روايات

رواية خطاياها بيننا الفصل السابع عشر 17 بقلم هدير نور

رواية خطاياها بيننا الفصل السابع عشر 17 بقلم هدير نور

رواية خطاياها بيننا البارت السابع عشر

رواية خطاياها بيننا الجزء السابع عشر

رواية خطاياها بيننا الحلقة السابعة عشر

قاطعته غزل بقسوة و هى تكاد تفقد السيطرة على اعصابها
=يقتلنى يولع فيا ميخصكش
لتكمل بحدة و انفعال وهى تستدير حولها خوفاً من يراها احدى معه
=انت عايز ايه بالظبط يا كرم.. انا…
لكنها ابتلعت باقى جملتها و قد شحب وجهها مختنقة بالذعر عندما وقعت عينيها على جابر يقف بالجهة الاخرى من الطريق و عينيه التى تندلع منها نيران الغضب العاصف مسلطة عليهم ارتجف جسدها بعنف بسبب الخوف اتخذت عدة خطوات للخلف عندما رأته يعبر الطريق متجهاً نحوهم و عينيه مسلطة عليهم لكن شل الذعر جسدها عندما رأت سيارة تتجه باقصى سرعة نحو جابر الذى كان يعبر الطريق دون ان ينتبه اليها صرخت باعلى صوت لديها و هى تحاول ان تتجه نحوه
=حاسب يا جابر.. حاسب… حاسـ……………..
لم تكمل جملتها الا و اصطدمت به السيارة بقوة جعلت جسده يقفز الى مسافة بعيدة صرخت غزل و قلبها يكاد ان يقف وهى تشاهد جسده يستقر ارضاً و من حوله بركة من الدماء ركضت نحوه لكن امسك كرم بذراعها يجذبها نحو سيارته قائلاً بصوت غليظ
=راحة فين… انتى هاتيجى معايا
حاولت دفع يده و هى تصرخ بشبه هستيرية و عينيها مسلطة بفزع على جسد جابر الساكن
= اوعى سيبنى… اوعى

 

 

جذبها نحو السيارة يدفعها لداخلها وهو يغمغم بقسوة
=اسيبك ايه.. دى فرصتى.. اطلعى بقولك..
قاومته بضراوة محاولة الافلات منه لكنه كان يمسك بها بقوة رافضاً تحريرها جذب انتباهها حجر على الارض انحنت على الفور تلتقطه ثم قامت بضرب كرم على رأسه به صرخ و هو يمسك جانب رأسه الذى اخذ ينزف لتستغل هى الامر وتهرب راكضة نحو جابر انحنت عليه و وجهها شاحب كالأموات منفجرة فى بكاء مرير فور رؤيتها لبركة الدماء التى اسفل رأسه اخذت تصرخ باكية حتى يساعدهم احدهم فالمشفى كانت فى الجهة المقابلة من الطريق
اقترب كرم منها و هو يمسك برأسه المصاب و عينيه تلتمع بقسوة وغضب لكنه توقف فى منتصف الطريق عندما توقفت احدى السيارات و هبط منها عدة رجال و بدئوا بمساعدتها و حمل جابر الى داخل سيارتهم التف عائداً الى سيارته صعد بها و قادها مبتعداً و هو يتوعد لها من تحت انفاسه الغاضبة المحتقنة
༺༺༺༻༻༻
فى وقت لاحق…
كانت غزل واقفة امام غرفة العمليات تبكي بشهقات منتحبة و كامل جسدها يرتجف فقد ادخل جابر الى العمليات منذ اكثر من ساعتين رفعت رأسها الى السماء وهمست بصوت منخفض
= يا رب قومه بالسلامه يا رب انا ماليش غيره يا رب علشان خاطري يا رب اقومهولي بالسلامة
انهت جملتها منفجرة فى نحيب متألم شاعرة بقلبها يكاد يغادر صدرها من شدة الخوف التفت بلهفة عندما سمعت صوت عثمان يأتى من خلفها
=غزل… جابر فين يا بنتى؟!

 

 

اسرعت نحوه ملقية نفسها بحضنه تتمسك به غارقة فى انتحاب حاد هامسة من بين شهقات بكائها
=فى العمليات يا بابا
لتكمل وهى تتمسك به بقوة
=ادعيله.. ادعيله يا بابا علشان خاطرى
غمغم عثمان بصوت منكوب باكى
=بدعيله يا بنتى بدعيله يا رب يقومك بالسلامة يا بنى.. يا كريم يا رب
انهارت غزل جالسة على احدى المقاعد ممسكة بموضع قلبها و هى تشعر بغصة من الألم به هتف عثمان بخوف وهو يقترب منها
=مالك يا غزل.. فيكى ايه؟؟
هزت رأسها هامسة بصوت منفخفض و هى لازالت تبكى
=مفيش حاجة يا بابا.. اطمن
اقترب منها يضمها الى صدره مربتاً على ظهرها بحنان
=طيب اهدى.. اهدى يا حبيبتى خير باذن الله… والله ربنا هيقومهولنا بالسلامة
همست بصوت مرتجف من بين شهقات بكائها الممزقة
=يا رب… يا رب…
ظلت جالسة دافنة وجهها بصدر عثمان تبكى بصمت بينما جلس كلاً من لبيبة و العمروسى بالجهة الاخرى بالردهة على وجه العمروسى يرتسم القلق بينما لبيبة جالسة بجانبه بهدوء لا تفعل شئ سوى ان تطمئن على عثمان كل حين و اخر .
انتفضت غزل واقفة فور ان فتح باب العمليات و خرج الطبيب اتجهت نحوه على الفور هاتفة بصوت لاهث يتخلله الخوف
=جابر… جابر… عامل ايه..
اجابها الطبيب بهدوء
=اطمنوا الحمد لله قدرنا نوقف النزيف بس……

 

 

ليكمل بصوت يملئه التردد
=هو فى غيبوبة… ومش عارفين هيقوم منها امتى و مش عارفين حجم الضرر اللى حصله…
مادت الارض تحت قدمي غزل و قد فرت من جسدها الدماء شاعرة بانفاسها تنسحب من داخل صدرها كما لو ان المكان يطبق جدرانه من حولها فور سماعها كلماته تلك
اطلقت صرخة مدمرة قبل ان تنهار ارضاً وقد خانتها ساقيها منفجرة فى بكاء و نحيب ممزق صارخة من بين نحيبها و هى تتذكر اليوم الذى اخبرهم به الطبيب ان والدتها غرقت بغيبوبة ولا يعلموا متى ستستيقظ
=غيبوبة تانى… لا… ونبى لا كله الا الغيبوبة… لا……
غمغم الطبيب قائلاً بصبر محاولاً تطمئنتها
=متقلقيش يا مدام ممكن يفوق منها كمان كام ساعة.. يوم… اتنين…
قاطعته هاتفة بصوت ممزق و هى تتذكر حالة والدتها
=او سنين.. او ميفوقش خالص
اتجه نحوها عثمان ممسكاً بيدها قائلاً بحنان
=اهدى يا غزل مش كدة
همست وهى تدفن وجهها بين يديها بينما حلقها ينقبض وهى تحاول كتم شهقات بكائها لكنها فلتت منها منكسرة
=جابر لو مفاقش زى ماما.. انا هموت يا بابا

 

 

انسابت الدموع من عثمان التى عجز عن كتمها اكثر من ذلك احتضنها بحنان بين ذراعيه مقبلاً اعلى رأسها وهو يدعو الله ان يفيق ولده من غيبوبته تلك باسرع وقت ممكن فهو لن يتحمل خسراته هو الاخر..
༺༺༺༻༻༻
بعد مرور ثلاث ايام…
كانت غزل جالسة بجانب فراش المشفي الذي يرقد به جابر و الذي كان لايزال غارقاً في غيبوبته منذ يوم الحادث اي منذ اكثر من ثلاث ايام كانت غزل خلال تلك الثلاث ايام ملازمة لفراش جابر لم تغادر غرفته حتى لثوان كان العمروس يأتى اليها بالطعام لكنها كانت ترفضه الا انها كانت تتناول القهوة فقط حتى تستطيع ان تظل مستيقظة بجانبه..
كانت تظل طوال الوقت قابعة بجانبه ممسكة بيده بين يدها رافضة تركه تتحدث اليه كما لو كان واعياً و يستمع اليها فقد اخبرها الطبيب ان هذا مفيداً له..
كانت تحدثه عن ذكرياتهم سوياً و عن كل شئ يحدث من حوله…فقد اخبرها الطبيب ان هذا الامر ينجح في كثير من الاحيان..
رفعت يده الممسكة بها مقبله اياها بحنان وهي تهمس بصوت مختنق
=علشان خاطرى فوق يا حبيبي…
افلتت شهقة ممزقة منها و قد بدأت تنهمر دموعها علي خديها وهي تكمل بصوت باكي ممزق
=انا مش هتحمل انك تبعد عنى… جابر لو مفوقتش انا ممكن اموت
لتكمل هامسة بيأس و ألم و خوفها من فقده كما فقدت والدتها يسيطر عليها
=كله الا انت يا حبيبى.. كله الا انت…
اخذت تقبل يده قبلات متتالية مغمض العينين و قد بدأت مخاوفها تسيطر عليها بدأ جسدها يهتز بقوة و قد اصبح تنفسها ثقيل حتى اصبحت تتنفس بصعوبة شاعرة كما لو كانت تختنق انتفضت واقفة مندفعة خارج الغرفة محاولة الحصول على بعض الهواء اتى نحوها عثمان الذى وصل لتوه
=مالك يا غزل فيكى ايه؟؟

 

 

اشارت له بيدها و هى لا تستطيع التحدث مصدرة صرير من حلقها كما لو كانت تختنق و قد اصبح وجهها ازرق من شدة الاختناق مما جعله يصرخ طالباً المساعدة جاءت على الفور احدى الممرضات ساعدتها و نقلتها لاحدى الغرف بينما اسرع الطبيب بمساعدتها وضعها على جهاز للأكسجين وحقن اياها باحدى الادوية ليبدأ تنفسها ينتظم فى الحال
طمئن الطبيب عثمان انها بخير لكن جسدها يصرخ طالباً للراحة لذا حقنها باحدى المنومات التى لن تجعلها تستيقظ الا باليوم التالى اخبره عثمان بانه فعل الشئ الصحيح فهى لم تغفل لها عين منذ يوم الحادث
ثم ترك الطبيب و دخل الى غرفتها لكى يطمئن عليها وجدها غارقة بالنوم و وجهها شاحب من شدة التعب و الارهاق شعر بالاسف عليها فقد كان يعلم جيداً مدى حبها لولده تمنى من الله الا يجعلها تعيش و تعانى ذات معانته بفقد حبيبته..
༺༺༺༻༻༻
باليوم التالى……
استيقظت غزل مساءً مما جعلها تغضب من الطبيب لحقنه اياها بأدوية المنوم فقد استغرقت وقتاً طويلاً بعيداً عن جابر نهضت سريعاً و اتجهت الى غرفة جابر عندما قابلت عثمان الذى كان يقف امام الغرفة بوجه منكوب
=كده يا بابا… تخلينى انام الوقت ده كله و اسيب جابر…
لتكمل وهى تتجه نحو باب الغرفة
=هدخل اطمن عليه…
امسك عثمان بيدها موقفاً اياها قائلاً بصوت منخفض متردد
=استنى يا غزل….
ليكمل و هو يجذبها معه بعيداً عن باب الغرفة
=جابر فاق
اشرق وجهها بابتسامة واسعة هاتفة بفرح و سعادة
=فاق بجد… بجد يا بابا
انطلقت نحو الغرفة وهى تغمغم بحماس و فرح
=هروح اشوفه و اطمن عليه…
امسك عثمان بذراعها مرة اخرى موقفاً اياها قائلاً بصوت اجش حزين
=فاق… بس نظره راح يا غزل
وقفت تتطلع اليه بصمت وكامل جسدها يرتجف فى صدمة و عقلها يرفض تصديق ما سمعته همست ببطئ و هى تحاول جذب ذراعها منه ملتفة نحو الباب
=هروح اطمن على جابر… زمانه قلقان عليا…انا عارفة
قاطعها بقسوة رافضاً تحرير ذراعها من قبضته

 

 

=سمعتينى يا غزل بقولك نظره راح فى الحادثة
جذبت يدها بقوة هاتفة بحدة و عينيها تسبح فى الدموع
=لا.. جابر كويس.. حرام عليك يا بابا بتفاول عليه بالوحش ليه
ابتلع عثمان غصة الالم التى تشكلت بحلقه هامساً
=استهدى بالله يا بنتى و متصعبهاش عليا اكتر من كدة… انا فيا اللي مكفينى
انهارت ارضاً منفجرة فى البكاء و الالم الذى يعصف بقلبها يكاد يزهق روحها تقدم نحوها عثمان يضم رأسها الى صدرها لتصدر نحيب ممزق ويدها تتشبث بقميصه اخذ يربت على رأسها محاولاً تهدئتها و هو يبكى بصمت
ظلت على حالتها تلك عدة دقائق قبل ان تنهض تمسح وجهها متجهة نحو غرفة جابرو هى تحاول التماسك امامه و الا تظهر له حزنها..
فور ان دلفت رأته يجلس بفراشه يتطلع للامام بجمود بعينين مظلمة كان وجهه شاحب ممتلئ بالخدوش هتف بحدة و عينيه تدور بالمكان فور ان سمعها تفتح باب الغرفة
=مين…؟!.
ظلت غزل جامدة بمكانها مختنقة بدموعها التى انسابت على خدييها غير قادرة على النطق مما جعله يهتف بحدة و هو يعتدل جالساً
=مين… انطق.. مين…؟!
همست بصوت مرتجف و هى تتقدم نحوه بقدميين مرتعشتين
=انا.. انا.. غزل يا جابر…
لكنها توقفت مكانها عندما عصف بصوت غاضب جعل الدماء تجف بعروقها
=ايه جابك هنا… اطلعى برا…
تحول شحوب وجهها الى لون رمادى كما لو كانت قد فقدت الحياة فلم تكن تتوقع غضبه هذا فقد نست امر كرم تماماً فى طور قلقها عليه فكل ما كان يهمها ان يستيقظ فقط..
اتخذت عدة خطوات نحوه و هى لا تعلم كيف تقنعه بانها لم تخونه كما يعتقد
=جابر انا….

 

 

قاطعها بصوت مخيف مظلم
=مش عايز اسمع نفسك… اطلعى برا
اخذت نفساً طويلاً مرتجفاً قبل ان تهمس بصوت مرتجف
=اللى شوفته مش زى ما انت فاكر… كرم.. كرم انا قابلته صدفة عند المستشفى و وقفت سلمت عليه و…..
عصف بصوت شرس مقاطعاً اياها بقسوة
=انتى ايه مبتشبعيش كدب.. حياتك كلها كدب فى كدب….
ليكمل بقسوة و وجه متصلب ملئ بالغضب بينما كانت عينيه مظلمة بشكل يبث الرعب بداخل من يراه
=اطلعى برا… قولتلك مش طايق اسمع صوتك
تحولت دموعها الى شهقات بكاء عالية ممزقة فقد كان يعتقد انها خانته.. لكنه اذا علم بامر محاولتها الهروب مع كرم ستأكد الامر له لن تستطع تبرئة نفسها امامه انتفضت فى رعب عندما زمجر بصوت عاصف عالى
=قولتلك اطلعى برا…..
فُتح الباب و دلفت بسمة الى داخل الغرفة قائلة بقلق كاذب
=فى ابه يا جابر بتزعق ليه؟
التفت ناظرة بشماتة نحو غزل التى كانت تبكى لتعلم غزل انها كانت تسترق السمع الى محادثتهم
=انا سمعاه عمال يقولك اطلعى برا… اطلعى برا
لتكمل وهى تعقد ذراعيها اسفل صدرها
=ما تخلى عندك دم و كرامة و تطلعى برا… مش شايفاه تعبان ولا انتى..
قاطعها جابر بصوت عاصف هز ارجاء المكان
=بسمة.. متتدخليش فى اللى مالكيش فيه اطلعى برا انتى كمان مش عايز حد معايا فى الاوضة … يلا
التفت نحو غزل تزجرها بنظرت ممتلئة بالغل و الحقد قبل ان تلتف و تخرج من الغرفة لتلحق بها غزل بالخارج حتى لا تثير غضبه اكثر من ذلك..
فور ان اصبحوا بالردهة دفعتها بسمة فى صدرها بقسوة قائلة بصوت غاضب
=عمتيه… ها… عمتيه و ارتحتى
دفعتها غزل بعيداً هاتفة بها بحدة
=عميت مين انتى مجنونة… ده جوزى
قبضت بسمة على ذراعها تغرز اظافرها بلحمها بقسوة
=عرف اخيراً وساختك مع كرم مش كده… وقت الحادثة كنت معاه……….
حاولت غزل دفع يدها بعيداً هاتفة بعصبية
=وساخة ايه يا مجنونة….

 

 

قاطعتها بقسوة وعينيها تنطلق منها شرارت الحقد و الغضب
=انا سمعت كل حاجة…
لتكمل وابتسامة ملتوية تملئ فمها
=بس انا مبسوطة انه اخيراً كشفك و عرف وساختك مع كرم…. كرم اللى كنت زمان ماشية معاه فى وقت ما كنت بتوهمى اخويا انك الطفلة البريئة الملاك ام 17 سنة اللى بتحبه و دايبة فى غرامه
هتفت غزل بها بحدة وهى لا تصدق ما تقوله تلك المجنونة فهى بحياتها لم تكن بعلاقة مع كرم فى اى وقت من الاوقات
=كرم مين اللي كنت على علاقة به انتى بتخرفى بتقولى ايه
نظرت اليه بسمة من اعلى لاسفل بنظرات ساخرة ممتلئة بالرفض قبل ان تمتم
=هتعمليهم عليا… كرم حكالى كل حاجة قبل ما يسافر
قاطعتها غزل بعصبية و هى لا تصدق مدى وقاحته و كيف لم تكتشف امره كل تلك المدة
=كداب… عمر ما كان فى حاجة بينى و بينه
لوت بسمة شفتيها بتهكم قائلة بسخرية
=يمكن برضو…
قاطع محادثتهم عثمان الذى كان يقود مقعده نحوهم و علامات الحزن و الانهاك باديان عليه
=ايه يا غزل.. طلعتى و سيبتى جابر لوحده ليه
اجابته بسمة بابتسامة شامتة
=معلش اصله طردها برا يا بابا… مش طايق يسمع صوتها
عنف عثمان ابنته قائلاً بحدة
=ده كلام برضو… عيب يا بسمة مش كدة
هزت كتفيها ببرود قائلة بنبرة يملئها اللؤم

 

 

=اهى عندك اهها اسألها… لو انا بكدب
التف عثمان نحو غزل التى كانت تغرز اسنانها بشفتيها حتى ادمتها ويبدو عليها الكرب و الحزن ليفهم الاجابة على الفور ربت بحنان فوق ذراعها قبل ان يلتف و يقود مقعده نحو غرفة جابر…
༺༺༺༻༻༻
دلف عثمان الى غرفة جابر ليجده جالساً ينظر امامه باعين فارغة جامدة غمغم بهدوء و هو يتقدم منه
=عامل دلوقتى ايه يا بنى..؟
اجابه جابر بفظاظة
=زى ما انت شايف اعمى…
جفل عثمان من فظاظته تلك لكنه غمغم قائلاً بهدوء
=اطمن الدكتور قال الحكاية كلها صدمة فى الاعصاب بسبب الضربة و باذن الله فى اى وقت ممكن نظرك يرجع من تانى..
اومأ جابر برأسه بصمت ليردف عثمان قائلاً بلوم
=طردت غزل ليه يا جابر…؟؟
غمغم جابر بغضب وحدة
=دى حاجة بينى و بين مراتى.. ومتخصش حد…
قاطعة عثمان قائلاً بحدة و قد نفذ صبره معه
اجتاحت البرودة جسد جابر فور سماعه ذلك اسرع قائلاً بلهفة و قلق
=انهارت ازاى.. حصلها ايه؟؟؟
اجابه عثمان و هو يبتسم داخلياً من مدى عشق ولده لزوجته فأقل من لحظة نسى غضبه منها فور سماعه بمرضها
=تعبت من قلة النوم و الاكل و الدكتور اضطر فى الاخر يحقنها بمنوم علشان كدة لما فوقت انت مكنتش هى موجودة… فبراحة يا بنى عليها
ابتلع جابر الغصة التى تشكلت بحلقه قائلاً باضطراب والقلق ينهش قلبه
=طيب هى دلوقتى كويسة.. كلت ؟؟
ابتسم عثمان قائلاً بجدية تعاكس استمتاعه برؤية ولده ملهوف هكذا على زوجته
=بخير… بس لسه مكلتش رافضة الاكل…..
قاطعه جابر سريعاً
=طيب خليها تجيلى هنا… و ابعت اى حد يجبلها اكل من برا….
اومأ عثمان قائلاً و ابتسامته تتسع لنجاح خطته
=حاضر….

 

 

ثم التف بمقعده مغادراً الغرفة تاركاً جابر بمفرده غارقاً بافكاره والظلام الذى يحيط به..
تراجع جابر مستنداً الى ظهر فراشه وهو يتذكر كل ما حدث و رؤيته لكرم يقبل يدها شعر بنيران الغضب تندلع بعروقه من جديد يرغب بقتله كيف تجرئ و لمس زوجته…
يعلم انها لم تخونه مع كرم بعلاقة عاطفية لكنها خانته بطريقة اخرى خانته بالكذب عليه اكثر من مرة و ترك ذلك الاحمق يتلاعب بها من خلف ظهره لا يعلم لما ارادت الهرب بيوم زفافهم لكنه يعلم انها ارادت الانتقام منه ففى مقطع كاميرات المراقبة شاهدها و هى تترك كرم و تعود راكضة لداخل الحديقة بهذا اليوم يتذكر جيداً اندفاعها بين ذراعيه وهى تبكى فيبدو عند سماعها صوت اطلاق النار ظنت انه اصابه مكروه و هذا ما جعلها تتراجع هن الهرب و تعود مرة اخرى..
سمع صوت الباب يفتح و يغلق ثم عم الصمت المكان لعن الظلام المحيط به الذى يجعله عاجزاً عن رؤيتها لكنه شعر بها وعلم انها هى من بالغرفة معه ظل الصمت يحيط المكان قبل ان تتنحنح غزل هامسة بصوت مرتجف متردد
=كنت عايزنى…؟؟
اجابها بهدوء و هو يعتدل فى جلسته
=اقعدى عايز اتكلم معاكى
سمع صوت المقعد الذى بجانب فراشه يتحرك قليلاً ليعلم انها جلست ليردف قائلاً
=انا مش عايز حد يعرف اللى بنا.. علشان كدة هنتعامل بشكل طبيعى قدام الناس…
غمغمت غزل قائلة بصوت مختنق
=اللى تشوفه…
تنحنح قائلاً وهو يحاول يبدو غير مهتم قدر الامكان
=عاملة ايه دلوقتى.. بابا كان قالى انك كنت تعبانة…
اجابته بصوت منخفض وهى تشعر بالارتباك من اهتمامه المفاجئ هذا
=بخير الحمد لله…
تبع كلماتها تلك طرقاً على الباب ليدلف بعدها العمروسى الى الغرفة و هو يحمل حقيبة بين يديه قائلاً
=الاكل يا باشا…
أمر جابر من خلال أسنانه المشدودة
=حط الاكل قدام غزل و اقعد شوفها بتاكل ولا لاء و بلغنى…
غمغمت غزل بارتباك و قد التوت معدتها بشدة رافضة الطعام
=بس انا مش جعانة..
هدر قائلاً بصوت غليظ حاد

 

 

=هتاكلى و مش عايز اسمع صوت.. عمروسى حط الاكل قدامها
اسرع العمروسى بتنفيذ اوامره واضعاً الطعام امامها لتبدأ غزل بتناوله ببطئ لكن سرعان ما شعرت بالجوع يجتاحها فبدأت بتناول الطعام بشهية فهى لم تذق الطعام منذ ثلاثة ايام و هذا ما امرضها بالفعل…
فور ان انتهت سأل جابر العمروسى اذا ما تناولت ما يكفى من الطعام ليخبره العمروسى بالايجاب بعدها ظلت غزل بغرفته مما اشعل نيران الغضب بقلب بسمة التى كانت تأمل ان يظل الخلاف قائم بينهم لأطول وقت ممكن و ليس ان ينتهى بهذة السرعة…
༺༺༺༻༻༻
بعد مرور اسبوع…
كان جابر جالساً بفراشه بغرفة النوم الخاص به و بغزل التى كانت جالسة على المقعد بنهاية الغرفة تراقبه باهتمام فقد غادر المشفى اليوم و كان يرفض رفضاً تاماً ان تساعده فى اى شئ بالمشفى معتمداً على الممرضات لكنهم الان بمفردهم لا تعلم اذا كان سيصر على رفض مساعدتها له فكيف سيتناول طعامه..كيف سيبدل ملابسه…كيف سيذهب و يأتى بمفرده دون ان ترشده.. فقد كان يعاملها ببرود و جفاء و هذا ألمها كثيراً تعلم انه فى امس الحاجة لها لكنه يرفض اى مساعدة منها او ان تقترب منه.
شاهدته ينهض من الفراش لتسرع وتتجه نحوه قائلة بلهفة
=رايح فين..؟!
اجابها ببرود و هو يخطو للامام
=رايح الحمام…
اسرعت بالامساك بذراعه حتى ترشده الى مكان الحمام لكنه نفض يدها بعيداً بحدة قائلاً بفظاظة
=هروح لوحدى…

 

 

وقفت غزل تراقبه باعين محتقنة بالدموع و هو يمد يده للامام متحسساً طريقه بعجز مصراً ان يكمل الطريق بمفرده لكن بمنتصف الطريق اصطدم بالطاولة و سقط قبل ان تستطع ان تنبهه
سقط قلبها فور رؤيتها له يحنى رأسه بعجز و الحزن و الألم مرتسمان عليه شاهدته وهو يحاول بتعثر النهوض اقتربت منه جالسة على عقبيها امامه تحاول مساعدته فى النهوض لكنه دفعها بحدة بعيداً مما جعلها تسقط مرتطمة بقسوة بالأرض مطلقة صرخة متألمة
شحب وجه جابر فور ادراكه ما فعله هتف بلهفة وقلق و هو يتحسس الارض بعجز بحثاً عنها
=غزل… غزل…. انتى كويسة… حصلك حاجة
نهضت مقتربة منه هامسة من بين بكائها محاولة تطمئنته فهى تعلم انه لم يقصد ايذائها
=انا… انا كويسة…
نجح بالعثور عليها امسك بها محتضناً اياها بقوة بين ذراعيه هامساً بصوت منخفض منكوب
=حقك عليا… مكنتش اقصد
عقدت ذراعيها من حوله تضمه بقوة اليها فقد اشتاقت اليه… كانت تتمنى هذا الحضن و قربه منذ ان استيقظ من غيبوبته دفنت وجهها بجانب عنقه هامسة بصوت مرتعش
=انا مخنتكش يا جابر… انت روحى انا استحالة ابص لأى راجل تانى….
مرر يده فوق شعرها يتحسسه بحنان
=عارف انك مخنتنيش… انا لو شاكك فيكى و لو للحظة واحدة كنت قتلتك..ولا فكرك ان اللى منعنى عنك انى بقيت اعمى و مبشوفش… لا انا واثق فيكى
و عارف كويس مراتى على ايه
شجعتها كلماته تلك ان تقول الحقيقة له بدأت تخبره عن سماعها لحديثه مع بسمة واعتقادها انه يتحدث عنها و اتفاقها مع كرم ان يساعدها بالهرب منه
=انتى مجنونة يا غزل…انا كنت بتكلم عن لبيبة
هزت رأسها قائلة بصوت يملئه التوتر
=عرفت ده بعدين
لتكمل مخبرة اياه عن تهديد كرم لها و عن كل ما فعله معها و محاولته لجذبها معه لداخل السيارة عندما اصطدمت به السيارة
جفلت عضلة في خده شد فكه بالكامل كما لو كان يضغط على أسنانه بقسوة وهو يزمجر
=و رحمة امى لأدفنـ.ـه حى… هخليه يعيط زى النسوان اللى شبههم..
ليكمل بقسوة من خلال أسنانه المشدودة

 

 

=وانتى غلطتى المفروض كنت تحكيلى على طول حتى لو عملتى حاجة غلط تيجى و تحكيلى..متخفيش و متسبيش كلب زى ده يلعب بيكى و يفضل يهددك
همست من بين شهقات بكائها
=انا غلطانة… انا عارفة…
لتكمل و هى تدفن وجهها اكثر بعنقه
=حقك عليا يا حبيبى…
قبل اعلى رأسها بحنان مزيداً من احتضانه لها مستمتعاً بشعورها بين ذراعيه فقد اشتاق اليها كثيراً
ظلوا على وضعهم هذا قليلاً ثم نهضوا ساعدته غزل بالدخول الى الحمام ثم قادته نحو الفراش استلقى عليه جاذباً اياها بين ذراعيه ليناموا محتضنين بعضهم البعض..
༺༺༺༻༻༻
بعد مرور يومين….
كانت غزل واقفة امام السيارة التى ستصطحب جابر الى المشفى بالمدينة لكى يجرى بعض الفحوصات التى طلبها الطبيب امسكت بيده قائلة بتوسل
=علشان خاطرى اجى معاك…
ضغط على يدها برفق قائلاً و هو خائف من ارهاقها ثانيةً
=تانى يا غزل انتى من امبارح مبطلتيش زن….
ليكمل وهو يقربها منه برفق
=يا حبيبتى قولتلك مش هينفع انا هروح و هبات ليه ابهدلك معايا
غمغمت سريعاً بتوسل
=يا سيدى انا موافقة اتبهدل….
قاطعها بصرامة وهو يبعدها بلطف عنه
=لا مش هينفع هى ليلة و راجع المهم خدى بالك من نفسك
اومأت برأسها قائلة بيأس و استسلام
=حاضر…

 

 

ساعدته على الصعود الى السيارة و وقفت بضيق تشاهد السيارة وهرى تبتعد قبل ان تلتف و تصعد الى المنزل عندما قابلتها لبيبة قائلة بسخرية
=يا عينى على الحب اللى ولع فى الدرة
رمقتها غزل بحدة قبل ان تلتف و تعبر من جانبها متجاهلة اياها لكنها توقفت جامدة عند سمعتها تتمتم بسخرية
=بس جابر بقى زيه زى ابوه… عاجز لا هيعرف يهش ولا ينش ياترى مين بقى اللى هيدير امور العيلة
التفت اليها غزل قائلة بقسوة وكامل جسدها يرتجف غضباً قابضة على ذراعها بقوة مؤلمة
=قطع لسانك… جابر هيبقى كويس و مفيش حد هيدير الشغل غير جابر فاهمة… و هيفضل الأمر و الناهى يأمر و الكل يطاع
نفضت لبيبة يدها بعيداً هاتفة بغضب
=ضربة فى ايدك.. بتضربينى يا بنت ازهار…طيب بطرة نشوف هيخف ولا هيفضل اعمى
تجاهلتها غزل و التفت مغادرة تاركة اياه تصيح وتهتف من خلفها تسبها و تلعنها..
بمنتصف الليل…
كانت غزل مستغرقة بالنوم بعد ان تحدثت مع جابر و اطمئنت عليه لكنها استيقظت عندما شعرت بيد تمر فوق ساقها من فوق منامتها همست بصوت اجش غير واعي من اثر النوم
=جابر ….

 

 

اخذت اليد تمر فوق ساقها شاعرة بانفاس حارة لاهثة بجانب اذنها مما جعلها تفتح عينيها فجأة و قد بدأت تفيق من نعاسها و هى تدرك ان جابر مسافراً و ليس هنا…
دب الذعر بكامل جسدها عندما رأت وجه كرم قريب منها للغاية بينما كان يشرف عليها بجسده وضع يده فوق فمها يكممها هامساً بنبرة اجشة لاهثة و ابتسامة واسعة مرعبة تملئ شفتيه
=وقعتى يا غزل و محدش سمى عليكى

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية خطاياها بيننا)

اترك رد

error: Content is protected !!