روايات

رواية حب بين نارين الفصل السادس عشر 16 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين الفصل السادس عشر 16 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين البارت السادس عشر

رواية حب بين نارين الجزء السادس عشر

حب بين نارين
حب بين نارين

رواية حب بين نارين الحلقة السادسة عشر

بعد رحيل جدتها تهاوت أرضًا وهي تضم ركبتيها إلى صدرها وتبكي بشدة لم تستوعب بعد ما عرفته أيعقل أن يكون والدها من فعل كل ذلك يرمي بريئا ببهتان لم يفعله ، لا ويتحايل عليه أيضًا أخذت تردد ببكاء وأعين تلتمع بالدمع وهي تبكي بحرقة
_ الكلام ده صح إللي قالته جدتي صح أبويا هو إللي عمل كده في والدك علشان كده خاطفتني واتجوزتني علشان تزلني وتنتقم فيه مني أنا وحتى جدتي موافقاك في إللي بتعمله .
صمتت قليلًا ابتلعت ريقها وأردفت بدموع :
_أنا مش مصدقه إنكم لعبتوه في حياتي كده كلكم خدعتوني .
نظرت له بعينين دامعتين وهي تهمس بوجع :
_ أنا مش هسامحكم أنا ذنبي إيه في ده كله ؟ .
قال مراد بغضب شديد:
_ ذنبك إنك بنت واحد***.
وضعت يداها حول أذنها لا تريد أن تسمع سبابـ”ـه اللاذع ، فاقترب الآخر منها وهبط لمستواها ، ثم أمسك بيدها و جذبها نحوه حتى تقف وأخذ يصيح بحدة فقد فقد القدرة على التحمل أكثر ، وتدريجيًا
تسابقت الذكريات على رأسه ، لتأخذه في رحلة إلى ذاك اليوم الذي قلب كل الموازين رأسًا على عقب بعد موجة السلام الذي اجتاحت قلبه لفترة من الزمن
عودة إلى الوراء
بعد مرور 5 سنوات على آخر مرة إلتقى مراد فيها بلميس ، كان مراد قد أتى في زيارة لرؤية العم أحمد وقضاء الإجازة الصيفية برفقته بعد إنتهاء عامه الثالث في جامعة كامبريدج ، كان العم أحمد يجلس كعادته يقرأ في جريدة الأخبار رغم تقدم وسائل التكنولوجيا الحديثة إلا أنه يفضل الطريقة التقليدية والتي إعتادها منذ زمن بعيد ، عندما اقترب مراد منه وقد مضى على مجيئه يومان ، تنحنح مراد كي يلفت انتباه الآخر الذي يصب كل تركيزه على تلك الجريدة التي بين يديه
_ دلوقت أنا مستعد تحكيلي كل حاجه حصلت بعد ما أخدتني ليله الحادثه أظن كده كفاية وأنا مبقتش العيل الصغير لازم تحكيلي .
إبتلع العم أحمد ريقه فها قدت حانت لحظة المواجهة ومراد كبر الآن لم يعد ذاك الولد المنطفىٔ وأصبح رجلاً يعتمد عليه ومن حقه أن يعلم ما حدث لأسرته ، ولكن قبل أن يرد عليه قاطعه إرتفاع نغمة هاتفه المحمول
_طيب لحظة بس هرد على التلفون !
أومأ مراد ، فتنحنح الآخر وهو يحمل هاتفه ونظر إلى الإسم بتوتر ثم قال
_ده الدكتور المسؤول عن حالة والدتك ؟ .
تمتم مراد بلهفة:
_طيب رد بسرعه !
رمش العم أحمد بعينيه إيجابًا ثم وضع الهاتف على أذنه متحدثًا بتوتر:
_ أرجو أن تسمعني أخبار جيدة !.
رد الطبيب بعملية وهو يبتسم :
_ there’s happy news and your mother improved little situation!and you want to see you!
*هناك أخبار سعيدة والدتك تحسنت حالتها قليلاً كما أنها ترغب برؤيتك *
نطق مراد والعم أحمد بدهشة وصوت واحد :
Are you sure doctor?
ابتسم الطبيب بعملية:
of course , I am waiting for you master murad !
*بالطبع أنا في انتظارك سيد مراد !
تنهد العم أحمد بهدوء:
_ إن شاء الله الزيارة دي تكون أحسن من بتاع كل مرة وتكون اتحسنت فعلا !
قال مراد بشرود :
_ يارب .
ثم أخذ يحدث نفسه:
_لازم يا أمي تقوليلي مين عمل كده .
بعد مرور بعض الوقت كان يقف مراد والعم أحمد بصحبة الطبيب المختص بمعالجة والدته ،ثم اصحبهم معه إلى غرفة مكتبه وتحدث مراد بنبرة متوترة :
_هل يمكنها الحديث بوضوح الآن؟
أجابه الطبيب وهو يقول بينما يحرك قلمًا على مكتبه :
_ Not exactly but with continuous treatment I will improve this but the psychological factor is very important !master Murad.
*ليس بالضبط ولكن مع العلاج المستمر ستتحسن أنا واثق من هذا كما أن العامل النفسي مهم جدا سيد مراد
صمت مراد قليلاً ثم تابع وهو يوجه حديثه إلى العم أحمد:
_طب هي فين دلوقت في نفس الأوضة؟
نهض الطبيب وبرفقته العم أحمد ومراد سار لبعض الوقت ثم توقف أمام إحدى الغرف وتحدث الطبيب بهدوء :
_ it’s here side
أومأ العم أحمد بحزن لـ مراد بأن يدخل ، هز مراد رأسه وأغمض جفونه وأخذ يدعو من داخله:
_يارب لطفك يا رحيم .
تنهد ثم توجه إلى الغرفة التي تقبع خلفها والدته بعد أن تنفس الصعداء وأمسك بمقبض الباب بتردد ثم فتحه ودلف إلى الداخل ،وفور أن وطأت قدمه الغرفة انهمرت الدموع لاشعوريًا منه ، عندما وقعت عينه على والدته المسطحة على الفراش بإعياء ٍ شديد ، ليهتف بصوت متألم:
_ ماما ! .
رفعت رأسها ونظرت إليه وهي تدقق النظر في معالم وجهه تتفرسها بحنين ثم حاولت النطق بصعوبة :
_ مـ.. ا د !
لم ينتظر أكثر ركض إليها وقام باحتضانها وحاول أن يتماسك أمامها فيكفي ما هي فيه
تحدثت سميرة ببكاء :
_يميش ( لميس)
بنبرة ضعيفه أردف مراد :
_اهدي يا امي متتعبيش نفسك !
ظلت سميرة تهمس بتقطع وهي تبكي :
_ عـ….ـش .
تمتم مراد بتوتر :
_ أرجوك يا أمي مش فاهم بتقولي إيه؟ .
قالت سميرة ببكاء و صوت متلعثم:
_عـ…ـش عـ….ـش !!
وضع يده على رأسه يجذب خصلات شعره بشده وهو يقف عاجزاً عن فهم ما تحاول والدته قوله له ، ثم خرج خارج الغرفة واتجه إلى غرفة مكتب الطبيب المسؤول عن والدته فوجد العم أحمد معه وفور رؤية العم أحمد لوجه مراد هب من على مقعده وهو يقول بقلق :
_حصل إيه؟
نظر له مراد وهو يردف بضيق:
_بتحاول توصلي رسالة بس مش فاهم بتقولي إيه؟ .
قال العم أحمد بتساؤل:
_رسالة إيه؟
نظر الطبيب لهما بعدم فهم :
Excuse me what’s wrong?
رد عليه العم أحمد بهدوء
Nothing!
صمت قليلًا ثم أردف:
_ طيب مش ممكن تكتب هي عايزة تقول إيه؟
_ آه صح ممكن تكتب !!
وبالفعل أحضر مراد ورقة وقلم لوالدته ثم قال
بتوتر:
_ اكتبي يا أمي كل إللي عايزه تقوليه و مين اللي عمل كده فيكم؟
مدت يدها بارتجاف وأمسكت بالورقة والقلم وبدأت في إسترجاع أحداث تلك الليلة العصيبة وكم بكت بشدة وزرفت عيناها العديد من الدموع وهي تعتصر ذاكرتها لتتذكر أحداث تلك الليلة وما مرت به وصغيرتها ووجه ذاك المسـ”ـخ على هيئة بشر وهو يفعل فعلته النكراء مع طفلتها.
يا الله كم أن الموقف عصيب ، كان مراد يقف وهو يوليها ظهره ويضغط على يده بقوة وقلبه يتـقـطع من الحزن على تذكير والدته بذكرى ذاك اليوم وما حدث ، ولكن لابد من معرفة من تسبب في تشتيت العائلة وتدميرها ، مضت دقائق حتى انتهت سميرة من كتابة كل شيء كان مخبوئًا في ذاكرتها ، ثم صمتت تمامًا وخيم السكون عليها من جديد .
مد مراد يده بتوتر شديد وأمسك بالورقة وأخذ يطالع ما دوّن فيها بصدمة كبيرة ، ترنح مراد في وقفته وعادت إليه ذكرى ذاك اليوم وأضحت الصور تتدفق على عقله كخلية نحل هائجة تذكر كل شيء منظر أخته حالة والدته كل شيء أخذ يتخيل ما حدث وعينيه التمعت بنظرات حادة حارقة ، أرعبت العم أحمد الذي وقف يراقب التعبيرات التي تعتري وجهه بين الفينة و الأخرى ، حتى رأى نظرة هدّت كل شيء نظرات متوعدة نظرات مشتعلة أظلمت عينيه الدخانية وانتفخت اوداجه بغضب عارم .
بخطوات بسيطة اقترب العم أحمد منه وقال وهو ينقي كلماته بحزرٍ وعناية :
_ مـ….ـراد إيه اللي مكتوب ؟.
قبض على يده الممسكة بالورقة التي تحتوي على الحقيقة وأخذ يعصرها بقبضة يده بقوة ، وقبل أن ينطق بحرف ، تعالت أصوات صرخات حادة قادمة من ناحية والدته ، التفت مراد لها بقلق شديد ، بينما أخذت سميرة تصرخ وتبكي بلا توقف تمتم الطبيب وهو يرى حالة الهياج التي اجتاحتها فقال بصرامة :
_please out now!
سأله مراد بتوتر:
_What’s happening?
رد الطبيب بعملية:
_A nervous collapse
ثم وجه حديثه إلى الممرضة لتعطي لها إبرة مهدئة وأمرهم بالخروج ، انتظر بضع دقائق وخرج الطبيب من الغرفة وقال بهدوء :
_ She remembered everything and pressed herself so much I told you Murad Murad’s psychological condition does not allow any kind of pressure, especially what happened with them understand me?
*لقد تذكرت كل شيء وضغطت على نفسها كثيرا أخبرتك سيد مراد حالتها النفسية لا تسمح بأن تتعرض لأي نوع من الضغوطات ولاسيما ما حصل معها تفهمني؟
أومأ مراد بحزن فتابع الطبيب وأخبره أنها الآن أخذت إبرة مهدئة وهي حاليًا نائمة ،شكر العم أحمد الطبيب وأخذ مراد واتجه إلى منزله وهو يعلم في قرارة نفسه أن عاصفة كبيرة على وشك الحدوث وهذا ما حدث فقد انفجر مراد هائجا وهو يصرخ عاليًا ويسـب ويلعـ”ـن
_ طيب أهدى …
قاطعه بغضب شديد وهو يلقي بتلك الورقة وتحدث بشك :
_كنت عارف هو مين من الأول؟
انحنى العم أحمد وهو يلتقط الورقة من على الأرض وأغمض عينيه بصدمة مما قرأه فيها ولا شعوريًا انهمرت الدموع من عينيه كشلال ، وجلس على أقرب مقعده وجده وهو يخفض رأسه للأرض وتذرف عينيه الدموع بحرقة .
أعاد مراد سؤله مرة أخرى وهو يكز على أسنانه بغضب شديد:
_هو أنطق ساكت ليه ؟
رفع العم أحمد رأسه وقال بحزن شديد:
_مكنتش أعرف إن هو والله صدقني أنا …
هسهس مراد بغضب شديد:
_سؤالي واضح كنت عارف إن هو إللي عمل كده في عيلتي؟
فهم العم أحمد ما يريد قوله فأحني رأسه للأرض بحزن شديد وقال ببكاء:
_ إسمعني الأول ….
صرخ مراد بغضب:
_كنت عااااااارف جاوبني !!!
ضغط العم أحمد على الورقة بين يديه وهو يخفض رأسه أرضًا ودموعه تنهمر بقوة :
_كنت عارف إن هو إللي سجن أبوك ظلم بـ…
_وليه ما قولتليش ليه فضلت مخبي عليا السنييين دي كلها ليه ؟
_ علشان خايف عليك إفهم !!
طابعه مراد بغضب شديد:
_الحقيـ… هو إللي عمل كده في أختي ابن ال … ورحمة أبويا ما هرحمه
صمت قليلاً ليصرخ بشدة وهو يتلفظ بأبشع السبـ”ـاب والألفاظ وأخذ يركل كل ما تقع عليه عينه وهو يبكي بشدة ثم جثى على الأرض وهو ينتحب ، اقترب منه العم أحمد وهو يتقـ”ـطع من الحزن عليه ثم وضع يده على كتفه وتحدث وهو لا يدري ماذا يقول له حتى يخفف عليه هو نفسه لا يصدق أن ذاك الحقـ”ـير فعل ذلك
_ طيب اهد….
أبعد مراد يده عن كتفه وصرخ بحدة :
_ متقوليش زفت أهدى أهدى إزاي قولي ضيع أختي قـ”ـتلها بعد ما عذبـ”ـها ابن الـكـ… ضيع عيلتي مني يتمني حرمني من كل حاجه حلوه في حياتي أعيش لمين أنا أعمل إيه بحياتي حياة إيه إللي بتكلم عنها هي دي حياة.
_ استغفر ربك ده ابتلاء إيه هتعترض على قضائه إنت إنسان مؤمن وأنت مش أول ولا آخر واحد عيلته تموت ده النبي صلى الله عليه وسلم أتيتم وهو لسه في رحم أمه وبعد ما اتولد أتيتم لتاني مرة ده …
قاطعه بنحيب:
_ إحنا مش انبياء علشان تقولي الكلام ده .
_ أهدى علشان نعرف نفكر صح !
شد مراد على شعره بغضب شديد:
_متقولش الكلمة دي أنا في جوايا نار نار بتحرقني لسه ده مخفش .
أشار على قلبه بوجـ”ـع ثم تابع :
_ أيوة اتعالجت بس كل جروحي انفتحت من تاني قلبي لسه بينـ”ـزف محدش هيحس بالنار إللي جوايا ده مسبش حاجه معملهاش في عيلتي سجن أبويا ظلم وخد كل أملاكه واعتـ”ـدى على أختي وقتـ”ـلها وهو السبب في حالة أمي دلوقت …والله ما هرحمه.
ابتلع الغصه التي تشكلت في حلقه واردف بعينين يملؤهما الغضب :
_ لميس أختي .. أنا بتعـ”ـذب إني سيبت أهلي ومكنتش معاهم أكيد وجودي كان هيفرق أنا مكنتش بطيقه الراجل ده ياما حذرت أبويا منه بس آه .
صمت قليلاً كأنه تذكر شيء قد غفل عنه ثم تابع بدهشة :
_ لحظة لميس بنته البنت الصغيرة دي كانت بنته صح وأنا عايز أفتكر شوفتها فين و لحظة جدتها إللي بتعالجني دي بنتها تبقى مراته الـ…. يعني إيه
يقـ ـتلوا القتيـ ـل ويمشوا في جنازته أو يسـ ـموك وبعدين تصعب عليهم فيقوموا عطيانك الترياق ، لا وأنا إللي مديون بحياتي لابنته لأنها فوقتني من الوهم إللي أنا عايش فيه ،لا ومش بس كده ده أنا كمان اتعلقت بيها وكنت بلاعبها وهي أبوها الـ….
_ متظلمهمش يابني مكنوش يعرفوا واللهِ وبعدين جنار عايشه هنا في تركيا مع بنتها والدة لميس بعد ما الحقيـ”ـر طلقها هما ملهمش دعوه بأي حاجه
_ ميهمنيش هنتقم من الكـ….
قاطعه العم أحمد بأن صفعه على وجهه ،فضحك مراد بـغُلب وهو يقول بصوت مرتفع نسبيًا وبنبرة لا تقبل النقاش:
_مش هتوقفني بردو عن إللي في دماغي !
قال العم احمد بمحاولة للتفاهم:
_ يابني أقعد كده واسمعني كويس الأول !
بقى مراد على حاله ولم يستمع إليه وكاد يخطو تجاه الباب فأوقفه العم أحمد وهو يتشبث بذراعه بقوة وجذبه معه تجاه غرفة المعيشة بعد أن أغلق الباب بمفتاحه الخاص ومنعه من المغادرة وهتف بقلق :
_إسمعني كويس أنا معرفتش أحمي والدك بس مش هسمحلك تروح للموت برجليك فاهم أنت فكرك هتقدر تثبت حاجه عليه مفيش ولا دليل يدينه ومتنساش ده راجل له وزنه في البلد أنت متعرفش بقى إيه دلوقت مفيش حد هيصدقك هتقولي اعتراف والدتك عليه ،سوري يا مراد في إللي هقوله بس والدتك مريضه أيوة فاقت وحكت بس رجعت لوضعها تاني وفي الحالة دي القاضي مش هيقبل يسمعها.
صمت يتنفس الصعداء قبل أن يكمل :
_ لأنها ببساطة مريضة وشوف بقالها كم سنه في المستشفى وكمان حاجه عز مسنود من فوق وفوق أوي كمان عز شغال مع المافيا عارف يعني إيه مش هتعرف توقف قُصاده لوحدك لازمك مساعدة أهدى وفكر كويس في كلامي إذا كنت عايز ترد حقك وتنتقم لوالدك يبقى تسمع كلامي كويس ومضيعش تعبنا على الفاضي
كان يستمع لحديثه بإصغاءٍ تام وهو يغلي بداخله ولكن ذلك الرجل الذي رباه معه حق في كل ما قاله لابد أن يتريث في خطواته ولا ينسى أنه لازال طالبًا جامعيًا يتبقى له سنتان على التخرج هو أضعف من أن يقف في وجهه بمفرده لذا أقتنع إلى حد ما بكلام العم أحمد.
_ وأنت عايزني أعمل إيه مش فاهم ؟
_ عايزك تسمع إللي هقوله كويس .
ثم بدأ يقص على مسامعه عن قصة التعهد على حياة حفيدته وعن كل شيء توصل إليه ،كان مراد مندهش بما سمعه وما زاده ذاك إلا إصرار على الانتقام منه
_ هما كمان مش بيطيقوا ولا عايزينه في حياتهم ده واحد وسـ ـخ حاطط علي حياة بنته الصغيرة تعهد ده واحد معندوش ضمير ولا نخوة اهدي كده وركز معايا ومتنساش يا مراد مين وقف معاك وساعدك
ولميس دي حتي لو كبرت دلوقت فهي طفله لا حول لها ولا قوة!
_ وأنا أختي مهي كانت زيها بردو وهو مرحمهاش بردو يبقي أنا ارحم بنته ليه أنت بتحكيلي كل ده ليه يعني ؟
_هو واحد بايع بنته وعملها تعهد لرجالة المافيا هتفرق معاه بنته حد يقتلها أو حتى يعملها أي حاجه وبقولك كده ليه علشان افكرك إللي بنتكلم على حياتها دي تبقى في مقام حفيدتي وأنا مقبلش إنها تروح في الرجلين وهي ملهاش ذنب وبعدين يا مراد أنت هتنتقم منه وكل حاجه بس متبقاش زيه وقتها هتفرق عنه إيه ؟فكرك أختك هتكون مبسوطه لما تعمل كده .
صمت يطالع وجهه بدقة يرى تأثره بحديثه قبل أن يكمل بهدوء :
_هتكون مبسوطه لما أخوها يتحول لواحد شيـ ـطان ويضيع مستقبله ! وأظن إنك كبرت وبقت فاهم الدنيا ماشيه إزاي ولو أنت كشفته بنت أخويا هتموت بحسرتها على بنتها وقبل ما تقولي مانا امي عايشه ومش عايشه تفرق لأن دي واحده انطلقت من جوزها وبقالها أكتر من 8سنين هنا بعيده عن كل مشاكله وقرفه وهي انطلقت منه لما عرفت بشغله الـ**** يبقى نهدى ونفكر بالعقل والمنطق شوي ومندخلش ناس ملهاش ذنب في انتقامنا !
أنهى حديثه وهو يراقب تعبيرات وجهه فوجده هادىٔ يفكر في كلامه ابتسم بظفر أنه تمكن من إخماد غضبه المتأجج نحو لميس وجنار وبذلك أخرجهم من دائرة انتقامه ، ثم أخرج هاتفه وضغط على بعض الأزرار ثم وضع الهاتف على أذنه مرت لحظات ثم سمع إجابة الطرف الآخر.
____________________________
كانت جنار تقص بعض الأوراق الفاسدة من حول زهورها التي تزرعها عندما قطع عليها ما تفعله صوت هاتفها الذي يهتز بجوارها معلنا عن مكالمة هاتفية جديدة أمسكت الهاتف وهي تنظر للاسم المدوّن باستغراب فقد مضى مايزيد عن خمس سنوات وقد هدأت الأوضاع كما تحسن مراد وتابع حياته وهو الآن يستعد لينهي آخر سنواته في الجامعة كما أن صغيرتها قد كبرت وتستعد لدخول أول عام في دراستها الجامعية
_السلام عليكم ورحمه الله وبركاته !
_وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته جنار ممكن تجي البيت حالا ولما توصلي هقولك كل حاجه يلا سلام !
قالت جنار بتوتر:
_تمام ربنا يستر !
كان مراد شاردًا في أفكاره لم ينتبه على مكالمة العم أحمد ، فاق من شروده على وجود تلك الطبيبة ، وهي تبتسم وتحاول أن تستشف سر تلك الزيارة المفاجئة:
_ ازيك يا مراد ؟
أومأ مراد بإقتضاب ، استغربت جنار من معاملته وقبل أن تتكلم نظر إليها العم أحمد وأشار إليها أن تنهض وتتبعه وما إن اضحوا بمفردهم قالت جنار بتوتر :
_ هو ماله بيبصلي كده ليه انتوا وصلتوا لحاجة؟
تنهد العم أحمد بحزن شديد ثم استرسل يقص عليها ما حدث من أول زيارته لوالده مراد إلى معرفة الحقيقة كاملةٍ ،شهقت جنار بصدمة وهي تضع يدها على فمها بينما تبكي بشدة ..ثم عادوا إلى حيث يجلس مراد فتحدثت جنار بنبرة باكيه وهي لا تعرف ماذا تقول له ؟
_مراد أنا مقدره إللي أنت فيه بس ، أرجوك يا ابني متظلمناش ،وتاخدنا بذنبه إحنا معملنلكش حاجهولميس دي لميس الطفله إللي اتعلقت بيها ملهاش ذنب ،في أن أبوها كده ! أنا مستعدة أساعدك تنتقم منه بس أرجوك بلاش لميس هي ملهاش ذنب !
ومش كفايه إنه عملها تعهد وحياتها في خطر بسببه
كانت تتحدث بخوف على حفيدتها خوفاً أن تكون ضمن دائرة انتقامه أو أن يقرر الانتقام منها هي ويقتص من أبيها عن طريقها لم تكن تعلم بأن العم أحمد قد منعه من ذلك وأوضح له بأنهم لا ذنب لهم في حين كان مراد يستمع لحديثها بصمت تام ومضى يومان تركوا فيها مراد ليجمع شتات نفسه ثم اجتمعوا مرة أخرى وطال الصمت فـ هتف مراد بعد صمت طويل :
_موافق تساعدوني !
جالت جنار بعينيها على معالم وجهه بتوتر:
_ وحماية لميس حفيدتي هتكون مسؤوليتك!
_ نعم بتطلبي مني إيه أنا أحمي بنته إللي هو …
_ده إللي عندي مش مستعدة أخسر حفيدتي في اللعبة دي لميس برة اللعبة وحياتها في خطر علشان كده لازم تتجوزها .
انتفض مراد بغضب شديد واستنكار:
_ نعم أنتِ عارفه أنتِ بتطلبي مني إيه ؟
عودة إلى الواقع
استفاق من شروده على صوت نحيبها وهي تبكي بشدة بينما لايزال يمسك بيدها يضغط عليها بشدة ثم أخذ يصيح بما كان يخبئه منذ زمن وهي منهارة بين يديه:
_ ذنبك إيه طب وأنا كمان أنا ذنبي إيه ذنب أمي إيه ذنب لميس إيه ؟.
صمت قليلاً بينما هي ازدادت دقات قلبها بقوة وجاهدت لالتقاط أنفاسها فتابع مراد صارخاً وقد فاض به الكيل :
_ذنب لميس إيه قولي لي انطقي ساكته ليه؟ .
كانت شهقاتها عاليه تبكي بشدة تتنفس بصعوبة بالغة لم تعلق على الإسم الذي ذكره فقد تذكرت عندما كانت تأتي له وهي صغيرة أنه ذكر إسمها بدون أن تعلمه إياه وتذكرت همسه أثناء نومه عندما خرجت أول مرة من الغرفة إذن لم يكن يعنيها هي ، بكت وبكت بشدة على انهياره على ما حدث معها على حياتها التي انقلبت لدراما غريبة وجدت نفسها بلا وعي تؤدي دورًا فيها وهي لا تفقه شيء من حولها ومطلوب منها الإستمرار …
_ سكتي ليه ذنب أختي إيه؟إنطقي !
قال الأخيرة بصراخ فانتفضت بذعر و شعرت بضيق في التنفس كما لو أن الهواء انقطع فجأة في الغرفة ، في حين أكمل مراد وهو يخرج كل ما في جعبته من نارٍ قيدته لأعوام عديدة أخذ يفجر كل كبته وغيظه صاح بكل قوته وهو يهزها بين يديه بينما هي تنتفض بشده وتشهق بقوة تجاهد لالتقاط أنفاسها وتبكي بشدة
_قولي لي ذنب أختي اي من ده كله ذنب أبويا إيه
إنه كان طيب إنه كان مسلم لأبوك إنه كان
معتبره صاحبه ومتوقعش منه الغدر ،وأختي لميس الطفله البريئه إللي عندها 12 سنه بس
تمـ ـوت بالطريقه البشـ ـعه دي يقتـ ـل براءتها وطفولتها ويكــ ـسرهاوفي وسط ده كله متخيلش تكون بنته إللي قدامه
شهقت لميس بقوه وهي تتذكر بعض المقتطفات من ذاكرتها
_انتِ إسمك لميس صح ؟
قالت لميس أخت مراد:
_ أيوة زي إسمك بردو بس أنتِ عينيكِ زرقه حلوه أوي !
_ لميس حبيبتي !
قالتها والدة مراد “سميرة ” فالتفتت الصغيرة لها وهي تلوح لها بدميتها بينما نظرت لميس بطلتنا إلى والدة مراد ببسمة
_ إيه ده اتعرفتي على جارتنا إيه رايكوا تبقوا صحاب والله قمرتين إللي يشوفوكم يقول أخوات ما شاء الله تبارك الرحمن !
قالت فيروز بهدوء وهي ترى طفلتها قد وجدت لها رفيقا أقبلت وهي تبتسم في وجوههم ثم حيّت جارتها:
_ أهلا يا سميرة محدش بيشوفك !
_ أشغال بقى هنعمل ايه ماشاءالله بنتك قمورة اوي ربنا يحفظها لك!
ابتسمت فيروز بهدوء وهي تراقب الصغيرتين وهما تلعبان:
_اللهم آمين وبنتك بردو ما شاء الله عسوله أوي بس بينها أكبر من بنتي !
_آه بسنتين !
حاولت إجلاء صوتها ولكنه خرج متلعثمًا يدل على شدة إختناقها :
_ لـمـيـس كــانــت أخــتك !
وهو لا يرى بـكائها ولا انتفاضتها بين يديه أو صعوبة تحدثها معه أخذ يتابع حديثه بحدة :
_ذنبها إيه الطفله دي يعت ــدي عليها بالطريقه الوحشــ يه دي ابـن الـ…..
فتحت عينيها بصدمة كبيرة عندما إلتقطت أُذُنيها معنى كلماته أيعقل أن من تناديه بـأبي فعل تلك الفعلة النكـراء بـمن عدّتها صديقه لها وإن لم تدم فترة صداقتهم سوى بضعة أشهر قليلة فقط
زاد إنتحابها وبلغ ذروته لم تعد قدماها قادرتان
على حملها الهواء انعدم من الغرفة كليًا شعرت بالاختناق يلف حلقها ودوار طفيف بدأ يطغى عليها لم تجد سوى أن تلقي بنفسها بين أحضانه لعله ينتبه لها وتلتها شهقة عاليه تدل على اختناقها أفاقت الأخير من موجة غضبه العارم ليتنبه عليها أخيرًا .
_ مــراد ..مــش …عــارفه اخُــد ..نـفــســي !
أردف مراد بتوتر وهو يمسكها جيدًا :
_ لميس أنتِ كويسه؟
لم يتلقى منها إجابة ارتخى جسدها ورمت بكل حملها عليه وفقدت الوعي ، احاطها مراد بيديه ثم انحنى وحملها ثم اتجه بها إلى غرفته وضعها على الفراش ثم اتجه إلى النافذة والشرفة وقام بفتحهما حتى يدخل الهواء إليها ثم أحضر جهاز التنفس الخاص بها
وحاول أن يجعلها تستنشقه وبلا فائدة ، نهض من جوارها وهو يضع يديه على رأسه بقلة حيلة نفس الوضع ينعاد مرة أخرى يقف عاجزاً بينما هي تشهق بقوة وتنتفض في محاولة يائسة منها للتنفس
_ لأ مش معقول تموتي لأ مش هبقى عاجز تاني فوق يا مراد فوق أنت مش ضعيف …
_بــتخـنـق !
اقترب مراد منها وأمسك بوجهها بحنو وهو يزيح حبات العرق عن جبينها ، نظرت إلى عينيه وبكت وهي تتأسف له :
_متخافيش هتكوني بخير !
أردفت لميس بعيون باكيه وهي تنظر لعينيه :
_أنا اســفه عـلى كـل كــلمة قولتهالك !
قال مراد وهو يميل عليها :
_مش وقته !
_أنــا …كــنت ..حـاسـه إنه إنـت !
_ لميس حاولي تتنفسي ساعديني !
أنهى حديثه وهو يحاول نزع الخمار عن رأسها فهي لم تبدل ملابسها منذ أمس ، رفعت يدها وامسكت بيده تمنعه
_ أنا جوزك والله ساعديني يا لميس اتنفسي !
_ عــارفه أنا …!
مراد بتوتر وهو يقاطعها:
_أهدي مفيش داعي للكلام ده دلوقت .
صمت قليلًا يفكر :
_ أنا عطيتك البخاخة أنفاسك مش منتظمة بردو تعالي هاخدك للدكتور أحسن !
كادت تمنعه ولكنه أصر ثم حملها برفق واتجه بها إلى خارج المنزل صعد سيارته بعد أن أدخلها ووضع حزام الأمان حولها ثم انطلق مُـسرعًا وهو ينظر إليها بقلق بالغ أخذت تسعل بشدة وترتفع أصوات شهقاتها في محاولة لجذب الهواء إلى رئتيها ، رآها مراد فشرع في فتح نوافذ السيارة وهو يقول بصوت قلق :
_ اتنفسي حاولي !!
___________________________
كانت تنظر إلى هيئتها في المرأة برضى ثم إبتسمت على ما وصلت إليه تغاضت عن التعليقات السخيفة على مظهرها الجديد منْ مَن كانت تعدهم أصدقاء لها ثم اتجهت خارج المنزل قاصدة منزل صديقتها المقربة ، بعد وقت قصير وصلت إلى وجهتها كادت تدق جرس الباب عندما فوجئت بزينب وهي تفتح الباب
_ ازيك يا طنط ؟
فتحت زينب عينيها بدهشة:
_ أنتِ سارة ؟
ابتسمت سارة بتكلف ثم هزت رأسها بإيجاب ثم قالت:
_مفيش أخبار عن لميس ؟
_ لميس تعيشي أنتِ
فتحت سارة عينيها بصدمة :
_ أكيد بتهزري !
_ياريت ربنا يتولاها برحمته !
_ مش صح فيه حاجه غلط !
_أهو إللي حصل !
هزت سارة رأسها بنفي ونبضات قلبها تدق بعنــ ـف ثم ابتعدت عن المنزل مهرولة وهي تبكي بشدة غافلة عن تلك السيارة المسرعة التي تقترب منها ولكن الأوان قد فات:
_ حاسبي يا آنسه!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية حب بين نارين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *