روايات

رواية سيرة الطيبين الفصل الأول 1 بقلم رضوى جاويش

رواية سيرة الطيبين الفصل الأول 1 بقلم رضوى جاويش

رواية سيرة الطيبين البارت الأول

رواية سيرة الطيبين الجزء الأول

سيرة الطيبين
سيرة الطيبين

رواية سيرة الطيبين الحلقة الأولى

كانت حلوة.. باعتراف كل اللي شافها قالوا عليها قمر اربعتاشر.. بس ايه يعمل الجمال مع حظ مش ولابد! كانت بت خمستاشر سنة لما الدنيا رسمت لها الطريق وقالت لها امشي عليه ملكيش غيره لا ينفع تتواربي يمين ولا تروحي شمال.. هي سكة واحدة مفيش غيرها.. وهي اللي زيها لها خيرة اصلا إلا قولة حاضر وطيب! بعد موت أبوها بمفيش أمها خدتها من أيديها وسلمتها لعمها.. سمعتها وهي بتقوله بتكم عندكم أنا جالي عدّلي وعايزة اتجوز والعريس مش راضي بالبت وانتوا أولى بيها..
يومها مبكتش وهي شايفة أمها مدياها ضهرها وماشية وسيباها.. حضنت شنطة هدومها وفضلت مطرحها.. مكنتش عارفة هي الدموع راحت فين! إزاي معيطتش وأمها فيتاها ورايحة.. بس حست بوجع جواها كأن روحها هي اللي بتبكي.. اكتشفت يومها إن اصعب بكا هو اللي ملوش دموع .. واكتر وجع فالدنيا هو وجع الجرح من يد حبيب.. الأيد اللي المفروض إنها تداوي وتطبطب..
عمها كان راجل صعب.. مكنش عنده تفاهم ولا بيحب يكرر كلمته مرتين.. كان خلاف أبوها الله يرحمه في كل حاجة.. ومراته كأنها شربت القسوة منه.. بقى طبعها من طبعه للأسف.. ومكنتش مجيتها عندهم على هواهم ولا كانوا عايزنها هم الاتنين.. وخصوصا إن عندهم ولدين .. رجالة أكبر منها.. دي بقى إيه عازتها وسطهم.. بس بقت خلاص بالنسبة لهم واقع مفروض لأن ملهاش غيرهم.. شر ولابد منه..
كانت بتتعامل وسطهم زي اللي عندها مرض معدي.. من بعيد لبعيد .. مكنش حد من ولاد عمها أول ما وصلت .. يستجري يكلمها كلمة أو يقرب من الطرقة الطويلة اللي اترمت في الاوضة الضيقة الضلمة اللي في آخرها.. كانت أوضة الخزين اللي كان الفيران بتزورها دايما.. اتنصب لها فيها سرير ومسمارين ع الحيط .. واتعملت لها أوضة والسلام..
وهي كانت راضية.. أهو سقف واربع حيطان يستورها.. ما أهو أصل الستر اللي اترفع غطاه عن روحها مع روحة أبوها وتخلي أمها.. تمنه غالي ولازم يدفع من أيام عمرها وصبرها..
عاشت سنين وحيدة وهي وسطهم.. بتتعامل زي اللي عامل عملة.. كانت بتستغرب من مرات عمها اللي كانت بتلاقيها بتتسحب بالليل لحد اوضتها عشان تتأكد إذا كانت في سريرها ولا لأ.. كانت بتبقى عاملة نفسها نايمة وهي شيفاها داخلة تتسحب بتدور في الأركان والجوانب.. مكنتش عارفة في الاول هي بتعمل كده ليه! لكن شوية بشوية بدأت تفهم.. ويا ريتها ما فهمت.. كانت فاكرة إن حد من ولادها بيجيها الاوضة بالليل.. ولما اتأكدت إن مفيش حاجة من الكلام ده مرتاحتش إلا أما كانت بتقفل عليها باب الاوضة بالليل بعد ما تدخل تنام .. وتفتحه عليها الصبح وهي بتقومها بزعيق عشان تصحى تعمل الفطار لرجالة البيت وتبدأ وصلة الشقا اليومي لحد ما تتحبس في اوضتها بالليل.. يومها بكت دموع قهر تكفي ليالى الوحدة وتفيض.. ومحدش هون عليها اللي حصل ده إلا هو ..
الأول مكنتش عارفة مين ده اللي بتشوف خياله من ورا إزاز الباب وهو بيحط لها الحلويات من تحت عقب الباب ويمشي.. كان كل ليلة يجي يحط حاجة وتنه ماشي.. مرة عسلية ومرة نوجة ومرة كوز درة.. وهي بقت تستناه.. ميغمضش لها جفن إلا لما تاخد هديته تحضنها وهي نايمة كأنها حاضنة الدنيا وما فيها.. كانت حاسة أن اللي بيهاديها ده كل يوم ومخلفش مرة ميعاده هو ابن عمها الكبير.. ارتاحت له من أول لحظة وقعت عينيها عليه.. حست إن هو مش زيهم.. طبعه مخالف طبعهم.. فكرها بطبع أبوها.. حنين وطيب.. لكن عمرها ما عرفت .. ولا هو بين نفسه في يوم .. ده بالعكس كان هو أقل واحد بيعاملها فيهم .. كان نادر لو كلمها حتى .. خلاف أخوه الصغير اللي كان بيكلمها وبيتشرط ويتأمر عليها .. وكل شوية هاتي وودي وجيبي.. لكن هو عمره ما طلب منها حاجة ..
فضل الوضع على كده لحد ما فيوم سمعت زغرودة عالية.. قلبها وقع في رجلها يا ترى في ايه! هو ابن عمها الكبير هيخطبوله! كانت فاكرة إن ده الطبيعي والمنطقي.. إن هو يكون أول الفرح.. ما هو البكري واللي أبوه بيعتمد عليه في كل حاجة في تجارتهم اللي ربنا كان مبارك فيها وكان هو اللي شايلها على كتافه وكان عادي إن يكون هو فرحتهم الكبيرة .. لكن اللي كانت ملحظاه إن بالرغم من ده كله مكنش على الحجر إلا الابن الصغير اللي طلباته كلها كانت مجابة ولو على حساب مين.. وهي كانت واحدة من الطلبات دي.. هو أمر وطلب وهم عليهم سرعة التنفيذ .. قالهم عايز بت عمي .. جوزهالي.. أمه قالت له عيني يا حبيبي .. لعبته الجديدة بعد ما خطب وفسخ بتاع أربع مرات .. ولما قال أنا عايز دي قالوله أنت تأمر من غير حتى ما ياخدوا رأيها ولو من باب الشرع والأصول..
يومها اسودت الدنيا في عنيها ومبقتش شايفة منها حتى وسع خرم الإبرة ضي.. دي كانت بتمني نفسها إن ممكن.. يعني ممكن.. في يوم تكون من نصيب اللي شاور عليه قلبها .. لكن الظاهر إن اللي زيها ملهمش إنهم حتى يحلموا ولا يشابوا على الحب اللي بعيد أوي عن دنيتهم..
زاد حمل الوجع على كتافها الصغار.. لما شافت إنهم بيجهزوها لفرحها زي الدبيحة.. لا اتجاب لها شبكة ونقت زي كل البنات .. فستان فرحها أمه اختارته .. وحتى الشقة اللي كانت متوضبة فالدور اللي فوق استكتروها عليها وقالوا يغيروا أوضة نومه وخلصت.. كانت حاسة إنها في كابوس مستنية امتى تفوق منه .. لكن الكابوس قلب حقيقة والفوقان جه على صوت الطبل والزمر وهم بيزفوها له.. عشان تستمر سلسلة الوجايع..
حتى امها اللي استنجدت بها عشان تاخدها وتوقف الجوازة دي اتخلت لتاني مرة .. بعتت لها مع مرسال حتى مجتش تشوفها بنفسها ولا تحضر فرحها.. عيشي .. ملكيش تختاري بره طوع عمك.. ده كويس إنه اختار يجوزك واحد من ولاده.. ويسترك في بيته على طول .. ومرماكيش لأي حد..
بلعت الكلام اللي كان أمر من الحنضل وفكرت فيه لقت إن أمها كلامها صح.. يعني كان اخرتها ايه.. هتتجوز وزير.. ما هو اكيد كان واحد من العمال عند عمها أو واحد تاني على أد حاله الله وحده اللي يعلم كان هيعمل فيها ايه .. اهي مستورة في بيت عمها .. ومخرجتش منه.. أما هو .. فبعد .. بعد أوي.. من يوم ما أخوه اتكلم عليها .. وقفت زيارته اليومية بالحلويات.. الونس الوحيد في قلب ليالي الوحدة .. والضي اللي كان بيتمرجح قصاد عيونها في عتمة الليل اللي سكن روحها.. ومبقاش بيقعد فالبيت حتى.. كان مسافر على طول .. وسع في تجارة أبوه في كذا بلد .. وبقى شبه السندباد اللي كل شوية حاطط رحاله فبلد شكل..
وعدت الأيام كلها شبه بعضها.. جوزها من أول يوم كان بعيد .. بياخد اللي هو عاوزه كل فين وفين .. وبيعافها بالاسابيع.. وعرفت شوية بشوية هم ليه اختاروها له.. ولقيت جواب السؤال اللي كان دايما بيلح على دماغها.. إزاي عمها أو حتى مرات عمها قبلوا يجوزها لابنهم الصغير ودلوعتهم.. مش كان الأولى ياخد واحدة من بنات الأكابر والتجار اللي عمها بيشتغل معاهم.. ويتمنوا يناسبوه! ..
زال العجب.. وبقت تبات كل ليلة وحيدة في اوضتها وهو سارح لحد الفجر ويرجع لها على حال غير الحال يرمي نفسه وينام لحد تاني يوم العصر.. ولا حد سأل ولا حد قال.. ايه اللي بيجرى.. هيسألوا ليه ما هم عارفين .. ومتأكدين إنها مش هتنطق ولا تعترض.. ده هم شايفين إنهم عملوا فيها جميل ميتردش..
مرت سنة على الحال ده .. والناس بدأت تسأل.. هو مفيش حاجة جاية فالسكة وهنشيل العوض قريب! .. وطبعا الرد المعتاد كان حاضر.. ربنا يسهل كله بأوانه.. والعيون كلها تتحط عليها.. ما هو أكيد العطلة من عندها.. والعيب منها.. لحد ما حصل.. لا تعرف امتى ولا إزاي.. ولقت نفسها حامل .. والعجيب إنها فرحت.. فرحت أوي كمان.. حست إن ربنا عوضها عن وحدتها بحتة منها تيجي تونسها وتخلي لدنيتها معنى ولحياتها طعم .. وهان عليها كل اللي راح لجل عيون الونيس اللي هينور عن قريب ويكون فرحة أيامها بجد .. واهو كله كان بيعدي .. زي ما العمر أيامه بتولي من غير استئذان.. وجلها خبر خطوبة ابن عمها الكبير.. عرفت إن أبوه ضغط عليه بسبب مصلحة كبيرة كانت هتعم عليهم بخير واسع إنه يخطب بنت تاجر كبير.. راحت معاهم بحكم إنها مرات أخوه الصغير.. وشافتها.. بدر منور تليق بسيد الرجالة.. واتمنت جواها إن ربنا يسعده .. زي ما كان سبب في سعادتها ليالي طوال عطف عليها فيهم وطبطب على قلبها بهداياه.. وبدأوا تجهيز الشقة اللي فالدور اللي فوق له هو وعروسته بنت الحسب والنسب.. وولدت هي .. ولد زي القمر .. خد كل ملامح أبوها.. فلقيت فيه العوض بجد .. حتى مرات عمها اتغيرت معاملتها لها شوية بسبب حفيدها اللي مكنتش تحمل عليه الهوى الطاير.. وكان عندها يسوى الدنيا وما فيها..
اتقام فرح ابن عمها الكبير على سبع ليالي .. ولا ألف ليلة وليلة.. لكن قبل الفرح بليلتين بالظبط .. حصل اللي لا كان على بال ولا خاطر ..

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سيرة الطيبين)

اترك رد

error: Content is protected !!