روايات

رواية صدفة لم تكن عابرة الفصل الثالث 3 بقلم شمس محمد

رواية صدفة لم تكن عابرة الفصل الثالث 3 بقلم شمس محمد

رواية صدفة لم تكن عابرة البارت الثالث

رواية صدفة لم تكن عابرة الجزء الثالث

صدفة لم تكن عابرة

رواية صدفة لم تكن عابرة الحلقة الثالثة

حينما أقول أنكِ جميلة، أقصد أنكِ تشبهين نجوم السماء، لربما مُضيئة و قوية ولامعة….لكنكِ بَعيدة، و قد يكون هذا هو عيبك الوحيد.
*************************
صفعه “رائف” على وجهه ثم قال بغلٍ دفين كتمه في قلبه لفترة طويلة من ذلك الفظ:
“أتمنى القلم دا يكون عرفك أنا مين ….. أنا رائف العزايزي يعني لو على الشر ناوي فـ محسوبك ليه غاوي”
جخظت عيني “مـنة” بذهولٍ حتى الجمتها الصدمة من فعل “رائف” الذي اسودت عينيه بِظُلمةٍ ثم اقترب من “ماجد” يمسك تلابيبه ثم ألصق ظهره بالحائط خلفه ثم تحدث بنفس الغِل وهو يضربه بالحائط خلفه:
“مفيش دكر بيمد أيده على بنات الناس حتى لو تخصه، إلا لو شبه دكر بقى ساعتها فيها كلام تاني”
تحدث “ماجد” بصوتٍ مختنقٍ إثر كف “رائف” الموضوع على عنقه:
“أبعد إيدك يالا بدل ما اضيعك أنا، أبعد أحسنلك”
قام “رائف” بالضغط على عنقه أكثر ثم قال بغضبٍ:
“هات اللي عندك كله و أنا شاري”
اقتربت “مـنة” في تلك اللحظة منهما تقول بتوسلٍ:
“سيبه يا رائف لو سمحت، سيبه و خليه يروح لحاله و كل واحد يمشي من طريق”
انتبه “رائف” لتواجدها بينما هي قامت بخلع الخاتم الذي يتوسط اصبعها ثم مدت يدها به و هي تقول بثباتٍ لأول مرة:
“اتفضل يا ابن الحلال، دبلتك أهيه كل واحد فينا يشوف طريقه إحنا ملناش نصيب مع بعض”
احتلت الصدمة معالم وجه كلاهما و خاصةً “ماجد” الذي أغلق أهدابه ثم فتحها مرةً أخرى و هو يقول بنبرةٍ جامدة:
“أنتِ تسيبيني أنا ؟؟ نسيتي نفسك ولا إيه ؟؟”

 

قبل أن تهم بالرد عليه تفاجأت بـ “رائف” يلتفت له و هو و يقول بتهكمٍ رغم ثبات حديثه:
“أنا متأسف أني قولتلك إنك زي الجاموسة، أنتَ أكيد تــور، على العموم أنتَ اللي متطولش إنك تشوفها أصلًا”
مسحت “منـة” دموعها ثم قالت بنفس الثبات الواهن:
“اتفضل يا أستاذ ماجد، ربنا يعوضك بواحدة شبهك و تعوضك عن كل حاجة كنت تتمنى تلاقيها فيا بس محصلش، لكن أكتر من كدا أنا مش هقدر”
أخذ منها الخاتم ثم قال:
“أنتِ الخسرانة يا منة، براحتك”
قبل أن يغادر أوقفه “رائف” بقوله:
“اللي كسبان نفسه مبيخسرش حاجة”
التفت له “ماجد” فيما أشار “رائف” نحو عقله و هو يقول مؤكدًا:
“احفظها كويس….الكسبان نفسه مخسرش حاجة ولا بيبكي على حاجة، طريقك سالك إن شاء الله”
ابتسم “ماجد” بسخريةٍ ثم رحل من أمامه، بينما التفت “رائف” لها يسألها بلهفةٍ:
“أنتِ كويسة ؟؟ عملك حاجة ؟”
انتبهت لطريقته الملهوفة عليها لذا أمعنت النظر في وجهه فقال هو مسرعًا:
“مالك ؟؟ أوعي تكوني زعلانة عليه، دا واحد زبالة، اقسم بالله لو كنت بنت و سيبت واحد زي دا لكنت رقعت زغروطة وقعت حيطان البيت دا من فرحتي….. بصراحة أنا راجل أهو و هموت و أعمل كدا”
قال جملته الأخيرة بحرجٍ جعلها تضحك رغمًا عنها من بين دموعها المتعلقة بأهدابها، فقال هو بمرحٍ:
“يا سلام !! هو دا الكلام”

 

رفعت كفها تمسح وجهها ثم قالت بوجهٍ مبتسمٍ:
“عن اذنك يا رائف…هطلع أشوف مصعب”
حرك رأسه موافقًا ثم رفع يحك فروة رأسه من الخلف حتى اختفى أثرها من أمامه فزفر بعمقٍ ثم قال بخيبة أملٍ متحسرًا على حاله:
“مكتوبلي اتفرج على النجوم بس، الظاهر مليش نصيب أخد واحدة منهم لحسابي….. ياريتك كنتي قبلتي بيا”
تنفس بعمقٍ ثم صعد للأعلى بعدها بثوانٍ بعدما شرد بها و في حاله.
*************************
في غرفة “مُصعب” كان جالسًا على الفراش يتصفح مواقع التواصل الاجتماعية حتى وجد “مـنة” تركض نحوه ثم احتضنته و هي تقول بلهفةٍ باكية:
“كان معاك حق…. أنا كنت هضيع نفسي يا مُصعب…. الحيوان كان هيمد أيده عليا، كان هيضربني”
كانت تبكي بحرقةٍ و حسرةٍ على قلبها المكلوم بينما هو طوقها بذراعيه ثم سألها بحيرةٍ:
“مالك يا مـنة ؟؟ و مين دا اللي كان هيضربك ؟؟ أوعي تقولي ماجد ؟؟ أقسم بالله اموته فيها”
ابتعدت عنه تمسح وجهها ثم قالت بصوتٍ مختنقٍ نتيجة البكاء:
“هو يا مُصعب، شد معايا في العربية شوية و بيقولي مش هنلف و نحدد من هنا عاوزين إيه، قولتله إني عاوزة أروح كذا مكان لقيته بيقولي أني مش بفهم و غبية….و…”
بكت من جديد فرفع كفه يمسح دموعها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
“أهدي و كلميني بالراحة زي بكلمك يا منـة”
انتحبت بشدة ثم قالت:

 

“اتعصبت لما قالي غبية و قولتله احترم نفسك و كلمني كويس صوتك ميعلاش عليا، لقيته بيصرخ في وشي، نزلت من العربية و جريت على البيت هنا، دخل ورايا و زعقلي برضه و لسه هيرفع أيده يضربني رائف جه و لحقني منه”
اتسعت عينيه بدهشةٍ فقامت بسرد ما فعله “رائف” مع ذلك المدعو “ماجد” حتى قال “مُصعب” براحةٍ تخللت معالم وجهه:
“أخــيرًا يا شيخة ؟؟ لقد هُرمنا لأجل هذه اللحظة السعيدة، أقسم بالله هاين عليا ازغرط”
ردت عليه بحنقٍ:
“هو كل شوية حد يقولي كدا ؟؟ أومال سيبتولي أنا إيه بقى ؟؟”
سألها بخبثٍ بعد حديثها المندفع:
“هو فيه حد تاني غيري قال كدا ؟؟ مين دا ؟؟”
حمحمت هي بقوةٍ ثم قالت:
“رائف بصراحة هو اللي قالي كدا، رغم أني كنت متعصبة بس هو ضحكني، حسيت اني مهزقة”
ابتسم “مصعب” ثم قربها منه يقبل رأسها ثم ربت عليها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
“ربنا يعوضك خير إن شاء الله و يفرح قلبك يا مـنة، والله أنتِ طيبة و جميلة بس لو تبطلي تمشي ورا أمك هتبقى كل حاجة زي الفل”
تنهدت بعمقٍ ثم قالت بصوتٍ مبحوحٍ:
“عاوزاك تقف معايا لو ماما اتكلمت معايا يا مُصعب، أنا مش هقدر اواجهها لوحدي، عاوزك تأكدلها أني مستحيل ارجعله تاني لو على جثتي”
سألها بنبرةٍ مؤكدة:
“أكيد يا منة ؟؟ مش هتعملي زي المرة اللي فاتت و تصغريني و تشمتيها فيا ؟؟”
حركت رأسها موافقةً ثم أضافت:
“المرة دي الموضوع كبير يا مُصعب، واحد بيمد أيده عليا و أنا لسه خطيبته اومال لو بقيت مراته و في بيته هيعمل فيا إيه ؟؟ أنا اقعد هنا بكرامتي أحسن ولا أني أذل نفسي مع واحد زي دا…..مش دا كان كلامك؟”

 

حرك رأسه موافقًا ثم جاوبها مُبتسمًا:
“دا كلامي و ياريت يتنفذ يا منة، و إذا كان على أمك خلاص سيبيهالي، هي نزلت تشوف ستك و جاية تاني، أدخلي غيري هدومك و تعالي حطيلي مرهم على كتفي”
حركت رأسها موافقةً ثم انتفضت بسرعةٍ و قبل أن تخرج من الغرفة سألته:
“مصعب !! هو أنتَ مش زعلان مني ؟؟”
ابتسم لها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
“هو في حد بيزعل من نفسه يا هطلة ؟؟ ايشحال لو مكناش مع بعض من أول لحظات في الدنيا”
ابتسمت له ثم قالت براحةٍ:
“ويا رب تفضل معايا علطول لأخر السكة زي ما بدأتها معايا”
خرجت من الغرفة بينما هو زفر بعمقٍ ثم قال آملًا في القادم:
“ياريته هو اللي يكون معاكِ في اللي جاي”
*************************
في شقة “كريمة” كانت تجلس أمام التلفاز تشاهد مسلسلها المفضل حتى دلف “رائف” يجلس بجوارها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
“السلام عليكم يا أم رامز”
نظرت له بطرف عينها ثم قالت بمرحٍ:
“طالما قولت أم رامز يبقى كدا أنتَ رايق، قولي عملت إيه مع خالك الناقص”
رد عليها بتهكمٍ:
“أنتِ قولتي أهوه خالي الناقص، و أنا مبقعدش غير مع ناس كاملة متكاملة، يروح بقى يكمل النقص اللي عنده”
ربتت على كتفه ثم قالت بآسفٍ:

 

“حقك عليا يا حبيبي، لو عليا مش هخليك تقف قصادهم كدا ولا عين واحد فيهم تترفع فيك، بس أعمل إيه بقى، مليش غيرك”
اقترب منها يقبل رأسها ثم قال بنبرةٍ هادئة:
“أنا عيوني و عمري و كل حاجة فيا فداكِ يا كريمة، طب خلي واحد فيهم يفكر ييجي جنبك، وأنا أكون مخلي خرجته في نفس اليوم، هو أنا ليا غيرك ؟؟”
احتضنته “كريمة” و هي تربت على خصلاته ثم سألته بخبثٍ:
“مش هتقولي بقى رايق كدا ليه ؟؟ رامز حكالي عن اللي حصل مع خالك، بس ميخليش وشك منور كدا”
ابتعد عنها يقول بثباتٍ:
“كان فيه غُمة بدعي في كل ركعة أنها تنزاح من وشي، ربك كرمني من وسع و غارت في داهية”
عقدت ما بين حاجبيها فقال هو مفسرًا دون تزييفٍ أو توترٍ:
“ماجد….الغُمة ماجد خطيب منة، غار في داهية تاخده، إلهي ما تِرجعه أبدًا”
شهقت بقوةٍ ثم سألته ببلاهةٍ:
“يلهوي مات يا ولا ؟؟؟”
حرك رأسه نفيًا ثم أضاف بندمٍ:
“كان نفسي بس محصلش، يدوبك خلعت دبلته و رمتهاله، بقولك إيه ما تزغرطي يا أم رامز كدا، نفسي اسمع زغروطة، أو علميني ازغرط أنا”

 

ضحكت عليه و هي تضرب كفيها معًا ثم قالت بحسرةٍ زائفة:
“يا ميلة بختك يا كريمة، عوض عليا يا رب في خلفة ابن المجانين دا، أنتَ عبيط يالا؟؟”
ضحك رغمًا عنه و هو يقول بقلة حيلة:
“هعمل إيه بس يا ماما ؟؟ عمري ما كرهت حد، بس ماجد دا أول واحد أحقد عليه و أحس أنه واخد حاجة مش حقه، و يمكن مش حقي أنا كمان بس هو مكانش يستاهلها”
سألته بتقريرٍ أكثر من كونها مستفسرةً:
“وهو أنتَ شايف بقى إنك تستاهلها يا رائف ؟؟”
حرك كتفيه ثم قال بنبرةٍ غلفتها الحيرة:
“على الأقل كنت هحاول علشانها، صحيح مش معايا كتير بس أهو أنا طمعان في كرم ربنا”
ربتت على كتفه من جديد و هي تقول بحماسٍ:
“يبقى سلم أمرك لربنا يا رائف و ادعي يا بني يكرمك باللي فيها الخير ليك، يمكن يكون متشالك الخير مع واحدة تانية غير دي”
حرك رأسه موافقًا ثم تنهد بعمقٍ ومن بعدها رفع رأسه يقول بتضرعٍ:
“يا رب..أنا و قلبي ملناش غيرك”
*************************
في شقة “مـنة” كانت تجلس في الغرفة مع شقيقها حتى دلفت والدتهما بغيظٍ نحوهما و هي تقول بانفعالٍ:
“عملتي اللي في دماغك برضه يا منة ؟؟ سيبتيه و ريحتي نفسك؟؟ غبية و هتضيعي نفسك”
ردت عليها بلامبالاةٍ:
“وماله، اديني قاعدة هنا أساعدك في شغل البيت، لو على مصاريفي هدفعلك حق النومة و الأكلة”
تدخل “مصعب” يقول بنفس البرود اللامتناهي قاصدًا استفزاز والدته:
“بالنص بقى بينا، ابقي تعالي اقعدي معايا هنا و آجرلك الأوضة”
سألته “هنية” بغيظٍ:

 

“وحياة أمك ؟؟ أنتَ بتغيظني يالا ؟؟ تلاقيك أنتَ اللي لعبت في دماغها، علشان أمه اتصلت و زعلانة و مقهورة أوي”
رد عليها هو بثباتٍ:
“أنا مليش دعوة أصلًا، البيه كان هيمد أيده على بنتك، الموضوع تخطى الزعيق و الصوت العالي و وصل لِـمد الايد يا ماما، شوفتي آخر تعاملك معاه و ترخيصك ليها خلاه يشوف نفسه ازاي ؟؟ قُصر الكلام على جثتي إن ماجد دا يرجع ليها تاني، بموتي علشان دا يحصل”
ردت عليه “منة” بلهفةٍ:
“بعد الشر عنك إن شاء الله هو”
خرجت “هنية” من الغرفة بغيظٍ مكتومٍ من أولادها، بينما “مصعب” أمسك يدها و هو يقول بنبرةٍ هادئة:
“أنا معاكِ أهو و مش عاوز تزعلي نفسك عاوزك بس تقومي تعمليلنا سهرة حلوة من بتوعك كدا، و نقعد مع بعض و حمليلنا فيلم حلو كدا نسهر عليه”
ابتسمت له و هي تقول بحماسٍ:
“عيوني، ربنا يخليك ليا و عقبال ما تسهر مع انعام في شقتكم يارب”
رد عليها بلهفةٍ:
“يا رب، زودي بقى من الدُعا الحلو دا لاحسن أخوكِ خلاص”
*************************

 

في شقة “ماجد” كانت والدته تجلس بجواره و هي تقول بضجرٍ:
“وبعدين يابني ؟؟ طب نروح نراضيها و نخزي الشيطان، البت بنت حلال يا ماجد”
رد عليها بنبرةٍ جامدة:
“الهانم بقت بتعلي صوتها عليا، قولتلك إني لو سكتلها هتسوق فيها، سيبك منها بقى”
سألته بتحسرٍ و حزنٍ:
“يعني خلاص هتسيبها يا ماجد ؟؟ طب حاول تاني يابني، حرام عليك دي بنت أصول”
رد عليها بلامبالاةٍ:
“أمها هتعقلها و ترجعها تاني، أنا عارف طريقتها كويس و أمها في صفي علطول”
تنهدت والدته باستسلامٍ ثم قالت:
“ربنا يهديك يابني، نسخة من ابوك في طبعه الصعب و عناده”
ابتسم لها بسخريةٍ وقال:
“زمانها قاعدة تضرب نفسها ١٠٠ كف إنها ضيعتني من ايدها، و بكرة ترجع تكلمني تاني، و هتشوفي، لما تعض أيدها من الندم وتعرف أنها خسرتني”
في شقة “منـة” جلست بجوار شقيقها على الفراش و امامهما جهاز الحاسوب بعدما قامت بتشغيل أحد الأفلام الأجنبية و قامت بوضع التسالي و المقبلات و المقرمشات بينهما و هي تضحك بجوار توأمها بسعادةٍ عادت لها منذ زمنٍ بعيدٍ و كأن علاقتها بذلك المدعو “ماجد” تشبه الجبل فوق أنفاسها.
*************************
في صباح اليوم التالي بعد شروق الشمس قامت “مـنة” من نومها و قامت بتأدية صلاة الصبح ثم دلفت الشرفة تأخذ الثياب من على الحِبال، في نفس التوقيت الذي وقف به “رائـف” في شرفته و حينما وجدها تأخذ ثيابها تأهب للقادم و علم أنها تقوم بتجهيز نفسها حتى تذهب لعملها، حينها قرر هو استغلال تلك الفرصة ثم سحب البطاقة الموضوعة على طاولة السفرة و الحقيبة البلاستيكية الموضوعة بجوارها بلهفةٍ حتى خرجت والدته من المرحاض تسأله بتعجبٍ:
“مالك متسربع كدا ليه ؟؟”

 

رد عليها بنفس اللهفة:
“هروح أنا اجيبلك العيش من الفرن علشان متقافيش كتير، خليكِ”
عقدت ما بين حاجبيها و هي تقول بتهكمٍ:
“مانا بتحايل على أهلك بقالي يومين مش راضي، عاملي فيها ابن ذوات”
ابتسم لها باستفزازٍ ثم فتح الباب و هو يقول بسخريةٍ:
“هو أنا مقولتلكيش ؟؟ مش أنا طلعت عيل واطي تربية حواري؟؟”
أغلق الباب بعد جملته تلك و نزل مُسرعًا بينما “كريمة” نظرت أمامها بشكٍ وهي تقول:
“يقصد إيه بتربية حواري ؟؟ يلا هو أدرى عديم الرباية دا”
نزل “رائف” مُسرعًا على الدرج ثم توجه نحو محله يقوم بفتحه ثم جلس يتنفس الصعداء على المقعد ينتظر نزولها و طلتها أمام عيناه، مرت دقائق قليلة حتى نزلت من شقتها و خرجت من البناية فتجاهلها هو متعمدًا ذلك، بينما هي تنحنحت حينما وجدته يجلس أمام المحل ثم ضبطت حقيبة ظهرها وهي تتمسك بذراعها من فرط توترها ثم وقفت أمامه تقول بنبرةٍ هادئة:
“صباح الخير يا رائف، غريبة إنك فاتح بدري كدا”
رفع عيناه لها و هو يقول مُفسرًا بلامبالاةٍ وكأن ظهورها أمامه لم يهمه:
“عادي قولت أجرب الصبح كدا و أبقى اطلع أريح شوية، بس هو أنتِ مهتمة أوي كدا إني مش بفتح ؟؟”
شعرت بالحرج من طريقته و مغزى سؤاله، لذا قالت بصوتٍ مضطرب بقدر ما حاولت جعله هادئًا:
“لأ أبدًا….بس ببقى عاوزة أخد حاجات للأولاد في الحضانة من هنا و المحل بيكون مقفول، بجيب من مكان تاني”
سألها بلهفةٍ:
“قولي والله كدا ؟؟؟”
عقدت ما بين حاجبيها وهي تردد ببلاهةٍ ودون وعيٍ:
“والله….اشمعنا يعني ؟؟”
رد عليها بعدما أدرك تسرعه:
“لأ أبدًا….بس….بس أنا علطول فاكر إن مفيش حد بيجي ااصبح ياخد حاجة، علشان كدا بفتح متأخر، شكلي كدا هفتح بدري كل يوم”
ابتسمت له بتفهمٍ ثم قالت:

 

“ربنا يكرمك من وسع و يفتحلك أبواب الرزق يا رب”
حينما ابتسمت و دعت له قال بمرحٍ:
“يا سلام….هو دا الكلام”
اتسعت ابتسامتها أكثر من طريقته العفوية، ثم قالت بثباتٍ بعدما استعادته:
“أنا كنت عاوزة أشكرك يا رائف على موقفك معايا علشان اللي ماجد كان هيعمله، و آسفة أني ورطك في مشكلة زي دي”
رد عليها بجمودٍ حينما تذكر:
“دا عيل بغل داهية تاخده هو و تربيته الزبالة، معرفش حبتيه على إيه دا”
تنحنحت هي باحراجٍ فيما أضاف هو مسرعًا بعدما فهم توترها منه:
“أنا آسف يعني بس أنا عفوي حبتين، كنت بس عاوز أقولك أني آسف أني قولت عليه جاموسة قدامك مكانش ينفع اقول كدا”
نظرت له و شبح ابتسامة تهدد بالفضح و الإعلان عن نفسها، فقال هو بغضبٍ:
“لأني لما فكرت لقيت إن الجاموسة أفيد منه بكتير، بتجيب لحمة و لبن و زبادي و سمنة و مورطة، وجبنة رومي، و لانشون و بيض…..آه لامؤاخذة دي مش هي، دي الفرخة”
ضحكت هي بملء صوتها بسبب طريقته العفوية فقال هو بقلة حيلة:
“معلش بقى أنا عفوي حبتين، شوفي طريقك بقى علشان معطلكيش”
حركت رأسها موافقةً ثم اقتربت من الحامل الموضوع تأخذ منه كيسًا من البطاطس المقلية ثم أخذت زجاجة عصير من الثلاجة و سألته بنبرة هادئة:
“كام كدا الحساب ؟؟”
رد عليه بودٍ:

 

“خليها علينا بقى، دي أول مرة استفتح بوشك كدا”
تحدثت هي بنبرةٍ جامدة:
“لأ معلش مش هينفع، مبحبش حد يبقى ليه جمايل عليا”
نفذ صبره وهو يقول بضجرٍ:
“جمايل إيه يا ميس على الصبح ؟؟ اتكلي على الله متخليناش نتعصب بقى”
زفرت هي بقوةٍ ثم قالت بحدةٍ:
“لو سمحت كلمني بطريقة أشيك من كدا، متتعصبش عليا”
قلد طريقتها بسخريةٍ:
“والله ؟؟ اكلمك بطريقة أشيك من كدا إزاي ؟؟ اربطلك الكلام بفيونكة ؟؟”
طريقته و لغته التهكمية جعلتها تزداد غضبًا وهي تقول:
“لو سمحت متكلمنيش باللغة دي”
رد عليها بسخريةٍ بعدما قام بتبديل لغته:
“حسنًا إذا اغضبك حديثي أنا أعتذر منكِ، هل تُريدين مني أن أعقد لكِ حديثي بأنشوطة لكي ينال إعجابكِ ؟؟”
اتسعت عينيها ببلاهةٍ وفرغ فاهها، بينما هو قال بضجرٍ:
“يلا يا أبلة طريقك سالك إن شاء الله، أنا هبقى أحاسب مصعب”
ابتسمت هي له ثم أخذت زجاجة مياه معدنية صغيرة الحجم، و هي تقول بحماسٍ:
“طالما الحساب على مصعب بقى”
ابتسم بسخريةٍ وهو يقول:
“يلا ماهو مال سايب بقى”
ابتسمت له وهي تقول بمعاندةٍ:
“سلام عليكم يا رائف، سلملي على طنط بقى”
ابتسم لها نصف ابتسامة وهو يتابع رحيلها من أمامه، ثم تنهد بعمقٍ وهو يقول:
“دا أنتَ طلعت غبي يا رائف، معقول الصباح الحلو دا كان بيضيع عليك كل يوم”
*************************

 

بعد مرور ثلاث ساعات تقريبًا استمر “رائف” في عمله بعدما جلب لوالدته الخبز ثم استأنف عمله من جديد، حتى نزل “مُصعب” من البيت متوجهًا نحو عمله، لكن قبل ذلك مر على “رائف” في محله و هو يقول بمرحٍ:
“صباح الخير يا رائف، عامل إيه”
ابتسم له وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
“صباح النور و العسل، دا إيه اليوم العالمي دا، طمني كتفك عامل إيه دلوقتي ؟؟”
رد عليه بزهوٍ:
“أنتَ شايل هم الخربوش دا ؟؟ زي الفل الحمد لله و كله تمام، أنتَ إيه اخبارك ؟؟ عاوز اشكرك على وقوفك مع منة، بجد موقفك دا فوق راسي”
حدثه بامتنانٍ بينما الأخر قال بنبرةٍ هادئة:
“دا واجبي يا مُصعب، مش معنى إنها مش عاوزاني ابقى ندل وقليل الأصل، ربنا يعوضها خير إن شاء الله”
تنهد “مصعب” بحنقٍ ثم حسم أمره وقال بثباتٍ:
“منة مرفضتكش يا رائف أصلًا، لأن منة مكانتش تعرف إنك اتقدمت ليها، الموضوع كله تم من برة برة”
قال حديثه مسرعًا حتى لا تتزعزع ثقته، بينما الأخر رمش بحيرةٍ وكأنه لا يستمع لحديثه أو بالأصح لا يدرك مقصده.

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية صدفة لم تكن عابرة)

اترك رد

error: Content is protected !!