Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل السابع والعشرون 27 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل السابع والعشرون 27 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السابع والعشرون 27 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل السابع والعشرون 27 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

تجاهل ياسين صدمة شقيقته، مقترباً منها بخطوة واحدة ونظراته الغاضبة على وجهها الشاحب، وأمسكها بقبضته من كتفها حتى تألمت بشدة.
قائلاً لها بصرامة: انطقي واتكلمي بسرعة فين نوال ؟
ارتبكت بخوف من حدته معها هامسة له بقلق : معرفش يا أبيه ، اشتعلت نظراته الموجهه إليها أكثر.
قائلاً بغضب : كدابة…. إنطقي…. أنا لسه سامعك كنتي هتقولي على مكانها لماما دلوقتي .
ارتعدت من غضبه فقالت له والدته بحده : بالراحة على أختك يا ياسين .
حدق بها قائلاً لها بحنق:  منا مش هسيبها إلا تقولي هيه فين ، ثم التفت لشقيقته مردفاً بقوله : يالا اتكلمي بدل ما هتصرف معاكي تصرف مش هيعجبك .
شعرت بغصه في حلقها فأشارت لها والدتها بعينها لكي تنطق فقالت بتوتر : هيه….. هيه …. في … في…. تالت شارع جنبنا …. في إوضه صغيرة على السطوح.
همس لها بغضب قائلاً: إنتي عارفه ما تكوني بتكدبي عليه هنسى إني أخوكي ولساني مش هيخاطب لسانك ده تاني أبداً فاهمة .
اتسعت عيناها بصدمة ، شاعرة أنه ليس أخاها الذي يتحدث معها ، لكنها بالرغم من ذلك ، لم تحزن منه لانها تعلم جيداً ، ما سبب ما قاله لها 
ذهب جلال إلى عمله في الصباح بعدما تناول إفطاره ، وقفت مهجه تراقبه وهو يغادر الدار من نافذة غرفتها .
وضعت يدها على شفتيها وأغمضت عينيها قائله بهمس : أنا مش مصدقه نفسي يا جلال إنك… إنك… كنت هتلمس شفايفي ، ولامت نفسها بعفوية مضحكة قائلة بلوم: يعني كان لازم تقومي من النوم يا فقرية إنتي، ما كنتي خليكي نايمة زي ما انتي يمكن يكون وقتها اتحقق حلمك اللي حلمتي بيه قبل كده .
تنهدت وأغلقت النافذة حتى لا يراها واقفة وينزعج بسببها ، فهي إلى الآن لن تنسى عقابه لها.
كانت نوال لا تزال على إصرارها بعدم الذهاب إلى المتجر .
تناولت إفطارها وبدأت في ترتيب غرفتها، لتشغل نفسها عن أي تفكير يقودها إليه.
أثناء ترتيبها وتنظيفها لغرفتها وضعت لنفسها قهوة على مقود صغير كان بحوزتها من قبل، تستخدمه هي ومهجة في غرفتها في منزل أم ياسين .
كانت تصنعه وهي شارده الذهن، انتبهت لطرقات مزعجة وعنيفة على الباب، فمن الواضح أن الطارق لا يوجد عنده صبر.
فأسرعت وفتحت الباب قائلة بغضب : هوه فيه حد محترم يخبط بالطريقة دي يا قليـــ …. قطعت عبارتها عندما تفاجأت بوقوف ياسين أمامها مباشرةً.
محدقاً بها بنظراته المشتعلة من الغضب، وبيده ثوبها الجديد التي أهدته إياها والدته منذ فترة، تراجعت بخطواتها إلى الوراء بتلقائية ، تحدق به هي الأخرى بصدمة شديدة ممسكة بقبضة يدها، مقدمة منامتها التي ترتديها.
لم يمهلها ياسين الكثير من الوقت لكي تفكر وماذا عليها أن تفعل، إذ بادرها ياسين بفتح الباب على آخره ودخل إلى غرفتها، مغلقاً الباب خلفه ، مستنداً إليه بظهره.
وعيناه تنطق بالكثير من التهديد والوعيد ، طال الصمت بينهما فهمست بصوت مرتعش قائلة : ممكن أعرف إنت هنا ليه وإيه اللي جابك .
لم يتحدث ياسين إليها إنما، ألقى بوجهها الثوب الجديد بعصبيةٍ واضحة، فاتسعت عينيها بذعرثم إقترب منها بخطوات مهددة أكثر، خشيت منه فقالت له بتهديد : إن قربت مني خطوة زيادة هصرخ وهلم عليك اللي في العمارة كلها.
حدق بها بسخرية مقترباً منها وأمسكها من ذراعها بقوة مقرباً إياها منه ، شحب وجهها ولم تستطع النطق لكن قلبها يرتجف من الخوف ، قائلاً بغضب حاد : ها…. يعني مصرختيش …. ما تصرخي زي ما كنتي بتقولي .
حاولت أن ترد عليه لكنها لم تستطع ، شيئاً ما بداخلها منعها عن النطق، شدد على ذراعها بعنف أكثر .
قائلاً بحدة : ما تنطقي …. ما بتتكلميش ليه ، رمقته بغضب مفاجىء تحاول أن تبدو قوية وليست ضعيفة ، كما اعتاد رؤيتها هكذا .
فقالت له بثبات : عايزني أقولك إيه… ها ، وانا سيبتلك البيت باللي فيه ، بعد ما أهانت كرامتي أكتر من مرة ، إيه جاي تكمل إهانة ليه هنا.
أمسكها من ذراعها الآخر وهزها بقوة قائلاً لها بنرفزة : إنتي السبب في كل اللي حصل، وبسبب لسانك اللي دايماً بتنطقي بيه كلام ومش عارفه معناه.
تأوهت من الألم مكان قبضتيه قائلة له : كل ده ما يدلكش الحق في إنك تهني طول الوقت ولو سمحت بقى ، ابعد عني واطلع بره منيش عايزة أشوفك أبداً بعد كده.
لم يتركها مثلما تصورت إنما هددها قائلاً بسخط : مش انتي اللي هتديني أوامر أعمل إيه ومعملش إيه ، وطالما ما حترمتيش اللي كنتي عايشه معاهم وهربتي ، يبقى انتي اللي بتجبيه لنفسك.
هزت رأسها بقوة قائلة له باعتراض : أنا مهربتش يا ياسين بيه ، أنا كل اللي عملته ، إني بعدت عن الإهانة اللي عمر ما هقبلها على نفس ولا على كرامتي، أما والدتك ، فدي مش هلاقي أحن منها في الدنيا كلها.
أشار برأسه ناحية الثوب الُمُلقي على الأرض قائلاً بتهكم غاضب : ما هو علشان كده ، سيبتلها الفستان اللي جبتهولك هدية لأنها اعتبرتك زي بنتها تمام، بس للأسف انتي مقدرتيهاش زي ما بتقولي وهربتي.
ارتبكت نوال قائلة بتردد: أنا… أنا سيبته…لأنه خلاص مبقاش فيه داعي إني احتفظ بيه .
قطب ياسين حاجبيه بضيق قائلاً لها بحدة: علشان تعرفي انك مبتقدريش اللي أكبر منك.
هزت رأسها بالرفض قائلة بخفوت واستنكار: انت بتقول إيه ، أنا بعتبر مامتك هيه والدتي اللي مجبتنيش، ويعلم ربنا أنا بحبها أد إيه بس كل الحكاية إن الفستان خلاص مبقاش له عازه عندي وانت عارف كويس أوي ان مبخرجش بفساتين ولا عندي مناسبات ليه ،فخسارة يتركن بدون ما حد يلبسه .
ضم قبضتية بقوة قائلاً بحدة : إنتي أكيد هبلة مش كده ، هيه في واحدة عاقله تقول كلامك ده .
انتزعت نفسها من بين قبضتيه بحدة قائلة : أنا مش هسمحلك تيجي هنا وتكمل إهانتك ليه .
أشاح بيده أمامها قائلاً بتهديد : حاسبي على كلامك معايا واتفضلي شيلي الفستان ده من على الأرض واحتفظي بيه.
عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة بتحدي : منيش وخداه ومن فضلك بقى خده معاك واتفضل يالا من هنا من غير مطرود .
حاول ياسين تمالك أعصابه بقوة قائلاً لها بحدة : اسمعي الكلام يا نوال… يا إما هتلاقي دلوقتي الفستان ده مقسوم نصين …..ها إيه رأيك تحبي تجربي وتشوفي.
ابتلعت ريقها بصعوبة من تهديده، وهرب الدم من وجهها قائلة بتوتر وقلق: وإيه ذنب الفستان في اللي إحنا فيه….. أنا دلوقتي مش عايزاه ….. لأن خلاص معنديش مناسبات ألبسه فيها، فياريت يعني تكون فهمت قصدي كويس .
زفر ياسين بحرارة مفكراً ثم قال بغموض غاضب : إزاي تقولي كده…. إنتي ناسية إن فيه مناسبة كمان يومين.
جف حلقها عندما فهمت قصده وقالت بتردد : أنا معنديش ….. قاطعها بنرفزة ، قائلاً لها : لأ عندك مناسبة يوم الخميس، إنتي ناسية خطوبتي ، أوام كده نسيتيها.
هب من مقعده متجهاً ناحيتها ووقف أمام بعض الصور لابنته ودار ببصره بينهما يتطلع إليهما ، إلى أن وصل لصورة لها مع زوجها، فاتسعت عينيه كالصاعقة قائلاً بذهول : مش معقول ده جوزها….!!!
نهضت سماح من مكانها هي الأخرى ووقفت بالقرب منه قائلة بتهكم : وليه مش معقول… إن شاء الله…!!!
رمقها بصدمة وذهول قائلاً بعدم تصديق : إنتي عارفه ده يبقى مين ، تنهدت باللامبالاة قائلة ببرود: عارفه يبقى جوزها طبعاً…!!!
أمسكها من يدها وأوقفها أمام الصورة لتطلع إليها قائلاً بحدة: ده يبقى جلال المنياوي عدوي اللدود .
حدقت به متظاهرة بعدم فهم قائلة باستهزاء: أيوة ده اسمه فعلاً ، بس ليه بتقول عليه انه عدوك اللدود ، ارتبك مصطفى للحظة وخشي على عمله المرتبط به قائلاً بتوتر : أبداً مفيش حاجه .
قطبت حاجبيها وعقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة له بهدوء: واضح كده انك تعرفه مادام قلت كده ، طب ما تقولي الأول ،انت إيه صلتك بيه.
اضطرب وجه مصطفى قائلاً لها بخفوت : أيوة أعرفه وبيشتغل معايا .
تنهدت بسخرية واضحة وقالت له : آه فهمت … طب طالما كده بقى… يبقى ياريت تبقى تسلملي عليه أوي، وابقى متنساش تبلغه كمان إنك اكتشفت إنه جوز بنته الكبيرة ياسمين ، يمكن يفرح أوي ساعتها.
تطلع إليها بغضب واضح قائلاً لها بحدة : سماح مش انتي اللي هتمليني أقول إيه ومقولش إيه .
مطت شفتيها قائلة بتهكم : والله انت حر براحتك ، عايز تعرفه قوله مش عايز بردو براحتك منيش هغصبك.
ضم قبضتة بنرفزة من سخريتها منه قائلاً لها : والله وبقيتي قوية يا سماح ، قهقهت فجأة من الضحك قائلة له بسخرية : طبعاً يا مصطفى بيه منا لازم ابقى قوية بعد كل اللي عانيته بسببك ويكفيني فخراً إن جوزت بنتي لأحسن راجل كمان .
زفر بغضب قائلاً لها بتهديد : أنا ماشي وحسك عينك حد يعرف أي حاجه عن اللي قولته دلوقتي فاهمة.
حدقت به باللامبالاة قائلة له : مش انا اللي اتهدد يا مصطفى فاهم انت يا سعات البيه .
فقال لها بغضب مكتوم : ده مش تهديد وبس يا سماح ، ده كلام بجد وياويلك مني إن لقيت حاجه اتعرفت .
غادر مصطفى من أمامها مغلقاً وراءه باب المنزل بقوة ، ضحكت سماح وهي تحدق في الباب المغلق قائلة بصوت ساخر: ان ما وريتك يا مصطفى، ان ما طلعت عليك القديم والجديد كمان مبقاش أنا سماح .
استقل مصطفى محرم سيارته حائراً، غاضباً لا يعرف كيف يتصرف في هذه الورطة الذي وجد نفسه فيها بالرغم منه .
قاد سيارته عائداً إلى فيلته الذي يقيم بها ، دخل إلى مكتبه متجاهلاً أي شخص أمامه حتى ابنته سالي التي كادت تقترب منه لتحدثه لم يعيرها أي اهتمام .
استغربت سالي في نفسها قائلة : ماله بابا متغير كده ليه اليومين دول. 
جلس على مقعده يتأفف بغضب قائلاً لنفسه : إيه اللي انت وقعت نفسك فيه ده…. بقى جلال يطلع جوز ياسمين بنتك ، طب معقول ما يكنش عارف انها بنتي ، صمت برهةً واستكمل قائلاً لها : بس لو يعرف هيخبي عني ليه حاجه زي كده ، استحالة يكون عارف كل تصرفاته معايا انه ميعرفش ، والأفضل ليه ولي جلال انه ميعرفش أنا ابقى ايه بالنسبة باله .
شعرت نوال بسكين حاد ينغرز بقلبها، من جراء حديثه الأخير إليها قائلة بهدوء مفتعل : طيب هيه خطوبتك انت عايزني افتكرها أنا ليه ، تمعن بوجهها قائلاً لها بتهكم : اظن ان المناسبة دي بالذات متتنسيش مش كده.
ضبطت نوال أعصابها بالرغم عنها وأولته ظهرها قائلة له بهدوء مفتعل: ومنسهاش ليه ، طالما متخصنيش في حاجه… ثم أنا مالي بيك أصلاً ما تخطب ولا ما تخطبش .
زاد غضبه من طريقتها في الحديث إليه والذي يدل على عدم اهتمامها بما يخصه قائلاً لها بضيق واضح : صحيح بس بردو متتنسيش مش كده على الأقل علشان خاطر الناس اللي كنت قاعدة معاهم واعتبروكي بنتهم.
التفتت إليه بحدة قائلة له : ياسين بيه أظن كده…. إنت مقولتش لدلوقتي انت جاي هنا ليه وضيعت وقتك ووقتي،  وأنا بنت ولوحدي كمان وبيهمني كلام الناس أوي، ومينفعش تبقى موجود معايا كده لوحدنا والباب كمان مقفول.
أمسكها من معصمها بقوة قائلاً لها باستنكار: ما انتي عارفه ان مبيهمنيش كلام الناس ولا يقولوا إيه عليه، واتعدلي معايا في الكلام يا نوال بدل ما أعدلك بنفسي ولا تحبي تشوفي.
دُهشت من كلماته الحادة لها، فانتزعت ذراعها من قبضته قائلة بغضب: مادام كده بقى، يبقى اتفضل اخرج بره اوضتي ودلوقتي حالاً.
رمقها بصمت طويل ثم قال له بصرامة : منيش خارج إلا في حالة واحدة بس …. وهيه إنك تيجي معايا بيتنا…. وكمان تحضري خطوبتي بالفستان الجديد .
صُعقت من أوامره ولهجته الغريبة كأنه يملكها ويتحكم بها كيفما يشاء، فقالت له بصدمة عارمة: انت بتقول إيه …!!!
أولاها ظهره وعقد حاجبيه بحزم كأنه يُنهي حديثه الآن قائلاً بلهجة لا تقبل المناقشة : اللي سمعتيه دلوقتي ، تنفذيه ومش هكرره تاني وده آخر كلام عندي .
ذهبَ مصطفى إلى عمله فوجد رضوان بانتظاره على عجل ، قائلاً له : كويس إنك جيت دلوقتي في أخبار مهمه ولازم تعرفها .
حدق به بدهشة وقال له : إيه هيه الأخبار دي .
ابتلع ريقه وقال له بلهفه : في أخبار بتقول إن ميعاد تسليم البضاعة بتاعتنا بكرة ، قطب حاجبيه قائلاً له باستغراب : بالسرعة دي ومن غير ما آخد خبر .
مجلس الأدارة اجتمع النهاردة لما حضرتك مجتش واعتذرت ، وأخدوا القرار ده لان شغلهم واقف من مدة وقالوا انك قليل لو عارضت .
تنهد قائلاً بارتباك : أنا محضرتش لان كنت مشغول وانا مبلغك من قبلها .
فقال له رضوان : عارف يا مصطفى بيه بس كان اجتماع ضروري ، حدق به بضيق قائلاً له بشرود : خلاص يا رضوان اللي اتفقوا عليه أنا موافق عليه .
زفر رضوان بارتياح قائلاً له : كويس إن الميعاد عجب حضرتك ، حدق به بذهن شارد قائلاً له : آه عجبني ياريت لو تبعتلي فنجان قهوة بسرعة .
اتصل جلال على شريف قائلاً له بضيق : ها عملت إيـــه مع اللي اسمه حوده ده .
مط شفتيه قائلاً له : أبداً هوه لسه تحت مراقبتي وبعرف كل تحركاته أول بأول .
فقال له جلال : طب أنا عرفت النهاردة في الأجتماع إن البضاعة هتتسلم بكرة بإذن الله وطبعاً هنفذ المطلوب مني وهبلغك كل حاجه على طول .
زفر شريف قائلاً له: وأخيراً هنبتدي الشغل اللي بجد ، تنهد قائلاً باختصار: يعني ده لسه إكده طعم ليهم في الأول بس.
ضحك شريف قائلاً له : فاهم تقصد إيه بس الشغل اللي بجد هيبتدي بعد كده يكونوا وثقوا فيك كذا مرة .
جهزت مهجة طعام الغداء لزوجها مثلما إعتادت في الفترة الأخيرة على ذلك بناء على أوامره .
تفقدت المنزل كله بعد أن انتهت من صنع الطعام ، ودخلت إلى غرفته ، ولمحت اسلحته التي تدربت على العديد منهم في بداية معرفتها به .
قائلة لنفسها : كأنه من زمان الوقت ده ، معقول احس بكده بعد مرور الوقت البسيط ده من جوازنا .
لمحت صورته الموجودة بجانب فراشه في داخل برواز من الزجاج، فجلست عليه قائلة لنفسها : أد كده تعبتني ولسه متحمله عذابك ليه لدلوقتي، غصب عني ، بالرغم إن مش دي شخصيتي اللي كنت عارفاها من زمان، انت غيرتني كتير أوي يا جلال، شفت معاك أيام عمري ما حلمت إني أشوفها في يوم من الأيام .
أحتضنت صورته بحب معذب وأغمضت عينيها متنهدة بقلب موجوع، غير منتبهه بمن يقف عند حافة الباب واضعاً يديه في جيب بنطاله، ويراقبها بعينان واسعتان ثاقبتان وملامح جامدة لا تعبر عن شىء .
رفعت رأسها ببطء وفتحت عينيها، فتلاقت مع نظراته هذه لها ، فسقطت الصورة بتلقائية من بين يديها، على الأرض وتهشم زجاجها إلى قطع صغيرة متناثرة.
كادت مهجة أن يغشى عليها عندما تمعنت في ملامحه الجامدة ، وتهاوى قلبها بين قدميها، فهمست له بصدمة : سعات الباشا، آني آسفه، الصورة وجعت مني غصب عني.
تفحصها بحدة قائلاً لها : نضفي المكان بسرعة وبعد إكده الوكل يكون جاهز.
فقالت له بخفوت : حاضر يا بيه .
غادرها ودخل إلى مكتبه، أما مهجة فنهضت مسرعة تفعل ما أمرها به، أعدت كل شىء ووضعته على المائدة .
جلس جلال على رأس المائدة، وبدأ يتناول طعامه بصمت، وقفت بجواره تقوم على خدمته، دون أن تجلس لتتناول طعامها.
رفع بصره إليها قائلاً بلهجة آمره : إجعدي واجفه ليه إكده، جلست مبتعدة عنه بدون أن تعارضه.
لمح أثناء تناولها لبعض الخبز، دماً في راحة يدها يغرق ضمادة وضعتها عليها ولفتها حولها.
قطب حاجبيه بحده قائلاً لها بتساؤل : مالها يدك ، ارتبكت مهجة فهي منذ أن وضعت الطعام وهي تخفي ألمها حتى لا يعلم بالأمر.
أمسكت دموعها بكل قوتها حتى لا تثير غضبه قائلة بخفوت : يدي اتجرحت من الأزاز … بتاع الصورة اللي انكسرت.
كانت مهجة تحبس آهات ألمها ووجعها خشيةً منه فقال لها بضيق : مش تنطجي وتجولي إن يدك فيها جرح إكده.
اضطربت مهجة وقالت له : ما آني هاكل دلوك وهاخد مسكن بعدها وهبجى كويسة.
تنفس جلال بعمق قائلاً لها : دايماً إكده بتوجعي نفسك في مصايب ، لميته هتفضلي إكده .
لم تجيبه مهجة إنما تركت دموعها الحبيسة تنهمر على وجنتيها هي التي أجابته، وهبت واقفة دون أن تتذوق شيئاً.
كانت عيناه تراقبها بحده ، وقال لها : إجعدي كُلي يالا الأول علشان تبجى تاخدي المسكن بعديها ، لم ترد عليه مرة أخرى، إنما تركته واتجهت لغرفتها، فهيم لم تشعر بأي رغبة في الطعام .
زفر جلال بغضب واتجه لغرفته، وبعد قليل فتح عليها باب غرفتها، وجدها تجلس على الفراش تبكي من ألم يدها، فاقترب منها بخطواته الواسعة، وجلس بجوارها متناولاً يدها بين قبضتيه القوية.
ارتجف قلبها للمسات أنامله على كفها، وحدقت به بصمت، وهو يُطهر لها جرحها وضمده لها بعد ذلك دون أن تتأوه من الألم مخافة منه.
قائلاً بجمود : خلاص إكده الدم وجف وبلاش تعرضي يدك للميّ النهاردة وتاني مرة تبجي تحاسبي.
هزت رأسها بالموافقة وهي تطلع إلى ملامحه وتستغرب هذا الاهتمام التي لم تعتاد عليه منه، كانت تود أن يقول لها ولو كلمة واحدة يظهر اهتمامه وخوفه عليها ، بل غادر جلال الغرفة دون أن ينطق بكلمةٍ واحدة، وهي تتبعه ببصرها.
أغمضت عينيها بتعب فقد كان جرح يدها كبيراً هذه المرة ولكن جرح قلبها كان أكبر.
استمعت مها إلى صوت طرقات على الباب فوجدته ياسين أخاها ، وملامحجه تنطق بكثير من الغضب .
نادتها والدتها من الداخل قائلة : مين يا مها اللي بيخبط فقالت لها : ده أبيه ياسين يا ماما، أسرعت والدتها بالمجيء ووقفت تحدق إلى ولدها.
قائلة بلهفة: ها لقيت نوال…. زفر بنرفزة قائلاً لها : آه لقيتها … قاطعته والدته بلهفة مرةً أخرى قائلة له : طب مجبتهاش معاك ليه، زفر بغضب قائلاً لها : جبتها بس مردتش تيجي تنام في إوضتي زي الأول .
قال ذلك ولم يستكمل حديثه إنما تركهم وصعد إلى منزله ، قبل أن تسأله مرةً أخرى وهو لا يريد ذلك ، فعقله مشغول بأمور أخرى ، لا يود أن يعرفها أحدٍ سواه ، وحتى ولو كانت والدته.
حدقت مها بوالدتها المصدومة قائلة : يعني ده سابنا وخرج ، شعرت بالضيق قائلة : مش بقولك أخوكي أتغير يا مها تبقى تصدقي .
فقالت لها مها باستغراب : طب معنى كده ان نوال رجعت لأوضتها تاني على السطح من جديد مش كده .
تنهدت الأم قائلة : أكيد وطبعاً كده شكله اتخانق معاها علشان تقبل تيجي معاه أنا فاهماهم هما الأتنين.
قطبت مها حاجبيها قائلة : طب أطلع أشوفها دلوقتي ، رمقتها بيأس قائلة لها : لأخليكي انتي ممكن لو ياسين حس بيكي أو شافك ممكن يتعصب عليكي وإحنا مش ناقصين ، وكمان سيبيها دلوقتي تكون عايزة تقعد لوحدها بعد اللي حصل منهم.
استعد جلال في مساء اليوم التالي إلى مهمته وحضر مع مصطفى محرم ورضوان وبعض من شركاؤه، تسليم البضاعة فهو من سهل لهم دخول هذه الشحنة من الجمارك.
كانت نظرات مصطفى تتفحصه من طرف خفي ، لا يعرف كيف يتصرف مع جلال إذا علم بما عرفه من سماح .
كل ذلك كان يلاحظه جلال لكنه تجاهله بقصد قائلاً له : أني إكده عملت اللي عليه ودخلتلك الشحنة من الجمارك، وأي بضاعة تانية هتدخل البلد آني اللي هساعدك فيها زي ما كنا متفجين .
تظاهر مصطفى باللطف معه قائلاً له : طبعاً يا عمدة طبعاً ، بصراحة من غيرك كانت ممكن البطاعة تقف في الجمارك ونتعطل عن استلامها .
استمعت نوال إلى صوت طرقات في المساء ففتحت الباب ، ووجدتها والدة ياسين التي ما أن رأتها نوال حتى ألقت بنفسها بين ذراعيها باكية .
إحتضنتها بحنان وحب قائلة لها : وحشتيني أوي يا نوال ، فازداد نحييبها بدون أن تتفوه ببنت شفه، أبعدتها عنها قليلاً ثم أمسكت والدته وجهها بين يديها قائلة بعتاب محبب: بقى كده يا نوال يا بنتي قدرتي تبعدي عني وتعملي فيه كده.
همست لها من وسط دموعها قائلة : غصب عني سامحيني أنا آسفه، ابتسمت لها بحب : مسامحاكي يا حبيبتي ، مفيش أم بتزعل من بنتها، أهم حاجه إنك رجعتي تاني هنا ، بالرغم اني كنت عايزاكي تقعدي معانا في الشقة زي ما كنتي قبل كده.
اضطربت نوال عند سماعها ذلك متذكرة أنه كان شرطها مع ولدها ياسين إن عادت معه سوف تظل في غرفتها القديمة على السطوح.
قائلة بتوتر : معلش كده أفضل بالنسبة بالي، ابتسمت لها مرةً أخرى قائلة : فاهماكي يا بنتي ، أهم حاجه انك رجعتي وآسفه على اللي عمله ياسين فيكي و… قاطعتها قائلة لها: لا يا ماما ما تتأسفيش إنتي مغلطيش فيه علشان تتأسفي .
تنهدت قائلة : أنا لازم أتأسف لأن اسلوبه مش كويس معاكي يا حبيبتي، تذكرت نوال طريقته الحاده وهو يسحبها خلفه بقبضته القوية بعنف شديد ليأتي بها معه ، بالرغم عنها إلى هنا قائلة لها : خلاص يا ماما اللي حصل حصل ومتزعليش نفسك ، وأهوه أنا قدامك أهوه كويسة ومفياش حاجه.
حدقت بها بعطف قائلة : يارب تكوني دايماً بخير يا بنتي ، أنا هنزل بقى دلوقتي علشان أجهزلهم العشا تعالي اتعشي معانا ، هزت رأسها بتوتر وسرعة قائلة لها : لا يا ماما أنا أكلت من شوية ومش قادرة آكل تاني.
ابتسمت لها بتفهم قائلة : أنا مش هغصب عليكي، وأنا عارفه يمكن كمان علشان ياسين هيكون موجود معانا تحت.
ارتبكت عند ذكر اسمه أمامها قائلة لها بقلق : لا أبداً بس فعلاً منيش جعانة قبلتها قائلة : خلاص يا حبيبتي خليكي براحتك عن إذنك أنا بقى دلوقتي.
بعد انصرافها بقليل حدقت برواياتها الرومانسية التي تناستها مع ظل الظروف الحالية التي تعيشها هذه الأيام.
جلست على الفراش وهي تأتي بحقيبة مليئة بالروايات التي كانت تقرأها من قبل ، بحضور مهجة بعض الوقت والتي أحرقت بسببها العديد من الأطعمة لصديقتها الوحيدة .
تنهدت بحزن وهي تحدق بإحدي الروايات وكادت أن تخرجها لكن استوقفتها رواية مطلوب سواق خصوصي .
أمسكتها وهي تتذكر أحداثها الحزينة قائلة لنفسها بألم : كنت بقول على آسر مجنون وعصبي أكتر من اللازم ، بس كتير كنت بسأل نفسي ليه شذى بالرغم من عنفه معاها إلا إنها حبته كل الحب ده ، اللي كنت بقول عليه شبه مستحيل إنه يحصل بينهم، ما بين واحد معقد نفسياً من كل اللي حواليه، وبالطريقة دي،  وواحدة ضعيفة في معظم الوقت ومستحمله معاملته القاسية معاها واللي وصلت للطلاق في يوم من الأيام وتهديده ليها كمان اللي فاق توقعاتي انه يحرمها من ولادها التوأم وبالرغم من كده كانت مجنونه بحبها ليه ومتخلتش عنه ودافعت عن حبها ليه طول الوقت.
صمتت برهةً بحزن مستطرده مرةً أخرى بقولها : أنا بقى بقيت كده زيها زي شذى ، بس الفرق إن ياسين أجن من آسر وياسين كمان جرجني بالكلام كتير وطلع البطل التاني أحن بالرغم من عقده النفسية اللي مطلعها طول الوقت على شذى ، ياسين بقى بيتلذذ بعذابي كل لما يشوفني مفيش غير الإهانة وبس .
تذكرت عيناه وهي تحدقان بها وكأنهما أمامها الآن ، فابتعدت بالفراش إلى الوراء ، منهمرة دموعها بخوف مما سيحدث إذا لم تذهب إلى الاحتفال بخطوبته مثلما أمرها.
شعرت كأن قلبها يكاد يختنق بمجرد تصورهما معاً وهي تتأبط نهى ذراعه فقالت من وسط دموعها: استحالة استحمل كده…. استحالة.
استيقظت نوال في اليوم التالي متأخرة عن ذهابها للمحل، تثاءبت ببطء قائلة : ياه احنا بقينا الضهر الظاهر كده ولا إيه، لما أقوم أجهز علشان اروح المحل كفاية كده غياب بقى بقالي فترة مفتحتش بسببه.
اثناء تجهيزها لنفسها استمعت إلى صوت طرقات على الباب فكان آخر وجه تود رؤيته الآن .
شحبَ وجهها وشعرت بغصة في حلقها وهي تحدق به بعينان جاحظتان .
تفحصها ياسين من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها وأزاحها بعيداً عن طريقه قائلاً لها ببرود : إيه ناوية تبصيلي كده كتير وهتخليني واقف برة الباب .
حاولت أن تتمالك أمامه قائلة بصوت متحشرج : نعم جاي ليه هنا تاني .
وضع يده في جيب بنطاله قائلاً لها بحدة : هوه ده اسلوب تكلميني بيه.
استغربت من ردة فعله قائلة باستنكار: أمال عايزني أقولك إيه يا ياسين بيه.
ضبط ياسين أعصابه قائلاً بغضب مكتوم : كلام كتير منيش عايز أنا جاي أقولك إن مفيش شغل في المحل النهاردة .
حملقت به بغضب قائلة : إنت مين انت علشان تحكم وتتحكم فيه طول الوقت.
تجاهل ياسين كل غضبها قائلاً لها باختصار حازم : من غير كلام كتير أوامري تتنفذ، النهاردة خطوبتي وهتلبسي الفستان، اللي قلتلك عليه ومها هتعدي عليكي هتروحوا الكوافير سوا مفهوم.
اتسعت عيناها بصدمة وذهول، من أوامره التي لا تقبل المناقشة وقبل أن ترد عليه وتنفجر به ساخطة بغضب، تركها ياسين مغادراً الغرفة .
وفي المساء كانت مهجة في المنزل عندما استمعت إلى صوت طرقات على الباب، فكانت سعاد التي بادرتها بقولها : الحاجه فاطمة بتجولك تعالي إجعدي ويانا شوية .
اضطربت مهجة قائلة لها : معلش جوليلها اني تعبانة ومنيش جادرة أنزل عنديها النهاردة .
لمحت سعاد الضمادة الموضوعة على يدها قائلة بجزع : ألف سلامة عليكي ياستي ليه مجولتيش إكده .
ابتسمت بتوتر قائلة : دي حاجه بسيطة يا سعاد ، فقالت لها بلهفة : لاه ياست هانم مينفعش إكده آني من  بكرة الصبح هاجي أنضفلك الشجة وأعملك الوكل كمان .
ابتسمت بسخريه لنفسها قائلة : والله فيكي الخير يا سعاد مجتش من العمدة.
فقالت لها : مش ضروري يا سعاد أني هبجـــ…. قاطعتها قائلة بسرعة : لاه يا ست مهجة هاجيلك بكرة يدك مش لازم يجي عليها المية واصل علشان تخف بسرعة، آني من الصبح هكون عنديكي.
أغلقت مهجة الباب بعد انصرافها ، قائلة بارتياح : الحمدلله إنك هتيجي بكرة منيش قادرة أعمل حاجه فعلاً.
أتى الليل بظلامه الدامس في الأجواء ووقفت مهجة تراقب وصول جلال من النافذة.
وصلت سيارته بالخارج فشاهدتها مهجة، أسرعت بإغلاق النافذة ودخلت إلى فراشها هاربة من غضب جلال المتواصل في وجهها، دخل جلال إلى غرفتها متأملاً لها وهي نائمة أو تتظاهر بالنوم كما هي الحقيقة الآن .
أبدل ثيابه ثم جلس بجوارها على الفراش، شعر جلال أنها مستيقظة من طريقتها الغير منتظمة في التنفس ، فابتسم بسخرية لنفسه وحدق بساعة يدة فوجدها أنه مازال الوقت مبكراً على النوم .
اقترب منها أكثر وناداها ببرود قائلاً لها : مهجة جومي إنتي لساتك صاحية ، ارتعب قلبها من اكتشافه لها باستيقظاها.
أغمضت عينيها أكثر فقال لها بحدة : إنتي هتجومي ولا أجيبلك جردل ماية وأدلجه عليكي دلوك.
هبت من نومها فزعة قائلة بتلقائية مضحكة : لاه يا بيه جومت أهوه منيش عايزة استحمى الله لا يسيئك.
تأملها متهكماً وقال لها : تاني مرة متعملهاش معاي واصل علشان متلاجيش الجردل لابس في نافوخك.
فقالت له بتردد: حاضر يا بيه آني غلطانة ومش هعملها تاني، تنهد قائلاً لها بلهجة آمرة: إبجى بكرة بإذن الله جهزي نفسيكي، عنديكي مهمة لوحديكي هتجومي بيها.
اتسعت عينيها بذهول تام وكاد أن يُغشى عليها قائلة له بصدمة: مهمة… مهمة….إيـــه دي عاد يا سعات الباشا …!!!
شرد جلال بذهنه بعيداً، محدقاً بها قائلاً لها بغموضه المعتاد: هتتعرفي على أبوكي….!!!
يتبع..
لقراءة الفصل الثامن والعشرون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *