روايات

رواية صفقة حب الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب البارت الثاني والعشرون

رواية صفقة حب الجزء الثاني والعشرون

صفقة حب
صفقة حب

رواية صفقة حب الحلقة الثانية والعشرون

“مصير مفقود”
نهضت منتفضة عند رؤيته أمامها وقلبها يدق بشدة وسرعة عالية .. تنظر لعيناه البنيتان بترقب وقلق، ترتجف بداخلها وتحاول أن تتصنع الجمود والصلابة من الخارج بقدر من الإمكان، ولكن قسمات وجهها وعيناها بالتحديد تخونها بنفس سرعة دقات قلبها .. ظلت مكانها جامدة ولم تتفوه بكلمة .
لم ينكر بأنه شعر بالفرحة في قلبه عند رؤيتها بالإضافة إلى الدهشة وتساؤلات كثيرة لا يوجد لها أجابة سوى لديها .. فنظرة عيناها له تقول لا تقول رجاء لا تفعل .. بها خوف وإرتباك، هل أنكشف أمرها أمامه بعد وجاء لأخذها ؟، بهذه السهولة أدركوا مكانها ؟ .. قطع الصمت صوت أمير وهو يقول بهدوء وشرود :
– ازيك يا سلمى ؟
أبتلعت غصتها بصعوبة وردت بتوتر ملحوظ :
– الحمد لله .. أخبارك أنت يا أمير ؟
نظر لها بتركيز شديد أزاد ارتباكها ثم قال بنبرة يشوبها الشك :
– الحمد لله ماشي الحال .. أنت بتعملي إيه هنا ؟!
أتسعت عيناها بشدة بخوف وإرتباك شديد هي وسميحة التي أمسكت يداها المرتعشة لكي تطمئنها، ثم نظرت إلى أمير لتقول بعتاب :
– أنت اتجننت يا أمير !! ازاي تقول لبنت خالك كده .. بتطردها عيني عينك كده ؟!
توترت سلمى ونظرت إلى سميحة ثم أمير الذي شعر بالآسف والحزن من ضيق والدته، فلم يقصد أي شيء مما حطر على بالها أو ما تفوهت به للتو .. فأردف سريعا كي يصحح الوضع :
– لا لا أبدًا يا أمي مش إللي في دماغك خالص .. هي حصلت أطرد سلمى من البيت .. أنا بس أستغربت وجودها هنا مش أكتر

 

 

 

هدأ روع سلمى نوعًا ما لشيئًا ما بداخلها ووقفت تترقب نظرات وكلام أمير في حذر وقلبها يزداد علو وهبوط .. فردت سميحة بشدة وثبات :
– مش مسموحلها تزور عمتها ولا إيه !
رد أمير بعدم فهم :
– لا طبعًا تنور البيت في أي وقت .. بس مش النهارده فرحها ولا إيه .. المفروض بتلبس وتجهز .. كده يعنى !!
توترت سلمى وإرتبكت نظرت إلى عمتها سريعًا وركضت إلى الداخل وهي تكتم أنين بكاءها .
أندهش أمير من رد فعلها للغاية فلم يعد يفهم أي شيء .. نظر إلى سميحة ليقول بعدم فهم :
– هو في إيه يا أمي .. هي مالها ؟ أنا مش فاهم حاجة
توترت سميحة بشدة ولا تعرف ماذا تقول .. فردت سريعًا :
– تعالى أقعد بس الأول
جلس أمير بجانبها وهو ينظر إليها بإهتمام وهو يراقب إنفعالاتها جيدًا ويشعر بوجود شيئًا ما خفي عنهم ليقول :
– خير يا أمي قلقتيني .. في إيه ؟
فركت يداها وهي تقول بتوتر :
– هو في حد بعتك ؟
قضب جبينه بدهشة ونظر لها يفكر ليقول بعدم فهم :
– نعم !! حد باعتني .. حد مين وباعتلي ليه ؟!
زفرت سميحة براحة وطمأنينة عندما تأكدت من الشىء الذي سبب لها القلق والإرتباك .. فتبدلت حالتها وقالت بهدوء وراحة يشوبه الإرتباك من نظراته المتفحصة لها التي أعتادت عليها، يفهم ما تخفيه ويشعر بها فهو ضابط شرطة :
– ولا حاجة .. ولا حاجة يا حبيبي أنا هقوم أشوف سلمى
قالتها وهي تنهض وكادت أن تتحرك إلا أن أمير أمسك معصمها ليقول بحدة وجدية :
– مش هتمشي من هنا غير لما أفهم في إيه .. وسلمى بتعمل إيه هنا في يوم زي ده مش المفروض إنها هتتجوز النهارده !!
صمتت سميحة بقلق وهي تفرك بيداها بشدة وإرتباك شديد والدموع متحجرة في عيناها .. حتى قطع الصمت وهو يصيح بها بغضب :
– ما تردي عليا يا أمي مخبية عليا إيه !!
لا تعرف من أين تبدأ .. التردد يسيطر عليها ولكن حسمت الأمر وقرر مصارحته لتقول سريعًا :
– سلمى هربت يا أمير .. مفيش فرح ولما شافتك راجع في الوقت ده أفتكرت أنك عرفت وكلموك عشان تدور عليها وترجعها .. فهمت بقى سلمى ليه هنا ؟
جلس والذهول يسيطر على وجهه، لا يصدق الكلام الذي تتحدث عنه والدته .. سلمى تهرب يوم زفافها !!
فقال بإهتمام وجدية :
– ليه يا أمي إللي حصل خلاها تعمل كده ؟ سلمى طول عمرها بنت عاقلة
تنهدت سميحة بحزن شديد وقالت :
– والله يابني مش عارفة أقولك إيه .. على الرغم إني ضد إللي عملته ده بس تصرفات أبوها هي إللي وصلتها لكده غصب عنها .. هي رافضة الجوازة دي من البداية
قضب جبينه وقال :
– ليه هي مش بتحب عاصم ؟ دول مخطوبين بقالهم تلات سنين
أجابت سميحة سريعًا :
– هي مش هتتجوز عاصم أساسًا
قضب جبينه أكثر وأردف بعدم فهم :
– نعم ! اومال هتتجوز مين ؟
ردت بحزن :
– طارق الإبياري

 

 

 

 

صاح أمير بتعجب وهو يرفع حاجبه مستنكرًا :
– هو أنا أخلص من عاصم يطلعلي طارق .. ومين ده كمان ؟!
قصت سميحة له كل ما حدث وكيف سلمى وطارق تعرفا على بعضهما البعض والصفقة التي تمت على حسابهم .
يستمع أمير حكي أمه بعد تصديق أو إستيعاب .. كيف تحملت سلمى أن تكون لرجلان دون إرادة منها أو أخيار ؟ ما كان رد فعلها يا ترى عندما وضعت تحت طائلة هذه المقارنة .. لا يصدق بأن من فعل هذا بأبنته هو خاله .. لماذا وكيف طاوع قلبه على تلك الفعلة ولأجل من ؟! .
أمسك رأسه بألم بين يديه وهو يفكر في هذا الحكي العجيب، مقدر تماما الحالة التي تبدو عليها سلمى، ولكن ليس معها في شأن هروبها .. رفع رأسه وهو ينظر لسميحة ويقول بإنفعال وغضب :
– أنا مش قادر أصدق إللي بتقوليه ده .. معقولة خالي يوصل بيه الدرجة ويتاجر ببنته !! هي صفقة ولا إيه .. وفين يوسف في ده كله متحركش ليه .. حسابه معايا بعدين أنا هكلمه
نهض أمير وقام بأخراج هاتفه من بنطاله، أنتفضت سميحة في زعر وقلق سريعا قبل أن يقوم بالإتصال بلهفة شديدة :
– سايق عليك النبي يا أمير ما تكلمه .. ده إللي كانت سلمى خايفة منه إنه يحصل .. كان هنا من شوية وبيسأل عليها .. يوسف ملوش ذنب يا حبيبي ياما أتكلم مع أبوه ووقف في وشه لكن أنت عارف خالك مادام حط حاجة في دماغه يلا السلامة ومش هيسمع لحد أبدًا .. أستهدى بالله وأقعد
جلسا معا ومسح على شعره وهو يحاول أن يزن إنفعالاته ليقول بضيق ونفاذ صبر :
– أستغفر الله العظيم .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. هو إيه إللي بيحصل ده .. كانت تقوللي يا أمي وأنا أحاول أتصرف .. وبعدين إيه العمل دلوقتي ؟
تنهدت سميحة وقالت بحزن وقلة حيلة :
– العلم عند الله يابني .. سلمى صعبانة عليا أوي تلاقيها منين ولا منين .. زمانهم دلوقتي قالبين الدنيا عليها ومش هيسكتوا إلا لما يلاقوها وهي مستحيل ترجع
تنهد أمير ونظر إلى سميحة ليتسائل بحذر :
– هي مبتحبش طارق ؟
ردت بضيق :
– ولا بتطيقه .. على طول في خناق ومشاكل
شعر أمير براحة نوعا ما ثم قال وهو ينهض :
– طيب يا أمي أنا هدخل أستريح شوية عشان نازل تاني .. حضريلي لقمة أكلها قبل ما أنزل وأفكر نشوف نعمل إيه في المشكلة دي
نهضت سميحة وهي ترلت على منكبه باسمة :
– ماشي يا حبيبي .. ربنا يسهلك الحال أن شاء الله
********************
أثناء ذلك الوقت كانت سلمى تجلس في أحدى الغرف تسير ذهابًا وأيابًا في خوف وتوتر شديد للغاية وهي تفرك في يداها بعصبية .. تبكي بصمت وهي تفكر بأشياء كثيرة يمكن أن تحدث وتخشى من رد فعل أمير كثيرا ولا تعرف ماذا تفعل إذا كان قد جاء في هذا التوقيت لها أو إذا علم وقرر رجوعها .. إنها كارثة بالفعل ولا تعرف ماذا تفعل ..
بين الحين والآخر كانت تذهب عند الباب لتستمع لما يقولون لعلها تفهم شيئًا أو تعرف ما ينوي عليه أمر ..
في أحدي المرات سمعته ينوي باﻹتصال بيوسف .. فأتسعت عيناها بخوف وقلق، تخشى بأنه لن يصمت بكل تأكيد وإن لم يتصل بيوسف فبالتأكيد سوف يذهب لأبيها وبالتالي سيخبره بمكانها .. ومرة أخرى وهو ذاهب إلى غرفته كي يستريح ثم يعود مرة أخرى لعمله ليجد حل في هذه الكارثة .. ماذا يحدث يا ترى وما الذي يفكر فيه أمير بالضبط .. إنها لكارثة حقا إن عزم على ذلك .. يجب أن تتصرف يجب أن تجد حل .
ظلت تسير ذهابًا وأيابًا ثم وقفت بعدما خاطرت لها فكرة ونظرت للفراغ بشرود تام .
*********************

 

 

 

 

تفاجئ طارق بشدة من كلام سارة بشأن هروبها .. لم يتداول الخبر بهذه السرعة كي يأتي إلى مسامعها وتعرف بهذه السرعة الكبيرة لها، لأنها لا شأن لها بعلاقته بسلمى ولا زواجه منها .. ولا أحد يعرف سوى والده وهاشم ونور ويوسف فقط لا غير .. من أين لها المعرفة إذا ؟ ..
أنابه الشك وقال سريعًا :
– عرفتي ازاي ومين قالك يا سارة ؟
توترت سارة وأدركت بأنها وضعت نفسها في مأزق .. فردت بتوتر كبير :
– عادي يعني يا طارق هي دي حاجة تستخبي .. شركاتكوا كبيرة ومعروفة فحاجة زي دي هتتعرف بسهولة مثلًا يعني
لم يقتنطع طارق بمبررها على الإطلاق، لإنه بكل بساطة غير منطقي .. بالإضافة إلى نبرة صوتها المرتعشة والقلوقة تبين عكس ما تحاول أن تظهره من ثقة .. فصاح بها بحدة وجدية :
– كلامك مش منطقي يا سارة الموضوع ده حصل من كام ساعة بس ومحدش يعرفه غيرنا .. لحق ينتشر ويوصلك أنت بالتحديد .. ليه ؟!
أبتلعت غصتها بصعوبة شديدة ولا تعرف ماذا تقول .. فكرت سريعًا ثم بررت قائلة وهي متلعثمة :
– إيهاب .. إيهاب هو إللي قاللي
قضب حاجبيه بشدة وهو ينظر إلى إيهاب ليقول بغرابة :
– إيهاب !! وإيهاب هيعرف منين حاجة زي دي وهو معايا من الصبح
شعرت سارة بأنها يمكنها اللعب من هذه الزاوية وتحاول إقناعه بهذه الفكرة .. فردت بخبث :
– شوف أنت بقى عرف منين .. يمكن هي مثلًا !!
شعر طارق بإحساس غريب من لهجتها في الحديث، فلم يسترح لها على الإطلاق فأردف بحدة وجدية :
– شوفي يا سارة متعمليش حاجة وتلبسيها في غيرك تمام .. لإني إللي متأكد منه إن إيهاب ملهوش علاقة بسلمى وعمره ما شافها غير مرة .. ولما تبقى تقولي عرفتي منين يبقى ساعتها هرد عليك .. سلام
نعم وبكل تأكيد سمع إيهاب تلك المكالمة التي دارت بين طارق وسارة وأدرك أن المشادة بينهم له علاقة بها .. لم يتصور أن تتهمه سارة بأنه له علاقة بسلمى والسبب وراء هروبها، ماذا فعل كي تتهمه بالباطل بهذا الشكل .. لهذه الدرجة كان منخدع بها ؟ .
تجهم وجهه للفزع والدهشة وهو يفكر في نتائج تلك المكالمة .. ما تفكير طارق فيما قالت له سارة، أطمئن من رده ودفاعه عنه ولكنه قلق في ذات الوقت .
بعد إنهاء المكالمة عم الصمت عليهم بشكل غريب وكل منهم يفكر بحيرة كبيرة بداخلهم .. قطع الصمت إيهاب، يجب أن يقوم بسؤاله كي يستريح من داخله :
– أنت بجد مصدق الكلام إللي قالته سارة ده
ألتفت إليه طارق فجأة وهو يرفع أحدى حاجبيه مستنكرًا لما يقول :
– أنت أتجننت يا إيهاب ولا إيه … سمعت كويس أنا قلت إيه
رد إيهاب بضيق مبررًا :
– ايوة بس إللي خلاها تتهمني إتهام زي ده .. لا أتجننت رسمي
طارق بتفكير أردف قائلًا :
– مش عارف .. ردها مش مريحني ولا أعرف خبر زي ده وصلها ازاي .. مكنش موجود في المكتب غير أنا وأبويا أستاذ محمود ونور ويوسف هما إللي بلغونها الخبر .. معتقدش حد منهم له علاقة معاها خاصًة نور لإني عارف إنها مش بتطيقها
إيهاب بتعجب :
– اومال تفتكر عرفت منين ؟

 

 

 

 

رد طارق بتفكير :
– مش عارف وده إللي هحاول أوصله .. بس أوصل لسلمى الأول وأشوف أخرة المصيبة دي إيه
حاول اﻹتصال بها هذه المرة لعلها تستجيب ولكن الهاتف مازال مغلق أو غير متاح .. يشعر بالغيظ الشديد من ذلك الموقف السخيف الذي وضعته فيه سلمى، ليس هو فقط بل الجميع .
********************
أنهت سارة المكالمة بوجه مجهوم .. خائف، تشعر بأن طارق شك بأمرها فهو على حق والحجة التى تم أختراعها لم تجدي نفعًا ولم تخيل عليه .. فسوف يؤثر ذلك على علاقتها به ولا تعرف كيف تقول له الحقيقة .
نظرت إلى عاصم بغضب وهي تصيح به :
– عجبك كده !!
رد بتهكم وبرود :
– وأنا مالي هو أنا إللي قولتلك تنسحبي من لسانك وتتكلمي عن سلمى ولا تلبسي التهمة في صاحبه ؟!
نظرت له بغضب شديد لتقول :
– بقى أنا إللي غلطانة بعد كل ده يا عاصم !! كنت عايزة أطمن عليه وأعرف إللي حصل
ضحك وقال ساخرًا :
– لا حنينة ياختي .. قلبك عليه أوي
نظرت له بغيظ أشد وهي تصيح بإنزعاج :
– طبعًا يا حبيبي ما أيديك في الماية الباردة لو الشركة خسرت بح .. ثم تعالى هنا مش شركتكوا بردو هتضر من إللي حصل ولا ده مش في حساباتك أصلًا
نظر لها وقال ببرود وثقة :
– سلمى لازم تظهر وتتجوز طارق
صاحت به بل أنفجرت كالصاروخ لتقول غاضبة :
– أنت بتقول إيه أنا ماصدقت الجوازة فركشت من عندها تقوللي يتجوزوا !!
ضحك بشدة على إنفعالها وقال بغرور :
– يا هبلة كل ده لمصلحتك .. أنا عايز سلمى والشركة وأنت عايزة طارق .. أنا هقولك الخطة ماشية ازاي .. شوفي يا ستي ..
******************
إلى أين يمكن أن تذهب يا ترى بعدما بحث عند عمته ولم يجدها ؟ .. بالتأكيد شعرت بأنها من الممكن العثور عليها بكل بساطة والتفتيش عنها لديها .
لا يستطيع أن يبحث عنها عند بقية أقاربه نعم لا يستطيع، فالسيدة سميحة تعتبر أقرب ما لديهم وتزورها سلمى بأستمرار حتى قبل وفاة السيدة فريدة .. فليست بالغباء أن تذهب إلى شخصًا آخر يصون وجودها في يوم مثل هذا .
بحث كثيرًا في كثير من المشفيات لعل يجدها، بحث عنها في أي مكان كانت تتردد فيه، لم يوجد لديها أي صديقة يمكن الذهاب إليها في هذا الموقف سوى نور .. عقله شت فذهب إلى النادي فهو جنون يعرف ذلك .. ولكنه لم يجدها أيضًا ..
وهنا أخيرًا رد على الهاتف بعد تفعيله بوضعية الصامت .
إنها نور، هي بالفعل نور الذي أضاء له الطريق لإنه لم بنسى لها بعد ما فعلته وهي بالمشفى، يقدر لها ذلك كثيرًا .. أخبرها بمكانه وهي كانت على مقربة منه فلم تستغرق سوى عشر دقائق حتى وصلت إليه .. فمن القلق صاحت به أول ما رأته يجلس على أحدى الطاولات يفكر وشريد للغاية، وهي تقترب منه مندفعة لتقول :
– ممكن أفهم مبتردش عليا ليه؟ وأختفيت فجأة ليه ؟ هو أنا ناقصة يا يوسف
نظر لها بعدما تفاجئ بإنفعالها وقدر رد فعلها وهو يشعر بالآسف نحوها .. فقال لها بهدوء وهو يشير لها على المقعد أمامه :
– طيب أقعدي الأول بس أرتاحي
نظرت له بغرابة على هدوئه وبروده لتقول وهي ترفع أحد حاجبيها متعجبة :
– أقعد ! أقعد إيه في إللي احنا فيه ده .. ثم إيه البرود ده !!

 

 

 

تنهد ثم أندفع بصدره إلى الأمام ليقول بضيق :
– عايزاني أعمل إيه يا نور أنا من ساعتها هايج ومش على بعضي وعصبي لأقصى درجة ولفيت كل المستشفيات ورحت لعمتي لعل ألاقيها هناك ومفيش فايدة بردو .. وما صدقت هديت عشان أعرف أفكر بهدوء تقومي تيجي وتقوليلي برود !!
شعرت بأنها ثقلت عليه حقا وهو محمل بالمتاعب، فليس من الوقت عتابه وهو بهذه الحالة .. تنهدت بقوة وجلست أمامه على الطاولة وأردفت بحزن وآسف :
– طيب خلاص أهدى
صاح بغضب وهو ينظر إليها بتعجب :
– أهدى ! ما أنا كنت هادي من شوية مش عاجب وقولتي بارد أتعصبت بردو مش عاجب
على الرغم ما يحدث حولهم فلم تحتمل نور شكله وهو في هذه الحالة بعدما أثارت غضبه دون أن تقصد .. فضحكت دون أرادة منها .. ضحكت بشدة، تعجب يوسف كثيرًا حقًا من رد فعلها ولكنه لأول مرة يراها جميلة هكذا وهي تضحك، لأول مرة يقرب منها بشدة ويراها بهذا الشكل، شعر بخفقان قلبه وإبتسم رغم عنه على شكلها وروحها الطفوليين .. فعقد ذراعه وإنتظرها حتى تنتهى، شعرت بأنها مراقبة من قبل نظراته فسكتت على الفور بخجل وهي تنظر إلى الأرض في حياء منه
– سوري بجد مقدرتش أمسك نفسي بصراحة .. خلاص بقى
ضحك يوسف فقال بمرح :
– طيب أقعدي ساكتة خلينا نفكر هتكون راحت فين .. (ثم أردف بجدية) مسبتش حتة إلا لما دورت عليها هتكون راحت فين يا ربي
تنهدت بحزن وقالت :
– إن شاء الله نلاقيها قريب .. خليك وراها أهم حاجة لحد ما ترد
تنهد ثم نظر لها بهدوء :
– يلا تعالي أوصلك
نظرت له بتعجب وقالت معترضة :
– لا يا يوسف أنا هفضل معاك لحد ما نلاقيها
أردف بضيق :
– لا طبعًا أنت من الصبح بتشتغلي وغير إللي حصل بوظلك أعصابك ومحتاجة تريحي شوية .. ثم هتدوري فين يا نور دلوقتي .. روحي بس وأنا هتصرف لو في أي جديد هكلمك
لم يطاوعها قلبها أن تتركه وحده في هذه المحنة، ولكنه محق لا يوجد مكان تبحث فيه عنها .. أستسلمت وقالت :
– عندك حق .. بس بالله عليك أي جديد متتأخرش عليا ألا أنا أعصابي باظت
أردف لها بطمأنينة :
– حاضر والله متقلقيش ..
قالت نور بتوتر :
– طيب هتعمل إيه دلوقتي ؟
تنهد بتفكير ثم قال :
– في حاجة في دماغي هعملها قبل ما أروح وهبقى أقولك عليها .. يلا بينا
أصطحبها يوسف إلى سيارتها وأستقل هو سيارته وذهب كل منهم في سبيله والحزن والحيرة تملئ قلوبهم وتكسي وجوههم .
******************
وصلت نور إلى الفيلا .. دلفت إلى الداخل بإرهاق شديد جدًا، حزينة ومنطوية والدمع متحجر في عيناها تريد البكاء .. صعدت إلى غرفتها وبدلت ملابسها سريعًا ثم ألقت بجسد على الفراش وهي تزفر بشدة، أغلقت عيناها وهي تحاول أن تقنع نفسها بأنها في حلم وسوف تستيقظ منه عما قريب .
خرجت تهاني من الحديقة إلى البهو وسألت أحد الخدم عن الطارق، فأجابها بوصول نور .. تنهدت بحزن وصعدت لغرفتها، قرعت على الباب ودخلت عندما سمعت الأذن لها بالدخول ..
دخلت تهاني وجلست على فراشها تنظر إليها بحزن ولا تعرف من أين تبدأ .. تنهدت وهي تقول :
– حمد الله على سلامتك يا حبيبتي .. إيه الأخبار .. لقيتوها ؟!
ردت بهدوء شديد :
– لا يا ماما مفيش أي جديد .. يوسف قلب عليها الدنيا وملاقهاش .. أدعيلنا يا ماما نلاقيها كويسة
أردفت تهاني بحزن وعتاب :
– بس يصح إللي عملته صاحبتك ده يا نور !!
أعتدلت نور جلستها وهي تقول مدافعة :
– لا طبعًا مش عاجبني إللي عملته .. بس إللي حصل حصل ومحدش كان يتوقع إنها ممكن تعمل كده .. بس نلاقيها الأول والعتاب يكون بعدين .. أنا ضد الجوازة دي من الأول غصب لو كان برضاهم كان أحسن وحضرتك عارفة إن طارق مبيحبش سلمى ولا هي كمان بتحبه وعلى طول في خناق .. أبنك بيحب سارة ومرتبط بيها حتى دلوقتي بيكلمها .. ويمكن يكون حاسس بالراحة شوية عشان الجوازة دي هتتفشكل والله أعلم بقى .. وعلى فكرة أنا مش بدافع عن سلمى وكفاية بقى إللي هي فيه
تنهدت بحزن وضيق وهي تقول :
– مبحبش أدعي على حد بس الله يسامحك يا هاشم من إللي بتعمله في عيالك .. هما إللي بيدفعوا التمن في الآخر
نظرت إلى نور وأكملت :
– أخليهم يحضرولك الغدا يا حبيبتي ؟
ألتفتت إليها في ضيق وقالت :
– لا مليش نفس ﻷي حاجة .. سيبيني أنام لو سمحتي دماغي وجعاني
قالت تهاني معاتبة :
– يعني هتفضلي من صباحية ربنا كده من غير أكل !!

 

 

 

 

صاحت بها بضيق لتقول :
– يووو بقى يا أمي ما قلتلك مش عايزة أكل .. شوية كده هروق وأكل .. معلش
زفرت تهاني بضيق شديد فنهضت وقالت وهي تذهب إلى الباب :
– والله أنت غلبتيني يا نور .. تصبحي على خير
أثناء الحوار الدائر بين تهاني ونور كان طارق يستمع لكل كلمة بإهتمام شديد .. فبعد حديثه مع إيهاب تركه ومضى في طريقه إلى المنزل، وهو مار إلى غرفته سمع صدفة حوارهم .
أختفى سريعًا من جانب الغرفة ودخل غرفته قبل أن تراه تهاني .. وهو يفكر هل هو كذلك وهل حقًا لا يحب سلمى وهي لا تحبه ؟ .. نفى كل هذه التساؤلات التي تدور في مخيلته ويمنع قلبه من التعلق بأوهام، فهو صريح منذ البداية هو لا يحتملها بسبب جفاء أسلوبها معه وطريقتها الحادة التي لا يعرف سببها حتى الآن لما تتعامل معه هكذا .. فمن المستحيل أن يرتبط بشخصية مثلها وإن كانوا خارج هذه الصفقة .
********************
ألغى هاشم كل مواعيده عاد إلى المنزل .. لا شعور لديه في الإستمرار في العمل بعد ذلك الخبر المشئوم، أبنته قد هربت وتركت كل شئ .. جلبت له العار كما يقول والخبر سوف ينتشر في كل مكان على مسامع الناس وسوف تتأثر شركته بذلك .
ولا يعرف ماذا يفعل عندما تعرف الشركة المقابلة بأن العروس قد هربت ولا يوجد زواج .. فتقوم بتزويج سلمى كما مبين بالشرط .
لا يعرف كيف يجبرهم على الإستمرار في هذه الزيجة بعد كل ما حدث .. يجب سلمى أن تتزوج طارق بأسرع ما يمكن وألا النتيجة لن تكون بصالحه .. فجأة تذكر فريدة وما حدث لها وهي تلتقط أنفاسها الأخيرة بين يداه .. لا يجب أن تكون نهاية ابنته على يداه هي الأخرى لن يتحمل هذا أبدًا .
وصل المنزل وكان متوقع عدم وجود أي من أبناءه هناك .. كان لديه شعور داخلي بأنها في المنزل، سوف يفتح باب غرفتها ويراها بداخلها تستعد للزفاف، شعور مسيطر عليه ..
صعد سريعًا وفتحت باب الغرفة تفاجئ بوجود يوسف يجلس على فراشها، ممسكا بين يديه منشفتها وكان يبكي على فقدانها .. رفع وجهه ونظر في وجه أبيه بغضب شديد، يوجه إليه نظرات عتاب كثيرة بها ألم وشجن .
عنما وصل إلى المنزل لم يستطع دخول غرفته فأتجه إلى غرفتها، فتحها بهدوء شديد كأنه يخشى أن يوقظها من النوم .. شعر بأنها بالداخل ويقوم بإيقاظها وتدليلها كما يفعل كي تستيقظ من النوم .. ولكنه وجد الغرفة فارغة .. تركت كل شيء في مكانه ورحلت .. جلس على فراشها وأمسك بالمنشفة ودفنها على وجهه وأجشع في البكاء .. لقد أشتاق إليها حقًا أشد أشياق، لا يعرف بأنه يحبها لهذا القدر إلى أن فقدها .. نظر لجانبه وجد شيء لم يلاحظه من قبل .. وجد الدبلة الخاصة بها، أمسكها بتعجب وهو يتسائل هل بهذه الصورة تقطع كل صلة بينها وبين طارق ؟ لهذه الدرجة تكره هذه الزيجة ؟ هل بسبب إجبار والدهما على ذلك أم بسبب آخر .. قبل الدبلة وأحتضنا بشدة ثم وضعها في جيب بنطاله .
نهض يوسف وكان بمواجهة هاشم الذي يتعجب من نظراته له التي تحمل العتاب واللوم والغضب ليقول :
– ها مبسوط دلوقتي يا هاشم بيه .. (صفق ساخرًا) برافو بجد عملت إللي أنت عايزه وأدي كانت النتيجة .. بنتك هربت يوم فرحها .. وليه ؟ عشان مجبورة ولأسباب تانية محدش يعرفها غيرها .. كده أرتحت .. انبسطت ؟
صاح به هاشم غاضبًا :
– وبعدين معاك يا يوسف هو أنا فايقلك ! مش لما نشوف الكارثة إللي أحنا فيها دي الأول
نظر له بتعجب ثم صاح بعنف :
– كارثة ! هي فعلا كارثة .. بس تقدر تفهمني أي نوع من الكوارث تقصد ؟! .. شركاتك وصفقاتك ولا بنتك إللي منعرفلهاش طريق .. ها رد عليا
صاح هاشم بعنف هو الآخر :
– ولد ! أنت ازاي بتكلم أبوك كده .. مش بدل ما تروح تدور على اختك وتشوف راحت فين عشان نتصرف في الكارثة والمصيبة إللي وقعتنا فيها دي .. جاي بتعاتبني أنا
أتسعت عيناه دهشة وعدم إستيعاب لما يقول .. ما حالة البرود التي يبدو عليها بهذا الشكل، بعد كل ما حدث ولا يفكر سوى بالشركة والصفقة ولا يهتم بما حدث لابنته .. فإنفجر فيه قائلًا :
– أنت إيه يا اخي .. لولا أني مقدر تعبك وأنك ممكن تقع زي المرات إللي قبل كده كان هيبقى فيه كلام تاني .. مدورش عليها أنت ليه مش أبوها !! .. أها صحيح أفتكرت أبوها هههههههه بأمارة ما بتاجر فيها صح .. أنا مسبتش مكان ألا لما روحته حتى عند عمتى سميحة ملهاش أثر
رد بعنف وكأنه لم يتأثر لما قال :
– إيه !! أنت روحت عند سميحة من غير ما تقولي !! يادي الفضايح
أردف يوسف بنفس حالة الهياج التي يبدو عليها :
– فضايح إيه إللي بتتكلم عنها .. أومال هدور عليها فين ولا احنا لينا مين أصلًا .. أنا عارف أن الكلام مش هيجيب نتيجة معاك .. نلاقي سلمى بس ونطمن عليها ومش قاعدلك في البيت ده دقيقة واحدة
خرج من الغرفة مسرعًا بعدما أرتطدم الباب بشدة وهاشم ينادي عليه .. أستقل سيارته وقاد مسرعًا .
*********************

 

 

 

جهزت سميحة الطعام ودخلت غرفة أمير كي تخبره بأنها أنتهت من إعداده .. دخلت الغرفة ووجدت ممددوعلى فراشه شريد في السقف .
تنهدت بحزن وهي تقول :
– يلا يا حبيبي عشان تاكلك لقمة قبل ما تنزل
نهض وهو يقول بهدوء :
– مش هتنادي سلمى تاكل هي كمان ؟!
إبتسمت من حنية أميرة على أبنة خاله .. فهي تعلم بأنها لم يهون ويتركها في هذه الحالة :
– هناديها تاكل .. حبة عيني من صباحية ربنا على لحم بطنها .. يلا تعالى
دخلت غرفتها وهي تناديها :
– يلا يا قلب عمتو عشان ..
لجم لسانها عندما وجدت الغرفة فارغة .. قلقت قليلًا ثم ذهبت إلى الحمام كي تطمئن من وجودها، قرعت أكثر من مرة لا من مجيب .. حسمت أمرها وفتحت الباب لا توجد بالداخل، دب الشك في قلبها وركضت في أنحاء الشقة تبحث في كل الغرف فلم تجدها قط .. أيقنتما كانت تخشاه .
فصاحت بأعلى صوت :
– ألحقني يا أمير سلمى أختفت ..

يتبع ..

تعليق واحد

اترك رد