روايات

رواية سمال الحب الفصل الأول 1 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الفصل الأول 1 بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب البارت الاول

رواية سمال الحب الجزء الأول

رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب
رواية سمال الحب كاملة (جميع فصول الرواية) بقلم مريم محمد غريب

رواية سمال الحب الحلقة الأولى

 

#سمال_الحب
#وقبل_أن_تبصر_عيناكِ ج٢ _ “تمهيد”

_ أنتِ ملاكي ! _

٥ : ١٠ مساءً

الوقت يمتد إلى ما لا نهاية …

منذ هاتفته إبنة أخيه و أعطته البشرى، كان قلبه يدندن بخفقات سريعة مدويّة، إبنه البكري، المفضل، نسخته الشبابية و إن ينكر هو ذلك

“رزق” سيعود اليوم

إبن “كاميليا”.. إبن حبيبته.. هو و شقيقته، أخيرًا سيجمع بينهما أمام عينيه …

٥ : ١٥ مساءً

يقف “سالم” وراء زجاج النافذة المطل على مركز الحي، نافذ الصبر ممتلئًا بالمخاوف، شعر فجأة بيد زوجته تحط فوق كتفه، لم يلتفت إليه

لكنه سمعها تناديه برفقٍ :

-يلا يا سالم.. الغدا جاهز

يرد بلا اكتراثٍ :

-مش جعان يا هانم !

تتأفف “هانم” متذمرة :

 

 

 

-دي تالت مرة أسخن الأكل و ماترضاش.. لو ماكلتش أنا كمان هاكل

سالم بحزمٍ : قولتلك مش جعان يا هانم. كلي إنتي لقمة عشان تقدري تنزلي و تقضي طلبات أمي و البت دي إللي اسمها نسمة.. لحد بكرة أما النشار يبعتلي واحدة من البلد تقعد بيهم مخصوص

هانم معاتبة : هو أنا اشتكيت و لا قصرت ؟ أنا نازلة دلوقتي أهو بس كان بودي أحضر لك لقمتك

-كلي الأول و بعدين إنزلي !

قالها مشددًا على كلماته و قفز قلبه بصدره باللحظة التالية …

-رزق جه ! .. همس “سالم” بعينين متسعتين و هو يقبض على سور النافذة بكل قوته

عبست “هانم” و قد استرعت جملته اهتمامها، إذ لم تكن على علمٍ مسبق بعودة الإبن الضال، شبت من خلف كتف زوجها و ألقت نظرة بالأسفل، لتجد إحدى سياراتهم رباعية الدفع تقتحم باحة المنزل و قد برز “رزق” عبر نفذة كرسي القيادة …

-ده رزق صحيح ! .. تمتمت “هانم” مؤيدة

-و معاه ليلة.. بس مين البت إللي نازلة من العربية معاهم دي ؟!

بدون أن يكلف “سالم” نفسه عناء الرد عليها، استدار متجاوزًا إياها نحو الخارج، صفق باب الشقة ورائه و من ثم أخذ يهبط الدرج بخفة الريح و عباءته تتطاير من حوله …

_______________

 

 

 

خلفه مشيت “نور” إلى جانب “ليلة” متأبطة ذراعها و مخبئة نصف وجهها فيها باستحياءٍ و رهبةٍ، بينما هو.. “رزق” ينطلق راكضًا أمام أعين حاشية أبيه حتى وصل للداخل

الآن و قد وطأت قدماه البيت الذي أقسم على إستحالة العودة إليه، كان قلبه يضرب صدره بعنفٍ، يعب الهواء إلى رئتيه بشق الأنفس كأسدٍ يخوض معركة أشد فتكًا

يصطدم أولًا باخيه الأصغر “حمزة” و الذي ما إن رآهُ حتى أخذه بالاحضان صائحًا :

-ررررزززق.. حمدلله على السلامة ياخويا. حمدلله على سلامتك نورت بيتك يا رزق.. يااااااااااه طولت الغيبة أوي يا رزق. وحشتنا …

يبعده “رزق” بحركةٍ مباغتة ادهشت الأخير، ثم يستنطقه بخشونةٍ :

-نوسا.. إبني يا حمزة !!!

كانت نظرة ملؤها اليأس و الضعف إكتسحت تعبيراته القاسية، بينما يفتر ثغر “حمزة” عن إبتسامة جذلى و هو يقول يطمئنه :

-ماتقلقش يا رزق.. الاتنين كويسين. نوسا والدة بقالها اسبوع و محدش كان يوصلك خالص.. جابتلك بنت زي القمر. تتربى في عزك ياخويا !

كان فك “رزق” قد تدلى من الصدمة، و أول ما فعله أن استدار ناحية “ليلة” التي وجدها مبتسمة ملء شدقيها، لتقول قاطعة دابر الصمت الملبك :

-سامحني. كان لازم أكدب و أجيبك لحد هنا بأي شكل.. و إلا كنت هاتعند و تغلط و تحرم بنتك من حضنك فترة كبيرة أوي. الله أعلم نهايتها كان ممكن تكون إمتى …

-رزق !

في هذه اللحظة و كأن عبوةٍ ناسفة قد انفجرت بقلبه، حين سمع صوت أبيه آت من نقطةٍ ما خلفه، تناسى غضبه من “ليلة” ليستبد به غضب أشرس و أحلك.. و هو غضبه من شخص والده… من “سالم الجزار” !!!!

اصطكت أسنانه بانفعالٍ و هو يغمض عينيه بشدة، و لثقته بأن رؤية “سالم” لن تكون ذا عونٍ او حميدة بأيّ شكل، أشاح بجسمه تجاه شقة الجدة “دلال”.. ولج بخطواتٍ متشنجة حريصًا على ألا تلتقي نظراتهما أبدًا

على الطرف الآخر “سالم”… لم ينفك يبعث بتلك النظرة المنكسرة وراء ولده حتى توارى

و إلتقطت أذنيه هتاف كريمته و فلذة قلبه العذبة النقيّة :

-بابا !

 

 

 

و كأن شيئًا لم يكن، طار البؤس عن محيا “سالم” عندما نقل بصره إلى “نور” التي هرولت إلى أحضانه على الفور، ليتلقّفها محيطًا إياها بذراعيه القويتين و هو يغمغم باشتياقٍ :

-نور.. حبيبة أبوكي. وحشتيني أوي يا قلبي.. نورتي بيتك يا نور !

صدمة أعتى هذه المرة حلّت فوق رأس “حمزة” …

مبحلقًا بذهولٍ في المشهد الأكثر غرابة على الاطلاق، وجد لسانه يردد لا إراديًا و هو يواصل النظر إلى أبيه الذي لا يزال محتضنًا تلك الفتاة :

-بابا !
بابا إزاي يعني ؟؟؟!!!

تنظر “نور” إليه من جانب عينها، و بدون أن تترك أبيها أدارت رأسها قليلًا لتراه أوضح و هي تقول بمرحٍ :

-إنت أكيد حمزة. أيوة أنا عارفاك !

حمزة ببلاهةٍ : و كمان تعرفي إسمي !!!!

ضحكت “نور” بانطلاقٍ لا يخلو من الشقاوة و هي تتمسك بثياب أبيها أكثر كطفلةٍ صغيرة …

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

خمسة عشر ذراعًا …

مضى بالداخل واضعًا نصب عينيه غرفة زوجته الأولى، و كأن ما من شيء آخر بالحياة أكثر أهمية، حتى جدته التي جلست هناك بالزاوية المعهودة.. خشيت أن تصدر صوتًا !

خشيت أن تلفت إنتباهه لوجودها، فهي رغم جهالتها مدركة تمامًا مقدار الضرر الذي ألحقته به، لم يكن والده فحسب، بل هي أيضًا خذلته

و ما من كلمات تعبر عن أسفها، لذلك إلتزمت الصمت، و بقيت تراقبه فقط و عيناها تفيض من الدمع

 

 

 

خمسة أمتار …

بضعة خطوات فقط و سينتهى كل شيء، أو سيبدأ !

لا يدري أيّ قوى كانت تحركه، لكنه لم يكن يشعر بقدميه، مع ذلك لم يتوقف للحظة عن الاقتراب من الباب المغلق ظاهريًا.. و بالرغم من هذا و كأن قطب مغنطيسي يسحب الباب للخلف، لينفتح ببطءٍ

في البداية لم يميز “رزق” سوى خيال لأنثى قد مالت صوب الفراش و كأنها تمد يد المساعدة لأحدهم، و ما لبث أن رأها بعد لحظة، زوجته.. “نسمة”… برزت وراء الأنثى التي إتضح بالفعل أنها ممرضة و قد كانت ترتب الوسائد خلف ظهر “نسمة”

“نسمة” التي لاحظت حضوره من أول وهلة، و خرج إسمه من بين شفاهه ملبدًا بدموعها الحارقة :

-رزق !

في نفس اللحظة يدفع “رزق” بباب الغرفة عن آخره، ليلج مبعدًا الممرضة عن طريقه باشارة من يده، و أول ما بدر منه أن إنخفض ليكون في مستوى “نسمة”.. احتضن رأسها في صدره مقبلًا شعرها الغجري و الدموع تترقرق بعينيه

أما هي فمن أول لحظة لمسها أجشت ببكاءٍ مرير و هي ترفع ذراعيها لتتعلّق به كغريقة بطوق النجاة، و بأنفاسها الحارة المتقطعة تنفجر فيه نائحة :

-كده يا رزق ؟ كده.. هونت عليك ترميني كده… كده تسيبني لوحدي.. أكتر وقت كنت محتاجالك فيه.. سبتني ليه و لمين ؟ كده يا رزق.. كده !!!

-أنا آسف ! .. نطق “رزق” بصعوبةٍ

لكنه أردف كي ما يرسخ إنطباعًا بأن الأمور صارت على ما يرام باللحظة الراهنة :

-خلاص يا نوسا. أنا رجعت.. مش هاسيبك تاني أبدًا. و ربي.. صدقيني ما هاسيبك تاني أبدًا. رجلك على رجلي فين ما أروح !

يتداخل صوت عواء الرضيعة في صوته فجأة، فيتجمّد لبرهةٍ، و يرتد بحركاتٍ متباطئة، سمح لنظراته بأن تلتقي بنظرت “نسمة” الكسيرة المرهقة

و من خلال شفاةٍ شاحبة متشققة تمتمت له بتعبٍ :

-بنتك.. مالهاش إسم لحد دلوقت… و صممت أبوها إللي يسميها !

ألقت بيدها إلى جوارها دون أن تحيد نظراتها عنه، لينظر “رزق” إلى حيث امتدت يدها، فإذا بها لفافة متحركة، و كأن بداخلها عصفورٍ يرفرف

كذلك رفرف قلبه، بينما تصب “نسمة” جام جهدها على هذا، فتحمل رضيعتها بحرصٍ و تمدها نحو أبيها بيدين رخوتين

أسرع “رزق” يتناول منها مخافة أن تسقط من بين يديها، و قد صدمته خفة الرضيعة ذات الوجه المغطى، إبتلع ريقه بتوترٍ و هو يضمها إلى صدره الواسع …

رفع يده ليزيل غطاء القماط الوردي عن وجهها، لحظتين فقط أحس خلالها بطبيعة ما قاساه طوال عمره، سنواتٍ طويلة من السقوط بمستنقع أبيه القذر، و حفرةٍ عميقة من الألم لا يسعه الخروج منها.. لحظة أن كشف عن وجه إبنته أخيرًا

كل شيء تلاشى …

 

 

 

حرفيًا كل معاناته و كأنها لم تكن، الرضيعة الضيئلة، بوجهها تام الاستدارة، و شعرها الذهبي الخفيف المتناثر حول وجهها، و شفاهها الحمراء المكتنزة و المزمومة بالاشتراك مع حاجبيها الفارغين المعقودين

أفلتت من بين شفاه “رزق” ضحكة قصيرة ملؤها الشجن، و حاول أن يمد اصبعه ليلامس بشرتها الحليبية، لكن الرضيعة فاجأته، إذ قبضت على أصبعه بكامل قبضتها الضعيفة

شهق “رزق” مبهورًا، و حبس أنفاسها باللحظة التالية حين إنفتحت عينيّ الرضيعة، فكاد يعميه بريق زرقة بؤبؤيها الواسعين و المكللين بأهدابها الكثة الطويلة

إلتحمت نظرته بنظرتها بلا إنقطاعٍ، ليردد تلقائيًا كما لو أنه يخاطبها :

-كاميليا.. هاي يا كاميليا !

يتبع >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> الفصل القادم يوم الخميس المقبل بعد الغد إن شاء الله

 

‫2 تعليقات

اترك رد

error: Content is protected !!