روايات

رواية أترصد عشقك الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت السابع والثلاثون
رواية أترصد عشقك الجزء السابع والثلاثون

رواية أترصد عشقك الحلقة السابعة والثلاثون

ظلام

 

ظلام غلف عالمه وتفشي في أرضه

 

شعاع الأمل اندثر
وحل محله العتمة، والوحدة
أمواج الخيبة وآنات الوحدة تكاد تفتك به
الأمر وللسخرية أنه لم يعد يطاق الوحدة التي زارته مرة اخرى
الأشباح ليست خرافات، أو عالم وهمي يخدعون به الأطفال
فالأشباح تستطيع زيارة الكبار ايضًا مسببين لهم نوبة ذعر يكاد يقتلهم أحياء.
بقى وحيدًا في أروقة المشفى الكئيبة الباردة، والبرد ينخر عظامه ولكنه ابى التفوه بكلمة واحدة وذاكرته تستعيد عبق ذكريات دافئة لم يكن يتصور أنه سيذكرها
هي وشمسه في صورة بهية، كأم بأفعالها وهي لم تنجبها من رحمها مع طفلتها، ليغلق جفنيه وصوت الضمير يصمته
بل يخرسه بحدة
لن يستسلم لذلك الانجراف ابدًا
لكن الانجراف كان أشد ليجرفه معه إلى أشد الذكريات الحالكة
يمكث بمفرده داخل غرفة من أربعة جدران باردة لا حياة فيها، حتى بأثاثها الثمين لكن الروح فقده مصدره كحال القصر، وهو يعامل كمهمش
اعتصر قبضة يده بعنف لتبرز عروق يده النافرة وهو يهوى بكل عنف يلكم الحائط
كيف استطاع وتجرأ أن يجعل طفلته تعاني ولو جزء يسيرا مما عاناه بمفرده
كيف يتركها بمفردها، داخل شقته ومع مربية حمقاء، رعناء اهملت في صحتها واصابت صغيرته ضعيفة المناعة التي التقطت العدوى منها لتصاب بعدوى برد جعل تفقد الكثير من السوائل في جسدها هذا مع وجود التهاب في معدتها، والعديد من ترهات الطبيب الذي لم يفهم كثيرا ما قاله
كل ما قاله أن الفتاة كانت على وشك الموت من قلة الاهتمام والرعاية الكافية
بل تقريع الطبيب عن اهماله كأب جعله صامت ولم يستطيع التكلم بحرف وعينيه تراقب الصغيرة في الفراش ومحلول تغذية معلق في جسدها مع رعاية طبية كافية
أرخى رأسه ليضع كلتا كفيه على رأسه محاولا الاستفاقة من غيبوبة الصدمة التي كبلت أطرافه وقيدت روحه
لكن بلا جدوى الذكريات تعود كشبح خبيث يتغول، ويتسلل رويدا حتى يصل لمكانه المنشود ويضرب في الوتر الحساس الخاص به
ذكريات ماضية، كان يصفها بالهدوء ما يسبق العائلة
عائلة أقل من مثالية مكونة من ثلاث افراد، تسربوا من يديه كما تتسرب الرمال من بين الأنامل!!!
من فرح التي فرت هاربة من التطبع به، وتوقفه عن تقفي اثرها جعله حتى الآن لا يعلم ما كان يفكر به ليتركها دون معرفة وجهتها التالية!!
ثم من بين تخبطاته نسي شمس التي تركها تواجه العاصفة بمفردها دون أن يهم حتى بتخبئتها وجعلها تمكث داخل أحضان عائلة الغانم
فلا وقاص سيرفض ولا حتى رهف، يكفي أن العائلة تتقبل صغيرته كونها الحفيدة الأولي لتلك العائلة، ولن ينكر تفاجئه من وقاص الذى اكتشف بالصدمة انه قرر ان يكتب بعض من أسهمه باسم الصغيرة ، لم يحاول التحدث مع وقاص ومعرفة السبب!!
لكن اللعنة.. كل شيء تدمر، ها هو قد دمر المنزل واحرقه بيديه واصبح ماذا
وحيدا!!
أم مخذولا
أو نادمًا ؟!!!
نفى برأسه عدة مرات، الندم لا يطوف فوق سمائه الملبدة بالغيوم، ولا حتى مع هطول الغيث.
تربيته خفيفه على أحد منكبيه جعلته يستفيق من دوامته السوداء، ليرفع رأسه بصمت شديد ينظر إلى الذي عكر سوداوية مزاجه وما ان رأى أسرار التي تقف أمامه و انفاسها اللاهثة وكأنها قطعت ميلا راكضة نحوه جعله يجز على اسنانه ساخطًا مشيحا بوجهه للجهة الأخرى
حتي أسرار لن تسلم من أذيته التي يقسم انها لن تكون متعمدة
لكنه للأسف مرض خبيث يؤذي أقرب المقربين له
فالأمر بدأ من رهف ثم الهاربة وشمسه وسينتهي ببوصلته أسرار!!
اغرورقت عينا اسرار بالدموع لتهزه بقوة قائلة بحدة
-نضال
لكن لم يبدو على الأخير أي ملامح للحياة وهو هائم في حياة بعيدة كل البعد عن حياة الواقع، لكزته أسرار بقوة تفيق ذلك المختل من أوهامه الخاصة التي تقسم انه يخلط ماضيه بحاضره وسيقتل بها مستقبله و يؤذيها ويؤذي عائلته
انفجرت تقول في وجهه بحدة
-نضال فوق وفهمني ايه حصل
تلك المرة رفع رأسه وهو ينظر الى مقلتيها، والزرقة التي لم تكن صافية.. بل حزينة، ملبدة بالدموع كحال عالمه غائم، كئيب بغمامات الوحدة
– نضال
نطق اسمه باستنجاء جعله للمرة الأولي يرفع رأسه عنها وهو ينظر للإرجاء بجواره ليعود ببصره نحو أسرار المجنونة، التي تود حتما خسارة جنينها بتهورها الغريب
وهذا لن يسمح به نهائيا
يكفي ما سببه لمن كانوا بالقرب منه
أيستمع صوت تأنيب ضمير ثم ما هذا الصوت؟!
هل هذا الندم؟
هل يسيطر عليه مرة أخرى؟!!!!
وماذا عن فرح
اغمض عينيه بقوة… وعقله الذي يتخطاها منذ أسبوعين خذله
كل ما بها من حالات بكاء وفرح وسعادة غامرة بأقل ما يفعله
توسلاتها لحبه وغيرته الغبي وأفعاله المتهورة لها جعله يغمغم بصوت أجش
– راحت مني
صوته الكسير جعل أسرار تنفجر في البكاء الصامت وهي لا تصدق الرجل الشبح الذي أمامها، لا يصدق حقا ما يحدث
جلست في مواجهته وهى تعيد تتوسله لعودة نضال الذي تعلمه مرة اخرى
– نضال
مرر يده على خصلات شعره ليحاول بيده على ذقنه ثم يقول بنبرة مميتة
-الكل راح يا أسرار
رفع عيناه وهو ينظر اليها تنفجر من البكاء، ولأجله؟!!!
اللعنة على قلبه، لولا فقط أنها أصبحت زوجة ذلك المزعج لأحتضنها
لكن زوجها الأحمق يقف له بالمرصاد، الأحمق لا يصدق انها اخته التي لم تنجه له امه، بل اخت ولدت من رحم معاناته وشقائه.
ضربته بقوة على صدره لتصيح بانهيار تام
-نضال متوجعش قلبى، مش متعودة عليك يشوفك مكسور
جذبته بقوة من ياقة قميصه تهدر في وجهه بحدة، تمده بالصلابة التي هو في غنى عنها الآن
كيف وشمسه الوحيدة غامت خلف السحب تاركة إياه ، كانت قاب قوسين أو أدني من رحيلها الدائم
كيف يتحمل كل تلك الصدمات تباعا، لم يعد يتحمل .. ولا يرغب في المزيد من احزان الجميع، اجابها بصوت بارد خاوي من أي ذرة مشاعر
-الكل مستني لحظة انكساري يا أسرار، انكسار نضال الغانم
هزت رأسها نافية عدة مرات، على ماذا تكذب أسرار
تلك هي اللحظة المنتظرة من الجميع.. ألم ينتظرونها
هنيئا لهم بها، لقد حدث
لقد انكسر تماما
افاقته صفعة خفيفة على خده الايسر واسرار تعيد جذبه من ياقة قميصه لتهدر بحدة في وجهه
-البنت هتبقي كويسة انت بس ارجعلنا
التوسل في آخر كلمتها جعله ينظر إليها ببعض التجهم ليقول بسخرية مبطنة بالألم
– محدش عايزيني في حياته يا أسرار الكل بيخاف مني
جذبت ياقة قميصه تسمح له بمواجهتها، تنظر إليه من عينيه المنطفئتين لتصرخ قائلة
– انا عايزاك، رهف عايزاك .. وقاص عايزك
تجلده دون هوادة وهو يتحير فعلا في وصف وقاص
في لحظات يشعر أنه لا يحبه ويكرهه، ولحظات يراه يحاول ترميم الماضي
لكنه يبتعد، ويبتعد ويجعله يتشتت، عض على نواجذه وهو يهمس ببعض الجفاء
– وقاص .. وقاص حامي العيلة
هم التحدث ببعض القذارة مخرسا أي نداء حي من عينيها اللائمتين أو من ضميره
ولماذا ضمير وقد قتل ضميره بيديه، لكن صوت خشن اوقفه
– أسرار
شهقة خافتة تبعها تورد في الوجنتين جعل اسرار تترك ياقة نضال لتنتفض مستقيمة من مجلسها وهي تري سراج ينظر اليه بعينين شرستين محاولا الأفتاك به لتقترب اسرار هامسة منه بصوت خفيض
– انت جيت ازاي
الحرج الذي سيطر عليها وارتباك صوتها جعله ينظر إليها بلوم شديد ليهبط ببصره نحو بروز بطنها ثم إليها، الحمقاء المغفلة لا تكف عن إيذاء جسدها وجنينها، ليهمس بصوت خشن
– ابعدي عنه
اتسعت عينا اسرار باستنكار تام لتقول بدهشة
– سراج انت بتقول ايه
لم يلتفت لها كثيرا وهو يقترب من الاخر، وقد سئم حقا من تلك اللعبة التي يمارسها عليها
يجعلها تخرج من المنزل وعملها وتتفرغ له ولكأبته وتشجع مرضه لينتشر، جلس على المقعد وقال بسخرية لاذعة
– وانت عايزنا نشفق عليك وانت مكسور ومتخاذل مش كدا، نتعاطف مع نضال عشان مر بطفولة بائسة وعديناها، لكن لما تيجي انت تبعد عن اللي بيحبوك وتنسي أمرهم وتكبر دماغك القذر ده فى سبيل انهم يموتوا من دونك ولما تنجح بتحس بقي .. بالوجع !!
اشمأزت ملامح سراج تقززا مطالعا الرجل الذي أمامه ليهتف بتقزز
– ايه البجاحة اللي انت فيها دي
لم يكلف نضال نفسه عناء للرد عليه، لتقف اسرار في مواجهته قائلة
– سراج مسمحلكش
نظرة زاجرة
اتبعها بمعاتبة، لتلين حدته ويقل تجهمه وهو يطمئنها بنظرة عينيه محاولا تهدئتها ليلتفت نحو الرجل الذي قرر أن يصبح اخرسا في الوقت الحالي
– انت عارف ايه اللي مصبرني عليك مش عشان علاقتك الغريبة والشديدة بمراتي لأ، لأني بشوفك زيها للأسف محتاج نفس الرعاية والاهتمام وعندكم نفس الدماغ الناشفة وتستكتروا تطلبوها من حبايبكم
مرر نضال أنامله في خصلات شعره وهو لا يعلم من أين جلب هذا الرحل ذلك التحليل له، مال برأسه ناظرا إياه بحدة لتضيق عيناه قائلا
-خلصت تحليل
هذا ما توقعه، لينظر نحو اسرار التي تتوسل منه الهدوء
لكن أي هدوء تطلبه منه، وذلك البارد جالس أمامه، انه يذكره بها تماما في بداية زواجهم
صاح بنفاذ صبر وهو يحاول أن يلين راسه
– مخلصتش بس اعتقد كفاية الدور ده، لازم تحاول تفضفض اللي جواك وتبتدي صفحة جديدة
وليلعب على الوتر الحساس، أمسكه من نقطة ضعفه وجذب انتباهه
– بنتك المرة دي كانت معاها واحدة، الله أعلم بتفكيرك الغريب ده لما ناوي تمشي وتسيب البيت هتعمل ايه من غيرك
لم يفته النظرة القلقة في عيني نضال ليشيح بوجهه جانبا، مخبئا مشاعره ويحاول لملمة بقاياه امام اعين الغرباء ليشعر به يهمس بصوت منهك
– لطالما بتتوجع كدا بتوجع قلبهم ليه
لأنه أحمق وغبي
هكذا أجاب دون أن يجرؤ على التحدث بحرف، لكن أجاب عليه بجفاء
– لاحظ أنك بدأت تاخد عليا
ابتسامة ساخرة زينت محيا سراج الذي بدأ ينظر لنضال بصورة مختلفة
التحكم في أعصابه من تعليقاته المستفزة لا يستطيع شخص بشري تحملها على الاطلاق
لكن ماذا يفعل وهو يرى أمامه صورة ذكورية ونسخة طبق الأصل من زوجته ليقول
– لازم تتقبلني في حياتك، عشان الست اللي تهمك تبقي مراتي وتهمني اكتر منك
لعبت ابتسامة مقتضبة لم تكد تزين محيا نضال إلا أنه عاد للوجوم مرة أخرى وهو يلعب على وتر حساس
– وتفتكر الراجل بيبقي مجنون على الست الحامل ليه، عشان شايلة خليفته بيعاملها كـ
انتفضت عروق سراج وهو يعلم كلام الحقير المبطن، استقام من مجلسه يهم بقتل ذلك الأحمق، إلا أن أسرار لم تتحمل تلك المهزلة التي تحدث أمامها لتصرخ في وجهيهما
– نضال .. سراج، بطلوا بقي الشغل ده، محدش يفكر فيكم انا هختار حد على حساب التاني، اوعي حد يحطني فى الاختيار ده نهائي
بدا الرجلين حائرين ومرتبكين في ان واحد، الا ان نضال اول من كسرالصمت وهو يقترب من سراج هامسا
– عاجبني انك لسة محتفظ بروح أسرار القديمة
هز سراج رأسه يائسا ليجيبه بنفس الهمس
– انا مكسرتهاش، انا كل اللي عملته اني اتقيت ربنا فيها وعاملتها بما يرضي الله
تجهمت ملامح نضال مرة أخرى، وتحفز جسده محاولا دحض أي ذكري تطرأ على خاطره الآن
كله بسببها هي
لو لم تذهب لما….
اللعنة، صرخ بها بين جنبات عقله، لما لا ينفك وينساها ولو لمرة!!!
انتبه على ربته على كتفه وهو يقول بنبرة مهتمة صادقة
– اهتم ببنتك احسن من كدا
رغم ان نضال استشعر اهتمام سراج الصادق، لكن هذا لا ينفي شعوره بالضيق وهو يسمع نصيحة من رجل مثله، رجل لم يحاول إخفاء مشاعره ومصالحه زوجته التي هربت من وجهيهما، صوت صراخ انثوي باسم صغيرته جعله يغمض جفنيه بيأس شديد ليرفع كلتا اصبعي السبابة والابهام مارا إياها على جسر أنفه
– شمس
جذبة عنيفة من ساعده جعلته يلتفت ببرود ناحية صاحبة الصوت ليرى الدموع تنهمر من عيني مارية وهى تصرخ في وجهه
– شمس حصلها ايه احكيلي
ضاقت عينا نضال للحظات، ليسألها ببرود دون أن يهتم بالاجابة على سؤالها
– مين قالك
يعلم نضال الإجابة، فالخبر أن وصل لأسرار فهذا يعني أنها أخبرت العائلة، ومن زوجة حامي العائلة فالخبر وصل لمارية بالطبع، اندفعت مارية تضربه على صدره بحدة قائلة بانهيار تام
– مش مهم مين قالي، شمس حصلها ايه، انا ادتهالك عشان تراعيها مش عشان تهملها
نكس نضال رأسه ضاما كلتا يديه في جيب بنطاله سامحا لها بإطلاق مشاعرها الثائرة للعنان، فبرغم كونه أب سيء وهي ام سيئة لكن ما ذنب الصغيرة كي تأتي للعالم مع والدين مثلهما
غمغم بصوت أجش أودع فيه كل بروده
– هتبقي كويسة
اتسعت عينا مارية بجحوظ لتنفجر في وجهه هادرة
– هتبقي كويسة!! الدكتور قالي لولا انه لحقوها كانت البت هتموت، يعني انا كنت خايفة وقررت اديها لحد يهتم بيها دي جزاء اللي عملته ليك يا نضال، تخلي البنت بين الحيا والموت
شخص اخر يقوم بقرعه بطريقة لم يستطيع تحملها، عض على نواجذه وهو يجيبها بكل ما أودع فيه من جفاء
– خمس ايام وهتبقي كويسة، الدكتور قالي كده
هزت مارية رأسها وكل يوم تتأكد انها كانت مخطئة في حقه، حتى الفرصة التي اعطتها له لم يكن يستحقها، لترمقه بازدراء قائلة
– يا بجاحتك وبكل برود بتقولي كدا
بالكاد تحمل سخريته واستهزاءه
لكن يسخر ويتكلم ببرود في مصيبة كتلك، لولا اتصال فريال لها مخبرة إياها عما سمعته من أخبار وخروجها كالمجنونة في الصباح الى المشفى كي تتأكد ان ما حدث مجرد خطأ
نضال لن يترك ابنته تعاني وحشة الألم والوحدة وهي في ذلك العمر!!
لكن الأحمق، الغبي الذي ظنته سيساعد ابنته ويجعلها مكتفية بالحب والدعم الذي تفتقر هي لإعطائه
لكن يؤكد لها
انها اخطأت في تقدير شخص مثله
وان كان هذا اخر ما جعبته فقد صعقت حينما تخطاها قائلا بجفاء شديد
– مش فاضيلك
اتسعت عينا بذهول انقلب بعدها لصراخ هادر
– يا حيوااااان
واتبعها بالسقوط
والاستسلام لأشباح الماضي لإعادة تنغيص حياتها!!
****
جالسا على المقعد بتفاخر شديد محاولا وضع صورة دقيقة للعريس الذي أمامه
مال غسان قليلا برأسه ومقلتيه الخضراوين يتفحصان بدقة شاملة، ووافية لعريس ابنة خالته
تلهف الرجل نحو الباب بين كل فينة والأخرى، ثم والدته التي تثرثر في مواضيع شتي كاد أن يفتك برأسه كله لا شيء وهو ينتظر العروس كالآخرين
يري صاحبة الملامح الشامية ولسانها اللاذع بلهجتها القاهرية
لا يعلم ما يفعله هنا الان، كالأحمق اندفع بتهور للذهاب مع والدته وأصر وعاند كالبغال وهو يمارس سلطته كونه الرجل الأكبر في العائلة، ونحي نزار جانبا
فهو الأكبر، ورجل العائلة
أليس هذا هو وضعه ومركزه
وكون وجود خطيب محتمل لأبنة خالته وجب عليه أن يكون هنا يستقبل العريس المحتمل مع عائلته، يرمي ابتسامات مجاملة وهو يكاد يحفظ يديه في جانبيه كي لا يقتل ذلك السمج ووالدته الأخرى
من أين مصيبة هذا الرجل اتي، لتجعله مفضوح لتلك الدرجة متلهفا لرؤية ملكة الجمال!!
ابتسم بسخرية وهو يعيد تكرار جملته التي لا ينفك ويعيدها مرارا
– اهلا وسهلا نورتورنا
ربتت والدة العريس على ساقي ابنها وهى تزجره بعينيها من كثرة رفع رأسه للباب، لتتابع بابتسامة واسعة جعل غسان يضيق عينيه بتوجس
– منور بأهله
خبط غسان بحنق شديد وهو يضرب كلتا يديه على فخذيه، سائلا من الله الصبر كي تنتهي تلك الجلسة، اقترب من العريس سائلا إياه بهدوء مصاحب قبل العاصفة
– بس بدي اسالك استاذ مصطفى كيف عرفتا لبيسان
وكما توقع
عينا الرجل التمعت ببعض الظفر كما لو أنه فاز باليانصيب والابتسامة المستفزة التي زينت ثغره كاد أن يمحيها وهم بالفعل بالقيام الا ان نظرة واحدة زاجرة من أمه
عاد الوحش داخل مخدعه، ليسمع إجابة المستفز
– فى الحقيقة يا أستاذ غسان الانسة بيسان تبقي زميلة عمل ليا واول ما جت الشركة طبعا كانت مثال للأخلاق والأدب
انسلت من شفتيه ابتسامة ساخرة ليغمغم بصوت خفيض
– بلشنا كزب ونفاق من اولتها
هل يكذب الرجل عليه وهو أدري بأبنة خالته، المرأة فقط لسان طويل يقذف شتائم مصرية اغلبها لا يعلمها، لكن بالتأكيد لو علم كلها ما ترك عظمة واحدة سليمة فيها، انتبه على صوت أمه
– غسان ابني
هم بالنطق والرد بوقاحة، لكن لسانه ألجمه الصدمة لتنفرج شفتيه بصدمة كاملة وهو يرى صاحبة اللسان الطويل دخلت المجلس
لا ينكر دهشتها بوجوده أعقبها تهجم في ملامح وجهها وهى تقدم بعض الحلويات لعريس الغفلة ووالدته تبعها بتقديم الاطباق لوالدته ووالدتها وحينما قدمت الطبق له لم يعير لها بالا ولم يحاول اخذ طبق الحلوى ليلتفت نحو العريس الذى تحولت عيناه للجشع والنهم الشديدين متفحصا بدقة شديدة لمنحنيات ابنة خالته جعل غسان يضم قبضة يده وهو يسأله بخشونة
– فهمان عليك بس انا عم اسال ايمتا بلشت علاقتكن
جزت بيسان على اسنانها، محاولة النظر نحو والدتها ومساعدتها للتخلص من ذلك اللزج، متى قامت بدعوته هي
هي فقط طلبت خالتها وليس شيء آخر
هسهست بغضب وهي ترمي طبق الحلوى الأخير بين يديه الذى تلقاها بهدوء
– وانت مالك
قاطعها بخشونة قائما من مجلسه بعد أن وجد المقعد الشاغر فقط أمام ذلك المتحرش، ألزمها الجلوس في مقعده وهو يزجرها بنبرة خفيضة
-هسسسس، انا الزلمة هون وانا يلي بحكي
اتسعت عينا بيسان بذهول قبل أن تلتمع خضرة عينيها بجنون وهى تهسهس بغضب
-انت اتجننت، يا خالتو انتي جبتيه ليه ده
تلونت كلتا وجنتي فاطمة وعايشة أمام الضيفين اللذان ينظران للمسرحية الهزلية أمامهم بتعجب شديدين، ليجلس غسان بهدوء شديد أمام العريس الذى خابت كل توقعاته ويشعر انه لن ينفرد ببيسان ليقول ببرود شديد غير مكترثا بالضيفين الذين امامهما
– له له يابنت خالتو بيصير يجي شب يتقدملك بدون ماكون موجود
ضمت بيسان يديها محاولة عدم التهور والتحدث بحماقة، اللعنة هذا ما ينقصها في جلسة تعارف
لتحاول الجلوس على المقعد الخاص به قديما، وهى تتكلم بشفتيها دون أن يخرج صوتا له
– وانت مالك يا غلس انت، اصلا وجودك غير مرغوب فيه
انفرجت عن شفتيه ابتسامة ظفر، وهو يشعر انها نست كونها عروس خجول يجب أن تعجب والدة عريس الغفلة، فيبدو المرأة لم يعجبه تمردها ولا حتى تصرفاتها التي من الممكن أن تخجلها في المستقبل، ليجيبها بنفس الهمس
– عجبك ولا ماعجبك انا الكبير هون انا اكبر من نزار، يعني انا يلي بقبل او برفض اوكي
هزت بيسان رأسها رافضة بشدة، لتستقيم من مجلسها بحدة وهى توجه انظار تجعل غسان يكاد يقسم انها ستحرق منزلها بالكامل وليس هو ليسمعها تتحدث بحنق
– عن اذنكم
ولكن عينيها آمرته باللحاق بها، الا انه لم يلحقها بتلك السرعة
بل جلس وتلكئ قليلا في مجلسه دون التفوه بحرف، ثم استقام من مجلسه وهو يطمئن خالته ووالدته ليلحق بتلك المجنونة
دلف للمطبخ حيث تنتظره صاحبة الخصلات الكستنائية واللسان الطويل، تفاجأ حينما رآها ممسكة بالسكين الحاد مشهرة إياه في وجهه، مقتربة منه
لحد الإغواء
والخطيئة!!!
والله وحده يعلم ما الذى جعله يقف عاجزا عن كبح جموحها، تحاصره بجسدها اللين والسكين ترفعها في وجهه ومحصور في الخلف من رخام المطبخ البارد
لكن أين البرد وهو يرى تلك الشعلة المتلألئة في عينيها، تضرج وجنتيها بالحمرة وهي تحدثه بحدة
– اسمع بقي عشان شغل اللي بتعمله ده انت حفظاه وفهماه كويس
أدخل كلتا يديه في جيب بنطاله لينظر الى السكينة ثم اليها، وانتعاش خفيف أثلج صدره
كونها تتشاجر في يوم هام بالنسبة للفتيات مع اكثر رجل تبغضه في حياتها، بل وتأمره بكل شراسة أن يبتعد عن نطاقها
أي نطاق ترغبه، وهو رغما عنه يسير خلفها منساقا لا حول له ولا قوة، نظر الى السكين ولا يرغب حتى بتشيت ذهنها للوضع اللذان به حاليا ليهمس باستفزاز
– أي ياشاطرة نزلي السكينة من ايدك
تبعرث بعض خصلاتها الشقراء ليزداد جموح صورتها في عينيه، عيناه تتأمل بشغف شديد للصورة التي بها
كمحاربة شرسة ترفع سيفها وكرامتها مصانة فوق رأسها، لا تنحي بخزي ولا تراجع
صورة امرأة لا تستسلم، بل تعامل أي شخص يتخطى حدوده بالند الشديد
ومقارعة حتما ليست في صالحها، لكنها لا تعترف الهزيمة بسهولة
صاحت بانفجار شديد ونصل السكين يقترب من رقبته
– اطلع برا مش عايزاك تبقي موجود وسطنا
ألقي نظرة نحو السكين ثم نحوها ليسألها ببرود
– واذا ماطلعت
انفجرت تصرخ بحدة وبرعونة شديدة كادت أن تودي بحياته بحركة خرقاء لولا يده التي امسكت ساعدها بخشونة، لكنها لم تكترث ليده المطبقة على ساعدها ولا للسكين الذى سقط بل تركزت على اخراج غضبها منه في وجهه
– غساااااان، عايز ايه مني هااا، حتي بيت خالتي مبقتش اروحله
لؤي يديها خلف ظهرها ليسألها ببرود
– بدك تقنعيني انو انت ماعم تجي لعنا منشاني مو منشان نزار
اتسعت عينا بيسان وهي تفهم الى ما يرمي إليه ذلك الغبي، هزت رأسها رافضة عدة مرات الا انه يستفزها، بل يختبر مقدار تخطيها للأمر
– لو مفكرة بعملتك هي بدك يخليه يغار فبحب قلك انت غلطانة
رفعت يدها الأخرى تهم صفع وجهه الا انه امسكها ولوي الأخرى بجوار شقيقتها، وانقلبت الأدوار لتصبح محاصرة بين طاولة الرخام الباردة وبين جسده
-اخرس
تتلوي بعنفوان شديدة، رافضة ذلك الحصار الرخيص، وتنفي كلماته الحقيرة
– انا مش بفكر فيه انا مش متوقعة ان تفكيرك صغير للدرجة دي، نزار كان ماضي وانتهى محصلش نصيب وهو لقي نصيبه مع حد تاني انا كمان يشوف نصيبي
تأوهت بألم أثر جملتها الأخير حينما قبض بعنف على ساعديها ليقترب منها منفجرا في وجهها
– لك شو بدك بواحد متل هاد اه
ويسألها الآن
ماذا يريد هذا المختل بعد، صاحت بنفاذ صبر
– انت عايز ايه ، مفيش حاجة عجباك ابدا أقرب مش عاجب ابعد مش عاجب
ضيق غسان عينيه متفحصا وجهها المتورد، والى فستانها الأزرق الشاحب بشئ من الجنون، وقد تعمدت بهذا الفستان اظهار كامل أنوثتها امام عريس الغفلة الذى ينهشها بعينه وإلى أمه التي تنظر باستحسان بالغ الى تفاصيل جسدها، سألها بمواجهة
– بيسان انتِ.. انتِ عم تهربي مني
ضيقت عينا بيسان لتحافظ على الصمت لبرهة محدقة نحو عينيه، دون التجرؤ على إجابة سؤاله، لتجلي حلقها هامسة
– انا بجد تعبت، انا رايحالهم
خطوة واحدة فاشلة، اقرب للميؤوس منها للتخلص من حصاره، إلا أنه منعها بجذبها مرة أخرى بعنف آنت بسببه، لتهم بالصراخ في وجهه الا انه اجبرها للرؤية داخل عينيه
أمواج عينيه الخضراء تعاكس الخضراء الراكدة خاصتها
همت بالتحدث او الانفلات والابتعاد عن هذا الحصار الا انه اجبرها على النظر إليه
الانتظار من اجل حديثه
– بدون لف ودوران بيسان جاوبيني
لم تستطيع الرد
نكست رأسها لثواني محاولة التخلص من ذلك الضعف والهوان الذي يصاحبها في حضرته، وهذا تنبذه نهائيا
لن تكرر الأمر
كون هناك شبه بين الأخوين، واختلاف شخصياتهما، لن يجعلها تقع في نفس الخطأ مرة أخرى، رفعت رأسها والتوسل يقطر من شفتيها
– ارجوك خلي الموضوع يمشي، متطفش الراجل
اتسعت عيناها بذهول قبل أن تنفجر ملامح وجهه بغضب شديد ليهزها بعنف قائلا
– مابستاهلك
رمشت اهدابها عدة مرات، وقد فاجئها رأيه الصريح لتهمس اسمه بتيه
– غسان
صاح بأصرار شديد وهو يقول بصراحة تامة
– اي شبك عم احكي عنجد ،شايفك بس بننت شامية بتجنني ، مو شايفك غير من برا متل ولد صغير عجبتو لعبة بدو ياها ليتباهى فيها
صمتها وهى تحدق نحو عينيه وكأنها تحاول الوصول الى ما بعد ذلك جعله يغلق كافة اختلاجات قلبه، ليراها تقول ببساطة شديدة
– يعني ده اعتراضك
سألها باستنكار تام
– معقول توافقي
هزت رأسها بلا مبالاة لتقول ببرود
– عايز تنكر وتقولي انك متحلمش تفكر تتجوز واحدة حلوة وشقرا وعيونها ملونة، يعني دي امنية أي راجل يتجوز واحدة ملامحها مقبولة ما بالك بملامحي انا
نظر إلى جيدها العاري ثم الى ملامحها الأنثوية التي تصرخ بالجمال، هو رأى الجميلات وأكثرهن جمالا، بل واعد الكثيرات.. وكانت مجرد صداقات خفيفة لا أكثر ولا أقل
مجرد مشاركة احاديث وهموم، ليميل نحو اذنها هامسا بخشونة ارجف بدنها
-انا شب حليوة وعيوني ملونة لي لدور على وحدة شقرا ليكي بيسان انا لما بدي اختار بنت بدي اختار وحدة تخطف ألبي ،عيوني ماتشوف غيرها،السكينة تغمرني مجرد ما انطق اسمها ،تغمرني بحبها غمر تسكن روحي وألبي وكياني كون انا هي وهي انا
انفرج شفتي بيسان لتغمض جفنيها ولكنته الشامية التي نستها مع معيشتها في مصر جعلها تشعر بالخدر يمس أطرافها
ويشمل حواسها
كل ما ترهف اليه فقط همسه، وانفاسه التي تضرب عنقها ليرسل المزيد من الهزات العنيفة لجسدها، انحبست أنفاسها وهي تشعر بانفاسه تزداد ثقلا لتشهق بذعر حينما شعرت بشئ خشن يحتك اسفل وجنتيها لتبتعد سريعا عنه وقلبها يضخ بعنف
ما الذي يفعله المجنون!!! اللعنة… ماذا حدث منذ قليل
هل يغويها؟!! وعريسها يجلس في صالون شقتها، غمغمت بأنفاس لاهثة
– واضح انك هتدور كتير
لن ينكر ما حدث منذ قليل، كاد قاب قوسين أو أدني من تقبيلها
هل يتخيل أحد عظم جرمته، يغويها في توقيت وجود عريسها المحتمل، وفى منزلها
لعن سرمد ومعرفته بذلك الماجن هو وشقيقه كلاهما والذي أثر عليه، إلا أن رؤيته إلى ملامح وجهها المتوردة وانفاسها المتهدجة أرضاه
ارضي رجولته بشدة
سليطة اللسان انثى بالنهاية
اجابها بغموض
– يمكن
تشعر بـ هلامية ساقيها، لتحاول الاستناد على اقرب شيء صلب يدعم جسدها، إلا أنها شهقت على صوت أمها التي دخلت المطبخ
– بيسان
ضاقت عينا الأم بريبة شديدة وهى ترى ملامح بيسان المختلفة تماما عن الغضب، وكأنها … وكأنها… وجهت بنظرها ناحية غسان الذي يضم يديه في جيب بنطاله على مسافة معقولة بينها، لتهمس بهدوء
– استعجلي حبيبتي وجيبي العصير
هزت بيسان رأسها موافقة عدة مرات وهى تمسك بصينية المشروبات لتوجهها للداخل داعية الله أن ينتهي اليوم على خير
– حاضر
هم غسان هو الآخر بالخروج، لكن سيخرج ويتحدث مع سرمد صديقه الا انه سمع صوت خالته الجاد
– غسان اذا بدك ياها تزوجها ،اما اذا ماخد الامر تسلاية فقسما عظما رح فرجيك ايام سودة فهمان ياابن عايشة
لن ينكر ان نبرة خالته المهددة فلحت معه، ابتسم غسان ببعض العبث والتسلية ليقول
– لك بنت هي حمارة لو بتفهم ما عملت حالها متل البضاعة والناس تجي تعاينها
ثم استأذن مغادرا لتهز فاطمة رأسها بيأس قائلة
– الله يهديكن
*****
تحضيرات خطبة وجد تعمل على قدم وساق، الجميع في المنزل أصبح منشغل من بين استعدادات الوسيم الأشقر لخطبة جارته، ثم خطبة وجد وانعزال العمة التام
ومكوث الجد لأطول فترة ممكنة في مكتبه، ولؤي الذي يتمسك بمقاليد عمل العائلة بمفرده، جعل اسيا تهز رأسها بضجر شديد
فهو يقضي أطول فترة في العمل، ثم يعود قتيلا على فراش زواجهما، وحينما همت بمبادرة النوم بجواره لم يتحدث بحرف ولا شيء
لا يحاول الاقتراب منها، رغم ثيابها الجريئة الحريصة على جعله يتحسر كل يوم على عدم قربه منها
خطة فاشلة، وربما يظنها عديمة الكرامة، لكن ألم يخبرها ان كرامتها من كرامته
إذا أهدرت كرامتها أمامه، فهي من ضمن كرامته
لكنها تقسم
انه يتحسر دون قربها وامتناعه الغبي عنها، هي تطهو طعامها على شعلة منخفضة ليست متعجلة للأكل
رن هاتفها ومنعها من مواصلة شرودها لتستقيم من رقدتها وهى ترد على اتصال مارية الذى بدا مفاجئا لها، وما سمعته منها جعل الدماء يجف في عروقها لتهمس بصوت خافت
-امتي الكلام ده حصل
تحولت ملامحها للحدة لتسب ببذاءة بلغتها الأصلية قبل أن تسألها بحدة وهى تجري نحو خزانة الثياب تخرج ثيابها
-وليه مقولتيش يا مارية
شهقت بذهول واستنكار وهى تستمع الى بكاء شقيقتها، والعجز يمسكها بشدة من أطرافها، لم يمنع أن تسب نضال مرارا وتكرارا، الحقير يستمر في تنغيص حياتها حتى بعد أن تخطته
كيف يمنع عنها أن تكون الحضانة لها لفترة من الوقت، انفجرت تصيح بغضب هادر
– انتي اتجننتي، يعني ايه مانع عنك
أغلقت المكالمة معها مع محاولة منها بالتصرف، لتسارع بالتوجه الى الحمام الا ان تراجعت عدة خطوات ما ان رأت الهركليز خاصتها ينظر اليها بتفحص وتروي شديدين
ليسألها بخشونة
– فيه ايه
انفجرت تضحك بسخرية شديدة وهي ترمقه بحدة وغضب لتقول
– هو فيه خير بعد ما تتعرف واحدة على واحد ويقرف عيشتها
هز لؤي رأسه لينفرج عن شفتيه ابتسامة باردة وهو يغمغم
– كل يوم بتفاجئ انك بتعرفي تتكلمي مصري أحسن مني ومن غيري
لم تسمح له بالمجادلة معها، سرعان ما توجهت داخل الحمام تبدل ثيابها وهى تسرع من مشوارها، لتسحب حقيبتها وهى تقول بتعجل تام
– مضطرة امشي
سألها بغلظة شديدة وهو يسحب ذراعها آمرا إياها بالتوقف
– رايحة فين
رفعت رأسها وهي تجيبه بحدة
– لبنتي
اتسعت عينا لؤي بتفاجئ قبل أن يدرك معنى كلمتها، تبعها ملاحقا وهى تركض وتهبط السلالم ليري وجد وهى تقترب منها متسائلة بقلق
– آسيا .. رايحة فين
زمت اسيا شفتيها بألم وامسكت رباطة جأشها كي لا تنهار باكية على الأرض لتقول بجفاء
– شمس تعبانة
هزت وجد رأسها بتفهم تام شديد قبل أن تؤازرها وهى تترك جميع مخططات حفلتها جانبا لتقول بنبرة غير قابلة للنقاش
– انا جاية معاكي
عض لؤي علي شفتيه كابحا غضبه وهو يراها تستسلم بوداعة شديدة بين ذراعي وجد، التي تحاول مساندتها بعبارات لم يستطيع سماعها، ليصيح بحدة وهو يرى وجد أخذت ما هو حق له
– انتو رايحين فسحة
التفت وجد بصرامة شديدة وهى تقول بنبرة متهكمة
– البت تعبانة، ايه مش الزيارة واجب
لوهلة شعر لؤي أن من تقف أمامه ليست وجد
هل تلك الصغيرة الناعمة، التي يخشى عليها جميع أفراد عائلته، لم يخفي دهشته من عيني آسيا ليغمغم لؤي بغيظ
– طبعا واجب
لكن قراره لم يكن عليهما التحرك بمفردهما
بل سيكون معهما
وهذا الأمر رغم استنكار اسيا له، لكنها استشعرت غيرة لؤي التي يجاهد في وئدها.
…..
الطريق للمشفى كان مرهقا لأعصاب لؤي، واسيا تشتعل غضبا للفتك بذلك الحيوان، ثم تكاد تموت قلقا على شمس، رغم محاولة اطمئنان مارية لها كونها تتلقي العلاج لكنها لن تطمئن حتى تراها بعينيها، ووجد تقف كحارس سلام تمنع اقتراب عود الكبريت من البنزين.
ترجلت آسيا سريعا ولحقتها وجد وهى تركض داخل المشفى، تسأل موظفة الاستقبال عن غرفة الصغيرة تبعها الركض بين أروقة المشفى وملامحها يرتسم عليه امارات الذعر، تخشى فقدانها هي الأخرى كما فقدت والدها ووالدتها
لن تتحمل مسألة فقدان عزيز آخر عليها.
تهاونت قدميها وهى تنظر الى النافذة الزجاجية تتأمل الصغيرة، كم كبرت الصغيرة، الدموع تتخذ طريقها نحو وجنتيها لترفع اناملها تلمس الزجاج وكأنها تلمسها هي بروحها
سكون جسدها، وشحوب وجهها المخيف جعل قلبها يأن إلى الحالة التي وصلتها الصغيرة
شعرت بيد تربت على ظهرها لتنظر اتجاه وجد التي تطلب منها الاطمئنان، ثم وجهتها نحو الطبيب المعالج، رغم كلام الطبيب العملي واطمئنانهم عن صحتها
لكن الغضب يفور داخلها
لمحته وهو يتجه اتجاه غرفة الصغيرة، لتهم بالانقضاض عليه، مما جعل وجد تكبل غضبها وثورتها قائلة بنبرة جادة
-امسكي اعصابك
تهدجت انفاس اسيا وعينيها تتوعد ذلك الحقير
لن تجعله يهنأ أبدا
ستجعل النوم يطير من عينيه
رفعت رأسها وهى تنظر نحو وجد التي تطالب منها التعقل لكن ما أن يجتمع اسم شمس مع ذلك القذر، فجميع تعقلها يغادر في مهب الريح لتجز على أسنانها صائحة
– لو عليا اقتله
تقدمت عدة خطوات لتفجر كل غضبها إلا أن وجد لحقتها قائلة
– تقتلى مين بس .. بطلي جنان
لم ترضخ اسيا لمطلب وجد، بل تقدمت اتجاهه وهى تراه يحدق من نافذة غرفة الصغيرة، وما أن استدار حتى اختفت جميع تعابير وجهه الجامدة وحل محلها السخرية، لمعة عينا ذلك الحقير زاد من مقدار إحراق هذا الاحمق
ليقترب هو فاصلا بعض المسافات بينهما قائلا بنبرة ساخرة
– الله .. غريبة يا آسيا عزام ولا نقول المالكي
اقتربت تصرخ منه الا ان يد وجد منعها من أن تخدش وجهه
– عملت في البت ايه
هز نضال رأسه بيأس، وهو يغمغم بجفاء شديد
– عملت ايه يا آسيا، البت تعبت زي اي طفل يعني مش حاجة غريبة
انفجرت آسيا ضاحكة، هذا دليل عدم اهتمام الحقير بالفتاة، تري كيف ترك طفلة دون العناية والسؤال عنها
الم يلاحظ غيابها
ألم لم يكن في البيت أصلا؟!!!
والتفكير في هذا الاحتمال جعل اسيا تهدر في وجهه
– والبيه كان غايب عن البيت وسايب بنته عادي، المرة دي جالها سخونية حابب المرة الجاية تموت بين ايدك ولا ايه
هز نضال رأسه دون أن يبادر حتى بالرد عليها، بل عينيه سقطت على ملامح فتاة صغيرة السن، ملامحها ناعمة تناقض شراسة التي امامه، ليلتفت اليها قائلا ببرود
-فضيتي اللي جواكي خلاص، تقدري تمشي بقي
زمجرت اسيا بوحشية قبل أن تهم بالتهجم عليه تسبه بحدة
– يا حيوان يا ابن…
صاحت وجد بحدة تلجم غضب آسيا التي سيلقيها للتهلكة
– اسيااا
تهدجت انفاس آسيا وهى ترمق ملامح نضال المتسلية على حسابها، مما جعلها تهدر في وجهه قائلة بوعيد
– مش هيكفيني موتك يا حيواااان
اعتاد على سماع تلك الكلمات من شقيقتها، وحتما كره وجود تلك المرأتين في حياته
يعلم أنه لن يتخلص منهما
ولن يستطيع التخلص منهما، هما كالشوك في خاصرته
هم بالتحرك إلا أنه توقف حينما سمع انفجار آسيا
– مش عارف تربي بنتك ابقي خليها للي عارفة تربيها
لمعت ابتسامة ساخرة على شفتيه وهو يستدير على عقبيه ليقترب منها قائلا
– لا لا يا اسيا انتي عارفة انك اخر واحدة تقدري تربي طفل، انا وانتي يا آسيا اكتر اتنين مينفعش يكونوا عيلة، عارفة ليه
عاد نضال يوجه بصره ناحية المرأة التي بجانبها، مما جعل المرأة تتجهم ملامحها للبرود التام أعجبه، ليلتفت ناحية آسيا التي هسهست بحدة
– انا وانت عمرنا ما نتجمع فى جملة واحدة
هز نضال رأسه وهو يتناسى غضب المرأة ليقول لها بابتسامة باردة ونبرة ذات مغزى
– انا وانتي جوانا طاقة حقد صدقيني تقتل أي حد عزيز علينا بمزاجنا أو غصب عننا
وعينيه لم تخطئ الهدف اتجاه وجد التي تتابع الحرب بينهما بتوجس وبعض التخوف، ليسترسل بحديثه
– حاسبي بقي منها .. نيران الحقد بتطول القريب قبل الغريب
همس ناعم بأسمه جعله يتراجع عما ينتويه
– نضال
التفت اتجاه رهف ليهز رأسه بتفهم وهو يودع كلتاهما قائلا
– مستني انتقامك العظيم يا مدام آسيا
سبته آسيا بأقذر الشتائم التي تعلمها لتهم بالتهجم عليه الا ان وجد منعتها قائلة
– آسيا
تمتمت وجد بهدوء شديد وتمالك أعصابه لم تعد آسيا تمتلكه
– اهدي هو بيستفزك بس مش اكتر
إلا أن الإصرار في عيني آسيا هلعها، لتهمس وجد بتوسل
– آسيا ارجوكِ، كفاية
لم تعد آسيا تملك سوى السباب والشتائم تقذفها في جه ذلك الحقير
– القذر، مش هسيبه
هزت وجد رأسها بيأس وهي تسير بها الى مكان بعيد عن هذا الرجل، والذى للعجب لمحت الإرهاق البادي على قسمات وجهه
ربما الرجل فعلا يشعر بالذنب تجاه ابنته، رغم روايات آسيا عن ما عكس ما رأته
بغض النظر عن كلامه وسخافة حديثه، لكن الرجل يتألم..!!!
وقف لؤي بعيدا بعد ان وجد أنه في المشهد الأخير من المسرحية الهزلية، كلام الرجل يزيد الوسوسة في صدره
ما الذى جعل الرجل متأكدا مما تحاكيه آسيا خلفه؟!!
ارتباك اسيا لم يخفي عليه، رغم لسانها الا انها لم تنفي التهمة من كلامه
ماذا تحيك آسيا من خلفه؟!!
****
فى قصر السويسري،،
انفجرت جيهان ضاحكة لرسائل وسيم التي لا ينفك ويتركها ساعة واحدة بمفردها، أرسلت له قلب احمر كبير ينبض، لتشهق بذهول لإرساله لها قبلة ثم عناق
هزت جيهان رأسها بيأس شديد وهى ترسل له علامة سكين، تحذره من التمادي، إلا أنه تابع في إرسال ملصق عروس ثم عريس، لتتورد وجنتي جيهان بالحمرة وهي تغلق محادثتهم حاليا..
والدها الان يكاد ينفجر من الغيظ بسبب حضور عائلة سرمد، ووضعه امام الأمر الواقع، تذكر تملل والدها ومحاولته للتملص، لكن الرجل بالنهاية جلب عائلته ووضع ابيها امام الامر الواقع
انسلت من بين الجميع، يكفيها توتر شادية منذ الصباح، اغلقت باب غرفتها ثم جلست على مقعدها وهي تسحب نفس عميق وتزفره على مهل
شعت ابتسامة واثقة على شفتيها وهى تتجرأ وان تفتح بث مباشر على صفحتها الخاصة بعد أن استرجعتها لتباشر فى الحديث متغاضية عن أي تعليقات
-طبعا كتير هيستغرب طالعة لايف دلوقتي بعد اللي حصل، بس كان لازم اطلع حقيقي وادي شوية كلام مهمين قبل ما احول جميع الكومنتات بتاعتي لأكونت شخصي، جيجي اللي بتلف حوالين العالم انتهت، جيجي اللي بتركب أي حاجة وبتتحدي خوفها انتهت
لاحظت تصاعد أعداد المشاهدة لأعداد مهولة فى بداية البث المباشر لكنها لم تكترث للتعليقات، لكن لها رسالة هامة فقط لبعض الفتيات المراهقات اللاتي تتابعنها بشغف، استرسلت قائلة بهدوء شديد
– فى ظل كل واحد بيسعد ذاته وبيحققها، انا عملت اللي نفسي فيه، سافرت بلاد كتير فى سنين قليلة محتاج ايه تاني، عايزة احسن بس بدفا العيلة اللي خلتهم آخر اهتماماتي
انفرج عن شفتي جيهان ابتسامة دافئة وهي تشرد اتجاه والدها حينما اخبرته بقرارها عن كونها ستكون بجانبه فى المؤسسة
تتذكر صدمة والدها، ثم سخريته عما ستفعله، لكنها ستبهره، فدراستها لأدارة الأعمال التي أجبرت عليها كـ شادية، ورغم انها تعلم دراستها شئ والتطبيق العملي مختلف
لكن الأمر سينجح مع إصرارها وعزيمتها
غمغمت بصوت هادئ وهى تلاحظ وسيم الذى انضم للبث المباشر مرسلا العديد من القلوب لها مما جلب لشفتيها ابتسامة توجهها له
– مش عيب الواحد يسعى ويحقق كيانه بس مش علي حساب أقرب الناس اللي بيحبونا، بالفضيحة اللي حصلت طبعا مش عايزة احكي كم من الناس اللي اتقلبت ضدس، كأنكم استنيتوا لحظة وقوعي وحقيقي كرهت العالم ده .. وكرهت الكدب والنفاق، اه الفلوس حلوة ومغرية والشهرة كل واحد بيتمناها بس هل هتقدروا تتعاملوا كل يوم ناس تخوض فى سمعتكم ما هي دي ضريبة الشهرة للأسف
تركت سؤالها معلقا دون انتظار ردهم، فليكتبون ما يودون كتابته، تعلم حتى برغم فضيحتها إلا أن القضية وآخر تطوراتها تنشر على وسائل التواصل الاجتماعي بدعم من وسيم الذى لم يقرر تركها تتخبط بمفردها، فكما هناك العديد من الأشخاص يخوضون فى سمعتها .. هناك قلة ممن ينفون تلك الشائعات، هزت رأسها وهى تقول بجدية
– مش عايزة اخد من وقتكم كتير وحقيقي مش مهتمة بأي كومنت سلبي، جاية بس انصح البنات الصغيرة اللي حابة تبقى سوبر ستار كبيرة اووي، الطريق اللي هتدخليه ملهوش رجوع ولكل نجاح ليه ضريبة، اعتقد كل واحدة فيكم تفكر كويس قبل ما تدخل الطريق ده
همت بالاسترسال في الحديث إلا أن طرق باب غرفتها يصحبه نداء شادية شتتها
– جيجي
ارتسمت ابتسامة مودعة للجميع قائلة
– مضطرة انهي اللايف ، اشوفكم على خير
انهت البث المباشر ثم سارعت بالتوجه فاتحة باب غرفتها لتري الارتباك يطغي ملامح شادية، ضاقت عينا جيهان وهى تسمع همس شادية المذعور
– جيجي
امسكتها جيهان من ساعدها قائلة
– خايفة؟
اغمضت شادية جفنيها وهى تتذكر تبعات خطواتها حينما تركت قلبها يتحدث بدلا من عقلها
ليزجر قلبها وهو يعاتبها عن من اختارته من عقلها .. ألم تختار لؤي والرجل كذب عليها وخدعها
ليأتي العقل ويصمت القلب، من اختارته من عقلها كان له ماضي كماضيها
وهي قررت عدم الخوض والتحدث عن الماضي، وكل ذلك بإرادتها لما تندم
غمغمت برعب حقيقي، وهى تشعر ان قلبها دخل لتلك المعضلة
– انا مرعوبة، جيهان انا .. انا مش مصدقة اللي بيحصلي، خايفة اصحي على كابوس
ابتسمت جيهان بطمأنينة وهي تلكزها قائلة
– بطلي تشاؤم مش بتحبيه وبيحبك ومجنون بيكي
صمتت شادية وهى تهز رأسها باعتراض قائلة
– الحب مش كفاية يا جيجي، انا محكتلهوش كل حاجة، ميعرفش حياتي قبله كانت ازاي
انفجرت جيهان ضاحكة بسخرية لتدفعها باتجاه المطبخ قائلة
– يعني هو كان مقضيها فى جوامع، استهدي بالله كده يا بنتي وفوقي
تسربت دمعة خائنة من عينيها، لتغمغم باعتراض
– بس من حقه يا جيجي
طالعتها جيهان بنفاذ صبر، لتقول ببرود
– وهو من حقه يحكيلك حياته في الماضي كانت ازاي
تعلم ان سألته عن ماضيه فستهرب منه
الرجل سيفتخر بفتوحاته وانجازاته أمامها… سيكون صريح معها ولن يكذب ، لتعيد التفكير فى حالها هى
بقدر انها لم تمر سوي بعلاقة واحدة فاشلة الا انها سببت لها التعاسة الشديدة وحطم كل ما تبقى لها من محاولة للنهوض مرة أخرى ، غمغمت بيأس
– جيهان انتي مش مستوعبة، يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي يخليه يفكر مية مرة قبل ما يقرر يتجوزني
زفرت جيهان رأسها بيأس، لا تصدق تراجع شقيقتها والرجل فى صالون منزلهم، اقتربت منها تسألها بشك
– بعد اللي عمله ده لسه شاكة فيه
عضت شادية باطن خدها وهى تتذكر حفلة عيد ميلادها الكارثي بجميع المقاييس، لقد جرها حرفيا وهي تختبر نوبة غضبه واغوائه
نوبة غضبه كانت عبارة عن إغواء، تلون وجنتيها وهي تهمس بحرج
– من حقي اقلق، سرمد شخص مش طبيعي بالمرة ده كان بيغير على ماهر
شهقت جيهان بذهول اتبعه صريخ مستنكر لتسارع بكتمه بكف يدها، الا انها سرعان ما انفجرت ضاحكة وهى تتذكر اختفاء تلك الشقية
تري هذا هو السبب
ماذا فعل ذلك الشقي معها حتى تتورد حرجا وخجلا لتقترب منها قائلة بخبث
– ماهرو يوم حفلة عيد الميلاد، يعني كنتوا قاعدين فى حتة مدارية
اتسعت عينا شادية بجحوظ ليلجم لسان شادية الصمت وهى لا تصدق وقاحة شقيقتها للحد يجعلها تسخر منها ومكر يخالط حديثها لتزجرها قائلة بحدة
– بطلي ضحك وقلة ادب
حاولت جيهان أن تتوقف عن الضحك، لكن تذكر ان الاحمق غار من شقيقها جعلها تسأل بتعجب
– للدرجة دي معندوش نظر، ده لو ركز هيلاقي انك نسخة منه
تحول وجنتي شادية للحمرة وهى تتابع سرد تفاصيل أحداث ما بعد غيرته
– قولتله كدا بس هو كان هيفرقع مني، وانا قعدت فترة اوهمه انه هو حبيبي “تلكأت شادية قليلا وهى تري اتساع عينا جيهان للجحوظ”…. يعني اللي مستنياه
شهقت جيهان باستنكار قبل أن يتبعها تصفيق حار وهى تقترب من شقيقتها الداهية
اللعنة هل كل تلك الأحداث حدثت دون أن تعلم أي شئ منها سوي الان
اقتربت منها تقول باعجاب واضح لعقل شقيقتها الداهية
– ده انت جبارة، وعرف امتي انه اخوكي
هزت شادية رأسها بيأس قائلة
-مش كتير ملحقتش للأسف
هزت جيهان رأسها بتفهم، ستترك فترة جلسات المصارحة جانبا و ستركز على الرجل الذى يجلس فى صالون منزلهم، لتقول جيهان
– كدا كدا بابا مش طايقه، بس اعتقد محتاجين جلسة زي دلوقتي وفترة الخطوبة اتعملت عشان تتعرفوا على بعض بجدية
صمتت شادية وهى تفرك كلتا يديها بتوتر قائلة باعتراف
– انا .. انا خايفة
همت جيهان بالرد الا ان صوت ذكوري أجش قاطعها
– ممكن نقول لمعتصم باشا وهو على عينه يرفض على طول يا عروسة
اتسعت عينا شادية بدهشة قبل أن تركض باتجاه محتضنة إياه قائلة بعدم تصديق
– انت جيت
ابتسم ماهر بدفء ، فرغم جميع مشاكل المتعلقة بطليق زوجته، إلا أنه لن يهتم بمشاكل زوجته ناسيا فتياته اللتان يحتاجونه في الأوقات القادمة من حياتهم ليقول
– مقدرش اسيبك فى يوم زى ده
تشبثت شادية بعنق شقيقها وشفتيها ترتسم ابتسامة ناعمة لتقول
– ماهر بجد انا سعيدة انك جيت
انتبه إلى جيهان ليرسل لها قبلة سريعة في الهواء استقبلتها وتردها بقبلة عابثة جعل ماهر يهز رأسه بيأس، لن تتغير المجنونة، أولى كل اهتمامه تجاه شادية وقد استمع عبر الصدفة الى حديث الفتاتين بعد أن أرسله والده للبحث عنهما لتأخرهما ليقول بنبرة متسلية
– بقي الحمار ده بيغير مني
دافعت عنه باستماتة شديدة وهي ترغب الآن أن تدفن في الرمال، لا تصدق ان شقيقها سمع عبر الصدفة لما فعلته بغباء منها
– مكنش يعرف انك اخويا
هز ماهر رأسه وهو يوافق على رأي والده
– واضح انه طلع أعمى
جذبها ماهر للاتجاه ناحية الصالون وقد ساعدها علي حمل كوب من الماء كي تشربه قبل دخولها، ليوجه ماهر بعينيه اتجاه جيهان التى تتلاعب باظافرها
– العروسة التانية مش هتنزل ولا ايه
ارتشفت شادية بعض قطرات الماء وهى تتمسك بالكوب بقوة، لترد جيهان بلا مبالاة منها
– عروسة ايه، لأ انا مش موافقة على الجواز دي..ايه هو سلق بيض
ابتسم باقتضاب قائلا
– عندك ابوكي روحي كلميه
زفرت جيهان بسخط شديد وهي تتوجه معهما نحو الصالون، ارهفت اذني الفتاتين لصوت والد سرمد قائلا
– لقد جئنا هنا ويسعدنا أن نتلقى القبول لعرض زواج ابني سرمد من ابنتكم شادية
تبعها ابتسامة والدة سرمد وهى تربت على يد سرمد قائلة بابتسامة رزينة
– متل ماحكا زوجي استاذ معتصم ،عنجد نحن النا الشرف انو نطلب ايد بنتكن شادية لابننا سرمد
لم يخفي على معتصم الوجوم، ليرمق بنظرة خاطفة سرمد ثم الى شقيقه الذى يشبه ليقول بنبرة ذات مغزى
– بس الجواز مسئولية ولا ايه؟ يعني مش حاجة تعجبنا نلعب بيها لفترة وبعد ما نزهق نرميها
لم يعجبه كون زوج المستقبل اجنبي، لا يحب التحدث مع شخص سيضطر لتغير لغته واعوجاج لسانه ليرفع رأسه بدهشة حينما قال سرمد بلهجة شامية متكسرة بعض الشئ
– سيد معتصم بيشرفني اليوم اطلب ايد بنتك شادية وانا بعرف انو الزواج مسؤولية وانا قدها باذن الله واي طلبات منك انا جاااهز
مال معتصم رأسه وهو يرى ابتسامة سرمد الواثقة، يخبره أنه يعلم العربية رغم عدم اتقانه بالتحدث ليهمس بسخرية
– ما طلعت بتتكلم عربي اهو
انزلق الكوب من يدي شادية ليتهشم الكوب بعد تقابله على الأرضية المصقولة أمام مدخل الصالون وهى تتراجع عدة خطوات بصدمة وقد ارتفع ابصار الجميع اتجاهها لتهمس شادية باستنكار
– بتتكلم عربي !!

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *