روايات

رواية لن أحررك الفصل العشرون 20 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك الفصل العشرون 20 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك البارت العشرون

رواية لن أحررك الجزء العشرون

لن أحررك
لن أحررك

رواية لن أحررك الحلقة العشرون

أثناء تلك الاوقات ولجت بسمة الى الغرفة بهدوء
وكانت تمسك منشفة صغيرة تجفف بها يداها
لاحظت جواد يقف عند مسافة ليست ببعيدة عنها
يضع على أذنه هاتفها وقسمات وجهه ساكنة باردة
بشكل يثير الشك…. بلعت مابحلقها بخوف وسألته
بنبرة صوت تكاد تكون ترتجف الآن…..
“مـ مـين عـ…… على الخط ياجواد…….”
تمعن في ارتكابها بشك وبعيون مثل صقر تفقدها
ثم قال بصوت مبهم….
“محدش بيرد……. كمان الخط فصل على طول…”
“يمكن يـ…. يكون حد طالب بلغلط… بتحصل…”
رطبت شفتيها فور إنتهاء حديثها….
“فعلاً بتحصل….” اجابها بعدم اكتراث….
“أنا هدخل البس وحضري نفسك، عشان هوصلك على الفيلا وهخرج أنا عشان ورايا شغل مهم في شركة….” حدثها بتلقائية وهو يخرج حلة رسمية
من خزانة ملابسه….
“تمام….. ربع ساعه وهبقى جاهزه….” اجابته
عليها كانت ايماءة بسيطة اليها وعيناه باردة غامضة….
____________________________________
ارتشفت من الكأس مرة واحدة ووضعته بقوة على الحاجز الرخامي أمامها وهي تقول باقتضاب…
“كأس تاني يازفت….. بسرعة….”
“يعيني على الحلو لم تبهدله الأيام….” قال رامي جملته وجلس بجانبها على مقعد طويل مُميز
الشكل أمام البار……
“عايز إيه يارامي العملية مش نقصاك خالص…” بلعت
كأس النبيذ مرة واحدة وهي ترمقه بسخط….
أخذ بعض حبات المكسرات واجابها باستماع خبيث…
“ولا حاجة كنت جاي أطمن عليكي وعلى حبيب القلب….”
ضحكت باستخفاف و ردت على حديثه ساخرة…
“حبيب القلب…..ماخلاص معدش فيها حبيب ولا
دي قولو….”
“ليه كده….هو سابك ولا إيه….”
تشدقت بثقه وعيناها شردت في مكان آخر….
“آآه سبني عشان لقى غيري نوع جديد عليه حابب يجربه…..بس بعد ميزهق منها هيرجعلي من تاني…”
لوى رامي شفتيه بتبرم وصاح أمامه قائلاً….
“هات يابني هنا كوكتيل بتاعي لحسان الكلام ده محتاج يتبلع وراه حاجة…..” ثم نظر نحو انجي سائلاً بفضول….
“معنى كلامك أنه سابك عشان العروسه الجديدة مش كده…..”
احتدت مقلتيها ناظرة له بغضب….
“هيرجعلي يارامي جواد مش هيلاقي في دنيا دي زيي انا الوحيدة إللي استحملت عنفه وقسوته
وبعده وقربه أنا الوحيده إللي أستحق أكون مراته مش هيه…..”
ارتشف كوكتيل الخمر بتلذذ ناظرا لها باستمتاع فهو يرى امرأة محطمة تودّ تدمير اي شيء وكل شيء من
أجل أن تستعيد كبريائها كانثى حُطم كرامتها رجل
كأن بمثابة الحلم بنسبه لها…..
“أهدي ياجيجي أهدي وكل حاجة هتتحل…..”
“تفتكر هيرجعلي…..”حدثته بصوتٍ مشتت…
رفع حاجبه بتعجب وهو لا يدري هل جُنت أم قارب
عقلها بفقدانها لا يعلم ولكنها غربية اليوم وعن كل يوم رآها به…..
“أنا حسى إني بحبه أوي يارامي…..أنا حسى إني هموت لو مرجعليش….”هتفت بخزي وهي تطرق
رأسها للأسفل وبدات بالبكاء…..
قطب رامي جبهته بأستغراب، بسمة ترفضه وتتزوج
(الجوكر) انجي ذات القلب الحقود على غيرها من النساء والطامعة في أموال الأثرياء واولهم هذا
(الجوكر)تقع في غرام حُب رجل رفضها من أجل
أمرأه رفضته هو سابقاً ما تلك الدئرة التي يدوران
بها….تقوس فمه في ابتسامة جانبيه قائلاً ببرود…
“يترى بيعمل إيه أبن الغمري في ستات عشان يبقو
متشحتفين عليه اوي كده….”

 

 

 

لم تنتبه انجي لحديثه فقد آثر عليها شُرب الخمر وبدأت بترنح في جلستها وهي تشعل سجارة بقدحتها الذهبية……
“مش هتحكيلي قالك إيه بظبط…..”
اغمضت عينيها بحزن ومن ثمَ اخرجت الدخان الرمادي وقالت على مضض….
“جه البيت وهددني إني لازم أبعد عنه وعنها يأما هيقلب قلبته عليها …. وبعدها نهى كل حاجة بينا ومشى…”
“غبيه…..”لفظها بحدة ورمقها ببغض….
رفعت رأسها له وقالت بوهن من آثار الخمر…
“كُنت عايزني اعمل أيه يعني وهو بيقولي بكل سهولة مش عاوز اشوف وشك….”
“كأن المفروض تعملي زي ما اي واحده من عينتك بتعمل هو أنا إللي هقولك تعملي إيه برضه….”نظر
لها بتقزز فهو يمقتها بشدة فخروجها من اللعبه الآن
لم يكن قرار صائب فهي الفرصة الأخيرة له لافساد
زواج جواد وبسمة وفضح بسمة هي وعائلة الغمري
قبل أي شيء…..
مسح على وجهه بقوة فاصبح الأمر أكثر صعوبة وجواد لم يترك له بعض الخيارات لايذائه…
زمام الأمور تتسرب من بين يداه ويجب الاسراع أكثر
في تلك الخُطه فوالده مزال يحتقره ويبغضه بكلمات تحطم رجولته و اولهم( الفاشل عديم الفائدة) !…
“اديك قولت كأن المفروض يعني كل حآجه راحت….
أنا ماشيه…..سلام….”تحدثت بنفس الوهن وهي تنتصب في وقفتها ولم تمر الثواني حتى ترنح جسدها وكادت أن تسقط على الأرض……
مسك رامي خصرها قبل سقوطها….التصق جسدها بجسده وقال بشهوة بعد أن سار الخمر في جسده
“تعالي باتي معايا النهاردة…..عشان الصبح لازم نتكلم في موضوع مهم… ”
فتحت عينيها بصعوبة وسألته بلسان ثقيل…
“مـ.مـوضوع إيه أ انا عايزه أروح….”
“هتروحي بس معايا….وبعدين الموضوع يخص حبيب القلب…..”أجابها بمكر وتريث ثوانٍ قبل
أن يضيف بخبث…..
“لو عايزه ترجعيله تعالي معايا النهاردة والصبح نتفق
على كل حاجة…..”
نظرت له بارتياب ليبادلها النظرة بشهوة جامحة ولم يبخل بحركة من رأسه تأكد صحة كلامه الذي تفوه به منذ لحظات…..
__________________________________
دلف جواد وبسمة الى حديقة الفيلا الصغيرة فوجد اسيل مُقبله عليهم وفي يدها بعض معدات الرسم الخاص بهآ…..
“أخيراً عصافير الحب شرفوا…..”حدثتهم بعتاب طفيف وكان حصة العتاب الأكثر موجها الى بسمة…
اطرقت بسمة برأسها بحرج ورفعتهم سريعاً قائلة
بهدوء…..
” إزيك ياسيل عامل إيه….. ”
“لسه فكره…. كويسه عن اذنكم…..”
دلفت اسيل إلى غرفة صغيره فالحديقة تستخدم

 

 

 

كاورشة لبعض للوحات الرسم خاصتها….
“هي مالها….” تسأل جواد وهو يتطلع على بسمة بتراقب….
زفرت بضيق….
“أكيد زعلانه مني…. يعني بقالي أكتر من أسبوع مكلمتش معها غير مرتين على التلفون…. أنا هروح
اصالحها….”
“استني هنا مش هتغيري هدومك وترتاحي شوية…..” عرقل سيرها بحركة من يديه…
زفرت بنفاذ صبر…..
“بعدين ياجواد شوية وهرجع….”
نظرت له اثناء حديثها…. تفقد جواد ملامحها وقال بتمهل….
“تمام….. طب أنا هروح الشركة عشان الشغل….
عايزه حاجه….”
“لا عايزه سلامتك خد بالك من نفسك….” كلمات فاترة مرتبة عادية بنسبه لها لكن بنسبه له تعني الكثير من المشاعر الغريبة التي لا يريد الخوض
بها…..
دلفت بسمة الى اسيل التي تشغل نفسها في ترتيب
بعض اللوحات….
“يالهوي انتي زعلك طلع وحش اوي….” حدثتها بسمة
بمزاح مراقبة لتصرفها الطفولي….
نظرت لها اسيل بضيق وهتفت بدون تردد…
“وانتي للأسف معندكيش دم…..”
فغرت بسمة شفتيها بصدمة مضحكه…
“اي ده أنا بتشتم ولا إيه…..”
ضحكت اسيل وهي تهز رأسها باستياء….
“أنا مش عارفه ليه مبعرفش أزعل منك….”
اقتربت منها بسمة وعانقتها بحب….
“عشان بسمة مينفعش حد يزعل منها….”
هتفت اسيل بطريقة فكاهية….
“يعني مش عشان أنا قلبي أبيض تؤتؤ عشان بسمة
مينفعش حد يزعل منها….”
انطلقت ضحكات الإثنين بعدها بقوة….
ابتعدت عنها اسيل ونظرت لها قائلة….
“معقول الغردقه تاخدك مننا طول الأسبوع ده….وتقررو فجأه كده تسفرو من غير ماتقوله لحد ”
استدرت بسمة لتتفقد غرفة الرسم وهي تخفي كذبتها عن تساؤل اسيل البريء…..
“يعني الموضوع جه فجأه ومـ….”
“بسمة هو انتي مخبيه عليا حاجه…..”
التفتت لها بسمة بجسدها كلياًّ وقالت بتردد…
“حاجة حاجة زي إيه….”
حمحمت اسيل قبل أن تقول بحرج….
“أنا عارفة أن ممرش على صحوبيتنا غير شهر وعارفه أن الصحاب اللي بجد هما إللي بيتبني
بينهم مواقف وعشرة وسنين عشان يتسمو
صحاب… بس انتي عارفه أنا بحبك قد ايه من أول يوم شوفتك فيه وأنا اعتبرتك اختي مش مرات أبن خالي وكلام ده…..”
قالت بسمة بمحبة وود….
“حبيبتي أنا عارفه معزتي عندك ولازم انتي كمان تكوني عارفه معزتك عندي قد إيه بس الموضوع وما فيه أن… “ماذا تقول لها، سر زواجها منذ البداية
أم عشقها الخاطئ لابن خالها الذي هو في الاساس مُجرم ماذا تخبرها عن خالها الذي بمثابة والدها وقدوتها في الحياة كما اخبراتها في احديثهم عدة مرات…. من أين تبدأ بسرد الحقيقة وتفاصيل تاريخ
العائلة المخجل الذي تراه هي وسيف بعيون تخدع
صاحبها بكشف اهم الحقائق إليهم !….

 

 

 

لن تخبرها ستكذب حتى لاتجرح تلك البريئة التي مزالت ترى اللوحة كاملة لم يُخدش أجملها ولم يعكر
صفو الوانها ! تراه الأفضل برغم من أنها على يقين ان السنوات تغير كل شيء للاسوأ إلا أنها ترى الأفضل في للوحة عائلتها التي لم يتبقى منها إلا الون الأسود القاتم فقط الأسود بدون معالم تخبرنا من أين نبدأ بالاصلاح !….
” الموضوع ومافيه ياسيل أن جواد كان عملها
ليا مفجأه وأنا اتفجات بسفرنا للغردقه…..يعني زي ماقولتلك في التلفون…..”
اومات لها اسيل بابتسامة رقيقة….
“ربنا يسعدك يابسمة مع جواد…..تعرفي أنا حسى أن
بدأ يتغير شوية وبدا يتخلى عن قناع التلج ده مع اللي حوليه……. يعني انا شايفه كده….”
“آآه جايز….المهم عملتي إيه مع الفت الشاذلي صحيح….”سألته بسمة حتى لا تخوض في أحاديث
تخص جواد وطريقته الآن وبذات أمام اسيل التي
ستقرأ ارتكبها فوراً وتبدأ بالاسئلة وتبدأ هي بالكذب
الذي تكرهه وتكره نفسها من خوضها فيه بكل تلك السهوله…
“قصدك يعني موضوع المسابقة….”
“آآه عملتي إيه فيها….”
“وفقت طبعاً وقبلت العرض….”
“بجد….طب لو كسبتي هتقعدي قد إيه في إيطاليا…”
إبتسمت اسيل بتهكم ونظرت أمامها بحزن…
“مش عارفه الدورة التعليمية في ايطاليا هتكون سنتين لكن أنا بفكر استقر هناك على طول….”
حدجت بها بسمة بحزن وقالت بعتاب…..
“معقول ناويه تبعدي عننا انتي زهقتي مننا لدرجادي ….”
هزت اسيل راسها بنفي….
“بطلي كلامك ده أكيد لا…..بس انا شايفه أن السفر أحسن حاجة الفتره دي….”
حدثتها بسمة بدون احتراز….
“مش هتقدري تنسي ياسيل انتي بتحبيه….والهروب مش حل…..”
رفعت اسيل عينيها وبدأ وجهها بشحوب فقد كشفت
المشاعر أمام أحدهم هل هي شفافة لتلك الدرجة هل
لاحظ احد غير بسمة تلك المشاعر…..
“انتي بتكلمي عن إيه يابسمة أنا مش فاهـ…..”
“بلاش تكدبي عليا ياسيل أنا عارفة كل حاجه….”هتفت بسمة بجملتها رافعة كف يدها في الهواء لتمنع باقي إنكار اسيل…..
زفرت اسيل بياس….
“طب مش هكدب بس انتي عرفتي منين….”
ابتسمت بسمة بمكر وقالت….
“نظراتك كلامك عنه وكلامك وهو معاكي وكمان وانتي بتحكيلي على تلفون إزاي سهر جامبك وانتي
تعبانه ومقدرش يسيبك غير لم حرارتك نزلت وحاجات كتير شوفتها بعيني منك ومنه واهمهم
اللوحة إللي رسماه فيها….”سارت أثناء حديثها
والتقطت بين يدها لوحة كبيرة عبارة عن وجه سيف
بادق التفاصيل والتي بدت حقيقة أمام عينا بسمة
التي تتفقدها باهتمام….
أحمر وجه اسيل وقالت بخجل….
“يعني اللوحة كانت صـ….”صمتت فهي لا تعرف ماذا
عليها أن تقول الآن…..
نظرت لها بسمة وابتسمت بحزن فهي على يقين أن عذاب حبهم واحد لكن اسيل تختلف فسيف
يحبها وعيناه تعكس العشق بهما وتحكي بوضوح مدى أهمية اسيل لديه…ام جواد فهو الحبيب الخاطئ والعشق الخاطئ يظل من طرف واحد والضعيف هو المتعثر في هذا العشق وهي الضعيفة في تلك العلاقة من بدايتها !….
حدثتها بسمة بهدوء وهي تقترب منها مرتبت
على كتفها بحنان….

 

 

 

“بلاش التوتر ده كل ياسيل…. انتي معملتيش حاجه غلط….”
تقوس فم اسيل باستهجان..
“الغلط الوحيد اني حبيت واحد أنا في نظره أخته الصغيرة…..”
“مش حقيقي سيف بيحبك….”
اجابتها بمنتهى اليقين…
“هو فعلاً بيحبني وبيهتم بيه بس زي أخته….”
“بالعكس أنا شايفه أن طرقته ونظرته ليكي عكس اختي… وكلام الغريب إللي بتقولي ده….”حاولت بسمة اقنعها بما تراه أمامها….
“كلامي مش غريب يابسمة ده كلام سيف وطالما سيف شايف اني زي أخته الصغيرة مستحيل يفكر فيه زي مابفكر فيه……”
احتل الاستغراب ملامح وجه بسمة من
تصريحات سيف تلك لماذا ينكر مشاعره الواضحة
لاسيل هي على يقين أنها لا تتوهم بنظرة عينيه العاشقة لكن إخفاء مشاعره ودفنها بتلك الطريقة وراه لغز مُحير…..
“أكيد ورا كلامه ده حاجه أنا واثقه أن بـ…”
قاطعتها اسيل بنبرة حزينة….
“أنسي الكلام ده يابسمة أنا خلاص قررت أن شاء الله بعد المسابقة هستغل سفري وهستقر في إيطاليا
أهوه هبدأ من جديد وجري ورا أحلام دفنتها من ساعات ما تخرجت……”
“بس ياسيل……”
صدح هاتف بسمة أثناء حديثها فنظرت في شاشته لتجد اسم شقيقتها يضيء الهاتف….
“دي دعاء!…استني هرد عليه….”اومات لها اسيل بابتسامة بسيطة….
وضعت بسمة الهاتف على اذنيها…..
“الو أيوا يادودو….لا انا أقدر أنساكِ… ممم اجي….
اجي النهاردة طب ليه……” شهقت بصدمة ومن ثمَ هتفت بسعادة….
“لا بجد اخلاثي أنا هبقى خالتو للمرة التانية مش مصدقه ، طبعاً هاجي أنا أقدر انتي عايزه كريم وامجد يكلو وشي مسافة السكه…..بقولك أوعي تشيلي حاجة تقيله أنا جاي قعد معاكي اليومين دول…. ياستي هكلمه وان شاء الله هيرضى…. طبعاً ياقلبي أنا عندي كام دودو….. اوك تمام مش هتاخر
سلام…. ” أغلقت الهاتف وتنهدت بسعادة….
رمقتها اسيل بفضول وهتفت بسعادة….
“خليني اخمن أختك حامل صح….”
اومات لها وهي تهتف بعد طول صبر…
“آآه ياسيل الحمدلله حامل أخيراً…..”
“وليه بتقولي أخيراً…. أنا فكره أن عندها ولد إسمه كريم صح….”
أكدت لها بهدوء وأضافة موضحة….
“أيوه معندهاش غير كريم لكن هي بقالها أكتر من خمس سنين منتظره الطفل ده والحمدلله جه أخيراً
ربنا يتمملها على خير…..”
“آمين يارب…. “ثم سألتها بهدوء….
” طب إيه مش هتروحلها…… ”
“لا طبعاً هروحلها…. تحبي تيجي معايا تبركلها….”
“أكيد هبركلها بس مش دلوقت… وبعدين أنا كأن بودي اخرج من الجحر ده لكن لازم أبدا في فكرة اللوحة واشتغل عليها مانتي عارفة….”
ربتت بسمة على كتفها وقالت بود…
“عارف ياحببتي ربنا يوفقك…. بس عشان خاطري فكري أكتر في موضوع سفرك ده صدقيني سيف
يستاهل فـ…..”
قاطعتها وهي تزفر وعينيها تضج بانزعاج…..
“بسمة خلاص الموضوع اتقفل من قبل مايبدأ صدقيني مينفعش ياخد أكتر من وقته في تفكير حتى…..”
“يمكن كلامك صح، ويمكن نظرتي تكون صح لكن مش هقدر أقولك غير فكري ياسيل في الموضوع أكتر من كده وإن شاء الله تلاقي حل غير موضوع سفرك ده….”
“ربنا يسهل….خدي انتي بس بالك من نفسك وبقي طمنيني على أختك “ردت بايجاز وخرجت من حصار الحديث ببعض الكلمات المنتقية منها …
“تمام مش هضغط عليكي دلوقت بس أكيد هنتكلم تاني…..”
خرجت بسمة من الغرفة وسارت على العشب
الأخضر عابثة في هاتفها مُرسلة رسالة نصية لجواد
محتواها كالتالي….
(جواد أنا راحا عند دعاء أختي عشان تعبانه شوية واحتمال ابت هناك يعني لو شفت رساله أبقى رد عليه….. سلام …..)أغلقت الهاتف وخرجت من باب الفيلا الكبير للخروج منه وايقاف أي سيارة اجرى تنقلها الى شقة شقيقتها…..لم تكترث بسيارات عائلة الغمري وجراج الخاص بهم والذي تُركن به سياراتهم الفارهة ومن ضمنهم سيارات زوجها… لم تكترث ولن تهمها يوماً حياة الاثرياء المُرفهة ولم تسعى للحصول عليها بل هي من اخترتها إختيار لم يروقها يوماً !…
______________________________________

 

 

 

ارتدت لميس ثيابها على عجلة وهي ترد على عزيز بخفوت……
“مفيش جديد العادي يعني…..”
أخرج دخان سجارته ببطء ناظراً لها بشك….
“يعني إيه مفيش جديد أمال سفر جواد والبت المحامية ده إيه….”
وقفت أمام المرآة وزينة شفتيها باحمر قاتٍ واجابته بلؤم……
“آآه دول بيقول أنهم سفره الغردقة يعني معرفش أكتر من كده…..”
أقترب منها عزيز ومسك يدها مُقربها اليه بقوة وغضب…..
“مالك يالميس الفترة دي مش مظبوطه كده ليه دا حتى النهاردة جايه هنا بالعافية أي إللي حصلك بظبط…”
ابتعدت عنه مرمى عينيه ومشطت شعرها بدلال مُجيبة عليه بصوت ناعم….
“مفيش حاجه ياعزيز بس أنا بقلل مقابلتنا عشان زهران ميشكش في حاجه….”
“زهران؟…ومن إمتى زهران بيشك فيكي يالميس…”
اجابته بحزن مُزيف….
“من فترة يعني غيرته بتزيد واسئلته عن خروجاتي
كترت اليومين دول فعشان كده بدأت اقلل زيارتي
في شقتك يازيزو…..”
سألها عزيز بشك وعيناه ثاقبة عليها…
“يعني انتي مش مخبيه عليا حاجة ولا بتلعبي من ورايا يالميس….”
“أنا اخص عليكي يازيزو دا أنا قبلت بجواز دي كلها عشان خاطرك وهكملها عشان خاطرك…..”أقتربت منه
وتغنجت في سيرها أثناء حديثها وجلست بالقرب
منه….”أنتَ عارف أن لميس مينفعش تلعب من وراك
ولا تقدر تخبي عليك حآجه يازيزو ولا أنتَ شايف إيه…..”
تفقد ملامحها بعدم اقتناع ليقول بعدم احتراز…
“نفسي اصدقك يالميس……بس مسير الأيام تثبت
مين الخاين فينا….”
_____________________________________
كان يجلس أمام طاولة المكتب يحضر عدة اجتماعات مهما عن سير العمل في فروع شركات (الغمري) ويحضر معه الاجتماع شقيقه سيف وعلى رأس الطاولة زهران الغمري….
“أنا شايف أننا نوافق على البند إللي ضافته شركة
الـ(….)وأكيد دي شركة كبيرة وليها سمعتها واسمها عالمياً…..”تحدث زهران بثقه ووقار وهو يتطلع على
الموظفين من حوله ومن ضمنهم جواد وسيف الجالسين بجانبه من الجهتين…. نظر زهران نحو
سيف وطلب مشورتهُ بـ..
” ولا أنتَ أي رأيك ياسيف…. ”
أجابه سيف بعملية…
“أنا معاك في أنهم شركة عالمية وليها إسمها لكن موضوع أنهم يحطوا بنود العقد كلها لصالحهم لمجرد
أن الشراكه مبينهم فرصة بيتمنها بعض الشركات المنفسه لينا إلا أنا شركات الغمري تستحق إضافة بنود تحفظ حق ملكيتها في العقود الموثقه دي….”
قاطعه أحد الموظفين وقال بجدية….
“أنا معاك ياسيف بيه في نقطه دي بس إحنا مجبروين نوافق على شروطهم لأن الفرصة متتعودش….”
نظر زهران نحو جواد الذي يتابع الحديث وهو يطرق بقلمه الذهبي على سطح الطاولة ببطء…..
“أنت أي رايك ياجواد نوافق على البنود إللي محطوطه لينا ولا نتفاوض معاهم في أضافة حق ملكية شركات الغمري….”
تقوس فم جواد وهو ينظر للجميع قائلاً ببساطة..
“الأحسن لو نلغي التعاقد معاهم….”
هتفات عالية شقت المكان الهادئ ليتحول الجميع
بهمهمات انكار وصدمة من هذا الاقتراح الذي يصنف بطيش وخطاء لا يمكن إصلاحه إذا نُفذ ورفض
عرض مثل هذا…..
تحدث سيف بهدوء ليسكت الألسنة من حولهم…
“بس ياجواد الشركة (…..) فرصه بيتمناها كل
منافس لينا واولهم شركات عزيز التهامي….”
“وانا شايف أن شركات الغمري ليها إسمها ولو هما
شايفين أننا أقل من أننا نضيف بنود زيهم تحمي الشراكه بينهم يبقى الرفض أحسن….”
تحدث أحد الموظفين بجدية….
“بس ياجواد بيه الرفض شيء مش هيعجب صاحبة
الشركة….”
سأله جواد بدون تردد…
“أنا هبعت الرفض بنفسي ليها قولتلي كأن إسمها إيه….”
أجابه الموظف بياس من معارضة قراره….
“اليكسا تشينو………”
“تمام أنا هبعتلها أميل برفض من مكتبي….”
نظر له زهران بضيق….
“وبعد ما تبعت لها أميل برفض…..”
أجابه جواد بثقه..
“هتيجي لحد هنا تكمل بنود العقد وتقبل بكل
طلبتنا…..”

 

 

 

تساءل سيف بأستغراب…..
“أي ثقه دي كلها ياجواد أنتَ ناسي اسم الشركة ومستواها اليكسا تشينو والدها وجدها من أكبر رجال
الأعمال في إنجلترا و….”
“الشراكه مابينا ليها فوايد راجعه لينا وليهم وهماا ليهم نسبة ربح أكتر من ربحنا والا كده مكنوش
وفقه على المساهمة معانا…..لازم يبقى اسم الغمري
في العالي ومش شركة زي دي إللي هتخلينا نوطي
راسنا….”
توسعت أعين سيف بعدم تصديق….
“أنتَ بتقول إيه ياجواد أنت مش شايف إنك بتقليل من مستوى الاجتماع…..”
انتصب جواد واقفاً وقال بدون تردد….
“بالعكس أنا شايف أن انتم إللي بتقلله من قيمة شركات الغمري…..”
هتف أحد الموظفين….
“بس ياجواد بيه المـ…..”
قاطعه جواد ببرود…..
“بنسبه ليا الاجتماع كده خالص وقرار اتاخد…”
خرج جواد تارك الهتفات والتافف بالحنق منه من قِبل الموظفين الذين مزالو يرون القرار في منتهى الفشل
ولكنه على يقين ان رفض العرض سيجلب النفع
قريباً ……
______________________________________
اطرقت على باب الشقة بطرقات موسيقية (تطبيل)
فُتح الباب ليظهر كريم في وجهها هاتفاً بصياح….
“بسومه يابسومه هبقى اخ كبير يابسومه….”
اطلقت بسمة ضحكة عالية على شكل كريم الذي يتمايل بطريقة مضحكة….
“اخ كبير ازاي بالمنظر ده كفاية بقه بطني وجعتني
يخربيتك…..”حاولت أن تتوقف عن الضحك بصعوبة…
سحبها بقوة لداخل قال بسعادة….
“تفتكري ماما حامل في ولد ولا بنت ولا…..”
“ولا إيه إحنا مخدناش غير دول في المدرسة هو في نوع تاني أنا معرفوش……”نظرت له بسمة بمزاح…
“أيوه طبعاً كريم أمجد نوعك المُفضل انتي مش عايزاه يطلع شبهي ولا إيه…..”
إبتسمت بسمة وهي تداعب شعره بحنان…..
“أكيد هيطلع شبهك مش أخوك او أختك….المهم سيبك من الرغي ده وتعالى نشوف ماما ونطمن عليها….”
دلفت الى غرفة شقيقتها (دعاء)وهي تقول بوجهه
تهلل بسعادة…..
“دودو يادودو هتبقى أم للمرة التانية يادودو….”
عانقت شقيقتها بسعادة……
“حببتي يابسمه عقبالك يارب….”بلعت بسمة كلمات أختها أثناء عناقهم فتخيل طفل صغير من جواد ومنها يصيبها بخفقات قلباً يشتاق لغمرة فرح مثل
تلك والعينان تدمع بتلهف للحظات تجمع بينهم
رٱبط يقوي علاقة مزالت حديثة الظهور !…
ابتعدت عن احضانها وقالت بتلقائية….
“يارب…..المهم طمنيني عنك الدكتور قالك إيه وطلعتي حامل في شهر الكام….”
“حامل في شهرين….تصوري شهرين وأنا ولا أنا هنا….”اجابتها دعاء ووضعت يدها على بطنه
بحرج…
إبتسمت بسمة قائلة بتذكر…..
“مش أول مره ، كريم كمان عرفنا أن موجود وأنتي قربتي تخلصي شهرك الرابع….”
اطلقت دعاء ضحكة مفاجأة….
“يخربيتك يابسمة لسه فكره وقتها كُنتي في
ثانويه عامه كُنتي فرحانه بكريم أكتر مني دا انا
كُنت باخده من بين إيدك بالعافية عشان مذكرتك وامتحانتك فكره……”لكزتها في كتفها بمدعبة طفيفة….
سحبت بسمة كريم الى احضانها وقالت بحنان….
“طبعاً فكره في حد ينسى إزاي ربأ ابنه وكبره
على إيده……وبكره هعمل كده في نونه إللي جاي…”
هتف كريم بمزاح…..
“بس ياخالتو نصيحي مني زودي جرعة الربايه
شويه مش عايز أخويه يطلع بايظ شبهي….”
“ياجزمه….”هتفت بسمة بضجر وكادت أن تضربه لكنه ركض بعيداً عنها وهو يقول…..
“بهزر ياخالتو قلبك أبيض…..”
تقوس فمها بانزعاج وشهدت دعاء عليه بـ
“شايفا إبنك يادعاء بيقول إيه…..”
ضحكت دعاء وقالت بخبث…..

 

 

 

“معلش أصله مترباش كويس…..”
عضت بسمة على شفتيها بغيظ….
“يالهووي يادعاء انتي وابنك عليا…..”
“مين ده إللي مزعل بسوم….”دلف امجد وفي يده بعض الأغراض….
اقتربت منه بسمة وسلمت عليه بتلقائية كما تعودت
منذ صغرها….
“إزيك يامجد عامل إيه….كويس إنك جيت أصلاً البيت ده كله مفهوش غير أمجد…..”
وضع يده على كتفيها وقال بحنان أخوي….
“أيوه مأنا عارف ، اقوليلي بقه مين إللي زعلك….”
رفعت دعاء حاجبيها وقالت بحدة مُزيفة….
“أنا إللي زعلتها…..”
ترك أمجد الاغراض جانباً وهتف بعدم تصديق…
“يانهار ابيض انتي يادعاء معقول….”جلس بجانبها
ومسك كف يدها وقبلها وقال وهو ينظر نحو بسمة
متصنع العتاب…..
“ملكيش حق يابسمة في حد يزعل من القمر ده…”
ضحك كريم بشماته….وهو يرفع سبابته للأعلى…
“يالهووي قصف جبهه طير رأسك….. أن لله وان
إليه راجعون….”
فغرت بسمة شفتيها بصدمة….وقالت بسخرية
“حبيبي ياجوز اختي تحب أهدي الاضاءه وولع الشموع…..”
اكمل كريم بمزاح…..
“لا ادخلي حضري عشا رومانسي عشان اكُل معاهم…… ها يابو الامجااااد تاكل إيه.. ”
“بس ياجزمه…..”ثم وجه حديثه لبسمة قال بحنان..
“المهم طمنيني عليكي يابسمة عامله ايه في حياتك….”
اجابته بابتسامة بسيطة…..
“الحمدلله بخير….المهم مبروك على النون….”
“الله يبارك فيكي…..عقبالك….”قال آخر كلمة على مضض……
ترددت بسمة قليلاً قبل أن تقول….
“طب أنا هسيبكم شويه وهدخل اكلم جواد وطمنه
عليا…..”
أومأ لهآ أمجد ودعاء بابتسامة لم تصل لاعينهما….
___________________________________
وقفت في شرفة غرفتها وبدأت في محادثة جواد عن طريق الرسائل…..
(جواد أنتَ فين ومش بترد على الرسايل ليه….)
نظرت أمامها مُنتظره رده عليها ليباغتها برسالة قصيرة لا تنم على اي شيء….
(أمته هترجعي…..)
عبثت في أزرار الهاتف وكتبت….
(يعني كمان يومين…. بتسأل ليه؟…. ”
(يمكن عشان أنتي مراتي!)أجابه مبهمه باردة…
(هو أنتَ زعلان مني في حاجه ياجواد…..)

 

 

 

(لا)
(طب أنت مش مضايق اني هغيب الفترة دي….)
(براحتك يابسمة أنا مش همنعك تشوفي أهلك وتطمني عليهم….)
اوصدت عينيها بحزن فهي كانت تود بعض الاهتمام ولاشتياق لها مثلما تشتاق له دوماً ! لكنه باغته بالامبالاة وكأن وجودها مثل عدمة بنسبه له…..
(بسمة…)
(نعم…)
(بلاش تطولي هناك يومين ورجعي…..)
وكأنه سمع زوبعات أفكارها وشعر بنغزات قلبها الحزين ابتسمت برقه واجابته بنبرة ذات معنى…..
(أسبوع بكتير وهرجع…..)
(كتير يابسمة يومين بس كفاية….)
شعرت بلهفته عبر الرسالة وحتى تُزيد اشواقه لها كتبت له….
(أسبوع كويس ياجواد عشان دعاء تعبانه الفترة
دي و كمان الحمل بتعها لسه في بدايته….)
(حمل……..تمام فهمت…… مبروك…..)
(الله يبارك فيك …أنت معندكش مشكله لو قعدت الفتره دي عند دعاء صح ) ترددت في ارسلها لكنها
وصلت له على كل حال….لكنه رد على حين غرة بـ
(تمام يابسمة وقت ما تحبي ترجعي كلميني تصبحي على خير….)اغلقت الهاتف باستياء وبدون أن ترد عليه دلفت الى فراشها وشردت في شخصيته الصعب وصفها وعشق متعثر في تذوق حلاوة مذاقه معه، أأصبحت تطوق للذة العشق معه انسيت بدايتهم هل نسيت من يكون وماذا يعمل هل نسيت من هي وماذا تعمل هل غفلة عن علاقتهم التي تشبه السماء ولارض إبعاد ! هل تغفل وهل غفل هو عن كل هذا لا العلاقة تتعثر في الماضي والحاضر والمستقبل،
وقلبها هش المشاعر له حساباتٍ تختلف عن المنطق!……
______________________________________
بعد مرور عدة أيام…..
صدح هاتف بسمة بمكالمة هاتفيه تنتظرها منذ عدة أيام….
“الو أيوه….بجد شكراً يامروان تعبتك معايا طب العنوان إيه……آه تمام….”سجلت العنوان في دفتر
ورقي صغير ووضعت القلم جانباً وسألته بسرعة…
“طب قولي اسمه عوض إيه….عوض شحاته تمام تعبتك معايا شكراً يامروان أبقى عدي عليا عشان
تأخد الحلاوه….. تمام سلام….”
أغلقت الهاتف ونظرت إلى العنوان المدون في الدفتر
لعدة ثواني لتتنهد بتعب قائلة….
“عوض شحاته….يترى أي سبب إللي يخلي راجل كبير وعلى قد حاله والجامع يبقى بيته التاني
ان يرمي نفسه في سجن المؤبد ويعترف بتهمه معملهاش…..”
بدأت في ارتدى ثيابها على عجلة عازمة النية على الذهاب الى بيته قبل زيارتها له في السجن….
دلفت دعاء في تلك الأوقات وكانت بسمة تهندم ملابسها أمام المرآة….
“أنتي خارجه ولا إيه يابسمة…”
اومات لها بسمة مُجيبه….
“آآه يادعاء خارجه مشوار صغير كده ورجع على طول….”
“فين يعني…..”
تريثت برهة قبل أن تقول بهدوء….
“حاجة تبع الشغل يعني قضية بسيطة كده بظبط اجراتها….”
همهمت دعاء بعدم اكتراث قائلة….

 

 

 

“ربنا يوفقك ياحبيبتي وخدي بالك من نفسك…وبلاش تتاخري هنستناكي على الغدا…..”
قبلتها بسمة من وجنتيها وقالت بهدوء…
“مش هتأخر متقلقيش المهم خدي انتي بس بالك من نفسك وبلاش تتحركي كتير….”
كادت بسمة ان تفتح باب الشقة عرقل سيرها حديث دعاء قائلة…..
“صحيح يابسمة أنا كلمت ناهد صاحبتي وموفقه تعلمك الفنون القتالية وكام حركه من دفاع عن النفس ….”
إبتسمت بسمة بحماس….
“بجد طب قالتلك فاضيه أمته….”
“أي وقت تحبي وكمان قالتلي اديكي رقمها وهي تتفق معاكي على المواعيد…..”
مسكت بسمة الهاتف وقالت بدون تردد….
“طب هاتي رقمها….”
“اكتبي عندك ٠١……..”بعد أن املتها رقم الهاتف سألته بشك….
“بس مقولتيش يابسمة اي سر إنك عايزه تدربي على الحاجات دي يعني مش حاجه غريبة شوي عليكي…”
اجابته بسمة بعفوية….
“لا غريبه ولا حاجة يعني من الطبيعي أن الإنسان يدرب إزاي يحمي نفسه ويعتمد على نفسه من غير ميلجأ لسلاح …”
تشدقت دعاء بغرابة وبحاجبين معقودين…..
“يلجأ لسلاح ويحمي نفسه….كلامك غريب يابسمة
وكأننا في غابه ، انتي ناسيه ان البلد فيها قانون….”
“مش كاننا….. احنا فعلاً في غابه….” قالت جملتها وهي تفتح باب الشقة خارجه منه تحت انظار دعاء المصدومة من حديث شقيقتها الصغرة التي يشوبها
الغموض وكثرة الشك بأمر تلك الزيجة…..
_____________________________________
ترجلت بسمة من سيارة الاجرة وهي تطلع بعينيها مُتفقدت المكان حولها بتركيز …
حي شعبيّ بسيط أقل مستوى من المكان الذي تقطن به مع عائلتها الصغيرة…….
“لو سمحت ياحاج….”نظرت بسمة الى الرجل الكبير ذو الحية البيضاء الذي وقف ونظر لها بتحفز مُخفض
بصره في الأرض وهو يقول….
“ايوا يابنتي في حاجه ، بتسالي على حد….”
اومات له بهدوء وقالت بنبرة عادية….
“آآه كُنت بسأل على بيت عـ عوض شحاته متعرفش القيه فين….”
اكفهرّ وجه الرجل وتافف بانزعاج قائلاً….
“عوض….آآه بيته تاني شارع هيقبلك أول بيت على إيدك اليمين……سلام عليكم “ذهب الرجل من أمامها
بضيق وانزعاج واضح وبدأ بالاستغفار بكثرة والتوحيد بالله……
زفرت بسمة بتردد من إكمال سيرها لمنزل
(عوض شحاته)إلا أنها اصرت داخلها على الخوض
في هذا الظلام وكشف أسرار مزالت تجهلها….
فهي صاحبة أكبر روح مغامرة !….
لقبها جواد بهذا الإسم حين رآها لأول مره ولعدة مرات أخبرها أنها لديها شجاعة مُفرطه و روح
مغامرة، تعلم أنها عاشقة للمغامرات وللتغيير من حولها لكن تلك المرة الاولى التي تشعر أن خوض هذهِ المغامرة ليس هين وصعب الاستهانة به يجب أن تكون حذره أكثر….
اطرقت على باب خشبي متهالك فتحت لها بعد ثوانٍ
سيدة في منتصف الأربعينيّات ترتدي عباءة سوداء
ووشاح اشود فضفاض وجهها حزين بأس مجعد ليس
سنٍ بل هماً !….
” سلام عليكم…. انتي الست إحسان مرات عوض شحاته…. ”
اومات لها السيدة بعلامات جامدة….
“أيوه أنا انتي مين….”
إبتسمت بسمة ابتسامة مجاملة هادئة وقالت…
“أنا بسمة محمد الرفاعي محامية….”
اومات لها السيدة وقالت باستحياء…
“اتفضلي ياستاذ بسمة….”
دلفت بسمة باقدام متخبطة بهذا المنزل البسيط صغير المساحة ذو حوائط يحتلها شروخ عميقة فرش بسيط قديم منهمك تتناثر عليه هبات الزمن بقسوتها ! ….
“اتفضلي… معلش المكان مش قد المقام….” قالت إحسان جملتها بحرج وعدلت من موضع وشاحها الأسود قائلة….
“تحبي أعملك حاجة تشربيها….”
قالت بسمة سريعاً بنفي….
“ملوش لزوم ياست إحسان أنا كنت عايزه حضريتك في موضوع مهم…..”

 

 

 

ابتسمت إحسان بسخرية…
“حضرتي قوليلي يإحسان او يام شروق إللي
يعجبك…وبعدين انتي دخلتي بيتي يبقى لازم
تاخدي ضيافتك استني هعملك كوبية شاي هتحلفي بيها طول عمرك…….”اجبرت نفسها على ابتسامة رقيقة تكون الرد على بساطة تلك السيدة التي
مع العلم يظهر عليها الحزن والحمل الثقيل…..
وكأن بعض الوجوه كفيلة بسرد قصتها من عبر قسمات وجهها وليس فقط من محور عينيها !….
دلفت السيدة للمطبخ الصغير لعمل المشروب الساخن…..بدأت بسمة بتفقد المنزل بعينيها ليشد
تراقبها أطار صورة عائلية مُعلق على الحائط تجمع رجل كبير ذو لحية بيضاء ملامح بشوشة نقية، كأن مُمسك بيد فتاة صغيرة في سن الرابع عشر تقريباً وفتاة آخره تكبرها بعدة سنوات قليلة بجانب الفتاة الكبيرة سيدة بسيطة الملامح تبتسم بعذوبة وحنان، لم تحتاج لتتعرف أكثر تلك هي (إحسان)و زوجها
( عوض شحاته) الذي دلف لسجن بدلاً من (جواد) بعد أن أعترف انهُ مُدبر الحادث….
” ده عوض جوزي والكبيره دي شروق بنتي والصغيرة دي شمس بنتي…. “اخرجت اسم بنتها الصغرة بصعوبة وحزن….
التفتت لها بسمة بحرج وقالت…
” ربنا يحفظهم….. ”
لم ترد عليها إحسان بل جلست وسألتها بهدوء…
“خير ياستاذة بسمة موضوع إيه إللي عيزاني فيه….”
تنحنحت بسمة قبل أن تقول ….
“كنت عايزه اترافع في قضية جوزك
عوض شحاته….”
“تترفعي؟؟….إزاي دي القضية اتحكم فيها من خمس سنين وعوض بقله أكتر من خمس سنين بيقضي
الحكم ….”
“بيقضي حكم مؤبد في الجريمة إللي معملهاش…”كانت تود بسمة فتح الحديث بأي
طريقة وتلك الطريقة كانت الاسهل!….
اتسعت أعين إحسان بذهول وقالت بنبرة مُرتجفة خائفه….
“انا معرفش انتي بتكلمي عن إيه بظبط…..”
نظرت بسمة نحو أطار صورة لفتاة صغيرة في عمر الأربعة عشر عاماً وهي نفس ذات الفتاة التي في الإطار العائلي لكنها في تلك الإطار وحدها موضع على صورتها شريط أسود…..
اشارت بسمة على صورة وقالت بدون تردد…
“واضح إنك مخسرتيش عوض وشمس بنتك بس دا انتي كمان خسرتي نفسك وضميرك….”
نهضت إحسان بحدة وقالت بعصبية….
“انتي عايزه مني إيه بظبط أنا مش قده…..”
سألتها بسمة بشك…..
“هو مين ده اللي مش قده …..”
نزلت دموع السيدة وارتجف جسدها وهي تقول بتشنج…
“إللي كأن السبب في موت بنتي إللي كأن السبب
في الحوجا ليه… وإللي بسببه شهد عوض على نفسه بالباطل وكان مفكر نفسه بيعالج شمس من المرض
والفقر إللي نهش في لحمها كأن فاكر أن بيستر شروق وبيجهزها بجهاز يشرفها قدام أهل خطيبها إللي كأن كاتب كتابه عليها كان فاكر أن بيامن مستقبلنا وبيحمينا من الفقر رمى نفسه في سجن
دفع عمره إللي باقي عشان يشيل شيله مش
شيلته دفع عمره وشمس ماتت دفع عمره ببلاش
دفع عمره ببلاش ….”
“يعني إيه دفع عمره ببلاش….ومين ده إللي شيله الشيلة بالباطل…. ” سألتها بسمة بعدم فهم…
هزت السيدة رأسها برفض….
“أنا مش هقدر أحكيلك حآجه أنا مش قدهم دول هددوني ببنتي شروق وانا مبقش حلتي غيرها بعد شمس وابوها….. أبوس إيدك يابنتي اخرجي من هنا بسرعة…”
هتفت بسمة بدهشة واصرار…
“مش هخرج قبل ماعرف الحقيقة…ازاي جوزك سلم
نفسه؟ ومين إللي سجنه؟ بنتك ازاي ماتت ومين هو سبب؟ ويعني إيه جوزك اتسجن ببلاش؟ ولو جوزك أمن فعلاً مستقبلكم زي ماقال ليه لحد دلوقتي عايشين في البيت ده……”

 

 

 

هزت السيدة رأسها بعناد وعبراتها تنزل بدون توقف….
“معرفش معرفش…..اطلعي برا يابنتي وبلاش تيجي هنا تاني بلاش تصبينا بالاذى مش عشاني عشان خاطر بنتي…..”
نظرت لها بسمة باستياء…..
“الأذى الحقيقي سكوتك عيلتك كلها ادمرت بسبب سكوتك….اتكلمي اتكلمي واوعدك اقف جمبك ووصل
للعمل كده لسجن بايدي أوعدك…..”
“سبيها أنا هقولك على كل حاجة….”
نظرت بسمة خلفها لتجد فتاة تقاربها بالعمر تقف أمامها بوجه شاحب وعيون زائغة….
صاحت احسان بحدة…
“شروق ادخلي اوضتك…..”
إبتسمت شروق بتهكم وهي ترد على والدتها بحزن ودموع تسيل من عينيها….
“خلاص ياماما معدشي في حآجه تخافي عليها بابا مات النهارده في السجن مات والبراءه والحقيقة ماتت معاه…..
صرخت إحسان بقوة عدة صرخات متتالية ولطمت
على وجهها بقوة وبعويل وبدأت الصياح وانكار حديث ابنتها ….
أمّا بسمة فكانت في حالة من الذهول فالخيط الرفيع
تبخر في لحظة وبأس تلك العائلة يجبرها على الإنتظار قليلاً…..

يتبع

اترك رد

error: Content is protected !!