رواية المبادلة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نوارة الشرق

رواية المبادلة الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم نوارة الشرق

رواية المبادلة البارت الثالث والعشرون

رواية المبادلة الجزء الثالث والعشرون

رواية المبادلة الحلقة الثالثة والعشرون

وقف يراقب عقارب الساعه بينما يشتعل غضبا ..
فهاهى خرجت لساعات طويلة ..
وانا امكث بالمنزل انتظرها ..
هتف بها عبر الهاتف :” اين انت؟”
حركت هاتفها بعيدا عن اذنها لتحميها من صراخه ..ثم اجابت بهدوء اصابه بالغيظ :” اخبرتك انى بالنادى “.
تنفس بصوت مسموع بينما يحاول ان يهدئ من نفسه :”تأخرتى .. انه موعد الغداء”.
اجابت متصنعة اللامبالاة : “اها…لا تشغل بالك بى ..فلقد تناولته مع اصدقائي”.
كانت تتحدث ببرود ..
حسنا مازالت غاضبة من حديث الامس ..
طفلة ..
طفلة عنيدة …
ساصالحها عند عودتها ولن تعود الى تلك الترهات …واذا كانت مصممة على الحب وكلام المراهقين ذاك ..فلتتخيلنى احبها .
حاول التشاغل بالعمل ولكن فجأة فقد اى حماس تجاة الصفقات والمصانع ..
وهذا شعور غريب عليه ..
لماذا يبدو البيت فارغا رغم كل ما يحتويه من خدم ؟؟
حتى الطعام …باهتا …بلا طعم ..
عنيدة ..
لماذا لا تستسلم وتتقبل الامر ..
لسنا الوحيدين اللذين يعيشون دون حب ..
فالاغلب الكل كذلك ..
الكل يتزوج بشكل تقليدى ..
بلا حب او تعارف سابق ..
فقط قبول ..
ثم تأتى بعد شهور من الزواج الراحة ..
تلك الراحة التى لا اشعرها فى امراة الا هى .
مريحة ..
للغاية ..
فى كل شئ ..
كأمى …
وجودها بالبيت ..يجعله دافئا ..مريحا .. يجعله …يجعله بيتا ..
وتلك المرأة المجنونة ..تريد تركى ..وانا الذى توقعت انى تمكنت من ترويضها بعد كل تلك الاشهر.
*****
دخلت بخطوات متوازنة …فمن المؤكد انه بالمكتب يعمل ..
وهل هناك متعة له سوى العمل ؟!
تجاهلت الدخول اليه ..فقط نظرة قصيرة الى الباب الذى يخفى خلفه القسوة والبرود المتمثلة بزوجها .
كانت تتمهل فى صعودها فاليوم كان مرهقا ..
لم تدرى كيف ظهر امامها فجأة فى منتصف السلم ولكن يبدو وكأنه كان يراقبها ..
افزعها ظهوره المفاجئ و كادت ان تقع الدرجات التى صعدتها عندما تلقفها كلاعب كرة محترف .
ووجدت نفسها محشورة بين صدره القوى وعضلات زراعيه البارزة .
وضعت كفيها تبعده عنها بينما تشعر بضربات قلبه القوية اسفل كفها الايمن .
ولكنها لم تنجح فى زحزحته بينما تجاهل هو ملامح الرفض للمسته بينما يقول :” هل تعتقدى انه من المناسب لامراة فى منتصف حملها ان ترتدى مثل هذا الحذاء”؟!
اخفضا رأسيهما معا ليرا الحذاء ..
كان ذو كعب عالى ..فهكذا اعتادت هى ان تلبس ..
دوما ما حاولت ان تبدو طويلة …فارعة الطول فهى الاقصر قامة بين اباها واخاها بالمنزل ..
او كما كان يخبرها والدها …(بطول والدتك رحمها الله ..و بذات ملامحها)
ردت بقسوة :” هذا ليس من شأنك”.
قالتها بينما استغلت انه خفف من زراعيه حولها لتتركه صاعده الى غرفتها .
بينما امسكها هو مجيبا:” من شأنى كل شئ يتعلق بك “.
صاحت ساخطة : “لست امة اشتريتها من سوق النخاسة”.
اجاب ساخرا رافعا حاجبه لاعلى : “حقا؟؟..ولكنى اعتقد انى فعلت ..”
نعم فعل ..
اشترانى ..
نظرت اليه بمرارة ولكنه اكمل بلهجة قوية وقاسية :” من شأنى كل ما له علاقة بك او بطفلى ..وتلك الاحذية ستتخلصين منها ..وسترتدين احذية منخفضة حتى لا تؤثري على ظهرك او طفلى”
ردت ساخرة :” اشكرك على مشاعرك النبيلة …و ..و اهتمامك “.
اجاب سخريتها بابتسامة ماكرة :” حقا تشكرينى ؟اذن…بما اننا زوجان منذ اشهر طويلة ..فانتى تعرفين جيدا انى لا اتقبل الشكر بالكلمات “.
كان يعبث بمقدمة سترتها بينما عيناه تنفذان الى اعلى قميصها التى انفكت عقدته العلوية وظهر جزأ من جسدها.
انعقد لسانها فجأة ..ولكنها سرعان ما اجابت بينما تصعد الدرجات :” متعبة”.
توقعت ان يصعد وراؤها محاولا تغير رايها ..ولكنها دخلت الفراش وحيدة ..وشعرت بالتعاسة انه لم يلحقها ..او حتى كلمة اهتمام .
حاولت النوم …فهى بالفعل متعبة .
ولكن كيف تنام وهو خارج فراشه ..
اين هو وماذا يفعل ؟
بعد فترة ..دخل الغرفة بهدوء .
كانت تراقبه بطرف عينها بينما تتصنع النوم .
دخل الفراش بهدوء ..اولاها ظهره بينما يقول هازئا :” لماذا لم تنامى حتى الان …الستى متعبة ؟”
لم ترد..
هل تقول لا اعرف ان انام دونك ؟
هل يحتاج الى المزيد من الغرور ؟؟
ولكن سرعان ما سكنت انفاسه ..وانتظمت ..
******
نظر اليها عبر المراة بينما يضع عطره..
لم يتفوه بكلمة امام نظرتها الثاقبة ..ولا حتى تحية الصباح ..
فقط نظرة ثم تركها خارجا ..
من له الحق ان يغضب !!
انا ام انت ؟؟؟
وقفت سريعا واتجهت نحو المرآة تتأمل نفسها ..
ربما لست جميلة الى ذلك الحد حتى يحبنى ..
فهو عندما احب ..احب امراة فى غاية الجمال ..
ربما لديه معايير معينة ..
وهى ..لا ترقى اليها .
ولكن الحب ليس كذلك ..
ليس امرا منطقيا ليخضع للمعايير..
فلا هى احبته لعضلاته المفتولة ولا لوسامته المفرطة ..
وانما احبت سيف المراعى ..المثقف ..احبت ذلك المزيج بين رجل الاعمال القاسي الذى يغلف الانسان بداخله فيخفيه .
وهى لا تريده ان يحبها لجمالها ..
انما لجوهرها.
لصفاتها ..
تريده ان يحبها ولو بقدر بسيط ..
فلا تطلب ان يحبها بقدر مكافئ لحبها او اكثر .
وانما يحبها قليلا ..
تريده ان يتخلى عن القسوة …فهى لا تعتقد القسوة متأصلة فيه .وانما هى قناع يضعه ..
*******
هتف سائلا بحنق : “ماذا؟”
كررت الخادمة بصوت خافت :” خرجت منذ خرجت سيادتك فى الصباح ولم تعد حتى الان ”
اشار لها بالانصراف بينما يرفع هاتفه فى غضب .
كان الهاتف يصدح حيث وضعته على المائدة .
نظرت الى اسمه بنظرة متوجسة ولكنها لم تتحرك لترد .
انغرست اسنانها فى شفتها السفلى تدميها ..
بينما يعود للاتصال مرة اخرى.. واخرى .
وكالامس عادت تنظر الى باب مكتبه المغلق .
تنفست بارتياح عندما رأت الضوء ينساب من اسفل الباب ..
اذن هو يعمل ..
كل ما عليها الاسراع فى ابدال ملابسها وادعاء النوم .
اغلقت باب الغرفة باحكام والتفتت تخلع حذاءها عندما رأته جالسا على طرف الفراش ينظر اليها بترقب .
تجمدت ..
كان الصمت مخيما الى ان اشار الى الساعة :” هل بامكانى ان اعرف اين كنتى حتى الان؟”
كانت لهجته تحذيرية ..
تعلثمت بينما تبرر:” كنت مع اصدقائي”.
شكك فى قولها:” امس ..واليوم؟”
هزت رأسها بالايجاب .
” ليومان اتناول طعامى بمفردى … و ظنى يخبرنى ان ذلك الفعل منك مقصودا “.
شحب وجهها ..فهى بالفعل تقصد ذلك .
صمتت ..
لا تجيد الكذب ..
فقال :” لم اتناول اى طعام حتى الان ..قومى بابدال ملابسك وتعالى لاسفل ..سنكمل نقاشنا بعد الطعام”.
ردت متهربة من النقاش:” لست جائعة”.
قاطعها :” ولكنى جائع وسانتظرك بأسفل “.
ابدلت ملابسها باحدى المنامات الحريرية ونزلت بينما تخشي تلك المواجهة .
كان جالسا ينظر الى الطعام امامه حتى جاءت .
التقط قطعه صغيرة من لحم الدجاج بشوكته ووضعها فى فمها بشكل مفاجئ ..كانت تلوكها بينما تكرر :” لست جائعة”.
اوقفها :”ششششش”.
ثم وضع اخرى .
حسنا ..كاذبة ..
انا جائعة …للغاية .
وكيف لا اكون وقد اعتدت الدلال واطعامك لى ..ولا اعرف ان آكل دون ان تضع الطعام بفمى .
كانا يتقاسمان اللقيمات …فيضع واحده بفمه واخرى بفمها ..
وكطفل عاجز عن اطعام نفسه تقبلت دلاله ..
تتخيله يطعم طفلهما .بذات الصبر والدلال ..
متأكده انه برغم قسوته عليها الا انه لن يكون ابدا مع طفلهما .
كانت تنظر اليه مشدوهة تختزن ملامحه لتطبعها بداخله بينما ينتهى من طعامه .
ترى ..كيف كان فى طفولته؟
بذات الوسامة …بذات الروعة!!
نظر اليها بطرف عينيه ثم مال قائلا :” لن اقول لا تخرجى ..او اقوم بسجنك بالمنزل ..ولكن ارجو ان تكونى متواجده فى مواعيد الطعام”.
لم يكن كلامه رجاء ..وانما تحذير.
بررت:” انا فى اجازة اجبارية”.
هتف : “اجازة من العمل …وليس منى “.
ثم استطرد بتحذير:” لا يمكنك اخذ اجازة منى ابدا ..”.
كانت اصابعه كالمخالب بين خصلات شعرها :” توقفى عن الهرب منى ..انا قدرك …ثم اننا …سعداء معاا..السنا كذلك؟”
كانت انفاسه على بشرتها تلفحها بينما توترت وزاغت نظراتها .
قال موضحا وقد اعجبه توترها وصمتها :” نحن مناسبان لبعضنا البعض ..و ..ولدينا طفل قادم ..و نحن معا ..نتشارك رغبة قوية ..اليس صحيحا”.
همست بتلقائية : “ااااه”
ثم نفت سريعا:” ..لا ..لا “.
اظلمت عيناه : ” لا تجيدين الكذب يا شهدى …”
قالها بينما يضم شفتيها باصبعيه بقوة آلمتها ثم استطرد هامسا :” الرغبة بيننا متبادلة..لا عيب فى ذلك ..نحن متزوجان..وانا …سعيد بينما تشتعلين بين يدى …الا يسعدك رغبتى بك؟”
كان هناك مغناطيسا يجذب عيونها لتتعلق به.
فلم تقوى على ان تحيد عنهما .
فتلك العيون البنية الواسعة كانت تسحبها اليها .
تبسم بثقة
اغاظتها ابتسامته فهتفت :” الرغبة شئ مؤقت يا زوجى العزيز ..سرعان ما ينطفئ … ويتدخل الملل …لذلك انا على عكسك ..لا اعول عليها …انا اريد الحب ..فهو اقوى … ادوم “.
“الحب على الارض بعض من تخيلنا ..ان لم نجده عليها لاخترعناه”
كان لاقتباسه لشعر نزار قبانى فتيل النار .
فردت :” ربما هو خيال …لا امانع …ولكنه خيال ارقى من الرغبة ..ثم اليست الرغبة بخيال ايضا؟”
اجاب بثقة : “خيال مثمر ..خيال مرضي”.
ردت بتحدى :”وكذلك الحب”.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية المبادلة)