روايات

رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل العشرون 20 بقلم وسام الأشقر

رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل العشرون 20 بقلم وسام الأشقر

رواية صماء لا تعرف الغزل البارت العشرون

رواية صماء لا تعرف الغزل الجزء العشرون

رواية صماء لا تعرف الغزل الحلقة العشرون

تململت في نومها لقد شعرت بالبرودة فجأة لتحرك كفها تستشعر دفئه لتصطدم ببرودة الفراش فتنفض النوم من عينيها وترفع رأسها تبحث عنه لتقع عينيها عليه جالسًا فوق المقعد يراقبها بوجه صعب عليها تفسير ملامحه.. فتبعد خصلاتها عن وجهها وتبتسم له بدلال قائلة:
– ايه اللي مقومك من السرير.
ولكنه ظل ينظر اليها بوجه بارد بدون ان يغلق عينيه يقول:
– أنا شايف ان مالوش لزوم لوجودك في المستشفى.. أنتِ بقيتي كويسة.
لتعقد حاجبها وتنظر اليه تحاول فك طلاسمه الليلة السابقة كان يهيم بها عشقًا اما الان لا تعرف ما أصابه لتجد حالها تقول:
– أنا مش عايزة امشي وسيبك.. ولا أنت زهقت مني.
ليشيح بوجهه عنها يقول:
– أنا كلمت يامن يجبلك لبس عشان يرجعك الفيلا.. أنا مش محتاج حد معايا.
تتحرك من الفراش بقدميها العاريتين لتجلس علي ركبتيها أمامه وترفع أصابعها لذقنه تدير وجهه إليها:
– مالك يا يوسف؟ أنا زعلتك في حاجة.. أنت كنت امبارح… كنت…

 

– بتحبيني ياغزل؟
كلمة جعلتها تنظر اليه بذهول من سؤاله المباغت الغير متوقع لما يسألها هذا السؤال الغبي وهي اعترفت له من قبل بحبها لتقول:
– إيه السؤال ده؟
يشعر من نبرتها انها تتهرب من قولها له.. أراد ان يتأكد من حقيقة مشاعرها له.. أراد ان يتأكد انها لن تتخلى عنه.
– جهزي نفسك يامن على وصول.
تحزن لجفائه.. لما هو دائمًا هكذا؟ .يغرقها عشقا ثم يجعلها تموت ظمأ من العطش.
لم تلاحظ قبضته التي تضغط على هاتفها القابع بكفه.. لتجده يرفع كفه به أمام اعينها:
– تليفونك!
فتجحظ أعينها وتتسارع أنفاسها لوجوده معه ليكمل بثبات:
– عامر من امبارح بيبعتلك رسايل.. ردي عليه طمنيه.
– يوسف! يوسف.. أنا.
– خلاص ياغزل.. نتكلم بعدين، أنا تعبان ومحتاج أنام.

 

فتجده يتحرك بصعوبة من فوق المقعد واتجه إلى فراشه وعندما حاولت مساعدته رفض بشده لتتوسل له قائلة:
– يوسف اسمعني.. عامر اللي بيني وبينه انتهى.. دي مجرد رسايل بيطمن عليا بيها مش أكتر.. لو قريتهم كلهم مش هتلاقيهم تتعدى السؤال بس.. صدقني.
ليقول بألم:
– انتِ لحد دلوقتي ماحبتنيش! أنا مش هضغط عليكي أكتر من كدة.
لتسأله بلهفة:
– يعني ايه؟
وقبل أن يوضح ارتمت بين أحضانه باكية تقول:
– يوسف أنا بحبك يايوسف.. بحبك.. ماتقساش عليا بالشكل ده.
فتشعر بتسارع انفاسه وزيادة ضربات قلبه فيرفع رأسها ليواجهه يبحث عن صدق كلماتها:
– بتحبيني.. بتحبيني بجد ياغزل؟ بتحبي يوسف.. يوسف اللي بيعشق كل حاجة فيكي.
فتهز رأسها بنعم.. ليقول بصوته الأجش:
– اثبتيلي إنك بتحبيني.
فتفكر بضع لحظات وتبتسم بين دموعها ليتفاجأ باقترابها لتضع شفاهها الوردية فوق شفاه ليمنعها بكف يده من الاقتراب قائلًا:
– انتِ بقيتي وقحة.. أنا مقصدش كدة! انا اقصد انك تقطعي علاقتك بعامر.. نهائيًا
……….

 

جلس يراقبها وهي ممسكة هاتفها تضرب عليه بأصابعها بتوتر تكتب رسالة مختصرة فعندما طلب طلبه وجدها تسحب هاتفها بدون نقاش ترسل له رسالة تعتذر فيها ما سيحدث.. لقد طلبت منه بكل ود قطع علاقتهما ورسائلهما لان هذا غير مناسب بعد زواجها ومراعاة لشعور زوجها.
ترفع عينيها لتواجهه بابتسامة رضا واثقة تقول:
– أنا اثبتلك أني بحبك.. خليني جنبك بقى.
ظل على جموده لم يستطع نسيانه لكلماتها عنه ووصفها له بالشيطان.. رغم علمه مسبقًا ان هذا كان رأيها به.. ولكن عند قراءة الكلمات التي تصفه به بأبشع الصفات لغريمه.. ألمته رجولته وقلبه.. هو يعلم ان هذا في وقت فائت ولكنه لم يستطع محاربة ألمه وشعوره بالصدمة.
ليقول بثبات:
– لازم ترجعي الفيلا.. انتِ بقالك كتير هنا وكمان عمي عرف باللي حصل فمش حابب انه يجي يلاقي انك لسه في المستشفى واحنا طمناه عليكي.
لا تجد رغبة في الالحاح عليه اكثر من ذلك والتوسل إليه لقد قللت من نفسها اكثر من المحدود.. كفاها إذلالًا وتسول صفحه لتقول بكبرياء:
– زي ما تحب.
………………

 

يجلس أمامها يراقبها وهي تضغط بيدها على كاسة القهوة بتوتر فعندما لمحها آتيه من الممر تفاجأ ببداية الأمر ولكن سرعان ما تمالك حاله ليظهر عليه الجدية التي نادرا ما تظهر عليه أمامها ..لتقع عيناها بأعينه فيظهر عليها التوتر فتهتز ابتسامتها.
يقطع مراقبته سماعه لها تقول:
– أنا لازم امشي.
– تمشي! انت لسه مشوفتيش غزل ويوسف.. مش كنتي جاية تزويرهم؟!
تجيبه وهي تضع خصلات شعرها الأسود خلف أذنها وتهرب من عينيه:
– أيوه.. بس شكلهم تعبانين.. هجلهم وقت تاني يكون حالتهم الصحية اتحسنت.
– تقى!
فترفع عيناها تسأله عما يريد ليقول يامن بجدية:
– انت لحد دلوقت ما بلغتيش محمد برأيك في طلبي؟ تقى ..أنا إنسان صريح مش بحب اللف والدوران ..لو انتِ رافضاني قوليلي وصدقيني هعفي محمد من الحرج.
تقي وهي تفرك أصابعها:

 

– هو.. هو مش رفض بس.
– مدام مش رفض يبقى في أمل.. شوفي ياتقى أنا إنسان عملي بحت فمش هقولك أني وقعت في حبك من أول نظرة والكلام ده ..أنا هقولك أني حسيت بحاجة شدتني ليكي من اول ما شوفتك ولقيت فيكي الزوجة اللي ممكن أبدا معاها حياتي، أكيد انت عارفة ان شغلي برة مش هنا فلو وافقتي هتسافري معايا لان ظروف شغلي بتجبرني على التنقل.. ها قولتي ايه؟
لا تعرف بماذا تجيبه فسبب رفضها ليس لشخصه وإنما بسبب أخيه وما حدث بينهما.. أيعقل ان تكون زوجة لمثله بعد ما حدث بينها وبين اخيه.
لتقول بخجل وبصوت مهزوز:
– محمد هيتصل بيك يبلغك ردي.
فيبتسم على خجلها ويشعر ببعض الأمل يظهر بعينيها.
………………..
وقفت في شرفتها بفستانها الأسود ذو الأكمام الشفافة ويظهر تفاصيل جسدها بدقة ليطول إلى كاحلها.. مع جمع شعرها على جانب واحد فكانت هذه المرة مختلفة عن ذي قبل،فقد كان بها بعض من النضج.
مر عليهما أسبوعان بعد ان طلب منها ترك المشفى بجفاء …لتتفاجأ بعدها بخروجه بعد يومين من انصرافها عنه ..فظنت انه لم يستطع الابتعاد عنها ..لتجري عليه بسعادة بسبب تعافيه.

 

ولكنها عندما حاولت احتضانه بسعادة شعرت بتصلب جسده ليبادلها إياه ببرود..
ظل علي نفس حالته ولم تستطع إزالة الحاجز الجليدي الذي وضع بينهما.. لتأخذ قرارها بالانفصال ردًا لكرامتها في يوم كان مستوي تهورها اعلى من ذي قبل.. لتضرب الأرض بخطوات غاضبة متجهة إلى غرفة مكتب والدها لتفجر بوجهه قرارها النهائي ولكن عند فتحها الباب باندفاع دهشت من وجوده جالسا أمام المكتب مع ابيها..فتقابلها منه ابتسامة لم تصل إلى عينه وتسمع من والدها انه تم تحديد موعد الزفاف.. زفاف! أي زفاف؟
لتصرخ بوجههما انه ترفضه وتطلب الانفصال ليتبدل حال والدها الذي يصر على إكمال هذه الزيجة حتى لو كانت رافضة لذلك.. لسبب لا تفهمه.
تسمع صوت فتح الباب بدون طلب للأذن لتزفر بقوة فهي تعلم انه هو من عطره وخطواته التي تقترب منها.. فتشعر بأنفاسه التي لفحت عنقها ويتبعها قبلة فوقه.. فتحاول السيطرة على ضعفها أمامه لا تعلم لم يتعامل معها هكذا؟ كالقط والفأر.. تقترب يبتعد.. تبتعد يقترب.
ليقول بنعومة وهو يمر يده فوق كتفيها:
– سرحانة فيا.. مش كدة؟
اكتفت بالصمت لا تريد جداله في مثل هذا اليوم المميز.. هو يوم خطبة تقى على يامن.
فيضمها لصدره بقوة ليلتصق ظهرها بصدره الصلب يدفن انفه بعنقها مشتما رائحتها التي تذهب عقله.. يقول بألم:
– وحشتيني ..وحشتيني أووووي.
فيظهر نبرة سخرية بصوتها:
– فعلًا؟

 

فيديرها ببطء له ينظر لعينيها اللائمة يهمس أمام شفتيها ببطء:
– انتِ عندك شك أني بموت لو انتِ مش جنبي.. أنا بعد الايام اللي باقية يوم بيوم عشان تنامي في حضني وتبقي ملكي.. ملكي أنا وبس.. كان هيجرالي حاجة لما قولتي لعمي انك عايزة تطلقي.. كدة ياغزل عايزة تبعدي عني احنا ماصدقنا علاقتنا بقت احسن.
– أنت السبب.. أنت اللي.. اللي.. أنا عملت زي ما انت عاوز ومع ذلك لقيت جفاء منك وبعد.
يمسك وجهها بكفيه:
– صعب عليا يا غزل.. صعب اعرف انك كنت على اتصال بيه طول المدة دي وأنا شوال ذرة مش حاسس.. وانتِ عارفة انه كان عايزك وغرضه ايه منك.
تتسارع انفاسه بغضب ويكمل:
– أنا شيطان ياغزل؟ أنا ؟ عايزاني اعمل ايه بعد ما عرفت أنكم…
يبتعد عنها ويدير لها ظهر يحاول لملمة شتات نفسه الا يتهور عليها ..فيتصلب عندما وجد ذراعيها تلتف حوله تقول بدلع:
– هو فاضل قد ايه على زفافنا؟
……………

 

تعلو الزغاريد وتنتشر اجواء السعادة فاليوم أتمت ما كانت تحلم به.. قد ساعدت في لم شمل اقرب الناس لقلبها وأختها فتشاهدهما بسعادة يبادلون خواتم الخطبة.. وسط المباركات والتهاني من الجميع.. لتنتبه لضغط فوق خصرها ضغطة تملكية نتيجة وضعه لكفه فوق خصرها لتلتفت اليه بتساؤل فتلاحظ لين ملامحه و استرخائها مع ازدياد بريق عينيه الصقريتين ليهمس لها بصوت غير مسموع:
– بحبك.
فتجد الابتسامة تشق شفتيها براحة وينخفض نظرها لشفاه اثناء حديثه فتزيد اشتعاله بهذه الحركة البسيطة كعادتها ..لتجده يضغط على خصرها بقوة اكبر ليلتصق كتفها بصدره يقول بصوته الأجش:
– أنتِ عارفة عقاب اللي أنتِ عملتيه دلوقت ايه؟
فتهز رأسها بدلال بنعم.. ليكمل بخشونة:
– حظك أني مش عايز فضايح.. بس ملحوقة كلها أسبوع وتبقي في حضني.. ابقي شوفي مين هينقذك مني.
فتحيبه بثقة يشوبها بعض الخجل:
– أما نشوف!
……….
كان يقف خارج الحجرة يراقب الجميع بابتسامة فوق شفتيه يملؤه بعض الحسرة على حاله.. فتقع عينيه علي يامن وتقى الذي يحاول ملامسة كف عروسه وتقبيله هتنتهي كل محاولاته بالفشل مرة بعد مرة لينظر لها بلوم محبب وتشيح وجهها عنه بخجل واضح.

 

فتنتقل عينه على اثنان لم يتوقفا عن الجدال والشجار من بداية الحفل.. محمد وسوزان.. فبعد نجاحه للتقدم لها وخطبتها اصبح اكثر رجعية من وجهه نظرها ..لم يكف عن نقد فستانها من بداية الحفل ..فهو من وجهة نظرة ضيق وملفت ويظهر انحناءاتها.
ليترك مراقبتهم وينقل لنظره لصديق عمره الذي وقع في شباك الحب والعشق.
ليهيم بمن معه كأنه امتلكها وامتلك الدنيا بقربها ..فهو لم يترك فرصة الا ليحتضنها ويداعبها ويسرق بعض القبلات خفية عن الناظرين ..لتخجل من تصرفاته الفاضحة أمام الجميع
وعند تحويل نظره لناجي الذي يظهر عليه التعب والإرهاق والشرود ..وجد من يصدر صوتا من خلفه فيلتفت يبحث عن مصدر الصوت ليجد من تشير له وتصدر له صوت كبسبسة القطط ليعرف حاجبيه متسائلا لتقول له بخجل:
– ممكن ثواني.
فيتقدم شادي خلفها مراقبا خطواتها العارجة وهي تدخل المطبخ وتصل للطاولة المستديرة التى يستقر فوقها عددا من أكواب العصائر والمياة الغازية فتشير له بحرج للأكواب قائلة:
– ممكن حضرتك تشيل معايا الصنية دي.

 

لتجحظ عينيه من طلبها.. هل اصابها الجنون هذه الفتاة أتريد مساعدته في عملها؟ لينظر لها من اعلى رأسها لخمص قدمها باحتقار يقول:
– أنتي اتجننتي؟ عايزاني اشيلك الصنية! أومال انتِ بتعملي ايه هنا؟ اتفضلي شوفي شغل.
ليلقي عليها نظرة استحقار ويتركها تحاول السيطرة على دموعها من هذا الموقف المخجل.. ناقمة علي ظروفها التي اجبرتها على اللجوء لمثل هذا الشخص.
فتسمح دموعها بكبرياء لتحاول التحامل لبعض الدقائق على نفسها وتقرر الخرج بنفسها بالأكواب للخارج.
………
وقف ينفث دخان سيجارته بغضب من تصرف تلك النكرة التي نست حالها.. فهي هنا متواجدة لخدمة الجميع.. ولكن لما هو غاضب بمثل هذا القدر؟ هل غاضب من طلبها؟ أم هي كانت المنفث الوحيد لضيقه.. لقد شعر للحظة بوحدته لم يعثر حتى على أنثى البطريق.. تشاركه أحزانه وأفراحه مثل الجميع.

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية صماء لا تعرف الغزل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *