روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والستون 63 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والستون 63 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الثالث والستون
رواية أترصد عشقك الجزء الثالث والستون
أترصد عشقك
أترصد عشقك

رواية أترصد عشقك الحلقة الثالثة والستون

انتهى النزال
وما عادت تعلم من المنتصر ومن المهزوم
فالجروح متكافئة
والنزالات متعادلة
فمن طعن الآخر بخسة، ردها الثاني له
ومن جرح قلب الأول، لا يعلم أأستطاع ازالة وشم اسمه من قلبه
أم تظاهر بذلك؟!
وإن كان النزال انتهى حقًا
أم مجرد خدعة
والحرب ما زالت قائمة؟؟!!!
بعد مرور عدة أشهر،،،
الشتاء يزحف ببطء نحو المنطقة، ورغم أنها تعاني منه من نزلات برد وارتفاع درجة حرارة جسدها، إلا أنها شعرته مؤنس لوحدتها المزعومة
وهي .. فـرح بذاتها علمت أنها من تصنع قرار الصحبة أو العزلة
رغم تلك الغصة في حلقها
الشعور باليتم ووالدتها لم تفكر بالبحث عنها، أو التقصي عن أخبارها، وحتي وإن فعلت فسيكون الأمر عن طلب مال
مال هي لن تعطيها قرشًا واحدًا منه
لقد باعت طهرها وبراءتها مرة، وما زالت تعاني من توابع هذا الأمر
أغمضت جفنيها وقطرات المطر تتساقط على جسدها، فاتحة ذراعيها كجسد يريد التطهير..
لقد استدعتها الشرطة في أمر طعن نضال، وكانت ستعترف بكل بساطة أن الرجل حاول انتهاكها
لكن محامي وقاص رفض
قائلا أن الأمر لن يتأثر علي سمعته فقط بل على سمعتها خاصة وهي انها شخصية عامة ومؤثرة على صفحات التواصل الاجتماعي.
رفضت بل ثارت
وكانت علي وشك ان تهدم كل المعبد فوق رأس الحقير، ولتحبس فلا يهم… تستطيع الإتيان بمحامي وستفوز بالقضية، لكن ما منعها شمس
لثاني مرة تلك الطفلة ما ذنبها ان تكبر وذنوب والدها كالأغلال حول عنقها
طلبت استشارة وقاص والرجل لم ينطق بحرفًا، وحتي وإن تظاهر بالبرود والجفاء تجاه أمر أخيه لكن تبقى أمر العائلة وصورتها هو مسؤول عنها
حاولت استشارة من بقت معهم لفترة من الوقت خاصة العم صلاح، لقد فرت هاربة من المنزل حينما طعنته واستنجدت به
ولم تشعر سوى أنها في مكتبته ولسانها ينطق بكل ما حدث بجفاء وبرود
والرجل حرفيًا ذعر
بل اقترب من جسدها البارد ولم تشعر بعدها سوي بالظلمة الحالكة
لأيام بقيت في منزل غالية
والأيام أصبحت اسابيعًا
والمرأة تصر وتعند انها لن تغادر وتبرح من مكانها
وتعللت انها ستستأجر أي شقة
لكن المرأة اعترفت بكون منزلها هي وأطفالها المجانين لا يوجد من يزورها به كثيرًا
ومع الحاح الصغيرين واصرار غالية التي اتخذتها صديقة وبدأت تنفك شفرات حياتها الغامضة مع زوجها .. معذرة طليقها كما تقول غالية..
الأب محافظ على مهاتفة أطفاله مكالمات مرئية، والأطفال متعلقين بوالدهم كثيرًا
وكلما تنتهي أي مكالمة والاب يعتذر عن أمر وعده بهم .. يأتي يوسف الصغير يبكي بين أحضان والدته والأم تكتم ثوراتها وغضبها وتجذبه نحو مطبخها لصنع قوالب الحلوى التي يحبها أو وعدها بجلب علب تلوين غالية الثمن، تقسم انها تكلف ثورة صغيرة لطلاب فنون جميلة
ولكن الحق يقال الفتي منظم جدًا ومحافظًا على جميع اشيائه حتي الصغري منها بعكس يحيي
يحيي المخالف لطبع أخيه الرقيق، الفتي ينزوي ويبتعد حينما يأتي المرهف بين أحضان والدته، تقترب منه وتشاكسه بل وتصر أن يتنافسا على العاب البلايستشن
ولكون غالية منشغلة بالعمل خاصة في هذا الوقت من العام، تصطحب الأطفال معها في الملاهي في منتصف الأسبوع
بل وحين تصوير فيديوهاتها التي بدأت تنشرها بإنتظام بل وتحضر مناسبات التي تقوم بها شركة الدعايا المسؤولة عن صفحاتها، يقتحم الطفلان البث المباشر بل ويفعلان امور صبيانية امام متابعيها الذين اصبحوا ينتظرون البث المباشر بفارغ الصبر
الأم لم تجد سوى الإذعان مع إصرار يحيي علي الظهور معها، خاصة كون يحيي لا يصدر أي رد فعل حزن أو غضب تجاه والده واخلافه لوعده.
وبدأ الصغير يشتهر وكون رابطة محبين له حينما تنزل مقاطع فيديو صغيرة لتيك توك معه.
انتبهت على صوت غالية المزمجر بغضب أمومي كما اعتادت سماعها تجاه أطفالها
-وقوفك في المطر هيسببلك نزلة برد، وصدقيني احمدي ربنا دور البرد عدي علي خير المرة اللي فاتت
فتحت عينيها وهي تغمز بشقاوة تجاه غالية قائلة بمتعة وهي تشعر بزخات المطر تتساقط على وجهها بانتعاش
– متقلقيش مش هيجيلي دور برد
عقدت غالية حاجبيها بحدة لتزم شفتيها بحدة قائلة بغضب حينما تفشل في اصغاء الطفلين لأوامرها
– انتي حرة انا مش هسهر طول اليوم، انا ورايا مذاكرة للعيال
تحركت غالية متوجة المطبخ لتقرر فرح اكتفائها من المطر هذا القدر وتتوجه نحو الداخل تلحق بها، الأجواء هادئة سوي من صياحات الأطفال داخل غرفتهم
نظرت نحو الساعة لتعلم أن اليوم هو موعد اتصال هاتفهم اليومي
نقطة لصالحه رغم انه خارج البلاد في الوقت الحالي
وجهت عينيها تجاه غالية المتظاهرة ببرود بصنع كعكة البرتقال التي يحبها يحيي ويقين داخلي يعلمها أن الأب سيخذلهم في إجازة منتصف العام ولن يصطحبهم معه كما وعدهم
تمتمت اسمها بهدوء
– غالية
إنتفض جسد غالية وكادت المكونات تقع على الطاولة الرخامية، إلا أنها تداركت الأمر سريعًا وهي تنقذ الأمر في آخر ثانية
مسكت يدي غالية مغمغمة بإهتمام وحشرجة صوتها وشي أن دموعها ستغلب سيطرتها
– شكرا
لوت غالية شفتيها وهي تضربها علي ذراعها قائلة بحدة أم توبخ أطفالها
-شكرا علي ايه يا عبيطة، ربنا يعلم انا بعزك زي اختي قد ايه
وانتهي حديثها بزحف الدموع نحو مقلتيها، لتزيلهم بحدة وهي تعود لصنع كعكة الصغير باهتمام لتسقط عيناها فوريًا تجاه باقة الورد التي يحرص طليقها لرأب الصدع بينهما والجبارة .. الجبارة ترميها بلا اهتمام على رخام المطبخ حتى تذبل كأخوتها
او تترك يوسف يجمعهم ويقوم بتجفيف اوراق الورد لغاية في نفسه
لمعت عينا فرح بمكر وهي تراها بين كل فينة والأخرى عينيها تقع نحو الباب المغلق ورغم مشاعر وجهها الهادئة الا انها تري التوتر خاصة مع ارتجاف يديها او طريقتها العنيفة مع ادوات المطبخ
تمتمت بمشاكسة
– مقولتليش سي روميو بتاعك هيبطل كل يوم هدايا ولا لسه
وعينا غالية سقطت تجاه باقة الورد لتهز رأسها بلا مبالاة
– سيبك منه
انتفضت من مجلسها وتوجهت تجاه باقة الورد لترى الهدية التي بداخلها، مغمغمة بفضول مشاكس
– قوليلي جابلك ايه المرة دي
زفرت غالية بحدة وهي تلقي أسهم نارية قاتلة لكن فرح تجاهلتها كليًا وهي تفتح الكيس المغلف لتشهق بحدة واستنكار
– جيلي كولا!!!! انتى بتهزرى
ظنت ان غالية لن تعير هديته أمرًا كهداياه السابقة الباهظة الثمن، لكنها في حركة واحدة اقتربت منها كمصاص دماء وانتشلت الحلوي من يديها قائلة بفظاظة
– ايدك مش هتتمد عليها، ثم انا بحبها
انفجرت فرح ضاحكة وهي تراها تفتح الكيس بعنف لا حاجة لها به، وتضع واحدة في فمها، لتتنهد فرح بحالمية مشاكسة اياها
– شقطتيه ازاي ده، ده حلم البنات وخلي بالك المطلقات والأرامل بردو
وضعت غالية قالب الكعك في الفرن، والتفتت اليها قائلة بلا مبالاة
– ما انا سيباه ليهم، خليهم يشبعوا بيه
غمغمت فرح من بين انفاسها، وهي تري القلق بدأ يزحف حرفيًا تجاه وجه غالية وهي تستشعر الصمت البالغ من الأطفال
– من ورا قلبك يا غالية، من ورا قلبك
استندت غالية واضعة كلتا كفيها على رخام المطبخ وهمست بصوت خفيض، تخرج قليلاً مما يعتمل داخل صدرها وتفضي بمكنونات قلبها العليل
– انا وابو العيال منفصلين من سنين كتير، يمكن من قبل ما يتولدوا العيال
رغم ان فرح تعلم هذا الأمر وإن لم تنطق بها غالية صراحة، بل تكتفي بوضع بكونها امرأة حرة معها طفلين أعز ما تملك
تمتمت بهمس هي الأخري كي لا يستمع احدي الطفلين بالصدفة لحديثهما
– والعيال تأثيرهم من الموضوع ده ازاي
تنهدت غالية بابتسامة حزينة مغمغمة
– واحد فيهم معتبرني اني بنته، والتاني ماشي ورا اخوه ساعات وساعات بيحن لأبوه
علمت أن الأول هو يحيي والأخر يوسف، زمت غالية شفتيها بحدة قائلة بإرهاق
– انا بحاول اخليهم ميكرهوش، بس كرهي ليه بجد مخليني عارفة اني هفشل
اغتصبت فرح ابتسامة وهي تري غالية تبث شكواها، وهي التي توقعتها جبلا لا ينكسر
لكن الجبل من الداخل موجوع ومنكسر وان احتفظت اسبابها لنفسها كما هي احتفظت بعض اسرار انكسارها لنفسها
اقتربت منها وهي تربت على يدها قائلة بغصة
– طول ما هو بيديهم وقته وطاقته ومجهوده اوعك تفرطي في إي وقت يقضيه مع العيال، انا تقريبا فشلت ان ابقى بنت بارة باهلي.. تقريبا العيب فيا!!
نحنحة رجولية تبعها دخول العم صلاح الذي لحق آخر جملتها قائلا بنبرة عتاب
– واحنا روحنا فين
التفتت تجاه العم صلاح والدموع تنهمر فوريًا من مقلتيها مغمغمة اسمه باستجداء
– عمو صلاح
والعم صلاح اكتفى بنظرة داعمة وهو يقترب تجاه الطعام الذي من المفترض تناوله لولا مكالمة الأب التي قطعت وجبة طعامهم، اصدر عم صلاح اصوات تلذذ وهو يمد يده خلسة تجاه طبق أصابع البطاطس المقلية لتزجره غالية بحدة كأم تزجر طفليها
-صلاح ايدك متتمدش على البطاطس مش عارفة هجبها منك ولا من القرود اللي جوا
عدل صلاح من وضع نظارته بحرج وطوي جريدته التي تظل بصحبته طوال اليوم قائلا بعجب وهو يلاحظ عدم وجود أصواتهم المشاغبة كما لو يعيشون في ساحة حرب
– هما لسه مخلصوش مكالمة مع ابوهم
هزت فرح رأسها بنفي وغالية شعرت أن الأمر أصبح مقلقًا وقد اكتفت من الوضع المشاهد الصامت وحينما همت بالتحرك تجاه غرفتهم، فتح يوسف الباب وخرج باكيًا وبكاء الطفل أوجع قلب فرح
ما بالك بوالدتهم التي تخشب جسدها وصغيرها الكبير يحيي يخرج هو الآخر ودمعة واحدة سقطت من عينه سارع بإزالتها ليلحق بتوأمه
سقط قلب فرح بين قدميها ولم تملك سوى ان تشارك حزنهم بصمت وعم صلاح هز رأسه بيأس مغمغمًا
– باين انه مش هيقدر ياخدهم الرحلة اللي وعدهم بيها من اول السنة، شغله ضاغط عليه
-هدي أعصابك يا بنتي، عشان تعرفي تتعاملي مع العيال
وتلك المرة قد بلغ غالية صبرها منتهاه
وكأن كلمات العم صلاح أزاد من الحريق المتشعب داخل صدر غالية التي توجهت سريعًا تجاه الغرفة التي خرجا منها واغلقت الباب خلفها بعنف، لتمتم فرح بهمس خافت ومازالت تبهرها تلك القصص الحب الرومانسية الناجحة
– باين ان لسه في مشاعر حب ورا القسوة والجفا
واقترب العم صلاح يسرق اصابع البطاطس بل ويشرك فرح معه التي قبلت جريمته بصدر رحب وهو يغمغم بنبرة ذات مغزى
– الحب لوحده مش كفاية في علاقتهم يا فرح
توقفت اصابعها عن التقاط أصبع البطاطس لتهمس بحزن
– اذاها للدرجة دي؟
والعم صلاح بسط كفيه بيأس قائلاً
-لدرجة عمرها ما قالتلي هو عمل فيها ايه، وهي عمرها ما خبت عني حاجة
ثم بكل سهولة ويسر انتقل بحديثه قائلا بمشاكسة
– قوليلي بقي اتبسطي هنا
اومأت رأسها عدة مرات، لتشبك اصابعها بحرج
– جدا، انا اسفه لو ازعجتك لقيت كل الابواب اتقفلت في وشي وملقتش غير بابك اخبط عليه، بس صدقني دي اخر مرة اطلب من حد مساعدة .. محتاجة وقت اعرف اتخطى كل اللي حصلي
والعم صلاح كان يهز رأسه بتفهم وعينيه تتفهمان تخبطها، بل عجزها وقلة حيلتها ليغمز لها بمكر
– خدي وقتك، مش مستعجلك على الإيجار
انفجرت وقتها ضاحكة وهي تتابع سرقتها الصغيرة معه، ليحل على سمائهم غيوم رمادية تبث القلق في الصدور وغالية محتقنة الوجه تسبه مرة وتتابع حديثها الحانق
– غبي … لو راجل ما كان خليه يبقى قد كلامه، العيال لوت بوزها من وقت ما قالهم وكله بقي علي دماغي، والبيه ولا داري علي باله
بل الغضب عماها ولم تشعر بسرقتهم لاصابع البطاطس وكانت تحضر الأطباق للطفلين وفرح تساعدها بصمت تسمع سبابها له وتكتم ضحكها هي وصلاح، وتجهز طاولة الطعام، أما العم صلاح استقام من مجلسه قائلاً
– انا هستأذن بقي قبل ما ما تتحول
زمجرت غالية بحدة وهي تلقي الطبق على رخام المطبخ الذي أصدر صوت مدوي قائلة بحدة
– صلاح انا حضرت الغدا
وصلاح قرر أن ينفذ بجلده مع غضب التنين وترك فرح أسيرة لديه قائلاً بمشاكسة
– هاكل مع الاميرة
اختفي الغضب وان كان العبوس ما زال يحتفظ داخل تقاسيم وجهها الأنثوي، لتزمجر بغضب
– انا مش فاهمة لازم تنشف دماغها، ماله لو جت اكلت واتغدت هنا، ولا هي عجبها الشحططة
لم تكمل فرح باقي سجالهما اليومي، حيث ان رنين هاتفها تصاعد لتغادر بصمت وهي تري رقم خاص ينير شاشة هاتفها
تعلم من صاحب هذا الرقم
وتعلم جيدًا أن النزال الذي اعتبرته انتهي ما زال قائمًا
لانه ببساطة لا يعترف بالهزيمة
ولن يتوقف تمامًا سوي اعترافها له
بخسارتها وفوزه
أن تعزز من غروره
و تسقط علي ركبتيها كـ عبدة لسيدها وتنتظر أمر عقاب سيدها لمخالفة أوامره برضا تام، دون اصدار ألم
دون إصدار صراخ
بل تبتسم وهي تلتقي سوط عذابه بأدب بالغ.
تركت الهاتف يرن حتى انطفت شاشة هاتفها، لتركن رأسها على الحائط
وندم عميق يستحفل بجسدها
ألم يكن عليها حقًا أن تنفذ ما يمليه عقلها بدلا من ذلك المحامي الغبي، وتردد ما لقنه لها قبل أن تتمثل أمام النيابة
شتمت المحامي وشتمته هو شخصيًا ليعاود اتصالها مرة آخري
وتلك المرة أجابت، فهي لا تملك رفاهية الرفض
لأنها لو استمرت علي الرفض والتجاهل تلك المرة سيظهر أمام عتبة منزل غالية.. ومشاكلها لن تتأثر بها غالية مطلقًا ولا أطفالها وأن عني هذا اجابة الوحش..
– اعتقد مش سايبك كتير لوحدك
كان هذا أول جملة نطقها نضال بتهكم بالغ، لتندفع هي صائحة بغضب
-انت فاكر نفسك….
قاطعها بحدة قائلا ببرود وسيطرة يحاول اكتسابها ضدها
– من غير أي كلام، زي الشاطرة نتقابل
وهي صمتت تكاد تهزأ من أحرف كلماته الآمرة، أجن الرجل أم انها يريد اصطحابها لركب جنونه
والصمت بينهما ما زال قائما.. كتحدي أعصاب ينتظر أي طرف منهما سيخسر به
وهو يزفر بحدة
وغمغم بنبرة وإن كان في أسلوبه أمر، إلا أنه عاجلها بأسلوبه المتبجح
– فرح شغلي عقلك شوية، انا المرة دي هخليكي تشوفي وش مني عمر حد من أعدائي شافه
وهي لفت خصلة حول اصبعها وبرودة أعصاب اكتنفتها وهي تغمغم بجفاء
– وقت ما استعد اني اقابلك هبعتلك الوقت والعنوان
وهو يعلم أنها لن تقابله
ولن تعطيه شرفها حتى
زمجر بعصبية هادرًا في الهاتف
– ده كان زمان، اااه (صوت تأوه خافت تابعه انفجار غضبه تجاه الشخص الذي يداوي جروحه التي لم تلتئم أثر عناده والقاء كلمات الطبيب في عرض الحائط) .. يا غبي مش تاخد بالك
وليكمل باقي سلطته وذعر الممرض هدر بهمجية بدائية كما لو كان ينقض على فريسته
– انت حر لو اتفك الجرح تاني، صدقني ليلتك نيلة
سب ببذاءة لدرجة جعلت وجنتي فرح تشتعلان حرجًا وغضبًا ليزمجر بصوته الكريه قائلاً
– معايا ولا قفلتي
شعرت بحمائية تجاه المغصوب على أمره والذي يعالج جرحه، تتمنى فقط لو طعنه المريض وتركه تجاه وقاحته معه
هسهست بحدة غاضبة في وجهه
– خلي اسلوبك محترم يا نضال وانت بتتعامل مع شخص محتاجله
وهو لم يترك أي فرصة تسنح له ليغمغم لها بهمس ماكر
– عايزاني اترجاكي مثلا!!
قلبت عينيها بملل حقيقي، وبدأت تشعر بالملل تجاه والحصار الذي لا طائل منه
هو يعلم جميع أن بطاقاته أحرقت
وأساليب مكره وخداعه لم تعد تجدى نفعًا أو تلقي أثرًا لتهمس ببرود
– مش عايزة منك حاجة
وهو بكل جلافة وبرود نطقها
– بس انا لسه عايز
ضحكة ساخرة ترددت في الغرفة لتقول
– عايز ايه
وهو بوقاحته وجرأته التي عهدتها قال بعبث
– دماغك الحلوة دي اوعي تروح سكة عيب، صدقيني انا لا صحيا ولا جسديا أقدر اجاوبك عليها
اختفت ملامح المكر والتسلية من عينيها وبهتت وهي تسمع ما هتف به هذا الأحمق، أي فكر ذهب به هذا الأحمق بعيدًا عن الموضوع الرئيسي
أيمزح معها الآن ؟
هسهست بوحشية
– تصدق المرة الجاية هجيبها في قلبك
أصدر تعليقًا بلسانه آسفًا ليغمغم بأسف
– يعني قصداها
زمجرت بوحشية وتود لو كان امامها الان
ستقتله لا محالة
ستتأكد خروج روحه من جسده
غمغمت بصلابة
– اومال كنت بلعب
وهو ما زال على نفس إصدار ذلك الصوت الأسف من فمه السخيف ليتمتم
– وتروحي اعدام؟! يخسارة ده حتي شمس تتيتم
الوضيع
هسهست بها وهي تحافظ علي ابتلاع لسانها من ذكر أي شتائم لا توفي بحق هذا الحقير البائس
أهذا ما كانت تخشى أن تعاني شمس من غيابه؟
بل غيابه أفضل من وجود هذا المريض السادي، لتتربي بين كنف عمها وزوجة عمها أفضل من أن تتربى بين يدي مختل عقلي سيزيد من عدد المجانين على تلك الأرض.
هدرت بقوة في وجهه وقد سئمت من تلك اللعبة التي يظنها مسلية،هي لن تعود له وإن عني هذا موتها وهو لن ينسى أنها قد طعنته وسيثأر منها حتى وان خادعها في البداية
إلا أن تعلمه
لن ينسى ثأره أبدًا!!!
– نضال انسي اي حاجة في دماغك اعملها، واضح الطعن مداش التأثير اللي عايزاه عشان تفهم ان الابواب مقفولة بالضبة والمفتاح
ظنته سيزيد من المراوغة إلا أنه فاجأها حينما غمغم بجمود واعتراف ضمني لما يحدث جديًا بينهما من عبث
– عارف، عشان كده عايز اشوفك
واتخذت وسيلة المماطلة لتجيبه
– وقت ما احس ظروفي اتحسنت هفكر
تمتم بعدها بجفاء
– مش هكون موجود وقتها
أنهت المكالمة لتسب ذاتها وهو بحدة، رفعت عيناها لتتفاجئ بغالية عاقدة ساعديها تنظر اليها بعدم تصديق، هزت غالية رأسها بيأس مغمغمة
– تصدقي انك مهزقة
واستدارت خارجة لتتبعها فرح نحو المطبخ، حيث أصبح مقر اجتماعهم ومشاجراتهم وصلحهم ليس معها فقط بل مع الطفلين، المطبخ لم يكن لها سابقًا سوى غرض فقط لإشباع جوعها
لكن مع غالية اكتشفت انه بوابة العطاء والدفء الأسري!!
تمتمت باسمها قائلة
– غالية استني بس اسمعيني
وغالية القت المنشفة جانبًا ليرتفع الرأسان الصغيران عن طبقهما اللذان يتناولهما بتلذذ وهي تزمجر بعصبية
– انتى مجنونة، وانا مجنونة اكتر لأني متحملة جنانك ده، بس تيجي انتي والعيال وفوقيهم ابوهم ده كده كتير
واستدارت راحلة من المطبخ، ليميل يوسف بهمس خافت لها
– متقلقيش مامي دايما بتبقي كدا، حاجة متعودين عليها
عيناها سقطت تجاه يحيي الذي توقف عن تناول طعامه وهو ينظر بصمت تجاه والدته
الأطفال يعانون بصمت
فقط لماذا ذلك الغبي طليقها يهتم بها دونًا عن أطفاله
إن كان حقًا يرغب رأب الصدع بطاقته رابحة تجاه أطفاله الذين يحبونه، بل وهي تعلم أنه ربما تخلي عن وعده لرحلة اجازتهم لكن يقين داخلي أعلمها أن الأمر ربما حقًا خارج إرادته، وحينما يعود سيحاول تعويض الأمر
لكن يكفيه شرف المحاولة
صدح صوت الأم قائلة بحدة
-سمعاك كويس يا قرد انت، شوف مين دي اللي هتخرجك .. خلي ابوك ينفعك
انتفض يوسف من مجلسه راكضًا تجاه والدته بصدمة
– يا ماميييي
هز يحيي رأسه بلا معنى ليرفع عينيه تجاه فرح التي أعطت له قطعة الشوكولاته التي يحبها داخل جيبه، ربما ان علمت غالية ستقتلها لا محالة وهي تضع جدول غذائي صارم لهم، لكن لمعة عيناه بامتنان وابتسامته الواسعة كان يستحق العناء.
*******
حينما كانت مراهقة،حمقاء، ساذجة
كانت تتمني أن تأتي ليلة زفافها في أقرب فرصة
لتعيش هي وحبيبها في منزلهم السعيد كما لو ظنت نفسها أميرة وزوجها أمير بحصانه الأبيض لتذهب لقلعته
الأمر العجيب هنا
لما حصان أبيض؟
أهذا تحيز عنصري؟ الحصان الأسود أكثر جمالا من الحصان الأسود
ثم لما الأحصنة من الأساس؟ ماذا إن قرر الحصان أن يكون في مزاج عكر يوم زفافها؟؟؟!! ستنتهي ليلتها وقتها اما اسفل حوافره أو في المشفى!!
تنهدت جيهان بسأم وهي ترتشف عصير الليمون المنعش لتنظر نحو الفتيات اللاتي اصطحبتهن لجلسة استرخاء وتدليل انثوي بعيدًا عن مشاكل العمل، أو الحياة
فقط استرخاء وفتاة بأيدي ناعمة تدلك بأصابع سحرية..
رأت الجميع في حالة استرخاء تام، وهي تكاد تبكي من فرط المسؤولية التي ستقع بها
الزواج أمر كبير، بل شئ تعدى مجرد فستان من مصمم وزينة وجهه من شخص خبير وقاعة زفاف تكلف ثروة صغيرة وهي بالكاد ستقضي بها ثلاث ساعات.
تمتمت بحنق تخرج ما يموج داخل صدرها من قلق وخوف بل وارتباك
-لا لا انا مش قد المسؤولية يا جماعة الغوا الفرح
لقد اليوم السابق بسؤال علي جروب شهير عن مشاعر الفتاة ما قبل الزواج وبعده خاصة من حبيب عمرها
نص التعليقات انتهت بالطلاق والمحاكمات، والأخريات تنوعن من تغير شخصيته من ثاني شهر زفاف ومن تغير من ليلة الزفاف وقتها، بل والفجيعة الذي شعر أنه تسرع في قرار الزواج بعد ارتباط وخطوبة دامت لخمس أعوام
أي تسرع هذا الأحمق وقد دامت الخطبة لخمس اعوام؟!!!
لكن من وسط كمية التشاؤم وجدت تعليق اثنين ثلاثة ربما اربعة انهم كانوا رجالا معهن ووفوا بوعدهم
إلا أن تعليقات النساء أخبرهن بحذف التعليق خشية من الحسد!!
وانتهي الأمر تعاني السهاد والأرق وقد خفت تحمسها لليلة النساء القائمة على تدليل أنفسهم من مأكل وملبس وعناية جسد وتصفيف الشعر.
رفعت شادية رأسها من على حاسوب جهازها قائلة بحدة مزمجرة
-اهدي يا مجنونة، فرح ايه اللي يتلغي والباشا صارف مبلغ محترم على الفرح اللي شغالة فيه
تعلم شادية نوبات العرائس قبيل الزفاف، لكن شقيقتها لم تكن من ضمن تلك الفئة بل كانت من أكثر العرائس المتحمسات لتنقية كل ما يخص يوم حلمها كما وصفته تحديدًا
زمت جيهان شفتيها بعبوس وهي تلقي نظرة حادة تجاه وجد وآسيا اللتين لم تنبسن ببنت شفة لتعيد نظرها تجاه شادية قائلة بإقرار
– بصي عليا وقوليلي انا هل انا بتاعت مسؤولية وجواز لا الغوا
انسلت ضحكة خافتة من شفتي وجد التي رفعت هاتفها تجاه جيهان، لتكشر جيهان ملامحها بعبوس مزمجرة في وجهها قائلة
– بتضحكي علي ايه انتي كمان
غمزة ماكرة ثم بعده ظلت تعبث وجد في هاتفها قائلة
-ببعت احلى فيديو لعريسك يا عروسة
قلبت جيهان عينيها بملل وهي تشعر بالحنق تجاه عدم اعلامها تجاه وجهته مع الرجال
لقد أخبرها بجفاء أنه سيحتفل ليلة عزوبته كما تحتفل هي مع الفتيات لكن بصحبة الرجال
فقط لو انتهى بهم الأمر في ملهى أو مكان مشبوه سيكون دليل دامغ لألغاء الزواج
هي بذاتها لا تصدق والدها الذي كان يؤجل أمر الزفاف كثيرًا بحجة شادية
وشادية الحمقاء بدلا من ان تصمت قالت ببرود انه لا حاجة لهم بتأجيل الزفاف بسببها، فهي الأخرى سيأتي يوم وتتزوج!!
غمغمت بحدة
– قال يعني هخاف
تمتمت وجد وهي تربت علي بطنها وقد اقترب ميعاد ولادة الصغير كما أخبرها الطبيب
– وسيم لو شاف الفيديو ده ممكن يجيله ذبحة صدرية باللي هيسمعه ده منك
غمغمت هي بيأس محاولة أن يتفهموا حالة الذعر التي انتابتها منذ ذلك المنشور المشؤوم
– يسمع انا بردو معترضة، يا جماعة افهموني انا مش هعرف اكون ام وست بيت وزوجة ومسؤوليات وعيال
توقف يدا شادية عن النقر في هاتفها، وهي تشك .. بل أكيدة أن الأمر متعلق بخطيبها الذي أصبح متذمر صغير كونها تحالفت مع والدته لإجباره لمتابعة العلاج وتقسم لو فعلها هذا الأحمق سيأخر من انهاء ترتيبات زفافها وسيترتب عليها قتله!!
تمتمت وجد وهي تمسد بطنها المتكورة محاولة الاسترخاء على ظهرها لتتنهد قائلة
– حيلك حيلك لحقتي جبتى العيال امتي
عينا جيهان الوقحتين نحو بطنها جعلت وجنتي وجد تتورد خجلاً وجيهان تهمس بمكر
– اومال الجواز ايه يا ست العريف
تغلبت على خجلها متمتمة
-الجواز ببساطة اتنين قرروا يكملو حياتهم مع بعض لانهم شايفين انهم مكملين بعض ولو حاسة انك مش مستعدة للعيال ممكن تأجلو الخلفة شوية مش مشكلة
ضحكة آسيا المنفجرة جعلت جيهان تشاركها في الضحك، لتزيل اسيا قطعتي الخيار عن عينيها مغمغمة
– اه بامارة اللي في بطنك دي، مش كنتي قولتي مفيش عيال الا بعد سنة جواز عشان تعرفوا طباع بعض وانتو لازقين بوزكم في بعض
نظرت وجد بيأس تجاه شادية التي ربتت على ظهرها، فُتح باب غرفتهم الخاصة لتصطحب فريال ابنتها أسيل والمشاغبة الصغيرة شمس التي لفت رأسها بمنشفة صغيرة ورداء حمام أبيض يلتف حول جسدها الصغير.. غمغمت وجد بحنق
– انا مقولتش بوزكم
غمزت جيهان نحو آسيا بمكر التي تستمع بذهن شارد، مفضلة عدم المشاركة ولكن منصتة لجميع عبث الفتيات لتمتم جيهان بمكر
– وقتها كنتي مبتقوليش الالفاظ دي، بس بركاتك يا دكتور بقيتي مصرية اصيلة مش بنت نايتي
زمت وجد شفتيها بحدة وهي تشعر ان جيهان بها ما يؤرقها، تحاول مداراة هذا الأمر بمزاح ومشاكسة غليظة .. لكن ستجد وقت تنفرد بالفتاة وستحاول معرفة ما ألم بالمجنونة!!
استقامت من مجلسها قائلة ببرود
– تصدقي انا غلطانة اني قاعدة وسطكم
اتخذت فريال وشمس مقعد وجد التي ادعت الغضب والحنق، لكن جيهان تعلم أنها مجرد ذريعة لتعود إلى زوجها
حمقاء .. تمتمت بها جيهان سرًا لتضع عيناها نحو الصغيرة شمس، ابتسمت قائلة بحماس
– شموس مش عايزة تيجي تحط المونيكر زي كل مرة
زمت الصغيرة شفتيها بعبوس واضح متمتمة بنفي تام
– لا
عقدت جيهان حاجبيها بريبة، لن تنكر أن الفتاة مزاجها أصبح كريه كأبيها بعد أن أصيب بطعن في جسده، لكن الرجل كالقط ماشاء الله تبقي لديه ستة ارواح
فتح الباب مرة أخرى لتعود وجد جالسة على مقعد متباعد وبيدها حاملة هاتفها، يبدو ان زوجها أعجب بليلة العزوبية التي يستمتع بها زوجها المستقبلي!!
سرعان ما عاد تركيزها تجاه شمس التي اندست في جسد آسيا التي نظرت تجاه جيهان بتحذير صريح ألا تتمادى في حديثها، لكنها تجاهلتها كليًا متسائلة نحو الصغيرة
– ليه بس يا شموس
ترقرقت الدموع من عيني الصغيرة هامسة بنبرة أوجعت قلب آسيا لتضمها بقوة تقبل رأسها بامومة والصغيرة متشبثة بجسدها كالعلقة
– بابي مش عايز يجي البيت، كل مرة يقولي انه ورا شغل وانا زهقت
ألقت جيهان نظرة تجاه فريال المتشاغلة بصغيرتها أسيل قائلة
– البت بتتكلم ولا كأنها مراته مش بنته
تأوه موجع كانت من نصيبها حينما لكزتها فريال بقوة مغمغمة بحنق وعينيها تتألمان لبكاء الصغيرة بين أحضان خالتها
-اتلمي يا جيهان مش وقت ظرافتك دلوقتي البت مضايقة ابوها مختفي من بعد ماخرج المستشفي
تأففت جيهان بحدة قائلة
– يا ست دي المفروض تزغرد وتعمل فرح، هو حد يتنكد لما بوز الاخص ده يمشي
ثم بخبث اخرجت أحمر الشفاه جديد الذي تحب الصغيرة ان تضعه من خاصتها قائلة
– تعالي احطلك روج جبته جديد يا شموس
رغم كمية الإغراء وتوقف الصغيرة عن البكاء وهي تمسح الدموع بكفيها الصغيرتين الا انها تمتمت بعبوس
– بابي قالي محطش روج عشان كدا غلط
تلك المرة نظرت آسيا بعجب تجاه الصغيرة شمس، يبدو الصغيرة تحب أن تتمرد فقط تحت أنظار والدها، ابتسمت وهي تطبع قبلة على رأسها وهي تربت على ظهرها
الصغيرة رغم تمردها البرئ والجامح في عيون البعض، إلا أن بعض الحدود التي رسمها لها والدها بغض النظر عن كونها لا تطيقه، إلا أن الصغيرة لا تتعداها في غيابه
وهذه نقطة تحتسب لهذا الأحمق رغم هجره الغبي لصغيرته!!
عقدت جيهان حاجبيها قائلة
– وانتي فجأة بقيتي تسمعي كلامه من امتي
والصغيرة كشرت ملامحها بعبوس امام وجه جيهان قائلة
– مش هحط
لمعت عينا جيهان بشيطانية وهي تضع احمر الشفاه على شفتيها مغمغمة بتلذذ
-ده بطعم الشوكلت جبته مخصوص عشانك
رمشت الصغيرة جفنيها عدة مرات، لتنظر تجاه آسيا والتردد جعل جيهان تكاد تنفجر ضاحكة .. تقدمت الصغيرة بعد مشاورات عقلية نحو جيهان لتمتم جيهان بنصر
– ايوا ارجعي لتمامك، قال بابي قال
وضعت الصغيرة احمر الشفاه على شفتيها صائحة نحو تمتمة جيهان الخافتة
-ملكيش دعوة ببابي
انتفضت جيهان من مجلسها وهي تضع كلتا ذراعيها على خصرها قائلة بطفولية
– بت انتي يا مفعوصه انا اجن منك وأعيل منك
رفعت شمس حاجبها باستنكار تام، لتشيح بوجهها عنها وهي تعود مرة أخرى إلى حضن خالتها، لتنفجر فريال ووجد ضاحكتين خاصة وجد التي تضحك بشماتة لتزمجر جيهان بغضب
– شايفة يا فريال
هزت فريال رأسها قائلة
-تستاهلي عشان تحطي دماغك بدماغ طفلة
همت جيهان بالصراخ في وجه شقيقتها الا انها وجدت مكانها شاغرًا، عبست ملامحها قائلة
-شادية راحت فين
تمتمت وجد بنعومة
-حبيب القلب اتصل
زمت جيهان شفتيها، وحتما ذلك الرجل وضع في اللائحة السوداء
اللعنة الرجل كمصاص دماء يستحوذ على كامل اهتمامها، وعواطفها
وأين هي؟
أليست لها الأحقية خاصة وهي عروس متوترة، تكاد تنطق بفسخ أمر الزفاف برمته، لولا فقط الثروة الصغيرة التي دفعها الرجل في المنزل وفستانها هو ما يثبط الغاء امر الزواج، لتمتم بحنق
– هو ده وقته نحنحة، ما قولتلها قبل كدا تقفل التلفون عشان تفضي نفسها ليا
تدخلت فريال تلك المرة قائلة
-اومال لو كانت جوازة مصلحة كنت عملتي ايه، ده انتي هتاخدي واحد كان لازق في بيتكم اكتر من عندنا
تنهدت جيهان وهي تمرر أناملها على خصلات شعرها تكاد في لحظة فرط جنون او غباء تنتزع خصلات شعرها لتقول
– ده اللي مجنني ومطمني في نفس الوقت، بيقولوا ان وش الراجل الحقيقي بيبان بعد الجواز وانا الصراحة قلقانة من وسيم
لم تلتفت اسيا كثيرًا لحديث الفتيات، كل شغلها هو إعطاء دعم كبير وحب غير مشروط تجاه الصغيرة التي تعكر مزاجها بسبب والدها الذي ما ان انتهي أمر التحقيق وتأكد من خروج طليقته من الشبهة حتي غادر نهائيًا، وتتمني أن يكون نهائيًا حتى تستطيع هي وشقيقتها تربية صغيرتهم كما كانت في أمريكا…
وهذا أمر صعب في الوقت الحالي، لأن الوضيع استحوذ علي عقل وقلب الصغيرة وتبكيه ليلاً حينما يهاتفها مكالمة الليل حتي تستطيع الصغيرة النوم ومكالمة الصباح … وكأن هذا سيعوض غيابه المتعمد الأحمق!!!!
تمتمت وجد بمشاكسة وعينيها معلقة على آسيا ترمي إليها الحديث
– اذا كان علي الاشقر متخافيش منه، ده قلبه طيب.. الدور والباقي علي التانين
لكن جيهان استغلت الوضع وهي تسأل آسيا خاصة كونها أقرب من تعلمه من فسخ خطبته
– بمناسبة فسخ الخطوبة، ايه الحوار ناس كتير كانوا بيقولوا لايقين على بعض رغم اني مشوفتش كده
هزت آسيا رأسها بلا مبالاة
– محصلش نصيب
تمتمت جيهان بتعجب
– حالا كدا بعد الخطوبة تفسخيها، حسيتي بالفرق بينهم مش كدا؟!!
اتسعت عينا وجد بجحوظ وهي ترى جيهان تدخل نطاق محظور مع آسيا التي ناظرتها بتعابير مبهمة لتهدر وجد بيأس
– بطلي قلة ادب انتي وهي
صاحت جيهان بحدة وقد سئمت من مقاطعتها لاسئلتها
– ببطنك قد البطيخة دي ده اكتر دليل ان فيه وقاحة حصلت
اتسعت عينا وجد وهي تضع يديها تحمي صغيرها من سماع كلمات وقحة خاصة من زوجة ابن عمها المستقبلية لتهدر بخشونة
– ملكيش دعوة ببطني، بطني وابني وانا حرة
انفجرت جيهان ضاحكة وفريال تهز رأسها بيأس لا تصدق مدى عقلية جيهان وهي التي توشك علي الزواج، تتمني أن يلهم زوجها الصبر على ابتلاءه لتغمغم بمشاكسة
– وطلع للقطة ضوافر
كشرت وجد ملامحها بعبوس مصطنع تجاه فريال التي ارسلت لها قبلة في الهواء، لتهز آسيا رأسها بيأس وقد ظنت أن الجلسة النسائية ستقتضي ثرثرة كالتي في منزل توحة لكنها مخطئة، أما جيهان فتمتمت بيأس من ظهور شادية في الصورة
-شادية اتأخرت كل ده ليه
………..
وقفت شادية أمام مرآة الحمام وعيناها تتفحصان الفرق الذي بدا على قسمات وجهها الذي اكتسب بعض النضرة والدهون المكتسبة
عينيها هبطت تحديدا الي منحنيات جسدها الذي ظهر عليه كما تسمى جيجي المخبولة ” بعضًا من النعم” تنهدت بيأس وهي تستمع الى تذمرات رجلها
الرجل لا يكف عن اثارة قلقها ورعبها، بل وصل به الحد نحو فقدان كامل قواها العقلية ومن المفترض أن تتعامل بحرص وهدوء وحكمة أم مع شقيقتها المخبولة وخطيبها
خرج صيحها المستنكر حينما قرر أنه سيؤجل العلاج، تبًا له لقد حسبته يمزح منذ قليل عبر مراسلتهم إلا أن شكها أصبح يقين حينما تأكدت من والدته التي عاجلتها بارسال رسالة تطلب بها إيجاد حل لعدول عقل هذا اليابس نحو أمر العلاج!!
-سرمد كف عن جنونك هذا اقسم ان لم تعتدل وتسير على العلاج
قاطعها سرمد بخشونة وبيده يمسك الهاتف والأخرى يستند على الحاجز وقد بدت التمارين الفيزيائية تلقي صدي جيد لجسده الذي يشعر بالإرهاق ولكن ليس للحد المؤلم الذي يجعله يطلب اتكاءه على رجلين كالسابق
– شادياااه اللعنة انتي لا تصرخين في وجهي
وصراخه هذا لم يزيد سوي من انفجار ضغطها الأعظم هادرة في وجهه
– سأصرخ في وجهك يا أحمق وإن احتاج الأمر أكثر من الصراخ سأفعله
ابتلع سرمد سبابات علي وشك الخروج أمام برتقاليته وبدي يشعر أن أمر تأجيله للعملية وخاصة قرب زفاف شقيقتها يستهلك أعصابها، ارتمي بجسده علي الأرض دون مقاومة ملتقطًا أنفاسه اللاهثة ليغمغم بنبرة دافئة، تلين عزيمتها وقوة شكيمتها
– لن استطيع رؤيتك يا حمقاء، أتدرين هذا العذاب.. لا أرغب العودة في غرفة العمليات لقد ضقت ذرعا بالجلسات الفيزيائية ليأتي طبيب آخر يخبرني سنخضع لجراحة صغيرة ستسبب تحسن أكبر للسير علي ساقي
قلبها خفق بجنون لسيل كلماته المغوية، تعلم طريقته حينما يشعر انه محاصر بين مطرقة والدته وسندانها، لا تستطيع أن تكذب عليه وتخبره أنها تشعر بالالامه الجسدية ولكنها تشاطره في عذابه النفسي للأمر
اغرورقت عينيها بالدموع لتسحب نفسًا عميقًا وتزفره على مهل قائلة بجدية
– أتريد الزواج أم تتسلى بي؟
عقد سرمد حاجبيه بعبوس وبدي سؤالها فخ
فخ ناعم مميت يستنفذ منه أعصابه ليتركها تتحكم به
وهذا ما كان على وشك التفوه به، لكن نبرتها قاسية، جامدة .. ليس بها خجل أو غضب أنثوي منها يستطيع أن يخمدها
همس بعبوس وتقطيبة جبينه كانت قوية
– ما دخل هذا بحديثنا؟
من بين كل الإجابات التي انتظرتها شادية
لم تتوقع أن تكون إجابته جافة هكذا؟!
أو هي التي تتخيل؟!!
بغض النظر كانت اجابته من المفترض أن تكون واضحة صريحة، متبجحة متلونة بالوقاحة كتبجح كلماته الجريئة
زمت شفتيها بجنون وهي تهدر في وجهه بحدة
– استمع يا احمق انا ارغب بعائلة واطفال ولست فتاة صغيرة السن لانتظرك أعوام سأخسر بها فرصتي للانجاب العديد من الأطفال
فغر سرمد شفتيه واتسعت بؤبؤ عينيه ليرفع الهاتف من اذنه وهو ينظر إلى رقم المتصل يتأكد انه لم يصاب بهلاوس سمعية
او شقيقتها الخبيثة تضعه في اختبار وفخ سيكون هو خاسره
ود أن يسأل إن كانت برتقاليته البريئة الخجول هي من تهاتفه أم تلك الشيطانة شقيقتها!!
لكن اللعنة يستطيع يعلم صوتها، وانفاسها الحارقة التي تصله عبر الأثير… أغمض جفنيه ليجلي حلقه وبصره يخيل إليه برتقاليته في منزله
ترتدي فستان صيفي برتقالي يشبهها وبطنها متكورة بارزة تصرخ انها حاملة طفل له في رحمها
جرت حمم لاهبة تسري بين أوردته ليشعر بإرتفاع درجة الحرارة وبداية تفصد جبينه بالعرق ليهمس بصوت أجش يشي تأثير جموح تفكيره نحو طريق وقح جرته تلك المرة البرتقالية إليه…
– عجبًا عجبًا عجبًا برتقالتي تتحدث عن أمر وقح كهذا امامي
ولم تكن الصدمة فقط علي سرمد بل نحوها وهي لا تصدق ذلك الهراء الذي تفوهت به أمامه
ماذا سيقول هذا المخبول الوقح عنها؟
لن تنكر انه يحافظ على وعده منذ آخر مرة
لا حديث وقح، لا تلميحات غير بريئة، مجرد حديث ودي، وبعض كلماته المداعبة الوقحة التي صنفتها في قاموسه أن مجرد غزل عفيف لم يصل للفحش
لكن الآن
وما نطقت به، أخرجت المارد الحبيس من عرينه
حافظت علي صلابة ورباطة جأشها وهي تقول بجدية
– اي امور وقحة يا غبي، الزواج يأتي بعده اطفال وتربيتهم الجميع يعرف هذا والا لما قدموا على الزواج
ضحكة مجلجلة القت صدي مزلزل لقلبها الذي ابتسم رغمًا عنها، لتخفت ضحكاته تدريجيًا قائلاً بمكر
– اااخ يا بريئة العقل، ترغبين بأن تصبحي أم، لكن في عقولنا نحن نحقق أقصى طموحاتنا المنحرفة
زمت شادية شفتيه وهي تسب داخلها، اللعنة عليك يا غبية، الأحمق ما صدق أن وجد ثغرة كي يستطيع أن يطرب اذنيها بأعذب كلماته العابثة، تنهدت بيأس وهي تعلم أن جرت معه في حديث كهذا
لن تخرج سوي وهي خاسرة وربما ستغضب ولن ترد علي مكالماته ووقتها الأحمق سيتخذها حجة ومبرر للقدوم إليها وسيضرب أمر علاجه في عرض الحائط!!
تمتمت بيأس
– هل بدأت تتخلى بوعدك معي؟
لكنه سرعان ما انتفض جسده قائلا ببراءة
– انا برئ تلك المرة، انتي هي الوقحة المتبجحة التي تطالبني بوضع اطفال فى رحمك
اتسعت عينا شادية جزعًا لتشهق وهي لا تصدق ما تفوه به الأحمق
تمتمت اسمه بخجل وعتاب
– سرمد
ارتسمت ابتسامة واسعة وقرر أن يستغل تلك الفرصة جيدًا، ففرص كتلك لن تأتيه كل يوم خاصة انه برئ تلك المرة من أي اختراق لعهده
– أجل تلك هي فتاتي الخجولة، نعم حبيبتي اخبريني اتودين ان ننجب الاطفال دفعة واحدة أم نتريث بين السنوات، لعلمك لقد استشرت الطبيب عن امر الزواج وقال لا بأس بالزواج دون الإجهاد
كتمت شادية صيحة جزعة خشية أن يستمع اليها العاملون في المركز الصحي لتنظر نحو السطح العاكس وهي لا تصدق ان وجهها أصبح كثمرة طماطم طازجة حان وقت ينعها!!!
أرهف سرمد أذنيه السمع إلى أي صوت يصدر منها بعد تلك الشهقة جراء ما تفوه به
ماذا؟
لا تضعوا اللوم عليه، لقد ألهبت رجولته بما تفوهت به، وما من انتصار يحققه عاشق سوي وهو يرى اندماج جسديهما والناتج تكوين طفلاً يحمل مزيجًا بينهما
هل تمادي؟
شعر بالذنب وهم بالاعتذار ليسمع صوتها الخافت
– يا قليل الادب
انفجر ضاحكًا حتى دمعت عيناه، وود لو يخبرها أنها هي عديمة الحياء والتهذيب
كي تجرأ أن تهاجر بما طلبته؟!!
الا يكفي انه يعاني من السهاد كونها بعيدة عنه، والمكالمات الليلية لا تثني ولا تغني من جوع!!!
والآن رجولته استثارت لفكرة طفل.. طفل سيظل ينغض أحلامه حتى يحقق الأمر لها، طالب بوقاحة
– ارسلي لي صورتك وانت خجولة الآن
زمت شادية شفتيها وطفق يظهر عبوس على جبينها قائلة
– لا
تنهيدة عميقة كادت تفضحه وهو يشعر ان مقاليد قلبه تحفظها الماكرة عن ظهر قلب
تعلم نقاط ضعفه وتستأثر به، وهو لا يملك شيئا سوى موافقتها وتركها تنال ثأرها حتى الرمق الأخير!!
طالب بإلحاح
– ارسلي يا شادياااه أود رؤيتك، وتتشبع عيناي برؤيتك
تنهدت شادية وهي ترخي رأسها علي الحا البارد مساومة إياه
– وافق على العملية و سأبعثها
فغر سرمد شفتيها وهو موقن أن برتقاليته بها شئ غريب، لم تكن من النوع المساوم أو النوع الجريء ليتمتم بغيظ
– إذا لا ارغب
سمع تنهيدة منها ثم همست بصوت متوسل
– حبيبي
هلك
هلك سرمد نهائيًا جراء كلمة التحبب الأولي التي لفظتها هكذا بجرأة في الهاتف
سب نفسه بقوة، وحمم جسده اتخذت مسار الحديث ليغمغم بأنفاس حارة
– اللعنة علي ضعفي، هيا اطربي اذن حبيبك لا عجب أن لا ارفض طلب لك الان بعد كلمة حبيبي تلك، اشتهي تقبيل تلك الشفتين اللتين نطقتهما لي
لو كانت برتقاليته كسابق عهدها وسمعت أمنيته لتقبيل شفتيها لاتخذت الأمر حجة كي لا تعلن خصام غير معلوم الأجل
ورفعت شعارات رنانة عن كونه متحرش، عابث، عديم التربية، وهذا أمر متفق عليه
هو يظهر أسوأ ما به أمامها، وهي تقبلته
والآن حينما تظهر بثوب جرئ لامع كيف يطلب أحد منه أن يحافظ علي جانبه المتعقل الذي لا يملكه من الأساس ؟!
وان كان هذا الغرض من الدلال والغنج والفاظ التحبب التي كانت محرمة عليه لغرض ما في نفسها.
اللعنة لكل شئ يجب أن يستغل تلك الفرصة التي لن تتكرر ربما حتى بعد الزواج!!
سمع همسها المتوسل له
– وافق ارجوك حبيبي
كان على شفا الموافقة والإذعان لطلبها
يقسم لسانه علي وشك اعطاءها ما ترغبه
لكن عقله
تبًا له كيف يتدخل في الوقت الحالي ليتشرط هو الآخر أمام شروطها
– بشرط
سمع زمجرة خشنة وهي تهدر في وجهه
– هل سنضع شروط الان، لعلمك انت الذي سيحدد أمر الاطفال لا انا
ماذا تفعل تلك المرأة به؟
إنها تستأثر منه
تبًا لها
تستأثر منه بأكثر الطرق وضاعة
تتبجح في الحديث معه عن أطفال مستقبلين، ولها جرأة عالية لتخبره عن أمر متأكد أنها في حالتها وظروفهما الطبيعة ما جرأ لسانها عن التفوه بها كما الآن!!!
خبط الأرض بقبضة يده والعروق برزت واستفحلت من جلده
الوحوش الهاجعة
وحوشه التي يهذبها تطالبه الذهاب والسفر إليها ومطالبتها بإعادة كل ما تفوهت به
ثم يقسم أن يختطفها إلى موطنه وليذهب وعده في عرض الحائط!
زمجر بخشونة أرعدت بدن شادية
– توقفي عن دفعي لذلك الطريق الوعر، اقسم انك الوحيدة الهالكة في هذا الأمر
أن سمعها أحد خاصة شقيقتها ستكون في عداد الموت
لكنها يائسة لدرجة موافقته على القيام بالعملية الجراحية
والدته طمئنتها والطبيب لكن صاحب الرأس اليابس هذا بحاجة إلي صفعة تفيقه من طور جنونه
تمتمت بنبرة خفيضة تحمل بؤسًا علّ قلب ذلك المتحجر يلين
– جميع من اعرفهن تزوجن، منهن من انجبن اطفالا ومنهن في طور الحمل، وأنا أرغب بطفل تلك الحاجة تشتد كل يوم يا سرمد
لقد أغراه أمر هذا الطفل
رغم انه يعلم والدها سيكون عقبة كبيرة خاصة أنه من قدم أنه سيتزوجها بعدما يستطيع السير باعتدال دون حاجة لعكازين
ووعد برتقاليته.. لكن مهما اغرته تلك المرأة يجب أن يكون صاحب مبدأ!!
سألها بمراوغة
– إلى أي حد؟
خرجت كلماتها سريعًا دون تحفظ
– سأتزوجك بعدما توافق القيام بالعملية
لقد جنت المرأة بسببه
اتسعت حدقتا عينيه بجحوظ وهو يتمتم
– وابيك؟ هو الآن غير موافق على أمر سفرك لبلدتي
وهي قاطعته قائلة بثقة
-لقد جهزت جميع الخطط بحيث اكون بين البلدين وخاصة عملي لا تقلق
اغمض سرمد جفنيه وكل مسببات التأخير قد اختفت
يجب أن يوافق على جنون طلبها
هذه فرصته
همس اسمها بصوت أجش
– شاديااااه
عضت على باطن خدها وهي تترقب رده
– نعم
غمغم وهو يعبث بخصلات شعره بهمس مغوي
– انتي اكثر امرأة مكرًا قابلتها بحياتي، اللعنة رغم اغراء عرضك لكني اعلم انه فخ ناعم
عقدت شادية حاجبيها بعبوس
أهذا يعني هذا الأحمق رفض عرضها
كتمت صراخها بشق الأنفس وهي تسمعه يغمغم
– لعلمك بزواجك مني غير مسموح لك بالطلاق في عرفنا .. لكن بمجرد وضع طفلي في رحمك فالموت هو خلاصك مني
سألته بغيظ
– هل تخيفني منك؟
ضحكة خافتة خرجت من شفتيها وهو يهمس بنفي
– لا، أحيطك بكافة الأمور
زمت شفتيها بحنق وهي لا تصدق الغبي رفض عرضها
أيعلم ذلك الأحمق ما كانت ستقوم به ليوافق والدها؟!!
هذا الخاسر الأحمق
يبدو أن أمر الخطبة تعجبه
فليهنأ بها!!
تمتمت بحنق
– ومن أخترع هذا العرف؟
همس دون أن يشعر
– انا وداو…
ما ان اوشك على نطق باقي حروف اسمه حتى تدارك ما يفعله، مما جعل شادية تهمس بفضول تجاه علاقة هذان الرجلان
– قريبك داوود اممم
زم شفتيها بحدة وهو يلعن نفسه
– توقفي
لكن الماكرة لم تدع الأمر يمر مرور الكرام لتهمس بفضول القطط
– يبدو في الماضي كنتما مقربان جدًا
اجابها بحدة
– ربما
هزت شادية رأسها وعلاقة سرمد بقريبه تثير فضولها بطريقة مثيرة تجعلها تود النبش في الماضي، حبيبها الأحمق متأثر بعلاقتهم المتوترة وان لم يعترف بها
ويبدو الأحمق الآخر كذلك، يجاهرون بكراهيتهم لكن القلوب تهمس بعكس ذلك.
تابعت تغمغم بفضولها
– وشئ سيء حدث قلبت الأوضاع بينكما
وهو ما زال عند وضعه مغمغًا بوجوم
– ربما
سألته بحماس
– وهل قريبك مرتبط بامرأة؟
بدأ يشعر بالانزعاج وهو يشعر أن كامل اهتمامها انتقل من أمر الزواج الى داوود اللعين هذا
تبًا له
ليدع امرأته وشأنها، ويهتم بشؤونه هو الآخر
سألها على مضض
– لما؟ هل رأيتيه يحوم حول الشقراوات؟
عبست ملامحها قائلة
– هل يحب الشقراوات؟
لوى شفتيه بحنق قائلاً بحدة
– يحب جميع النساء بلا استثناء طالما أثارت رجولته
شهقة ناعمة خرجت من شفتيها جعلت شبح ابتسامة تظهر على ثغره
لقد استطاع الآن أن ينسيها ولو مؤقتا أمر داوود ليعود كامل اهتمامها ينصب عليه!
سمع زجرتها اليائسة من اعتداله
– لا تتحدث بوقاحة معي
غمغم بحدة
– انتي من جلبتي اسم ذلك الثور بيننا، تحملي مزاح الذكور حينما تكون النساء محور احاديثنا
هزت رأسها بيأس، لا فائدة ترجى من هذا الأحمق وغيرته، همست بيأس
– هل ستقوم بالعملية؟
يبدو أنه لم ينجح بخطته، زفر بيأس مغمغمًا باشتياق ينضح بين كلماته
– يا حمقاء انتي تعملين سيكون في موعد زفاف شقيقتك الأمر صعب، لقد حجزت تذكرة لرؤيتك
زمجرت بعصبية لتنفجر في وجهه قائلة
– حسنا انا ايضًا اسحب عرض الزواج المبكر، افعل ما ترغبه
هدر بغضب
– ايااااااكِ
التمعت الدموع في مقلتيها، لتزيل الدموع بأناملها قائلة باختناق
-ماذا
لانت نبرته وخفت صوته هامسًا برقة
– لا تبكي يا برتقالة سرمد، عودي للفتيات وامرحي معهن
تنهدت بيأس ويبدو جميع محاولاتها أضحت بالفشل، لتهمس قائلة بقلق
– عقلي سيكون مشغول قلقًا عليك
اغمض جفنيه بيأس وهو يعلم البرتقالية سـ تبكيه، همس برقة وود لو كان أمامها
لما تلك الحمقاء لا تتفهم
رؤيته لها أهم بكثير من أي علاج سيعرقل فرصته معها
لقد اشتاق لتتشبع عينيه وجسده امامه
تلك المكالمات والرسائل لا تزيده سوى سخطًا وتلهفًا للقائها
همس بصوت أجش، عابثًا بأوتار أنوثتها
– لا تقلقي سأكون بخير، قبلي وجنتك نيابة عني حتى رؤيتك
زمت شفتيها بحدة وهي تنظر نحو شاشة هاتفها بيأس، غمغمت بحنق
– غبي مش عارفة حبيته علي نيلة ايه
**********
على الجانب الآخر،،
في مقهى شعبي..
جلس الرجال يتسامرون ويشربون الأرجيلة خاصة وسيم الذي بدا متحمسًا لتجربتها بينما اكتفي لؤي بهز رأسه وارتشاف كوب القهوة .. بينما عاصي وعادل يستعيدان أيامهم الخوالي.
سحب وسيم نفس عميق من الأريجلية ثم فغر شفتيه ليخرج الدخان، ارتسمت ابتسامة واسعة علي شفتيه وهو لا يصدق انه بدأ يتعلم شربها.. غمغم بانتشاء
-طب مش عيب علينا احنا كرجالة القعدة دي
قضم عادل من شطيرته بتلذذ، ليتدخل عاصي قائلاً
– ومالها القعدة، شيشة موجودة، الساقع موجود، سندوتشات كبدة من الولا عبود موجود وشاي يحبس القعدة
هز وسيم رأسه بيأس وهو لا يصدق انه ليلة احتفال توديع العزوبية سيقضيها هنا بعد زيارة سريعة لسلطان ملك فواكه اللحم وانتهى به الأمر هنا في قهوة غير معلومة الملامح، صغيرة ضيقة، طاولاتها منتشرة في كامل أرجاء الطريق المقابل له.. تساءل وسيم بفضول
– عاصي انت قضيت ليلة فرحك هنا
هز عاصي رأسه وعادل يربت علي ظهره قائلاً
– انا وعادل
عاد وسيم يصب كامل اهتمامه نحو ارجيليته ليسقط بصره تجاه ابن عمه
صمته دون اتخاذ أي قرار للعودة إلى طليقته يقلقه
بل آسيا هي يالكامل يخشي أن تقوم بفعل أحمق متهور سيسبب بإلغاء زفافه
تتظاهر ببرود في وجوده على طاولة الطعام، وأحاديثها مع جده غالب كثرت
بل جميع استشاراته تكون بينهما الاثنين رغم عدم توافق فكريهما، الأولى بإندفاعها والأخر بالتروي والصبر
فقط لو يعلم ما يدور في عقل لؤي؟!!
ان كان يريد أن يسبب أي فضيحة فليؤجلها حتى زفافه ..بل ذهابه لشهر العسل !!
مال برأسه تجاه لؤي قائلاً
– انت ايه رأيك يا كبير
هز لؤي رأسه مغمغمًا بجفاء
– احمد ربك انه معمولك قعدة، غيرك مجربهاش
لمعت عينا وسيم بمكر وهو يغمغم بنبرة ذات مغزى
– وماله ما تجرب حد مسكك مثلا!!
تلاعب لؤي بأنامله على حافة الكوب، وبدي غارقًا في معضلته الخاصة
عقد وسيم جبينه بعدم فهم تجاه شروده، لكزه بحده لينظر لؤي نحوه بعبوس
تبادل كلاهما نظراتهما ليعبس لؤي مغمغمًا بحنق
– لما توافق
اذا كما توقع، ابن عمه يسعى للصلح والأخرى لا تترك له فرصة للراجل
سأله باهتمام
-لسه منشفة دماغها معاك
ارتسمت ابتسامة حادة علي شفتيه قائلاً بخشونة
– اللي ينشف دماغه معايا اكسرها
ضحكة مجلجلة خرجت من وسيم جعل الرجلين يعقدان جبينهما بعبوس ليهز وسيم رأسه بيأس قائلاً بتهكم
-ياعم اقعد علي حيلك هو انت قادر تطولها
برزت العروق النافرة في صدغ لؤي الذي غمغم بعنف
– سايبها بمزاجي
هز عاصي رأسه بيأس وقد سئم من تجنبه الصمت وعدم المشاركة، دائما تأتيه وجد تبث عن توتر العلاقة بينهما، بل وطلبتها منه صراحة أن يحاول أن يصلح بينهما
وهو قالها ان كان كلا منهما يعاند الآخر فلا أمل للعلاقة بينهما
يجب أن يلين كلا منهما العند المتأصل بهما
ثم الأقرار بوجود مشكلة بحاجة إلى حل، وإن قدم إليه أي منهما طالبًا النصيحة لن يرده خائبًا..
تمتم عاصي بابتسامة بشوشة تجاه لؤي
– افشل كلمة اقدر اسمعها من أي راجل
توقفت أنامل لؤي العبث في كوبه، ليرفع برأسه ناظرًا إلى زوج ابنة عمه
لا يتذكر أن صادف أن تحدثا عن طريق الصدفة؟!! لا يتذكر شئ كهذا مطلقًا
بل يكتفي بتحيات وعبارات خافتة وايماءات رأس فقط والآخر لم يتعداها
إذا لما الآن؟!
أحالته ميؤوسة إلى تلك الدرجة ؟!
هو لا ينكر أنه يشعر كما لو أن أصفاد تحاوط عنقه وجميع أطراف جسده
آسيا تتعامل معه ليس ببرود او جفاء بعد فسخ خطبتها المزعومة
بل تتعامل كما لو انه ليس موجود أصلا
لم تحاول حتى أن تسترق النظر لرؤية وجهه، محور اهتمامها انصب نحو شمس بعد غياب والدها ثم تتناوب العناية بين الطفلة وشقيقتها الحامل والعمل
فقط، لا شئ آخر سوى أحاديث صباح بينها وبين جده وهي متخذة فقط دور المستمع بإنصات وجوع يطعمها اياه جده لقيمة لقيمة لذكريات والدها.
شعر تحت وطء نظرات أخضر العينين أنه يجرده من نفسه شخصيًا
رغم ابتسامته البشوشة وجسده المسترخي علي الكرسي، الا أن عينيه بهما خطر
لا يعلم كيف وقعت الصغيرة بسحرهما؟!
عينيه داهية كبيرة، تجعلك عاريًا أمام مرايا خطاياك وذنوبك
سأله بتهكم، لم يخفي بها ضيقه
– وانت شايف يا دكتور اعمل ايه معاها
اجابه عاصي ببساطة ولم يصدر أي رد فعل من تجهم ملامح وجه الآخر
– تعترف بغلطك، صدقني الموضوع مش هيقل من كبريائك ولا رجولتك لما تعترف لمراتك بغلطتك معاها
اعتصرت أنامله بقسوة حول الكوب، حتى كادت أن تتهشهم بين يديه، قائلاً بجفاء
– بتحب تتدلع عليا، بس انا سايبها بمزاجي
أخرج وسيم ضحكة أخرى مجلجلة وهو يهز رأسه بهذي تام
– لا واضح
تدخل وسيم تلك المرة وهو يميل برأسه هامسًا في أذن لؤي كما لو كان الأمر سر حربي وليس من أفشي الأمر أمام الغرباء!!
-طول ما هي سايبة الباب موارب يبقى باقية عليك، الموضوع بس محتاج شوية وقت
تدخل تلك المرة عادل وهو يغمغم بنزق
– ياعم مش كنا جبنا نسوان في القعدة الناشفة دي يطروا علينا
زجره عاصي بنظرة حارقة، جعله ينظر إليه بامتعاض ليهز وسيم رأسه قائلاً بخشية
– لم لسانك هي مش ناقصة مراتي مجنونة وعندها طاقة شم رهيبة وما تصدق تلغي الجواز
نادي عادل علي صبي القهوة، ليغمغم ببؤس
-حط يا عم حجرين شيشة في القعدة الفقر دي
مج وسيم من أرجيلته ونفخ الدخان في الهواء وهو ينظر نحو البؤساء بجواره
وداخله يلعن مائة مرة علي الموافقة بهذا الأمر السخيف واضطراره لإلغاء برنامجه بالاذاعة.. فقط تقع تحت بين يديه تلك الفأرة المتلونة
وقتها فقط سيأثر بكامل حقه منها!!!
********
الابتعاد عمن تحب
ليس لكونك قاسيًا
جلمود الأحساس
متلبد المشاعر
لما الرؤية دائما فقط محصورة في زاوية الغدر والهجران
لما لا يكون الأبتعاد سبيل في الراحة
تهدئة النفوس؟!!
وربما يكون السبب في ازدياد لوعة وشوق الغائب؟!
ممكن
فقط لو يتركون تلك الصورة النمطية اللعينة لما عاني أحد من توابع الأمر؟؟
فالإبتعاد لا يطال سهامه نحو طرف دون الآخر!! بل جرحه أشد عمقًا لا أمل من شفاءه
تراخي رأس نضال على نافذة سيارته في المقعد الخلفي، عينيه مأسورة تجاه المشهد أمامه
صبيين شقيين يمرحان دون الأخذ بالاعتبار في الغد
ليت حياته في الطفولة أخف وطئة مما عاناه، لم يتقبل زيارة المسمى بوالده حتى الآن
بل لم يشعر بأي لهفة وقلق وهو يستمع إلى صوته الذي امتاز بالعملية الباردة كما لو أنه يردد أخبار طقس الصباح!!
وسؤال واحد فقط كان ملهوفًا لإخراجه من جوفه
والآخر علم فقط السؤال المنطوق في عينيه
لما الآن؟ ما سبب هذا التلهف فإصاباب الماضي كانت أشد عمقًا وعوده لين لم يحتمل!!
ليفاجئه وهو يجلس على الكرسي يلقي عليه سبب زواجه الثاني من امرأة نكرة لا تسوي شيئًا كما سممت بها زوجة ابيه اذنيه.
أحبها رغم كونه سيطرد
عشقها رغم معرفة أن الزوجة ستحيل حياتهما جحيمًا
ثم انجباه ليلتصق به العار حتى مماته
شعور بأشواك حديدية تلتف حول عنقه، تتباري متى ستزهق روحه وكمية الدماء التي ستتقاطر من عنقه.
اغمض جفنيه وذلك البرد في صدره انساه معني البكاء، لا شئ يستطيع أن يبكي عليه سوي فقط شمسه
فالعار الذي يحمله ليس لها ذنب صغيرته أن تتحمله
يقسم إنه ما رغب بطفل يحمل بذرته الشيطانية، ما رغب بأن يتحمل العالم طفل منبوذ آخر لولا فقط شمس التي ظهرت من العدم مغلفة برداء أبيض ناعم تلتف من حول عنقه تتشرب من آثامه بصدر رحب.
في كل مرة يقنع نفسه انه سيربي صغيرته أفضل
لكن كيف ينسى عظم جرائمه التي حدثت بوعي ودون وعي منه
تلك الملعونة فرح ما من مرة تحاول ايقاظ صحو ضميره، تذكره بأن الصغيرة ستدفع جميع آثام ماضيه ولن يستطيع حتى أن يمد يد المساعدة، أو حتى يزيل الآمها
فقط لو استطاع أن يخرجها من عقله
لو استطاع
لو استطاع
فتح جفنيه حينما شعر باهتزاز في جيب بنطاله، انسل الهاتف من جيب بنطاله ليجيب على الاتصال وقبل حتى أن يلقي تحية بادرته أسرار قائلة بعتب
-طولت في سفرك يا نضال
غمغم بصلابة ويده تتحسس موضع جرحه الذي بدأ يندمل ببطء بعد عدة محاولات يائسة من الطبيب الذي سئم من اعادة خياطة الجرح تحت تمرداته الطفولية
ماذا؟!!
هو لم يحبذ بشئ يوضع بطنه
– ده احسن بالنسبالي وبالنسبالكم
وصلته تنهيدة أسرار التي صمتت للحظات قبل أن تهمس بحرج
– لسه مضايق من اللي عمله وقاص
ارتسمت ابتسامة على شفتي نضال بتهكم، أخيه الان خارج معادلات تخبطاته
يعذره ويتفهم غضبه المكبوت
فدماء الثأر التي تسير في عروقهما جعلته أكيد أنه تربطهما رابط الدم..
غمغم بنبرة جافة
– متقلقيش باللي بيحصل ما بينا.. حتى لو بنقطع بعض لسه فيه صلة وصل ما بينا
وأسرار علي الجانب الآخر تنظر تجاه زوجها سراج الذي يلاعب صغيرهما نور، وعينيه بين كل فينة والأخرى تراقب حركة أسرار المتوترة التي زفرت بيأس
– عمري ما تمنيت ان موضوع يوصل للدرجة دي
زفر نضال بحنق وعينيه حطتا فوق الطفلين اللذان ما زالا يمرحان رغم الطقس السئ، تمتم بفضول
– شمس بتسمع الكلام
ارتسمت ابتسامة ماكرة حينما تذكرت ان الصغيرة رفضت صباح اليوم الرد على اتصاله متعللة بذهابها مع خالتها الى المنتجع الصحي، قالت بيأس
– البنت مغلباني يا نضال، بجد حرام توجع قلبها تعالي وارجع
توجع قلبه وهو يعلم ما يدور في خلد الصغيرة
ربما تظن ان والدها يكرهها، وربما تظن انه بدأ يقل حبه تجاهها والظنون كثيرة
والشكوك تتكاثر مع زيادة الأيام
لكن لا يستحقها
ليس في الوقت الحالي
صغيرته تحتاج اب تتفاخر به
أب بثوب طاهر كطهر غطائها الذي لفته حول جسده !
غمغم بأسف
– مش هينفع
زمت شفتيها بعبوس، وقد تغضنت ملامحها بغضب لتسأل بفضول
– عمو مهيب قالك ايه خلاك تمشي وتسافر بدون ما تودعنا
لما تصر أسرار على فتح جميع جروحه الغائرة؟!
تنهد بعمق وحاول عبثًا البحث عن لفافات التبغ، ليسب بصوت قوي وهو يتذكر أوامر الطبيب بالامتناع عن التدخين بل وخطفها منه ومنع جميع عاملين حتى الأقربون من مساعدته بأي شئ قد تضر من صحته
لقد ضاق به ذرعًا حينما يأتيه كل مرة و يطالبه بإعادة خياطة الجرح، ماذا يفعل هو كره أن يظل راقدًا علي الفراش، عاند من نفسه وأصر انه بخير، لكن للأسف جسده لا يستجيب لعناد عقله.
غمغم بسخرية وهو يتذكر طريقة مهيب الجافة معه
– هيكون قال ايه يا أسرار، شوية دفاتر قديمة من الماضي.. حبها بس مكنش للأسف يرضى يزعل بنت الحسب والنسب عشان شغله ومستقبله
صمتت أسرار وهي تري نظرة سراج الجادة، لتنظر اليه بابتسامة ناعمة وهي تمتم بهمس خافت
– نضال انت اتجوزت
انفجر نضال ضاحكًا لدرجة شعر بوجع عميق أسفل بطنه حيث منطقه جرحه، خفتت ضحكاته وهو يغمغم بعبث
– عندي واحدة مكنة في بالي
شهقت أسرار بصدمة زاجرة اياه
-بطل قلة ادب وانت بتكلمني
تلاعب بكلماته معها قائلاً
– الله مش انت قولتيلي اتجوزت
منعت شتيمة تكاد تخرج من شفتيها وهي تسأله بحدة
– ناوي ترجع امتي
عينيه انتبهت نحو المشهد أمامه لقدوم امرأة بتضاريس لم تنساها عينيه ولا حتى أنامله
غمغم بهدوء محاولا إنهاء مكالمته
– لسه بدري علي الرجوع بس انا مأمنك علي شمس انتي ووقاص
زمجرت بحدة
– البعد بيولد الجفا يا نضال
أنهى مكالمته سريعًا، فصغيرته هو كفيل معها ومصالحتها
– سلام عشان المكنة بتاعتي مستنيها
لمعت عيناه ما إن أبصرها
ظبية شهية تستفز فيه جينات الصياد الذى بداخله كي ينقض عليها وتدخل ضمن سلسلة انتصاراته!
مع كل حركة وسكون كان يتابعها هو بتركيز، انحنائها المغوي له وعطفها على الطفلين الصغيرين
انطلاق جسدها مع جسدين الصغيرين لاهين عن مرارة الحياة، لترسم شبح بسمة علي شفتيه القاسيتين
الحقيرة تلهو وتمرح مع أطفال غالية تاركة اياه يتلظى بنيران الأنتظار
تبًا لها ألف مرة
وتبًا له لسماحه لنفسه للانجراف في هذا المستوى المنحدر
منذ متى هو يترك أهواءه تتخذ مجرى قراراته
تطعنه تلك اللعينة وينقذها من براثن السجن، وحينما يطالبها بلقاء تتحجج بالأعمال
أي أعمال حمقاء تفعلها هامة عن لقاءه؟!
لا شئ .. لا شئ مطلقًا سوي التصاقها مع غالية وتلك العائلة المريبة بأحداثها والمثيرة للاهتمام بداية من ماضيهم حتى وقتهم الحالي
رن علي هاتفها ليراها تتوقف عن الركض خلف الصغار، منتسلة الهاتف من جيب بنطالها وحينما رأت رقمه حتى وضعته بلا اهتمام في جيب بنطالها..
اتسع بؤبؤ عينيه بجحوظ، هل تتجاهل اتصاله كما تتجاهل وجوده
أيعيدها للسجن الآن حتى تنتظر زياراته الرسمية ربما وقتها ستعطيه كافة اهتمامها فهو الوحيد الذي سيكون دائم الحرص على زيارتها!!!!
أعاد اتصاله بها مرة أخرى، وداخله يقسم بأغلظ الأيمان أنه سيدمر تلك الفقاعة المحاطة بها، بداية من العجوز حتى الصغيرين
رآها تخرج الهاتف بحدة لتنظر بغضب تجاه اتصاله، اجابت على اتصاله بغضب مكبوت لترتسم ابتسامة متسلية على شفتيه وهو يصدر صوت مبتئس
– ايوا هفضل مستني ردك كدا كتير عشان سيادتك تردي
رأي ارتفاع طفيف في حدقتي عينيها، لتدير بجسدها غالقة أي تعابير وجه يستطع أن يلمحها معطية جل اهتمامها نحو الطفلين قائلة بتهكم
-اصل الصراحة مش عارفة ارد عليك بأيه، يعني حتي الطعن مأثرش فيك
لمس موضع إصابته وهو يعذرها
لقد كان دنئ معها بعض الشئ، لكن دناءته معها لم تصل لحد القتل كما جرأت هي.
غمغم بنبرة خالية من المشاعر
– مين قالك عمره ما أثر معايا
رآها ترفع رأسها للسماء بيأس قبل أن تهتف بعزيمة امرأة لا تخشي شيئًا
– نضال انا لو شوفتك بجد مش هيكفيني موتك
انفلتت منه ضحكة ساخرة ليغمغم بنبرة ماكرة
– ردتي عليا عليه
عاجلته بهمس حاد وقوي
– عشان تعرف اني جدية في كلامي واقسم بعزة جلاله الله لو اتعرضلتي تاني، انا هموتك بجد ومش فارق معايا لو اخدت اعدام
نبرة صوتها صادقة
لا مجال بها للبس
فتلك اللبؤة التي استطاعت أن تحتفظ بسكين اضافي كانت عازمة على قتله
كان صراع القوي بينهما
وقد استخف بها
استخف بخصمه حتى عاجله بطعنة خسيسة منه
ظن أنه اوقعها في مصيدته، لكن فريسته جهزت له شِباك أعظم
أوهمته بأن له السلطة العليا
حفزت به الشعور بالنشوة حينما ظنها محاصرة في جحره
لكن اكتشف الجحر الذي صنعه مجرد وهم
وهم استطاعت أن تنال ثأرها منه
عقل تلك المرأة داهية، داهية كبيرة.
وتثيره عقول النساء الجاحدات كما يثار من رؤية المرأة التي تخضع لمتطلبات مزاجه سابقًا.
غمغم بنبرة جافة
– عارف
وهي اندفعت تزمجر بحدة
– ولما انت عارف يتنكد عيشتي ليه، كفاية بقي ارحمني
وهي ألا تستطيع أن ترحمه قليلا؟!
في كل مرة يتجاهلها، لكن بتغيراتها وما تحاول أن تصبو إليه ذئبه يحن إليها
يذكره بها
حتى وإن استحالت العشرة بينهما، وإن تقاتلا لما المتبقي من عمرهما
هي بالنهاية تحمل صك ملكيته
وهو بالنهاية يحمل جزءً منها ملموسًا بين جدران منزله ورعاية صغيرته التي اعتبرتها طفلتها.. وحاجته لطفل آخر كي يكون ونيس لصغيرته
وحتى تتعاضد علاقتهما وإن كان منفصلين
يستطيع التعامل معها وهي منفصلة عن حياته لكنها تحمل طفله
لكن أن تنفصل كليًا، كما لو انها خلعت جميع ثيابها، هذا هو ما يثير جنونه!!
غمغم بنبرة يائسة
– بقيتي مرض يا فرح، بيعدي عليا وقت وبتعامل انك مش موجودة .. بس بيجي وقت وافتكرك للأسف
تخشب جسدها وهي تسمع يائسًا في صوته
أتتخيل هذا أم مجرد هلاوس تؤثر على صحة عقلها ؟
سمعت صوته المتسلي يعود كما لو كان شبح ينغص نومها يوميًا
– سكتي يعني
زفرت بيأس وهي تهمس بحدة
-جيب آخر الكلام
طالب ببساطة شديدة، كما لو انه قام بكسر ذراعها
– محتاج اشوفك
غالية حينما تعلم أنها ما زالت تجيب على اتصالاته المبطنة بتهديد ستلعنها وتلعنه
لكن إن كانت بمفردها بعيدة عن درع الحماية وطوق العائلة كانت ستتمرد على جميع متطلباته، لكنهم اعتبروها فرد من نطاق العائلة، رفضوا استئجار شقة لها خاصة إن غالية اخبرتها بوجود عدة غرفة فسيحة شاغرة في منزلها، وحينما شعرت بالتثاقل عليهم كانت كل مرة تؤنبها غالية حينما تقوم بالتسوق الأسبوعي وتساهم بالنصف في مصاريف المنزل، لكن غالية أخبرتها أن مالها هي الأحق به خاصة لمشروعها المقبلة عليه..
قالت بجفاء تام
– انسي، وصدقني تهديداتك دي بلها واشرب مايتها
تمتم بنبرة متلاعبة
– يعني انتي شايفة مفيش فايدة
ضحكة متهكمة وئدتها سريعًا وهي تقول بإشمئزاز
– مفيش فايدة فيك للأسف، نضال انت مسكت نفس السكينة اللي دبحتني ومُصمم علي القرف اللي عملته معايا
عقد جبينه باستنكار قائلاً
– عشان تجيبي ابن مني ده قرف
فغرت شفتيها تجاه بجاحة هذا الرجل
لا يوجد أي من نبرات صوته ندم حقيقي تجاه دنائته، ويحاسبها على ردة فعلها؟!
أمخبول هذا الرجل؟
نساء اخريات لو أصبحن محلها لفقدن طور عقولهن وقضين باقي فترات حياتهم بين حوائط المشفي
لكن هي أقسمت أنها من ستدفعه إلى طور الجنون، وإن كان قتله مفيد للبشرية لن تتراخى أو تتراجع للحظة!!
اندفع أتون غضبها ينفجر في وجهه
– لما تحاول تغتصب مراتك اللي ناوي تطلقها، لا وبكل بجاحة عايز تغتصبها بعد ما بقت طليقتك تسمي ايه ده
صمته الذي زاد عن حده موترًا أعصابها كان أقل وطئًا من رده المجحف
– انك احلويتي في عيني
فغرت شفتيها وقد فقدت القدرة علي النطق من وقاحة فعلته، وجراءته للجهر بها تمامًا دون أدنى ذنب
وكأن الاعتداء مجرد شئ هين
لم يرحم أنوثتها ولم يقدر مقدار الجلل الكبير الذي فعله ورغب بتكراره
شعرت أنه لا مغزى من الحديث
لا شئ سيستطيع تغيره سوي الزمن

لا شئ سيستطيع تغيره سوي الزمن
ربما وقتها تستطيع أن تقلل من جحوده!!
غمغمت بصلابة والدمعة التي سقطت علي ما فرطت من نفسها وقلبها في الوقوع في حب جاحد مثله!!
– وانت نزلت من نظري جامد، افتكرتك كل حاجة الا كدا يا نضال
تصلب فكيه وهو يجد جسدها يختض بعنف
يعتذر على وقاحة حديثه معها، وإن لم يكن سيعتذر
هذه عادته، والعادات لا تتغير بطبع الإنسان أليس هذا ما يتفوهون به؟!
ربما جميع أرصدته قد نفذت تمامًا وأحرق معظم سفنه معها، لكن تظل سفينة واحدة ما زالت في مرساه لم تغادره!!
غمغم بخشونة وهو موقن ستنتهي تلك المكالمة بالبكاء وهذا لا يرغبه منها تحديدا، ليس في الوقت الحالي
هوغاضب منها كحد الجحيم وأعصابه مستنفرة، مستفزة، تنتظر أقل تفاعل لتحدث انفجارًا!!
– متنتظريش اعتذار
ضحكة مريرة اتبعها بغصة مؤلمة وهي تغمغم بغضب
-الاعتذار ده اتقبله لو اتعايرت علي حبي ايام زمان مش عشان بدافع عن شرفي
زفر بحدة وبدي تكرارها لكلامتها يصيبه بالغضب والحنق
لا يعلم مما؟ ولماذا؟ تريده أن يشعر بالذنب
ويلها .. لم تخلق بعد امرأة تسقطه في ظلمات اخطائه، ألا يكفيه ما به؟
قال بغضب
– واضح اني غلطت لما كلمتك
هزت رأسها بلا مبالاة وعينيها عادت تنظر نحو طفليّ غالية قائلة
– لو علي الغلط، فانا اللى غلطانة اني كنت ساذجة كفاية عشان اوافق وارضي باللي حصلي، بس لولاك مكنتش هعرف اوصل اللي انا فيه دلوقتي
لم يعطيها فرصة بالظفر بما نالته من طيش كلماتها به، قال بنبرة متسلطة
– اوعك تفتكري اني هسيبك، الرابط اللي بينا رابط دم .. مش هينتهي غير بموت حد فينا
انهي المكالمة وهو يحدق في جسدها الذي تماوج بغضب أثر كلماته سمعها تطلق صياح غاضب وهي تنادي الأطفال الذين استجابوا لها بعد فترة وقد تركوا اللعب على مضض، امسكت كل واحد منهما بحماية غريزية وهي تعبر بهم الطريق المقاطع سرعان ما توقف جسدها عن الحركة ورفعت برأسها تجاهه
حملت نظرتها كل الكره والبغض في العالم وهو ابتلعها بسهولة مبتسمًا ويبدو أنها استشفت ابتسامته من المرآة الداكنة لتغادر دون أن تلفت رأسها للخلف مرة آخري.
الحمقاء تظن أن الدرب الذي اختارته سيكون منحنى مختلف لحياتها، ولا تدري أن كل درب وكل تقاطع طريق ينتهي نحوه.!!
********
ليلة زفاف جيهان ووسيم،،
وقفت شادية بثوبها الزهري المحتشم تنظر بدموع تقطر فرحًا تجاه شقيقتها الصغرى التي انتهت خبيرة التجميل من وضع زينة وجهها، شكرت خبيرة التجميل بعبرات خافتة لتقف جيهان أمام المرآة الطويلة ترفل بثوبها يمينًا ويسارًا
توقعت شادية أن المجنونة ستنشر حفل زفافها علي منصات التواصل الاجتماعي وللدهشة انها القت هاتفها جانبًا وكانت تستمع بكل لحظة وتحضير من خبيرة الشعر والتجميل حتى الفتاة التي ساعدتها بارتداء ثوبها

الفستان تماشي مع تضاريس جسدها الأنثوية، وقد غطت الذراعين بقماش شيفون نظرًا لرفضها لفستان وسيم الكلاسيكي وفضلت فستان مطعم بحبات اللؤلؤ وفصوص كريستالية، الفستان كان مستوحى من الأميرة أريل ذيل الفستان الطويل، أصرت علي صبغ بعض خصلات شعرها باللون الأحمر وجمعته في تسريحة شعر بسيطة ووضعت طرحة الفستان فوقه
طرحة الفستان كان حكاية أخرى، فطوله وحده وصل أقصى ذيل فستانها ولا تعلم كيف سترقص به؟
نقرة خافتة علي باب الغرفة تبعها دخول الأب الذي هم بالصراخ الا ان شفتيه فغرت بصمت وهو يحدق نحو صغيرته
بل شعنونته وطفلته المشاكسة
تجمعت الدموع في حدقتيه وهو لا يصدق أن الصغيرة بفستان زفافها أضحت امرأة بالغة؟ وهي ما زالت بنظرة صاحبة الخمس أعوام التي تتشبث بقدمه وتطالبه بالحلوى..
اقترب منها بتؤدة وعينيه تتشبع الرؤية لصغيرته ليقترب منها هامسًا بصوت أبح
-طالعة زي القمر
تجمعت الدموع في مقلتي جيهان التي همست بتأثر للدموع التي سقطت دون رادع من مقلتيه
– بجد يا بابا
سارعت شادية بمد منديل قطني ليتقبله وهو يجفف دموعه محاولا سحب أنفاس عميقة، ثم زفرها على مهل مدعيًا الحدة
– بت هو انا هكدب عليكي برضو في حاجة زي دي، كان نفسي ثريا تبقى موجودة
تحشرجت أنفاسه عند آخر كلماته لتنكس شادية رأسها ببكاء صامت اما جيهان غمغمت بحزن
-الله يرحمها
خيم صمت ثقيل وكئيب جعل الأب يتدارك نفسه سريعًا قائلاً بجدية
– المجنون بتاعك بيحبك، بلاش بقي شغل المجانين ده بعد الجواز، الجنون حلو بس زيادته بتقلب لحاجة أنا مش عايزك توصليلها
لوت جيهان شفتيها بعبوس قائلة بسخط
– بابا انت شايفني مجنونه
ابتسم الأب بمناغشة
– شوفي انتي بنتي، بس الصراحة مطلوبة انتي مجنونة وكفاية مجانين في البلد مش ناقصة تجبلنا عاهات للمجتمع
وضعت جيهان يدها على شفتيها لا تصدق مدى جرأة تفكير ابيها بهذا الشكل؟ ما خطب الرجال سرعان ما تتزوج المرأة حتى يعدون الأيام بترقب منتظرين خبر الحمل!!
هزت رأسها مغمغمة بعدم رضا
– بابا انت لحقت تخليني احمل، النهاردة فرحي
زمجر الأب بخشونة
– بطلي قلة ادب معايا في الكلام، انتي فاهمة اقصد ايه
تبرمت جيهان شفتيها، وادعت العبوس والغضب الطفولي لتتنحنح شادية هامسة
– بابا
وقد كانت تلك الكلمة كفيلة بتذكيره ذلك المتلهف المنتظر إياها بالأسفل
اقتربت شادية وهي تضع لمساتها الاخيرة علي جيهان تخرجها بأفضل صورة لائقة وتتأكد من تثبيت طرحتها وعدم وجود أي عيب في فستانها لتحتضنها هامسة
– يلا يا عروسة نوصلك لعريسك
احتضنتها جيهان بقوة وهي تسمع صوت شقيقتها الهامس
– شكلك زي القمر يا جيجي
ابتسمت وهي تبتعد عن شقيقتها قائلة بثقة
– دي حاجة مش جديدة
ضربتها شادية بخفة علي ذراعها قائلة بعد تنهيدة عميقة خرجت من صدرها
– بجد هيوحشني وجودك في البيت
لوت جيهان شفتيها مغمغة بتهكم
-علي الاقل انا هسكن الباب في الباب، الدور والباقي على اللي ناوي يحتجزك في قارة تانية
اتسعت عينا شادية وهي تنظر الى ابيها المنشغل بمكالمة لتدفع شقيقتها بعيدًاعن اسماع ابيها وهي لا تصدق ان الحمقاء ستفتضحها امام ابيها في هذا الوقت، عقدت حاجبيها بريبة متسائلة
– اوعي تكوني قولتي لبابا
كادت جيهان أن تنفجر ضاحكة ولا هي تصدق ما أخبرته ليلة أمس من جنون عرضها، لتضع إصبع السبابة على ذقنها تدعي التذكر قائلة
– قصدك انك عايزة تتجوزيه وتضربي بكلامه عرض الحيطة
زمت شادية شفتيها بغضب قائلة
– كنت بشجعه انه يعمل العملية يا جيجي
رمقتها جيهان بعدم تصديق سرعان ما ادعت الجدية هامسة بحدة
– يا قليلة الادب وموضوع الاطفال تجيبه قدامه عادي وتطلبيها منه

تلون وجنتي شادية بالحمرة، وقد خفضت انظارها عن عيني جيهان المتربصتين لها، لتهمس شادية بحرج
– معرفش لساني نطقها ازاي، بجد اتمنيت الارض تتشق وتبلعني لحظتها
انفجرت جيهان ضاحكة وهي تربت على ظهرها بفخر قائلة
– احب النسخة الوقحة منك دي، بس لطاما مخصوصة لحبيب القلب الايطالي صدقيني هيتجنن عليكى اكتر ما هو مجنون بيكي
وزاد وضع شادية سوءً بتحول وجنتيها كثمرتي طماطم طازجتين، لتهمس بخجل
– جيهان
أتطالبها الآن بالصمت، فبعد حديث أمس وقد استحوذت على شقيقتها ليلة أمس ليلة فتيات خاصة حتى أفضت لها جميع قلقها وهواجسها، وشادية في لحظة صادقة أفضت لها حديثها مع سرمد وهي تشعر بالخجل والذنب لما تفوهت به في لحظة ضعف منها
هي حتي الآن لا تصدق رفض الأحمق علي عرضها، ربما يحاول أن يثبت لها كليًا مدي جديته وتغيره
إلا أن هذا غير مضمون، الرجل مجنون وتعترف جنونه يعبث الحياة في روح شقيقتها.
ربتت جيهان وهي تهز راسها باستنكار ورفض لذلك الخجل المدعيّ
– لا هو بعد قلة الادب اللي قولتهالي تتكسفي دلوقتي
تجهمت تعابير وجهها لتهتف بحدة
– متخلنيش اندم بجد اني قولتلك، بعدين انا مش فاهمة هو ليه مش بيرد عليا تلفونه اتقفل من وقتها والله لولا طنط غيداء اللي طمنتني عليه وقالت انه كويس كنت فكرت حاجة حصلتله
ألهذا السبب كانت صامتة اليوم؟ منشغلة بفكرها نحو الإيطالي؟!!
ماج الغضب بداخلها لتزمجر بغضب
– يا بنت نفسي افهم بجد الواد سحرلك ولا ايه حكايته بالضبط، طب ايه رأيك ألغي الجوازة واشوفلي حد ايطالي زي عم سرمد
انفجرت شادية ضاحكة وهي تهز رأسها بيأس لعبوس وتذمرات شقيقتها قائلة
– وسيم لو سمعك صدقيني هتترقدي في المستشفى
امسكت جيهان بكفيّ شقيقتها قائلة بامتنان
-مش هنسي وقوفك جنبي يا شادية، مخلتنيش احس اني محتاجة لحاجة، كأنك قارية افكاري، وطبعًا عرفت سبب الفلوس الكتير اللي بتاخديها من كل عروسة
لمعت عينا شادية بتأثر لكلمات شقيقتها لتقترب منها قارصة إياها نحو آخر عبارتها، هي لا تكلف نفسها عناء لتهذيب كلماتها، يجب أن يكون مصطحب بجنون أفكارها وآرائها، تأوهت جيهان بوجع وهي تهمس بألم محاولة تدليك المنطقة التي تم قرصها بغتة
– ايدك بقت تقيلة يخربيتك في عروسة في ليلة جوازها تتقرص بالشكل ده
غمغمت شادية بجدية
-عشان تعدلي لسانك بعد كده وتعرفي توزنيه، يا مجنونة انتي هتتجوزي بجد مش عارفة هتعملي ايه بعد الجواز
لمعت عينا جيهان بخبث
-ناوية اجننه
هدر صوت الأب قائلا بغضب وهو يضع الهاتف في جيب سترته الداخلي قائلاً
– العريس واكل دماغي بقاله ساعة
تدخل ماهر تلك المرة بثياب عمله قائلاً بمشاكسة
– ما هو هيستني، انتو ناوين تجوزوها من غير ما اسلمها ليه
اتسعت عينا الشقيقتان لتركض جيهان غير عابئة بالفستان ولا طرحتها الثمينة بين احضان شقيقها قائلة بلهفة
-ماهر وحشتني، امتي جيت
ابتسم ماهر وعينيه تمران نحو فستان زفاف شقيقته قائلاً
– يدوب جيت من المطار علي هنا علطول، حتي ملحقتش أغير
ابتسمت جيهان وهي تشاكسه
– والنبي زي القمر، حتي العيون هتبقي عليك خاف علي مراتك عشان بقت مجنونة وقت الحمل
هز ماهر رأسه بيأس من مشاكسات شقيقته التي ظنها قد هذبتها قليلاً لكن يبدو أنه مخطئ، قال بيأس
– لما نشوفك يا مجنونة
غمغم الأب تلك المرة بحدة حينما صعد رنين هاتفه
– الواد شغال يرن كل شوية لحد لما زهقني وقرف عيشتي
ضم ماهر ذراع جيهان قائلاً بتسلية
– يلا يا عروسة نسلمك للعريس
ألقي نظرة خاصة تجاه والده قائلاً
– متتأخروش
عبست شادية جبينها وهي تري والدها يسحب ذراعها تجاه الجهة الأخرى من قاعة الزفاف قائلاً
– تعالي يا اخرة صبري
حاولت شادية ركب خطواته وهي تسأله بحيرة
– ايه يا بابا واخدنى على فين
غمغم الأب بنبرة هادئة
– عايز اتكلم معاكي شوية، فيها حاجة دي

زاد الشك في نفس شادية، وهي تشعر ان الحمقاء ربما لمحت لوالدها عن الاتصال
تقسم انها ستقتلها إن فعلتها
غمغمت باعتراض
– بس
قاطعها معتصم وهو يتأبط ذراعها قائلاً
– من غير مقاوحة، شغلك كدا كدا عندك بدل الواحد عشرة ياخدو بالهم من التنظيم
دفعها نحو إحدي المقاعد الشاغرة لتجلس عليه وجلس هو مقابلتها، لتشعر شادية بالحرج وبعض القلق
ترى ما الأمر الجلل الذي يدفعه الآن في حديث وشقيقتها من المفترض أن حفل زفافها الآن؟!
– خير يا بابا
ألقي الأب نظرة خاصة نحوها دب بها الرعب وتعرق يديها التي فركتهم بتوتر قائلا بجمود
– اتصل بيا حبيب القلب
عبست متسائلة بدهشة
– سرمد
نظر نحوها باستهجان لردها، ليتابع بهدوء وهو يترقب ردة فعلها
-قالي انه عنده عملية النهاردة بس رفض عشان عايز يشوف سيادتك
اخفضت شادية جفنيها للأرض وهي تشعر ان وصلة التقريع ستبدأ، ربما الأحمق لمح له بشئ !!!
اللعنة لو فعل أي حماقة، تقسم سيكون في عداد الموتى؟!
تفاجئت من عنف كلمات أبيها والحنق الذي ظهر على انفعال صوته
– البجح بيقولي اصلك وحشتيه، وحش لما يلهفه
رفعت رأسها وهي تربت على صدره خشية أن يترفع ضغط دمه قائلة بصوت خافت
– بابا
والأب وجدها فرصة حتى يخرج جميع توتره بداية من زواج صغيرته اليوم ومكالمة الأحمق هذا الصباح وما زاد الطين بلة لهفة الأشقر وازعاجه بالدق على هاتفه
-انتي خليتي فيها بابا بسي روميو بتاعك ده، شوفي انا وقتها لما اتخبطتي للؤي كنت معترض عشان شايفك هتضيعي نفسك ومكنش مناسب ليكي يا شادية، وقتها نفخت صدري وقلت يجي بس حد بداله وهوافق عليه فورًا بس النسخة المستوردة زي ما زئرده هانم بتقول خلتني اتمنيت المصري ماله المصري مش عاجبك ولا ايه
تلونت وجنتي شادية حرجًا وخجلاً وقد صمتت تمامًا تاركة والدها يعبر عما مختزن بصدره، ليسترسل بتهدج وقد غامت عيناه حزنًا
– كنت مستني وقت اما يجيلكم عرسان اقعد انا وثريا ننقي في ونفحص كل واحد فيهم بس للأسف مشيت وسبتني وخلت الحمل تقيل في كتافي، قولت أحاول اخلي البنات تحت حمايتي، وقت ما يحسوا انهم مكسورين ميخبوش حاجة على ابوهم، ابوهم سند وضهر ليهم
اندفعت تقبل وجنته ودموع حارقة تهبط وجنتيها، لما يعيديها للماضي الآن؟!
انها تتعافى منه
ربتت على صدره، يجب ان تفحص ضغط دمه والسكر الآن، همت بمقاطعته قائلة بصوت خافت
– بابا ارجوك
أعادها لموضعها حينما رآها استقامت من مجلسها، ليتابع قائلاً كما لو كان يحدث لنفسه
– بس قولت مش مشكلة خليهم ياخدو راحتهم، في أسرار صعب البنت تقولها لبباها ووقتها حسيت بالحسرة على نفسي
هطلت الدموع من عينيها، لتهمس بتوسل
– ارجوك يا بابا، كفاية عشان متتعبش
تلك المرة انتبه والدها إلى الدموع المحفورة على خديها، ليضربها على كفها قائلاً بحدة
-ابوكي بيطلع اللي جواه يا بت اسمعي وانتي ساكتة
هزت راسها بصمت، ليجلي معتصم حلقه متنهدًا
– لما شرف روميو باشا وشيفاكي بتمشي وراه وانتي مغمضة عينك كنت مرعوب مش خايف بس، تفهمت الانبهار ويمكن بردو عوامل اختلاف اللغة ضايف الحماسة الزيادة جواكي، وانه لعب علي اوتار قلبك وعزف اللحن اللي نفسك فيه
ألقي نظرة خاصة وهو يقرص وجنتها قائلاً بنبرة ذات مغزى
– ابوكي مش مغفل ولا عبيط عشان ميحسش رجعوكم لبعض مش بنفس قوة المشاعر زي اول مرة لما عرض عليا الجواز، لمست فيه نضج حقيقي اخر مرة وهو بيكلمني وبيعرض الجواز، قولت اوافق ازاي على واحد خسر مستقبله والله اعلم اذا عرف او هيعرف يرجع تاني
شعور بالذنب اكتنفها تمامًا، لقد كسرت والدها سابقًا ولن تكررها مرة آخري
لقد وعدت نفسها انها لن تكسر بهامته وكبريائه، لكن ما ان اتى تلك الرياح الغربية حتى جعلتها لم تعد تشعر بنفسها سابقًا
هي نفسها وقتها لا تفهم ما الذي يتلبسها معه، لكنها تشعر انها حرة، كلماتها لا تضطر لتنقيحها، بل تتعامل معه بدون أي تحفظ كما يفعل هو
وهذا أكثر ما تفضله في العلاقات، انتبهت علي صوت والدها وهو يربت على ذراعها مثيرًا انتباهها
– رغم جهرك للكره ليه، بس قلبك كان بيقول كلام تاني، وان فورة المشاعر بتاعت اول مرة اتهذبت وبقت في إطار تقبلته لان شادية دلوقتي غير شادية أول مرة

تنهدت قائلة بعدم فهم
– بابا انا مش فاهمة انت بتقولي الكلام ده ليه دلوقتي
بعدما أنهى معتصم من مقدمة حديثه، حتى قال بجدية
– عايزك تفكرى كويس في قرارك الجاي
مع ازدياد عبوس وجهها، وهو يعلم ما قد يدور بعقلها، خاصة ذلك القلق والخوف انه يخبرها برفضه لتلك العلاقة، رآها تهم بسؤاله ان افسد الايطالي شئ ما في حديث الصباح لكنه قاطعها قائلاً
– سي روميو عرض عليا تعملوا عقد جواز والفرح يكون بعد ما يخلص العلاج الطبيعي
عقدت حاجبيها بريبة قائلة
– امتي ؟
غمغم بضيق
-والله انتي وظروفك
شعرت شادية بشيء غامض في الأمر، تمتمت بتعجب
-بس يا بابا كان ممكن الكلام ده نتكلم فيه بليل بعد الفرح
قلب عينيه بملل وهو يحدق نحو نقطة معينة
– ابقي قوليليه
همت بالرد وقد اثارها الفضول نحو النقطة الذي يحدق بها والدها، الا ان جميع كلماتها تطايرت ما ان أبصرته أمامها واقفًا مستندًا على الجدار وابتسامة واسعة تشق ثغره قائلاً بإسلوبه العبث
– لا زلت منتظر جوابك يا برتقالتي
فغرت شفتيها بذهول وعينيها جاحظتين لمرآى رؤيته واقفًا بسطوة وهيبة .. هزت رأسها وهي تشعر بخلل ما أثر ما رأته.
انها تحلم الآن!! والحلم بدي واقعي بصورة مرعبة، يجب أن تستفيق بدلاً من التشكك في صحة قواها العقلية والبصرية!!!

يتبع

لقراءةالفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *