روايات

رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الثلاثون 30 بقلم أمل نصر

رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الثلاثون 30 بقلم أمل نصر

رواية عينيكي وطني وعنواني البارت الثلاثون

رواية عينيكي وطني وعنواني الجزء الثلاثون

رواية عينيكي وطني وعنواني
رواية عينيكي وطني وعنواني

رواية عينيكي وطني وعنواني الحلقة الثلاثون

لقد أقسم ان يكمل المشوار.. اقسم الا يكرر خطئه مرة اخرى بعد ان سهى قليلًا عن مراقبته وفوجئ بعدها بفاجعة الحادث الأليم.. والذي راح ضحيته صديق عمره وبقي حسين وحده بين يدي الله في صراع البقاء.. هو لايعلم الحقيقة كاملة ولكنه يعلم جيدًا بحقيقة هذا الثعبان ذو الواجهة الناعمة من كلمات صديقه الراحل وبما لمسه هو نفسه اثناء مراقبته طوال الأيام السابقة.. قبل ان يغفل عنه لدقائق فقط عند محطة الوقود .. حينما ابتاع بعض الأشياء من محل البقالة الكبير والملحق بالمحطة.. متكلًا على دلوف السائق المرافق له في غرفة المراحيض العامة.. ليخرج بعد ذلك ويفاجأ باختفاء السيارة الكبيرة واختفاءه معها وظل فقط السائق الذي كان يسب ويلعن بأفظع الشتائم .. حتى تحدث في الهاتف وهدئ بعدها وكأن شيئًا لم يكن.. وقتها فقط شعر بالخطر.. هذا الخطر الذي رأه بعد ذلك بعيناه وهذا الثعبان يتسحب بقدميه ناحية غرفة العناية في هذا الوقت المتأخر من الليل ورأسه تدور يمينًا ويسارًا بدليلٍ واضح على سوء نيته.. مما جعله يترك موقعه بوسط الدرج الرخامي والذي جلس يستريح عليه اَخيرًا.. بعد رحلة تهروبه من عمال المشفى بين الطوابق.. سار بخفة خلفه ليتبع خطواته.. ثم توسعت عيناه بجزع وهو يراه من خلف الحاجز الزجاجي وبيده الحقنة التي كان يملؤها بالهواء.. توقف عقله عن التفكير بأي شئ سوى إيقاف هذا المجرم.. ليجد نفسه يتناول سلة القمامة الوحيدة التي وقعت عليها عيناه وقتها.. وعلى اطراف أصابعه سار بداخل الغرفة التي دلفها وبعزم شديد رفعها في الهواء ليضرب بقاعدتها القاسية على خلف رأسه وتبعه بضربة أخرى اقوى من سابقتها ..اسقطته مغشيًا عليه قبل ان يتمكن حتى من رؤيته.. بصق بفمه مخرجُا سبة وقحة قبل ان يقترب من حسين فخاطبه بلهجة حازمة ولوم:
– ماتقوم بقى ياعم حسين وفوق عشان ترجع الفيران دي لحجورها من تاني ..قوم بقى وكفاياك ياعم .
ثم دون أي كلمة اخرى أخرج سلة المهملات سريعًا ليضعها قرب الباب ثم سحبه من اقدامه ليخرجه منها نهائيًا وتركه بالردهة الصغيرة خلف الغرفة بعد ان تناول الحقنة ووضعها بجيب سترته.. خطا سريعًا عائدًا لمكانه وسط الدرج في انتظار من يأتي .
لم يشعر بدخول الهواء داخل صدره سوى بعد ساعة تقريبًا من الزمن بعد أن رأى الفتاة الممرضة وهي تتقدم نحو الغرفة والتي خرجت بعدها بقليل مهرولة بجزع لتأتي ببعض العمال واصداقائها الممرضات .
………………………

 

 

حينما عاد علاء من صلاته التي وصلها بصلاة الفجر تعجب من مجموعة البشر الملتفة حول شئ معين.. شعر بالخوف يجتاح قلبه وهو يسرع بخطواته حتى وصل اليهم.. ابعد بيده اثنان من الأشخاص وهو يسأل بتوجس:
– في إيه؟ إيه اللي حصل؟
تفاجأ بسعد والذي ارتفعت اليه عيناه غريزيًا إليه وإحدى الممرضات تطبب له رأسه وتربطها بالشاش الطبي.
سأل علاء بجزع وهو يحدق لهذا الجرح الواضح خلف رأس سعد :
– إيه عورك كدة؟ حصلك إيه بالظبط ياسعد ؟
اعوج فمه وهو يطرق برأسه بإحباط بعد فشل مخططه وتكلفت إحدى الممرضات بالإجابة:
– الاستاذ صاحبك لقيته مرمي جمب غرفة العناية المركزية بتاعة المريض اللي يخصكم .
توسعت عيناه بصدمة وهو يتسائل بعدم استيعاب:
– ازاي يعني؟ انا مش فاهم حاجة.. وقعت على دماغك يعني ؟ ما ترد ياسعد .
سبقه احد العمال برد متحذلق:
– وقع دا إيه؟ دا شكله خد ضربة شديدة على نفوخه من ورا.. ولا انت مش واخد بالك يااستاذ من مكان الإصابة فين؟
حدق علاء بتفحص نحو ما أشار الرجل على رأس سعد في الخلف مكان الإصابة وبأطراف اصابعه حركها قليلًا فصرخ عليه سعد :
– اااه ما بالراحة ياعلاء أخي.. انت مش واخد بالك من التعويرة.
– معلش ياعم اسف..بس انا كنت بشوف حجم الإصابة.
هم ليرد عليه مرة أخرى ببعض الكلمات التي تُظهر حجم ضيقه ولكن احتدت نظراته فجأة نحو هذا الذي أتى اليهم لاهثًا يسأل :
– الف سلامة عليك ياسعد.. هو انت اللي حصلك دا حصل أزاي؟
اظلم وجهه وهو ينظر اليه بأعين مشتعلة واشارات الشك برأسه تدور نحوه.. ثم من دون أن ينطق ببنت شفاه نهض يتجاهله وهو يخاطب علاء :
– انا رايح الحمام .
ذهب على الفور امام نظرات التعجب من الإثنان والصمت الذي قطعه عصام:
– انت معرفتش ماله؟
هز علاء راسه نافيًا:
– لا معرفش انا واصل حالًا لإني كنت بصلي الفجر في الجامع اللي تحت .
– وانا بصراحة عيني غفلت على كنبة المكتب و…
لم يكمل جملته وذلك لأنه تفاجأ بأحد ألأشخاص من إداري المشفى يستأذنه:
– دكتور عصام لو سمحت ممكن كلمة.
استأذن ليذهب للرجل من علاء الذي عاد للجلوس على مقعده من الأمس في انتظار إفاقة شقيقه.. ليضاف إليه ايضًا انتظار سعد ومعرفة ماالذي أصابه؟
…………………………

 

 

بداخل غرفة المراحيض الخاصة بالمشفى وقف امام المرأة الكبيرة المعلقة بالحائط يغسل بحرص من ماء الصنبور على جانبي وجهه اثار الدماء التى نزلت على رقبته و لوثت قميصه ايضًا.. وحريق مشتعل بداخله مما حدث له منذ قليل وأجهض خطته وما كان ينتوي فعله .. عقله يشير نحو هذا العصام ولكن مع مساحة قليلة من التفكير.. ان كان هو بالفعل فما الذي منعه من كشفه امام علاء بل وفضحه أمام المشفى جميعها أيضًا وهو مديرها وله السلطة بالقبض عليه وتسليمه للشرطة.. إذن فمن هذا الذي فعلها؟ من الذي رأه واكتفى بضربه فوق رأسه؟
فجأة انتابه شعور الخطر الكبير وقد ذهب منه إحساس الأمان بداخله لغير رجعة .. ولابد من التصرف!
……………………..
حدق بالشاشة امامه لدقائق بأعين متسعة قبل أن يتجه بأنظاره نحو هذا الفتى الصغير.. والواقف بجوار رجال الأمن بثقة وعدم خوف من نتائج مافعله.
– ايه ده إيه ده؟ إيه يابني ده؟ جبت الجبروت دا منين عشان تعمل دا كله لوحدك ولا انت معاك شريك؟
أجابه بجرأة:
– انا لوحدي و معايش حد ؟
– كمان !!
قالها باستهجان قبل أن يخاطب رجال الأمن وجميع الموجودين داخل الغرفة من موظفين بغرفة الكاميرات بالإضافة إلى رئيسهم :
– وانتوا بقى كنتوا نايمين ولا إيه ظروفكم بالظبط؟ عشان عيل زي ده يستغفلكم ويبات في المستشفى لا وكمان يجيب لنا مصيبة؟
دافع كبيرهم قائلًا:
– يا دكتور عصام الولد زي ما انت شوفت بنفسك..كان بيتهرب من مكان لمكان وجسمه الصغير مساعده..لكن اهو قدرنا بالكاميرات نجيبه ونعرف مكانه.
توعدهم بحزم وهو يطرق بقبضته على خشب المكتب المثقل:
– ماشي ماشي خلي تبريرك دا لبعدين انت والبقية في التحقيق ان شاء الله .
– وهما ذنبهم إيه عشان تجازيهم؟ انا اللي غلطت تبقى تحاسبني أنا .
صاح بهى الفتى مما جعل عصام يفقد البقية من أعصابه:
– وانت كمان ليك عين ياولد انك تدافع وتتكلم بعد ماعملت مصيبتك لما كنت هاترتكب جريمة قتل بضربك لسعد بالطريقة الغبية دي وفي نص الليل كمان .. ولا انت ماشوفتش شكلك في الكاميرا حالًا وانت بتجره زي القتيل .
هتف حانقًا:
– امال كنت عايزيني أشوفوه وهو بيحاول يقتل عم حسين بحقنة الهوا واتفرج زي الأهبل بقى واقعد ساكت؟
قطب حاجبيه يسأله بعدم تصديق:
– يقتل مين ياولد؟ هو انت بتخرف ولا اتجننت؟
– انا مابخرفش ولا اتجننت وادي الحقنة أهي وشوف بنفسك.
قال الأخيرة وهو يضع الحقنة بعنف على المكتب الصغير.. بعد أن اخرجها من سترته .. مما جعل عصام ينظر لها جاحظ العينين لعدة لحظات قبل أن يستدرك نفسه مخاطبا وكيل المشفى:
– نعيم اقفل علينا باب الأوضة دي حالًا دلوقتي وانت يابني عايزك تشرحلي كدة وبهدوء انت بتقول إيه بالظبط عشان افهم
…………………………..

 

 

في منزل شاكر
بداخل غرفتها وبعد أن ادت فرضها بصلاة الفجر استقامت فجر وهي ترفع معها سجادة الصلاة .. وفور ان استدارت اجفلت لوجود سميحة ابنة عمتها واقفة بجوار الباب .. خاطبتها وهي تخلع عنها رداء الصلاة ( الإسدال) :
– واقفة عندك ليه؟ ماتدخلي .
تحركت بتثاقل لداخل الغرفة لتجلس بجوارها على التخت وهي ترد عليها :
– انا بس مستغرباكي يعني.. امتى لحقتي تنامي ؟ وامتى لحقتي تصحي؟
ردت بابتسامة باهتة وهي تشد الغطاء عليها وتستند بظهرها على قائم السرير:
– يابنتي انا ملحقتش انام اساسًا عشان اصحى؟ دا احنا على ما وصلنا امبارح بالليل واطمنا على خالتي زهيرة كانت الساعة واحدة وعلى مادخلنا البيت وصلينا انا وشروق كانت الساعة مقربة على تلاتة.. بعدها بقى حطيت راسي عشان اعرف انام معرفتش أبدًا أو يمكن أكون غفلت نص ساعة وماحسيتش بيها.. المهم اني قومت بدري ذي ما انتي شايفة كدة وصليت الفجر .. انتي بقى ايه اللي مصاحيكي بدري ؟
لوت شفتيها وهزت كتيفيها تقول:
– مش عارفة والنبي يابنت خالي.. ولا يمكن عشان نمت بدري امبارح لما لقيت البيت هس هس ومافيش حد غيري عشان اكلمه وابراهيم اخوكي قاعد على شاشة الكمبيوتر بتاعه في أؤضته.. قال وانا اللي قولت اني هاخد السبوع هنا معاكم رغي طول الليل والنهار .. قوم تيجي الحادثة المنيلة دي.. عشان تعرفي بس اني حظي الزفت مرافقني على طول .. حتى هنا.
ردت عليها فجر برقة:
– ليه بتقولي كدة بس يابنتي ؟ ادعي انتي ربنا يعديها على خير وبعدها نرغي ونحكي معاكي للصبح.. بس انتي مقولتليش يعني..هي والدتك مباتتش معاكي امبارح ليه؟.
– لا ياستي .. ماهي باتت مع عمتي سميرة عند الست،حماتك العيانة.. ربنا ياخد بإيدها يارب.. دي هي نفسها رجعت متأخر كمان يدوبك قبلكم بساعة.
قطبت بحيرة:
– قبلنا بساعة؟! ليه يعني واليوم كله امبارح قضته فين بقى؟
تنهدت بيأس قائلة:
– مقالتش يافجر ولو سالتها هاتقولي أي كلام .. امي اساسًا اتغيرت من ساعة اختي ما اتوفت زيها زي ابويا .. بس على الاقل هي بتتعامل كويس معانا غيرش بس لما تفتكر اختي وتدخل اؤضتها وتقعد فيها بالساعات وماحدش فينا يقدر يقرب ولا يخبط عليها.. اما ابويا بقى فدا في ملكوت تاني .. دايمًا سرحان وضحكته مطفية .. حتى في عز فرحته بيا..
اخواتي الصبيان بيحبوا بعض عشان فاهمين بعض وانا بحس اني غريبة وسطيهم.. اصلها حلوة اوي لما تبقي اختك هي صاحبتك.. ياما كان نفسي يبقالي اخت اكبر ولا اصغر مني احكي واتحاكى معاها زيك انتي وشروق كدة.. على قد ما هي زي القطة النفرية لكن تتحب من اول قعدة..
ارتسم الحزن جليًا على ملامح وجهها اشفاقًا على ابنة عمتها الصغيرة التي حُرمت من شقيقتها الكبرى والتي كانت لها هي قديمًا خير صديقة.. ربتت على ذراعها وقالت بحنان:
– انا صاحبتك واختك وحبيبتك ياستي.. مبسوطة بقى؟
تبسمت لها سميحة وهمت ان ترد ولكن استوقفها نداء شاكر من خارج الغرفة:
– يافجر انتي و سميحة انا سامع صوتكم.. و مدام صاحين يابنات اطلعوا ياللا حضروا الفطار عشان اللحق مشوار المستشفى .
…………….. ……………….

 

 

 

لماذا لم يفكر فيه سابقًا ؟ لماذا غفل عنه كل هذه السنوات في خضم بحثه عن الحقيقة.. متناسيًا بكل غباء الوجه الاَخر لسعد الذي رأه هو فقط في عدة مواقف صغيرة اثناء دراستهم بالجامعة.. والتي كان يستغل فيها بكل حنكة ومسكنة طيبة علاء وعاطفة الحماية نحوه.. كيف تمكن عقله الغبي من نسيان نظراته المكشوفة نحو فاتن حبيبة صديقه؟ كيف صدقه حينما أنكر معرفته بأمينة الطرف الاَخر في الجريمة وهو من أتى بها؟ كيف غفل عن المستفيد الوحيد للتفرقة بينه وبين علاء وبين علاء وحبيبته السابقة فاتن؟!
– سرحت في إيه ياسعادة الدكتور؟
استفاق من شروده ينظر بأعين شاردة نحو هذا الفتى الصغير الذي تمكن بشجاعته من كشف الستار اَخيرًا عن اللغز الذي أرق مضجعه لسنوات طوال .. مسح بأطراف اصابعه على ذقنه بتوتر وقال:
– بقولك إيه يااامازن ..مستعد انت بقى تشهد بالكلام ده قدام علاء أو الحج ادهم المصري؟
– واشهد قدام المحكمة كمان لو حصل.. لهو انا جبان عشان اضيع حق اصحابي؟
اومأ برأسه له قبل ان ينتقل لوكيل المشفى المتبقي الوحيد معهم في الغرفة بعد أن اخرج جميع الموظفين:
– اسمعني يانعيم عايزك تراجع الكاميرات وتنبه على العمال ينتبهوا قوي على غرفة حسين في الايام اللي جاية وتاخد بالك من مازن وتجيبلوا فطار وتشوفله مكان يريح فيه و…
– انا مش هافضل هنا انا عايز اخرج عشان اخد بالي من عم حسين .
قالها مقاطعًا لعصام الذي هتف عليه حانقًا :
– بس بقى يابني وافهم ان المهمة دلوقتي بقت على المستشفى كلها.
فتح مازن فمه ليجادله مرة اخرى ولكن أوقفه طرق الباب وأحد الأطباء يهتف من الخارج
– يادكتور عصام حالة المريض بتاع حادثة امبارح الاستاذ حسين فاق من البنج !
………………………….
في شقة علاء التي اقتحمتها شروق هاتفة بصوتها العالي :
– خالتي زهيرة ياخالتي .. انتي فين ياخالتي زهيرة ؟
خرجت سميرة مجفلة من المطبخ وبيدها كوب زجاجي ممتلئ بإحدى المشروبات الساخنة :
– مالك يابت بتزعقي كدة ليه ؟
ردت شروق بلهفة وهي تتجه نحو غرفة نوم المرأة وخلفها فجر ايضًا:
– حسين فاق ياماما حسين فاق .
حينما فُتح الباب فجأة وجدوا زهيرة واقفة بوسط الغرفة وهي مستندة بجسدها الضعيف على ذراعي عمتهم فوزية.. متسمرة بوجه رخامي وكأن سماعها للخبر من خارج الغرفة اصابها بالتخشب.. كررت شروق على مسامعها بهدوء :
– حسين فاق ياخالتي زهيرة وان شاء الله هايبقى كويس .
هطلت دماعتها بغير تصديق وهي تنقل عيناها نحو فجر تلمتمس الصدق منها ..فرددت هي أيضًا بتأكيد :
– صدقيها ياخالتي زهيرة .. علاء اتصل بينا دلوقتي حالًا وبشرنا وقال لنا نيجي كمان نبشرك عشان مستنيكي تيجي مع والدتي على هناك.. هاتقدري تيجي تروحي تشوفيه ياخالتي ؟
لم تستطع النطق سوى انها فتحت ذراعيها لتستقبلهم بعناقها ودموع الفرح انطلقت منها بشهقات ومنهن أيضًا داخل أحضانها .. مسحت فوزية بإبهامها الدمعات التي سقطت متأثرة ببكائهن أما سميرة القوية دائمًا فكانت تكرر بكلمات الحمد مترافقة ايضًا بسقوط دموعٍ عزيزة قلما تخرج منها.
………………………….

 

 

قبله فوق رأسه الجريحة وواحدة أخرى فوق جبينه استمرت للحظات قبل ان يقبل كفه ايضًا وصوته الأجش خارج بصعوبة من فرط مشاعره نحو ابن قلبه الذي نجا واستفاق اخيرًا :
– حمد الله على سلامتك ياحبيبي.. الف الف حمد الله على سلامتك .
اومأ له بعيناه ورد بصوت بالكاد خارج منه:
– الله يسلمك ياوالدي .
ردد خلفه بصوت خرج بارتعاش:
– ياحبيبي.. وحشني صوتك قوي يانور عيني ربنا مايحرمني منك يارب .
صدر صوت عصام من خلفه :
– كفاية بقى ياعم أدهم عشان مانتعبوش اكتر من كدة.
رفع رأسه يرد عليه :
– يعني ما ينفعش افضل دقيقتين كمان معاه؟
جاء الرد من علاء والذي كان واقف من البداية متكتفًا باستمتاع وهو يراقب ادهم المصري الرجل المهيب والمشهور بقوته.. وهو الاَن في اضعف حالاته بجوار شقيقه الذي استفاق اخيرًا بمعجزة:
– ماخلاص بقا ياوالدي مش عايزين نبقى طماعين كفاية اننا اطمنا عليه .
تحرك ادهم مضطرًا يقبل كف ابنه مرة أخرى قبل ان يبتعد عنه:
– عندكم حق انا مش عايز ابقى طماع و كفاية عليا انه فاق للدنيا والباقي بعد كدة يجي بالصبر .. الف حمد ليك يارب..الف حمد.
نظر علاء نحو أخيه قبل أن يخرج معهم فهمس اليه باسم حودة ..اومأ له بتوتر يرجوا الا يكشف كذبته:
– كويس ياخويا اطمن.. كويس ان شاء الله .
هم ليتهرب ولكنه همس بإسمها هذه المرة فأشرق وجه علاء ليطمئنه بابتسامة اعادت الدماء الى وجهه:
– اتصلت بيها ياعم وزمانها جاية في السكة مع فجر وابوها .. دي فرحتها بسلامتك ماتتوصفش
…………………….
بعد ان خرج الثلاثة من غرفته تنهد علاء ارتياحًا ومعه والده الذي لم يكف لسانه عن الحمد .. أجفلهم عصام قائلًا:
– طب ياجماعة انا كنت عايزكم تيجوا معايا على مكتبي في موضوع مهم .
تكلم ادهم بقلق:
– اوعى يكون في حاجة خطر على حسين .
اسرع نافيًا :
– لا ياعم أدهم .. حسين ماشاء الله وضعه لحد الاَن كويس اوي.. بس انا كنت عايزكم في حاجة تانية خالص.
– حاجة إيه يعني؟
قالها علاء بعدم تركيز فقد انشغل برؤية حبيبته التي كانت خارجة من المصعد فهرولت اليه بفرحة استقبلها معانقًا إياها حتى ارتفعت اقدامها عن الارض ..
خرج صوتها بتلجلج وارتباك لعدم توقعها فعلته هذه امام الجميع:
– الف…الف ..حمد على سلامة حسين .
انزلها مضطرًا باستحياء حينما رأى هذه النظرة الحازمة من ابيها والذي ردد من تحت اسنانه :
– حمد على سلامة حسين ياعم علاء .
ضحك أدهم يشاكسه والتفت هو لحبيبته التي زحف اللون الاحمر على وجنتيها وهي مطرقة عيناها للأرض بخجل فزجرتها شروق كالعادة تدفعها:
– ودا وقته ده؟ انا عايزة اشوف خطيبي .
عض على أسفل شفته غيظًا وهو يكور قبضته نحوها مما اثار ضحكة عالية لأدهم فخاطبها مابين ضحكاته:
قدمي لقدام شوية يابنتي مع والدك وفجر واسبقوانا.. واحنا دقيقتين كدة وراجعين لكم .
تحرك شاكر ومعه ابنتيه نحو غرفة حسين .. وتحرك الثلاثة في رواق المشفى في اتجاه غرفة مكتب عصام الذي لم يكن منتبهًا لكل أجواء البهجة والمرح من حوله.. وسألهم :
– امال سعد راح فين يا علاء؟ اصل يعني مش شايفه .

 

 

هز بكتفيه يرد بعدم معرفة:
– معرفش .. فجأة اختفى في وسط المعمعة اللي حصلت لما الدكتور بشرنا بفوقان حسين .
تمتم عصام بداخله عليه بسبة وقحة وهو يتوعده:
– ماشي ياسعد ال….. حسابك جاي جاي.. هاتروح فين يعني؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عينيكي وطني وعنواني)

اترك رد

error: Content is protected !!