Uncategorized

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم دعاء الكروان

 رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم دعاء الكروان

رواية تائهة بين جدران عشقه الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم دعاء الكروان

فى فيلا راشد سليمان…. 
بمجرد أن خرج يوسف من غرفة زينة، جاءه اتصال من على الرفاعى يخبره باتمام حذف الفيديو، فأجابه يوسف بحدة: 
طلعنى بقى من دماغك أحسنلك، و زينة انسى انك كنت تعرفها، و حذارى تمس سمعتها بأى شيئ، و إلا عقابى هيكون قاسى أوى يا على، أنا لو حطيتك ف دماغى و دورت وراك هلاقى بلاوى توديك فى داهية، فاتقى شرى و ابعد عن عيلة سليمان نهائى. 
رد عليه على و هو يصتك أسنانه من الغيظ: 
ماشى يا يوسف بيه… أوامرك. 
أجابه و هو يزم شفتيه باشمئزاز: 
يلا من غير سلام. 
و أغلق يوسف الخط متجها الى الدرج ثم إلى بهو الفيلا حيث يجلس عمه راشد.. 
ألقى عليه السلام ثم جلس بكرسى بجواره فأدار راشد دفة الحديث: 
ها طمنى.. صالحتها؟! 
زم شفتيه بأسف مردفا: 
صالحتها بس مش راضية تلين.. سايقة عليا الدلال حضرتها. 
ضحك راشد بصخب ثم قال: 
معذورة بردو يا يوسف.. الموقفك اللى أخدته منها مش سهل عليها. 
تنهد بقلة حيلة مردفا: 
و الله بقى أنا عملت اللى عليا و اعتذرتلها، بس هى اللى منشفة دماغها عليا
تفاجأ بها  تأتى من خلفه تدخل فى الحديث و هى تقول بعصبية: 
عملت اللى عليك و اعتذرتلى؟!… هو انت قولت كلمة اعتذار أو أسف واحدة.؟!.. قولتلى أنا آسف يا زينة؟! 
وقف فى مواجهتها مجيبا بنفس نبرتها: 
و سيادتك عايزة ايه بقى؟!.. عايزانى أقولك أنا آسف يا زينة؟!.. و النبى تسامحينى يا زينة؟!.. لا يا ماما مش يوسف سليمان اللى يتحايل على واحدة ست و لا حتى راجل.. 
نهض راشد من مقعده بعصبية: 
بس انت و هى، ايه؟!.. أنا مش مالى عينكو و لا ايه؟! 
اعتذر يوسف بخفوت: 
العفو يا عمى. 
كانت زينه ترمقه بملامح منكمشة من الغيظ و الغضب، فقالت لأبيها: 
شوفت يا بابا الغرور بتاعه؟!… بتتغر عليا يا يوسف؟! 
أجابها ببرود: 
دا مش غرور.. دى مسألة مبدأ. 
ردت و هى تصتك أسنانها من الغيظ: 
بس انت غلطت فيا و لازم تعتذرلى. 
أجابها بهدوء:
زينة انتى ناسية لما قولتلك زينة حبيبتى قلبها أبيض و بتسامح؟!
قطبت جبينها باستنكار:
هو دا الاعتذار؟!
تدخل راشد سريعا لإنهاء الحوار:
مشيها اعتذار بقى يا زينة.. ما هو قالك حبيبتى… عايزة ايه تانى؟!
أخذت تنظر له تارة و لأبيها تارة أخرى و فى الأخير ضربت الأرض بقدمها من الغيظ ثم جلست على المقعد المقابل لمقعده بوجه محمر من الغضب.
رمقها يوسف و هو يكتم ضحكته عليها بصعوبة،ثم أجلى حنجرته موجها الحديث لعمه:
احمم.. أنا فكرت ف رد كويس أوى على الفيديو دا يا عمى.
راشد بحماس:
قول بسرعة..
يوسف:
احنا هنقول إن زينة لما كانت تايهة و هى صغيرة الناس اللى هما أصحاب النايت كلاب دول لاقوها و ربوها، و لما عرفنا انها بنت حضرتك، روحنا و معانا البودى جارد علشان ناخدها و تعيش ف وسطنا، بس اللى اسمه جلال دا مكانش مصدقنا و مكنش راضى يخلينا ناخدها…أظن دا من حقنا و حاجة متسيئش أبدا لسمعتنا و مبرر قوى جدا كمان.
اتسعت ابتسامة راشد باعجاب مردفا:
برافو عليك يا يوسف… أيوة كدا هو دا يوسف سليمان اللى أعرفه.. مش القفل اللى كنت بكلمه من شوية!!
ضحكت زينة ضحكة مكتومة، فرمقها يوسف بغيظ، و نظر لعمه قائلا:
قفل!!.. كدا بردو يا عمى تشمت فيا الأعادى.
أطلقت زينة لضحكتها العنان، فرمقها يوسف بتحذير، مردفا بغيظ:
عجبتك أوى الكلمة دى؟!
أومأت عدة مرات و قالت من بين ضحكاتها:
بصراحة أيوة.. لايقة عليك أوى.
رد عليها بنبرة تحذيرية:
زينة.. اتلمى.
هز راشد رأسه بيأس و أردف و هو ينهض من مقعده:
لاااا… دا انتو مش هتخلصو خناق النهاردة.. أنا قايم أساوى موضوع الفيديو دا و انشر الرد اللى اقترحته… و كملو انتو خناق براحتكم يا حبايبى….ثم تركهم و انصرف. 
عاد ينظر لها بشر، فارتعدت أوصالها لتلك النظرة، و همت بالنهوض إلا أنه أستوقفها بحدة صائحا بها:
استنى عندك.. رايحة فين؟!
تعثرت فى الحديث خوفا من هيئته المتحفذة  لتوبيخها مرة أخرى مردفة:
طـ طالعة قوضتى.
نهض من مقعده و أخذ يقترب منها رويدا رويدا و هو يرمقها بملامح تبدو غاضبة إلى أن التصق وجهه بوجهها تقريبا، انحنى عليها قليلا، فوقعت بدورها جالسة بالمقعد من خلفها، استند بكفيه على كل مسند من مسندى المقعد، و انحنى عليها بشدة مردفا بنبرة مخيفة باردة:
بقى أنا قفل يا زينة.
أجابته بتوتر:
أنا مقولتش كدا.. دا دا بابا اللى قال
يوسف بنفس النبرة الباردة:
بس عجبتك الكلمة.. مش كدا؟!
نفت و هى تهز رأسها و تبتلع ريقها بصعوبة:
لا.. لا خالص على فكرة.
زم شفتيه بمكر:
اممممم.. و كمان بتكدبى؟!
نظرت للمسافة القليلة التى تفصلهما و أردفت بتوتر:
طب… ممكن تبعد شوية؟!
ابتسم بمكر:
لا… أنا مرتاح كدا.
زينة:
بس أنا مش مرتاحة كدا.
رفع كتفيه لأعلى بعدم اكتراث:
مش مهم.
تأففت زينة بضجر و تمتمت بصوت خافت جدا:
“يا رب سعاد تطب عليك دلوقتى زى القضا المستعجل”
يوسف:
بتقولى حاجة يا قلبى.
ابتسمت بسخرية قائلة:
بقول الدنيا حر و يا ريت توسع كدا علشان عايزة شوية هوا.
رفع حاجبيه بتساؤل:
حرانة؟!… اممم طاب ما تقلعى الجاكيت دا.
امتدت يده لتعبث بالزر الوحيد الذى يربط جانبى سترتها، فرمقته بنظرة تحذيرية:
يوسف… لو حد شافنا بالوضع دا هيفتكر إن إحنا بنعمل حاجة مش تمـــــ….
لم تكد تكمل عبارتها حتى أتاهما صوت سعاد قائلة:
احم… راشد بيه عايزك يا أستاذ يوسف.
أغمض عينيه بغيظ شديد و هو مازال على وضعه، ثم اعتدل و رمقها بغل مردفا بصوت جهورى:
سعاااد… قطع عيشك هيبقى على ايدى.. مبتخبطيش ليه ع الزقت قبل ما تدخلى؟!
ارتعدت أوصالها لنبرته الحادة، و أجابته بخوف و فزع:
أخبط فين بس يا أستاذ يوسف… حضرتك قاعد ف الصالة.
دار بعينيه فى المكان فوجد أنها محقة، فزفر بعنف و هو يقبض على كفه بشدة ثم قال:
أوف.. أنا قرفت.
و من ثم سار إلى غرفته بخطوات واسعة من فرط العصبية، بينما سعاد توجهت للمطبخ و هى تبكى من الحرج، أما زينة تنهدت براحة و تمتمت:
“أنا شكلى مكشوف عنى الحجاب و لا إيه؟!”
ثم ضحكت بخفوت و ذهبت باتجاه غرفتها.
فى صباح اليوم التالى…
قام يوسف بنشر صيغة للرد على المقطع المتداول كما اتفق مع عمه مسبقا، و قام برفع دعوى قضائية ضد صاحب القناة التى روجت ذلك المقطع.
فى منزل رفعت…..
عاد رفعت و سهيلة لتوهما من عيادة طبيب الأمراض النفسية، بعدما دخلا المنزل جلسا قليلا ليستريحا من زحام الطريق و حرارة الجو.
أدار رفعت دفة الحديث:
الحمد لله يا سهيلة شايف تحسن كبير، و حاسس ان انتى متحمسة لموضوع الشغل دا.
أومأت مبتسمة بحماس:
فعلا يا خالو.. أنا أصلا نويت خلاص من بكرة إن شاء الله هدور على سنتر ترجمة أتدرب فيه الأول علشان يبقى عندى خبرة كويسة لو حبيت أشتغل فى شركات دولية.
أجابها باستنكار:
و تدورى و تتعبى نفسك ليه يا بنتى و شركة باباكى و ابن عمك موجودة.
سهيلة:
يا خالو عايزة أحس إن أنا بتعب علشان أوصل لهدفى، مش كل حاجة عايزاها تبقى سهلة و متاحة كدا بالنسبالى… عايزة أحس بطعم النجاح و الإنجاز بجد.
رمقها بفخر مردفا بحبور:
ما شاء الله عليكى يا سهيلة… اتغيرتى أوى.
ابتسمت و سألته بمرح:
و اتغيرت للأحسن بقى و لا للأوحش.
أجابها سريعا:
للأحسن طبعا يا حبيبتى.
تنهدت براحة ثم قالت:
طاب الحمد لله… رب ضرة نافعة.
استطردت بحماس:
أنا جبت عنوان كام مركز ترجمة كدا من النت، و ان شاء الله هروحلهم بكرة، و أهو ربنا يسهل بقى.
جحظت عيناه باندهاش:
انتى ناوية تقيمى هنا علطول و لا ايه؟!… مش ناوية تروحى لباباكى؟!
سهيلة:
لا طبعا يا خالو أكيد هروح… بس مش دلوقتى…على الأقل لما أخد فترة تدريب كويسة.
رفعت:
طب يا بنتى ما تروحى تتدربى هناك.
أجابته برجاء:
بليز يا خالو سيبنى براحتى… معنديش استعداد أروح دلوقتى.
هز رأسه بقلة حيلة مردفا باستسلام:
براحتك يا بنتى… أهم حاجة راحتك.
مر شهر كامل على الأبطال…….
استقرت أمور شركة آل سليمان بعد حادثة مقطع الفيديو، و يوسف امتنع عن محاولات اقترابه من زينة، يعلم أن سعاد مسلطة عليه من قبل عمه لإفساد لحظات اقترابه منها و لكنه لا يستطيع معاتبته فى ذلك، فربما يكون محقا و يكون ذلك أفضل للجميع حتى لا يتمادى فى فعل أشياء أخرى لا يُحمد عُقباها.
سهيلة التحقت بإحدى مراكز الترجمة، تعمل بجد لتحقيق ذاتها التى فقدتها منذ أمد بعيد، تعرفت على زميلات لها بالمركز و كونت صداقات جديدة، مازالت مستمرة فى جلساتها مع طبيبها النفسى، و حالتها النفسية تحسنت إلى حد كبير، حتى أنها أصبح لديها رغبة ملحة فى مقابلة يوسف و زينة لترى مدى ثباتها و تماسكها أمامهما، فالمواجهة آتية لا محالة، و لا داعى للتأجيل أكثر من ذلك.
حصل جلال على أربعة ملايين جنيه نظير بيع الملهى الليلى لعلى الرفاعى، وقام بشراء شقة فى منطقة بعيدة تماما عن منطقته السابقة، و افتتح متجر لبيع الملابس الجاهزة تشرف عليه والدته، فاستقرت حياتهما على هذا النمط.
الحياة بين لينا و رأفت مستقرة إلى حد ما، و لكن ينقصها الحب من طرف لينا، فهى تعامله هو و أولادة بالحسنى و لكن بطريقة نمطية ليس بها روح أو حب، لم تستطع بعد أن تعطيه و لو جزء من قلبها، و رأفت يصبر على أمل أن يلين قلبها بعدما تشعر باهتمامه و حنانه، و لكن يبدو أن انتظاره سيطول.
كرث يحيى جل وقته لإنهاء رسالته بأسرع وقت، و ديما منهمكة فى استذكار دروسها استعدادا للاختبارات التى أوشكت على الانتهاء و هى فى عامها الأخير، و يحيى ممتنع عن مقابلتها إلا من بعض اللقاءات القليلة جدا حتى لا تنشغل به، و تهمل دراستها.
أخذ على هدنة مع يوسف بعدما تلقاه منه من تهديد و وعيد، ترك الملهى لإدارة راضى، و كان راضى يرسل له الايراد أسبوعيا عن طريق بطاقته الإئتمانية، و يشرف عليه فى الخفاء.
فى مركز الترجمة…
كان هناك شاب مجتهد يدعى مهند، يعمل فى نفس قسم اللغة التى تعمل به سهيلة، يراقبها منذ أن وقعت عيناه عليها عندما تسلمت العمل حديثا بالمركز، لا يعلم لما لا يستطيع أن يتوقف عن ملاحقتها بعينيه فى كل حركة تصدر منها، لما كل هذا الاهتمام الغير مبرر؟!
تغيبت يومين متتاليين عن المركز بسبب اصابتها بنزلة برد شديدة، شعر حينها أن المكان يكاد يكون خاويا من الناس، فهو يرى فيها الأنيس و الجليس، على الرغم من أنها لم تنتبه له يوما، و لم تلق له بالا بتاتا، و كأنها تبلور نفسها ببلورة متينة لا أحد يستطيع إختراقها بسهولة.
حضرت أخيراً بعد غيابها و لايزال علامات التعب تبدو على ملامحها، رؤيتها أضاءت وجهه، و أشرقت عينيه، و رسمت الابتسامة مجددا على محياه، فقرر أن يأخذ خطوة جادة حيالها، طالما وقع فى حبها و تأكد من ذلك. 
تجلس بمكتبها تعمل بانهماك فى ترجمة الملف الالكترونى على الحاسوب النقال، وقف قبالة مكتبها و حمحم بحرج: 
احمم…  آنسة سهيلة عايز اتكلم معاكى ف موضوع خاص…  ممكن؟! 
رفعت رأسها له و قطبت حاجبيها باستغراب مردفة بعدم اهتمام: 
سورى..  مبتكلمش مع حد معرفوش ف مواضيع خاصة. 
أثار ردها حرجه الشديد، فمهند شخصية خجولة الى أقصى حد، بلع ريقه و عدل من وضع نظارته الطبية مردفا بحرج:
طيب ممكن تسمعينى الأول و بعدين ليكى مطلق الحرية بعد كدا إذا كنتى هتناقشينى و لا لأ؟! 
زفرت بملل ثم أغلقت الحاسوب، و أردفت برسمية: 
ممكن أعرف الموضوع دا بخصوص إيه؟! 
أجابها يثبات: 
بصى من الآخر كدا،  أنا عايز أرتبط بيكى ارتباط رسمى،  أتقدملك يعنى. 
كسا الوجوم ملامحها و أجابته برفض قاطع: 
أنا آسفة جدا يا أستاذ مهند..  أنا مش موافقة. 
أجابها باستنكار: 
علطول كدا من غير تفكير؟! 
أجابته بحدة: 
أساسا مبدأ الإرتباط عندى مرفوض. 
هز رأسه بأسى قائلا باصرار: 
تمام يا آنسة سهيلة…  بس تأكدى إن دى مش هتكون آخر مرة هعرض فيها عليكى العرض دا.. و أتمنى تراجعى نفسك فى مسألة الإرتباط دى.
ألقى بكلماته بثقة ثم غادر من أمامها و تركها تنظر فى أثره باندهاش شديد لعدة دقائق، ثم عادت لعملها مرة أخرى و هى تتمتم:”دا بيحلم دا ولا ايه؟!”
فى منزل رأفت….
عاد من عمله فى المساء و دخل شقته، فوجد إبنيه يلعبان بألعابهما الخاصة و لينا تعد الطعام بالمطبخ.
دخل المطبخ بهدوء حتى لا تشعر به، و قف خلفها بمسافة لا بأس بها، و راح يراقبها و هو يتخيل رد فعلها عندما تراه بعد عودته من يوم عمل شاق كما يتمنى أن تفعل كأن تحتضنه مثلا و تسمعه من كلمات الحب و الغرام، و أن تخبره بأنها افتقدته كثيرا، و لكن للأسف إنه فقط يتخيل.
عاد رأفت من شروده، فحمحم ثم قال:
ازيك يا لينا.
التفتت له نصف التفاتة ثم أردفت بنبرة خاوية:
الحمد لله… ثوانى و الأكل يكون جاهز.
هز رأسه بيأس مردفا بحدة:
مالوش لزوم.. مش عايز أطفح.
التفتت لتكون بمواجهته ترمقه باستغراب من حدة نبرته ف الحديث و التى لم تعهدها فيه مردفة باستنكار:
مالك يا رأفت بتزعق ليه؟!.. فيه ايه؟!
أجابها بعصبية:
فى إنى زهقت من البرود بتاعك.. بقالى أكتر من شهر عمال أدلع فيكى و أحب فيكى و انتى و لا هنا، عايشة ف دنيا تانية، عاملة زى الانسان الآلى اللى بيخلص مهمته و يطفى.. بس أنا خلاص قرفت و معادش ليا خلق لبرودك دا،  أنا عارف إن ماليش حظ ف الجواز… حظى كان زفت ف الجوازة الأولى، و الجوازة التانية.. حظى أزفت و أزفت.
ثم ركل الجدار من خلفه من فرط عصبيته و تركها بذهولها و انصرف.
أشفقت لينا على مظهره، فهى أول مرة تراه فى هذا الطور من العصبية، كان هادئا معها دائما منذ فترة الخطبة إلى قبل هذا الوقت بقليل، أيعقل أن تكون باردة فى معاملتها معه إلى ذلك الحد الذى أثار غضبه و عصبيته؟!
خرجت من المطبخ و جلست فى بهو الشقة تعيد حساباتها و مواقفها معه منذ عرفته، وجدت أنها حقا تعامله بجفاء و رسمية زائدة، و لكن ليس بيدها، فهى لم تستطع أن تحبه، أو ربما لم تعطى لنفسها فرصة لتحبه.
فى المقهى العربى بلندن….
يجلس يحيى خلف إحدى الطاولات فى انتظار قدوم ديما بعدما أنهت إختبارات نهاية العام لعامها الأخير بالجامعة. 
أقبلت عليه بابتسامة واسعة جعلت قلبه يرفرف بسعادة، جلست بالمقعد المقابل له، فأدار دفة الحديث قائلا بسعادة عارمة: 
أخيرا خلصتى يا ديمتى. 
أومأت بسعادة: 
الحمد لله…  مانى مصدقة حالى يا يحيى..  أخيراً. 
أجابها بابتسامة: 
عقبال فرحتنا الكبيرة…  ياااه امتى ييجى اليوم دا. 
أردفت باستنكار: 
شو ها الحكى..  يعنى عم بتحلم بالزفاف و حنا لسة حتى ما اتخطبنا؟! 
ضحك بصخب و قال من بين ضحكاته: 
طب ما احنا يعتبر مخطوبين، و بعدين أنا جاى النهاردة أصلا علشان نحدد ميعاد الخطوبة طالما خلصتى الامتحانات. 
اتسعت ابتسامتها مجيبة بفرحة تلتمع بعينيها: 
أوكى… اختار يلا الميعاد.
يحيى:
ايه رأيك بعد أسبوع، زى النهاردة…
أومأت بموافقة:
تمام.
يحيى:
اختارى انتى بقى المكان اللى هنعمل فيه الحفلة.
أجابته برجاء:
خلينا نعملها هون بالكافيه بليز يحيى.. راح خلى بابا يزينه منيح، انت ما بتعرف أديش ابحب هادا الكافيه…رمقته بنظرة ذات مغذى مردفة بخجل طفيف:
اتعرفت فيه على شاب كتير حباب و أى بنت تتمناه.
رسم على محياه ابتسامة ساحرة، ثم وضع يده على موضع قلبه مردفا بنبرة هائمة:
قلبى!!..انا مش مصدق إن ديما اللى بتقول الكلام دا… أخيرا الجبل نطق!!
رمقته بابتسامة خجلى، ثم حمحمت مغيرة مجرى الحديث لتخرج من حصار نظراته المهلكة، فقالت بجدية و بلهجة مصرية:
احم.. و انت لسة قدامك كتير فى الرسالة.
ابتسم على قلب لهجتها و تغييرها للحوار، و لكنه تقبل ذلك و أكمل باقى جلسته معها عن الرسالة و الدراسة و إلخ…
فى فيلا راشد سليمان…
تنزل على الدرج بشرود، تفكر بحيرة فى تغير معاملة يوسف معها، فهو أصبح يعاملها برسمية عن ذى قبل، ترى ألم يعد يحبها؟!.. 
كان ينزل خلفها ببطئ،  يرى شرودها، فهى لم تشعر به بتاتا، و فى خضم شرودها انفلتت قدمها و انزلقت على الدرج، أخذ يوسف الدرج فى خطوتين يصرخ بها:
زينة…خلى بالك.. و لحق بها قابضا على ساعدها ليوقفها قبل أن تنزلق على الدرج بأكمله.
أخذت تصرخ من ألم قدميها و هو يلهث و يحمد الله أنه كان ينزل خلفها و إلا كانت العواقب وخيمة.
بعدما انتظمت أنفاسه صرخ بها بعصبية:
مش تخلى بالك و انتى نازلة ع السلم؟!..نازلة سرحانة ف إيه؟!… افرض مكنتش نازل وراكى؟!…لو كنتى خدتى السلم كله كان زمان عضمك كله متكسر.
رمقته باستنكار و أردفت من بين شهقاتها المتألمة:
يعنى انت شايفنى بصرخ من وجع رجلى و كمان جاى تزعقلى؟!.. دا بدل ما تقولى الف سلامة عليكى.. الحمد لله انها جت على أد كدا؟!
لم يجيبها و انما انحنى ليحملها برفق متجها بها إلى غرفتها.
وضعها على الفراش ثم قال لها:
أنا رايح أشوف أى كريم مسكن تدهنى بيه رجلك اللى بتوجعك.
أومأت له دون رد.
عاد بعد عدة دقائق و معه المرهم المسكن، أعطاه لها و هو يقول بهدوء:
اتفضلى الكريم أهو.. ادهنى بيه رجلك، و أنا هخرج بقى علشان عندى اجتماع مهم و انتى أخرتينى.
اخذت المرهم و هى ترمقه بحزن من حدته معها.
اقترب أكثر حتى جلس بجانبها و استرسل حديثه بنبرة حانية حتى لا يزيد غضبها منه:
حبيبتى لو ما ارتحتيش كلمينى علشان أبعتلك دكتور.
إكتفت بإيماءة بسيطة بملامح واجمة.
لاحظ وجومها فتنهد بقلة حيلة، و اقترب منها قائلا بحنان:
متزعليش منى… أنا اتعصبت عليكى علشان كنت خايف عليكى.
نطقت أخيراً:
انت لسة بتحبنى يا يوسف؟!
قطب جبينه باستنكار مجيبا بهدوء:
ايه السؤال الغريب دا؟!… و انا امتى بطلت أحبك؟!
رفعت كتفيها لأعلى مردفة بحيرة:
مش عارفة..بس حسيت بكدا.
أجابها بابتسامة:
لا يا حبيبتى اطمنى.. لسة بحبك و هفضل أحبك لآخر العمر.. بس يا ريت تبطلى سرحان بقى.
تنهدت بارتياح و أجابته بابتسامة واسعة:
حاضر
نهض من جانبها بعدما طبع قبلة على جبينها ثم قال:
أنا ماشى بقى.. اتأخرت.
رمقته بعشق مردفة:
اوكى..باى
يتبع…
لقراءة الفصل الثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا

اترك رد

error: Content is protected !!