روايات

رواية جمال الأسود الفصل الثاني 2 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود الفصل الثاني 2 بقلم نور زيزو

رواية جمال الأسود البارت الثاني

رواية جمال الأسود الجزء الثاني

جمال الأسود

رواية جمال الأسود الحلقة الثانية

عانقتها “مريم” بضعف شديد وخوف يحتلها من الداخل من القادم وما سيحدث عما قريب، طوقتها “سارة” بحب مُحاولة إخماد نيران قلبها المُرتعب خوفًا من القادم ثم همست إليها قائلة:-
-حصانك تحت، أنا سألته ممكن تروحي له
خرجت “مريم” من بين ذراعيها بسرعة البرق وتلاشي الخوف وعادت للحياة كسمة صغيرة عادت للمحيط بعد ان أنقطعت أنفاسها فى صراع الخروج منه، تتطلع بها بحماس وقالت:-
-هروح أكيد، عن أذنك
تبسمت بسعادة وهى تقف من مكانها لتركض للخارج ولأول مرة تظهر بسمة على شفتيها مُنذ رحيل “مُختار”، ضحكت “سارة” بعفوية على عودة طفلتها إلى طبيعتها البريئة، كانت تركض على الدرج كطفلة صغيرة جميلة نالت حريتها فرأتها “حنان” وشعرت بأنها ترى فراشة جميلة حلقت بجناحيها فى السماء بعد أن نالت حريتها وبسمتها العريضة تجذب كل من تراه فقالت بدهشة من تبدل حال هذه الفتاة:-
-على فين، أساعدك؟
توقفت “مريم” بحرج من هذه المرآة وركضها هكذا فى هذا المنزل الغريب وقالت:-
-عايزة أروح الأسطبل
أشارت “حنان” إلى أحد الخادمات الواقفة هناك وقالت بجدية:-

 

-هي هتساعدك وتوصلك هنا، وصليها للأسطبل وأرجعي على طول
أومأت الخادمة لها بنعم ثم ذهبت فى المقدمة لتبتسم “مريم” بسمة لطيفة خافتة إلى “حنان” كشكر وأمتنان على مساعدتها، خرجت خلف الخادمة حتى وصلت إلى الأسطبل وكان خلف القصر وهناك سياج كبير لركوب الخيل بجوار منزل خشبي يسكنه الخيول، أسرعت بالركض إلى هناك لتمر من جوار الخادمة وتصبح هى فى المقدمة، تبسمت الخادمة عليها وسارت خلفها بعفوية، دلفت للأسطبل وكان هناك عامل “حاتم” فور رؤيتها تعجب من وجود غريبة هنا ليقول:-
-أنتِ مين؟ ممنوع حد يجي هنا أطلعي برا
لم تجيب عليه بل نظرت إلى حصانها ورأسه تظهر من فوق السياج الخشبي المغلق عليه فتبسمت بفرحة عارمة تغمرها وقالت:-
-أنا مالكة إيلا
بدأ الحصان يصدر صيهله ويقفز بأقدامه فرحًا لرؤيتها وكأن هذا الحصان يبادلها نفس القدر من العشق والشوق، أسرعت إلى هناك فأومأت الخادمة إلى العامل بنعم وأن سيد القصر قد سمح لها بالفعل بالمجيء إلى هنا فمن سيعترض، نظرتها كأنها تخبره بموافقة “جمال” على ذلك، رفعت “مريم” يدها إلى الأعلى بينما قربت “إيلا” رأسها إلى يد مالكتها تداعبها فقالت الخادمة بدهشة بعد أن سمعت أسم الحصان:-
-فرسة، حصان أنثي
أومأ “حاتم” لها بنعم فمُنذ حضور هذه الفرسة إلى هنا وهو من يرعاها ويهتم بأمرها لذا يعرف هذا الأمر وقال بحماس:-
-من يوم ما جيت هنا بقالها ثلاثة شهور ولا مرة شوفتها فرحانة كدة، كل مرة كنت بطلب الدكتور عشان يشوفها لأن أكلها ضعيف وحتى صهيلها مسمعتهوش فى معظم الأوقات، فتحت لها الباب أكثر من مرة عشان تجري وتحس بالحرية فى المكان

 

لكنها كانت واقفة محلها سر، دلوقت بس عرفت مالها وعلاجها اللى الدكتور مقدرش يدهولها، صاحبتها! إيلا كانت عايزة المالكة عن الحرية
فتحت “مريم” الباب الخشبي الجراج بقوة رغم ضعفها وهو الحاجز بينهما وربتت على ظهر “إيلا” فرستها البنية الجميلة ذات الشعر الطويل كصاحبتها مما جعلت من لمستها الحماس ينطلق بها وبدأت تقفز بسعادة وتهز رأسها كأنها تطلب من “مريم” الصعود على ظهرها، تبسمت “مريم” وجلبت مقعد صغير لتضعه جوارها وصعدت على ظهر “إيلا” وتنفست بأرتياح وهى تقول:-
-وحشتينى يا إيلا، مش هتتخيلي حياتي فى غيابك عاملة أزاى
أوقفها “حاتم” بضيق شديد قائلًا:-
-علي فين، ممنوع ركوب الخيل بالليل دى أوامر جناب البيه….
لم تعطيه “إيلا” المجال لأستكمال حديثه وركضت بسرعة جنونية بـ “مريم” كأنها تحتفل بعودة صديقتها ومالكتها وتشاركها الفرح، خرج “جمال” من المرحاض بعد أن أخذ حمامًا دافئًا وأرتدي تي شيرت أسود اللون وبنطلون أزرق ليجد كوب قهوته موجودًا على الكمودينو فأخذه ودلف إلى الشرفة يرتشف القليل منه وهو يتكأ بذراعيه على داربزين الشرفة ويفكر كثيرًا فيما هو قادم وماذا يجب أن يفعل بهذه الفتاة وغدًا سيفتح الوصية غير كونها حامل قاطع تفكيره وشرود صوت صهيل الفرس بقرب منه، ألتف لزواية الشرف وأتسعت عينيه عندما رأي الفرسة تخرج من منزل الخيول مُسرعة وبحماس وعلى ظهرها “مريم” أستقام فى وقفته وهو يسير معها بل يركض معهما بعينيه، دلفت “إيلا” إلى السياج وكأنها تعود للحياة والركض بحماس وسعادة و”مريم” فوقها تلاشي الخوف والأرتجاف منها تمامًا كأنها تبدلت وأصبحت فتاة أخرى، كانت كفارسة ماهرة فى قيادة الخيال وتمسك فى شعر “إيلا” الطويل بحب وشعرها الناعم يتطاير مع جسدها النحيل الذي يقفز مع ركض “إيلا”، لم ينكر “جمال” أبدًا كونها جميلة لكن تساءل أجمالها يستحق أن يتزوجها رجل بعمر والدها؟، فإذا كان هو والذي يصغر أخاه بعشر سنوات فلن يقبل أبدًا بطفلة مثلها زوجة له، ماذا قدم “مختار” لها كي تقبل به؟ كان هذا السؤال يلازمه دومًا طيلة الليل وهو يراقبها حتى مرت ساعتين أو أكثر فجلس “جمال” على المقعد يراقبها فى جلوسه حتى تعبت وأخذت “إيلا” إلى المنزل

 

الخشبي لتدخل “إيلا” وتعود وحدها للقصر، لم ينام “جمال” هذه الليلة وكان تفكيره يأخذه للأسوء، أيجب أن يتخلص من جنينها؟، بدل ملابسه صباحًا وأرتدي قميص أبيض وبنطلون جينز ثم ترجل للأسفل وكان “شريف” قادمًا فتعجب لما يرتديه “جمال” فقال:-
-رايح فين؟ النهار دا إجازتك ولا وراك شغل معرفهوش
أغلق “جمال” ساعة يده بأحكام وهو يجيب عليه قائلًا:-
-رايح معكم للمستشفي خلينا نخلص
أتسعت عيني “شريف” وهكذا “سارة” على مصراعيها وبدأ الأرتباك يظهر عليهما فقال “جمال” بجدية:-
-هي فين؟
أجابته “سارة” بتوتر شديد قائلة:-
-أهي جت
رفع رأسه ليراها تنزل على الردج مُرتدية نفس ملابس الأمس بنطلون جينز وتي شيرت أبيض بنصف كم وحذاء رياضي أبيض

 

اللون فهى لم تجلب معها أى ملابس أو أغراض لها، ذهبوا أربعتهم معًا للمستشفى فى سيارة “جمال” فلم يستطيع “شريف” أو “سارة” والخوف من هذا الرجل صنع بداخلها ثقبًا كبيرًا من الخوف بعد أن يعلم “جمال” ما ينوا عليه، وصلوا للمستشفي ولم ينتبه أبدًا إلى سيارة الأجرة الخاصة بـ “حمزة” التى توقفت خلفهم وهو يراقبهم، وصلت “مريم” بأرتباك شديد إلى غرفة الطبيب وكان صديق “جمال” ليقول:-
-اتفضلي
نظرت “مريم” لهما بقلق شديد مما جعل “جمال” ينظر إليها وهى لم تدخل كما طلب الطبيب ليقول بحزم ولهجة صارمة:-
-أدخلي خلينا نخلص من الموضوع دا
تعجب “شريف” لكلمته التي لم يفهمها فدلفت “مريم” وحدها بعد أن منعت الممرضة وجود “سارة”، أخذ “شريف” “جمال” من ذراعيه إلى درج الطوارئ وكان المكان فارغًا ليقول بقلق:-
-حضرتك قصدت أيه بنخلص من الموضوع؟ ناوي علي أيه يا مستر جمال؟
أجابه “جمال” ببرود شديد قائلة:-
-هتجهض، ونخلص من الطفل دا، لازم أنزله أنا مش هقبل بطفل من عاهرة يكون فرد من عائلتي ووصمة عار ليا

 

أستشاط “شريف” غيظًا من تصرفه دون أن يرجع له وقال بأنفعال دون أن يتمالك غضبه لأول مرة أمام “جمال”:-
-من قال لك أنها عاهرة؟ وبعدين عذرًا لكن حضرتك أزاى تتصرف من غير ما ترجع لي وتأخذ قرار زى دا.
صاح “جمال” غاضبًا بأنفعال وهو يشير بسبابته نحو الباب قائلًا:-
-عاهرة يا شريف، قبلت تتزوج برجل من عمر أبوها عشان فلوسه بس، باين عليها أنها طفلة منضجتش لسه ولا تعرف حاجة عن الحياة لكن أول ما شافت فلوس لمعت فى عينيها وقالت تبدأ الحياة بمعلقة من الذهب وراحت له، ممكن تقولي الطفل اللى فى بطنها ذنبه أيه؟ ذنبه أيه أن يتولد من أب فاسد مُتعاطي للمخدرات ومفيش فى سيرته اللى باقية له غير كل أعماله السيئ ومن أم محتاج أتكلم عنها أديك شايف العينة، وفى الأخر أنا هكون عم له وتربطني علاقة أبدية بالناس دي، لا يا شريف أنا مش هسمح بدا نهائيًا، الطفل لازم ينزل ونخلص بقي وبعدها ممكن أديها مبلغ كرم مني وتعوض على أبنها اللى راح وصدقني مش هترفض لأن الفلوس هي الهدف من الأساس فى جوازها من مختار
خرج “جمال” من الباب إلى حيث الرواق وكان كالثور الهائج مُنفعلًا بجنون وعلى وشك قتل “مريم” بهذه اللحظة وهى سبب كل ما يعيشه وتدمير حياته الهادئة، جلست “مريم” بخوف على الفراش مُعتقدة بأنها ستجرى فحصًا بأشعة السونار لكنها صُدمت عندما وضعت الممرضة حنقة فى وريدها لتسألها “مريم” بقلق:-
-أنتِ بتعملي أيه؟
أنهى الممرضة الدواء من الحقنة فى وريدها وهى ترفع رأسها إلى “مريم” لتقول:-
-بخدرك ولا هتجهضي الطفل من غير تخدير؟

 

صُدمت “مريم” من كلماتها وقبل أن تصرخ أو تتفوه بكلمة واحدة كانت قد غبت عن الوعي بمفعول المخدر وجهزتها الممرضة لتجرى الجراحة، وصل “شريف” للغرفة خلفه وهو يقول:-
-يا مستر جمال صدقني هتندم، هى مش زى ما أنت متخيل نهائيًا، أنا..
قبل أن يكمل حديثه خرج الطبيب من الداخل ونظر إلى صديقه ليقول:-
-جمال!! من اللي قالك أنها حامل ؟
نظر “جمال” لـ “شريف” و”سارة” الواقفة مكانها بقلق ثم سأل بقلق:-
-هي مش حامل؟
نظر الطبيب له بدهشة من سؤاله ثم قال بجدية:-
-هتكون حامل أزاى يا جمال وهي بنت وملمسهاش حد
أتسعت أعين الجميع فيما عدا “سارة” التى تعلم جيدًا أن “مريم” ما زالت بعفويتها لم يلمسها رجلًا من قبل حتى زوجها المتوفي لم يقترب منها، لكنها تفوهت بصدمة قاتلة:-
-أنت عرفت أزاى أنها بنت!!؟
أسرعت للغرفة بصدمة قاتلة لترى “مريم” نائمًا على الفراش وملابسها جوارها وترتدي زى الجراحة مما جعل عينيها تدمع حزنًا وإشفاقًا على هذه الطفلة التى لم يشفق عليها أحد والجميع يتسبب فى إهانتها وألمها حتى هذا الرجل الذي لم

 

تقابله سوى بالأمس لم تتسبب له بأى أذي صنع لها هو أذي لم تقبل به أى امرأة فى حياتها، ظل “جمال” وافقًا فى صدمة مُتجمدًاوكأن عقله شل مكانه وجسده جُمد فى الأرض، لم تكن عاهرة كما قال بل فتاة عفيفة وشريفة، أتهمها أسوء أتهام بكل مرة يتفوه بالحديث عنها، أم “شريف” ظل واقفًا مصدومًا فهو كان على علم بأنها لم تكن حامل وهو من أخترع هذه الكذبة حتى يبقيها فى القصر بعد أن سمع حكايتها لكن عفويتها لم يتوقعها أبدًا، ألبستها “سارة” ملابسها وهى فاقدة للوعي ثم مسحت على رأسها بحنان وقالت:-
-سامحيني يا صغيرتي، أنا اللي سيبتك لوحدك ووثقت بهما ونسيت أنهم رجالة ميتوثقش فيهم، متقلقيش أنا هأخدك بعيد عنهم كلهم، هنبعد عن كل اللي أذوكي ووجعوكي أوعدك
قبلت رأسها بحنان ودفء، حاولت حملتها كى ترحل لكنها لا تقوى على حملها فذهبت إلى زواية بالغرفة لتجلب المقعد المتحرك الموجود هناك وعادت إلي الفراش، دُهشت عندما رأت “جمال” يحملها على ذراعيه كطفلة رضيعة وألتف كى يخرج بها لتتقابل عينيه مع “سارة”، تطلعت به بضيق شديد وأشمئزاز من فعلته وقالت:-
-أنت بتعمل أيه، أبعد عنها وإياك تفكر تلمسها مرة تاني، أنت زيهم ومتختلفش عنهم ولا عن قذارتهم، الرجالة كلها زى بعض بنفس الوخشية ما بتصدقوا تلاقوا واحدة ضعيفة تستقوا عليها وكل واحد بطريقته
أجابها بحدة ونبرة غليظة قائلًا:-
-قذارة!! ليه هو أنا جيت أكشف علي عذريتها ولا أتهمتها فى شرفها وقولت ابن حرام، أنتوا اللي قولتوا أنها حامل وأنا مش عايز طفل منها يكون فى عليتي

 

تبسمت “سارة” بسخرية على كلماته وقالت:-
-وأنا تقتل طفل فى رحم أمه بريء مش قذارة ووحشية، مفيش مبرر يا فندم للي عملته، أنت متختلفش عنهم
لم يجيب عليها وخرج من الغرفة حاملًا “مريم” بين ذراعيها، جسدها النحيل باردًا كمكعب من الثلج وبخف ريشة صغيرة كأنه يحمل دمية صغيرة وليست بشرية أو ربما قوة عضلاته ما جعلته لم يشعر بثقل جسدها، فتح باب السيارة الخلفي ووضعها على الأريكة ثم صعد جوارها و”سارة” جلست فى الأمام بجوار السائق ليعود بهما “صادق” إلى القصر بعد مُغادرة “شريف” غاضبًا من تصرف “جمال”، كان ينظر من النافذة ويفكر فيما يحدث وكيف تكن زوجة أخيه الفاسد ولم يلمسها يومًا هذا أمر لا يصدقه عقل بشري يعلم جيدًا حقيقة “مُختار” وإن الحقيقة التى يصدقها العقل هى أنها لم تكن زوجة أخيها وأصطنعت هذا الزواج العرفي لتأخذ منه الورث، توقف عن الشرود فى تفكيره الخبيث الماكر عندما شعر بشيء ثقيل على قدمه وكانت رأسها قد سقطت عليه، لم يحاول جاهدًا أبعادها فألتفت “سارة” من مقعدها مُحاولة إبعاد “مريم” عنه وهو ينظر من النافذة لكنها لم تنجح بسبب جلوسها فى الأمام، أستوقفها “جمال” بسؤاله الماكر قائلًا:-
-أمتي أتجوزت من مختار؟
نظرت “سارة” إليه بضيق وهى حقًا الآن ترغب بقتله مثل “حمزة” تمامًا وقالت ببرود:-
-صدق أو متصدقش لكنه اتزوجها يوم عيد ميلادها الثامن عشر
سأل “جمال” بعبوس شديد بعد أن تطلع بوجه “سارة” فى المرآة:-
-وامتى عيد ميلادها؟
أجابته “سارة” بأختناق وهى تفهم ما يرمي إليه بأسئلته:-
-يوم 10 / 1

 

تبسم بسخرية وهو يفهم كذبتها ثم نظر إلى وجه “مريم” النائمة على قدمه فاقدة للوعي ويقول:-
-اتجوزت أخويا من سنة ونصف وملمسهاش مرة واحدة حتي
استشاطت “سارة” غيظًا من حديثه وقالت:-
-قولتلك صدق أو لا، الأمر يرجع إليك محدش هيجبرك
وصلوا للقصر فحملها “جمال” على ذراعيه وصعد إلى غرفة الضيوف التى أصبحت غرفتها من الأمس ثم وضعها بالفراش برفق شديد وتطلع بملامحها قليلًا وقال:-
-أنا عارف أنك مخبية كتير، جواكي مليئة أسرار وغموض وواثق من دا لكن أيه هي قصتك يا مريم؟ فضولي بيقتلني عشان أعرف اللي جواكي ومخبية أنتِ ومربيتك
ألتف لكى يغادر لكن أستوقفه صوتها المبحوح ضعيفًا جدًا يكاد سمع كلماتها وهى تقول:-
-أنقذني أرجوك!
ألتف إليها بذهول ليراها تفتح عينيها ببطيء وتقول بضعف تستغيث به:-
-ساعدني!
شعر بقشعريرة قوية تصيب جسده وقلبه أنقبض قبضةً قوية وهو ينظر بعينيها الضعيفة لا يعلم لما يشعر بألم شديد فى صدره وشيء قوي بداخله يسير إليها وينجذب إلي ضعفها بقوة ليشعر بخوف سافر داخله فهرب مُسرعًا من غرفتها…
_________________________________
كان جالسًا فى غرفة المكتب مساءًا فصاح “جمال” بضيق شديد قائلًا:-
-أديني سبب واحد خلاك تصدق كذبتهم يا شريف وتقع فى فخهم؟
تنحنح “شريف” بتوتر وهو جالسًا أمام “جمال” على المقعد المجاور وقال بنبرة خافتة:-
-أنا أسف على الموقف اللي حطت حضرتك فيه، لكن صدقني أنا حست بصدق فى كلامهم والبنت ميبانش عليها أنها بتشتغل فى الدعارة ولا حتى عمرها دخلت كباريه وتقدر تغري رجل، أنا شوفت فى وشها براءة وطفولة مقتولة من العذاب، أزاى هتغري رجل أو حد تحاول تثيره وهي بتخاف من كل الرجالة وبتترعب من وجودهم على طول متعلقة بذراع مربيتها، عقلي وعيني مصدقوش اللي بيتقال؟

 

صمت “جمال” قليلًا قبل أن يجيب عليه ومرر أصابعه بضيق على ذقنه ولحيته حركته المُفضلة عندما يفكر وقال:-
-ماشي، معاك 24 ساعة بس تعرف ليا عنها كل حاجة، لكن أفتكر 24 ساعة بس لو مجبتليش اللى يقنعني ببراءتها هرميها برا باب قصري يا شريف
أومأ إليه “شريف” بنعم ثم وقف لكي يغادر من المكان لكن أستوقفه صوت “جمال” القوي يقول:-
-أتصل براغب وقول يعتذر النهار دا عن فتح الوصية أنا مش هفتح الوصية قبل 24 ساعة وخلال هذا ال24 ساعة أعرف كل حاجة عنها مهما كلف الأمر
تبسم “شريف” بحماس شديد لهذا الرجل ثم قال:-
-زي ما تحب يا مستر جمال
غادر “شريف” المكان بينما دلفت “حنان” إلى المكتب وسارت فى خطوات هادئة حادقة بهذه الرجل الذي تحولت حياته الهادئة لفجوة كبيرة مليئة بالمشاكل والكوارث، كان “جمال” مغمض العينين ومُتكأ بظهره على ظهر المقعد من الخلف مُنهكًا بحق، وقفت قرب المكتب بهدوء ثم تنحنحت بخفوت تنذره بوجودها ليقول دون أن يفتح عينيه:-
-فى أية تاني يا حنان؟
تحدثت بنبرة هادئة:-
-أتصل الأمن وبيقولوا أن والد الهانم الصغيرة مريم بيتخانق معهم على باب القصر عايز يدخل ويشوفها
فتح عينيه مع كلماتها وعقله لا يفكر سوى فى شيء واحدًا وهو رجاء “مريم” منه بألا يترك “حمزة” يأخذها وطلبها منه بأنقاذها، كل هذه التصرفات تنذره بوجود شيء خبيث وسيء بوالدها ولهذا تخشاه أكثر من أى رجل أخر فقال بضيق:-
-روحي أنتِ دلوقت

 

وقف من مكانه وخرج من مكتبه مُتجهًا إلى الأعلي حيث غرفتها وطرق الباب قليلًا حتى سمع صوت “سارة” تأذن له بالدخول، فتح الباب بلطف ودلف ليراها ما زالت نائمة فى فراشها مُنذ أن جلبها صباحًا من المستشفي لكن الأن قد فتحت عينيها لكن ما زال جسدها كما هو دون حركة فقال بحرج من فعلته:-
-باباكي تحت وحابب يشوفك!
كلمات قليلة تفوه بها لكنها فعلت الكثير بها فجعلتها كلماته تنتفض من فراشها وهى تقول بخوف:-
-لا… سارة أعملي حاجة رجاءًا
نظر إلى “سارة” التى وقفت حائرة لا يمكنها فعل شيء الآن وإذا أمر “جمال” بخروجهما من منزله سيخرجون دون معارضة، شعرت “مريم” بعجز “سارة” لتنظر إليه وهو واقفًا وذهبت نحوه بحزن شديد وتقول:-
-أنا عارفة أني كذبت عليك بموضوع الحمل وفعلًا أنا أسفة لك بس ممكن متخلهوش يأخذني وممكن تعاقبني على كذبتي زى ما تحب
تطلع “جمال” بعينيها الباكية ويديها المتشابكتين أمام وجهها وتترجاه بكل ضعف أن يعاقبها لكن لا يسمح لوالدها بأخذها، نظر “جمال” إليها وقال بخبث:-
-أعاقبك!! أزاى ممكن أعاقبك ؟ أنا مبقدرش أتحمل المخادعين
مسحت دموعها بأناملها الصغيرة ثم قالت:-
-والله زي ما تحب، حتى لو حبت تخلينى خادمة هنا فى القصر مش هعارضك أقسم لك
تسائل كثيرًا ماذا يفعل بها “حمزة” لتفضل الخدمة فى منزله وتكن خادمة علي أن تكن سيدة القصر ولا تذهب معه فقال:-
-معقول!! بعد ما بقيت سيدة القصر بفضل أخي المرحوم أجي أنا أخليكي خادمة القصر…..
_________________________________

 

وصل “شريف” إلى المزرعة التى كانت تعيش بها “مريم” قبل أن تذهب للقصر، ترجل من السيارة ليري عامل الحديقة يرعي الزرع والخضرة فأقترب منه ليقول:-
-مساء الخير!
نظر العامل له بهدوء مُستغربًا وجود شخص داخل المزرعة فقال:-
-مساء النور يا بيه، أمر؟
-أنا كنت جاي أسأل عن مريم؟
قالها “شريف” بنبرة هادئة لكن رغم هدوءه أشتعلت نيرة الخوف والرعب بهذا الرجل ليعطيه ظهره بخوف من التفوه بشيء ثم قال:-
-أنا معرفش عنها حاجة، من ساعة ما أتجوزت البيه الله يرحمه وهي مخرجتش من باب البيت ممكن تسأل الشغالة هناك، حل عني يا بيه أنا مناقصش مشاكل
حديثه وخوفه جعله “شريف” يشعر بريبة فى الأمر وتأكد بأن هناك شيء غامض وخطير خفي يجعل هذا الرجل يرفض الحديث معه، أتجه إلى المنزل عازمًا أمره على كشف الحقيقة ومعرفة الماضي الذي تحمله “مريم” داخلها وكما يبدو بأنه ليس بأمر هين نهائيًا ……

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جمال الأسود)

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!