روايات

رواية سمال الحب الفصل الثالث 3 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل الثالث 3 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت الثالث

رواية سمال الحب الجزء الثالث

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة الثالثة

_ مُقيَّدان بي ! _
كل هذا الاهتمام بأختها المزعومة، كان يشدد عليها الخناق إلى حدٍ مميت، لم تتحمل المكوث معها بمكانٍ واحد، تركتها مع بقية العائلة و إنسلّت مسرعة إلى شقة أمها و التي أمست تسكنها برفقة شقيقها “حمزة” بعد أن انتقلت أمها إلى شقة أبيها بالأعلى
توجهت “سلمى” رأسًا إلى غرفتها، جلست فوق مكتبها الصغير و فتحت حاسوبها المحمول الذي حصلت كهدية عيد ميلاد من أخيها “رزق”
شغلت النظام على عجالة و فورًا ذهبت للاتصال بحبيبها، ففتحت الكاميرا و بقيت في الانتظار، لحظاتٍ.. و قفزت صورته أمام عينيها …
-عـــاصـم !
نادته عبر الميكروفون المعلق عند فمها موصولًا بسماعتي رأس
قابلت نظرتها الواهنة اللامعة نظرته الحادة، و سمعت صوته تاليًا يخاطبها بخشونةٍ :
-لا يا شيخة ! عاصم.. بجد ؟ إنتي عارفة أنا كلمتك كام مرة من الصبح ؟!!
بررت له في الحال :
-معلش حقك عليا. ماكنش بخاطري أصلك ماتعرفش إللي حصل …
و حكت له ما حدث، عودة “رزق” بعد غيابٍ طويل، و ظهور أخت جديدة لها
لم يهمه في كل ذلك سوى أمرًا واحدًا أخذ يستوضحها فيه بانفعالٍ بَيّن :
-كل ده مايهمنيش.. أنا دلوقتي عايز أعرف حاجة واحدة بس. أبوكي موافق على جوازنا و لا لأ ؟؟؟؟
ردت “سلمى” بتوترٍ :
-أكيد يا عاصم. هو لو ماكانش موافق كان قال لابوك.. بس هو كان مستني رزق لما يرجع زي ما قالكم …
عاصم بعصبيةٍ : أنا ماعرفش الكلام ده. بقالي سنة متكلم عليكي. و كل ما أبويا يروح يكلم أبوكي يرجعوا إيد ورا و إيد قدام.. لحد إمتى يا سلمى ؟؟؟؟؟؟
ضمت حاجبيها مرددة بخشوعٍ :
-طيب إنت بتزعق لي ليه دلوقتي.. أنا ذنبي إيه ؟

 

 

 

-ذنبك إنك بنت سالم الجزار. الراجل إللي شايف نفسه السيد و الناس كلها عبيده. إنتي عارفة إن أبويا حالف ما يفاتحه تاني في موضوعنا بسبب العجرفة إللي سايقها علينا ؟ و أنا مش لايمه. فعلا خلاص الكلام بينا إنتهى
-يعني إيه إنتهى ؟ .. سألته و هي تحدق فيه بصدمة
عاصم بصرامة تامة :
-يعني أنا خلاص زهقت. مابقتش قادر أجي على كرامتي أكتر من كده.. من الساعة دي إنتي من طريق و أنا من طريق يا بنت الناس. إلا لو !
كانت دموعها قد هطلت بالفعل و أغرقت خديها مع تعاقب كلماته، حتى تفوّه بذلك الاستثناء، استنطقته من فورها :
-إلا لو إيه يا عاصم ؟؟!!!
-إلا لو أثبتيلي إنك عايزاني و بتحبيني بجد !
هزت رأسها حائرة …
-عايزني أثبتلك إزاي ؟!
قرب “عاصم” الكاميرا من وجهه و صرَّح دون يرف له جفن :
-تهربي.. تهربي من بيتكوا و تيجي معايا و نتجوز بعيد !!!
_______________
بعد أن أبدى “رزق” رفضه القاطع للصعود إلى شقة أبيه، التي تحمل ذكريات تضرب بالعمق فؤاده و صدره، اصطحبه “سالم” إلى أرضٍ محايدة
مقهى الحي، إذ أخلاها بكلمة منه لتصير حلبة مصارحة بينه و بين إبنه فقط، و حيث كان يجلس خلف مكتب الإيرادات الصقيل، دعى “رزق” بينما يحرك حبّات مسبحته بين أنامله …
-أقعد يا رزق. أقعد هنا قصادي يا حبيبي.. ماتتصوّرش انت واحشني أد إيه. و نفسي أخدك في حضني أوي !
-هاتفضل تتمناها طول عمرك !! .. نطق “رزق” بقساوة نزِقة و قد كان يشيح بوجهه بعيدًا، ثم تساءل بإسراع :
-أنا ماعنديش وقت. تقدر تقول إللي عندك مرة واحدة.. ياريت نخلص بقى
أجابه “سالم” بهدوءٍ :
-عمرك ما هاتخلص مني يا رزق. دمي بيجري في عروقك. لو بصيت في المرايا هاتشوفني فيك.. هي دي حقيقتك مش هاتقدر تهرب منها. إنت إبني.. إبني أنا …
أطبق “رزق” جفونه بشدة و هو يصر على أسنانه لمدةٍ، ثم قال و لا يزال مغمضًا عينيه :
-العواطف و القصايد دي سيبها على جنب.. هات إللي عندك قبل ما صبري ينفد …
عند هذا الحد لم يتحمل “رزق” و أدار رأسه بلحظة ليغرز نظراته بعينيّ “سالم” الثاقبتين !!!
-أنا مش إبنك ! .. غمغم بصوتٍ غريب من أثر الغضب
-أنا ابن كاميليا. كاميليا إللي إنت حبستها و قتلتها و دفنتها في حيطة جوا أوضة نومك.. أنا مش إبنك !!!!
علا شق فم “سالم” و هو يقول بسخريةٍ :
-بعقلك مفكر بجد إني قتلتها. لو مصدق ده يبقى عمرك ما حسيت أنا كنت بحبها إزاي.. أنا دوست على حاجات كتير أوي عشان أوصلها و أخلفك و أعيش معاكوا. بس جه الوقت إللي كان لازم أرجع فيه سالم الجزار تاني. هي ماتحملتش كده. و مافهمتش إن ده مكتوب عليا. زي ما هو مكتوب عليك
-أنا مش مكتوب عليا أي حاجة ! .. هتف “رزق” فاقدًا صوابه
و أشار نحوه بسبابته مكملًا عبر أسنانه :
-أي حاجة من ناحيتك. حياتك كلها على بعضها خلاص.. أنا خرجت منك. فاهم يعني إيه ؟
صمت مطبق… ثم قال “سالم” فجأة :
-إيه إللي يريحك يا رزق ؟
رزق بحزمٍ : إنت عارف. أخرج من القذارة دي. أخد أختي و أمشي من هنا

 

 

 

اومأ “سالم” بهدوءٍ، ثم قام على مهلٍ و توّجه صوبه قائلًا :
-نور متعلّقة بيك و بيا و باخواتها. متعلّقة بينا كلنا من قبل ما تشوفنا.. لو سمحت لك تاخدها و تمشي. يا ترى هاتبرر لها إزاي ؟ هاتقولها إيه لما تقولك إنها مش حابة تمشي زي ما قالت لك من شوية ؟
قاطعه “سالم” قبل يدلي بالجواب المتوقع بصوته الشيطاني و هو يدور حوله في حلقةٍ :
-هاتضطر تقول لها الحقيقة عشان تمشي معاك صح ؟ الحقيقة من وجهة نظرك. إني قتلت أمها. و سجنتها. و دفنتها في حيطة جوا أوضة نومي.. إنت شوفت نور عاملة إزاي ؟ شوفت أختك بريئة إزاي و على سجيتها.. تفتكر بنت نقيّة زيها و في طيبة قلبها و هشاشتها تقدر تتحمل كلامك ؟ إنت عارف أنا ربيتها إزاي.. نور ماتعرفش حد غير أهلها. عمرها ما شافت أغراب و لا خرجت للحياة.. نور فاكرة إن بيت أبوها هو الجنة. و إن اخواتها ملايكة. نور ماتعرفش يعني كره و حقد و لا عمرها اتصدمت و لا حزنت.. إللي إنت بتفكر تقوله ليها تأثيره عليها هايبقى كارثة حقيقية. و ممكن أنا و انت نخسرها. عمرها ما هاتتحمل. مش هاتقدر تستوعبه أصلًا.. ممكن تموت فيها يا رزق !
و قد نجح “سالم” بتصوير الوضع الكارثي أمام عينيّ إبنه، أصابه ذعر تجلّى على ملامحه و رجفة أطرافه.. بينما كان يراقبه أبيه بدقةٍ، توقف أمامه مباشرةً، أمام ناظريه الشاردين
تشجّع و حطّ بيده فوق كتفه، إنتبه “رزق” له الآن و سكن مجبرًا تحت لمسته، ليسمعه يقول بلطفٍ مدروس :
-خليك معايا.. خليك جمبي و جمب و اخواتك. كلنا محتاجينك معانا.. إنت ماتعرفش غيابك كان فارق إزاي… خليك يا رزق و أنا أوعدك هانفذ لك كل طلباتك.. هاعمل أي حاجة تريحك. أي حاجة !
مقطب الجبين، واصل “رزق” النظر بحدقتيّ والده اللامعتين بالترقب، في نفس الوقت بدأت الفكرة تلمع برأسه، على الخصوص أن وقتها قد حان تمامًا …
_______________
الكثير من الاضطرابات، منذ أن رآها أمامه، إبنة “النشار”.. اليوم يكتشف بأنها إبنة عمه !
إبنة “سالم الجزار” !!!!!
غير معقول بالمرة، و كأنها إعجوبة، أن تكون الفتاة الوحيدة التي سرقت قلبه من أول نظرة، تكون في الأساس خطيبته كما إدّعت و هي تصافحه، مؤيدة على إسمه وفقًا لعرف عائلة “الجزار”.. بقدر دهشته يشعر بالارتباك الشديد
ماذا بعد
ماذا يفترض أن يحدث الآن ؟
-أبويا قال هاتقعدي معايا أنا و سلمى في شقتنا ! .. هتف “حمزة” قافزًا من فوق الدرج أمام أخته نصف الشقيقة
قابل وجهه محياها المبتسم ببراءةٍ و استطرد :
-لو تحبي تباتي الليلة دي بس مع سلمى في أوضتها على ما أوضة النوم إللي وصالك عليها توصل بكرة و تنقلي في أوضة أمي القديمة …
واقفت “نور” بحفاوةٍ كبيرة :
-آه طبعًا. أحب و نص.. مع إنها هربت بسرعة على فوق و مالحقتش أسلم عليها كويس
إبتسم “حمزة” و حلّ إلى جوارها مطوّقًا كتفيها بذراعه
-وسّع يا حمزة !
كان هذا صوت “علي” …
إستدارا الأخوين معًا، ليجداه مقبلًا نحوهما حاملًا حقائب “نور” الضخمة في يديه و كأنها لا تزِن شيئًا، كانت “نور” تشمله بنظراتها الولِهة، كما لو أنها ترى ملكًا كريمًا، رجل قلبها، فارس أحلامها، لكن ما أحزنها هو أنه لم يحاول النظر إليها بتاتًا
صعدت خلفه مع أخيها، بينما يرشده “حمزة” :
-الشنط هاتطلع لشقتنا يا علي. مش عند أبويا.. هات عنك شنطة
أبى “علي” بشدة :
-لالا سيب يا حمزة. انا هاطلعهم عادي. مش مستاهلة يعني !
برزت أمامه هرَّة هكذا على حين غرّة، ليركلها “علي” بجماع نفسه صائحًا :
-هـــششششششششششششش. غووووووووووري من هنا ينعل أبو شكلك !!!
جمدت “نور” كصنمٍ بينما تطير الهرّة أمام عينيها لتسقط بعنفٍ أسفل الدرج، إندهش “حمزة” و نظر إليها قائلًا بغرابةٍ :
-مالك يا نور ؟
لدى سماع عبارته إلتفت “علي” نحوهما و لأول مرة الآن تلتقي عيناه بعينيها، مدت ذراعها مشيرة صوب مسقط الهرّة الفارغ، لينظر “علي” حيث أشارت و يعاود النظر إليها
رمقته بصدمة مرددة :
-إيه إللي عملته ده ؟
قال بتلقائية عدوانية :
-بشوط القطة الرزلة دي.. أنا بكره القطط جدًا
أغرورقت عيناها بالدموع و تشنج فمها الممطوط للأسفل …
أجفل “علي” مرتبكًا من فوره و سألها بقلقٍ :
-إيه ده في إيه ؟ مالك أنا عملت حاجة ضايقتك ؟؟!!!

 

 

 

إنكسر صوتها و طرفت عيناها و هي تقول بينما تسيل دمعة غير متوقعة على طول خدها :
-أنا بحب القطط و بربيهم !
-يبقى أنا كمان بحبهم !! .. قالها “علي” في الحال و بلا ترددٍ
و اضطرب بنفس اللحظة عندما شعر بنظرة “حمزة” المستنكرة، تنحنح و هو يستدير مستأنفًا صعوده ثانيةً و هو يهتف :
-قصدي ماكنتش أعرف إنك بتحبي القطط.. مش هاعمل التصرفات إللي بتضايقك دي تاني !
لم تحاول “نور” إخفاء البسمة التي زيّنت ثغرها الجميل و هي تحدق في ظهر حبيبها العريض، و كم بدت كطفلةٍ حقًا ببقايا دموعها و الابتسامة اللائحة فوق محياها
يبدو أن القصة الخيالية التي نصّبت نفسها أميرةً لها تنتظرها هنا بهذا البيت كما حلمت طوال عمرها، و بلا شك، سيكون “علي” بمثابة أمير قصتها و بطلها ….
______________
أي جرأة دفعتها للتفكير في هذا الأمر
و كيف يطاوعها لسانها الآن و هي تدفع بنفسها متجرّدة من جبنها، هنا فوق طاولة العشاء، تجلس أمام زوجها، كادت تفتح فمها لتخبره بذلك …
لكنه يسبقها قائلًا فجأة بصوته الصلب بينما يمضغ قطعة من اللحم المقدد :
-لحد دلوقتي مانزلتيش ليه تسلمي على نور أختي ؟ أنا مش قايلك الصبح إنها جاية ؟!
أجفلت “فاطمة” مرتين متمتمة و هي تصب في كأسها مزيدًا من العصير الطازج :
-أنا قلت أسيبها تستريح إنهاردة و تاخد على مطرحها.. بعدين بكرة إن شاء الله أنزل أشوفها
-لأ ماعنتيش هاتنزلي.. أصلها طلعت فوق في شقة أمي. هاتقعد مع حمزة و سلمى.. و كمان نوسا هاتطلع تقعد معاهم. دي أوامر الباشا رزق !
لم ترد “فاطمة” بشيء طوال دقيقة تقريبًا، لتطلق رغبتها بغتةً قائلة باندفاعٍ :
-مصطفى.. أنا كنت كنت عايزة أطلب منك حاجة لو سمحت !
-خير ! .. استوضحها و هو يهتم بطعامه
تنفست “فاطمة” بعمقٍ و قالت :
-بكرة كنت عايزة أخد سلمى و أنزل أشتري حاجة من وسط البلد …
تطلع إليها في هذه اللحظة و قد توقف لحظة عن المضغ، إزدرد اللقيمة و نصب ذراعيه أسفل ذقنه قائلًا :
-عايزة تنزلي مع سلمى أختي وسط البلد عشان تشتري حاجة… حاجة إيه دي ؟
هزت كتفيها مرددة :
-حاجة يا مصطفى.. حاجة تخصني
-سر يعني ؟ ماينفعش أعرفها.. قوليلي جايز أجبهالك لحد عندك و لا تتعبي نفسك و تنزلي مخصوص
-لأ ماينفعش أنا لازم أنقيها بنفسي. و بعدين ده مشوار صغير و إحنا مش هانروح لوحدنا.. السواق هايودينا و يرجعنا… هه. قلت إيه ؟
صمت “مصطفى” محدقًا فيها طويلًا …

 

 

 

و على العكس لم تربكها نظراته هذه المرة، ربما لانشغالها بفكرة أكثر أهمية، ربما توقعت إجابة بالرفض
لكنها كانت تشعر بأنه سوف يسمح لها
و هذا ما فعله باللحظة التالية :
-ماشي. موافق.. بكرة الصبح هابعت معاكوا حبشي لوسط البلد. و إبقي قوليلي محتاجة كام عشان أسيبلك فلوس قبل ما أنزل
-لأ انا مش محتاجة فلوس.. معايا من مصروفي. إنت عارف مش بصرف كتير
-براحتك !
و أنكب على طعامه من جديد غير مباليًا
بينما تهيئ “فاطمة” نفسها منذ الآن، طالما لن تحصل على السعادة، فلتنهيها، يجب أن يحدث شيئًا ما، أيّ شيء !

يتبع >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

اترك رد

error: Content is protected !!