Uncategorized

رواية سرغائب الفصل الرابع عشر14 بقلم سماح نجيب

                                                  رواية سرغائب الفصل الرابع عشر14 بقلم سماح نجيب

رواية سرغائب الفصل الرابع عشر14 بقلم سماح نجيب

 رواية سرغائب الفصل الرابع عشر14 بقلم سماح نجيب

بتسمت ثراء هل يشعر بالغيرة ام أن عقلها يصور لها ذلك فارادت معرفة ماذا كان سيهديها فنظرت له بابتسامة مشرقة :
– وهى ايه الهدية دى يا أيسر
نظر اليها أيسر قليلا قيل ان يردف بنبرة خافتة :
– كنت هديكى دى
لم تفهم ثراء ما يغمغم به لنفسه فاعادت عليه سؤالها مرة أخرى
– مش سامعة بتقول ايه يا أيسر قولى بقى ايه هى هديتك ليا
أخرج أيسر من العلبة سوار من الفضة النقية منقوش عليه ورود وقلوب صغيرة مردفاً:
– انا عارف انها مش قد المقام بس لو فى امكانى كنت جبتلك اغلى حاجة فى الدنيا علشان انتى تستاهلى كل غالى وميلقش بيكى غير كل غالى
أطلق
العنان للسانه يخبرها بما يريد تقف هى تستمع اليه لا تصدق ما يقوله فكأنها
تراه من منظور أخر اليوم كأنه ليس أيسر الذى اعتاد منه الجميع على البرود
،تاقت روحها على ان يزل لسانه ويخبرها بتلك الكلمة التى تتمنى سماعها منه
فأردفت بصوت ناعم:
– أنت شايف كده يا أيسر
كأنه انتبه على حاله فحمحم يجلى صوته يعيد الى وجهه قناع الجمود والبرود قائلا:

أسف لو كنت تجاوزت حدودى فى الكلام حضرتك الاسورة دى طول ماهى فى ايدك انا
هكون عارف انتى فين علشان فيها جهاز تتبع فلو مكنتش أنا معاكى هعرف مكانك
بسهولة
أصابها الإحباط بعد عودته لتلك النبرة الخالية من الدفء الذى كان يحدثها به منذ برهة فتناولت السوار من يده مردفة
–شكرا على اهتمامك بسلامتى يا أيسر تصبح على خير
فضلت
الصعود الى غرفتها عوضاً عن الانتظار لشئ ربما لن يحدث فتركته واقفا لتدلف
الى المنزل تريد الذهاب الى غرفتها قبل ان تسقط دموعها بسبب خيبة أملها فى
سماع أيسر يبوح لها بما يكنه لها اذا كان يكن لها شئ خاص بالأساس، وصلت
الى غرفتها ولجت اليها شرعت فى خلع حجابها وثوبها نظرت الى السوار وجدت
نفسها تضعه على معصمها تحكم إغلاقه فهى لم تستطيع منع نفسها من ان تحتفظ
بهديته لها حتى وان كان أهداها لها من شعوره بالمسؤلية تجاهها ظلت تتحسس
تلك النقوش التى حفرت عليه بأطراف أصابعها، سمعت صوت رنين الهاتف ينبأها
بوصول رسالة صوتية فتحت ثراء الهاتف فجاءها صوت أمير قائلا:
– كنت عارف
ان لو اتصلت عليكى كنتى هتقفلى السكة فى وشى ومش هترضى تكلمينى فقولت
ابعتلك رسالة اقولك تصبحى على خير يا فاتنتى الصغيرة يا اجمل ما رأت عينى
يا ثراء نفسى تعطينى فرصة تعرفينى بجد صدقينى انا هخليكى اسعد واحدة في
الدنيا دى كلها بس أنتى تدينى فرصة ومتصدنيش انا مش قصدى يكون فى بينا حاجة
تخالف اخلاقك انا حابب ان يكون بنا علاقة شرعية الناس كلها والدنيا كلها
تعرف انك هتبقى ليا وانا هخليكى أميرة قلبى اللى من ساعة ما شافك وهو بينبض
باسمك أنتى
تجمدت ثراء فى وقفتها والهاتف مازال بيدها تستمع لتلك
الرسالة الصوتية نزلت دموعها على وجنتيها تأسف لحالها فمن لاتريد قربه
تسمعه يمطرها بعبارات الغزل يطاردها حتى يحين منها التفاتة له او ان تمنحه
فرصة واحدة ليتقرب منها، ومن تتمناه ولا ترى سواه كأنه بسبات غير واعيا لما
يحدث لها فلو أخبرها أيسر بتلك الكلمة التى تتمنى سماعها منه فهى ستضرب
بكل شئ عرض الحائط فى سبيل عشقه ستكسر كل حاجز يمنعه من الوصول إليها فهى
تعلم ان والدايها اذا علموا بحبها له لن يضنوا عليها بموافقتهم فهم يريدوا
سعادتها مع من يريده قلبها ولكن ربما هى واهمة وهو بالاساس لايكترث لها او
ربما يعلم بحبها له ولكنه لا يعطى بالاً لذلك..!!!
_______
وصل أمير الى منزله وعندما دلف للداخل وجد تلك الفتاة المدعوة كاميليا بانتظاره فابتسمت له باغراء مردفة:
– حمد الله على السلامة يا بيبى انت كنت فين ده كله انا مستنياك من بدرى اتأخرت ليه كده
أقترب منها أمير بغضب يقبض على ذراعها يجعلها تترك مكانها يهدر بها بصوت عالى:

أنتى ايه اللى جابك هنا مش قولتلك مش عايز اشوف وشك يا كاميليا ولا أنتى
مبتفهميش ولا ايه حكايتك بالظبط قولتلك خلاص اللى بينا انتهى انتهى افهمى
بقى وابعدى عن طريقى علشان متجبيش الاذى لنفسك مفهوم
لم تكترث كاميليا
لألم ذراعها القابض عليه بأصابع فلاذية يعتصره بقوة فرفعت يدها تضعها على
صدره تنظر اليه بعينان ناعسة تقترب منه تتلمس وجنته بوجنتها الناعمة تهمس
بأذنه قائلة:
– وحشتنى أوى يا بيبى وحشتنى موت يا قاسى
تصنم أمير فى
وقفته وهو يراها تقوم بحل أزرار قميصه بدون خجل منها كادت تكمل ما تفعل الا
انه قبض على كفها يعتصره بيده يجز علي انيابه بحدة قائلا:
– ايه القرف اللى بتعمليه ده ها انتى معندكيش دم خالص انا بطردك وانتى بتعملى كده
أردفت كاميليا بصوت ناعم:

مبعملش حاجة جديدة يا بيبى ولا انت نسيت ايامنا وليالينا مع بعض دا البيت
ده لو ينطق هيشهد على اللى حصل بينا كل ركن فى البيت ده شاهد على ذكرياتنا
الحلوة مع بعض يا أمير
تذكره بلهوه وعبثه بقلوب الفتيات فكاميليا ليست
الأولى بحياته فهو تصادق مع فتيات كثيرة ليعود بعد ايام قلائل ويسأم منها
ويبحث عن غيرها حتى ظهرت تلك الجنية الصغيرة التى تحدت كبرياءه اللعين
عندما تذكرها ارتسمت ابتسامة عريضة على محياه ظنت كاميليا انه يبتسم لها
فأقتربت منه أكثر تعانقه بشوق يبادلها هو العناق بقوة كادت تقضى على
انفاسها فهو تخيل ان ثراء هى من تقف أمامه فهتف باسمها بشوق:
– ثراء حبيبتى
ابتعدت
كاميليا تعقد حاجبيها بامتعاض فهى علمت الآن انه لم يعانقها الا عندما
تخيلها فتاة أخرى فربما هذا الاسم الذى سمعته الآن هى طريدته الجديدة التى
جعلته يعاملها بجفاء فدائما كانت كاميليا المفضلة لديه حتى عندما كان يصادق
فتاة جديدة فعندما يتركها يعود اليها مرة أخرى
– أنت بتقول ايه يا أمير ثراء مين انا كاميليا هى دى بقى فريستك الجديدة يا بيبى
نظر
اليها كأن حديثها اعاده للواقع فرأى انها ليست ثراء وانما كاميليا او اذا
صح القول نقطة سوداء في سجل حياته الحافل تنهد أمير بتعب مردفاً:
– كاميليا روحى يلا واليومين دول انا مش فاضيلك ياريت بقى تبعدى عن طريقى
ضحكت كاميليا بسخرية وهى تأخذ حقيبتها تتأهب للذهاب
– كلها كام يوم وتزهق منها وترجعلى تانى يا بيبى وانا مستنياك وانت عارف طريقى كويس باى
خرجت
كاميليا من المنزل حاولت أن تتحكم بغضبها الذى تصاعد بداخلها من رؤية تلك
الحالة التى أصابت أمير فكل مرة كان تعلم ان ما يحدث له مجرد نزوة عابرة
ولكن ما رأته تلك المرة جعلها تشعر بالخوف ان ربما أمير سيقع فى الحب وهذا
ما لاتريده
صعد أمير الى غرفته خلع سترته يليها قميصه الذى سبق وحلت
ازراه كاميليا ذهب الى غرفة ملابسه ليرتدى سروال قصير يذهب لفراشه يرتمى
عليه سحب هاتفه بحث عن تلك الصور التى التقطها لثراء فى الحفل ظل يشاهدهم
صورة تلو الأخرى وابتسامته تزداد أتساعاً وهو يرى وجهها وتلك الابتسامة
المضيئة تنيره فمن يراه الآن يظن انه عاد مراهقا مرة اخرى ووقع بحب صديقته
بالمدرسة ،ظلت تتقاذفه الافكار فى سماع صوتها قبل ان ينام ولكنه يعلم انها
لن تجيب على الهاتف اذا علمت من يكون ففكر ان يهاتفها من رقم اخر ويستمع
لصوتها ثم يغلق الهاتف،فى الدقيقة التالية كان يطلب رقمها ،فتحت ثراء
هاتفها وعيناها مغرورقتان بالدموع فهى حتى لا تعلم من يتصل بها الآن فخرج
صوتها متعباً حزينا
– أيوة مين
سمع أمير صوتها فأيقن ان هناك شئ أصابها فصوتها يدل على انها كانت تبكى وجد نفسه يعتدل فى جلسته يسألها باهتمام
– ثراء انتى كنتى بتعيطى بتعيطى ليه فى ايه وايه اللى مزعلك قوليلى يا ثراء
تعجبت ثراء من الصوت الذى تسمعه فهى تعلم ان هذا صوت أمير ابعدت الهاتف تنظر اليه فوجدته رقم مجهول
حاولت ثراء ان يظهر صوتها بشكل طبيعى
– انت عايز ايه انت كمان ما تسيبنى فى حالى بقى يا أخى وارحمنى
وجد أمير انها لم تغلق الهاتف بعد فاسترسل فى حديثه قائلاً:
– انا عايز بس اعرف بتعيطى ليه دا النهاردة كان عيد ميلادك يعنى مناسبة جميلة لازم تكونى مبسوطة وسعيدة
لم يجد أمير رد فهتف باسمها
– ثراء ثراء انتى سمعانى
دفنت
ثراء وجهها فى وسادتها تكتم صوت بكاءها تناهى الى سمعها صوت أمير فاخذت
الهاتف تغلقه تقذفه على الكومود لتعود وتكمل نوبة بكاءها
ترك أمير
فراشه وهو يشعر بالضيق لعدم معرفته ما أصابها فلو كان بيده الآن لكان ذهب
إليها ولكنه سيذهب اليها بأى صفة وقف امام نافذة شرفته يقبض على طرف
الستائر بيده كأنه على وشك خلعها من مكانها فتلك الليلة كأنها لن يكتب لها
نهاية..!!!
______
أراد عباس ان يتسلل بدون ان يراه احد من العاملين
الذين يقومون الآن باعادة ترتيب كل شئ بحديقة القصر بعد انتهاء الحفل فهم
اوشكوا على الانتهاء وبدأوا بالانصراف تباعا لم يبقى سواه هو ومتولى فاشار
لمتولى برأسه ان يتبعه بدون ان ينتبه عليه احد،وما كاد عباس ان يبتعد حتى
وجد عفاف تقف امامه تبتسم له فلعن حظه اللعين فى ظهور تلك الفتاة الآن
– فى حاجة يا عفاف ولا ايه
تعجبت عفاف مردفة:
– انت رايح فين كده دخول المطبخ من الباب اللى ورا انت كنت رايح فين كده
ابتلع عباس ريقه بتوتر بالغ مردفاً:

انا بس كنت عايز اروح الحمام بقالى شوية بدور عليه مش لاقيه وانا محتاج
اروح الحمام دلوقتى ضرورى وكمان علشان اغير هدومى واروح احنا خلاص خلصنا
شغلنا وكل الناس ميشيت وانا وصاحبى سبقنى على برا بس انا اللى مقدرتش أمشى
علشان عايز ادخل الحمام
هزت عفاف رأسها بتفهم تشير الى المكان الذى يستطيع ان يجد به الحمام

ادخل من الباب ده هتلاقى حمام على ايدك اليمين وغير هدومك واتوكل على الله
علشان شوية والبوابات بتاعة القصر هتقفل ومحدش هيدخل ولا يخرج
ابتسم عباس لها قائلا بنبرة ممتنة:
– شكرا يا عفاف تسلميلى يارب متعرفيش انتى عملتى فيا معروف ازاى
تعجبت
عفاف من امتنانه لها الذى ربما وصل الى حد المبالغة ،اسرع عباس خطواته
يذهب الى حيث دلته عفاف وبمجرد ان ولج للداخل حتى استطاع التسلل لداخل
المنزل لم يسمع صوتا فربما قاطنين هذا المنزل قد ذهب كل منهم الى غرفته صعد
عباس الدرج بحذر وبخفة حريصا على ان لا يصدر صوتا اخرج من جيبه ذلك القناع
الصوفى الذى غطى راسه ووجهه لا يظهر منه سوا عيناه فقط،اخرج ايضا منديلا
قطنيا وضع به مادة مخدرة فتح باب غرفة ثراء بحذر شديد فالغرفة غارقة
بالظلام لا يضيئها سوى الانوار الخافتة على جانبى فراشها ، كانت ثراء تغرق
فى نوم عميق بعد استرسالها فى نوبة بكاء مرير ،أقترب عباس من الفراش وهو
يسير على أطراف أصابعه تأمل هيئتها الفاتنة وهى تنام وشعرها يغطى وسادتها
،أقترب من السرير وضع المنديل على أنفها لتتململ ثراء ثم تغفو ثانية ولكن
هذه المرة فى غيبوبة مؤقتة ابتسم عباس قائلا:
– يلا بينا بقى يا حلوة ياللى هتبقى وش السعد علينا كلنا
قام
بحملها على كتفه يخرج من الغرفة وهى تتدلى على كتفه كمتاع خفيف، ظل ينظر
حوله ليتأكد من خلو الرواق من أى شخص يعرقل مهمته ،ابتسم عباس على حظه
اليسير فهو على وشك بلوغ مبتغاه فهو أصبح يحث الخطى للإسراع لبلوغ تلك
البوابة الخلفية التى حرص متولى على انتظاره أمامها..!!!
______
جلس
حسام أمام نافذة غرفته ينظر للسماء وهو يفكر فى حل تلك المعضلة التى تعكر
صفو حياته فلمن يشكو سوى الله فهو القادر على اخراجه من تلك المصيبة فشرع
يدعو ويبتهل الى الله
– لا إله إلا الله ربّ العَرْشِ العظِيم، لا اله
إلاَّ الله ربِّ السَّماوات وربِّ الأَرض و ربِّ العَرشِ الكَريم، اللَّهمّ
أرجو رحمتك فلا تكِلني إلى نفسي طرْفة عين، وأصلِح لي شأني كلّه، لا إله
إلاَّ أنت.
طفق يردد هذا الدعاء لعل الله يجيب دعاءه ويخرج من تلك
المحنة التى وضع نفسه بها بدون قصد منه،وجد جده يولج الى الغرفة جلس بجواره
ربت على يده قائلا:
– مالك يا حسام من ساعة ما رجعت من الورشة وانت حابس نفسك فى الاوضة حتى مخرجتش تتعشى معانا مالك يا حبيبى انت تعبان ولا ايه
ابتسم حسام ابتسامة خفيفة مردفاً:
– ابدا يا جدى مفيش حاجة بس مكنش ليا نفس أكل علشان كده مخرجتش اتعشى معاكم
لم يقتنع رضوان بما يقوله فهو يشعر ان هناك شئ أصابه يرفض ان يبوح به له
– على فكرة مش مصدقك يا حسام حاسس ان فى حاجة وانت مخبى عليا دى مش عوايدك لو فى مشكلة قولى يا حسام واحنا نحلها مع بعض
نظر
اليه حسام بعيون دامعة فماذا يقول له هل يخبره بشأن تورطه فى مبلغ مالى
قدره ١٠٠ الف جنيه بسبب جشع شاب كان يظنه صديقه واتضح ان رفقاء السوء ربما
لديهم ضمير أكثر منه فلو اخبره سيتهدم هذا البيت على رأسهم جميعا فهو لن
يتحمل ما سيخبره به وربما يجده يخر ساقطا فاقدا للوعى بعد ان يعرف الحقيقة
كاملة ،لذلك فضل حسام الصمت، فحاول ان يوارى عينيه عن جده
– صدقنى يا جدى مفيش حاجة كل شئ تمام متقلقش المهم انت خلى بالك من صحتك
يأس رضوان من ان يجعل حسام يبوح له بما يضايقه وعندما لم يصل معه لحل او نتيجة هب واقفاً
– تصبح على خير يا حبيبي وخليك عارف انا موجود معاك لو فى ايه حاجة متترددش انك تقولى يا حسام
هز
حسام رأسه موافقا على كلامه بدون ان يتحدث فخرج رضوان من غرفة حسام ذاهبا
الى غرفته فعاد حسام للنظر للسماء وهو يتذكر ذلك الموعد بالغد فهو لا يملك
حق الرفض فهو يجب ان ينصاع لاوامر مجدى ولكن لمتى سيستمر هذا الحال فهو لن
يقضى عمره باكمله تابعا له وجد نفسه ذاهبا الى الحمام ليتوضأ أنهى وضوءه
ليعود الى غرفته ومازال الماء يقطر من شعره سحب المنشفة الموضوعة على
المقعد يجفف رأسه بعد ان انتهى بحث عن سجادة الصلاة بسطها ليرفع كفيه مكبرا
يبدأ صلاته بخشوع خانته دموعه وهو ساجدا فظل يبكى ينشد العون من الله فهو
ليس لديه منجا ولا ملجأ الا الله ظل ساجدا يدعو الله حتى شعر ببعض
الطمأنينة ليعود ويكمل صلاته بعد ان انتهى ظل جالسا مكانه باسطا كفيه يدعو
الله بقلب متيقن بأن الله سوف يرزقه ما يتمناه بعد عدة دقائق نهض من مكانه
يلملم سجادة الصلاة يأوى الى فراشه محاولا ان يغفو فهو لا يعلم ما ينتظره
بالغد الا ان يدعو الله ان يمر كل شئ بسلام من أجل عائلته..!!!
______
جلست لبنى أمام المرآة تمشط شعرها الأشقر الا انها لمحت شعرة بيضاء فنظرت اليها بغضب قائلة:
– ايه ده شعرة بيضة انا لازم اغير البيوتى سنتر ده معندهمش ضمير خالص ايه ده
تناهى حديثها مع نفسها الى مسامع زوجها الذى يجلس على الفراش ينظر لحاسوبه الشخصى فابتسم بسخرية:
– ملهمش حق يا لبنى شكل الصبغة المرة دى مكنتش مستوردة ازاى يعملوا فيكى كده
شعرت بنبرة السخرية فى نبرة صوته فالتفتت اليه غاضبة
– انت بتتريق عليا عزام وانت قصدك ايه بكلامك ده ان انا خلاص كبرت وعجزت
رفع عزام عينيه عن الحاسوب قائلا:
– وانا برضه اقدر اقول كده انتى اصغر من بنتك كمان يا لبنى
عادت للنظر فى المرآة تمرر يدها على وجهها تتفحص ملامحها فلمحت تجعيدة صغيرة قرب عينيها فشهقت بهلع كأنها أكتشفت أمرا خطيراً
– وايه ده كمان تجاعيد نو واى لاء انا لازم اتصرف بسرعة مش هينفع كده
التفتت الى زوجها ثانية مردفة:
– عزام انا عايزة أسافر لبنان ضرورى اليومين دول عيزاك تحولى فلوس علشان أحجز التذكرة وأسافر
رفع عزام حاجبه بتعجب قائلا:
– خير والسفرية المرة دى لايه لشد ولا نفخ ولا فى حاجة تانية جديدة طلعت وعايزة تروحى تجربيها يا لبنى
نهضت لبنى عن مقعدها تقترب من الفراش الجالس عليه زوجها تردف بنبرة حادة:

أنت ايه حكايتك النهاردة ها وايه كلامك ده انت اتعديت من مرات اخوك بقيت
بتتكلم زيها يا عزام هى كمان قالتلى نفس الكلام انتوا بقى بتتسلوا عليا
نظر اليها عزام فخلع نظارته الطبية عن عينيه مردفاً:

هو انتى ليه دايما تتخانقى مع فيروز مع انها دايما متجنباكى يا لبنى انتى
اللى بتحبى تجرى شكلها مع ان انا دايما اقف فى صفك بس فعلا مش شايفها
غلطانه الغلط بيبقى منك أنتى وهى كافية خيرها شرها وملهاش دعوة غير ببنتها
وجوزها وياريتك تعملى زيها معقولة انتى لسه بتغيرى منها بعد السنين ده كلها
زى ما شوفتيها أول مرة انتى مبقتيش صغيرة للكلام ده بقى يا لبنى دا ابنك
لو اتجوز يخلف من الصبح سيبك من شغل السلايف ده بقى بتقولى انك سيدة مجتمع
وتصرفاتك متعملهاش واحدة متربية فى حارة دايما تمسك فى خناق سلفتها
وصلت إلى حافة غيظها وغضبها مردفة:
–بقى
انت بتقارنى بفيروز يا عزام وبتقول ان انا بغير منها بقى تقارن بنت
الاكابر وبنت الذوات اللى زيى انا بفيروز بنت الجرسون وبتاع غسيل الصحون فى
المطاعم
ابتسم عزام بسخرية على اعتداد لبنى بأصولها العريقة وسخريتها من فيروز فنظر اليها يبتسم بدهاء قائلا:

اهى بنت الجرسون و بتاع غسيل الصحون دى زيها زيك هنا فى البيت ده يا لبنى
وليها قد اللى ليكى بالظبط متنسيش ان جمال اخويا ليه نص الاملاك دى كلها له
كل حاجة النص بالنص يعنى مفيش حد أحسن من حد ثم هى تبقى مرات الدكتور جمال
الرافعى يا لبنى والكل عارف صيت جمال اخويا فى عالم الطب وشهرته يعنى بطلى
شغل فشخرة فاضية وتقولى انا بنت مين ومش بنت مين وابوكى اصلا فلس قبل ما
يموت ومكانش سايبكم حليتكم حاجة غير الفيلا اللى كنتوا عايشين فيها ولولا
ابويا الله يرحمه كان صاحبه وأصر عليا اتجوزك كان زمانك دلوقتى عايشة فى
مستوى ما يعلم بيه الا ربنا يعنى لمى الدور يا لبنى انا بس اللى محافظ على
صورتك قدام الناس
وكأن تلك هى القشة التى قصمت ظهر البعير فوجهها أصبح
يشتعل بلهيب الغضب وثورة عارمة من الاستياء تحتدم بداخلها فمدت يدها تسحب
ذلك الحاسوب من يده تلقيه على الأرض وهى تصرخ بوجهه مردفة:
– ايه اللى
انت بتقوله ده ها بتعايرنى يا عزام متنساش ان انا اللى عملالك واجهة قدام
الناس انا سيدة مجتمع من الطراز الأول واحدة تفتخر بيها فى حفلاتك وعزوماتك
تفتخر وانت بتقدمها للناس مش زى فيروز اللى لبسالى الحجاب وقاعدة فى البيت
مبتعملش حاجة غير انها تطبخ لجوزها زيها زى الشغالة فى البيت ومتعرفش اى
حاجة غير القاعدة فى البيت وخلاص
وجد عزام ان لاطائل من الحديث مع تلك
المرأة التى ترى انها لا تقارن بأحد فهو سأم كل ذلك التصنع انحنى يلتقط
حاسوبه الذى تهشمت شاشته فالقاه على منضدة وجدها فى طريقه وهو خارجاً من
الغرفة يتركها تنفث جام غضبها بتلك الاشياء الموجودة بالغرفة والتى تكلف اى
شخص ثروة لاقتناءها،ألقت تلك المزهرية من يدها وصدرها يعلو ويهبط من شدة
غيظها وغضبها الذى يتفاقم بداخلها
– ماشى يا عزام انا هعرف اخليك تبطل تكلمنى بالشكل ده وتقولى كلامك اللى زى السم ده ومبقاش انا لبنى
مسحت
وجهها بيدها لتعود وتقف أمام المرآة تنظر لانعكاس صورتها ترى ذلك الغضب
الذى فاض بعينيها والذى ينذر أيضا بأنها لن تمرر ما سمعته من زوجها مرور
الكرام فهى شعرت بالمهانة من حديثه لها..!!!
______
ذرع شهاب غرفته
ذهاباً وإياباً فهو لم يواتيه النوم فهو ظل يفكر ماذا ظنت به سيرين الآن
فربما سترفض بعد ذلك ان تكمل تصوير الاعلانات الخاصة بالشركة او ربما سترفض
ان تراه مرة أخرى وجد نفسه يسحب هاتفه يريد ان يعتذر لها ثانية بشأن ما
حدث منه فأتاه صوتها ناعسا
– ايوة مين
فهى كانت غارقة في نومها ولم تنظر لشاشة الهاتف لتعرف من يهاتفها بهذا الوقت المتأخر
– انا شهاب الرافعى يا سيرين
لفظ شهاب اسمه بصوت متحشرج كأن به غصة تمنعه من التقاط انفاسه براحة
زفرت سيرين أنفاسها بخفوت قائلة:
– ايوة يا شهاب خير فى حاجة
جلس شهاب على حافة فراشه قائلا:
– انا كنت عايز اعتذر ليكى مرة تانية على اللى حصل انا بجد أسف يا سيرين انا مش عارف انام
ردت عليه سيرين بهدوء:
– خلاص يا شهاب محصلش حاجة وانا مش زعلانة اشوفك بكرة فى التصوير تصبح على خير
ابتسم شهاب لنفسه قائلا:
– وأنتى من اهله يا سيرين
اغلق
الهاتف وهو يشعر بالسعادة انه لن تنقطع اواصر معرفته بها بعد سخافة موقفه
وجد الآن انه يستطيع النوم براحة الا انه استمع طرق على باب غرفته فذهب
لمعرفة من الطارق فتح شهاب الباب وجد والده هو من يطرق عليه الباب فى تلك
الساعة المتأخرة من الليل
– بابا اتفضل خير فى حاجة
دلف عزام الى غرفة شهاب فجلس على مقعد بجوار الفراش ينظر اليه
– انت كنت فين يا شهاب فى اخر الحفلة انا مش مصدق حكاية انك كنت بتوصل واحد صاحبك دى
زاغ شهاب بنظراته من والده يخشى ان تكون ميرا حدثته بشأن اعجابه بسيرين فهتف بتوتر
– وانا هكذب عليك ليه يا بابا انت عارف انا طول عمرى صريح وواضح معاك وعمرى ما خبيت عليك حاجة
أشار عزام لشهاب بالجلوس حتى يتسنى لهم الحديث بروية

اقعد يا شهاب خلينا نعرف نتكلم وانت واقفلى كده واحكيلى بقى انت ايه
حكايتك اليومين دول بالظبط حتى انت بقيت مشغول فى الاعلانات اللى بتتصور
للشركة وبتيجى الشركة اليومين دول قليل وانا عامل نفسى مش واخد بالى بقول
برضه الاعلانات السنوية مهمة للشركة ولازم تبقى حاجة على مستوى بس للدرجة
دى هو ده اللى يقلق يا شهاب
جلس شهاب على طرف فراشه لايشعر بالراحة فى جلسته كأنه فى جلسة استجواب

ما أنت عارف يابابا ان شغلنا بيعتمد على الاعلانات وخصوصا لو اللى صورتها
شخصية معروفة وليها جمهور وده بيزود عندنا فى المبيعات ازاى
نظر اليه عزام بعدم اقتناع فانحنى بجسده إلى الأمام مردفاً:

بص يا شهاب انا مش عيل علشان اقتنع باللى بتقوله ده انا بشتغل فى تجارة
المصوغات دى من وانا عندى ١٤ سنة لما كنت بشتغل مع والدى واخويا هاشم الله
يرحمهم وبعدهم انا شيلت الحمل كله علشان عارف عمك جمال محبش يشتغل فى
تجارتنا ودرس طب ثم يعنى انا اعرف ايه اللى يجذب الزبون من عدمه يعنى انت
متجيش دلوقتى وتقولى الكلام اللى ميدخلش الدماغ ده ها انا ابوك يا شهاب
وبعرفك لما بتكون مخبى عليا حاجة انا اصريت انك تشتغل فى التجارة بتاعتنا
علشان انا لما اموت ابقى سايب ورايا حد يعرف يحافظ على تجارة العيلة دى
واديك شايف مفيش غيرك وعمك جمال ربنا ما ارادش ان ابنه يعيش ومفيش غير ثراء
انا عارف انها ذكية جدا بس فى الاول والاخر هى بنت وانت راجل اسم العيلة
دى مرتبط بيك يا شهاب ونسل العيلة دى برضه مرتبط بيك ثراء مسيرها هتتجوز
يعنى هتروح لحد من برا العيلة دى فانت بقى اللى لازم تحافظ على ده كله انا
احترمت رغبتك لما رفضت ترتبط بثراء ومحبتش اغصب عليك علشان عارف جواز الغصب
بتبقى اخرته ايه فياريت تحط كلامى ده فى دماغك يا شهاب ومتنسهوش
استمع شهاب لحديث والده حتى انتهى ورأه ينهض من مكانه يقترب منه يربت على كتفه ينظر اليه بتفحص مردفاً:

تصبح على خير يا شهاب ولو فى اى حاجة انا موجود وحابب اسمع وجهة نظرك فى
اللى قولته نام دلوقتى وبكرة نتكلم النهاردة تعبنا كلنا فى الحفلة وبكرة
عندنا اجتماع مهم ياريت تنام علشان تصحى فايق لشغلك
خرج عزام من غرفة
ابنه يتجه صوب غرفة نومه ومازال شهاب جالساً مكانه يسترجع بعقله كل كلمة
اخبره بها والده فهو الآن لا يشعر بارتياح من فحوى حديث والده فهل شك بشئ
بشأن سيرين
_______
يستلقى أيسر على فراشه يجافيه النوم يحملق فى
سقف غرفته بشرود تناول هاتفه من على الكومود فتح الهاتف لرؤية ذلك التطبيق
الذى يوضح له مكان تواجد ثراء لاحظ أن مكان تواجدها يبتعد عن القصر هب
جالساً في مكانه ينظر لشاشة الهاتف باهتمام فأين هى ذاهبة فى هذا الوقت
المتأخر؟
– ايه ده هى راحة فين دلوقتى جهاز التتبع بيبعد عن أوضتها هو ايه اللى بيحصل
الا
انه نهض مسرعا يرتدى ثيابه يسحب سلاحه يضعه بخصره ظل ينظر لشاشة الهاتف
لمعرفة الى اين وصلت يستشعر بخوف فربما حدث لها شئ فهى ليست من عادتها ان
تخرج من المنزل وخاصة ان الوقت الآن الثالثة صباحاً، رأى انها مازالت
متواجدة بالقرب من القصر فربما لم تخرج بعد وصل الى حيث اشار اليه الهاتف
نظر حوله فلمح أحد يركض ناحية البوابة الخلفية للمنزل يحمل أحد على كتفه
تبين انها ربما ثراء من شعرها الطويل المتدلى يغطى ملامح وجهها فهتف أيسر
بصوت عالى قائلا:
– استنى عندك اقف مكانك هضربك بالنار استنى عندك بقولك
تجمدت
مفاصل عباس من الخوف وهو يستمع لتهديد أيسر ومازاد فى رعبه صوت تلك
الرصاصة التى أطلقها أيسر كتهديد له بالتوقف عن الركض سحب عباس ميدية من
جيبه يلتفت لأيسر قائلا:
– لو قربت منى خطوة واحدة هدبحها قدامك ابعد احسن ليك وليها انت فاهم انا مبهزرش
فعباس
انزل ثراء من على كتفه وهى مازالت مخدرة يحاوطها باحدى ذراعيه حول خصرها
ويده الاخرى تضع الميدية أسفل عنقها، وهى لا تشعر بشئ فهى غارقة فى سبات
عميق غير واعية لما يدور حولها نظر أيسر اليه يهدر بغضب
– انت عملت فيها ايه هى نايمة ليه كده عملت فيها ايه انطق ليكون النهاردة اخر يوم فى عمرك
هز
الغضب والخوف اوصاله وهو يرى ذلك الرجل يحاوط جسدها بيدها وليس هذا فقط
فهى ترتدى منامتها التى تكشف عن منتصف ذراعيها وايضا جزء من ساقيها وشعرها
مسدولا فهو طوال عمله هنا لم يراها هكذا ومازاد فى غضبه انها غير واعية لما
يحدث فماذا فعل بهذا الرجل نظر اليه عباس يبتسم بشر قائلا:
– متخافش
عليها دى فى عينيا الحلوة دى هى بس واخدة تعسيلة صغيرة يلا ابعد احسن ما
اخلي التعسيلة بتاعتها دى نوم متقومش منه ابدا وانت فاهمنى
لمح أيسر نصل الميدية الذى يلتمع أسفل عنقها
– انت اللى لو مسبتهاش هيكون اخر يوم فى عمرك النهاردة
رفع أيسر سلاحه يصوبه تجاهه كأنه على اهبة الاستعداد لاطلاق النيران عليه الا انه صرخ بصوت عالى فجاة
– ثراااااااء….

يتبع…. 

 

لقراءة الفصل الخامس عشر : اضغط هنا 

لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!