روايات

رواية سمال الحب الفصل التاسع عشر 19 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل التاسع عشر 19 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت التاسع عشر

رواية سمال الحب الجزء التاسع عشر

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة التاسعة عشر

#سمال_الحب
#وقبل_أن_تبصر_عيناكِ ج٢ _ الفصل ( ٦٣ ) :
_ لم يحن أوان هذا بعد ! _
لم تؤثر فيها أيّ نداءات، حتى لم تهتم بتمييز صاحبها، و ظلّت جاثمة فوق ضرتها تخنقها بيديها بكل ما أوتيت من غضبٍ و غيظٍ ؛
و في الأخير، لم تشعر بنفسها إلا و هي تُسحب من الخلف بقوةٍ هائلة، تحيطانها ذراعيّ رجلٍ شديد، انتزعها بصرامة و حزم من فوق المسكينة “نسمة” التي انتفضت نفضةً قوية و هي تشهق و تسعل بحدة مرارًا قابضة على أكبر قدر من الأكسجين، ثم زحفت على قوائمها وصولًا إلى صغيرتها الباكية غير مصدقة بأنها نجت من تحت يديّ ضرتها المتوّحشة …
-مجنونـــة. إيـه إللي بتعمليه ده ؟!!!!
دوى صياح “سالم” مُعبئًا الشقة كلها …
لا زال يمسك بابنة أخيه مكبلًا جزعها بذراعيه، بينما تصرخ هي باهتياجٍ محاولة الافلات منه :
-اووووعى. بقولك سيبني. لازم أموتها. السافلة الـ×××× تربية الملاجئ دي هاموتهــااااااااا …
أبقى عليها “سالم” بين ذراعيه باصرارٍ لا يُقهر، و كان ينوي تعنيفها تاليًا، غير أن قبضةٍ كما لو أنها من حديد أمسكت بقلبه فجأة و زلزلت جسمه كلها للحظة
شعرت “ليلة” بهذا، و سمعت الآهة التي أُفلتت من بين شفاه عمها، فاضطربت و توقف لسانها عن القصف فورًا …
-عمي. عمي انت كويس ؟!! .. تساءلت “ليلة” بقلقٍ حقيقي
خاصةً مع احساسها بتراخِ قبضته حولها شيئًا فشيء، لم تستوعب ما يجري أكثر، فإذا بعمها تصببه رعشة واحدة، صرعته في الحال مغشيًا عليه
إنهار، الجبل إنهار و خرّ هامدًا بصورة فجائية دفعت “ليلة” للصراخ بهلعٍ و هي تجثو بجواره تهزّه بقوة :
-عــمـــــــــي. الحقووونيـــي. عــمـــــــــــــــــــي ســــــــــــــــــــــالــــــم !!!!
°°°°°°°°°°°°°°°°°
جاءتها ضربة من أسفل بطنها، دفعتها لتطلق صرخة متألمة و هي تثب في جلستها المسترخية فوق الآريكة :
-آاااااااااااااااااااااه. إلحقيني يامــا. إلحقيني شكلي بولد …
كان هذا تزامنًا مع انطلاق صرخات “ليلة” و نداءاتها بالاستغاثة بطريقةٍ تثير الفزع، خاصةً بذكرها اسم “سالم” وسط عباراتها، ما جعل “نجوى” في حيرةً من أمرها
و هي تقف بمنتصف الرواق ما بين المطبخ و حجرة المعيشة، حسمت الأمر أسرع مِمّ تطلّب و مضت نحو ابنتها …
-إيه يا بطة مالك انتي كمان. دي ليلة شرحه بتصوّت. استر ياااارب !
صرخت “فاطمة” فيها واضعة كفًا فوق بطنها و آخر وراء ظهرها :
-ياما بقولك بولد. بوووووولد.. إلحقيني هامووت آااااااااااااااااااااااااااااااااااه !!!!!!!
°°°°°°°°°°°°
مجلس كبار الشيوخ ذاك الذي كان “رزق” في صدد عقده، إنفض قبل حتى أن يبدأ، لحظة وصول أنباء عن سقوط الكبير
عاد “رزق” أدراجه مهرولًا إلى شقة “نسمة” حيث أرشدوه، لم يتهم لاسباب وجود أبيه سلفًا هنا، و دخل رأسًا إلى غرفة النوم الرئيسية
إنقبض قلبه حين شاهده راقدًا بوسط السرير و قد فتحوا له عباءته من الأعلى، فبان صدره بطيئ الصعود و الهبوط ما يُنذر بالشوؤم، كانت “هانم” فوق رأسه تمامًا، تفيض عينيها بالدمع الغزير، كذلك “حمزة” يجلس عند قدميه شاحب الوجه، أما “نسمة” فمشغولة بتهدئتها رضيعتها التي قامت صارخة ببكاءٍ مرةً واحدة …
-أبويا ماله ؟ .. هتف”رزق” متسائلًا بلهفة تعبّر عن مدى خوفه و ذعره في آنٍ
أقبل على أبيه بسرعة و أطلّ عليه ينظره عن كثب، حبس أنفاسه و هو يرى الاصفرار الذي غزى بشرته، بينما يمد يده متحسسًا جبينه و خده، صُدم من شدة البرودة التي استشعرها
فصاح فورًا في من حوله :
-إيه إللي حصل ؟ و فين الدكتور ؟ مين طلب الدكتووررررررررر ؟؟؟؟؟؟
بدا كالوحش الكاسر مخيفًا، و لم يكاد يحصل على ردًا، فظهرت “ليلة” من الخارج برفقتها الذي ينشده …
-اتفضل يا حسن إدخل !
آثرت “ليلة” أن يتقدمها ابن خالها المجحوم و صديقه، في الجهة الأخرى، لم ينتبه “رزق” للحقيبة الطبيّة التي حملها الأخير في يده، و لم يلاحظ بديهيًا بأنه يصطحب طبيبًا، في طرفة عينٍ ازدادت نيرانه أجيجًا و اصبحت مشاعره في فوصى عارمة
تصرّف بهمجية في غير محلها و هو يستدير متجهًا ناحية “حسن” كما لو عاصفة :
-إيه إللي جاب ده هنا. مين قال له يجي ؟؟؟؟؟؟؟
في ثانية كانت “ليلة” تحول بينهما صائحة و هي عبثًا تدفع زوجها في صدره قاصدة درئه عن “حسن” الذي لم يرف له جفن و قد ثبت مكانه بشجاعة …
-رزق ! من فضلك !! .. صاحت “ليلة” فيه بصرامة
-انا اللي كلّمته يجي. أول ما عمي سالم وقع. صاحب حسن دكتور متخصص في أمراض القلب الوعائية. و انت عارف ان أبوك بقاله فترة بيتشكي من قلبه و بنفسك جبت له دكتور و كان ماشي على علاج.. بس الدكتور فين دلوقتي ؟ سافر. المفروض كنت أعمل إيه ؟ أقف مكاني اتفرج عليه و لا اتصرف ؟ ثم انت جاي تتخانق و ابوك تعبان. انت اتجننت ؟؟!!!!
لم يهدأ الثوران في عينيه، لكن جسمه سكن تحت يديها، لتشيح بوجهها باللحظة التالية مخاطبة ابن خالها دون أن ترفع يديها عن زوجها :
-شوف شغلك يا دكتور !
ثم عاودت النظر إليه و رمقته بنظرةٍ متحدّية، لم تستثيره أكثر من ذلك، لكنه تساءل فجأة بصوتٍ حاد لا يحيد نظراته عن ابن ضحيّته الأولى لحظة :
-علي الجزار فين ؟ كان معايا دلوقت
جاء الرد من خلفه في الحال :
-بطة جالها الطلق من شوية. شكلها بتولد و خالتي نجوى ندهت علي يوصلهم المستشفى
-انا محتاج الحقنة دي. حد ينزل يشتريها حالًا !
إلتفت الجميع إلى عبارة الطبيب الشاب، و تقدّم “رزق” خطوة نحوه ناسيًا لوهلة الضغينة المبطنة بينه و بين الوسيط الذي أتى به
قفز “حمزة” فجأة هاتفًا :
-أنا أنزل أجيبها !
و خطف الورقة التي دوّن الأخير عليها الوصفة الطبيّة، ثم انطلق كالريح صوب الخارج، بينما يوّجه “رزق” اسئلته عليه من بين أسنانه مركزًا ناظريه على أبيه الذي بات لا حول له و لا قوة :
-أبويا هايقوم منها صح ؟ محتاج مستشفى ؟؟!!!
جاوبه الطبيب الشاب بلهجته الرسمية متحاشيًا النظر إليه مكتفيًا بالاعتناء بمريضه :
-ان شاء الله خير. هو عنده شبه تجلّط. الحقنة إللي هاديهاله دي هاتدوب الجلطات في شرايينه. دي أهم حاجة.. و بعدين نقرر إذا كان محتاج يتنقل لمستشفى و لا لأ !
كان مشمرًا عن ساعديه، تارة يقيس نبض “سالم” و ضغطه من خلال ذراعه و أوردته، و تارة ينعشه باساليب الاسعافات المتطوّرة التي تعلّمها بالخارج …
حتى عاد “حمزة” بسرعة فائقة و كانه ذهب ليحضر كأس ماء من الجوار، حضّر الطبيب الحقنة، و سارع بضربها في أكثر الشرايين نشاطًا و بروزًا بجسد “سالم” نصف المغشي
استغرق الأمر ساعتين بدون أدنى مبالغة، و قد احتاج الطبيب إلى المزيد من وصفته ليذيب التجلطات التي ذكرها، و بعد أن كُللت مجهوداته الشاقّة بالنجاح
ارتمى فوق أقرب مقعد ملتمسًا من مضيفته التي لا يعرف سواها هنا :
-بعد أذنك يا ليلة. فنجان قهوة كبير من فضلك
ليلة برحابةٍ : حاضر عنيا يا باسل !
و ولّت على عقبيها متجهة إلى المطبخ، بينما بقى “رزق” محله ليستجوب الطبيب بجمودٍ لا يخلو من القلق :
-أبويا لسا مافاقش كويس. دي أول مرة تحصلّه. أيوة كان بيشتكي من فترة بقلبه. بس الأزمة دي من إيه ؟ كان بياخد علاجه إللي كتبه الدكتور !!!
رد عليه المدعو “باسل” بكياسةٍ :
-انا بقيس مؤشراته الحيوية كل ربع ساعة يافندم. تعدي ساعة بس. بعدها هابلغك قراري النهائي يستنى في البيت. أو يتنقل مستشفى يعمل فحوصات و نطمن أكتر
اومأ له “رزق” مرةً واحدة و ألقى نظرة على أبيه الساكن كما هو، ثم لحق بزوجته مسرعًا، إذ و٠دها تقف أمام الموقد بعد أن وضعت لتو القهوة على النار
ابتلعت “ليلة” شهقتها، عندما وجدت الذي يسحبها من ذراعه، بدت و كأنها توقعت بأنه هو، فأدارت وجهها و نظرت إليه باستياءٍ
أما هو، فكان وجهه أظلم ما يكون، و هو يفتح فاهه المشدود ليخرج صوته كما لو من قاع بركانٍ يستعدّ :
-انا كنت نسيت بمزاجي. تقومي انتي تفكريني.. و دلوقت بالذات ؟ انتي لسا ليكي كلام مع ابن الـ××××× ده ؟ إنطقـــــــــي !
أجفلت لزعقته الأخيرة، حيث جاءت غير متوقعة، لكنها أجابته بهدوء :
-سبق و قلت لك. حسن مالوش علاقة بعمايل أبوه. و قلت لك كمان إني بعتبره أخويا
هزها “رزق” بقسوة بينما يغمغم باستنكارٍ منفعل :
-أخوكي !
و ياترى بقى أخوكي ده حكياله أبوه عمل فيكي إيه ؟ حكياله كمان جوزك خد حقك إزاي منه ؟؟!!!
بجهدٍ سيطرت “ليلة” على اعصابها و هي ترد عليه بوجهٍ محتقن، و قد غيّر الغضب صوتها الخفيض و ضخّمه ليشبه صوت الرجال :
-قلت لك ماتجيبش سيرة القصة دي. قلت لك عندي أموت و لا افتكرها.. ليه كش قادر تفهم كــــــده ؟؟؟!!!
و انتزعت ذراعها من قبضته بتصميمٍ مكملة بنفس الاسلوب :
-حسن مايعرفش حاجة. و لا أي حاجة. حتى مايعرفش فين أراضي المجحوم.. كل اللي يعرفه من تحقيقات البوليس إنه مختفي. مختفي و بس. و لسا لحد إنهاردة بيدور عليه و مستنيه يظهر !
و فجأة اشتعل الألم في داخلها و إنقلب إلى نوبة بكاء صامتة، أخذت تكتم نهناتها في كم كنزتها و هي تشيح عنه للجهة الأخرى
لوهلة اربكه وضعها، لكن سرعان ما عاد متصلّبًا، و في اللحظة التي نضجت فيها القهوة و فارت على حواف القِدر الصغير
هدرت صرخة “هانم” …
-يـا ررررررررررررررررررززززززززق !
و هي كل ما احتاجه، و كأنها قوس و هو السهم الذي انطلق، امتثل أمام أبيه الذي فتح عيناه الآن بين يديه الطبيب الذي راح ينعشه بكل ما أوتي من جهدٍ و علمٍ
طرأ أمرًا ما، لا يعلمه، لكن الواضح أن أبيه قد ساءت حالته كثيرًا، فها هو ينازع د و لكن ببأس و جلّد لم يره من قبل أبدًا
لا.. لا يمكن.. لم يحن أوان هذا بعد …
-إلحق أبوك. أبوك بيروح مننا. سالم بيرووووح !!!!
ظلّت “هانم” تردد هذا و هي تتشبث بذراع “رزق” و كأنه طوق النجاة لهم جميعًا، بينما قال باضطرابٍ متعجّل و هو يتنصّل منها :
-آ انا هانزل أجيب العربية. هاننقله المستشفى حالًا. أنا نازل …
و قبل أن يتخذّ خطوة، ناداه صوت “سالم” بقوته المعهودة و ثباته :
-رزق !
إلتفت “رزق” ناظرًا إليه، فأشار له “سالم” برأسه أن تعال، لبّى “رزق” أمر أبيه من فوره
و إذ وقف قباله و انحنى ليكون في مستوى بصره، رفرف “سالم” بجفنيه عدة مرات، أزاح عن صدره يديّ الطبيب بحزمٍ، ثم حدق بعينيّ ابنه و قال مخاطبًا إياه بصوتٍ يكاد يُسمع :
-ارفعني يا رزق.. اسند لي ضهري
نفذ “رزق” مطلب أبيه لاففًا ذراعاه من حوله، فيما يشبه العناق ليرفعهو يسند ظهره إلى الوسادة كما أراد، ثم جاء ليبتعد
إلا إن “سالم” قد منعه، و طوّقه محتضنًا إيّاه بقوة، لقرابة الدقيقة، ثم سمعه “رزق” يردد الشهادتين قبل أن تخور قواه فجأة و ينفك عناقه عنه تمامًا
سقط “سالم” على الوسادة بلا حراكٍ، و مع سقوطه لم يحتاج الوضع للشرح، انفجر الصراخ و العِداد من فم “هانم”.. و “حمزة” إذ انكفأ فوقه صائحًا بعويل كالاطفال :
-أبوياااااااااااااا. أبويااااااااااااااا. أبوياااااااااااااااااااا …
أما “رزق” المصدوم، كان مشدوهًا، مذهولًا إلى درجة أنه لم ينفعل و لم يبدِ أي حركة جرّاء ما جرى للتو، بل وقف محلّه كالصنم، أصمًا، أبكمًا !

يتبع ….

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!