روايات

رواية جبر السلسبيل 2 الفصل الخامس عشر 15 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل 2 الفصل الخامس عشر 15 بقلم نسمة مالك

رواية جبر السلسبيل 2 البارت الخامس عشر

رواية جبر السلسبيل 2 الجزء الخامس عشر

جبر السلسبيل 2
جبر السلسبيل 2

رواية جبر السلسبيل 2 الحلقة الخامسة عشر

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله…
“سلسبيل”..
بعد حديثها الحاد المغلف بالقسوة مع “عبد الجبار” ظنت أنه سيغادر الشركة، لكنه أدهشها حين بقي و تابع عمله معاها ، كانت تتابعه طيلة الوقت بأعين متلهفة و قلب ينفطر من أجله، تشعر بمدى ألمه التي تسببت هي فيه،على علم بأن كلماتها كانت جارحة لأقصى حد، و هذا ما كانت تريده من الأساس، أرادت أن يشعر بوجعها منه حين تركها و هي في أشد الحاجة إليه..
أقسمت بداخلها لولا وجود العاملين من حولها، لكانت عانقته الآن و غمرته بقبلة عاشقة لن تنتهي إلا بعدما تعود بها زوجته على ذمته مرة أخرى..
هيئت نفسها لفعلها فور إنتهاء هذا الإجتماع اللعين، لن تدعه يذهب هذه المرة، نيران الفرق تحرق فؤادهما معًا، تعترف أن عشقها له انتصر على قوتها الزائفة التي تتحلى بها، تريده هو فقط و لا شيء أخر في هذه الحياة بأكملها غيره..
ليأتيه هذا الإتصال الذي جعله ينتفض من مقعده مسرعًا، و سار من أمام عينيها بخطوات راكضة.
“رايح فين يا عبد الجبار؟!”..
قالتها “سلسبيل” بقلق و هي تنهض و تُسرع خلفه، ليوقفها مكانها بنظره عاتبه من عينيه التي تتسع بخطورة حبست أنفاسها، جمدتها محلها تطلع له بأعين غامت بهما سحابة تهدد بتساقط دموعها على هيئة أمطار غزيرة..
ظلت عينيه عليها حتى أختفي من أمامها لتهرول هي نحو النافذة فرأته يقفز داخل سيارته و قادها بسرعة عالية، و خلفه “جابر” يلحق به بسيارته..
ظلت واقفة مكانها تتابع قلبها و هو يفارقها و يذهب معه، حاولت السيطرة على نفسها قدر أستطاعتها حتى لا تنفجر في نوبة بكاء مرير، أطلقت أنفاسها المحبوسة و رفعت يدها زالت تلك العبرات العالقة بأهدابها قبل أن تستدير متوجهه نحو مكتبها و هي تقول..
“تقدروا تتفضلوا على مكتبكم و الملفات اللي اختارها عبد الجبار باشا تكون جاهزة على مكتبي بكرة أصبح قبل الساعة تسعة”..
خطفت حقيبتها ، و ارتدت نظارتها الشمسية تخفي بها عينيها الحمراء، و غادرت الشركة بخطي غاضبة،مرت بضعة دقائق و صف السائق السيارة الخاصة بها داخل حديقة منزلها..
اندفعت هي منها لداخل المنزل راكضة بوهن، لتقابلها”عفاف” فاتحة ذراعيها لها بعدما هاتفتها” صفا” و اخبرتها بأن حالتها لا تُبشر بالخير أبدًا بسبب اليوم العصيب التي مرت به..
“سلسبيل.. يا حبيبتي يا بنتي تعالي في حضني”..
أردفت بها “عفاف” بصوتٍ تحشرج بالبكاء، لترتمي “سلسبيل” داخل حضنها، و أجهشت ببكاء حاد مرددة بتقطع من بين شهقاتها..
“جرحته زي ما جرحني يا ماما عفاف.. قولتله كل الكلام اللي فضلت شهور برتب فيه عشان لما اقابله أوجعه بيه يمكن يحس بيا ويعرف هو وجع قلبي إزاي.. حتي أبويا كمان وقفت قدامه و دافعت عن نفسي لأول مرة من ظلمه.. أنا انهاردة قولت كل حاجة جوايا كان نفسي أقولها ل عبد الجبار و ل أبويا.. كنت مفكرة هرتاح بعد ما أوجعهم زي ما وجعوني بس أنا مش مرتاحة.. مش مرتاحة خالص.. جرحت قلب عبد الجبار بكلامي اللي زي الخناجر بس قلبي أنا اللي بينزف يا ماما “..
ابتعدت عنها و ضربت بكف يدها على موضع قلبها بقوة، لتسرع”عفاف” بإيقافها، و وضعت كف يدها على قلبها و أردفت ببكاء على بكائها..
” بسم الله على قلبك يا بنتي”..
لتصرخ” سلسبيل ” صراخ مقهور..
“ااااه قلبي أنا اللي ذاد وجع على وجعه.. و اللي قهرني أني بعدته عني لما حاول يحضني..مشي و سابني قبل ما ياخدني في حضنه.. كان جبرني على حضنه..كان جبرني على رجوعي ليه..أنا موافقة أنه يجبرني عليه.. إزاي بس مش فاهم أنه جبر السلسبيل.. إزاي مش فاهم أني عايزاه و محتجاله يا ماما.. إزاي صدقني لما قولتله إني مبحبوش و هو عارف إني بعشقه..إزاااااااي!!! “..
” أهدي يا بنتي.. بحلفك بالله العظيم تهدي عشان خاطر اللي في بطنك “..
جلست على الأرض محتضنة بطنها بلهفة، و ظلت تبكي و تأن بضعف و هي تقول ..
” اللي في بطني؟!.. حتى لما سألني عليه مرضتش أقوله ولد و لا بنت.. مرضتش أريحه و في الحقيقة محدش تعبان غيري أنا “..
جلست” عفاف” أرضًا بجانبها، تربت على ظهرها بحنان بالغ، لينتفض قلبها حين رأتها تتوقف فجأة عن البكاء، مسحت دموعها بعنف، و قد تحولت ملامحها لأخرى مخيفة، تحاملت على نفسها و انتصبت واقفة و هرولت لخارج المنزل مرددة بنفاذ صبر ..
” أنا هروحلوا.. هروحلوا و أقوله كفايا فراق لحد كده”..
………………………….. سبحان الله وبحمده………
“عبد الجبار”..
كان يضع الهاتف على أذنه أثناء قيادته، يسابق الزمن و الرياح حتى يصل إلى ابنتيه اللتان يصرخان بأسمه صرخات تشق قلبه شقًا، و أخيرًا وصل أمام باب منزله المغلق، ليقتحمه على الفور كسر الباب بأكمله، ليتأهب جميع الحرس رافعين سلاحهم تجاهه، إلا أنهم اخفضوا سريعًا حين لمحوه هو..
اندفع خارج السيارة راكضًا لداخل المنزل بعدما خطف سلاح ناري من يد إحدي الواقفين..
“فااااطمة.. يا أمه.. يا حيااااة”..
صدح بها بصوتٍ جوهري، لينصدم بوالدته تجلس في ردهة المنزل تتناول كوب من الشاي بتلذذ، و تطلع له ببرود قائلة..
“خير يا ولدي.. مالك چاي على ملا وشك ليه أكده؟!”..
دار بعينيه المذعورة في المكان من حوله مغمغمًا..
“بناتي و أمهم فين يا أمه؟! “..
” كانوا أهنة من هبابه.. هتلاقيهم فوق في أواضهم”..
ركض هو بأنفاس متقطعة على الدرج المؤدي للطابق الثاني، لتبتسم “بخيتة” بخبث، فقد رأت” حسان” و هو يدلف لداخل المنزل، و تركته حين استمعت لحديثه و أيقنت أنه أتى لقتل “خضرا”..
“يله خلص يا حسان على بت المركوب القديم و خلصنا منها”.. تمتمت بها بسرها، و ظلت مكانها تنتظر سماع الطلق الناري الذي بالتأكيد سيُصيب من تطيق العمى و لا تطيق وجودها..
“يا مُرحب بالكبير.. أني مستنيك من ياما”..
نطق بها “حسان” حين وقعت عينيه على “عبد الجبار” الذي صوب تجاهه السلاح، ليضغط” حسان” على رقبة أبنته” حياة”، و رمقه بنظرة محذرة أجبره على إلقاء سلاحه في الحال..
“همل حياة يا حسان.. البنتة الصغيرة ملهاش صالح بلي بيحصل بنتنا”..
تطلع له” حسان” بملامح كساها الحزن ، و تحدث بندم حقيقي قائلاً..
“أني عمري ما كنت هخونك يا كبير.. لولا الشيطانة اللي دخلت بنتنا. هي السبب يا كبير.. هي اللي فتحت باب الشر من الأول”..
كان يتحدث و عينيه مثبته على” خضرا ” التي تحاوط أبنتها” فاطمة” بحماية، و تبكي بصمت، لقم سلاحه و وجهه نحوها و قد عماه غضبه و قرر ينهي حياتها، شعرت بالموت يحوم حولها فرفعت عينيها الغارقة بالدموع و نظرت ل” عبد الجبار” و همست بصعوبة بالغة..
” سامحني يا عبد الچبار.. سامحني يا خوي! آ ااه”..
قطعت حديثها و صرخت بعويل حين صدح صوت الطلق الناري..
………………………………………سبحان الله العظيم……
“سلسبيل”..
وصلت للتو إلى منزل “عبد الجبار” لتجد بابه مفتوح على مصراعيه و لا يوجد أي أحد من الأمن، خطت للداخل بخطي مرتجفة و أعين مترقبة، و قلب تسارعت دقاته حين لمحت “خضرا” تسير بخطي مريبة كما لو كانت تحولت لإنسان ألي،حامله بيدها شيء تخفيه خلف ظهرها حتى توقفت أمام مكتب “عبد الجبار” الموضوع عليه كأس من العصير، تطلعت حولها تتأكد من عدم وجود أحدًا، و للعجب لم ترى “سلسبيل” التي تتابعها بأعين جاحظة، و قامت بإظهار زجاجة صغيرة، سكبت منها القليل على كأس العصير و اخفتها من جديد..
تفاجأت “سلسبيل” ب “عبد الجبار” حين لف بالمقعد الجلدي الموضوع خلف المكتب، مد يده و أخذ كأس العصير و تناوله دفعة واحدة بصمت..
رأت الكأس سقط أرضًا من بين أصابع يده، تهشم و تناثرت القطع الزجاجية بالمكان، تطلعت لزوجها بأعين متسعة، مذعورة لتجد وجهه شاحب للغاية يظهر عليه الألم الشديد،
ألم لم يستطيع تحمله، جعل عينيه زائغه، و جسده يترنجح بوضوح كلما حاول النهوض حتى أوشك على السقوط من فوق مقعده، هنا صرخت بأسمه صرخة مدوية هزت القلوب و جدران المنزل معًا، هرولت تجاهه راكضه بخطي مرتجفة متعثرة ..
“عبد الجباااااااار….”..
كان صراخها بإسمه أخر شيء استمع إليه من بين شفتيها قبل أن يغلق عينيه و يغيب عن الوعي أو ربما عن الحياة بأكملها..
“سلسبيل أصحى يا بنتي.. فوقي يا حبيبتي”..
هكذا أيقظتها “عفاف” بعدما غرقت في نومًا متعب بعد جملة “محدش تعبان غيري” أجهشت بعدها في وصلة بكاء دامت لوقتٍ طويل ، لتفتح “سلسبيل” عينيها بذعر و لم تتوقف عن الصراخ بأسم من ينبض قلبها بأسمه..
” عبد الجباااار.. عبد الجبار يا ماما عفاف.. حصله حاجة.. في حاجة.. وديني عنده يا ماما عفاف أبوس إيدك”..
كانت “عفاف” يظهر عليها الخوف و الحزن الشديد، و عينيها حمراء و منتفخة للغاية،لكنها تحدثت بهدوء عكس هيئتها..
“طيب بطلي صريخ يا سلسبيل و قومي غيري هدومك و أنا هوديكي عنده”..
نهضت” سلسبيل ” من الفراش بجسد يرتعش بوضوح، و صرخاتها أصبحت غير إراديه لا تستطيع السيطرة عليها تصرخ بلا توقف مرددة بقلب ملتاع..
“عبد الجباااار فيك أيه يا قلب و روح سلسبيل”..
………………………….. لا إله إلا الله وحده لا شريك له………..
” جابر”..
وصل أمام منزل “عبد الجبار” تزامنًا مع صوت إطلاق النار، ترك سيارته بمنتصف الطريق غير عابئ بمصيرها و ركض بكل سرعته خلف أفراد الأمن لداخل المنزل، مروا من أمام ” بخيتة” التي تجلس بأريحية و إبتسامة متسعة على وجهها، و قد ظنت أن مرادها تحقق، و تخلصت من طليقة إبنها للأبد، ليتخشب جسدها، و شعرت بالدنيا تومض من حولها حين وصل لسمعها صوت صرخات “خضرا” و أبنتيها معًا يرددون بنواح..
“عبد الچبااااااااار.. أبوااااااااي”..
حاولت النهوض بشق الأنفس و سارت بخطي بطيئة متثاقلة تدفع بعكازها كل من يعوق طريقها حتى وصلت إلى الغرفة الصادر منها صوت الصرخات المرعبة، ليسقط عكازها من يدها حين لمحت جسد وحيدها ممد على الأرض، قميصه الأبيض غارقًا بدمائه..
كانت” خضرا” و ابنتيه يجلسون حوله، و “جابر” أيضًا يجلس بجواره واضعًا رأسه على قدمه..
“جابر”.. حرك “عبد الجبار” شفتيه بها دون إصدار صوت، ليلبي “جابر” ندائه، و مال عليه ليتمكن من سماعه، كان “عبد الجبار” يجاهد ليفتح عينيه، نظر له بأعين ألتمعت بها الدموع، و همس بصوتٍ لاهث قائلاً..
“أمي و بناتي و!! “..
صمت لوهلة لتهبط دمعة حارقة على خديه مكملاً بمنتهي الصعوبة..
“سلسبيل في أمانتك.. سلسبيل “..
كانت هذه أخر كلمة قالها قبل أن يغلق عينيه و يستسلم لقدره وسط صرخات أبنتيه التي تشق القلوب..
“مش هتموت يا عبد الجبار.. فااااهم مش هتموت”..
قالها” جابر ” الذي استجمع شتات نفسه و نهض مسرعًا، حمله على كتفه و هرول به لأقرب مستشفى..

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية جبر السلسبيل 2)

اترك رد

error: Content is protected !!