روايات

رواية صفقة حب الفصل الثالث 3 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب الفصل الثالث 3 بقلم شيماء جوهر

رواية صفقة حب البارت الثالث

رواية صفقة حب الجزء الثالث

صفقة حب
صفقة حب

رواية صفقة حب الحلقة الثالثة

“ألم من جديد”

في الكلية، خاصًة عند ملعب الباسكت …
ظلت سارة ممسكة هاتفها تلعب به وتتفحصه بعصبية، منتظرة إنتهاء إيهاب تمارينه .
أشارت إليه عن بعد .. بعد أن رآها إقترب منها وعلى وجهه إرتسمت عليه بسمة صغيرة .
تترقبه كلما يخطو بخطوات سريعة إليها، وقدميها تهتز بإنزعاج وضيق .
إيهاب إلى أن وصل إليها .. ومازالت البسمة تعتلي شفتيه، تناول حقيبته وأخذ منها منشفة صغيرة .
مسح وجهه وجلس بجانبها بكل هدوء وهو مدركًا حالتها العصبية التي تبدو عليها من قبل الإقتراب منها … بينما هي إزدادت إنزعاجًا من برود رد فعله، غير مبالي بحالتها .
إلتفت إليها باسمة وقال :
– يا أهًلا .. إزيك يا سارة عاملة إيه ؟
نظرت له بضيق هي الأخرى، مع رفع حاجبها الأيسر شذراً قائلة :
– على أساس إنك لسة شايفني من ساعتين
ضحك وهو ينظر إليها :
– هههههههه وأنتِ مفيش حاجة بترضيكِ أبدًا .. ها خير
إستكملت حديثها بنبرة تحقيق قائلة :
– فين طارق ؟ .. راح فين ؟ .. من بعد ما خلصت المحاضرة ملهوش أثر، وفونه مغلق أو غير متاح
إيهاب أومأ رأسه نافيًا لما تقول :
– وأنا اشعرفني هو فين !، ثم في إيه هو مافيش غير طارق في الكلية تسالي عليه
إستكمل مازحًا وقال :
– ثم مينفعش إيهاب يعني
نظرت إليه شذرًا ، و ردت بإنزعاج :
– وبعدين معاك يا إيهاب هو أنا نقصاك
شعر بأنه يزيد من إنفعالها أكثر، تداخل بهدوء قائلًا :
– طيب طيب متزعليش براحة على نفسك شوية
حدقت في وجهه، و ردت مصطنعة نفس نبرة التحقيق قائلة :
– امممم طارق فين ؟ .. أنت صاحبه وأكيد عارف مكانه
إبتسم إيهاب بسمة خفية، أدرك فيما معني إستجوابها .. إستدراجه إلى مبغاها ولكن لن يرسي معها إلى بر؛ أصطنع التفكير ثم قال :
– اممممم عنده شغل يا ستي ها .. كده أرتحتي ؟!
نظرت له في ريبة و قالت:
– شغل فين ده ؟!
إيهاب إنفعل قليلًا :
– أمرك عجيب يا ستي، وأنا اشعرفني بشغله فين
أدركت ﻻ فائدة من إستدراجه بعد الآن، فهو صديقه المقرب ولن يتفوه بكلمة عن مكان تواجده، سوف تبحث بنفسها .
قامت على الفور بعد تناول حقيبتها، نظرت إليه بكل ضيق :
– ماشي أنا هتصرف، سلام يا إيهاب
تركته وذهبت، ظل يتابعها بعينيه إلى أن أختفت .. قال محدثا نفسه :
– سلام .. ربنا يستر عليك يا طارق

لم ينتظر كثير .. تناول هاتفه وأجرى إتصال على الفور …..
و بالفعل تم الرد سريعًا :
– ألو يا كبير
رد طارق بإنزعاج خفيف :
– إيه يابني، مش عارف إني عندي شغل دلوقتي
رد إيهاب .. بينما يلحن أداءه و هو يتحدث :
– إنه القدر قادم إليك فأستقبله
ضحك طارق بعدما أدرك مقصد إيهاب :
ـ إيه ده سارة .. اها عشان مشيت بعد المحاضرة على طول
رد إيهاب بنبرة تنبيه :
– ألحق .. بس دي شكلها كدة جايالك على الشركة
إستكمل ضحكاته على تصرف سارة، الذي كان يتوقع منها صدور تلك التصرفات
رد بثقة :
– هههههه مش معقول يا سارة .. كمان الشركة !! على العموم هتروح مش هتلاقيني موجود، أنا في العربية وعندي شغل مهم
تنهد بعمق وشعر بالإطمئنان، ثم تذكر شيئًا ما فقال :
– الصفقة دي ؟ تقصد يعني مش هتقولي مين البنت بتاعة المستشفى دي ؟
طارق بهدوء وسرعة قال :
– اها هي لما أشوفك النهارده أبقى أقولك، يلا سلام دلوقتي عشان وصلت

أغلق طارق المكالمة، دقائق و وصل إلى الشركة ..

*****************

وصلت سارة إلى الشركة بالفعل .. توجهت إلى مكتب السكرتارية
– لو سمحتي عايزة أقابل أستاذ طارق .. ممكن ؟
ردت السكرتيرة بهدوء :
– للأسف يا فندم مش موجود .. نزل من ربع ساعة
سارة أخفت إندهاشها وتسائلت :
– متعرفيش راح فين ؟
ردت السكرتيرة بنفس الحالة :
– معنديش فكرة .. عنده شغل برة
سارة استردت بنفس النبرة :
– اها طيب هيرجع الساعة كام ولا متعرفيش بردو ؟
السكرتيرة بإبتسامة قالت :
– أستاذ طارق ملهوش مواعيد محددة في العمل الخارجي .. لما بيخلص بيرجع على الشركة
ردت بإقتصاب :
– اممممم ماشي شكرًا

خرجت سارة مسرعة والغضب يتملكها، تكاد أن تنفجر غيظا .. ﻻ تعرف ماذا تفعل الآن …

 

 

 

***************

ترجل من سيارته ودخل إلى الشركة بكل برود وثقة .. ثم توجه إلى السكرتارية .
دقائق وكان يقرع على باب مكتبها .. سلمى في ذلك الوقت كامت منشغلة ببعض الأوراق والمستندات التي أمامها على سطح المكتب .. تحدثت دون الإلتفات إلى الباب وقالت :
– ايوة مين ؟
فتح الباب وأدخل رأسه مبتسمًا ثم قال :
– ممكن أدخل ؟!
تركت الأوراق من يداها وهي تنظر إلى ساعة يدها … أشارت إليه بالقدوم :
– أتفضل يا أستاذ طارق في معادك مظبوط
جلس طارق على المقعد المقابل لها، وهو يقول مبتسمًا :
– بحب شغلي آه، بس بحترم مواعيدي
سلمي إبتسمت بخفية وقالت :
– تمام أوي كده متفقين .. وأنا كمان .. ها نبتدي ؟
رد طارق بجدية وثقة :
– تمام .. لسة بعتلي إيميل هيردوا في خلال يومين بالكتير، لو كده هتم الصفقة
عقدت أصابعها وهي تنظر إليه، متحدثة في ثقة :
– كويس جدًا أن شاء الله هيوافقوا، ده بيزنيس كبير بالنسبالهم ومعتقدش هيضعوا صفقة زي دي من أديهم
طارق منبهر بثقتها وأسلوب حوارها، تبدو حقًا تدرك ما تفعله .. إبتسم وأيد حديثها :
– فعلا كفاية العميل الأجنبي في الموضوع هيساعدنا في موضوع المعامل جدًا
تنهدت وسندت ظهرها بالكرسي المتحرك التي تجلس عليه، وعادت إلى الخلف قليلًا، أستردت بجدية :
– لازم نعمل جهد شوية عشان الصفقة دي تتم، متعرفش مهمة بالنسبالي ازاي مش ليا أنا بس .. لا .. لبابا وللشركة وباقي الشركاء، عمومًا لأن نسبة أرباحها فوق ال90% يعني نسبة الحد الأقصى مش قليلة لشركة زي دي يا أستاذ طارق، فمش عايزين تأخير أو تقصير، لو فيه أي حاجة هيبقى في وشي أنا لأني أنا إللي ماسكاهة حاليًا
أراد أن يطمئنها أكثر بالعمل، فإبتسم لها قائلًا :
– متقلقيش أنا عارف إنك بتحبي شغلك جدًا وجادة فيه
إقتربت من المكتب وهي تنظر إليه في ثقة :
– طب كويس إنك عارف كده، ده هيسهل الشغل ما بينا
طارق باسمًا :
– أن شاء الله .. بعد يومين هبعتلك الرد بتاعهم
نظرت له بإبتسامة خفية وبثقة قائلة :
– تمام وأنا في إنتظارك، أكيد هيوافقوا
دقائق من التفكير قاطعتهما، بعد تردد إلتفت إليها قائلاً :
ـ أنتِ وراكي حاجة أو عطلتك عن شغلك ؟!
سلمى بثقة ردت قائلة :
– لا أبدًا، ثم أنت واخد مني ميعاد تبقي فين العطلة، عموماً كويس أن كان ميعادنا دلوقتي عشان عندي مشوار هام
طارق إسترد بنفس النبرة :
– تحبي أوصلك ولا حاجة ؟!
سلمى بإقتضاب نظرت إليه ولكن ردت بهدوء :
– لا ميرسي أنا معايا عربيتي مش عايزة حد يوصلي

أستعدا للخروج من المكتب، أستأذن وترجل إلى باب المكتب .. ينظر إليها وهي تتناول حقيبتها و بعض الملفات في حوزتها ..

******************

نزلا من الشركة وكل منهم أتجه إلى سيارته .. وجدت سلمى هبوط عجﻻت السيارة .. وقفت حائرة ﻻ تعرف ماذا تفعل .
قبل أن يستقل سيارته وجدها بهذه الحالة ولكن ﻻ يعرف السبب .. إقترب منها بهدوء ليرى ماذا حل بها وإذا لزم الأمر يمكن مساعدتها .. نظر إلي السيارة وقال بإندهاش :
– إيه ده .. هي عملتها معاكِ ؟!
تنهدت سلمى وردت بضيق وعصبية :
– آه للأسف الفردتين على الأرض .. أموت وأعرف ده حصل أزاي
كتم طارق ضحكاته، ولكن تعبيراته فضحكت كل شئ فأشار إلى سيارته وقال :
– طب يلا تعالي أوصلك
سلمى نظرت له بجدية وضيق بعدما لاحظت بأنه على وشك الضحك على الحالة التي تبدو عليها .. عاقدة ذراعها وقالت ببرود كي تثير أستفزازه:
– لا شكرًا أنا هاخد تاكس .. مش عايزة من سيادتك أي خدمات
أيقن بأن ما حدث لعجلات السيارة عقابًا لها على ذلك الأسلوب الذي قد أعتاد عليه بالفعل، فلن تتغير سلمى الجوهري، فرد بكل تلقائية :
– تاكسي إيه وأنا موجود متعمليش ما بينا تكليف
نظرت إليه مباشرة في عينيه وردت بإبتسامة صغيرة وبكل هدوء .. ولكن بنبرة يفهمها جيدًا :
– متخيل إني ممكن أركب معاك!! .. سوري
شعر بأنه يريد أن يرتكب جناية من نبرة صوتها ونظرتها، من ذلك الطريقة التي لا تتغير في معاملاتها معه .. زفر بشدة وقال:
– تصدقي أنا غلطان عشان عايز أساعدك
سلمى نظرت إليه بإندهاش على إصراره في الركوب معه، إنفعلت وكاد صوتها أن يعلو :
– محدش طلب منك مساعدة .. ما قولت مش محتاجة حد يوصلني هستني تاكسي، أتفضل شوف وراك إيه، ثم مبركبش مع حد غريب

تعجب من رد فعلها .. و أخذ يتمتم في سره بضيق “يا لها من شخصية عصبية تنزعج سريعًا ولا تحتمل”
تركها و عاد إلى سيارته وأستقلها، جلس ربع ساعة ينظر إليها و هي في قمة كبرياءها و عنادها تنتظر سيارة أجرة، لا يعرف سر وقوفه والنظر إليها هكذا ولم يذهب إلى الشركة، فضوله مع تلك الشخصية الباردة يريده أن يعرف رد فعلها بعدما خسرت عجلتان من سيارتها، هل تستمر في برودها أم ستحاول أن تجد حل، ما أخر هذا الكبرياء يا ترى؟! .

أدارت وجهها للناحية الأخرى وتجاهلته تمامًا عندما شعرت بأنع مازال يجلس في سيارته وينظر إليها، تعجبت وشعرت بالضيق من طيلة نظراته إليها، لماذا يقف هكذا وماذا ينتظر؟ ! يا له من شخصية غريبة .. مندهشة من بقاءه طيلة هذه المدة ولا يتحرك، قررت أن تتجاهل وجوده واندهشت على عدم وجود سيارة أجرة مرت من هنا حتى الآن.

نظر إلى الساعة وجدها قد مرت عشر دقائق أخرى على وقوفهما هكذا دون نفع أو فائدة .. بعد تفكير عاد إليها مرة أخرى كي يرود كبرياءها، يدعو الله أن يلين هذا الكبرياء قليلاً وتستمع إليه .. وقف بجانبها وهي تشعر به دون أن تلتف إليه، ولكن تشعر بإنزعاج :
– ممكن كفاية عناد .. مفهاش حاجة لو وصلتك يعني، كده هتتأخري على مشوارك وشغلك وﻻ ملهوش أولوية ؟!
إلتفتت إليه سريعًا وإرتسمت على وجهها عﻻمات الغضب من حديثه .. علمت بأنه يسترجع لها كلماتها منذ قليل بعد أخر أجتماع لهم، خاصةً تأكيداً على تقصيرها في العمل .. أرادت أن تثبت له ذلك .. نظرت له نظرة تحدي وهي تفكر وتشير عقلها قبل إتخاذ أي قرار …

***************

وصل محمود الفيلا، أستقبله الخادم وتناول عنه الحقيبة لكي يدعها في المكتب ..
أتجه إلى الحديقة الداخلية في أخر البهو .. وجد تهاني جالسة على إحدي المقاعد المجاورة لحمام السباحة تتصفح الجريدة .
جلس بجوارها و ألقى السلام :
– السلام عليكم
إلتفتت إلى صوته وهي تلقى الجريدة جانبًا .. نظرت إليه باسمة :
– أهلاً .. وعليكم السلام .. حمد الله على السلامة
محمود باسمًا:
– الله يسلمك
تهاني إعتدلت جلستها كي تكون موازية له أثناء الحديث، ثم قالت :
– جيت بدري النهارده، كنت في مشوار ولا حاجة ؟
تنهد محمود و رد دون تعبير على وجه :
– آه كنت في المستشفى بزور هاشم
إنتبهت إليه منصته لحديثه :
– بجد !! .. وهو عامل إيه دلوقتي ؟!
تغير معالم وجه إلي الحزن :
– الدكاترة بتقول إحتمال يفوق قريب، لكن أمتى ! .. الله أعلم
تنهدت براحة وهي تقول :
– طب الحمد ربنا يقومه بالسلامة
نظر لها و رد بنبرة محذرة :
– أمين يا رب .. بس أسمعي، متجبيش سيرة لطارق بالموضوع ده
إندهشت لكلماته وقالت متسائلة :
– ليه كده ؟!
إسترد بجدية :
– ابنك ماشي في الشغل كويس مع سلمى، صحيح حاسس بجمود شديد في علاقتهم، بس عايزه يكمل الصفقة معاها فسيبيها يعرف بظروفها
أستسلمت لكلماته بهدوء :
– ماشي إللي تشوفه
إلتفت حوله وقال بتساؤل :
– هي فين نونا صحيح وحشتني العفريتة دي
ضحكت تهاني وقالت :
– في كليتها .. مدوخاني مش عارفة أعملها إيه
ضحك محمود ونظر لتهاني وقال بكل حب :
– ههههههه أنتِ هتوهي عن بنتك يا تهاني، هي عندية زي أمها
محمود وتهاني ضحكا كثيرًا :
– هههههههههه

****************

عندما يتملك الغضب والإنتقام من صاحبه ﻻ يري أمامه أي شيء كان .
ﻻ يريد سوى أن يحصل على ما يريد، وأن تحدث غايته ومبتغاه .. بأي ثمنًا كان هكذا يبدو عاصم من المرة الأخيرة عند لقائه بطارق، وتكلفة صلاح بالأمر … و هو الآن في إنتظار المعلومات ..
من يكون ؟ .. و من أين أتى ؟ .. و ما العلاقة الناشئة ببنه و بين سلمى …
مازال يفكر ويحدث نفسه، ليرى كيف التصرف بهذا الأمر
“أكيد في حاجة بتم في الشركة وأنا معرفهاش، بس أما نشوف يا سلمى”

دقائق و وصل صلاح إلى مكتبه، جلس على المقعد المقابل له ..
ينظر له في إندهاش منذ إن وصل و هو شريد في عالم آخر .. أخذ ينادي عليه حتى يفيق من شروده
– عاصم .. عاصم، أنت يابني
أفاق عاصم من شروده، كم من مدة وهو يفكر في الأمر .. إلى هذه الدرجة يهتم من يكون هذا الشخص ؟! .. على الرغم انه ألتقى به مرة واحدة
و لكن أسلوب حديثه جعله دافع للبحث وراءه ..
نظر إلى صلاح وقال بإهتمام وفضول :
– ها عملت إللي قولتلك عليه ؟!
إبتسم و رد بثقة :
– مش قولتلك أعتبره حصل، بص يا سيدي ده طارق الإبياري ..
قاطعه عاصم مستفهمًا:
– أبن محمود الإبياري ؟!
إسترد صلاح حديثه :
– ايوووووة هو .. طارق محمود الإبياري، متخرج من كلية التجارة قسم بيزنيس اممم إدارة أعمال .. ماسك الشركة طبعًا مع أبوه، بس شاطر في شغله جدًا وتخصصه ساعده جدًا في الإدارة، الظاهر كده في موضوع شغل تقيل أوي بملايين مع سلمى .
تحرك للخلف وللأمام بمقعده المتحرك في شرود، يفكر في حديث صلاح ويبدو عليه الغضب :
– بقى كده يا ست سلمى، دي أخرتها !! .. بتعملي صفقة من ورايا، ﻻ ومش أي صفقة دي بملايين، أنا كنت حاسس بحاجة في الشركة من الأسبوعين إلى فاته ماشي يا سلمى

****************

تحرك عاصم بمنتهى العصبية وخرج من مكتبه … أتجه إلى السكرتارية أولاً بعصبية :
– أتصلي بشركة الجوهري، شوفي الآنسة سلمى
شعرت السكرتيرة بالإرتباك من حالته، فأجرت مكالمة لعدة دقائق، فتجهم وجهها وهي تنظر له منتظرة رد فعله، أنهتها وردت بهدوء :
– مش موجودة يا أستاذ عاصم، دي لسة خرجة من 10 دقايق
نظر لها مندهشاً، إسترد بغضب وإنفعال :
– خرجت !! راحت فين ومع مين ؟!
توجست أكثر من نبرة صوته، أردفت سريعًا :
– مع أستاذ طارق الإبياري
أطرق بديه على سطح المكتب بغل وغضب، نظر لها وإسترد بنبرة مقتضبة :
– طاااارق !! متعرفيش راحوا على فين ؟!
إستردت السكرتيرة سريعًا :
– السكرتيرة قالتلي لو حد سأل عليا أنا في المستشفى
توجه نظره إلى الفراغ، وقال بنبرة غصب :
– ماشي يا سلمى، إما وريتك واخدة الأستاذ وسحباه على المستشفى

يبدو أن عاصم ينوي على شر، ولن يقف مكتوف الأيدي هكذا .. خرج من الشركة وأستقل سيارته وقادها بكل غضب، متجهاً إلى المشفى ..

*****************

طال النظر له إلى أن وصلت لحالة يمكنها أن تفقد برودها
ـ على فكرة أنت بضيع وقت .. ومنظرنا وأحنا واقفين كده مع بعض مش كويس ومش لطيف بالمرة ها .. أتفضل بقى من هنا بدل ما أفقد هدوئي
ضحك طارق وكأنه قرب أن يصل إلى مراده:
– أنا بقى واقف كل ده ومستنى للحظة الفقدان دي، من ساعة ما عرفتك وأنتِ هالة من البرود والأستفزاز مسيطرة عليكِ .. ولا حاجة خرجت عن شعورك .. فعندي فضول أشوف اللحظة دي، لحد أمتى هتحتفظي بيها وبكبريائك
شعرت سلمى بأنها سوف تنفجر في أي لحظة وتخرج عن شعورها من كلماته اللزجة، فقررت التماسك قليلًا، لن تناله مراده وما يتمنى أبدًا، فعقدت ذراعها ونظرت له في ضيق ولكن تحدثت ببرود:
– لو ممشتش من هنا هصوت وهلم عليك الناس وأقول بيتحرش بيا، والناس ماهتصدق عركة وهيهيصوا فيها، وساعتها مش هتمشي من هنا سليم
رفع حاجبه في دهشة وصدمة من ردها الغير متوقع بالمرة، لقد تعدت البرود بمراحل، فقد دخلت مرحلة الجنون، وتلك الشخصية الغامضة لا يمكن أن يتوقع منها أي رد فعل .. ضحك بعدم تصديق ليقول:
– أنتِ أتجننتي حقيقي، لولا أنك بنت كنت أتصرفت تصرف تاني .. عامل بس أعتبار لأبوكِ وللصفقة دي وأشوف أخرة إللي بتعمليه ده إيه

تركها بعنف وغضب شديد للغاية، لا يعرف لما ترك نفسه يقترب منها ويتمادا في مراقبتها بهذا الشكل، إلى أن يصدر منها هذا رد الفعل، قرر أن يتجاهلها تماماً ويأخذ موقف بعدما حدث، وبالفعل ركب سيارته وتحرك مسرعًا.

شعرت بالراحة من رد فعلها، وفي نفس الوقت بالضيق كأنها تمادت في معاملتها معه، ولكن أقنعت نفسها بأنه يستحق ذلك، من طلب منه إنتظارها، فليتحمل نتيجة إنتظاره إذاً، ولكنه كان قاسي بالفعل.
نظرت لساعة يدها بالفعل تأخرت ولم تأتي سيارة أجرة حتى الآن، فمكان الشركة بعيد قليلًا عن الطريق العمومي، زفرت بحنق وضيق أكثر لما حدث، فتناولت هاتفها وأتصلت بيوسف
ـ ايوة يا يوسف .. أنت فين؟
رد سريعًا:
– في العربية .. خير يا قلبي
زفرت بضيق أكثر لتقول بإنزعاج:
– تعالى وصلني لإني مخنوقة وجبت أخرى، العجلتين نايمين و مفيش ولا تاكسي عدى من قدامي معرفش إللي حصل النهارده
تنهد وحاول أن يمتص غضبها:
ـ طيب أهدي خالص ومضايقيش نفسك .. أنتِ فين؟
ردت بضيق:
– قدام الشركة .. يلا بسرعة مستنياك
رد يوسف وهو يزيد من سرعته:
– مسافة السكة .. سلام

أغلقت المكالمة وعقدت ذراعها بضيق، وهي تتحدث لنفسها بعصبية وكلمات غير مفهومة، وكل دقيقة والأخرى تنظر في ساعة يدها بلهفة .
بعد قليل وصل يوسف وركبت سلمى بجواره، فأغلقت الباب بغضب شديد ثم عقدت ذراعها بغضب أكثر وهي تصيح به:
– أطلع
نظر لها بدهشة وتعجب وبدأ يقود وهو ينظر لها ليقول:
– لا حول الله يا ربي، في إيه يا بنتي .. مش عصبية عجلتين نايمين أبدًا
نظرت له بضيق لتقول:
– سوق وأنت ساكت يا يوسف .. بجد مش ناقصة كلام حاليًا وأنا فيا إللي مكفيني
تنهد يوسف بحيرة وبدون أن ينظر لها تحدث بهدوء:
– طيب مين ضايقك بالشكل ده .. أتخانقتي مع نور طيب
ردت سريعًا:
– لا طبعًا، ربنا ما يجيب ما بينا خناق .. هبقى أقولك بعدين يا يوسف، حقيقي مش قادرة أتكلم وأنا متنرفزة كده، لما أروح نبقى نتكلم .. المهم وصلني لبابا وأنا لما هخلص هاخد تاكسي
إبتسم بحب وأريحة لأنه جعلها تهدأ قليلًا، ثم قال:
– خلصي وكلميني، مفيش تاكسيات

إبتسمت وأومأت برأسها بنعم .. دقائق ووصلت للمشفى، ودعته وصعدت متجهة إلى قسم العناية المركزة.
خرج عاصم من قسم العناية بعدما أنتظر ظهور سلمى فلم يراها بعد، ودخل لممر أخر يبحث عن طبيب .. في ذلك الوقت الذي وصلت فيه سلمى لتدخل هي العناية ومنه إلى والدها.

 

 

 

*******************

يقود السيارة بضيق وهو يردد كلمات غير مفهومة بعصبية، نادماَ نوعاً ما عن إنتظاره ورد فعله، ولكن شئ يجذبه بفضول ليعرف سر غموضها، كأنها تخفي شئ لا تود لأحد معرفته، وكانت هذه النتيجة .. فلا يوجد نفع ولا فائدة منها.
قطع شروده رنين هاتفه، فتناوله من جيب حلته ليكون المتصل محمود، فبدأ المكالمة على الفور:
– أنت فين يا طارق؟
رد بهدوء نوعًا ما ويريد السيطرة على أعصابه:
– أنا راجع الشركة، لسة مخلص مع سلمى .. بقولك إيه يا بابا أعفيني أنا من الصفقة دي
غضب محمود لما سمعه، لم يتوقع منه بعد هذه المدة بأن يطلب منه هذا الطلب، تجهم وجهه وتسأل:
– ليه؟ إللي حصل ما كنتوا ماشيين كويسين
أنفجر طارق هنا دون إرادة منه، كأنه منتظر كلمة أو موقف صغير ليخرج عما بداخله:
– في إني مش قادر أتحمل أسلوبها ولا تصرفاتها معايا أكتر من كده .. منكرش إنها جد وشاطرة في شغلها .. بس خلاص
حاول محمود أن يتماسك ليرد بهدوء نوعاً ما:
ـ يابني يا حبيبي مش سبق وقلتلك .. واديك قلت بنفس أهو، يبقى إيه إللي جد في الموضوع عشان تسيب الصفقة بعد ما قطعت فيها شوت كويس
زفر بشدة وأكمل:
ـ بس أسلوبها بارد وجامدة في التعامل .. مفيش مرة أتقابلنا فيها ومتخانقناش
تنهد محمود بحيرة فلا يستطيع أن يشرح له شيء، فرد بهدوء شديد:
– معلش يا طارق هي طبعها كده يابني، أتحمل شوية لحد ما هاشم يفوق على الأقل
زفر بشدة وصاح ليرد بحنق:
– أمتى بقى لإني جبت أخري من البنت دي
هنا شعر محمود بأنه كان محق عندما طلب من تهاني عدم أخباره باسيقاظ هاشم قريبًا حتى يكمل هو الصفقة ويتحمل قليلًا .. فكر قليلًا ثم قال:
– المهم .. قبل ما ترجع الشركة تروح على المستشفى عشان تجيب نتيجة تحاليل وأشعة والدتك
تنهد بضيق وصمت لحظة :
– ماشي يا بابا .. سلام

أنهى معه المكالمة وهو يفكر في هاشم الجوهري، يتمنى أن يستيقظ سريعًا كي ينهي تعامله مع سلمى بأي شكل، لذلك قرر أن يذهب إليه أولًا ليطمئن على حالته.

وصلت سلمى المشفى وقبل أن تخرج أوقفها يوسف قائلًا:
– أول ما تخلصي رني عليا عشان أجيلك
أومأت برأسها باسمة ثم نزل من السيارة وتحرك يوسف مغادرًا
في نفس الوقت وصل طارق وصعد درجات السلم وعند الباب تقابلت أعينهم دون كلام، فقط كلماتها تتحدث في صمت، ضيق وغضب وأستفزاز وبرود لكل منهما.
دخل طارق ولم يعيزكرها أي أهتمام، ودخلت خلفه وهي تشعر بالضيق منه، سارت بجانبه وأنتبهت بأنهم يسلكون نفس الطريق، نظرت له في دهشة ما الذي أتى به إلى هنا، لقد وصلوا لقسم العناية المركزة .. وزادت حيرتها أكثر عندما يقترب من غرفة والدها.
تلاقت عيناهم في صدمة عندما لامس طارق يداها بالخطأ وهما يفتحان موكر الباب في ذات اللحظة، توترا وزال يداه سريعًا وهو يشعر بالإحراج، وهي كذلك وكانت أشد حرجًا .. رنوا لأعين بعض مدة قصيرة إلى أن قطعت هي الصمت عندما نظرت له وتكلمت بجدية:
– إللي جابك هنا؟
قرر أن يرد لها ما تفعله معه بنفس الأسلوب:
– والله أنا أروح المكان إللي يعجبني في الوقت إللي يعجبني
نظرت له بغضب، فأدركت حينها بأنه يرد لها ما فعلته، فقررت الدفاع بهجوم، لتصيح به بجدية:
– يا سلام!!.. يعني تيجي ورايا لحد هنا ده أسمه إيه
زفر بضيق وهو يضع يداه على خسرة:
– شوفتيني مشيت وراكِ!! .. أما أمرك عجيب صحيح
تنهدت بضيق وعقدت ذراعها:
– اومال إللي جابك عند بابا
نظر لها ورد بمنتهى البرود:
– جاي أزوره وأطمن عليه .. في مانع؟!
لم تجد رد أو دفاع لكلماته، فأدارت وجهها إلى الناحية الأخرى وقالت بضيق:
– لا مفيش مشكلة

دخلا إلى غرفة العناية المركزة وجلسا بجوار فراش هاشم .. غرفة مظلمة تنيرها ضوء القمر المنسدل من الشرفة، ينير الغرفة نوعًا ما مع وجود مصباح سهارة صغير بجوار الفراش .
نظرت سلمى إلى هاشم الغائب عن الوعي، الممدد علي الفراش بسكينة وهدوء، إبتسمت وأشارت إلى طارق قائلة :
– بابا .. ده أستاذ طارق الإبياري، شريك معايا في صفقة الأدوية الجديدة .. يلا أتفضل سلم عليه
نظر لها وإندهش من رد فعلها كثيرًا، وعن طريقة تقديمه إليه هكذا، كأنه يعي و مدرك ما حوله .. و لكن نال إعجابه طريقة تعبيرها، إبتسم رغم عنه ونظر إليه قائلًا :
– احم إزيك يا أستاذ هاشم، أنا طارق أظن آنسة سلمى لسة معرفاك بيا، تشرف جدًا بمعرفة حضرتك، نوعدك أن الصفقة هتم وتكون أحسن لو حضرتك كنت موجود وعملتها بنفسك، ويا رب تقوملنا بالسلامة قريب
الإبتسامة تعتلي وجه سلمى رغم عنها من أسلوب رده، إندماجه فيما فعلت والإستمرار فيه دون تكلف أو أصطناع .. ﻻحظت إنه ينظر إليها أبدلت تعابير وجهها لتعود مثلما كانت .. فهذه المرة الأولى لرؤية إبتسامتها .. نظرت له بتعابير جدية قائلة :
– ها مش خلاص سلمت وأطمنت عليه مستني إيه
شعر بالحرج، فقرر أن يلاعبها وبثير أستفزازها، فقال بخبث:
– ها لا أبدًا، ممكن أستناكِ أوصلك ؟
سلمى نظرت له بضيق وضاعت عيناها، كأنها سوف تطلق نيرانها عما قريب :
– تاني!! .. أتفضل أنت يا أستاذ طارق عايزة أتكلم مع بابا لوحدنا .. ممكن ؟!
أخفى إبتسامته وقال:
– اها طبعًا ماشي عن أذنك

كان منزعج منها قليلًا، يحادث نفسه قائلًا بإنها تخصص إحراج .. ولكن هو من مهد لنفسه هذا الطريق بتدخله فيما تفعل بسبب فضوله ..
خرج طارق من العناية وتركها تنفرد بوالدها قليلًا ..
لم يستطع الذهاب وتركها بالداخل، لديه فضول عجيب يجذبه نحوها، عن تلك الشخصية العجيبة؛ على الرغم من إستفزاز أسلوبها .. إلا إنها تبدو تخفي شيئًا ما بداخلها .
الآن كل ما يشغل خاطره شيئًا واحد، عندما تذكر رؤيتها للمرة الأخيرة في المشفى من ذاك الشخص الذي كان متواجد معها وأحتضنها هكذا ؟! … ظل يراقبها خلف زجاج العناية دون إصدار صوت ..
شردت سلمى وتناست نفسها مثلما تفعل كل مرة، عندما تأتي إلى هنا وتقص على هاشم كل ما تفعله بصفة يومية ..
فهي أعتادت على زيارته كل يوم في نفس الميعاد أو متاخر قليلاً .

ينتظرها طارق في الخارج، يراها وهي تتحدث معه .. كأنه يراها ويسمعها .. تأملها قليلًا وجدها على الرغم شدة قوتها وصلابتها من الخارج .. ألا إنها تبدو كالطفلة من الداخل تحتاج إلى الحنان واللطف، إلى وجود شخص يشعر بها ويحنو عليها، إلى يد تربت عليها وتنسيها كل متاعب وشقاء يمكن أن تكون مرت بها في حياتها .. شرد معها وبها .

******************

عاد عاصم إلى العناية بعدما أنتهى من إجراء مكالمة، شعر بالغضب الشديد عندما رأ طارق يقف أمام زجاج العناية .. إقترب نحوه وأمسك بمنكبه بشدة ..
تفاجئ طارق وفاق من شروده على قبضة عاصم .. إلتفت إليه قائلاً بنبرة جادة منفعلًا:
– إيه إللي عملته ده ! .. أنت مين ؟!
عاصم بغضب :
– أنت بتعمل إيه هنا ؟!
إندهش طارق كثيراً من هذا التساؤل من هذا الشخص الغريب، نظر إليه وإسترد بنفس النبرة :
– وأنت مالك أنا بعمل إيه هنا، وأنت مين أصلًا عشان تسألني
دفعه عاصم إلى الوراء من منكبه، حتى إصطدم بالحائط :
– رد على أد السؤال بتعمل إيه هنا ؟!
طارق إستشاط الغضب والدم في عروقه بعد هذه الحركة، دفعه هو الأخر بإنفعال وغضب :
– أوعى يا أستاذ أنت أبعد عني، وأنت مالك مش لما أعرف أنت مين !!
إزداد غضب عاصم هو الأخر، رتب هندامه بعصبية وإقترب منه :
– أنا هعرفك أنا مين …

دبت مشاجرة حادة بينهم، كل هذا وسلمى في عالم آخر، ﻻ تشعر بأي شئ و ﻻ تسمع شيئاً حتى الآن ما يحدث بالخارج ..
شعرت بوجود حركة غريبة وغير منتظمة بالخارج، شعرت بالتوجس والقلق .. قامت على سرعة بعدما مسحت آثار الدمع على وجهها .
إتجهت نحو الباب وفتحته على الفور .. صرخت بشدة .. و وضعت يداها على فاهها من الصدمة، عندما وجدت شجار كبير يشوب بين عاصم وطارق .
من أين أتى عاصم ؟! .. و ماذا يفعل هنا ؟! … و لماذا لم يغادر طارق بعد ؟!
حاولت فض الشباك بينهم وهي تصرخ وتبكي من هول ما تراه من عنف .
محاولة فهم ما يحدث أو ماحدث .. ولكن كانا يتكلما في وقتاً واحد ..
لم تعد تحتمل بعد، صرخت قائلة :
– إيه ده !! بس بس أنت وهو، سيبه يا عاصم أبعد عنه
عاصم بصوت عال :
– أبعدي أنتِ يا سلمى .. أسكتي خالص، حسابك معايا بعدين لازم أربي الحيوان ده
أكمل شجاره معه، دفعه طارق قائلًا :
– متحترم نفسك يا أستاذ أنت .. أنا ساكتلك من ساعتها ومش عايز أتكلم وأبعد عنها أحسنلك
فضت الشباك بينهم وهي تنظر إلى عاصم بإنفعال :
– أنت بتهددني ولا إيه، لا بجد أنت حقيقي زودتها أوي، سيبه يا عاصم بقولك أبعد عنه
إنفعل عاصم بها و إزداد علو صوته :
– مش سايبه لما أعرف البيه بيعمل معاك هنا إيه
إنفعلت سلمى أكثر، حتى كاد الدم أن بنفجر من عروقها و هي تفض بينه وبين طارق للمرة الثالثة :
– وأنت مالك أنت بقولك سيبه يا اخي أوعى كده
لم يحتملها عاصم وهي تدافع عنه وتفض بينهم .. دفعها بقوة حتى وقعت أرضاً طريحة تتألم من قوة الدفع .
لم يتحمل طارق ما فعله عاصم للتو .. من دفعه لها بهذه الطريقة، كان يخاف عليها كثيرًا في ذاك الوقت … غلا الدم في عروقه، إنقض عليه ولكمه لكمة قوية قائلاً :
-أنت أتجننت !! .. ازاي تزقها كده
عاصم مسكت وجه من قوة اللكمة، ورأ اثار الدم منصبة على يديه .. شعر بالغضب أكثر، فإنقص عليه هو الأخر :
– وأنت مالك يا بني آدم أنت
دفعه طارق بقوة إلى أن وقع أرضًا، ركض سريعًا إلى سلمى .. التي كانت ترتجف خوفا وقلقًا لما يحدث بينهم .
ساعدها على النهوض و مسح دموعها بسرعة، وهي ممسكة بذراعه ومازالت تبكي وهو يطمئنها إنها سوف تكون بخير .
نظرت إلى عاصم وقالت وهي تزرف الدمع بحرقة :
– لا بجد مش قادرة خلاص أستحمل أنا تعبت
عاصم على ما يبدو أنتفي عقله بالفعل، لم يضع بإعتباره ما فعله بها للتو، ومازال مبرمجًا في غباءه وأنعدام تركيزه :
– متغيريش الموضوع مين ده يا سلمى ؟
مسحت دموعها ونظرت إليه في تحدي، إستردت بصرامة :
– أستاذ طارق شريك معايا في الصفقة الجديدة، خلاص ارتحت
أرتفعت نبرة صوته بغضب :
– آه قولي كده بقى، بتعملي من ورايا صفقات من غير معرف ؟!، من ورايا يا سلمى ؟!
سلمى بإنفعال :
– وأنت يهمك في إيه الشركة ولا أصحاب الشركة، كل إللي همك الأرباح وبس، لكن شغل مفيش، أنا إللي شايلة الشركة دي ومتنساش أنا رئيس مجلس الإدارة هنا وأي شغل مهم للشركة باخد قرار فيه مع باقي الشركاء .. وسيادتك ابن الشريك يعني ملكش أي قرار أنت فاهم
عاصم إسترد بنفس النبرة :
– لا مش فاهم يا سلمى وأنا زيي زيك في الشركة دي، تعالي نتكلم في الشركة
جذب ذراعها بشدة حتى تألمت سلمى كثيرًا، إنتزعها طارق من بين يديه بقوة و خبئها خلفه حتى ﻻ يقترب منها مرة أخرى .. فصاح به بغضب :
– لااااااا أنت زودتها أوي، أبعد عنها وإياك تقربلها أنت فاهم
عاصم ابتسم بسخرية :
– لا مش فاهم ..

تناول سلاحه الناري من داخل سترته السوداء، أطلق عيار ناري على طارق وهرب سريعًا ..
صرخت سلمى بشدة وانهيار وهي ممسكة به، و هو يقع أرضًا متألمًا من شدة الضربة ..
تجمع كل من في المشفى آثار صوت إطلاق النار .. لم يكن في ممر العناية أي شخص كان، هدوء تام أثناء الشجار .
تفرق المجتمعين، منهم من يسعف طارق ويوقف النزيف وأستدعاء الطبيب .. و منهم من يركض خلف عاصم محاوﻻ الإمساك به .
ظلت سلمى تصرخ بشدة، بخوف وألم .. تشعر بالعجز، ﻻ تعرف ماذا تفعل .. كل ما حدث كانت هي السبب المباشر فيه ..
سلمى بإنهيار تحاول إفاقة طارق بأي طريقة وهي تصرخ :
– أستاذ طارق .. طاااارق .. طاااااااااااارق

يتبع ..

اترك رد