روايات

رواية صفقة حب الفصل السابع 7 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب الفصل السابع 7 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب البارت السابع

رواية صفقة حب الجزء السابع

صفقة حب
صفقة حب

رواية صفقة حب الحلقة السابعة

“حرب صامتة”

طارق يقف بجانب سيارته أمام الفيلا، سلمى تبحث عنه بعيناها إلى أن تقابلت نظراتهم في ثواني صامتة بينهم، حوار دار لم تكن ألسنتهم أن تبوح به .

الجميع واقف مندهش للغاية على شكل طارق، وما سواه في حالته المضحكة كثيراً، التي كبتت ضحكتها هي ويوسف قدر ما يستطيعون .. فنظر لها متعجباً وقال :
– إيه إللي طارق عامله في نفسه ده ! إيه إللي حصل ؟!
رفعت نور منكبيها بعدم المعرفة وهي تنظر لاخيها ببلاهة :
– والله ما أعرف أنا ماسكة نفسي بالعافية الموضوع في أن
قضب يوسف جبهته وهو يتسائل بغرابة :
– وعرفتي ازاي ؟
ارتسمت على شفاها بسمة جانبية وهي تقول بثقة :
– وراه حاجة .. عيب اخويا وعارفاه
ضحكت سلمى رغم عنها، فالهيئة التي أمامها ﻻ تستطيع المرء منا أن يراه دون أن يبتسم حتى، تعجبت من حاله وهي تنظر لنور متسائلة هي الأخرى :
– غريبة إيه إللي بهدله بالشكل ده ؟ هههههه
تنهدت نور بحيرة من أمر اخيها، فردت وهي ﻻ تزال نظرها معلق على طارق بتفكير :
– علمي علمك بجد

شعر محمود بالحرج كثيراً من تلك الهيئة الغريبة التي يرثي لها ولده، وتأخره عن الحفلة حتى إنتهت .. فأقبل على هاشم كي يرحلا سريعاً ويكفي ما حدث حتى الآن يستأذنه بالرحيل :
– إيه إللي حصل لطارق ؟
تعذر محمود بأي كلمة يبرر مظهر ولده :
– مش عارف الظاهر حصل حاجة في الطريق، نستأذن احنا على تليفونات بقى
صافحه هاشم وهو يقول مودعا :
– أكيد إن شاء الله

نظر محمود إلى نور ففهمت مقصده، ودعت سلمى سريعاً وسابقت والديها على السيارة مقبلة على طارق وهي تضحك على هيئته بشدة، نظر لها بغضب فتغاضت عنه وأكملت ضحكها وهي تستقل السيارة .
محمود في حالة غضب وإحراج شديدة، قال دون أن يلتفت لتهاني :
– ابنك شكله عمل مصيبة شايفة منظره
حاولت تهاني تهدئة روعه قليلا وهي تقول بنبرة متوترة :
– شكل العربية عطلت وﻻ حاجة
رد محمود قائلا بحنق شديد :
– حسابه معايا لما نروح

*******************

وصلا إلى السيارة وقبل أن يستقل محمود نظر لطارق بحنق شديد ونظرة متوعدة حاول طارق أن يتفاداها، أستقلا السيارة جميعاً ورحلا سريعاً .
طوال الطريق يدعي طارق أن تمر هذه الليلة على خير، ﻹنه يعلم أن عقابه عسير عندما يصلون إلى المنزل، وهو يفكر في سبيل للخروج من هذه الأزمة .
ﻻحظت نور نظرات محمود التي يخطفها من المرآه كل حين على طارق، وهو ينظر له بحنق شديد وهو يستغفر بهمس .. وهي تضحك بشدة دون صوت، إلى أن غمزها طارق في ذراعها كي تصمت .

وصلوا المنزل وترجل محمود سريعاً إلى الداخل وخلفه تهاني .. أما طارق ونور يسيران ببطئ هو يفكر في مخرج وهي تضحك، إلى ان أصبحوا في مواجهة والدهم، فقالت له بهمس وهي تبتعد عنه :
– استلقي وعدك يا حلو

 

 

 

رد بنفس الهمس :
– ربنا يستر

إقترب منه محمود وصاح بغضب :
– ممكن أفهم إيه إللي حصل النهارده ده ؟ خليت رقابتي زي السمسمة
لم تحتمل تهاني أن ترى إنهيار زوجها أمامها، ويحرق في أعصابه هكذا .. فنظرت لطارق وصاحت فيه معاتبة :
– إيه إللي أخرك يابني مش معاك ميعاد مع أبوك !
رد طارق مدافعاً عن نفسه :
– أعمل إيه كنت جاي في السكة والطريق زحمة بليل
استرد محمود صياحه بنفس النبرة :
– وإيه إللي أخرك يا أستاذ .. أنا مكلمك من بدري جاي بعد 3 ساعات إن شاء الله
أردف طارق متذمرا بعناد :
– الله مش أنا جيت في الآخر أهو جيت أنا وﻻ مجتش !
وضع محمود يد على الأخرى وهو يصيح بحنق :
– بعد إيه يا حبيبي بعد ما كسفتني قدام الراجل والحفلة ما خلصت ما لسة بدري
حاول طارق بشتى الطرق أن ينهي هذه المحاكمة الآن قائلاً :
– خلاص يا بابا إللي حصل كان غصب عني
أخذ محمود يتفحص مﻻبسه بغرابة، ثم قال منفعلا :
– وإيه إللي أنت عامله في نفسك ده !.. إيه إللي بهدل هدومك كده ؟
رد طارق بمنتهى المبالاه وكإنه لم يفعل شيئاً :
– منا كويس أهو
حرك محمود رأسه نحوه وهو عاقد ذراعه وأردف في حزم :
– بص لنفسك في المرايا يا أستاذ وأنت تفهم
لم تستطع نور كبت ضحكتها على قسمات وجه اخيها وهو يجيب بشكل طفولي .. تعالت صوت ضحكتها وهي تقول بأنفاس متقطعة :
– هههههههه شكلك مسخرة ههههههه يا خراشي

هيئة طارق يبدو بمﻻبس متسخة .. ثنى بنطاله حتى ركبتيه بشكل غير مهندم .. واضعا حلته السوداء على مكنبيه بطريقة عشوائية، بالإصافة إلى ربطة عنقه على منكبه الأخر وهي هاوية .. غير أن قميصه أصبح رمادي اللون من أثر هباب السيارة بعدما كان أبيض .. حتى وجه وذراعيه لم يسلموا من لون قميصه .. إلى هيئة شعره الهائشة كأنه تعرض لصاعق كهرباء لتوه .

نظر طارق لنفسه وبرر قائلاً :
– وأنا جاي في السكة العربية عطلت مني قعد ساعة مفيش عربية فاضية قولت أصلحها حصل إللي حصل واتبهدلت
فهم محمود ما قد نوى عليه طارق من نبرة حديثه ونظرة عيناه التي يعرفها جيداً، فقبل أن يتغاضى عما حدث ويرى ما أخر أفعاله هذه :
– ماشي يا طارق هعديعالك المرادي .. قسماً بالله لو أتكررت تاني حسابك معايا أنت عارفه كويس .. بكرة تروح لهاشم وتعتذرله وتسلم عليه كفاية الموقف البايخ إللي حطتيتنا فيه
رد طارق بهدوء ونبرة مستسلمة :
– حاضر يا بابا

 

 

 

تركه محمود وهو يرمقه بنظرته الغاضبة وصعد إلى أعلى، أقبلت عليه تهاني بضيق لتقول :
– كان ﻻزم تزعل أبوك يا طارق، يلا يا ولاد تصبحوا على خير

صعدت تهاني خلفه ولم يتبقى سوى طارق ونور .. التي منذ ان غادر محمود لم توقف ضحكتها، نظر لها بحنق شديد وركض خلفها وهو يتوعد لها، وهي تصيح بالإستغاثة ضاحكة .
توقفت قليلاً وهي تلتقط أنفاسها من الضحك الشديد والركض في ردهة الفيلا لتقول وهي مازالت تضحك
– هههههههههه أحمد ربك إنها عدت على خير
أشار إليها طارق الذي خارت قواه ووقع على الأرض يلتقط أنفاسه بصعوبة وهو يقول :
– تعالي أنتِ بقى إللي مبطلتيش ضحك طول الطريق بتضحكي على إيه
ضحكت نور وقالت بسخرية :
– إيه يا عم مش شايف منظرك كنت مهاجر وﻻ إيه شبه السمكرية كده ههههه
قام طارق وهو يقول :
– بطلي يا رخمة .. طيب يا نور
وصعت نور يدها على قلبها وهي تقول ضاحكة :
– متخيل منظرك قدام سلمى ويوسف ههههه بجد آخر فصلان .. موضوع العربية ده مش مريحني إيه الحكاية ؟!
حاول طارق الهروب من نظراتها التي يفهم مقصدها جيداً، فهندم مﻻبسه بشكل مضحك وقال وهو يصطنع الجدية :
– وﻻ حكاية وﻻ رواية أنا طالع أخد شاور وأنام تصبحي على خير
غمزت له نور وهي تدرك إنه يهرب من مواجهتها، فردت بمداعبة :
– كده ماشي بس الموضوع في أن برده

تركها طارق وصعد لغرفته، أستحم ودلف على فراشه .. صعدت نور خلفه نفس الحالة وهي تفكر ماذا فعل يا ترى، فهي تشك به كثيراً وتعلم بأنه خلفه كارثة .

********************

بعد رحيل محمود وأسرته نظرت سلمى إلى يوسف بتعجب مما رأوه، لم تكترث سلمى كثيراً لما حدث ودخلا إلى الداخل بصحبة اخيها وأبيها .
أتجهت إلى غرفتها ثم بدلت ملابسها وأغتسلت متجهة إلى فراشها، تدثرت جيداً وهي تشعر بألام جسدها من إجهاد يوماً طويل لتجهيز الحفل وما شابه .
تركت الأفكار تزحف إليها في سكون الليل وهدوءه فيما حدث بالحفل، ما حدث لطارق والأهم مفاجأة زواجها من عاصم دون علمها، تشعر بالخوف والقلق وﻻ تعرف إن كان بسبب دخولها في حياة جديدة أم هي غير راغبة في هذه الزيجة، إنها تحبه وإنما المفاجأة جعلتها ترتبك وﻻ تعرف السبب .. فأصبح زواجها الآن أمر واقع .
بعد فترة ليست بقصيرة سمعت قرعات على باب غرفتها، توقعت ان يكون يوسف .. والفعل كان هو، أدخل رأسه وقال بهدوء :
– لسة منمتيش يا سلمى
تنهدت سلمى وردت بﻻ معالم بوجهها :
– هيييييح ﻻ مش جايلي نوم خالص
قطب يوسف جبهته متسائلاً :
بتفكري في إيه ؟
زفرت سلمى وردت بهدوء شديد :
– في بكرة .. قرار جوازي المفاجئ ده مخليني أرتب أفكاري، جوازي منه صح وﻻ غلط ؟
دخل يوسف وأغلق الباب خلفه، إقترب من فراشها وجلس على حافته، نظر إليها وقال بتفكير :
– محتاجة تقعدي مع نفسك تفكري شوية
إعتدلت سلمى في جلستها وهي تردف بحيرة بالغة :
– مش عارفة أنا بحب عاصم تقريباً .. المفروض مكنش قلقانة من الخطوة دي بس خايفة منه ألا ميتغيرش بعد كده
إبتسم يوسف وهو يربت على يداها، محاولة منه لطمئنتها :
– كل أمورك هيبقى تمام محدش عارف الخير فين، مبروك يا عروسة

 

 

 

أدركت سلمى من حديث اخيها بأنه أمر واقع بالفعل، ارتسم على ثغرها بسمة باهتة وهي تقول :
– الله يبارك .. فيك عقبالك
إبتسم يوسف بشدة ورد بكل شوق :
– إن شاء الله .. مش هطول عليك أكتر من كده، تلحقي تنامي شوية تصبحي على خير
قام يوسف متجهاً إلى الباب .. فأردفت سلمى قائلة بإبتسامة :
– وأنت من أهله

*******************

في صباح اليوم التالي أستيقظت نور ثم توجهت إلى الحمام وتوضئت وصلت فرضها .. جلست على فراشها تعبث في هاتفها ثم صاحت على المربية .. دقائق ودخلت لها قائلة بإبتسامتها الحانية :
– صباح الخير يا دادة
إبتسمت المربية وقالت بحب :
– صباح الفل يا بنتي .. أحضرلك الفطار ؟
حركت نور رأسها نافية ثم قالت بهدوء :
– ﻻ ﻻ مش دلوقتي بعدين .. أعمليلي نسكافيه
ردت المربية بحنان وهي مازالت محتفظة ببسمتها :
– على الريق كده.. مش كويس عشان صحتك
ضحكت نور فرحة من إهتمامها بها وردت متسائلة :
– ههههههه متقلقيش عليا .. بابا وماما صحيوا
ردت المربية بهدوء :
– البيه في الشركة وست هانم في الجنينة
تنهد نور وهي تنهض :
– ماشي يا دادة أستعجليلي النسكافيه بسرعة

********************

خرجت المربية وخلفها نور، توقفت فجأة وهي في طريقها للأسفل .. مارة على غرفة طارق، فسمعت حوار عجيب شد إنتباهها بشدة، عادت إلى الخلف خطوتان .. كان الباب غير مرصود جيداً فرأته وهو يجلس على فراشه يتحدث في هاتفه .
أقبل عليه إيهاب بإهتمام :
– إيه يا بني مقولتليش عملت إيه مع أبوك امبارح ؟
زفر طارق ورد بضيق :
– أسكت الحمد الله إنها عدت على خير قولتله العربية عطلت
ضحك إيهاب وهو يقول :
– ههههه بس شكلك أخدت نايبك من التهزيئ
أغمض طارق عيناه لحظات وهو يتذكر ثم قال بضجر :
– بس متفكرنيش كويس إنه محصلش حاجة، آه لو يعرف إللي فيها إني سافرت الساحل عشان أهرب من الحفلة
قال إيهاب بحذر :
– حد من عندك شك في حاجة ؟
إبتسك طارق وقال بثقة :
– ﻻ.. بس نور أعتقد ما أنت عارف دماغها كويس إزاي تفضل ورا الحاجة لما تجيب قرارها
ضحك إيهاب ﻹنه يعرف كيف تفكر نور من حديث اخيها عنها :
– ههههههههه ربنا يستر ومتتكشفش
إبتسم منتصراً وهو يقول بثقة :
– ﻻ أطمن معتقدش إنها عرفت حاجة

أتسعت نور عيناها دهشة مما سمعته للتو، تأكدت الآن إنه كان يخفي شئ ليلة الأمس، وشكها كان بمحله .. فقالت في سرها بنبرة متوعدة “بقى كده يا سي طارق .. أصبر عليا بس”
إقتربت من الباب ودخلت عليه سهوة بنظرة شك وتوعد، وعيناها على الهاتف .. بلع طارق غصته بصعوبه وهو يقفل الهاتف وظل ينظر إلبها في صمت .. ثم صاح بها متعلثما :
– إيه يا نور مش تخبطي !!
استندت على الباب بذراعها وهي تعقده أمامها .. ثم قالت بحزم وجدية :
-الباب كان مفتوح على فكرة .. كنت فين يا طارق امبارح ؟
أرتبك طارق وهو يقول مندفعا :
– هكون فين يعني وأنتِ مالك
إبتسمت بإنتصار في خفاء .. ثم أردفت وهي تهم بالخروج بجدية :
– طيب أبقي سلملي على الناس إللي في الساحل
وقف طارق متفاجئ بحديثها وأدرك بأن سره أصبح معلناً للجميع .. أوقفها وهو يقول بحذر :
– استني يا نور .. احم أنتِ عرفتي ؟
استدارت نور وهي باسمة .. نظرت له وهي تقول بوعيد :
– سمعت كل حاجة .. بقى كده إيه رأيك أقول لسلمى ؟!

 

 

 

ﻻ يمكن أن تعرف سلمى شيئاً عن سبب تأخره، فﻻ يسلم من حديثها ويكون أمامها هاربا منها .. أوقفها طارق :
– ﻻ سلمى مين بتهزري أهدي بس وأقعدي
إبتسمت نور وهي تقول بخبث بعدما جلست بجواره على الفراش :
– اممممم بقى كنت بتهرب من سلمى عشان كده أتأخرت على الحفلة ومردتش تيجي !!
تنهد طارق بضيق ثم جلس على فراشه وهو يقول بضجر :
– هو أنا بطيقها في الشركة لما أطيقها في الحفلة الحمد الله إن أستاذ هاشم فاق عشان أكمل معاه المشروع
ضحكت نور وقالت :
– هههههه لدرجادي مش طايقها على العموم هتستريح منها قريب
قطب جببهته وهو يقول بإهتمام :
– اشمعني يعني ؟
إبتسمت بعدما رأت الأهتمام والفضول ينطق من عيناه قائلة :
– متنساش تبارك لسلمى كتب كتابها على عاصم كمان شهر
تفاجئ طارق كثيراً بما قالته، وظهر عليه الحزن ﻻ يعرف لماذا، فلم تﻻحظ نور .. بعد دقيقة من الصمت رفع رأسه إليها وقال بإهتمام شديد :
– إيه بتتكلمي جد ؟ أمتى ده حصل ؟
تنهدت نور وهي تقول :
– امبارح في الحفلة .. بابا عاصم وأنكل هاشم أتفقوا على كل حاجة
أردف طارق بحذر مترقب جوابها :
– وهي موافقة ؟
أجابت نور بثقة :
– طبعاً ده خطيبها يابني مصيرهم لبعض للجواز ثم بيحبوا بعض
تنهد طارق بضيق خفي ثم أردف بلامبالاه :
– طيب كويس .. ربنا يهني سعيد بسعيدة
إبتسمت نور وهي تغمز له :
– عقبالك كده أنت وسارة
إرتسم على وجهه بسمة باهتة وقال :
– اها إن شاء الله قريب .. مش لما أفرح بيك الأول
ضحكت وهي تقول بمرح :
– هههههه ﻻ يا عم أنت الكبير الأول
ربت طارق على وجنتيها ضاحكا وهو ينهض :
– هههه ماشي يا لمضة
نظرت له نور بتساؤل :
– رايح الكلية ناو وﻻ إيه ؟
تنهد وهو يجيب :
– اها إن شاء الله عايز كمان أشوف سارة
أقبلت عليهم تهاني متسائلة :
– نازل يا حبيبي ؟
إبتسم طارق وهو يقول :
– اها يا ماما متستنينيش على الغدا
تسائلت تهاني بإهتمام :
– هتتغدي برة وﻻ إيه ؟
عمزت له نور مداعبة :
– على فين العزم ؟
أزاحها عن طريقه بخفة وهو في طريقه إلى الحمام :
– بس يا لمضة رايح أقابل أستاذ هاشم
إبتسمت تهاني وقالت :
– فيك الخير يابني وبالمرة تعتذرله على اللي حصل امبارح
ألتفت إليها وقال بهدوء :
– اها أكيد يا ماما .. يلا عن اذنكوا

تركهم وذهب إلى الحمام ثم بدل مﻻبسه وقاد سيارته متجهاً إلى منزل هاشم .
نزر بمجرد أن تأكدت من خروج طارق، ركضت إلى غرفتها وإتصلت بسلمى .

******************

 

 

 

 

وصل طارق فيﻻ هاشم، ضغط على الجرس بعد دقائق فتح له الخادم مرحباً به وقاده إلى الصالون .. تركه وبعد دقائق أقبلت عليه سلمى، التي كانت هلى اضطرار لمقابلته بناءً على رغبة والدها ..
رحبت به بوجوم قائلة :
– أهلاً يا أستاذ طارق أتفضل
رد بهدوء وهي يجلس :
– شكراً
عقدت أصابعها وهي تنظر له وقالت بجدية :
– امممم خير .. إيه سبب الزيارة
تعجب طارق وشعر بالضيق من طريقة حديثها الجافة، فنظر لها بضيق وهو يجيب بنبرة جازمة :
– أنا جاي اطمن على أستاذ هاشم وأعتذرله عن عدم حضوري امبارح، لكن يبدو الوقت مش مناسب
ردت سلمى بلامبالاة :
– بابا كويس الحمد الله .. أطمن

لم يتحمل طارق أسلوبها المهين وقرر الرحيل على الفور، وبالفعل نهض وهم بالإنصراف وهو متجاهل وجودها، توقف أثر مناداة هاشم له على درجات السلم :
– إزيك يا طارق .. أهلاً بيك مالك أنت ماشي وﻻ إيه ؟
رد طارق بضيق موجهاً الحديث لهاشم، بينما نظره منصب على سلمى :
– اها كنت جاي أطمن على حضرتك وأعتذرلك عن موقف آخر مرة
أشار له هاشم بالجلوس وهو يقول :
– طب أتفضل يابني، تشرب إيه ؟ .. قدمتي له حاجة يا سلمى ؟
إبتسم طارق بسخرية وهو يقول :
– آنسة سلمى عملت الواجب وزيادة
نظرت له سلمى بحنق وتعجب، فبادلها النظرة بجانبيه .. ألتفت لهاشم ومد يداه يصافحه باسما :
– طب أستأذن أنا وهبقى أجي لحضرتك وقت تاني
أوقفه هاشم بحزن :
– ميصحش يا بني تمشي كده على طول حتى مشربتش حاجة
إبتسم طارق وقال له مودعا :
– ملوش لزوم المرة الجاية إن شاء الله .. عن إذنك
سارت معه سلمى لتودعه، فألتفت إليها قبل أن يخرج وقال بلامبالاة :
– اها نسيت نسيت أباركلك
تسائلت سلمى بغرابة :
– على إيه ؟
إبتسم بتهكم وهو يقول :
– على الجواز طبعاً

 

 

 

زفرت سلمى وردت بإبتسامة باردة وهي تقول :
– اها ميرسي الله يبارك فيك وعقبالك
رد طارق بنفس الإبتسامة :
– قريب إن شاء الله .. على فكرة طريقة حياتك بالشكل ده هتتعبك فعلاً .. سلام

خرج وتركها تشتغل من نظرته ونبرته لها، ولم تفهم مقصده بعد من هذه الجملة ..أغلقت الباب بعنف وركضت على غرفاها وهي غاضبة للغاية، كيف ينتصر عليها بهذا الشكل، وكيف يرد عليها بلامبالاه هكذا .
حياتها ليست بأختيارها من الأساس ..
أما طارق كان يقود سيارته متجهاً إلى الكلية وهو يشعر بالضيق الشديد نحوها، مغتاظ كثيراً من نبرة التعالي والبرود التي تحدثه به، وأسلوبها المستفز .

*******************

وصل الكلية وجلس في الكافتريا منتظراً سارة تنتهي من محاضراتها، هاتفه إيهاب وأقبل عليه .. قص عليه كا حدث في مقابلة سلمى، وأخذ يهدأ من روعه قليلاً
– اهدي يابني بقي بنت تعمل فيك كده
رد طارق بغضب دون أن يلتفت إليه :
– هتجنني يا إيهاب من تصرفتها، مش عارف بتعمل ليه كده
ربت إيهاب على منكبيه وقال :
– خلاص هانت ومش هتتعامل معاها تاني مش صاحب الشركة فاق خلاص ؟
إبتسم طارق بتهكم وقال :
– والجديد إللي عرفتوا من نور هتتجوز كمان شهر
رد إيهاب بلامبالاه :
– ده بجد ومالك زعلان ليه ؟
نظر له طارق بضيق وقال :
– وهي تفرق معايا إيه عشان أزعل، المهم أنا قررت قرار قطب جبهته قائلاً بإهتمام :
– إيه هو ؟؟؟
رد طارق بتحدي وقال :
– ان شاء الله قررت إني أخطب سارة
أتسعت عين ايهاب بصدمة وقال :
– ايييييه !!!

******************
فكرت سلمى كثيراً في كلام طارق، ولكن ما يزعجها حتى الآن قرار أمس المفاجئ .. تشعر بشئ غريب بداخلها، ترفض قرب عاصم لها رغم تغيره المفاجئ منذ استيقاظ هاشم، عاد عاصم التي كانت تعرفه من قبل، الحنون والمحب .. ذو الإهتمام البالغ .. أين كل هذا طيلة سنة ماضية عندما كانت تحتاجها بشدة أكثر من أي وقت؟ .. لماذا ظهرت حاليا .. لماذا الآن؟ .. ما الذي يخطط له يا ترى ؟ .

قررت أن تهتم بدراستها الآن قبل أي شيء، فعليها الإستعداد الآن للذهاب إلى الكلية، فصعدت لأعلى سريعاً

 

 

 

 

******************

عاصم يشعر بالسعادة والإنتصار الكبير الذي حققه ليلة أمس .. أخيرا ً ستصبح سلمى ما بين يديه الآن، بل قريباً ومن ثم يستطيع أن يتسلل إلى شركة الجوهري بطريقته الخاصة معها، ولكن سلمى قد تغيرت تماماً منذ ركود هاشم في غيبوبة، فتعامله معها يجب أن يكون بحذر شديد، فمثلما إستطاع الارتباط بها من قبل بحيلة ما يستطيع بنفس الطريقة فعل أي شئ .. يجب أن لا يلاحظ تغير تعاملاته معها كأنه متواجد بينهم قبل سنة أو أكثر.
قطع تفكيره قرعات الباب ليدخل صلاح مهلهلا:
– إيه يا عم الأخبار الحلوة إللي على الصبح دي
ضحك عاصم بغرور:
– مش قلتلك سلمى في يوم مصيرها ليا
ضحك صلاح وبتشجيع:
– هنيالك يا عم .. صيده كبيرة أوي
صاح به بضيق مصطنع:
– أنت هتقر فيها ولا إيه .. الموضوع محتاج تكتيك .. أنت عارف الوصول لسلمى مش بالساهل، وسكوتها ده مش مريحني
ضحك صلاح باستنكار:
– ومن أمتى سلمى بتتكلم يعني .. ما أنت عارف اللي فيها .. متقدرش تقول لأبوها لا ألا يروح فيها .. فأي قرار بتاخدوه بتسلم ليه
ضحك بمكر وهو ينظر إليه:
– ما ده الخيط إللي بمسك عليه سلمى لما تجيب أخرها في العناد .. هيبتحبه وبتخاف عليه .. بس لا مش ده اللي أقصده
صلاح بعدم فهم قضب جبينه:
– اومال تقصد إيه ؟
عاصم وضع يداه على ذقنه وبتفكير:
– سلمى حاسس إنها بقت قوية .. كل إللي اتعرضت له خلى قلبها جامد .. مكنتش كده أبداً .. لو فكرت تطيح بحد في يوم هيكون أنا.. وده إللي مخوفني
هز رأسه نافياً ما يقول:
– لا يا سيدي اطمن .. سلمى شخصية مسالمة جداً وأغلب ما تكون .. أنت بس عليك تضحك بعقلها كلمتين وتبقى في جيبك
رنا إليه ثم قال بعد تفكير:
– تفتكر ؟!
رد صلاح بثقة مبالغ فيها:
– أراهنك بألف جنيه أما تيجي في يوم وتستعجل وتقولك اتجوزني

ضحك عاصم لمجرد التخيل ونيل ما يتمنى، وأخيرا ً سوف تصبح سلمى ملكه إلى الأبد .

*******************

ضحكت نور بشدة على تصرفات طارق، وهي تفكر في طريقة تجعله يتحسن معاملته مع سلمى ولم تجد على الإطلاق .
سمعت صوتها تهاني، التي قرعت على الباب ودخلت تنظر إلى نور بغرابة شديدة .. اقتربت منها وجلست على فراشها وهي تنظر لها بتساؤل
– كنتِ بتكلمي مين ومسخسخة كده ؟
ابتسمت نور وردت:
– هيكون مين غيرها يعني .. دي سلمى يا ماما
ابتسمت تهاني وقالت:
– هي صحيح هتتجوز عاصم الشهر الجاي
تلاشت ابتسامتها لتقول بجدية:
– للآسف آه
أختفت ابتسامتها هي الأخرى بقلق:
– ليه للآسف يا بنتي .. مش بيحبوا بعض ؟!
أومأت برأسها نافية ثم تنهدت بحيرة:
– لإنه من الأخر كده ميستاهلهاش .. يبان إنه من برة بيحبها .. بس الحقيقة إللي زي عاصم ده مبيحبش إلا نفسه وبس، جوازه منها عشان يضمن الشراكة بين أبوه وأنكل هاشم .. تحسي كده جوازة ملهاش مشاعر من الطرفين
تنهدت تهاني بحزن وهي تتمتم:
– الله يرحمك يا فريدة .. لو كنتِ عايشة مكنش حصل كل ده
ابتسمت نور وقالت بحب:
– أد كده كانت شخصيتها قوية ؟
ابتسمت تهاني وأكملت:
– جداً .. وكان هاشم بيعملها ألف حساب .. وجودها كان عامل مؤثر جداً على حياتهم خاصةً سلمى متعلقة بيها جداً عن يوسف
تنهدت وقالت بحزن:
– ربنا يفرحها بجد ويسعدها لأنها تستاهل ده وأكتر .. أي كان إللي هيحصل لازم تكون مقتنعة بقرارها

 

 

 

حاولت تهاني تغيير مسرى الحديث الحزين لتقول بمرح وهي تضع يدها على وجه نور بحب:
– ها مش هتروحي الكلية النهارده ولا إيه .. قبل أي حاجة مش هسيبك إلا لما تفطري .. شغل المكاتب والكلية ده مبحبوش
ضحك نور وردت بمرح وهي تبعد يداها وتقبلها:
– هقوم ألبس ونازلة دلوقتي .. ثم يا ست الكل أنا بيتفتح نفسي وأنا في الكلية مع سلمى .. أهو بنشجع بعض
اصطنعت تهاني الضيق :
– بقى كده يا ست نور .. احنا بنقفل نفسك
ضحك نور وردت بسرعة:
– أبدا ً يا ستي مش قصدي .. بس مباكلش ألا على بعد المحاضرة الأولى، على الأقل أكون حرقت ذهنياً ونفسي تتفتح كده
ضحكت تهاني وهي تنهض وتهم بالخروج :
– طيب قومي الساعة هتعدي وأنت ِ قاعدة كده

خرجت ونهضت نور هي الأخرى بسعادة، تحمد الله كل دقيقة على نعمة وجود والدتها، فهي نعمة عظيمة وغالية ولا تقدر بأي ثمن على الإطلاق .

يتبع ..

اترك رد