Uncategorized

رواية أغلال لعنته الفصل الثالث 3 بقلم إسراء علي

 رواية أغلال لعنته الفصل الثالث 3 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثالث 3 بقلم إسراء علي

رواية أغلال لعنته الفصل الثالث 3 بقلم إسراء علي

لا تفكر أنك تستطيع أن توجه الحب في مساره فالحب إن وجدك جديراً به هو الذي يوجه مسارك… 
نظرت بـ هلع إلى يدهِ التي تتلاعب بـ الهاتف ثم رفعت عيناها إليه و هتفت بـ توتر
-آآ أنـ آآآ أنت بتعمل إيه؟… 
رفع عيناه عن هاتفه إليها ثم أجاب بـ تهكم 
-أنتِ شيفاني بعمل إيه؟… 
صرخت فجأة بـ حدة أذهلته 
-متتصلش، متتصلش بـ البوليس… 
وضع الهاتف بـ جيب بنطاله ثم كمم فاها وإقترب بـ خطورة منها وهمس
-أنتِ واخدة بالك موقفك صعب أد إيه! واعية لخطورة موفقك اللي بيسمحلك تصرخِ فـ وشي كدا؟ و بعدين متصلش ليه!… 
حركت رأسها بـ كِلا الجانبين تنفض يده ثم أردفت بـ توتر عاد يتملكها من جديد
-أنا مش حرامية، على الأقل مسرقتش بغرض دنئ
-إصطنع الذهول وقال:بجد! و أنا مالي و مال نيتك و لا غرضك، أنتِ دخلتِ من غير إستئذان و سرقتِ فلوس متخصكيش، يبقى دي اسمها سرقة
-هدرت بـ غضب:بطّل تقول سرقة و مش سرقة… 
وأخذت تتلوى بين يديهِ بـ شراسة حتى كادت أن تقسط فـ جأر بـ صوتٍ جهوري مُتهكم
-كفاية حركة و لا رقبتك هتتكسر
-ملكش دعوة، أنا عاوزة أكسرها عشان أخلص منك
-بس أنا مش عاوز لسه بينا كلام طويل لأ و لذيذ نتكلم فيه… 
تنفست بـ صوتٍ عال وهي تُحدق به بـ عينين تلمعان كـ القطط لينتظرها هو حتى هدأت ثم أردف
-خلاص خلصتِ فترة جنانك؟… 
ظلت تُحدق به بـ شراسة حتى أومأت بعد قليل على مضض ليُبعد وقاص جسده عنها قليلًا وهتف
-أنا هسيبك دلوقتي، بس لو كان عندك ذرة عقل صغيرة مش هتحاولي تهربِ، أظن إنك مش هتعرفِ تخرجِ من ممر الشركة أصلًا… 
تشنجت عضلات فكها بـ صورة واضحة و مُسلية لتعود و تومئ بـ نزق فـ إبتعد عنها و نظر إلى الحقيبة المفتوحة و المبلغ الكبير الموضوع بها ثم تساءل 
-و دلوقتي سؤالي بقى، ليه بتسرقِ فلوس متخصكيش؟! 
-صرخت بـ حنق:قولتلك مسرقتش… 
حدق بها وقاص بـ نظرات مُدققة، طويلة و غامضة لتُبعد عيناها عنه ثم غمغمت بـ صوتٍ ضعيف
-اممممم، تقدر تقول إني سارقة نبيلة، و بسرق لهدف نبيل مش عشان مرض أو حاجة… 
رفع وقاص حاجبه بـ ذهول لم يستطع السيطرة عليه وإتكئ إلى المكتب خلفه ثم عقد ذراعيه القويين أمام صدرهِ ليستاءل هو بـ تسلية واضحة بـ عينيهِ الماكرين 
-تمام، و إيه هو غرضك يا ست السارقة النبيلة!… 
ضيقت عيناها بـ حنق من سُخريته الواضحة عليها ولكنها لم تهتم بل رفعت أنفها بـ شموخ ذاهل لعينيهِ الداكتين بـ لون العقيق وهتفت بـ ثقة مُطلقة
-بابا كان بيشتغل فـ الشركة هنا، و مُكافأة تقاعده مخدهاش، يعني متصرفتش، لأ و بكل بجاحة بيقولوا إننا ملناش أي مُستحقات، معنى إيه الكلام دا غير إنهم شركة نصابة!… 
إرتفع حاجبه بـ ذهول قبل أن يتحدث بـ بُطء 
-ممكن يكون مُدير الشركة ميعرفش اللي حصل… 
حينها صدرت عنها ضحكة حتى أدمعت عيناها ثم هتفت بعدها بـ هجوم عنيف
-تاخد التقيلة! اللي كان بيتكلم هو المُدير نفسه… 
رفع يده وقال وهو يضع الأُخرى على صدرهِ 
-أُقسملك إنه مكنش يعرف
-إنتفخت أوداجها بـ شراسة هاتفة:و أنت إيه اللي مخليك متأكد كدا!!… 
تجاهل سؤالها وبادلها بـ آخر وهو يرمق المبلغ الطائل أمامه 
-مُستحقات والدك عبارة عن خمسة و عشرين ألف جنيه، طب و المية و خمسين ألف التانين دول لإيه!… 
تلك الإبتسامة والثقة التي تتحدث بها بل وهي ترفع أصابعها الصغيرة تُعدد أمامه جعلته في حالة عدم إستقرار لتلك المخلوقة الصغيرة التي تُحدثه بل وإنبهار غبي لشخصٍ تخطى مرحلة المُراهقة مُنذ زمن بل وغزا الشيب فوديه 
-جارتي بنتها تعبانة و محتاجة فلوس عشان تعالجها و تعمل لها عملية،وجار برضو ليا عليه ديون و لازم يسددها وإلا هيتحبس، و عنده بنات صُغيرة بس مفيش حد ياخد باله منهم، وأخيرًا عندي جارتي صاحبتي أمها غارمة محتاجة بس كام ألف جنيه عشان تخرج… 
إنتهت لترفع كتفيها بـ بساطة ثم أردفت بـ أعين بريئة كـ جروٍ صغير لا حيلة له
-شوفت بقى! أما بس خليت صاحب الشركة يكسب ثواب من غير أما يعرف
-هز رأسه موافقًا وأردف:فعلًا أنتِ سارقة لهدف نبيل…
إعتدلت كِنانة بـ وقفتها ثم قالت بـ تحفز
-شوفت بقى تاني! يلا هات الفلوس و خليني أمشي… 
ضرب وقاص يدًا بـ أُخرى ثم هتف بـ تعجب ذاهل
-أنتِ بتطلبِ مني تاخدي الفلوس و تمشي؟ أنتِ شربتِ حاجة قبل أما تيجي هنا ولا إيه عشان أبقى فاهم؟ 
-تأففت كِنانة وقالت:دي مُستحقات بابا ومُساعدة صغيرة لأهل منطقتي، صدقني الكام ألف دول مش هيأثروا فـ ثروة الغني دا… 
صمت وقاص صمتًا غامضًا قبل أن يُغلق الحقيبة و يمدها إليها لتأخذها هي بـ ذهول ثم أردف بـ نبرةٍ غامضة كـ صمتهِ
-تمام تقدري تمشي، بس هنتقابل تاني عشان تسددي دينك
-قطبت جبينها وقالت:مفهمتش!… 
إبتسم وقاص بـ تسلية ثم تقدم منها لتتراجع حتى فتح الباب خلفها وقال بـ عبث 
-هتعرفِ في الوقت المناسب، و دلوقتي لازم تمشي و اللي هتتمسكِ… 
حدقت به كِنانة بـ عدم إرتياح ولكنها تحركت قبل أن يأتها صوته
-في باب خلفي تقدري تهربِ منه، الحارسين اللي على البوابة الرئيسية فايقين حاليًا… 
غمغمت كِنانة بـ غرابة عن ذلك الرجل الغريب والذي يبدو أنه يكن شيئًا ما لها إلا أنها أسرعت الهروب فـ كيف سيتعرف عليها بـ تلك الإضاءة الضعيفة و تسللها وسط آلات التصوير المُراقبة دون أن تلتقطها! 
-المُهم أني خرجت كويسة، و أكيد معايا الفلوس… 
و بـ الداخل كان وقاص يُحدق بـ كفيهِ اللذين تنعمان بـ ملمس جسدها الطري ليبتسم إبتسامة عابثة لم يكن يظن أنه يمتلك واحدة ثم هتف بـ خُبثٍ وهو ينظر إلى حاسوبه الشخصي
-دلوقتي بقى نشوف مين هي سارقتنا الشابة… 
********************
عادت كِنانة مُنهكة القوى، خائرة العزيمة و الرُعب يتملكها حد النُخاع فـ ذلك السمج قد رآها ولكنها لا تظن أنه تعرف عليها والفضل يعود لوالدها الذي أخبرها عن الشركة وآلات التصوير المُراقبة
أغلقت الباب ونزعت حقيبتها ثم نزعت نعليها بـ الظلام.. كادت أن تتوجه إلى غُرفتها ولكن الأنوار أضاءت لتجد والدها جالس بـ إنتظارها 
إبتلعت كِنانة ريقها بـ صعوبة ثم إبتسمت بـ توتر وقالت بـ غمغمة
-مساء الخير يا بابا… 
لم يُبادلها والدها التحية بل سأل بـ صرامة مُباشرةً
-كُنتِ فين يا كِنانة؟ 
-أجابت سريعًا:و هكون فين يعني يا بابا! فـ الشركة طبعًا… 
نظر والدها إلى ساعة الحائط والتي تدق دلالةً على تجاوزها الثانية عشر بـ خمسٍ عشر دقيقة وأردف 
-فـ الشركة لحد نص الليل! 
-حكت جبينها بـ أصابعها وردت:أنت عارف المُدير بتاعي بيرمي الشُغل عليا و يجري، دي مش أول مرة أتأخر فيها فـ الشُغل 
-بس المرة دي موضوع التأخير دا كان مُبالغ فيه جدًا… 
قبضت على حقيبة الظهر بـ قوة ثم همهمت بـ تعب حقيقي
-بابا، أنا هلكانة من الشُغل، و هقولك على كُل التفاصيل بكرة، و بكرة أصلًا هيكون يوم مزحوم، بعد إذنك بقى 
-تنهد والدها بـ قلة حيلة وأردف:تمام كلامنا مخلصش هنا… 
أومأت كِنانة بـ فتور ثم إنحنت تُقبل وجنة أبيها و قالت بـ صوتٍ عذب
-تصبح على خير يا أحلى أب
-و أنتِ من أهل الخير يا قلب أبوكِ… 
ربت رسلان على يد إبنته لتتركه هي و دلفت تاركة إياه ينظر أمامه بـ شرود و يُغمغم داخله بـ قلق
-يارب متكونيش عملتِ مُصيبة، وشك بيقول إنك عملتِ حاجة كبيرة يا كِنانة… 
********************
في صباح اليوم التالي
توجه أمام غُرفة صديقه ليجد صوته على غير العادة غاضب و جهوري جعل العاملين بـ الشركة ينظرون إلى الباب بـ فضول، فـ نظر إليهم نظرة تحذيرية وهدر بـ صوتٍ عال
-يلا كُل واحد يرجع على شُغله… 
توتر العاملين وعادوا جميعًا إلى أشغالهم بينما هو حدق قليلًا بـ زرقاويهِ إليهم يطمئن على سير العمل ثم طرق الباب و دلف دون أن ينتظر رد صديقهِ 
تفاجأ من ملامحهِ المُنذرة بـ خطر قد لا يستطيع السيطرة عليه و أمامه المُدير المالي لشركة يقف مُنكس لأرسهِ بينما الأول يجأر
-لأ طبعًا سيادتك يا حرامي مُختلس ***، أنا سألتك قبل كدا أنت إديت المُتحالين للمعاش مُستحقاتهم المالية، وأنت بـ كُل بجاحة قولتلي “أكيد يا وقاص باشا” 
-غمغم المُدير المالي قائلًا بـ خفوت:و دا اللي عملته يا فندم… 
قذف وقاص بعض الأوراق بـ وجههِ وهدر بـ صوتٍ غليظ 
-كداب، الدليل على كدبك أهو يا حرامي، بُصله كويس… 
صمت يلهث بينما صديقه يقف جوار الباب يتكئ إليه دون حديث و يُتابع ما يحدث حتى أكمل وقاص حديثه بـ صوتٍ صخري لا يقبل الجدال
-هتسلم عُهدتك لسكرتيرة و هتطرد من مكانك، و من غير قرش واحد من مُستحقاتك، كفاية اللي إختلسته… 
إرتمى وقاص إلى مقعدهِ ثم أشار إلى المُدير بـ يدهِ وغمغم بـ جمود
-و دلوقتي إمشي من وشي قبل ما أرتكب جريمة و أوسخ إيدي بـ دمك القذر… 
تحرك المُدير المالي بـ خطىٍ ثقيلة ثم نظر إلى الواقف جوار الباب وهمس بـ توسل
-عُبيدة باشا، مُمكن تقوله يسامحني المرة دي
-رد عُبيدة بـ لامُبالاة:مقدرش أعملك حاجة، أنت المرة دي إتخطيت حدودك، و دلوقتي غور من هنا… 
إنتظر حتى أغلق الباب خلفه ثم إتجه إلى وقاص وجلس أمامه ليردف وهو يقذف نظارته الشمسية
-إيه اللي حصل؟… 
مسد وقاص مُنحدر أنفه بـ قوة وغمغم بـ صوتٍ ثقيل
-اللي سمعته، البيه مُختلس، بيسرقني و مفكرني مش هعرف
-ضحك عُبيدة وقال:و أنت عرفت منين؟ أنت عُمرك ما إهتميت قبل كدا… 
إرتسمت إبتسامة مُتسلية على وجههِ ونظر إلى شاشة حاسوبه الشخصي، فـ كانت صورة لتلك السارقة غير واضحة قليلًا ولكنها كافية لمعرفة هويتها ثم عاود النظر إلى عُبيدة الذي ينظر إليه بـ حاجب مرفوع بـ ريية وهتف بـ نبرةٍ مُتسلية 
-خلينا نقول فيه عصفور قالي كُل حاجة… 
إزدادت ريبة عُبيدة وهو يرفع حاجبه الآخر ثم هتف بـ تعجب
-عصفور ولا عصفورة؟ 
-مش مُهم، المهم أن العصفورة دي خلتني أكتشف إختلاس المُدير… 
حك عُبيدة ذقنه النامية بـ خفة ثم قال وهو يتلاعب بـ أوراقٍ ما أمامه 
-أنا معرفش أنت بتفكر فـ إيه بس، وقاص يا صاحبي أنت أخيرًا هتقع
-ضحك وقاص وقال:تفتكر؟! 
-لأ أنا مُتأكد… 
حدق وقاص بـ صورتها مرةٍ أُخرى ثم هتف بـ جدية وهو ينظر إلى صديقهِ بـ إهتمام
-عاوز أسماء المُتحالين على المعاش في الفترة الأخيرة
-ضيق عُبيدة عيناه وتساءل:و ليه كدا فجأة من غير مُقدمات!! 
-أجاب وقاص بـ غموض قليل:عاوز ألاقي حد مُعين كدا… 
حدق عُبيدة بـ صديقهِ طويلًا دون تعابير واضحة إلا أن وقاص قابلها بـ برود غير مُبالي، ليتنهد الأول و يومئ بـ صمت، ثم تساءل بعدة عدة دقائق
-مين اللي هيمسك مكان المُدير المالي؟ 
-سيبك منه دلوقتي… 
غامت عيني عُبيدة قليلًا ولكنه لم يُظهر إحباطه بل نهض وأردف بـ غمغمة
-تمام يا صاحبي، أنا همشي دلوقتي، أشوفك بعدين بقى
-أشوفك بعد الشُغل، هنسهر النهاردة عندي… 
شدد وقاص على كلمى صديقي لتصل معناها واضح إلى عُبيدة الذي إبتسم بـ إصفرار ثم رحل
********************
كانت تسير بـ الحي وهي تقرأ عُلبة الدواء الخاصة بها دون أن تنتبه إلى ما حولها لتشهق بـ فزع حقيقي حينما جذبتها يد رجولية خشنة إلى إحدى الطُرقات الضيقة والخالية من المارة
كادت أن تصرخ بـ هلع ولكنه وضع يده على فمها يُكممه ثم همس بـ شراسة مُحذرة 
-متصرخيش و إلا هقطع لسانك، سامعة!!… 
أومأت حوراء بـ هلع وهي تنظر إلى ملامحهِ المُنذرة بـ الشر على الرغم من هدوءها ثم تساءلت بعدما أبعد يده عن فمها
-أنت عاوز إيه مني؟ 
-أجاب بـ إستهجان:مش عاوز منك أنتِ حاجة، أنا عاوز منها هي
-قطبت جبينها وتساءلت بـ غباء:عاوز من مين بالظبط؟ 
-و هتكون مين يعني بـ ذكائك دا؟!… 
أغمضت حوراء عيناها بـ تعب من ذلك الهمجي الذي قابلته قبل يومين بـ الشاطئ، ثم عاودت فتحها لتجده يُناظرها بـ حاجب مرفوع لتقول هي بـ إبتسامة مُتملقة
-أسمعني يا أخ أنت، ملكش دعوة بـ كيان نهائي، هي هتتجوز حد تاني بيحـ… 
إبتلعت حروفها وهي تجد نظرته تشتد قساوة بـ سواد مُرعب ليتحدث قُتيبة بـ فحيح 
-إتجرأي بقى و كملي كلامك يا حلوة
-هتفت سريعًا:مقدرش أتجرأ و أكمله… 
إبتعد قُتيبة عنها ليضع يده بـ خصرهِ ثم هتف بـ تهديد
-قوليلي، الحيوان دا هيجي أمتى؟ 
-دون تردد أخبرته:هيجي بكرة الساعة سبعة بالظبط
-إبتسم إبتسامة شريرة وهمس:طيب تمام يا كيان، هخليه يطلبك من أخوكِ الروحي… 
نظرت إليه حوراء بـ ذعر وإبتلعت ريقها بـ توتر ثم تساءلت بـ براءة
-هو أنت بتحب كيان فعلًا!!… 
نظر إليها بـ تفاجؤ وكأنها باغتته بـ سؤال إجابته ليست صعبة ولكنه لا يجيد قولها، بل لا يُريد قولها فـ يُصبح معناها باهت، لا قيمة له
ورغم ذلك إرتمست نظرة غامضة لم تفهمها وأجاب بـ شرود وكأن حوراء غير موجودة بل يُحدث نفسه 
-بحبها؟؟.. الكلمة دي متجيش حاجة جنب الحق اللي بملكه فـ كيان… 
فغرت حوراء شفتيها بـ إنبهار طفولي بل وإشتعلت النجوم بـ عينيها قبل أن تهمس بـ تساؤل
-و سيبتها ليه كُل الفترة دي! 
-أجاب قُتيبة بـ بساطة:كُنت بقضي فترة عقوبة 
-قطبت جبينها وتساءلت بـ عدم فهم:قصدك إيه؟ 
-رد بـ نفاذ صبر:كُنت فـ السجن خلاص فهمتِ؟!… 
شهقت بـ عدم تصديق ولكنها غمغمت بـ غباء
-كُنت بتعمل إيه هناك؟ 
-رفع حاجبه وأجاب بـ سُخرية:كُنت بحاول أسمّر شوية، أصل المنطقة هنا مبتوفرش حاجات الأغنية دي هنا… 
حمحمت بـ حرج ثم أردفت بـ صوو خفيض، مُتردد
-مش قصدي، أقصد دخلت ليه! 
-هتف بـ قسوة:ملكيش دعوة يا بسكوتة، دي حاجات الكُبار، العيال اللي زيك ميدخلوش فيها… 
ذمت حوراء شفتيها بـ تذمر ولكنها هتفت بـ حماس على الرغم من عبوس ملامحها
-أنا بجد، really يعني كُنت ناوية أساعدك… 
أخفضت وجهها تصطنع البؤس ثم غمغمت بـ نبرةٍ حزينة أتقنت نغمتها
-بس أنت اللي مش عاوز، لأ و كمان بتقولي إني عيلة صغيرة، و طالما أنا عيلة صغيرة فـ أنا مش هدخل ولا هساعدك فـ حاجات الكُبار دي… 
حدق قُتيبة بها بـ شك رافعًا حاجبيه حتى كادا أن يُلامسا منابت شعره، إلا أنه تنهد ثم تساءل وهو يتخلل بـ أصابعهِ بـ خُصلاتهِ 
-يا شيخة!!! و هتعملي كدا إزاي إن شاء الله؟… 
رفعت وجهها إليه وملامحها الطفولية تتحول لأُخرى خبيثة ثم عضت شِفاها السُفلى وأردفت وهي ترفع ذقنها بـ ترفع
-أنت مش قولت دي حاجات كُبار؟!… 
تأفف قُتيبة بـ ضيق ثم هدر بـ نفاذ صبر وهو يضرب الحائط جوارها فـ أطلقت صرخة فزعة 
-بلاش لعب العيال دي يا شاطرة، وإلا دشدشت جسمك الجميل بـ إيدي… 
ضمت حوراء يديها تُخفي صدرها ثم هتفت بـ شراسة 
-مُتحرش
-غمز قُتيبة بـ عبث وقال:مشوفتيش التحرش على أصوله يا بسكوتة… 
تخضبت وجنتي حوراء بـ خجل ثم تأففت تُخرج نفسها من ذلك الموقف المُحرج وهتفت
-دلوقتي نرجع لموضوعنا الأصلي مُمكن، بكرة هكون على تواصل معاك، هات رقم تليفونك
-معاكِ ورقة فاضية؟… 
هزت رأسها نافية ثم رفعت عُلبة الدواء وأجابت بـ براءة
-مش معايا غير العلبة دي… 
حدق بها قُتيبة مليًا لتضيق عيناه بـ شك و دهشة عندما قرأ اسم الدواء والذي تستعمله والدته نفسه 
-هي دي لـ أبوكِ؟ 
-حركت رأسها نافية ثم أجابت تتعجب طريقة حديثه:بابا؟! لأ دي بتاعتي
-غمغم بـ دهشة:إزاي عيلة زيك يكون عندها سُكر! 
-رفعت كتفيها بـ بساطة وقالت:ربنا عاوز كدا، هنعترض! و بعدين هو من الدرجة التانية يعني مش خطير أوي، المفروض أحافظ على أنواع الأكل اللي باكله، و أخد الدوا فـ معاده و متأخرش… 
تثاقلت أنفاسه قليلًا و سيطر عليه شعور كئيب إلا أنه طردته و هو يجذب كفها ثم أخرج قلم و دون رقم هاتفه وغمغم بـ خشونة
-متنسيش تكلميني، هكون فـ الشُغل و عاوز تقارير مُفصلة عن كيان، كُل حاجة بتعملها و بتكلم مين يكون عندي أول بـ أول… 
نظرت حوراء إلى يدها وقالت بـ إبتسامة واسعة ثم قبضتها 
-أوكيه مش هنسى، و دلوقتي سبني عشان تأخرت جدًا… 
إبتعد قُتيبة عنها ليفسح لها المجال لترحل وما أن إبتعدت حتى ناداها وهتف بـ خشونة 
-متنسيش الدوا بتاعك يا بسكوتة… 
إبتسمت حوراء بـ خجل ثم أومأت ولوحت إليه لتركض إلى الطريق العام من جديد
********************
وضعت رجاء آخر طبق فوق الطاولة و من ثم توجهت إلى غُرفتهِ لتدعوه إلى الطعام، لتفتح الباب فـ وجدته مُستلقي فوق الفراش يُحدق بـ أسورة جلدية قديمة، ساكنًا لا يعي دلوف والدته
ظلت صامتة بعض الوقت و هي تعلم لـ مَنْ تلك الأسورة إنها تخصه بـ الطبع و لكن من إشترتها لم تكن سوى كيان، تلك العلقة التي ظهرت بـ حياتهِ و أبت الإختفاء فـ ظلت خلفهُ حتى فقدت هي زوجها و إبنها و هو فَقَدَ روحه و مُستقبله
ضربت الباب بـ خفة عله ينتبه لوجودها ثم قالت بـ نزق
-مالك مسهم فـ البتاعة اللي فـ إيدك كدا ليه و لا كأنها دهب!… 
قبض قُتيبة على الإسوارة ثم إعتدل بـ جلستهِ قائلًا من بين إسنانهِ
-ولا دهب و لا حاجة، بس ليها ذكرى
-هتفت صارخة:ذكرى زي الزفت، مش ناوي تطلع البت دي من دماغك!… 
فتح قبضته و نظر إلى الإسوارة ثم وضعها بـ الدرج المُجاور لفراشهِ، كانت هدية بسيطة من فتاة إعتاد الإعتناء بها حتى باتت كـ نبض ثانٍ له لا يقوى على الحياة من دونهِ، هي تعلم كم كان مولعًا بـ تلك الأشياء الشبابية في فترة مُراهقته رغم أنها تكره تلك الأشياء إلا أنها أحضرتها لأجله 
و ذلك يكفيه، أنها فعلت و تفعل كُل ذلك لأجلهِ
نهض قُتيبة من إستلقاءه ثم جلس و فرك فروة رأسه قائلًا بـ تنهيدة ملل
-لأ مش ناوي أطلعها من دماغي
-إستشاطت رجاء غضبًا و هدرت:مش ناوي! ليه يا خويا مفيش إلا هي ولا إيه! 
-و بـ هدوء مُغيظ أجاب:أه مفيش إلا هي
-ضربت رجاء فخذيها و هتفت بـ حدة:البت دي عملالك عمل ربطاك بيه… 
ذم قُتيبة فمه بـ نفاذ صبر ثم هتف بـ إستياء ناهضًا و هو يقترب منها 
-هي رابطة جاموسة! إيه الكلام اللي يحرق الدم دا! 
-أشاحت بـ يدها و قالت:مفيش تفسير تاني غير كدا، لما تبقى واكلة عقلك لدرجادي يبقى عاملة عمل و لا مش عاملة؟!… 
نزع قُتيبة كنزته البيتية و إرتدى قميص أسود ثم هدر هو الآخر و قد بدأ صبره بـ النفاذ
-أنا بقالي كم سنة طالع من السجن و كل يوم بسمع الزفت دا، أنتِ مبتزهقيش يا ست رجاء! إرحميني شوية… 
إقتربت هي خطوة منه ثم قبضت على ساعده تُديره إليها هاتفة بـ جنون هي الأُخرى 
-لأ مبزهقش، و مش هزهق لحد أما تطلعها من نفوخك… 
أبعد قُتيبة يدها عنه بـ رفق و أكمل إغلاق قميصه ثم هسهس بـ خفوت خطير 
-و هي مش هتطلع، و لا ناوي أطلعها نهائي 
-صرخت بـ صوتٍ عال:هتخسر إيه تاني بسببها! ، خسرت مُستقبلك و أبوك بسببها و هتخسرني بسببها 
-مط قُتيبة شفتيه و قال بـ برود مُفاجئ:لو عندك حل طلعيها، بس أنتِ اللي هتخليني أخسرك مش هي، إبعدي عنها و عني و فكري فـ حاجة أفيد… 
إلتقط حاجياته الشخصية و خرج من الغُرفة تتبعه تتساءل بـ غضب 
-رايح فين و سايب البيت! 
-غمغم بـ قنوط:سايبلك البيت و نازل الشُغل جايز تعرفِ تفكري
-و الأكل! 
-نظر إلى الطعام قبل أن يخرج:مش طافح… 
أغلق الباب خلفه تاركًا رجاء تُحدق في إثرهِ بـ جمود أسود نابع من ذكريات أكثر سوادًا و سببها هي، إنها أغلال تُقيد عنقه فـ تجعله عاجزًا عن التنفس و هو يسعد بـ ذلك الإختناق 
بينما هبط قُتيبة الدرج يكاد يلتهم طريقه قبل أن يقف أمام البوابة القديمة راكلًا حصوة سببت هروب هرة جعلته يُحدق في هروبها بعيدًا عنه و تذكر هروب كيان منه، بل هروبها منه و منها و من ماضٍ سيجعل من حياتهما بصمة لا تُنسى 
كيان، إنها تعوق كُل تفكير يقوده بعيدًا عنها، يُريدها و بـ شدة إنها مُلكه، له و فقط كما أنها لن تصلح لغيره، لن يدع آخر يسلبها منه حتى و إن إضطر إلى إختطافها بعيدًا و حبسها في قفص حتى تستسلم و تعترف بـ أنها لا تزال تُحبه
مرض صعب يُشفى منه، و ألم لذيذ يسعد كُلما نبض قلبه به، كُلما لسعه بـ سياط الإشتياق، كُلما أراد أن يراها فـ يجدها تتجسد بـ أحلامهِ فيتنعم بما حرمته منه 
فـ أخبريني بـ ربك كيف أهرب منكِ، و أنتِ هي كُل الطُرق
يتبع……
لقراءة الفصل الرابع : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!