روايات

رواية لك الفؤاد الفصل الثالث 3 بقلم أميرة مدحت

رواية لك الفؤاد الفصل الثالث 3 بقلم أميرة مدحت

رواية لك الفؤاد البارت الثالث

رواية لك الفؤاد الجزء الثالث

رواية لك الفؤاد الحلقة الثالثة

المشهد الثالث | لكِ الفؤاد.
-يا أخي براحة إنت ماشي زي القطر ليه؟!.. البنت أغمى عليها من التعب بسببك.
هتف بها “غيّاث” بغيظٍ مكبوت وهو ينظر خلفه بقلق على تلك الفتاة التي ظلت تصرخ بـ”إياس” طوال الطريق بأن يقلل سرعة السيارة، ولكن لم يستجيب حتى فقدت وعيها من شدة الوهن، ألتفت له “إياس” مبتسمًا له ببرود وهو يرد بسخرية:
-ماتقلقش يا حنين، هتبقى زي القرد.
وصل بها بعد فترةٍ طويلة إلى بناية كبيرةٍ في مكان هادئ تمامًا، هبط من سيارتـــه متوجهًا إلى الخلف، فتح الباب ثم بكل حذرٍ حملها بين ذراعيه، أشار برأسه لرفيقه وهو يقول بصيغة آمرة:
-خد المفاتيح من جيبي، وأمشي قدامي عشان إنت إللي هتفتح الباب.
أومئ “غياث” برأسه قبل أن يمد يده نحو جيب بنطال صديقه يسحب سلسلة المفاتيح، ثم تحرك نحو مدخل البناية، تحرك “إياس” خلفه وهو ينظر إلى تلك الفاقدة الوعي، وخصلات شعرها قد أنسابت جميعها إلى الخلف، فظهر وجهها كاملًا له، تمعن في تعبيرات وجهها بدقة ليتبين له علامات الإرهاق بشدة، وغير ذلك هو ضيق حاجبيها لا إراديًا؛ مما يدل على تلك الآلآم التي تشعر بها في مفترق جسدها.
وصل بها أمام منزله الخاص، وما أن دخل حتى توجه بها مباشرةٍ نحو إحدى الغرف، ومددها على الفراش بهدوء، ثم خرج ليسأله “غياث” بتنهيدة:
-ناوي على إيه يا إياس معاها؟!..

 

 

وضع يديه بجيوب جاكيته بإتزانٍ وهو يشير إليه بهدوءٍ:
-أولًا عاوز ملف كامل عنها، هوايتها نشاطها، مين إللي كانت متجوزاه، الفلوس إللي بتاخدها بالنصب والأحتيال دول بتعمل بيهم إيه، بتوديهم فين، عاوز السيرة الذاتية عن حياتها يا غيّاث.
رد بجدية رغم هدوء نبرته:
-كل ده هيبقى عندك في ظرف 24 ساعة ماتقلقش طالمًا معانا بياناتها بالكامل، لكن حتى بعد ما تعرف السيرة الذاتية هتعمل إيه؟!.. إنت عارف طبيعية شغلنا وأن وجودها في خطر على حياتنا.
إبتسم بمكر وهو يقول بثقة:
-وعشان شغلنا يا غياث، أنا جبتها معايا هنا، البنت دي ممكن نجندها وتشتغل معانا، وهتعملنا شغل هايل بذكائها وجمالها، إنت عارف إني بقدر الجمال والذكاء.
إبتسم “غياث” إبتسامة جانبية سرعان ما تلاشت حينما أكمل بحزم:
-بس لو أثبت لنا أن مورهاش مصايب، وأن أي كان الشغل إللي بيكسب جامد هو رقم واحد عندها.
صمت “غياث”.. قبل أن يسأله بإرتباك:
-طب لو طلع النصب والأحتيال لها غرض تاني أو وراها مصايب، أو ممكن بمنتهى البساطة ترفض شغلنا.
ألتوت شفتي “إياس” في إبتسامة قاسية قبل أن يقول ببساطة باردة:
-حلو الكلام ده، أظن أنت عارف كويس مصيرها هيكون إيه، هنبعتها للحبايبنا، بس الأهم أن محدش يقدر يتعرف على جثـ.تها.
*****
إن العاصفة هي صوت قلب لم يثأر له! إن العاصفة هي صوت بكاء قلب، بدأ ينسى، ينسى، ينسى.
في صباح اليوم التالي، في غرفة متوسطة الحجم.
أستيقظت “كايلا” من غيبوبتها الطويلة، تأهوت بتعب وهي تضع يدها على رأسها، حاولت إستيعاب وجودها بذلك المكان الغريب، بلعت ريقها بصعوبة وهي تنظر حولها بعينين واسعتين قبل أن تهمس:
-ينهار أسود على المصيبة إللي أنا وقعت نفسي فيها.
أنفتح الباب بقوة حتى أصطدم بالحائط خلفه لتنتفض “كايلاا” من مكانها وهي ترى “إياس” يدخل الغرفة بشموخ، رغم نظراته نحو القاسية، فـ صرخت به بحنق:
-إيه الدخلة المنيلة دي، مش المفروض تخبط؟!..
أشار بيده وهو يقول بحدة:
-من غير كلام كتير أتفضلي قومي.
مسحت على وجهها بغيظ قبل أن تقول بسخرية:
-ليه؟!.. لتكون ناوي تفطرني ضرب.

 

 

أقترب منها “إياس” قابضًا على رسغها وبكفه الآخر ضرب على الكومود بجانبها وهو يهدر:
-إنتي تعملي إللي بقولك عليه وأنتي ساكتة، تنطيط نسوان دا مبحبوش.
تمتمت بغضب شديد:
-بكرهك يا إياس، بكرهك.
أغمض عيناه ثم فتحهما ببرودٍ وهو يستقيم واقفًا قبل أن يقول:
-أحتفظي بحقيقوة مشاعرك لنفسك، لأنها مش فارقة معايا أصلًا.
أغمضت عيناها بغضب من غبائها ليتها لم تأتي له، ليتها إستمعت لنصيحة “ميرا” بعدم ذهابها له، ليتها ماتت وأنتهت حياتها قبل أن تلتقي بشخص مثل “إياس الإبياري”.
نهضت من على الفراش ما أن أبتعد عنها، لتراه يخرج من الغرفة، أبعدت خصلات شعرها عن وجهها وهي تشعر بألم عميق يجتاح قلبها، وثبت واقفة ثم سارت بخطى قلقة نحو الخارج، ما أن خرجحت حتى أستنشقت رائحة القهوة التي تعشقها وإدمانها الأول، توجهت نحو غرفة الطعام لتجد “إياس” يقف بالداخل، يرتدي بنطال أسود وسترة علوية بيضاء بنسف كم، ذوقه في الملابس دومًا يتحدث عنه، عن الحدة والغموض، القسوة والجمود، فهو كالبئر العميق المظلم الذي من الصعب أكتشافه أو الغوص به لشدة عمقه، وسواد ظلماته.
رفع عيناه نحوها وهو يسألها بتهكم:
-مالك بتبصيلي كدا ليه؟!.. لتكوني معجبة؟!..
حاولت أن تظل هادئة قبل أن تسأله:
-إحنا فين؟!..
أجابها بإختصار يحرق ما تبقى من صبرها:
-في بلاد الله الواسعة.
هدرت به بغضب وجنون أنثى:
-أيوة يعني فين؟!.. وهفضل معاك هنا لإمتى ولغرض إيه؟!..
رمقها بعيون حادة حادة كالصقر قبل أن تراه يحمل صنية صغيرة متوجهًا نحو الطاولة الصغيرة، تأملت وجبة الفطار، لترى أنه قد أعد بعض من البيض وجبنة ومربى الفراولة، وبعض التوست المحمص، وفنجان صغير من القهوة، هتف بلهجة هادئة رغم حدتها القليلة:
-أفطري يالا.
هدرت بعصبية بعدما رفض كبريائها رغم شدة جوعها:
-مش عايزة أكل، ولا هتجبرني.
رفع حاجباه وهو ينظر لها بدهشة قبل أن يقول:
-لو مش حابة مفيش مشكلة، وده أستثنائي مش أكتر، عشان السجن معايا له قوانين.

 

 

نظرت له بغضب شديد وهي تغمغم:
-لأ ديموقراطي أوي.
كاد أن يتحدث بلهجة جهورية حتى يوقفها عن حدها، لولا تلك المكالمة التي ستغير كل شيءٍ في مسار حياتهما، أخرج “إياس” هاتفه ليجد المتصل هو رفيقه “غيّاث”، أجابه على الفور وهو يوليها ظهره قائلًا:
-أيوة يا غياث، خير؟!..
سكت متعمدًا ليقول بهدوء:
-أنا وصلت لمعلومة كارثة يا كينج، عن البنت إلي عندك، البنت دي كانت متجوزة القائد.
قست عيناه دون أن تتحرك عضلة في وجهه المتصلب لكنه قال بهدوء:
-بتقول مين؟!.. قائد؟!.. تاجر الأعضـ.اء!!..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية لك الفؤاد)

اترك رد

error: Content is protected !!