روايات

رواية الغزال الباكي الفصل الحادي عشر 11 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي الفصل الحادي عشر 11 بقلم إيمان كمال

رواية الغزال الباكي البارت الحادي عشر

رواية الغزال الباكي الجزء الحادي عشر

رواية الغزال الباكي الحلقة الحادية عشر

– بعد الشر عليه، الملافظ سعد، اية ياشيخة دي مش طريقة تعامل.

رمقتها بضيق، ثم غرزت بداخل ساق الطفل سن الحقنه بقوة، فصرخ على اثرها “شادي” شعرت حينما أنها غرزتها داخل قلبها هي وليس ساقه، فصاحت بصوت مرتفع:

– ما براحه شوية، اية العنف ده، ده طفل صغير حرام عليكِ، هو مفيش رحمه؟

مصمصت شفتاها بسخرية واردفت:

– اتفضلي خديه، وسبنالگ انتي الرحمه والحنية، اللي بعده.

اولتها ظهرها “غزال” وهي تزفر أنفاسها بغضب، واثناء سيرها خطوات سمعت الحكيمه تقول لتلگ السيدة التي كانت تطعم صغيرها بعدها تقول لها:

– لو سخن او ورمت اعملي له كمدات مية بنشا، واديله خافض للسخونية.

تذكرت أنها لابد عليها أن تذهب للصيدلية تجلب دواء خافض للسخونية احتياطي، وطوال سيرها والطفل على صرخه واحده، تحاول تهدئته وضمه لكنه لا يصمت، عيناها ادمعت من أجله، لمحت صيدلية دلفت بالداخل وقامت بشراء العلاج، ودفعت الحساب، وتوجهت لمنزلها وصوت صراخ “شادي” انتفض قلب جدته،قامت وفتحت الباب تأخذه في حضنها والفزع يتجلى على صفحة وجهها متسائلة عن سبب هذا البكاء، فأجابتها “غزال” وقصت لها ما حدث مع تلگ الحكيمه هناگ، غضبت وقالت بحده:

– وازاي تسكتي ومدخلتيش تشتكيها لمدير الصحه، عشان يجازيها ويخليها تتعامل بحنيه مع الاطفال الصغيرين.
– ما انا مسكتش، بس هي اللي خُلقها ضيق، المهم سيبك منها، أنا بعد كده مش هتطعمه في الصحه دي، هروح للدكتور بتاعه وبعدين اتصل ابلغهم أني ادتهاله، وبلاها وجع دماغ.
– صح احسن برضو، ادخلي اديله دش كده يمكن يهدى، ورضعيه لعله ينام شوية.
– حاضر يا ماما هعمل كده، خصوصا أني ملاحظة أنه دافي شوية.
– وريني كده.
وضعت يدها على جبهته:
– اه صح اكيد من اثر الحقنه، بعد ما يخلص اديله دوا السخونية هيبقي زي الفل.

اومأت لها ثم ولجت داخل المرحاض، تملئ المغطس الخاص به، ونزعت عنه ملابسه ووضعته في الماء الدافئ، وظلت تحاول ان تضحكه، لكنه ما زال في حالة مزاج متعكره، حزنت من أجله، اكملت حمامه، واخرجته ليرتدي ملابسه، وارضعته بصعوبه، ثم اخذ العلاج ونام في احضانها.

ظلت محتضناه بخوف، متابعه درجة حرارته التي تزداد وتقل مع الوقت، فتح مقلتيه بتعب، وصوت بكاءه يعلو، جاءت على اثره جدته قائلة:

– هو لسه بيعيط، مكنتش حقنه دي اللي تعباه كده؟
– مش عارفه والله يا ماما، اول مره يتعب كده من التطعيم، بس الحمدلله السخونية هديت شوية.
– طب الحمدلله، معلش يا بنتي العيال ياما هتشوفي منهم، مش بيتربوا بالساهل.
– ياااه يا ماما ده حضرتگ شكلگ شوفتي الويل عقبال ما كبرنا.
– هو الويل بس، ده أنا شعر راسي شاب قبل اوانه، اه صحيح انتي مش عندگ النهاردة جلسه عند دكتور أمان؟
– اه وتأخرت كمان، بس شكلي مش هقدر اروح، مستحيل اسيب شادي تعبان وانزل.
– يا بنتي أنا موجوده كأنك موجوده بالظبط، ودي شوية سخونه واهو بقى كويس، عقبال ما ترجعي من الجلسه
هيكون زي الفل، يالا احنا ما صدقنا أن نفسيتگ بقت احسن لما خسيتي.
– قلبي مش موطاوعني يا ماما، مش هقدر اسيبه.
– يا غزال ده كلها ساعتين او ثلاثة بالكثير، ويمكن اقل، بلاش تضيعي وقت، ولو في حاجة كفالله الشر هكلم سند، او اتصل عليكِ.

ظلت صامته لا تعرف بأي قرار تجيب، تريد بالا تهمل في جلساتها، وفي نفس الوقت قلبها لا يطاوعها.

كان “أمان” منتظر مجيئها بفارغ الصبر، يحسب الأيام بالثانيه لرؤيتها، لكن طار انتظاره، وهي لم تجئ، يرمق باب مكتبه حين يطرق يظن انها هي؛ لكنه يتفاجأ بمريضة آخرى، تابع عمله بملل، وعندما تأخر الوقت، ضغط على زر الجرس لتأتي له السكرتيرة قال لها بغضب:

– انتِ اتصلتي بالمريضة غزال، تشوفيها هتيجي ولا لأ؟

تعجبت بشدة الواقفه امامه، فهو للمره الأولى يسأل عن مجئ مريض، فقالت في تعجب:

– لأ لا دكتور؟
– ليه يا آنسه، مش المفروض حضرتك بتتصلي بالمرضى تفكيرهم بمعاد الجلسه؟
– ايوة يافندم، اتصلت إمبارح، لكن المريضة مبلغتش انها مش هتيجي وتلغي المعاد.
– اممم طيب اتفضلي انتِ، وابعتليلي فنجان قهوة لو سمحت.
– حاضر يادكتور، اي أوامر تانية؟
– لا شكرا، شوفي شغلگ.

زفر بضيق من كل شيء، فقد طال انتظاره لها، فالوقت لا تمر عقاربه وتعانده، جاء عامل البوفيه و وضع القهوة امامه، وانصرف دون تعليق، ارتشف منها القليل، وإذا به يسمع طرقات الباب فأذن له بالدخول بملل، وحين انفرج، طاقة الأمل فتحت له على مصرعية، فـ اشرق ضياء وجهه وتبسم، نهض من مجلسه ليصافحها بحب، شاور لها بالجلوس، وقال بنبره بها عتاب ولوم:

– اتأخرتِ ليه كده النهاردة؟

نظرت له بتعجب، فادرگ ماذا قال، فرد بتوضيح:

– اقصد انگ اتأخرتِ على معادگ في الجلسه، ده أنا ظنيت انگ مش هتيجي.

قالت بحزن غيم على ملامحها:

– ومكنتش هاجي خالص بصراحة، وجيت بالعافية.
– ليه؟
– شادي حبيبي اخد التطعيم النهارده، ومن ساعتها وهو سخن وتعبان، اول ما درجة الحرارة نزلت ماما الحت عليا اني اجي ومعتذرش.
– الف سلامة عليه، معلش بكره بالكتير وهيروق.
– يارب يا دكتور أمان، انا لو شادي جراله حاجة ممكن اموت فيها.

بمجرد ان شعر ان من الممكن فقدانها؛ انقبض فؤاده بوغزه تطعنه، فهو ليس لدية أي طاقة ان يفقدها بعد ان وجدها تطل عليه وتشعره بأنه مازال قلبه حيًا وينبض بعد ان ظن انه مات من سنين، رمقها بنظرات خوف ورعب عليها، كانت لم تستطع سببها، موشوة لا تحدد موقفه تجاها، ظلان يتبادلان النظرات في صمت.

كانت “والدة غزال” حامله حفيدها وتسير به ذهابًا وايابًا حتى يهدأ بكاءه، فقد شعرت بإذدياد درجة حرارته من جديد، هاتفت ابنها “سند” ليأتي لها، لكن هاتفه كان خارج نطاق الخدمة، وضعته على الاريكة لتجلب له وعاء مملوء بمياه مثلجه لتضع على جبهته قطعه من القماش القطنيه المبلله بالمياة، انتفض جسده، ربتت عليه بحنان، واستمرت هكذا، لكن الحراره لم تنخفض، بل زاد عليه كل دقيقه جسده ينتفض بفزعه، لامت روحها بأنها جعلت ابنتها تذهب وتتركها معه، وعند هذه اللحظة قامت مهاتفة ابنتها، التي ردت فورا في فزع وخوف قالت:

– الحقيني يا غزال، شادي بيتنفض كل دقيقه ومولع.

كاد قلبها إن يقف من شده الرعب والخوف، ردت بتلعثم:

– انا جاية حالا.

اخذت حقيبتها تحت انظار رعبه عليها ليتسائل بخوف، فجأبته على عجل بما قالتة والدتها، امسگ جاكيت بذلته، وأخذ هاتفه ومفتاح سيارته، واسرع معها لنجدته بعد إلحاح منه، وعندما خرج طلب من مساعدته أن تعتذر بالنيابه عنه عن الحالات المنتظره.
دلفت داخل سيارته ودقات قلبها من الخوف على ابنها كالطبول يصل صداها له، دموعها لم تتوقف لحظة، عيناه ترمقها يذاد حزنًا لها، ويدعو الله في سره ان يطمئنها عليه، وصفت له عنوان منزلها، وبعد وقت ليس بكثير وصلت، ركضت مهروله نحو المصعد، ركض خلفها، وصعد معها، وحين وصل المصعد للدور الذي تسكن فيه، صوت بكاءه وصل لها، فتحت الباب بيد مرتعشه، دخل “أمان” باحراج شديد، وحين رأته التقطته بلهفه وقالت:

– مالگ يا ضي عيوني، ان شالله أنا وانت لأ، الف سلامة عليگ يا حبيبي.

تحدث “أمان” بعمليه شديدة حين أقترب ولمس جبهته فقال بخوف:

– غزال مفيش وقت لازم نروح بيه على مستشفى الحميات بسرعة، السخونه بالشكل ده غلط عليه.

نظرت له برعب غير مصدقه احتمالية فقده، فقالت لوالدتها:

– اتصلي يا ماما بسند وبلغيه بسرعة، هروح مع دكتور أمان الحميات وهو خليه يحصلنا.
ثواني هغيرله حفاضته واجي.
– مش مهم يا غزال يالا بسرعة.

قالها “امان” بخوف حقيقي واضح على معالمه، بينما قالت امها معترضة :

– خليني اروح معاكِ عشان اطمن.
– مش هينفع يا ماما، خليكي عشان لو جه سند تجي معاه، حاولي اتصلي بسمية.

لم تنتظر ردها واسرعت معه وتوجهوا نحو المشفى، وعندما وصلوا توجهوا للطوارئ ولحظات ثم الكشف عليه، وامرهم الطبيب بانخفاض الحراره ضروري، نظرت له “غزال” بأعين عاجزه، فاشارت لها الممرضة بالتوجه نحو المرحاض ووضعه تحت المياه حتى تنزل حرارته ويعرفون التعامل معه، طمأنها “أمان” وتوجهوا لما اشارت له، ونزعت ملابسه ووضعته داخل الحوض وفتحت صنبور المياة على جسده تشنج جسده الصغير، وصرخ في بكاء مرير، كانت تبكي من أجله، وعندما انخفض بدرجة بسيطه ارتدى ملابسه وتوجهه للطبيب الذي أعطى له حقنه مركبه لخفض حرارته، وحين ابلغته عن سبب التشنجات التي اصابته، اجابها بأنها نتيجة صدمة المياة على جسده، انتظرت بالخارج محتضناه برعب، ربت على كتفها “أمان” قائلا:

– ان شاء الله هيكون كويس، تحبي نستنى شوية ولا اروحگ؟
– لأ معلش خلينا نطمن بس عليه، عشان لو منزلتش ندخله تاني، بس ليه احنا جينا هنا ومروحناش اي مستشفى خاص؟
– عشان مستشفى الحميات متخصصه في حالات دي، افضل من اي مستشفى تانية، طمنيني ازيه دلوقتي؟

نظرت لابنها المغمض العينان، تائهًا، وعادت التشنجات له من جديد بكثرة، فنظرت له بأعين دامعه قائلة:

– الحقني شادي بيروح مني.

حمله منها وهرول نحو الطبيب، فحالته لا تبشر بالخير، اخذه الطبيب وتوجه لاسعافة، وأمر الجميع بالخروج، لم تستطع “غزال” أن تتحرگ خطوة، جذبها “أمان” وخرج بها، وما أن اختفت وحاول الطبيب انقاذ الصغير لكن اراده الله نفذت حاول عمل انعاش لقلبه، لكن فشل تأثر لحالته، خرج مطأطأ الرأس، وعندما رمقته “غزال” جرت عليه مسائلة:

– طمني على ابني ارجوگ؟

همس لها بصوت منخفض قائل:

– البقاء لله يافندم.

ياترى غزال هتقدر تتحمل الصدمه الجديدة دي؟
ولا الانتكاسه اللي حصلتلها هتكون اشد من قوتها وعزيمتها؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الغزال الباكي)

اترك رد

error: Content is protected !!