روايات

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الخامس عشر 15 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر الفصل الخامس عشر 15 بقلم بيلا

رواية شمس ربحها القيصر البارت الخامس عشر

رواية شمس ربحها القيصر الجزء الخامس عشر

رواية شمس ربحها القيصر
رواية شمس ربحها القيصر

رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الخامسة عشر

الفصل الخامس عشر ..
بعد مرور عدة ايام ..
وقفت شمس أمام المرآة تتأمل فستانها الأحمر ذو الحمالات الرفيعة بملامح صامتة لا توحي بشيء بينما ربى خلفها تطالعها بإنبهار شديد قبل أن تهتف بسعادة وإعجاب :
” كم تبدين جميلة يا شمس ..؟! أروع مما تخيلت ..”
أكملت وهي تتأمل الفستان الطويل بقماشه الدانتيل :
” خطيبك ذوقه رائع .. لقد تضايقت عندما سمحتِ له بإختيار الفستان وإرساله لكنني بعدما رأيتُ الفستان عليكِ أدركت إنكِ أحسنت بفعلك هذا .. الفستان يبدو وكأنه صنع خصيصا لكِ ..”
تجهمت ملامح شمس وهي تفكر إنها على العكس تماما شعرت بالضيق من نفسها لإنها إستعجلت وسمحت له بإختيار الفستان فهي بكل غباء وتعنت أخبرته إنها لا تمتلك المزاج لإختيار فستان الخطبة فقرر هو ببساطة أن يختار الفستان ويرسله إليها ..

يا لها من غبية .. لقد تصورت إنها ستضايقه بإمتناعها عن اختيار الفستان بينما برفضها الإختيار أتاحت له الفرصة بإختيار الفستان الذي يريده ..
نظرت الى الفستان الذي جعل منها إمرأة جذابة للغاية بلونه الأحمر المثير وتصميمه البسيط الجذاب ..
نظرت الى شعرها المرفوعة بعض خصلاته من الجانبين قليلا نحو الخلف بينما بقية خصلاته تنسدل على جانبي كتفيها بنعومة ..
مكياجها هادئا كالعادة بإستثناء لون أحمر شفاهها الغامق ..
أغمضت عينيها وأخذت نفسا عميقا وهي تتذكر كافة ما حدث في الأيام السابقة ..
بدءا من عودتها الى المنزل بعد ذلك الغداء وتلك الأخبار التي إنتشرت في اليوم الثاني مرفقة بصورتها مع قيصر والذي سرعان ما أتى وتحدث طويلا مع والدها بشأن هذا الخبر والخبر الذي سبقه عن زواجه من تارا الهاشم ..
لقد استطاع إقناع والدها بأن جميع هذه الأخبار كاذبة وعزز ذلك خروج تارا الهاشم في حوار صحفي تنفي به تلك الأخبار مؤكدة في ذات الوقت إنها تجمعها علاقة صداقة مع قيصر عمران بدأت منذ تعاونهما سويا قبل عدة أعوام في اعلان تجاري كانت هي بطلته ..

لقد تحدثت طويلا ولم تنسَ أن تذكر قيصر بكل خير فقد تحدثت عن مدى احترامه ورقي أخلاقه وإن رجلا مثله من المستحيل أن يفعل شيئا كهذا كما أكدت إنها أهم من أن تتزوج عرفيا فهي تارا الهاشم في نهاية المطاف ..
لقد تابعت اللقاء بفضول وكم ضحكت على حديث تارا ومدحها لقيصر وأخلاقه وكم أُعجبت بها أكثر بعد هذا اللقاء فهي لبقة مثقفة وواثقة من نفسها وبالرغم من نزعة الغرور الواضحة عليها إلا إنك لا تستطيع من عدم الشعور بالإعجاب نحوها ..
ختمت تارا حديثها بإعلان إرتباطها من رجل اعمال معروف ستتزوج منه قريبا ..
تذكرت الأيام بعدها وكيف أجبرها على الذهاب الى الطبيبة النفسية كي تتحدث معها بشأن تجربتها ومحاولة إغتصابها من قبل ذلك النذل والذي لم تعرف بعد أين إختفى وما هو ردة فعله على خطبتها لأخيه ..
تذكرت تلك الطبيبة الشابة والتي تدعى نسيم بملامحها الهادئة اللطيفة وكيف قابلتها بإبتسامة محببة وتحدثت معها بشكل جعلها تستريح لها كليا حتى طمأنتها على وضعها النفسي بشكل مبدئي وطلبت منها أن تزورها إسبوعيا وقد وعدتها شمس بذلك ليس لأجل قيصر بل لإنها إرتاحت حقا وشعرت إن نسيم ستساعدها في حياتها القادمة وما سيطرأ عليها من تغييرات …
أفاقت من أفكارها على صوت والدتها تخبرها أن تخرج حيث الشيخ يريد عن سؤالها عن رأيها وموافقتها على هذه الزيجة ..
أخذت نفسا عميقا عدة مرات ثم نظرت الى أختها ثم صديقتيها اللتين دخلتا عليها مبتسمتين لتبتسم بتصنع قبل أن تخطو اولى خطواتها الى الخارج بعدما إرتدت شالا طويلا يغطي ذراعيها ونحرها بالكامل وشالا آخرا يغطي شعرها ..
……………………………………………………………….
انتهت مراسيم عقد القران وأصبحت زوجته رسميا وهاهي تجلس وحيدة في احدى غرف الفندق تنتظر قدوم ذلك المدعو خطيبها كي يخرجان سويا الى الحضور ..
كادت أن تقضم شفتيها بقوة الى إنها عادت وتذكرت المكياج الذي سيتضرر بفعلتها هذه ..
كانت تشعر بتوتر لا إرادي سرعان ما نهرت نفسها عليه وهي تفكر إنه لا يوجد شيء يستحق التوتر فهي مجرد خطبة ستنتهي خلال ساعتين وتعود الى غرفتها الصغيرة وتنعم بها ..

نهضت من مكانها بسرعة ما إن وجدت الباب يفتح لتشعر بالإضطراب الشديد يغزوها ..
تصنم قيصر في مكانه ما إن رآها بتلك الطلة المبهرة ..
فستانها الأحمر المثير والذي أظهرها بشكل رائعا ..
لونه الأحمر تفاعل مع بشرتها البيضاء الحليبية بحمرتها الربانية وشعرها بلونه المائل للحمار فبدت متوهجة لامعة كقطعة حلوى يسعى لإلتهامها بالكامل ..
كم تمنى لو يلتهمها الآن متذوقا كل قطعة فيها على مهل ..
كم لعن نفسه لإنه إختار هذا الفستان تحديدا للخطبة بدلا من تخبئته لما بعد الزواج كي ترتديه في إحدى سهراتهما الخاصة ..
بدأ عقله يصور له تفاصيل كثير كانت ستحدث لو فعل ذلك حاول تجاوزها وهو يقترب منها حتى وقف أمامها ليجدها تعض شفتيها بقوة فمد سبابته وحرر شفتها السفلي من أسنانها ليرتجف جسدها بالكامل من ملمس إصبعه على شفتيها قبل أن تتسع عينيها وهي تشعر به يقبل شفتيها في لمح البصر بقبلة هادئة رقيقة استمرت للحظات لا تدرك مدتها لكنها جعلتها تشعر بفراشات رقيقة تتطاير داخل معدتها ..
توقف عن تقبيلها ليبتعد عنها متأملا إستسلامها اللذيذ بالرغم من عدم تجاوبها معه لكنها لم تبعده على الأقل ..
همت بالحديث لكنه قاطعه وهو يقبض على ذراعها برفق :
” لا تتفوهي بأيا من حماقاتك من فضلك .. هذه قبلة عقد القران ..!”
ضمت شفتيها بقوة قبل أن تهز رأسها بشرود وهي تفكر إنها بالفعل لا تمتلك طاقة للرد خاصة بتلك الأفكار التي تسيطر على عقلها كليا ..
……………………………………………………………

في قاعة الحفل ..
نظرت شمس الى قيصر الذي يضع الخاتم في بنصرها والذي لم يكن سوى الخاتم الذي إختاره هو ..
كتمت غضبها من تسلطه الغير مبرر وتدخله في كل شيء لكنها حاولت اخفاء ذلك وهي تنظر الى خاتمه وتضعه في إصبعه بأنامل مرتجفة لتجده يقبض على أناملها بعدما ألبسته الخاتم برقة ثم يرفع يدها نحوه ويقبلها هامسا لها :
” لماذا ترتجفين ..؟! لا يوجد شيء يدعو للإرتجاف ..”
سألته بنظرات حادة متجاهلة حديثه :
” أين الخاتم الذي إخترته ..؟! لماذا ألبستني هذا بدلا منه ..؟!”
نظر حوله مصطنعا إبتسامة هادئة وقال بنفس الخفوت :
” اصمتي الآن كي لا ينتبه علينا أحد ..”
زمت شفتيها وهي تنظر الى هند التي تقدمت نحوها تبارك لها بسعادة شديدة قابلتها شمس بإبتسامة هادئة خجولة ثم باركت لقيصر وهي تدعو له بالزيجة السعيدة والذرية الصالحة لتمتعض ملامح شمس لا إراديا ما إن جاءت على هذا الذكر وقد سيطر عليها شعور الإختناق من مجرد ذكر هذا ..
جاءت خلفها والدته التي تقدمت نحويهما بملامحها الشامخة كالعادة ومدت يدها نحوها لتستقبلها شمس بملامح أجادت أن تجعلها هادئة لتقبلها من احدى وجنتيها بسرعة وهي تهتف ببرود :
” مبارك لك يا عروس ..”
ردت شمس بإقتضاب :
” شكرا لكِ ..”
عادت بعدها وباركت لإبنها الذي تفاجئ بخالته سوسن التي يكرهها أكثر من أي شيء أمامه تبارك له ليضغط على أعصابه وهو يرد تحيتها بإقتضاب واضح وفي داخله يشتعل من الغضب ليلقي نظرة على والدته تخبرها بما سيحدث بعد انتهاء هذه الحفلة وكيف سيقلب قيصر الدنيا فوق رأسها بسبب فعلتها هذه ..
باركت سوسن لشمس بأدب إستغربه الأخير فشخصية خالته لا تختلف عن والدته بل في الحقيقة هي أسوأ منها بمراحل ..
جاء ورائهما ابن خالته كريم والذي لا يراه إلا قليلا وبارك له ..
ثم أختيه حيث أتت حوراء اولا بطلتها الأنيقة وباركت لشمس ببرود وكذلك له لكنه لم يهتم فهو يدرك إن أخته الصغيرة لا يعجبها إختياره ..

دينا باركت لهما بهدوء وإبتسامة خفيفة ثم جاء كلا من خالد ولميس وبعدها زوجة عمه علياء ..
قام جميع أفراد عائلتيهما بالمباركة لهما بإستثناء سوزان التي لم تكلف نفسها وتبارك لهما بشكل أثار تعجبه وهو يفكر إنها لماذا حضرت إذا لم تكن تنوي المباركة ..؟؟
لكنه تجاهلها وهو يقبض على كف شمس هامسا لها بقوة :
” سنرقص الآن ..”
ثم جذبها الى وسط القاعة دون أن يسمح لها بالرد ..
وضع يده على خصرها بينما وضعت هي كفيها على كتفيه ثم رفعت وجهها نحوه لتظهر ملامحها الحادة وهي تهتف بنزق :
” الى متى ستتعامل معي كشيء مسلم به ..؟! تحركني كاللعبة هنا وهناك ..؟! ماذا تظن نفسك ..؟!”
رد بهدوء فهو بالطبع لن يتشاجر معها في ليلة كهذه وفي حضور الجميع :
” ماذا حدث لكل هذا يا شمس .. ؟! من الطبيعي أن نرقص ..”
همست له بجانب إذنه كي لا تمنعه الموسيقى العالية من سماع حديثها :
” واستبدالك خاتمي أيضا طبيعي ..؟! ”
رد بهدوء وهو ينظر الى وجهها المحتقن :
” الخاتم الآخر موجود .. ارتديه متى ما شئت لكن اليوم وفي حضور الجميع من الأفضل أن ترتدي هذا الخاتم ..”
همت بالرد ليقاطعها بملل وضيق :
” شمس .. نحن نرقص السلو .. اتركي كل هذا جانبا واستمتعي برقصتنا ..”
حدقت به بتمهل ثم أبعدت أنظارها عنه وهي تفكر إنه لا ضير من الصمت الآن طالما ستفرغ كل هذا فوق رأسه ما إن تنتهي هذه الحفلة ..
………………………………………………………………..
دلفت بخطواتها الواثقة الى الحفل لتتجه أنظار الجميع نحوها منبهرين بها وبحضورها الطاغي ..
تقدم نحوها مجموعة من الأصدقاء الذين تعرفهم مرحبين بها بحرارة ..
ابتعدت عنهم بعدما إنتهت من تلقي التحية والترحيب والأسئلة المعتادة لتسير نحو قيصر وهي تبتسم بهدوء فيقف بدوره بسرعة مستقبلا إياها ..
قبلته من وجنتيه بخفة ثم ابتعدت عنه وهتفت بإبتسامة صادقة :
” مبارك لك يا قيصر .. انا سعيدة للغاية ..”
ثم إلتفتت نحو شمس التي كانت تتأملها بإنبهار غير مصدقة إن تلك النجمة المشهورة التي تحب صوتها وأغانيها بل تحبها هي شخصيا تقف أمامها بطلتها المبهرة تلك..
” مبارك لكِ يا عروس ..”
قالتها تارا بنفس الإبتسامة وهي تمد يدها نحوها لتنهض شمس من مكانها وهي تتلقى كف يدها مجيبة بإبتسامة خجول :
” شكرا يا ..”
لم تعرف ماذا تقول فقالت تارا بسرعة :
” تارا .. ناديني كما يناديني خطيبك يا شمس .. تارا فقط .. ”
ابتسمت شمس ورددت بخجل :
” شكرا يا تارا ..”
هتفت تارا بعدها :
” أتمنا لكما الموفقية .. قيصر رجل رائع يا شمس وأنتِ أيضا فتاة جميلة للغاية ..”
أكملت أخيرا قبل أن تبتعد عنهما :
” ليتمم الله لكما تلك الزيجة على خير باذن الله ..”
” أشكرك يا تارا ..”
قالها قيصر وهو يبتسم بهدوء لتربت على ذراعه وهي تبتعد عنهما فتجد كوثر في وجهها تهتف بها بإبتسامة مصطنعة :
” اهلا بك يا تارا .. أنرتِ حفل الخطبة ..”
ردت تارا بهدوء :
” أشكرك يا هانم .. ”
” لكن أليس غريبا أن تحضري حفل الخطبة بعد تلك الشائعة التي خرجت عنكِ أنتِ وإبني منذ أيام قليلة ..؟!”
ردت تارا بنفس الهدوء :
” أنتِ قلتيها بنفسك يا هانم .. شائعة لا أكثر .. كما إنني جئت بناء على دعوة قيصر بنفسه لي وأنا لا أرفض أي دعوة منه خاصة عندما تكون دعوة لحفلة خطبته فقيصر غالي عندي كثيرا ..”
لوت كوثر شفتيها بتهكم لتهمس تارا إليها :
” لا داعي لكل هذا الضيق من وجودي يا هانم .. ظننتك تجاوزتي غضبك السابق مني بعد كل هذه السنوات ..”
حدقت بها بتوعد لتغمغم تارا بتهكم :
” دعكِ مني وركزي مع الحفل وكنتك التي أشعر نحوها بالكثير من الشفقة منذ الآن كونها ستصبح كنة لكِ وتتحمل غرورك وإسلوبك المقرف ..”
حدقت بها كوثر بنظرات مشتعلة لتهتف تارا بضحكة خبيثة وهي تبتعد عنها :
” اسمحي لي بالذهاب فهناك الكثير ينتظرني ..”
ثم سارت نحو مجموعة من الأصدقاء لتندمج معهم في بعض الأحاديث التي لا تنتهي ..
…………………………….:………………………..
تقدم حاتم نحو قيصر وشمس وهو يبتسم بإتساع ليحتضن قيصر بحميمية وهو يردد :
” مبارك يا عريس ..”
ابتعد عنه بعدها ثم اتجه نحو شمس هاتفا بها :
” مبارك يا شمس ..”
ردت شمس وهي تنظر إليه بإمتعاض واضح :
” شكرا ..”
كتم ضحكته بصعوبة ليهمس بجانب إذن قيصر :
” خطيبتك تبدو كقنبلة موقوتة على وشك الإنفجار ..”
هز قيصر رأسه بيأس ليبتسم حاتم ويكمل بنفس الهمس :
” لا بأس .. عليك تحمل نتيجة اختيارك يا صديقي ..”
تجهمت ملامح قيصر ليربت حاتم على ذراعه بحركة أخوية بحتة ثم يسير بعيدا عنهما ليتأمل تلك التي تقف أمام كريم ابن خالة قيصر وملامحها تشع غضبا فيفهم ما يحدث على الفور ..
اقترب حاتم منهما وهتف بكريم بعدما حياه بإقتضاب :
” ماذا تفعل هناك يا كريم .. ؟! ”
انحنى نحوه وهمس له بجانب إذنه بتحذير وصرامة :
” هذه أخت خطيبة قيصر يا كريم .. يعني تخصه .. ولا داعي لأن أخبرك ما يفعله قيصر اذا ما إقترب أحدا من أي إمرأة تخصه ..”
هتف كريم بتهكم :
” هل تهددني يا حاتم ..؟!”
رد حاتم ببرود :
” اعتبرها كما تشاء .. ”
” انا سأبتعد عنها ليس خوفا من تهديدك وإنما إحتراما لصلة القرابة التي تجمعها بخطيبة ابن خالتي ..”
ثم ألقى نظرة أخيرة نحو ربى الواجمة وسار نحو احدى الطاولات لتهتف ربى بضيق :
” من هذا الشاب الوقح ..؟!”
رد حاتم بهدوء :
” ابن خالة خطيب اختك ..”
هتفت بنفور واضح :
” هل جميع معارف خطيب إختي بهذا الشكل ..؟! وقحين مزعجين ..”
” عفوا .. ؟! بالطبع لا .. ”
قالها حاتم بدهشة من حديثها ليكمل بتهكم :
” كما إن حديثك عن معارف خطيب أختك بهذه الطريقة بحد ذاته وقاحة ..”
ردت بحنق :
” انا لا اسمح لك .. ثانيا انا تحدثت بما رأيته .. جميع من رأيتهم من معارفه على هذا النحو وأولهم أنت ..”
اتسعت عيناه بدهشة لتبتسم بسخرية عليه فيكتم غضبه وهو يردد :
” لو لم تكوني فتاة صغيرة للغاية وأنا أكبرك كثيرا لكنت فعلت بكِ الكثير على وقاحتك وجرئتكِ هذه ..”
تركها ورحل لتحرك كتفيها بلا مبالاة ثم تعاود النظر الى ذلك الوسيم بملامحه الرجولية المميزة لتتنهد بإعجاب :
” كم هو وسيم ذلك المدعو خالد..؟! يشبه نجوم السينما وأبطال الروايات .. ”
…………………………………………………………..

كانت شمس تتأمل المدعوين بملامح هادئة قبل أن تتسع عيناها بخوف وهي تجد أيمن ابن خالتها يتقدم نحوها وعلى شفتيه إبتسامة خبيثة ..
نظر قيصر الى ذلك الشاب الذي يحيي شمس بهدوء وإبتسامة غير مريحة ترتسم على شفتيه قبل أن يتجه نحوه وهو محتفظا بإبتسامته مرددا :
” مبارك لك يا عريس ..”
أكمل معرفا عن نفسه :
” انا أيمن ابن خالة شمس ..”
أكمل وهو يهمس له بخبث :
” وحبيبها الأول وكنت سأصبح خطيبها لو لم تقتنصها أنت وتغريها بأموالك ونفوذك .. ”
سيطر الجمود على ملامح قيصر الذي نظر الى شمس بملامح قاتمة بعد رحيل ابن خالتها لتنظر إليه بتوجس فيهمس بجانب اذنها :
” تعالي معي ..”
وقبل أن تتحدث أشار الى أختها التي تقدمت نحويهما بتعجب من مناداته عليها وقال :
” شمس تشعر بالقليل من الإرهاق .. سوف أخذها الى غرفة الإستراحة كي ترتاح قليلا وتتناول شيئا باردا يخفف من إرهاقها .. لن نتأخر على الحفل ..”
أومأت ربى برأسها متفهمة بينما جذب قيصر شمس من كفها وسار بها خارج القاعة وفي داخله يحمل لها الكثير ..
دلفت الى داخل الغرفة بخوف لتغمض عينيها وهي تسمع صوت إغلاق الباب خلفها بهدوء ..
فتحت عينيها وإلتفتت نحوه تسأله بملامح متأهبة :
” ماذا قال لك أيمن ..؟!”
رد بهدوء وثبات وهو يقترب منها على مهل :
” قال كل خير ..”
أردف بعدها وهو يتأمل عينيها المترددتين وملامحها المرتبكة :
” أخبريني أنتِ .. ماذا تتوقعين أن يكون قد قال لي ..؟؟”!”
” لا أعلم ..”
قالتها بصدق لينظر إليها بصمت غريب قبل أن يهتف متسائلا :
” هو من كان يريد خطبتكِ أم لديكِ ابن خالة غيره ..؟!”
ردت بصوت خافت :
” هو .. لا يوجد لدي ابن خالة غيره أصلا ..”

عاد وسألها بنفس الهدوء :
” متى خطبكِ أول مرة ..؟!”
نظرت إليه بتعجب من سؤاله فقال وهو يلوي فمه بعدم رضا :
” والدتك قالت إنه خطبكِ مسبقا لكنكم رفضتم الخطبة لإنك كنتِ صغيرة وقتها .. وأنتِ في التاسعة عشر من عمرك الآن لذا تسائلت عن السن الذي خطبكِ فيه ..”
” كنت في الثانوية عندما خطبني لأول مرة ..؟!”
قالتها بضيق خفي من حديثهما بهذا الموضوع الذي انتهى منذ مدة ليعاود سؤالها ويبدو إن تحقيقه لا ينوي أن ينتهي :
” هل كان يحبكِ كي يخطبكِ في هذا السن الصغير ..؟!”
حدقت به لوهلة قبل أن ترد ببساطة :
” أيمن لا يحب أحدا .. أيمن لا يحب سوى نفسه ..”
تشكلت إبتسامة متهكمة على شفتيه قبل أن يهتف بنظرات إحتدت فجأة :
” وأنتِ ..؟! هل كنتِ تحبينه ..؟! ”
نظراته ونبرته القوية وملامحه الحادة جعلتها تعجز عن الرد وقد سيطرت عليها فكرة واحدة فقط في هذه اللحظة ..
ما الذي أخبره به أيمن كي يجعله يفتح هذا التحقيق معها ..؟!
” لماذا لا تجيبين ..؟! تحدثي هيا ..”
قالها بصوت غليظ لترد بسرعة :
” نعم كنت ..”
إشتدت نظراته للحظات قبل أن تعود لجمودها وهو يسأل بقوة :
” والآن ..؟! هل ما زلتِ تحبينه ..؟!”
هزت رأسها نفيا وأجابته بصدق :
” كلا ، لم أعد أحبه منذ وقت طويل .. ”
أردفت بعدها بصراحة مطلقة :
” ليس لأجلك بالطبع .. فأنا أخرجته من قلبي وعقلي قبل رؤيتي لك بشهور .. قطعت كل حبال الوصل بيننا وكنت سأرفض الزواج به حتى لو لم تظهر في حياتي ..”
سألها بهدوء سيطر عليه بعدما أخبرته كل شيء بصراحة رغم إنه يعرف جيدا إنها تقصدت أن تخبره بوضوح إنها لم تنسَ أيمن بسببه كي لا يصور له غروره إنها فعلت ذلك لأجله :
” لماذا ..؟!”

أجابت بعدما تنهدت بصوت مسموع :
” لإنه فاسد .. يعرف الكثير من الفتيات اللاتي يخدعهن بإسم الحب ثم يتركهن بعدما يأخذ منهن ما يريده كمثل العديد من شباب ورجال هذا الزمن ..”
” هل حاول أن يلمسك يوما أو ..؟!”
سألها بشراسة لتجيبه بفتور :
” بالتأكيد لا .. أنا لا أسمح له بشيء كهذا .. ألا تعرفني ..؟!”
رد بثقة لا يمنحها لأي أحد :
” بالطبع أعرفك جيدا يا شمس وأثق بك لكنني قصدت أن يلمسك بالإجبار ..”
هتفت بحنق :
” تحرش يعني ..”
احتقنت عيناه بقوة لترد بسخرية مريرة :
” إذا كنت خائفا من كونه فعل ما فعله أخيكَ بي مسبقا فإطمئن .. لم يفعل ذلك ولم يلمس شعرة واحدة مني حتى .. ”
تشنجت ملامحه كليا وسيطر شعور الإختناق عليه ليتحرك بعيدا عنها متجها نحو النافذة يتأمل السماء المظلمة بالخارج فيسمعها تسأله بنفس السخرية :
” هل إنتهيت من تحقيقك أم ما زال هناك المزيد من الأسئلة ..؟!”
لم يجبها بل ظل في مكانه يتأمل الخارج لتزفر أنفاسها بملل ثم تجلس على الكنبة كي تستريح قليل فهي حقا مرهقة للغاية وتود إنتهاء تلك الحفلة كي تعود الى المنزل وترتاح قليلا ..
ظلت تتأملها وقد شردت به قليلا ..
لا تنكر إنه يبدو من الخارج رجل مثالي بوسامته وجاذبيته وتلك الهالة التي تحيط به وما يمتلكه من ثقة وذكاء مفرطين ..
تعلم إنه رجل اعمال ناجح جدا وسمعته أمام الملأ لا غبار عليها فالجميع يتحاكى عنه وعن أخلاقه وسمعته واسم عائلته ..
فاحش الثراء وذو مركز مهم في البلاد يجعله يتحكم بالكثير ..
لكن رغم كل هذا هو ليس كما يبدو من الخارج ..
هو رجل متسلط ، مغرور وحقير أيضا ..

رجل هددها كثيرا وعاملها كشيء مسلم به مستغلا نفوذه وسلطته في ذلك ..
رجل أجبرها على الكثير من الأشياء وآخرها الزواج منه ..
رجل جعلها تبكي مرارا وأفقدها رغبتها في الحياة ..
ربما لو كانت تهتم كثيرا بالأموال والسلطة لكانت وجدت شيئا واحدا يجعلها تفكر فيه بشكل مختلف ..
ربما لو لم تكن لديها طموحات مختلفة لكانت أعطت لنفسها فرصة في قبوله ..
لكن هناك أشياء كثيرة تجعلها تنفر من هذه الزيجة عموما ..
أولها رغبتها في الحياة بشكل مختلف عن نمط حياته ..
هي فتاة صغيرة تهوى الكثير من الأشياء التي لن تعجبه أبدا..
فتاة تتصرف بعفوية مطلقة .. تضحك وتمرح ولا تعرف أن تسير على نهج معين كما يفعل هم وأفراد عائلته ..
فتاة حرة لن تستطيع التقيد بتصرفات معينة تليق بطبقته العليا ..
لم تكن هذه مشكلتها الوحيدة معه وإن كانت هذه المشكلة الأهم ..
لكن حقيقة كونها تطمح للكثير من الأشياء في دراستها وعملها تسيطر عليها فهي لم تكن تنوي الزواج حاليا ولا حتى في السنوات القادمة حتى إنها سخرت من نفسها قبل مدة عندما تذكرت رغبتها بقبول طلب أيمن خطبتها وهي تفكر إنها كانت غبية وبلهاء كي تقيد حياتها في زيجة ستتم مباشرة بعد تخرجها من جامعتها دون أن تعيش سنها كما ينبغي وتحقق طموحها في مجال العمل ..
هذين السببين إضافة الى ما فعله هو وأخوه بها يجعلان المسافة بينهما بعيدة للغاية ونسبة قبولها له أقل من واحد بالمئة حتى ..!!
تراجعت الى الخلف لا إراديا عندما شعرت به يحدق بها وقد استوعبت لتوها إنها كانت بدورها تتأمله أثناء شرودها ..
اقترب منها ثم وقف أمامها ولمس ذقنها ليرفعه وهو يسألها بجدية :
” أين شردتِ ..؟!”
ولأول مرة تجد لسانها يجيب بدلا عنها بما كان يختلج صدرها :
” كل ما يحدث خطأ .. خطبتنا خطأ .. وجودي معك وزواجي منك خطأ .. كل هذا خطأ لن يدفعه ثمنه سواي ..”
حل الصمت بينهما ما إن نطقت آخر كلمه لتنظر إليه بملامح جادة تنتظر منه ردا على ما تفوهت به ليهتف أخيرا :
” وربما العكس .. ربما يكون زواجك مني أفضل شيء يحدث لكِ في حياتك .. لا أحد يعلم ..”
قالت بهدوء :
” أنا لا أناسبك وأنت كذلك لا تناسبني .. كلانا من عالم مختلف والآسوء من ذلك إن كلينا يمتلك فكرا وروحا تختلفان عن الآخر ..”

تنهدت وهي تكمل بجدية :
” رغم إنني لا أعلم ما السبب الحقيقي وراء إصرارك على الزواج مني لكن عليك أن تعلم شيئا واحدا .. مهما حدث ومهما طال زواجنا سوف يظل هناك مئة حاجز بيني وبينك وأولها أخوك وما فعله وأنت وما فعلته بدورك معي ..”
توقفت عن حديثها لتجده يرد بصوت جاد :
” حسنا ، قد يكون ما تقولينه صحيح .. لكن هذا لا يمنع إن لا أحد يعلم ماذا سيحدث مستقبلا وكيف ستتطور الأمور بيننا ..”
قالت بسرعة :
” للأسوء .. ستتطور للأسوء يا قيصر .. كن واثقا من ذلك ..”
رد بصوت هازئ :
” أحب فيك تفاؤلك الدائم يا شمس ..”
هتفت بغيظ :
” طول عمري كنت متفائلة ومستبشرة خيرا بما هو قادم حتى أتيت أنت وفقدت معك كل معاني التفاؤل ..”
نظر إليها مطولا ثم قال فجأة :
” هل تعلمين إنك تبدين جذابة للغاية الليلة وقد شعرت للمرة الأولى إنك إمرأة حقا ولست صبية صغيرة لا تفعل شيء سوى التفوه ببعض الكلمات الحمقاء ..؟!”
ردت بثقة مفرطة رغم دهشتها من تغييره دفة الحديث :
” أعلم ذلك .. مثلما أعلم جيدا إنك لن ترى مني هذا فيما بعد فاليوم أنا مضطرة لذلك كوني العروس للأسف ..”
وبدلا من أن يغتاظ منها بسبب حديثها كانت ترتسم أبتسامة خفيفة على شفتيه ليهمس وهو يقترب منها أكثر :
” لا تعلمين .. ربما يوما ما ستسعين للظهور كإمرأة بحق على الدوام لأجلي .. ”
وضعت كفها على صدره تدفعه بعيدا عنها وهي تتمتم بحنق :
” ابتعد .. يا لكِ من واثق مغرور .. خفف غرورك يا رجل فالغرور نفذ من البلد بسببك ..”
ابتسم بخفة قبل أن يقترب منها مرة آخرى مرددا :
” أحب ملامحك كثيرا حينما تنزعجين او تغتاظين من شيء ما .. في الحقيقة أحب ملامحك في كل حالاتك بشكل يدهشني للغاية ..”
حدقت به بعدم تصديق غير مستوعبة إن من يغازلها قيصر عمران بنفسه ..
ذلك القاسي المتعجرف ..
شعرت بسبابته تتحرك فوق شفتيه تتلمسها وتضغط عليها برقة ارتجف جسدها لأجلها فصاحت به :
” لا تفعل ..”

سألها بصوت ماكر :
” أفعل ماذا ..؟!”
ردت بخفوت :
” لا تفعل ما تفكر به ..”
سألها بنفس المكر :
” وبماذا أفكر ..؟!”
أجابت وهي تتأفف بضيق من إسلوبه هذا :
” يكفي يا قيصر .. أنت تعلم عما أتحدث جيدا ..”
انحنى نحوها بشكل قريب للغاية ثم هتف بصوت مثير
:
” أين المشكلة إذا فكرت في تقبيلك بل وقبلتكِ أيضا ..؟! أنتِ زوجتي ويحق لي أن أفعل معكِ ما هو أكثر من التقبيل ..”
ضمت شفتيها بقوة وقد سيطر عليها الإحراج الشديد من كلماته ليكمل وهو يلتهم جسدها النحيل بنظراته :
” أظن إنني سأقدم موعد زواجنا ..”
جحظت عيناها وهي تهتف بفزع :
” ماذا ..؟! بالطبع هذا لا يجوز .. ”
هتف بصوت منبسط :
” لا تقلقي الى هذه الدرجة من زواجنا فأنا أعدكِ إن كل شيء سيكون أروع مما تتخيلين ..”
وقبل أن ترد بما سيضايقه هتف بها بجدية :
” دعينا نخرج .. لقد تأخرنا كثيرا على الضيوف ..”
ثم جذبها من كفها وخرجا سويا متجهين الى قاعة الحفل من جديد ..
………………………………………………………….
في قاعة الحفل ..
كانت حوراء تتابع خالد بعينيها وهو يقف مع مجموعة من المعارف يتحدث معهم لكن ما جذب إنتباهها حقا هي تلك الفتاة التي تحاول لفت انتباهه بوضوح من خلال توجيه الحديث له مرارا بينما وجدته يجيب على حديثه برزانة وإبتسامة مجاملة كالمعتاد ..
نهرت نفسها على ما تفعله وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه فهو ليس لها ولن يكون ..
هو لم يشعر بها يوما ولن يفعل ..
وجدت حاتم يجلس على طاولتها وهو يحييها بهدوء قبل أن يسألها عن حالها :
” كيف حالك يا حور ..؟!”
ردت بهدوء وقد بدت ملامحها منطفئة الليلة :
” بخير ..”

تناول حاتم القليل من الماء قبل أن ينتبه إليها وهي تلقي نظرة عابرة على خالد ثم تشيح بوجهها بعيدا عنه ..
” إلى متى يا حوراء ..؟!”
نظرت إليه متسائلة بعدم فهم :
” عفوا .. ماذا تقصد يا حاتم .. ؟!”
رد بهدوء وهو يتجه بأنظاره نحو خالد :
” إلى متى تمنين نفسك بما لن يتحقق .. ؟!”
اضطربت قسمات وجهها ليكمل بجدية :
” لم يحبك يوما ولن يفعل .. لا تعيشين بأوهام لا يمكن ان تتحول الى حقيقة يوما ..”
ولأول مرة تضعف نظراتها أمامه وهي التي دوما ما كانت قوية واثقة متعالية لا تضعف أمام أي أحد حتى حاتم الذي تعرفه منذ ولادتها ويوما ما كان بمثابة أخ حقيقي لها لكن مع مرور الزمن تغيرت وأصبحت مختلفة عن قبل وموقف واحد جمعها مع حاتم حطم تلك المحبة الخالصة التي كانت تكنها له فهي كانت تراه مثل قيصر معطية نفس المرتبة لكليهما ..
تأمل ملامحها التي سيطر عليها الهوان لينهرها بقوة :
” إياكِ يا حوراء .. إياكِ أن تضعفي ولو للحظة ..”
أكمل بجدية :
” لم أقل لك هذا كي تضعفي او تنهاري .. أنا وددت أن أخبركِ بوضوح إنه لا يستحق .. لا يستحق مشاعرك تلك .. ”
أكمل بجدية :
” أنتِ تستحقين من هو أفضل منه .. تستحقين رجلا يحبك ويحارب لأجلك .. خالد لن يكون هذا الرجل أبدا يا حوراء .. خالد لن يفعل أي شيء لأجلك .. شخصيته معقدة وقاتمة بشكل يجعله لا يرى سوى ذاته ومهما حدث لن يفضلك على نفسه ..”
كانت تعلم كل هذا وتدركه جيدا ..
فخالد دوما ما كان هكذا ..
وهو بالطبع لن يتغير لأجلها ولا لأجل أي أخرى سواها ..
عاد تنظر إليه تشرد في كلمات حاتم الصادقة لمدة قبل أن تجده يبتعد عن تلك المجموعة متقدما نحو طاولتهما المشتركة لتعود ببصرها ناحية حاتم فتبتسم له لأول مرة منذ زمن طويل قبل أن تهتف به :
” أشكرك كثيرا يا حاتم .. كلامك مهم جدا بالنسبة لي ..”
هتف بها ممازحا :
” وأخيرا قررتِ العفو عني والإبتسام لي يا حور ..”
نظر الى خالد الذي جلس بجانب أخته التي تتحدث مع دينا وبجانبهما سوزان التي تجلس بجانب علياء بملامح باردة ليجده يتناول القليل من عصيره دون أن يلقي نظرة واحدة عليهما او يهتم بمعرفة ما يحدث رغم إنه يجلس أمامهما مباشرة وحديثهما سيصل إليه بالتأكيد خاصة بعدما إنخفضت الموسيقى ..
ردت حوراء بهدوء :
” كنت منزعجة منك للغاية يا حاتم بسبب ما حدث في الماضي ..”

رد بتهكم :
” نعم أعلم .. ”
هتف بعدها مشيرا الى خالد :
” كيف حالك يا خالد ..؟! ”
رد خالد بفتور :
” بخير يا حاتم .. ”
ثم عاد ينظر أمامه بوجه جامد بلا تعابير واضحة فتنظر حوراء بدورها بعيدا عنه وهي تعيد كلام حاتم داخل رأسها وتقارنه بكل ما يحدث لتتوصل الى حقيقة واحدة إن كل ما قاله حاتم صحيح وإن خالد لن يشعر بها يوما ..
……………….:………………………………………….
مر الحفل سريعا وأوشك على الإنتهاء عندما وقف خالد خارج القاعة يتحدث مع صديق له قد حضر الحفل متأخرا ..
كان مندمجا في حديثه حينما انتبها لتلك التي تخرج من القاعة بملامح يسيطر عليها الجمود فيتفاجئ خالد بصديقه ينادي عليها :
” تارا الهاشم بنفسها هنا .. ”
ثم أكمل وهي تتقدم نحوه وقد استطاعت أن ترسم إبتسامة عذبة على ملامحها التي كانت جامدة منذ لحظات :
” اليوم تأكدت إنني أكثر رجل محظوظ في هذا العالم ..”
رفع كفها نحو انه مقبلا إياه لتهتف به بصوتها العذب :
” اهلا بك يا مهند .. كيف حالك ..؟!”
رد بعدما حرر أناملها من كفه :
” بخير يا هانم .. وأنتِ كيف حالك ..؟!”
أكمل وهو يشير الى خالد الواقف جانبه بملامحه الهادئة :
” دعيني أعرفك على صديقي خالد عمران .. ”
سألته وهي تمد يدها نحوه ليلتقطها خالد في كفه :
” أنت ابن عم قيصر أليس كذلك ..؟!”
اومأ برأسه دون رد لتهتف بجدية بعدما حرر يدها من يده :
” أنت لا تظهر في الصحافة مثله لهذا لا أعرفك سوى بالإسم ..”
أكمل مهند ممازحا :
” خالد لا يحب الظهور الإعلامي ابدا يا تارا .. هو يحب أن يكون بعيدا عن أعين الصحافة ووسائل الإعلام ..”
ابتسمت تارا بخفة وهي ترد :
” ليتني أستطيع فعل هذا انا الأخرى ..”

قال مهند وقد تذكر لتوه أمر الشائعة :
“‘صحيح سمعت تصريحاتك بشأن تلك الشائعة التي خرجت عنكِ وعن قيصر ..”
أردف مشيرا الى خالد :
” ابن عمك هذا داهية بحق .. لقد استطاع أن ينفي كافة الشائعات عنه وعن تارا بسلاسة غريبة ..”
هتف خالد متسائلا :
” عفوا .. هل الهانم هي نفسها تلك المغنية التي تحدثوا عن زواجها العرفي من قيصر ..؟!”
” ألم تكن تعلم ذلك ..؟!”
سأله مهند بدهشة حقيقية بينما نظرت إليها تارا بتعجب فهل يعقل ألا يكون يعرفها ..؟!
أجاب خالد ببرود :
” لقد قرأت الخبر مثلي مثل الجميع وقرأت الإسم لكنني بالطبع لم أحفظه ..”
ضحك مهند بعدم تصديق :
” يا إلهي .. اسم تارا لا يحتاج لأن يحفظ لإنه معروف من الأساس للجميع ..”
أكمل بنفس التعجب :
” إنها تارا الهاشم يا خالد .. تعتبر أشهر مغنية في البلاد والمنطقية العربية عموما .. هل يعقل إنك لا تعرفها ..؟!”
ألقى نظرة عابرة عليها ثم قال وهو يعاود ببصره نحوه :
” أخبرتك إنني لا أعرفها .. ربما لإني لست مهتما كثيرا بعالم الموسيقى و المشاهير وأخبارهم .. ”
أردف بعدها بنبرة رسمية وهو ينظر إليها بهدوء :
” ولكنني بالطبع تشرفت بمعرفتك يا هانم ..”
ضغطت على شفتيها بقوة كي لا تتفوه بكلمة لا تليق بهذه الجلسة فهذه المرة الأولى التي تتعرض بها لموقف سخيف كهذا

..
أجابت بملامح صلبة ونبرة هادئة :
” الشرف لي يا بك ..”
ثم أشارت الى مهند متجاهلة خالد :
” عن إذنك يا مهند .. يجب أن أذهب الآن ..”
ثم إبتسمت له بخفة قبل أن تشمخ برأسها وهي تسير مبتعده عنهما ليهتف مهند ما إن رحلت :
” ما هذا الذي فعلته يا خالد ..؟!”
سأل خالد :
” ماذا فعلت ..؟!”
رد مهند بسرعة :
” أحرجتها .. كيف تقول إنك لا تعرفها ..؟!”
أجاب خالد بلا مبالاة :
” لإني حقا لا أعرفها ..”
قال مهند منزعجا :
” كان بإمكانك أن تجاملها .. ”
ثم أكمل بعدم استيعاب :
” مع إنني لم أستوعب حتى الآن كيف لم تعرفها .. ؟! هل يوجد احد في المنطقة لا يعرف تارا الهاشم ..؟!”
زفر خالد أنفاسه وهو يرد بملل :
“ما بالك يا مهند ..؟! قلت إنني لا أعرفها .. لماذا تبالغ في الأمر الى هذا الحد..؟! ”
” لو كنت عرفتها من قبل ما كنت لتنساها أبدا ..”
قالها مهند بهيام ليهز خالد رأسه مستنكرا وهو يهتف به :
” من الجيد إذا إنني لم أعرفها مسبقا ولا أنوي التعرف عليها فيما بعد ..”

اترك رد