روايات

رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الفصل السادس 6 بقلم اسماعيل موسى

رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الفصل السادس 6 بقلم اسماعيل موسى

رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي البارت السادس

رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الجزء السادس

ثلاث صرخات وحدها لا تكفي

رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي الحلقة السادسة

أصبح كل خدم الفيلا يعرفون جارتهم شروق التي تقطن المقابر وطفلها احمد الذي يركض طوال اليوم عاريا حافيا يطارد قطط المقابر وكلابها والارواح الهائمة الملتجئة بقدسية المقابر.
كانوا يلقون عليها التحية ويختلقون معها بعض الكلام إذا كانت سيدتهم لا تراقبهم من شرفتها اللعينة.
كبر احمد وبدأ يتجول بالحقول المجاورة، كان يقترب من الفيلا احيانا، المنطقة المحرمة التي حذرته منها والدته، يلتصق بالسياج متلصصا على غفله من الحارس النائم، نظرات من الباب الحديدي نحو الطفلين الذين يلعبون بالداخل.
أصبحت تلك عادته اليومية ان يتابع الفتاه الصغيرة الجميلة التي تلعب مع أخيها المزعج.
من عل، حيث شرفتها المغطاة بمثلث مخروطي من القرميد ألأحمر كانت السيدة نرجس ترمق الحقول الخضراء ذات المحاصيل المتنوعة قبل أن تمر عينها على شروق وطفلها القابعين في المقابر، ارتأت في الفترة الأخيرة بعد موت كلبها نجرسكو وعزوف كلبها الأخر، البيج، وانسداد نفسه، ان ترسل إليها بقايا الأطعمة والعبوات منتهية الصلاحية بدل القائها بالمصرف القريب لأن رائحتها قذره ولا تطاق وتحفز الناموس المزعج على مهاجمتها ليلآ
بعد عدت أعوام من الجيرة لم تركض شروق نحوها طلبا لمساعدتها او تسول اللقمة

 

لطالما ازعجها ذلك الاعتداد بالنفس الذي لا يليق بحثالة من عامة الشعب ومتشردة
ان تلك الخصلة التي تنمو بصدور الطبقة الغوغائيه مع الولادة اذا أصبحت مشاع ستكون مصيبه وحينها ستكون مهزلة ولن ينحني شخص لأخر وربما قبل نهاية العالم لا يقبل يده
دوما كانت تضجرها تلك الهواجس، لكنها تملك كل شيء ولا ينقصها الا ان تعطى اوامرها فتصبح خادمه عندها، تابعت طفليها مصطفى وكارمه يلعبان بالحديقة، يقترب عمرهما من عمر طفلها، دبرت الفكرة في رأسها قبل أن ترسل في طلبها، قالت إذا تم تنظيفها وتلميعها وفق رؤيتها.!! يمكنها ان تمنحهم بعض الحنان الذي حرمت منه ، فمشاعر الأمومة لاتباع ولا تشترى ولا تستأجر.
على باب غرفة الخدم، طلبت منها خادمه نوبيه ان تخلع شبشبها، وان تنزع ملابسها وكل شيء يمت للحياة الخارجية اللعينة بأي صله.
مشت الخادمة أمامها بردفين يهتزان كهودج جمل نحو الحمام، قالت يا شروق نظفي نفسك، اقشطي اوساخك بالليفة حتى يلمع جلدك
نجح الماء الساخن والصابون بإزالة اكوام الوسخ الملتصقة بجسد شروق
بدلت ملابسها بأخرى نظيفة، وجلست على، مقربه من باب يودي لرواق برح تنتظر مقابلة الهانم.

 

كانت شروق طلبت من أحمد أن ينتظرها بالمقابر ولا يتبعها، من الباب الضيق سرحت في الطفلين اللذان يلعبان في الحديقة، ملابسهم النظيفة، كلماتهم المنضبطة، احذيتهم الامعه التي لم تعلق بها أوساخ الحديقة، لم تفكر ان كان ابنها يستحق حياه مثل تلك؟
فهناك محدودية مرتبطة بأحلام الفقراء، وسقف طموح واطي مثل معيشتهم.
سمحت لها الخادمة بالدخول على مدام نرجس والتي كانت جسدها الممشوق غاطس في أريكه زهرية اللون، كانت ترتدي تيشرت وردي وشورت قصير من الحرير الأبيض.
انتصبت شروق في وقفتها محاوله بشتى الطرق ان ترفع كتفيها وتنصب ظهرها الذي اكلته الرطوبة لتبدو لائقة مزاجيا للهانم!
عاينتها نرجس للحظات، ليس بها شيء ملفت، سكتت قبل أن ترفع يديها حدود صدرها وتقول سأعينك خادمه بالفيلا، نظير الأكل والإقامة، ثم بنبره مستعليه اردفت ألم تكتفى من نومة المقابر وافتراش الأرض؟
أنا افعل ذلك من أجل الله لأنقذك من تشردك ودفنك لنفسك حية بين بقايا الأموات، أنا لا ابحث عن عرفانك او امتنانك وتخلل وجهها سنه من التأثر بل من أجله، لأن تلك الأمور اذا لم نقم بها نحن فلن تجد من يفعلها، ومسحت كفيها كأنها تختم دعاء بساقيها العاريتين.

 

بتلعثم أجابت شروق، لك، لكن لدي طفل!!
انا اعرف طفلك، أنا أعرف كل شيء، كل شيء!! كلمة جعلت رأس شروق تلف وجسدها يرتعش ويترنح، لكن وجهها الذي بصفرة الموت لم يمنع نرجس ان تردف، يمكنه الإقامة معك، لكن بشرط الا يتعدى غرفة الخدم او يوسخ الارضيات بأقدامه القذرة او يختلط بأطفالي.
ممتنه احنت شروق رأسها مدمدمه ربنا يباركلك يا هانم وقبلت يد نرجس التي مدتها أمامها بلا اهتمام.
قبل أن تبتعد عن الفيلا سمعته يصرخ خلف قطه بائسه، صرخت احمد! تعالي سنعيش داخل الفيلا، سحبته من يده خلفها وهي توصيه، لا تلعب مع أطفالها، لا تلوث البلاط، ولا تسير بين الغرف عاريا! احمد، لا تحاول ابدا اختراق الفيلا وربتت على كتفه بحنان، يا ولدي وسكتت، لقد ارسل لنا الله تلك السيدة الفاضلة بعد أن نخرنا البرد لتشملنا بعطفها بين جدران تحمينا.
لماذا لم يرسل الله والدي ليعتني بي يا اماه؟ هزت شروق جسده النحيل، قلت لك وسكتت، والدك ميت.
صفحة الكاتب على الفيس بوك باسم اسماعيل موسى
فتح الحارس باب الفيلا، باب الجنة كما فكر احمد كثيرا، حيث لا يمكن أن تكون أجمل، نظر احمد الي السماء الغائمة واغمض عينيه ساحبا نفسا عميقا واحتفظ به داخله حتى انتفخ وجهه.
غسلته والدته، إزالة الجلخ من فوق كوعيه وكعبي قدميه والقشف من على وجهه حتى بدا نظيفا ومقبولا.

 

احتواها الخدم بحميميه مفرطه وأوكلوا لها الأعمال الخفيفة منحيين جانبا نوبات الفزع التي تنتابها ليلا، واعصابها التالفة التي تخونها وتسقط الاطباق على الأرض.
لم يعتبروها ابدا منافسه، كانت شبح امرأه محطمه، عجوز رغم سنونها الأربعة والثلاثين.
بمضي الايام أتقنت شروق عملها كخادمه نظاميه وتحسن مظهرها لكن ليس بالقدر الكافي لإخفاء ما حفرته الايام الصعبة بقلم حديد على قسمات وجهها، لمحات بائسه، كتبت على جبهتها هنالك تقبع امرأه معذبه وبقايا روح هاربه.

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ثلاث صرخات وحدها لا تكفي)

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!