
_ متشكر اوي ياعمي
نظر إلى وسيلة التي وجد معها حنان لا يوصف
_ هتوحشيني أوي
_ وانت كمان اتعودت عليك معانا
اكد لها
_ هكون معاكم برده، بس خلي بالك من سارة
اكدت له
_ سارة جوة قلبي بس ربنا يهديها وترجع
نظر إلى جاسر وتابع بمغزي
_ هترجع إن شاء الله
اهتزت نظرات جاسر وقال بحدة
_ خلصت محن ولا لسه
اوما له
_ اه خلصت هكمل الباقي في المطار مع حازم ومعتز
_ وبالمرة تعدي على ليلى في المستشفى
ضحكوا جميعًا
_ لأ كفاية المحن اللي هي فيه دلوقت يلا ياسيدي
خرجوا من المنزل ومروا على المشفى وكان أمجد بانتظارهم هناك
❈-❈-❈
في المشفى
جلس أمجد معها في كافتريا المشفى وهو ينظر إليها بغيظ
_ عاجبك كده والكل عمال يبصلنا زي اللي اول مرة يشوفوا اتنين مخطوبين؟
ردت هى بغيظ من فعلته
_ طبيعي لإن مجيك أصلًا هنا مينفعش
_ بت اتعدلي لاعدلك أنتي بقيتي خطيبتي خلاص وأشوفك في المكان اللي يعجبني
نظر إلى تلك العيون التي تراقبهما وقال
_ ولا فيه سبب تاني؟
اتسعت عينيها ذهولًا من حديثه وقالت بحدة
_ ايه سبب تاني ده؟
عاد ينظر إليه بحنق
_ اللي قاعد مشلش عينيه من علينا ده
لم تستطيع النظر إلى حيث يشير وقالت بعتاب
_ يعني انت جاي عشان كده بس؟
ابتسم لها بحب عندما رآى عبوسها وقال بمرح
_ للسببين وحياتك السبب الاول إنك هتوحشيني والتاني عشان أخليه يفقد الأمل من جواه
لم يعجبها تصرفه وقالت بجدية
_ بس ياأمجد كده مينفعش احترم مشاعر الناس لإنها حاجة مش بأديهم
إحنا مش هندخل جواهم ونعاتبهم على احاسيسهم
عقد حاجبيه بغيرة واضحة وسألها بحدة
_ ومالك متعاطفه معاه ليه؟
_ لإني جربت الاحساس ده وعارفه اد أيه هو مؤلم بلاش نخلي غيرنا يعيشه، هو خلاص قطع أي أمل من قبل حتى مانتخطب فمكنش ليه لزوم اللي انت عملته ده
تطلع إليها قليلًا ثم سألها
_ انتي شايفة كده؟
لاحظت الضيق الذي يتحدث به وقالت بهدوء
_ انا مش شايفة حاجة كل اللي بقوله إننا نحترم مشاعر الغير مش أكتر
رن هاتفه ليجد المتصل جاسر فنهض قائلًا بحزم
_ أنا ماشي دلوقت بس أى حد هيفكر بخياله أنه يخدك منى هيكون حسابه عسير معايا
تركها وغادر من المشفى ليجد جاسر ينتظره بالسيارة أمام المشفى
صعد بجوارهم
_ السلام عليكم
ردوا جميعًا السلام
فسأله جاسر بشك
_ والبرد ده مجاش إلا النهاردة ولا ايه؟ انت امبارح كنت كويس
اومأ له متظاهرًا بالتعب
_ اه بالظبط قومت من النوم لقتني بعاني من البرد
هز راسه بشك وسأله
_ البرد راح خلاص؟
أومأ له بتأكيد
_ اه الحمد لله
_ ربنا يشفيك.
نظر إلى مصطفى وسأله
_ كلمت أبوك
اومأ له بعدم اهتمام
_ اه كلمته ووافق، تحسه أصلًا هو مش عارف بيوافق على أيه.
ربت جاسر على ساقه
_ المهم إنك تكون مع اللي بتحبها اى حاجة تاني مش مهم
ابتسم له بود وقال بجدية
_ خلي بالك من سارة، انا مقدرش أءمن حد عليها غيرك، سارة اه مندفعه وتفكرها يمكن يكون غير منطقي بس اللي انا واثق فيه أنها بتحبك
التزم جاسر الصمت وعينيه تنظر للطريق أمامه بشرود
” بارك لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير”
تلك الجملة التي نهى بها المأذون قرنهما تحت فرحه وسعادة من الجميع
كان جاسر ينظر إلى سارة بملامح مبهمة مما جعلها تشعر بالقلق منه
هى تعلم جيدًا تلك النظرات يخفى خلفها توعد عسير
تهربت من عينيه ونهضت لتبارك لأخيها ومازال داخلها يرتعد خوفًا من تلك النظرات التي لا ترأف بها
نهض أمجد ليهنئ الجميع
_ الف مبروك ياجماعة بس خلاص لازم نمشي دلوقت عشان ميعاد الطيارة
نهض جاسر أيضًا وهو يؤيده
_ فعلًا مفيش وقت، انا هاخد سارة وحلم واخرج من الباب الوراني للعمارة واسبقكم على هناك وانتوا حصلوني
ارتعد داخل سارة خوفًا وقد تأكدت بأنه ينوي فعل شئ لكنها استسلمت له وخرجت معه هى وحلم وذهبوا دون نقاش
في المطار
ظل مصطفى يبحث عنها لكنه لم يجدها، اتصل على جاسر وليلى لكن لا احد منهم يجيب
النداء الاخير وهى ليس لها وجود هم بالخروج من المطار لولا تلك الرسالة التي جعلته يتصلب في وقفته…..
ومقبل على الصعيد
رانيا الخولي
الفصل الأخير
❈-❈-❈
أنخفق قلبه خوفًا عليها وهو يبحث في كل مكان لكن لا يجد لها أثر
تلاعب الشك بداخله وحاول الاتصال مرارًا وتكرارًا وهم بالعودة والبحث عنها لولا وصل تلك الرسالة التي قرأها بخوف
” المطار متلغم برجالة سالم، اركب الطيارة وإياك تبين حاجة ”
لم تطمئنه تلك الرسالة بل زاد خوفه وهو يتجه إلى الطائرة بقلب منقبض
صعد إليها وهو يلتفت حوله يبحث عنها بقلبه قبل عينيه
يخشى من عثورهم عليها ويكون بذلك بعثها للموت بيديه
دلف الطائرة وجلس على مقعده ينظر إلى مكانها الفارغ
أُغلق باب الطائرة وأغلق معه أى أمل في مجيئها
لا لن يحدث ويذهب دونها هم بالنهوض لكنه سمع صوتها الحاني يقول
_ مكاني لوسمحت.
رفع عينيه إليها ليراها أمامه بعينيها التي أسرته وتحدث بولع
_ مكانك مـ انتي استوليتي عليه خلاص قلبي واسمي وعمري عايزة ايه تاني
جلست على المقعد المجاور وقالت بابتسامة أرهقت قلبه
_ عايزة كل حاجة تخصك تخصني أنا كمان.
تناول يدها يقبلها بعشق جارف
_ وانا كلي ملكك أعملي اللي انتي عايزاه
اتسعت ابتسامتها وهي تتشبث به أكتر
_ انا مش مصدقة نفسي حاسة إني جوة حلم
طمئنها بحب
_ لا ياستي مش بتحلمي ولا حاجة بقيتي مراتي وحبيبتي وعمري كله.
انطلقت الطائرة بعد أن بعث برسالة لجاسر يطمئنه فيها مما جعل جاسر يبتسم بانتصار ثم نظر إليها وكأنه يتوعد لها مما جعلها ترتبك ثم تهم بالهروب من جواره لكنه علم ما تنتوي فعله فقام بجذبها من ذراعها وأغلق باب السيارة وهو يقول بتوعد
_ بتهربي على فين؟ انتي فكرك اللي حصل ده هيعدي بالساهل
جذبت ذراعها من يده وقالت بحدة تتسلح بها كي تنحي ضعفها
_ وانت مالك؟ يخصك في ايه؟
نظر إليها بقوة وغمغم من بين أسنانه
_ احفظي لسانك ومتزوديش حسابك معايا، هيبقى لينا كلام كتير بس لما نوصل البلد.
اتسعت عينيها بصدمة من حديثه وقالت بحدة
_ ومين قالك اني هرجع معاك؟
انطلق جاسر بسيارته وهو يجيب باتهام
_ مش بمزاجك هترجعي غصب عنك مينفعش أسيبك هنا وتدوري على حل شعرك من غير رقيب
صاحت به غيظًا من اتهامه لها
_ انا مسمحلكش تتكلم عني كدة
ضغط على مكابح السيارة حتى جعلها تصرخ بصدمة ثم التفت إليها وعينيه تقدح شررًا وقال بحنق
_ لا هتسمحي واللي هقول عليه بعد كده تنفذيه، فاهمة ولا لأ
قال كلمته الأخيرة بحدة جعلها تنتفض بخوف
لكن عنادها آبي الرضوخ له وقالت بعناد
_ لا مش فاهمه انت خلاص مبقاش ليك حكم عليا، ولا انت ناسي إنك طلقتني
كانت تتحدث وكأنها تعاتبه على ما فعل مما جعله يندهش من ذلك
اليست هي من طلبت ذلك وأصرت عليه، لما ذلك التذمر إذًا
ظل يتطلع إليها للحظات وقد آلمه اشتياقه لها فقال بهدوء
_ لأ مش ناسي، بس أنا خلاص رجعتك.
انقبض قلبها خوفًا وعقلها لا يستوب ما سمعه، فسألته بريبة
_ يعني ايه رجعتني؟
ضغط مقود السيارة وانطلق بها وهو يجيب بثبات
_ زي الناس
رغم سعادتها بذلك الخبر إلا إنها لن تستطيع العودة الآن، لم يأن الآوان بعد عليها الإصرار على البقاء ورفض العودة معه.
فقالت بأمر
_ نزلني
لم يهتم بما تقول وظلت عينيه مصوبةً على الطريق وهي لا تريد الاستسلام فصرخت به
_ مش هرجع معاك مهما عملت
لم يبالي بما تقول مما جعلها تزداد عنادًا وقالت بتهديد
_ إن موقفتش العربية انا اللي هوقفها
نظر لها من جانب عينيه يتطلع على غضبها الطفولي ثم عاد ينظر إلى الطريق أمامه
أنعطف بسيارته ليأخذ طريقه للصعيد مما جعلها تنظر إلى زر الفتح بجواره فاندفعت مسرعة تضغط عليه دون ان يستطيع منعها منشغلًا بالمقود الذي اهتز من فعلتها وقال بغضب
_ بتعملي ايه؟
فتحت باب السيارة وقالت بتهديد
_ وقف العربية
اندهش جاسر من إصرارها على عدم العودة وتذكر موقف مشابه لهما لكن كانت تتوسله كي لا يعيدها إلى القاهرة
وهي الان تعيدها لكن تلك المرة تريد العودة إليها
توقف بالسيارة على جانب الطريق ثم نظر إليها ليقول بهدوء
_ اتفضلي إنزلي
بدون تردد ترجلت من السيارة ونزلت منها تحت نظراته القاتله واخذ ينظر إليها بغضب وهي تشير إلى إحدى سيارات الاجرة التي توقفت أمامها وقبل أن تقترب منه
اندفع هو وتقدم منها يجذبها بعنف من ذراعها ويقول بحنق
_ انتي فاكرة نفسك بتعملي ايه؟
حاولت الإفلات منه وهي تقول بقوة
_ أوعى سيبني انا مش هرجع معاك
صاح بها بهدر
_ هترجعي غصب عنك
ترجل السائق من سيارته عندما رآي تهجمه عليها وتحدث بتهديد
_ انت هتسيبها ولا اتصرف معاك
نظر إليه جاسر بغضب وقال بهدر
_ خليك في حالك وشوف رايح فين
بغضبه وصوته الهادر جعل الرجل المتظاهر بالقوة يرتد سريعًا عندما لاحظ أيضًا لهجته الصعيدية
وصعد سيارته وانطلق بها
نظرت إليه بغضب شديد وقالت بحدة
_ انت عايز مني ايه تاني؟ مش كفاية اللي عملته فيه؟
نيران تشتعل بداخله لكن عليه ان يهدئها قليلًا حتى تعود معه فقال بخشونة
_ هترجعي معايا من سكات ولا أجبرك؟
اجابت بعناد وهي تزم فمها بغيظ
_ مش هرجع وأعلى ما فـ خيلك اركبه
ضاق به ذرعًا من عنادها وهم بالتقدم منها لكنها أسرعت بالهرب من أمامه
اندهش للحظات من فعلتها لكنه انتبه لنفسه فأسرع إليها حتى دنى منها يوقفها لكنها صرخت بغضب وهي تحاول الافلات منه
_ سيبني بقولك مش هرجع معاك
عاد يجذبها إلى السيارة وهي تعافر معه وتضربه بقبضتها الضعيفة لكنه لم يتأثر
فتح السيارة وألقاها داخلها بغضب مما جعل الغيظ يشتعل أكثر بداخلها.
أخذ مقعده متوليًا القيادة وانطلق بها في وجوم تام حتى وصل بها إلى البلدة
ظلت على وجومها ولم تتحرك من مكانها، فقال لها بأمر
_ إنزلي
لم تجيبه وظلت على ثباتها مما جعله يترجل من السيارة متلفًا لجهتها وفتح الباب وجذبها منها رغم تمنعها وهي تقول برفض
_ قلتلك مش هنزل
رد بحدة
_ وانا قلتلك مش بمزاجك
أخرجها عنوة من السيارة وجذبها إلى داخل المنزل لينصدم الجميع مما يروه
نهض جمال ووسيلة كي يعرفوا ما يحدث لكن جاسر تحدث بحزم
_ محدش يتدخل بينا
لم يجادله جمال لعلمه بحالة ابنه فقال بهدوء
_ طيب براحها عليها
ذهلت سارة من حديث عمها وقالت برجاء
_ انت هتسيبني ليه؟
حاول جمال اخفاء ابتسامته وهو يقول
_ متخافيش ميقدرش يعملك حاجة وانا موجود
نظرت لجدها تستنجد بها وقبل أن تتفوه بحرف
جذبها إلى الأعلى ودلف بها غرفتهم مغلقًا الباب خلفه بحدة
تقدم منها بخطوات لترتد هي للخلف وقد ازدردت لعابها بخوف وقالت بتخذير واهن
_ لو قربت مني هصرخ وافضحك
انصدمت عندما سمعته يقول بلهجة حازمة
_ ممكن أعرف انتي بتعملي كده ليه؟
اهتزت نظراتها وشعرت بعينيه الحادة تخترق داخلها فقالت بصوت مرتبك
_ بعمل ايه أنا كل الحكاية إني مش عايزة أعيش معاك بعد اللي عملته
رفع حاجبيه متسائلًا
_ أنا عملت أيه؟
رمشت بعينيها مرات متتالية تحاول الثبات أمامه وقالت بحدة
_ تقصد معملتش ايه، لو كنت فاكر إن بالطريقة دي هتجبرني أعيش معاك تبقى غلطان، انا هروح لجدي وأخليه يحميني منك.
لمحة واحدة إلى عينيها أظهرت له مدى التشتت والضياع التي تشعر به
تقدم منها خطوة وقد لانت ملامحه وهو يسألها بلهجة بثت الاطمئنان بداخلها
_ مخبيه عني أيه؟
ارتبكت نظراتها واشاحت بوجهها بعيدًا عنه وقالت باحتدام
_ مفيش حاجة عشان اخبيها
رفع يده إلى وجهها كي يجعلها تنظر إليه وقد ظهر على وجهها عذاب لم يراه عليها من قبل مما جعله يشعر بالقلق عليها وقال بلوعة
_ قولي وأوعدك إن مهما حكيتي مفيش حاجة هتتغير
تشتت نظراتها والحزن المرتسم بداخلهما جعله يوقن بأن هناك سبب قوى دفعها لفعل ذلك كما أخبره مصطفى
_ سارة أنا بحبك وعايز أبدأ حياتي معاكي مش هقدر أتحمل تبعدي عني أكتر من كده
تساقطت دمعه حاره على وجنتها آلمت قلبه فقام بمسحها بإبهامه وتطلع إليها بكل الحب الذي يحمله لها وهو يقول بصوت هادئ بث الآمان بداخلها
_ طول ماانا جانبك متخافيش من حاجة، قولي وريحي قلبي
هزت رأسها والدموع تنهمر من عينيها وقالت بأسف
_ لو كان ينفع كنت قلت من الأول.
أومأ لها بتفاهم فيكفي بأنه علم بوجود سبب لما قالته فتحدث بعشق
_ مش هضغط عليكي وهسيبك لحد ما تيجي تحكي بنفسك
اومأت له بألم وهو ابتسم لها بحب ومسح دموعها بابهامه وتحدث بشوق
_ خليكي واثقة إني عمري مـ هتغير مهما كان السبب اللي مخبياه، ودموعك دي مش عايز أشوفها تاني لإنها بتقتلـ.ـلني
ابتسمت عينيها ودق قلبها بعنف يجبرها على الرضوخ لعشقه الأخذ لكنها تخشى عليه من قسوة والدها فهمت بالاعتراض لكنه وضع يده على شفتيها يمنعها من الاعتراض وقال بوله
_ مش عايز اي اعتراض، كفاية بعد لحد كده، ولو على العقاب انا بعترف إني اتعاقبت بما فيه الكفاية
ارجوكي حني عليا وكفاية بقى
أومأت له بابتسامة وبنظرات عشق يراها لأول مرة في عينيها مما جعلت الدماء تهدر بقوة في عروقه واقترب منها أكثر ليرفع وجهها إليه ليملي عينيه من قسمات وجهها الهدئ وقال بوله
_ بحبك.
اتسعت ابتسامتها بخجل واخفضت وجهها ليرفعه لمرمى عينيه ويقول بلوعة
_ بلاش تبعديهم عني خليهم ديمًا أدامي
هزت راسها بإيماءه خافته وقد تاهت نظراته في ملامحها حتى استقرت على ثغرها المهلك لقلبه وقد اشتاق لملمسهم الرخو وتذوق شهدهما
ملس عليه بإبهامه وهو يتطلع إليهم برغبة وقال بتحشرج
_ وحشتيني آوي
مال عليها ليأخذهم في قبلة فقد فيها تحكمه في مشاعره وكأنه يغوص في بحور العشق وكلما يستمتع بحلاوته كلما يغوص به اكثر وأكثر
لم تقاوم ولم ترفض بل كانت أكثر من مرحبة بتلك المشاعر التي اختبرتها على يده هو
وأخذ يقبلها بلهفة وشوق جعلها تستسلم ليديه التي حاوطتها بعشق متملك ولم يترك لها فرصة للتراجع
❈-❈-❈
في غرفة جمال
دلفت وسيلة خلفه وهي تقول بقلق
_ انا خايفة ابنك يعمل حاجة تزعلها تاني
جلس جمال على المقعد وقال بثقة
_ متخافيش جاسر اتعلم الأدب على اديها ومش هيقدر يعمل حاجة تضايقها تاني
لم تقتنع بحديثه وجلست على المقعد بجواره وهي تقول بريبة
_ انت مش شايف شكله كان عامل إزاي
هز رأسه بغيظ
_ اه شفت انا الفترة دي شفت كتير من ابنك تاني مرة يتحداني بعد مـ كان مبيقدرش يرفع عينيه فيا
تمتمت وسيلة بتعاطف
_ غصب عنه برده الفترة اللي فاتت دي كانت قاسية عليه أوي
ربنا يهديهم ويصلح حالهم
❈-❈-❈
في غرفة جاسر
كانت تتوسد صدره تستمع لدقات قلبه الرتيبة بسعادة بالغة
فهذا مسكنها ولن تبعد عنه مهما حدث، لن تضحي بسعادة معه لأجل أحد، ومن اخطأ فعليه تحمل نتيجته
رفعت رأسها لتنظر إليه وتحدثت بهمس
_ جاسر انت نمت
اجابها وهو مازال مغمض العينين
_ تؤ بس سيبك تسمعي دقات قلبي اللي بتقولك أحلى كلام
ابتسمت بخجل من كلماته المعسولة والتي لم يكف عنها منذ رجوعهم فسألته بلوع
_ بس انا مفهمتش حاجة شكلي كدة مليش في لغة القلوب
فتح عينيه لينظر إليها ثم اعتدل ليستلقي على جانبه كي ينظر إلى ملامحها التي يعشقها وتحدث بوله
_ بيقول إنه بيحبك وإنك أجمل حاجة حصلت في حياته، بيعترفلك بأنك الروح اللي رجعت ليه الحياة بعد ما كان زاهدها ومش منتظر منها حاجة
انتي النفس اللي بيخليني عايش ومن غيرة أموت
وضعت يدها عل فمه تمنعه من قسوة تلك الكلمة
وقالت بخوف
_ أوعى تقول الكلمة دي تاني لأنها قاسية اوي
تحولت نظراته لعتاب وهو يسألها
_ ولما هي قاسية كده ليه سيبتيني أوموت من غيرك لاح الحزن في عينيها وأخفضتها بألم وهي تتذكر قسوة الماضي
_ للاسف ياجاسر إحنا اتعرفنا على بعض في اوقات صعبة أوي
وكل حاجة حوالينا كانت واقفه ضدنا
كرهك لبابا بماضيه؛ والمشكلة اللي كنت فيها وخاصةً لما اتهمتني بإني جاية ادري مصيبتي عندكم
حاول جاسر ان يمنعها لكنها أصرت
_ ارجوك سيبني أخرج اللي جوايا
أنا أولًا مكنش ليا أصحاب، ساندي الوحيدة اللي فرضت نفسها عليا وللأسف بقينا اصدقاء
أخوها لما بيرجع من السفر كان بيعدي عليها في الجامعة ياخدها
لما شافني معاها طلب يتقدملي بس كنت برفض
آخر ما زهق عمل اللي عمله ده وأوهمني انه لمسني
نهشت الغيرة بداخله عندما تذلك هذا الأمر لكنه ظل صامتًا يستمع بصبر وروية
_ في الوقت ده مكنش ادامي حل غير إني أموت نفسي لإني مكنتش هتحمل وجوده في حياتي وخاصةً بعد اللي حصل
كنت خلاص هرمي نفسي في النيل بس حاجة جوايا فكرتني بيكم وبتشدني ليكي بشكل عجيب
كنت جاية اتحامى فيكم لإني لو فضلت وبابا عرف كان هيجبرني اتجوزه
محستش بنفسي غير وانا بركب القطر وسافرت ليكم
مكنتش عارفه هتقبلوني إزاي بس لما فتحتلي انت الباب قلبي انقبض بخوف
وبعدها شفت مقابلتكم ليا وحبكم اللي مشكتش فيه لحظة واحدة
وقتها ندمت إني معملتش كدة من زمان وجيت غصب عنهم وبدأت أحملهم الذنب لدرجة إني مكنتش عايزة اشوفهم تاني
وجيت انت عرفت كل حاجة
منكرش إني في البداية كنت مش بطيقك بس لما طلبت تتجوزني وتكتم الموضوع عليت أوي في نظري
وكنت بعذرك لما تكلمني بحدة أو تقسى عليا لإنك مكنش ليك ذنب تتحمل نتيجة غيرك
بس اكتر حاجة كانت بتجرحني لما كنت بتقرب مني وبعدها تبعدني عنك بمنتها القسوة
قاطعها جاسر بإصار ولم يعد يستطيع تحمل الحزن والانكسار الذي غلف صوتها
_ كفاية لحد كده لإن الباقي انا عارفه كويس
سارة اللي فات خلاص راح وانتهى وكل اللي عايزك تعرفيه إني كنت ببعدك عني لإني مش مستعد إني أقرب منك واللي ظلمك عايش حياته عادي، كان لازم انتقملك منه الأول وبعدها كنت هرجعلك واعترفلك بحبي زي ما حصل في القاهرة
خلينا ننسى اللي فات ونبدأ حياتنا من غير أوجاع
أومأت له لكنها تذكرت امر والدها فقالت بتشتت
_ بس في حاجة عايزة أطلبها منك
قطب جبينه متسائلًا فتابعت برجاء
_ أرجوك بلاش بابا يعرف إننا رجعنا لبعض؟
تأكد ظنه وعلم بأنه السبب الرئيسي خلف عنادها فقال بتعجب
_ هو أصلًا محسش بغيابك عشان يسأل، انا بقيت مستغرب في كتب الكتاب النهاردة كأنه واحد غريب جاي يقوم بدور الوكيل ويمشي على طول، يمكن أمك اللي كانت مهتمية اكثر وباين عليها القلق
إنما هو تحس أنه في عالم تاني.
اخفضت عينيها بحزن مما جعله ينهر نفسه على اندفاعه بالحديث فرفع وجهها بأنامله وقال بحب
_ من النهاردة انا هكون جوزك وابوكي وأخوكي وأمك لو حبيتي كمان
ضحكت سارة مما جعله يسرح بها وقال بولع
_ مش عارف انت عملتي فيا أيه؟ من اول مرة شفتك فيها وانا مبقتش ملك نفسي.
تحولت نبرته بتوعد
_ بس وديني لطلعه على عينيك
حاولت الأفلات منه لكنه جذبها إليه ليدخلها في عالمه الخاص
❈-❈-❈
في غرفة ليلى
محاولات للاتصال بها لا تكل وهي ترد برسالة مقتضبه بأنها مشغولة
لكنه لم يمل وعاود الاتصال مراًر وتكرارًا حتى اشفقت عليه وردت بفتور
_ نعم
اغتاظ من ردها ورد بحدة
_ ايه نعم دي إن شاء الله، ماتدعدلي لعدلك
ردت بعناد
_ والله ده اللي عندي
_ كل ده عشان ايه؟
ردت بعتاب حاد
_ اسأل نفسك
_ سألتها ومعرفتش قولي بقى ايه اللي زعلك؟
ردت بغيظ
_ عشان كنت فاكرة ان حضرتك جاي المستشفى عشان وحشتك وعايز تشفني قبل ما تسافر لقيت جاي تستهزئ بمشاعر غيرك
اشتعلت الغيرة بداخله وقال بانفعال
_ وانتي مالك شاغلة نفسك بيه ليه؟
اغتاظت اكثر من اتهامه وقالت بحدة
_ انا مش شاغلة نفسي بيه او بغيرة بس
تنهد بضيق
_ احنا هنقضى المكالمة في خناق
ردت باستنكار
_ انت اللي بتتخانق مش أنا
اومأ لها بغيظ
_ ماشي ياستي حقك عليا، بس انا برده جيت عشان وحشتيني
ابتسمت بحب وقالت بثبات
_ مش مصدقة
رد بصدق
_ لا صدقي انا فعلًا كنت جاي عشانك بس لما لقيته في الكافتيريا عرفته على طول من نظراته وعشان كده اضايقت.
_ ماشي هصدقك قولي بقى عملتوا ايه النهاردة كان نفسي اعيش معاكم المغامرة دي.
❈-❈-❈
في الصباح
خرجت وسيلة من غرفته وهي تنتوي الذهاب إليهم كي تطمئن عليهم
خرج خلفها جمال وقد اندهش عندما وجدها تقترب من غرفتهم وقال بدهشة
_ انتي رايحة فين؟
استدارت إليه وردت بقلق
_ هشوفهم عموا ايه، انا خايفة تكون انهارت تاني
تقدم منها ويجذبها بعيدًا عن الغرفة
_ مينفعش قولنا محدش يدخل بينهم
لم تقتنع بحديثه وهمت بطرق الباب لكنها توقفت عندما سمعت ضحكت جاسر التي لم تطرق اذنها منذ وقت طويل مما جعلها تبتسم بسعادة غامرة فيقول جاسر بسعادة أيضًا
_ ارتحتي كده، يعني منكده عليا طول الليل بسببهم وهما مقضينها ضحك
نظرت إليه بفرحة
_ الحمد لله انا هروح اعملهم فطار محصلش
تركته ليسير هو خلفها يسألها
_ وانا؟

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ومقبل على الصعيد)

اترك رد

error: Content is protected !!