روايات

رواية في حي الزمالك الفصل الثالث و العشرون 23 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك الفصل الثالث و العشرون 23 بقلم ايمان عادل

رواية في حي الزمالك البارت الثالث و العشرون

رواية في حي الزمالك الجزء الثالث و العشرون

رواية في حي الزمالك الحلقة الثالثة و العشرون

دُمُوعٌ مُنْهَمِرَةٌ ✨🦋🤎

“عايزين يفصلوا الأجهزة عن أروى…” أفصح أنس اخيرًا عن ما حدث لينظر نحوه رحيم بحاجبين مرفوعيين وقد فرق شفتيه بصدمة، عقله لا يكاد يستوعب ما يقوله أنس.

“يعني أيه هيفصلوا عنها الأجهزة؟! على أي أساس هيعملوا حاجة زي كده؟ وأنت؟ أنت هتسيبهم يعملوا كده؟!!” سأل رحيم عدة اسألة متكررة بإستنكار، ولأول مرة تقريبًا منذ أن أصبح رحيم وأنس رفقة منذ عدة سنوات يكون رحيم هو الشخص المُنفعل المُتحدث بنبرة غاضبة أقرب إلى الصياح بتلك الطريقة في حين يجلس أنس هادئًا صامتًا مُنكبًا على وجهه.

“أعمل أيه يا رحيم قولي؟ انت عارفة كويس… محدش بيقدر يوقف قصاده.” سأله أنس بنبرة مبحوحة وبقلة حيلة بينما انهمرت المزيد من الدموع لتُبلل وجنته وتنحرف بعضها لتُبلل شفتيه، بينما نظر نحوه رحيم طويلًا وهو يَهز قدميه بقوة وإستياء شديد، هو لم يرى صديقه بتلك الحالة من قبل، لم يرى أنس ينهار بتلك الطريقة ولم يرى هذا الكم من التيه في نظرات عينيه.

“مش بإرادته! الحياة والموت دول بإيد ربنا بس!! وأنت مينفعش تسمحله بحاجة زي دي! بطل تبقى سلبي ولو لمرة في حياتك!!” صاح رحيم لينتفض أنس من صوت صراخه ثم يرفع عينيه الدامعة بضعف وكاد أن يفتح فمه ليتحدث لكن الكلمات حُبست كأشواكٍ من الحديد داخل حلقه وانتهى به الامر بثغرًا مفتوح وشفاه مرتجفه.

“متبقاش زيي يا أنس، متبقاش إنسان سلبي مش قادر يواجه وياخك قرار، مينفعش تسمح لحد أنه يتحكم فيك ومش بس فيك وفي أروى كمان خاصة في الوضع اللي أحنا فيه ده! أنا طول عمري مش بقدر أخد رد فعل اتجاه مامي وبابي لكن أنت أحسن مني وطول عمرك أشجع مني مينفعش تيجي المرة دي وتخيب! انت لو سكت المرة دي هتفضل ساكت طول العمر وهتفضل عينيك مَكسورة ومش قادر تبص لنفسك في المراية وهتكره نفسك يا أنس، ومظنش أروى هتبقى فخورة بيك لو شافتك بالوضع ده!”

أخرج رحيم ما كن يكتمه في صدره منذ فترة في جمل متواصلة دون فاصل، لم يُفكر ولو لثانية فيما قاله بل ترك كلامه ينساب بكل يُسر لكنه سرعان ما شعر بالندم يعتصر قلبه، لقد كانت كلماته قاسية لكنه لم يقصد أن يزيد من حزن أنس بل يريد أن يجعله يفيق! لكن أنس لم يفعل بل أرتخت تعابير وجهه لثوانٍ قبل أن يرفع قدميه على الأريكة البيضاء مرة آخرى ويضم قدميه إلى صدره بمعنى أصح يتكور على نفسه كطفلًا صغير خائف ثم يُردف بنبرة ضائعة وهو ينظر إلى اللامكان:

“أنا تايه وخايف.. رحيم مينفعش أروى تسيبني وتمشي.. انا مش هعرف اعيش من غيرها يا رحيم انت سامعني؟ هي الوحيدة اللي كانت بتطبطب عليا وقت زعلي وكانت دايما بتصالحني.. عارف لما بابا كان بيزعقلي زمان أو يمد ايده عليا كانت دايمًا بتقف قصاده، كانت دايمًا قوية وبتحارب مش عارف ليه المرة دي استسلمت.. رحيم أروى مش بس أختي.. أروى أختي وأمي وحته من قلبي لا، هي قلبي كله وروحي يا رحيم.. محدش بيقدر يعيش من غير روحه.”

“هترجع يا حبيبي، هترجع يا أنس وأنت المرة دي اللي هتقف وتدافع عنها..” تفوه رحيم وهو يُربت بيده على كتف أنس بخفه وقد شعر بحُرقة في عينيه هو ايضًا، ليس من عادة رحيم البُكاء لكن حالة أنس تلك تُشعره بثِقل شديد في قلبه فالطالما أعتبر أنس أخًا له وليس فقط صديقه المُقرب بل وأروى كذلك فلقد كانت في مثابة شقيقته خاصًة وهم صغار، ساد الصمت لبعض الوقت قبل أن يتحدث رحيم بنبرة لا تخلو من لوم نفسه قائلًا:

“معقول يا أنس شايل كل ده جواك كل الفترة اللي فاتت دي؟ وأنا ازاي غبي وكنت بضغط عليك وانت Already ‘بالفعل’ مضغوط ومكسور.. حقك عليا.. أنا أسف بجد..”

أردف رحيم وجذب أنس في عناق شديد ليسمح أنس لشهقاته بالخروج دون أن يشعر بالخزي أو الخجل فهو في نهاية المطاف بشرًا من لحمًا ودم وليس عليه التظاهر بالتمساك طوال الوقت، فلقد حبس دموعه طويلًا متتبعًا المقولة الحمقاء:
‘مفيش راجل بيعيط/الرجالة مبتعيطش.’ وكأنه كرجل أو كذكر يجب أن يكون مُجرد من المشاعر، لا يجب عليه أن يشعر بالآلم والإنكسار، لا يجب عليه أن يشتكي، لا يجب عليه أن يُعبر عن حزنه واخيرًا لا يُسمح له بإستخدام حقه الطبيعي الذي منحه الله إياه في التعبير عن ما يؤلمه، يُقلقه ويُحزنه وهو البكاء..

لكنه الآن يبكي.. يبكي على كل شيء ومن كل شيء.. فقدانه لشقيقته، خوفه من المجهول، شعوره بالضعف واخيرًا مواجهة والده ذلك الرجل عديم الشعور والضمير.

لكن لم تكن تلك الأسباب فقط ما يُبكي أنس ويفطر قلبه بل شعوره بأنه شخصًا سيء.. رحيم مُحق لو كانت رأته أروى بتلك الهيئة وهذه التصرفات وذلك السلوك الذي اتبعه مؤخرًا لنفرت منه ولربما توقفت عن التحدث إليه وكان ليكون ذلك أهون عليه من غيابها الذي استمر لمدة ليست بقصيرةٍ الآن، بعد أن فرغ أنس من بكاءه أو على الأقل هدأ قليلًا نظر نحوه رحيم بجديه بينما يحك ذقنه بيده وهو يُردف بنبرة جادة هادئة:

“أنس أحنا لازم نتصرف وبسرعة وأول حاجة هنعملها أننا نبعد أروى تمامًا عن أبوك، لازم ننقلها من المستشفى اللي هي فيها، لازم طقم الدكاترة المسؤولين عن حالتها يتغيروا أنا اساسًا مش قادر أفهم ازاي لو حالتها فيها أمل في الشفاء الدكاترة هيفصلوا عنها الأجهزة؟ أنا مدرستش ال Law ‘القانون’ قبل كده بس It’s by logic ‘لكنه بالمنطق’ اللي هيعمله ده جريمة.”

“طب.. هنعمل.. أيه؟” سأله أنس بنبرة مُتقطعة ليتنهد رحيم قبل أن يُجيبه قائلًا:

“استني.. I got an idea ‘حصلتُ على فكرة’ يومين بالضبط إن شاء الله وهقولك هنعمل أيه، كل اللي طالبه منك أنك تحاول تهدى وحاول تبعد تمامًا عن أي نقاش مع أونكل فريد.”

“حاضر..” أردف أنس بهدوء وهو يُعيد خصلات شعره الطويلة نسبيًا التي تبعثرت.

“ومتشربش تاني! لو عرفت أنك شربت تاني مش هيحصل حاجات كويسة! ولا أقولك أنت تيجي تقعد معايا في البيت ملهاش لازمة تقعد لوحدك أصلًا.” أردف رحيم بعد أن أعاد التفكير سريعًا، فمكوث أنس بمفرده في هذه الحالة لن يُفيده بل سيضره وقد يُقدم على أي فعل متهور، كانت جمل رحيم العربية غير مُرتبة لدرجة كبيرة ولو كان أنس في وضعًا آخر لما تردد أن يسخر منه.

“طيب أنا دلوقتي.. مش قادر أسوق بس تعبان ومحتاج أروح.. على الأقل أجيب لبس من البيت..” تحدث أنس بجمل مُتقطعة ليُعلق رحيم على حديثه مُردفًا الآتي:

“طيب أستناني هنا عشر دقايق هلم الورق وأشيله في مكتبي هنا وهنمشي على طول، ملهاش لازمة نروح بيتك النهاردة هديك أي pyjamas ‘منامة’ من عندي لحد الصبح.”

“تمام.” أعطاه رحيم ابتسامة صغيرة قبل أن يتجه نحو الباب ولكن قبل أن يُغادر يناديه أنس وهو يقول:

“رحيم… أنت أجدع حد قابلته في حياتي.” نظر نحوه رحيم بإبتسامة واسعة وحنان بينما بادله أنس نظرات إمتنان وشكر، يتركه رحيم ويذهب نحو القاعة وهو يُفكر في كيفية إصلاح الجلبة التي أحدثها أنس قبل قليل، لكنه تذكر على الفور أن نوح كان بالداخل وأنه بالطبع استطاع السيطرة على الوضع سريعًا، ذلك الوغد نوح للمرة الأولى يكن ذو نفع.

دلف رحيم إلى داخل القاعة بهدوءه المُعتاد الممزوج بالهيبة لترفع أفنان رأسها تلقائيًا وتنظر نحوه، لقد انتهت من حل الإختبار بالفعل لكنها لم تود الرحيل حتى يعود رحيم مجددًا وقد كانت بدأت تشك أنه لن يفعل لكنه فعل في النهاية، ابتسمت نحوه ابتسامة صغيرة لكنه لم يُبادلها بل لم يلحظ من الأساس حيث كان شاردًا على غير العادة وكأنه يُفكر ثم ذم شفتيه وكأنه مُستاء من أمرًا ما، أشاحت أفنان بنظرها عنه حينما لمحت بطرف عيناها نوح وهو يرمقها بحده يبدو أنها أطالت النظر حتى لاحظ من حولها، كان الصمت يسود في المكان قبل أن يقطعه رحيم قائلًا:

“فاضل 10 minutes ‘عشرة دقائق’ وهنلم الورق يا دكاترة.” تحدث وهو ينظر إلى ساعة يده السوداء الفخمة، أنبهرت أفنان كثيرًا بساعته حتى أمضت دقيقة كاملة تقريبًا تتأملها، إنها تعشق الساعات الرجالية وتجدها مُلفتة للغاية.

لاحظ رحيم وعقد حاجبيه وهو ينظر إلى ثيابه وجسده وهو يحاول أن يفهم فيما تُحدق تلك المُريبة؟! كان يود رحيم أن يُشاكسها لكنه لم يشعر أنه في مزاجًا لذلك لذا قرر تجاهل الموقف مؤقتًا.

مرت العشرة دقائق سريعًا وطلب رحيم من المُدربين الآخرين أن يقوموا بجمع الأوراق وقد طلب منهم أن يفعلوا ذلك من الخلف إلى الأمام بحيث يُصبح الشخص الأول في الصف هو آخر شخص تُستلم ورقة الإجابة خاصته، وقد تعمد ذلك لغرضًا في رأسه.

“سيبوا الورق عالمكتب هنا يا دكاترة وأنا هاخد ورق الصف ده وأحصلكم.” أردف رحيم بنبرة مزيج بين الأمر واللطف وهو يتحدث إلى المُدربين، نفذ الجميع بالفعل وحقق رحيم غرضه في أن تكون ورقة أفنان هي آخر ورقة إجابة يستلمها وتكون هي آخر من يُغادر القاعة.

“أنت كويس؟” سألته فنمت ابتسامة على ثغره على الفور، لتعقد حاجبيها وهي تسأله بإستنكار:

“أنا قولت حاجة بتضحك؟”

“لا مش قصدي، ابتسمت عشان خدتي بالك أني مش كويس.”

“طب قولي حصل حاجة؟” سألت بلهفه لينفي رحيم برأسه ب ‘لا’ دون أن يُجيب إجابة سريعة مما دفعها للتساؤل مجددًا مُردفة:

“أنت تعبان طيب؟”

“لا.. في مشكلة كده بس إن شاء الله هتتحل على طول.”

“بص مهما كانت المُشكلة كبيرة وصعبة لو أتوضيت وصليت ركعتين كده ودعيت ربنا بإيمان تام أنه هيستجيب لدعائك إن شاء الله كل حاجة هتتحل وهتحس أن ذهنك صافي ونفسك مرتاحة.” نصحته أفنان بنبرة لطيفة صادقة ليبتسم رحيم على الفور وهو يُفكر في كونها مُحقة بالفعل لكن ما جعل ابتسامته تتسع هي أنه للمرة الأولى تقريبًا يتعرض لنصيحة مُفيدة كتلك، نظر نحوها ثم تمتم بالآتي:

“حاضر.”

“صحيح يا رحيم هو الواد أنس كويس؟ شكله مش مضبوط وداخل علينا اللجنة كأنه داخل صالة بيتهم..” علقت أفنان ثم صمتت لثوانٍ قبل أن تتسع عينيها بصدمة وهي تُضيف:

“داهية لا يكون بيبلبع بُرشام!!!” صاحت أفنان لينظر نحوها رحيم بصدمة وهو يُحاول إستيعاب ما تقوله قبل أن ينفجر ضاحكًا مُتسببًا في صدى صوت في القاعة بضحكاته الرجولية لتنظر نحوه بحاجبًا مرفوع وهي تضع أحدى يديها على خصرها بإعتراض ثم تُردف بحنق:

“مظنش قولت حاجة بتضحك للدرجة يا دكتور رحيم.” حاول رحيم التوقف عن الضحك لكن تعابير وجهها المُستاءة جعلته يضحك أكثر ثم أمسك بفكه بآلم وهو يقول:

“حرام عليكي بوقي وجعني من كتر الضحك، أيه بُرشام ديه يا أفى؟ اسمها بِرشام أرحميني!”

“اه هو أنت منهم؟”

“من مين؟” سألها بعدم فهم لتتنهد قبل أن تقول بتملل:

“الناس اللي بتقول بِرشام مش بُرشام وضفر مش ضُفر وكده.”

“لا Wait ‘انتظري’ أنتي بجد بتنطقيها كده مش بتهزري؟” سألها وهو يحاول ألا يضحك مجددًا كي لا يُغضبها بغض النظر أن تعابيراتها الغاضبة تُضحكه وتبدو لطيفة للغاية.

“وأنا ههزر معاك ليه هو أنا أعرفك؟ وبعدين يلا نخرج عشان الناس كلها خرجت وشكلنا هيبقى مش حلو.”

“ماشي أتفضلي يا أفي هانم قُدامي، شكلك أنتي اللي هتطلعي بتاخدي بُرشام في الآخر.” علق رحيم بسخرية وهو يشير نحو الباب كي تُغادر بينما يُقلد نبرتها في الحديث بسخرية، توقف كلاهما في الممر المؤدي للقاعة وكانت أفنان في مواجهة رحيم مع مراعاة المسافة بينهم فرحيم لا يود أن تضربه بواسطة حقيبتها مرةً آخرى.

“خلينا نتكلم بجد شوية أنا عارفة أنه شيء صعب عليكي ولكن معلش حاولي، دلوقتي أنا عندي مشكلة فعلًا ومش كويس أنا بس عايزك تدعيلي وبما إن النهاردة رسميًا آخر يوم في التدريب فعايز أقولك أن الفترة دي كانت من أحلى الفترات في حياتي تقريبًا وأحب أقدم شكر للحرامي اللي كان بيحاول يسرقني عشان عرفني على الدكتورة صاحبة أطول لسان في العالم.”

“حاول يسرقك؟ اسمها ثبتك.” علقت أفنان بسخرية ليعض رحيم على شفته السُفلية بغيظ وهو يُغمض عينيه ويمسح بكفه على وجهه بضيق قبل أن يُردف بتذمر:

“هو ده اللي لفت نظرك في كلامي كله؟ يا شيخة ارحميني ده أنا لسه شباب وصغير عايزة تخلصي عليا بدري ليه؟”

“بهزر معاك بفك الجو كده… مبحبش الوداع، بخاف منه… بترعب من فكرة الخروج من المنطقة الأمان بتاعت ضمان وجود الأشخاص والأشياء وبخاف أواجه حقيقة أن الفترة خلصت أو أن الشخص مبقاش في حياتي عشان ده شيء مؤلم جدًا.”

“عندك حق… عشان كده أنا النهاردة هقولك إلى اللقاء مش الوداع.” نظرت نحوه أفنان وقد نمت ابتسامة خجولة صغيرة على ثغرها ليُبادلها الإبتسام، كاد أن يتفوه بالمزيد من الكلمات المعسولة لكنه سرعان ما تذكر أنس المخمور الشبه نائم في حجرة مكتبه والذي قد يُفتضح أمره إن دلف أي أحد إلى مكتب رحيم، لعن رحيم أسفل أنفاسه لقد فسد يومه الأخير مع أفنان لكن لا بأس هو يعلم كيف سيُصلح الأمر.

“نوح بيرن عليا… أكيد عايز يوصلني في طريقه.” كان سيبدي رحيم إعتراضه لكنه وجدها فرصة جيدة لكي ترحل أفنان سريعًا دون أن يتسبب لها في أي حرج بإنشغاله عنها، أكتفى بإيماءه صغيرة لتنظر نحوه أفنان بشك وهي تُضيق عينيها.

“في حاجة؟”

“أنتَ اللي في حاجة؟” سألت أفنان وهي تتحدث من بين أسنانها بغيظ لتنمو ابتسامة جانبية على ثغر رحيم وهو يقول:

“لا لا مفيش… توصلي بالسلامة إن شاء الله.”

“بس كده؟ أوصل بالسلامة بس؟”

“لا مش بس… وخلي بالك من نفسك.”

“طيب يا ابن البكري مع السلامة.”

“هو أيه موضوع ابن البكري… ابن البكري ده؟ بحسك بتستخدميها كشتيمة.”

“لا شتيمة ليه هو مش ده لقب عيلتك؟ وبعدين يلا روح شوف أيه وراك وشاغلك أوي كده.” بصقت أفنان كلماتها وهي تبتسم بسخرية قبل أن تستدير وترحل تاركة رحيم يُحدق في موضعها حيث كانت تقف بثغرًا مفتوح، تلك الفتاة! مُجرد التحدث إليها لبضع دقائق يُرهقه إلى درجة كبيرة ما بال من يقضون معها اليوم بأكمله في المنزل!

اتجهت أفنان نحو المصعد وظلت تُحدق في رحيم وبادلها هو النظرات لثوانٍ خاطفة قبل أن يُغلق الباب ويشعر بإنقباض في قلبه، لا يُريدها أن ترحل لكن ما باليد حيلة أو على الأقل في الوقت الحالي، عاد رحيم إلى مكتبه بوجهًا عابس ليجد أنس قد غفى بالفعل على الأريكة كما توقع رحيم لذا اتجه نحو الخارج مُجددًا ليُقابل المُساعدة خاصته في وجهه فيأمرها بالآتي:

“مش عايز أي حد يدخل عليا المكتب وإلغي أي Meeting ‘اجتماع’ أو Appointment ‘موعد’ عندي النهاردة ومفيش أي exceptions ‘استثناءات’ مفهوم؟”

“مفهوم يا فندم.” أجابت الفتاة بنبرة مُهذبة ثم انصرفت ليعود رحيم أدراجه إلى المكتب، أراد أن يوقظ أنس لكنه بدى مُرهقًا للغاية فحتى وهو نائم لم ترتخي تعابير وجهه وقد تكور على نفسه طفلًا صغير مذعور، شعر رحيم بوخزة في قلبه لرؤية الحال الذي وصل إليه صديقه.

أما أفنان فغادرت الشركة بغيظًا شديد، لقد تعمدت أن تُخبر رحيم بشأن نوح لترى ردة فعله لكن على عكس ما توقعت لقد كانت باردة تمامًا حتى بدا أمامها أقرب إلى شخصية أولاف من ذلك الفيلم الكرتوني، اتجهت أفنان نحو سيارة نوح لتفتح الباب بقوة ثم تدلف للداخل وتُغلقه بقوة أكبر لتتسع أعين نوح وهو يُوبخها قائلًا:

“أيه يا حجة حرام عليكي أنا لسه مصلح الباب!!”

“هتسكت ولا أنزل أجيب طوبة أدغدغلك بيها أم العربية كلها؟”

“هسكت وأوعي تفتكري أنه خوف منك لا!!!” صاح أنس بنبرة درامية لتنظر نحوه أفنان بنظرة لا تليق إلا بقاتلة متسلسلة فيحمحم نوح ثم يُعيد صياغة جملته:

“مش خوف منك بس خوف عالعربية بصراحة.”

“طب بص قدامك وأتفضل اتحرك بقى.”

“شكلك كنتي عشمانة أنه ياخدك بعربيته الآخر موديل ويفسحك بس طبعًا خلع للأسف.” علق نوح بسخرية قاطعًا للصمت لتنظر نحوه أفنان بغيظ وتبتلع الغصة التي في حلقها ولا تُعلق.

“أنا حذرتك مليون مرة وأنتي مفيش فايدة، ده انسان حقير ومش سالك، طب أنتي عارفه أنه قافل مكتبه على حد ومش سامح لأي حد يُدخل؟ والنهاردة كمان شافوا داخل الشركة مع بنت، كويس أنك لحقتي تلململي شوية من كرامتك قبل ما تمشي النهاردة.”

استمر نوح في استفزاز أفنان بلا مُبالاة وقد انتظر ردة فعل منها لكنها بقيت صامته حتى أنها حديثه لتُفاجئه بتحريك قدمها فجاءة لتضغط على الفرامل بقوة ولولا أن نوح كان يرتدي حزام الأمان لأصطدم بعجلة القيادة، نزعت أفنان حزام الآمان خاصتها وغادرت السيارة على الفور في حين أن نوح كان يحاول إستيعاب ما فعلته تلك المخبولة للتو.

حينما أستوعب نوح ما حدث وتوقف بالسيارة في أحدى الجوانب ليتجنب حدوث حادث كانت أفنان قد غادرت بالفعل بواسطة سيارة أجرة، لعن نوح أسفل أنفاسه ثم ركل إطار السيارة بواسطة قدمه بغضب وهو يسأل نفسه ما الذي يُميز رحيم لتلك الدرجة التي تجعل أفنان تُوشك على التسبب في قتلهم لأنه فقط ذم في ذلك اللعين، كان غضب نوح يعميه عن حقيقة أنه يهين أفنان نفسها لا رحيم بحديثه ذلك، بعد أن هدأ نوح وعاد إلى سيارته حاول أن يتصل بأفنان لكنها تجاهلت اتصالاته.

بمجرد أن وصلت أفنان إلى منزلها أغلقت الهاتف وهرولت إلى غرفتها لتُغلقها ايضًا وتُبدل ثيابها سريعًا ثم تحاول أن تحصل على قسطًا من الراحة وتنام لعل عقلها يتوقف عن التفكير قليلًا.

بالعودة إلى رحيم فقد جلس في مكتبه وقد بدأ في تصحيح بعضًا من أوراق الإختبار وقد قرر أنه سيفعل ذلك من دون مساعدة من أي شخص فعلى أي حال هو من قام بعملية الشرح في كثيرًا من الأحيان وهو من وضع الأسئلة كذلك لذا فهو أدرى بالإجابات النموذجية أكثر من غيره.

كان يرفع عيناه من الورقة ليراقب أنس النائم من حينًا لآخر، وفجاءة فتح أنس عيناه واستقام من نومته بسرعة ليتضاعف آلم الرأس الذي قد أصابه بالفعل منذ الثانية التي فتح فيها عيناه وقد أُضيف إليه دوار كذلك.

“أنت كويس؟” سأله رحيم وهو يستقيم من مقعده ويقترب من أنس لكن أنس لم يُجيب عن سؤاله وأردف بنبرة مُتعبة:

“عايز أروح.”

“متأكد هتقدر تروح في الحالة دي؟ شكلك تعبان.”

“قولتلك كويس!” صاح أنس بحنق وهو يحاول النهوض لكنه كاد أن يسقط لكن رحيم أمسك به على الفور ثم جعله يجلس مجددًا ثم أردف:

“هخليهم يعملولك فنجان قهوة عشان تفوق شوية عقبال ما أخلي السواق يجيب عربيتي من الجراچ.” أومئ أنس بهدوء وهو يُدلك رأسه بحركة دائرية بواسطة أصبعيه لعل ذلك يُخفف من آلم رأسه الذي كاد يفتك به.

كان كل شيء على ما يُرام وقد تحسنت حالة أنس قليلًا حتى وصل إلى منزل رحيم وصعد إلى حجرته وبمجرد أن خطى خطوته الأولى كاد أن يتعثر ويسقط فهرول رحيم ليُمسك به لكن جسد أنس كان ثقيلًا للغاية بحيث جثى على ركبتيه وقبل أن يستوعب رحيم ما يحدث استفرغ أنس على الفور على بساط رحيم بل وعلى رحيم نفسه تقريبًا.

“يعم يخربيت قرفك!!! سايب الأماكن كلها وملقتش غير سجادة أوضتي!!!” نظر نحوه أنس بوهن وأعين دامعة ليتنهد رحيم ثم يُردف:

“خلاص حقك عليا متبصليش كده.. يا دادة!!!” صاح رحيم لتأتي على الفور امرأة تبدو في الخمسين من عمرها، ترتدي ثوب باللون الأبيض ووشاح باللون ذاته، تُدعي بهيام… دادة هيام، تهرول هي حينما ترى أنس الذي ظهر عليه الإعياء بشدة وتحاول مع رحيم أن تساعده على النهوض والذهاب إلى دورة المياه القابعة داخل غرفة رحيم.

“رحيم بيه أنا هجبله غيار من هدوم حضرتك وأنت ساعده يغير.”

“حاضر يا دادة بس بسرعة Please ‘من فضلك’.” أومئت المرأة بحنان ثم ذهبت وعادت على الفور وهي تحمل في يدها الثياب ليأخذها رحيم ثم يستأذنها في إغلاق الباب ثم يفتحه بعد عشرة دقائق وقد بدل أنس ثياب وغسل وجهه ورأسه بمياه الصنبور الفاترة، يأخذه رحيم ليجعله يستريح على سريره ثم يتجه نحو هيام مُربيته التي تقف بالقرب من الشرفة.

“هو أنس بيه أكل حاجة من الشارع ولا أيه؟” سألت المرأة بقلق ليحك رحيم مؤخرة عنقه ثم يُجيبها ببساطة:

“لا يا دادة كان شارب خمرة.”

“يا مصيبتي! خمرة!!”

“وطي صوتك يا دادة مامي وبابي تحت! وبعدين هو عنده ظروف…”

“ظروف أيه يا ابني وبتاع أيه؟! مفيش أي حاجة في الدنيا تخلي الواحد يعصي ربنا ويعمل في نفسه كده! عنده مُشكلة ولا حِمل تقيل يصلي ركعتين ويدعي ربنا ولا يطلع صدقة لكن يروح يسكر ويعربد ده حرام وعيب وحرام عليه صحته وشبابه!”

باحت المرأة بكل ما يدور داخل عقلها وقلبها بطريقة بسيطة تناسب وضعها لكن في الوقت ذاته كان حديثها صحيحًا بنسبة مئة بالمئة، ابتسم رحيم وهو ينظر نحوها بحنان.. تلك المرأة التي قضى معها رحيم وقتًا طويل منذ أن كان طفلًا صغيرًا، لم تتوقف قط عن إدهاشه بوجود حلول لكل المشكلات ووجود ذلك الكم من الحنان تجاه أي شخصًا تُقابله خاصة وإن كان ذلك الشخص هو أنس والذي تعتبره في مثابة رحيم عندها ايضًا.

حينما سَمع رحيم ما قالته المُربية خاصته تذكر على الفور حديث أفنان في صباح هذا اليوم، فكلاهما نصحه بالصلاة والدعاء كحلًا لمُشكلته بل وكحل لكل المُشكلات بشكل عام، بدا الأمر صائبًا بالنسبة إليه لذا قرر أن يفعل..

في صباح اليوم التالي فتح رحيم عيناه ببطء شديد وهو يتآوه بسبب الآلام المتفرقة التي أصابت جسده.

“صباح الخير.” جاءه صوت أنس ليلتفت رحيم النائم على الأريكة نحوه دون أن يستقيم.

“صباح النور، طبعًا صاحي عادي جدًا ولا كأنك عامل كوارث إمبارح!”

“أيه اللي نايمك عالكنبة؟ ما السرير واسع والبيت بيتك يعني.. ثواني كده.. هو ده بيت مين؟ أيه ده هو أحنا مش في بيتي؟!” سأل أنس بدهشه ليصفع رحيم جبهته ثم يزفر بحنق قبل أن يقول:

“يا بني هو أنت لسه مفوقتش ولا شربت تاني ولا حكايتك أيه؟! وبعدين ما أنت عارف مبعرفش أنام جنب حد.”

“لا فوقت فوقت أنا بس بحتاج وقت أستوعب أنا مين وفين وأمتى وكده، وبعدين بالنسبة لما تتجوز أيه هتنام عالكنبة برضوا؟” سأله أنس متعمدًا استفزازه بجملته تلك ليقذفه رحيم بإحدى وسائد الأريكة.

“أولًا مين قال أني هتجوز؟ ثانيًا أنت هتقارن نفسك بمراتي يعني؟!” سأله رحيم وهو يبتسم بسخرية قبل أن يستقيم من نومته الغير مُريحة على الأريكة وهو يضع يده على مؤخره عنقه بآلم.

“رحيم هو أنا عملت أيه إمبارح ولا قولت أيه أنا مش فاكر نص اليوم اصلًا.”

“عملت أيه؟ Don’t ask ‘لا تسأل’ بجد لأني عايز أديلك قلمين على وشك.” ازدرد أنس ما في فمه بصعوبة قبل أن يسأل:
“هو أنا عكيت الدنيا أوي كده؟!” نظر نحوه رحيم بحده بطرف عيناه ليحمحم أنس ثم يتمتم:

“شكلي عكيتها أوي.. المهم أحكيلي بقى عشان الفضول مموتني بصراحة.”

“لا معملتش أي حاجة أنت بس دخلت علينا قاعة الإمتحانات وأنت عمال تتهز يمين وشمال مفيش أي إتزان وقعدت تضحك بطريقة غريبة وداخل تزعق وتقول السلام عليكم بس أنت نطقتها بطريقة غريبة يعني.”

“بس كده؟”

“هو أنت كنت عايز تعمل أكتر من كده؟ وبعدين خدتك عالمكتب و.. أتكلمنا شوية وبعدها خدتك وجيت على هنا عشان حضرتك ت Throw up ‘تستفرغ’ على السجادة بتاعت اوضتي!!”

“فدايا ألف سجادة أيه يعني!”

“أنس You threw up ‘لقد استفرغت’ عليا وعالسجادة.” هنا تجهم وجه أنس قليلًا قبل أن يقول بنبرة درامية وهو يُمسك بملابسه ويُقربها من جسده بفزع:

“أيوا صح.. أنت خدتني وغيرتلي هدومي يا قليل الأدب!!” انفجر رحيم ضاحكًا من طريقة أنس قبل أن يُلقي عليه أحدى وسادات السرير فتصطدم بوجهه مباشرة ثم يأخذ واحدة آخرى ويضرب رحيم بها عدة مرات متتالية بدلًا من إلقائها عليه:

“تعالالي بقى عشان أنا ساكتلك من الصبح وعمال تحدفني بالمخدات!!”

“ما أنت اللي بتضايقني.”

“خلاص يعم أنا أسف، أيه ده هو أنت جبت ورق الإمتحانات؟”

“اه كنت بتسلى فيه إمبارح.”

“حد خد ال Full mark ‘الدرجة النهائية’ ولا لسه؟”

“لسه، مع أني علمت نص الورق تقريبًا.” أردف رحيم وهو يُعيد خصلات شعره المُبعثرة نحو الخلف، كان أنس على وشك أن يُعلق على ما قاله لكنه أغمض عينيه بقوة وهو يضغط على رأسه بآلم ويقول بصوتًا خافت:

“أنا محتاج فنجان قهوة.”

“هخلي ال Maid ‘الخادمة’ تعملك، أرجع ارتاح شوية عالسرير بقى وبطل تجهد نفسك عالفاضي.” أومئ أنس وتوجه رحيم نحو الخارج ليطلب من الخادمة صنع فنجانًا من القهوة له ثم عاد إلى الحجرة مجددًا ومازال عقله مشغول بمسألة أروى تلك.

في منزل أفنان، جلست هي تراقب هاتفها في انتظار رسالة إعتذار من رحيم بسبب انشغاله عنها بالأمس لكنه لم يفعل على غير العادة! أصابها شعور بالغيظ الشديد فجلست تقضم أظافرها وهي تتأمل اللاشيء في حجرتها، وفجاءة تذكرت أمر الفتاة التي ذكرها نوح أثناء شجارهم ليزداد غيظها أكثر وتشعر بنيران تملأ صدرها، لقد أعماها الضيق لدرجة أنها لم يخطر على بالها أن أنس هو من كان داخل مكتب رحيم خاصة وأنها رأته بنفسها في حالته المُريبة تلك ولم يخطر ببالها ايضًا أن نوح من الممكن أن يكذب فقط لتشويه صورة رحيم في عينيها، وكأن صورته تحتاج إلى التشويه!

“مالك مكشرة ليه؟” سألتها والدتها التي أقتحمت الغرفة لترفع أفنان رأسها نحوها وتُردف بعبوس:

“مفيش حاجة، زهقانة.”

“أنتي لحقتي تزهقي؟ ده أنتي يا دوبك لسه مخلصة التدريب بتاعك إمبارح! تموتي أنتي في اللف والصياعة.” أردفت والدتها وهي تقوم بإعادة ترتيب بعض الأشياء في حجرة أفنان وميرال العشوائية.

“طب يا ستي شكرًا.”

“إلا قوليلي هو أنتي أتخانقتي مع نوح؟” سألت والدتها لتزفر أفنان بضيق ثم تسأل بنبرة ساخرة:

“هو لحق قالك؟”

“لا، قال لميرال.”

“وميرال الفتانة قالتلك!!!” صاحت أفنان وهي تَسُب ميرال من داخلها.

“لا برضوا سمعتها بتكلمه وقبل ما تقوليلي أني بلمع أوكر يا قليلة الأدب أختك هي اللي كانت فاتحة ال Speaker ‘مكبر الصوت’.” فسرت والدتها لتضحك أفنان بقوة لأن والدتها تعرفها جيدًا، فلقد كانت أفنان على وشك قول تلك الجملة بالفعل.

“بصي يا ماما، المفروض أن أحنا ناس كبيرة ولما تحصل مشكلة بيني أنا ونوح تفضل بينا ميروحش يشتكي للناس كلها زي العيال الصغيرين.”

“أنتي عندك حق في دي، بس نوح بيعمل كده عشان أنتي غالية عليه فهو مش بيبقى عايز أنكوا تفضلوا زعلانين من بعض.” حاولت والدتها التبرير لتتنهد أفنان فهي تعلم أن والدتها تُحب نوح كثيرًا لذا ستجد له مُبرر، حاولت أفنان أن تشرح وجهة نظرها لوالدتها دون أن تجعل صورة نوح سيئة أمامها.

“ما هو السبب في الزعل اللي بينا يا ماما أصلًا، نوح بينسى أنه مُجرد ابن خالتي وبس يعني لا ليه حُكم عليا ولا ليه يتدخل في تصرفاتي آخره أوي أنه ينصحني لكن غير كده لا.”

“بس أنتي بالنسبة لنوح مش بنت خالته وبس.”

“ده ميخصنيش في حاجة أنا مش هحترم مشاعر هو فارضها عليا!”

“أنا مش عارفة أنتي بتجيبي الكلام الغريب ده منين؟!”

“العلام حلو برضوا.” علقت أفنان بسخرية لتقرصها والدتها من أذنها ثم تُردف بغيظ:

“طب ما أحنا متعلمين يا أختي بس الفرق أننا أتربينا لكن أنتوا جيل مش متربي.”

“والله ده ذنبك أنتي مش ذنبي أنا.”

“أنتي يا بت أنتي مسحوبة من لسانك؟”

“بصراحة يا ماما اه.”

“عوض عليا عوض الصابرين يارب!” دعت والدتها بيأس وهي تغادر الحجرة لتقهقه أفنان ثم تعاود الإمساك بهاتفها لتجده لم يبعث بأي شيء بعد وكادت أن تُلقي هاتفها بعيدًا لكن سرعان ما خطر على بالها فكرةً ما وقد فعلت الآتي، قامت بإختيار صورة تجمعها بنوح وحدهم ثم قامت بوضعها كحالة على تطبيق الواتساب، ولكنها عدلت الإعدادات بحيث لا يرى تلك الصورة سوى شخصًا واحد… رحيم!

انتظرت أفنان بضع دقائق على أحر من جمر قبل أن تُعلن نجاح خطتها حينما تُضئ شاشة هاتفه برسالة محتواها الآتي:

“بجد يعني؟! ملقتيش صورة Uglier ‘أقبح’ تُحطيها؟!”

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (في حي الزمالك)

اترك رد