روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثامن 8 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثامن 8 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون البارت الثامن

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء الثامن

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة الثامنة

دهشت رقة وفغرت فاها من ختام جملته، كأنه كان يستمع لحديثها مع شقيقتها.
وعندما لاحظ دهشتها مما قاله أضاف بابتسامة صادقة:
_ أنا معايا عربيتي .. بس حابب إننا نتمشى شوية في الطريق، بقالي فترة كبيرة أوي ما اتمشيتش في الشارع .. إيه رأيك تتمشي معايا ؟
مسحت رقة عينيها من الدموع واجابت بابتسامة :
_ موافقة .. بس هتصل بأختي اطمنها عليا ..
واجرت رقة إتصالًا هاتفيا على شقيقتها من هاتفها، وراقبها أشهد باستمتاع وابتسامة لم تفارق محياه .. وبكل لحظة كانت تتردد كلماتها الرقيقة الصادقة داخل رأسه .. وعندما انهت رقة الاتصال نظرت له فجأة فوجدته تائها بعض الشيء بها .. فابتسمت بارتباك وقالت متجنبة النظر له بحياء :
_ أخوك حازم بيوصلهم على البيت ..
دعاها أشهد بابتسامة ليواصلا سير الطريق معا، فسار بجانبها بخطوات بطيئة وهو يضع يديه بجيوب بنطاله .. حتى سألها بهدوء :
_ هسألك سؤال مش من حقي اسأله .. بس عندي فضول أعرف إجابته.
نظرت له رقة بتعجب وهي تسير بجانبه وقالت :
_ قول وهجاوبك بصراحة ..
تريث أشهد للحظات ثم نظر لها نظرة جانبيه وقال :
_ أنتي حبيتي قبل كده ؟ .. قبلي.
ابتسمت رقة له وقالت بصدق وتأكيد :
_ لأ محبتش قبلك .. دي أول مرة والله.
وتوقفت عن السير بذهول عندما ادركت إنها تقريبًا اعترفت له بحبها له، ومن ابتسامته الواسعة تبينت إنه أوقعها في الفخ ببساطة، واستمرت ابتسامته بمكر عندما عادت للسير بجانبه والخجل كسا وجهها .. وعجبًا إنها قالت بهدوء :
_ أنا بقا مش هسألك .. لإن أكيد الإجابة أيوة .. مش معقول واحد زيك كانت كل حياته شغل وبس !.
تنهد أشهد بعمق واعترف بصدق :
_ من ٧ سنين .. وحياتي كلها بقت شغل وبس، قبل كده كنت زي أي شاب عادي .. بيفكر في ارتباط واستقرار وبيت مع إنسانة بيحبها ..
قلقت رقة من إجابته وقالت :
_ وايه اللي اتغير في ٧ سنين دول ؟!
شرد أشهد للحظات وزاغت عينيه للبعيد، وبدت صفحة وجهه بلا تعابيير وغير مفهمومة ! .. حتى أجاب وقد اختفت الابتسامة من وجهه :
_ دوام الحال من المُحال … اكتشفت أن الحياة مش بالسهولة اللي كنت فاكرها، وأن الوعود ممكن تتنسي بين يوم وليلة .. والحب بيوجع أكتر ما بيفرح ..
وابتسم بسخرية من نفسه وقال ببعض الشرود :
_ اكتشفت إني كنت مغفل ومش فاهم .. وأول قرار خدته لما فوقت ركنت القلب ده على جنب وشغلت دماغي .. ولما عملت كده بقيت أشهد شاهين .. اللي قدامك ده.
ابتلعت رقة ريقها بقلق ونظرة عاتبة، وترددت بحيرة كيف تطرح عليه سؤالا قلبها الح عليه قبل عقلها .. ويبدو إنه انتبه لما يدور برأسها فقال بابتسامة خبيثة:
_ بس اعتقد أن قلبي بدأ يتمرد على ركنته دي بقاله فترة صغيرة. .
تسحبت ابتسامة لشفتيها بعد موجة عالية من الحيرة والوجوم، فقالت بمزاح لتخفي ارتباكها :
_ من ٧ سنين كان عندي ١٦ سنة .. كانت فترة صعبة أوي في حياتي .. تفتكر لو كنا اتقابلنا وقتها .. كان حصل إيه ؟
فكر أشهد للحظات ثم أجاب بصدق :
_ مش هكدب وأقولك أن كان ممكن يحصل حاجة .. لإن طريقي وقتها كان في اتجاه الحمد لله إنه مكملش .. رغم صعوبة الفترة دي ومرارتها .. إلًا أنها غيرتني بجد ..
شعرت رقة أنه يقصد بالحديث خطيبته السابقة، فتكورت غصة مريرة بحلقها .. وشعرت أن تلك المرأة المجهولة سببا في تحوله الجذري هذا .. ماذا فعلت بقلبه ليظل تلك السنوات هاربا من الحب ؟! … يبدو إنها تركت مرارة بقلبه من الصعب شفائها !! .. واهتز قلبها عندما تخيلت إنه لربما لا زال يفكر فيها ويكون ما قالته والدته صحيحا وينتقمن منها متى سنحت له الفرصة !! .. فأخرجها صوت أشهد من معاركها الفكرية وهو يدعوها قائلًا :
_ أنتي مكلتيش .. ايه رأيك نتغدا مع بعض في أي مطعم ؟
فكرت رقة قليلًا وفجأة وقعت عينيها على محل صغير لبيع ” الكشري” فقالت بحماس وهي تشير للمكان :
_ سيبك من الأكل التاني ده .. أنا عايزة أكل كشري.
نظر أشهد للمحل بتمعن وقال موافقا :
_ موافق جدًا .. بقالي كتير أوي مكلتهوش ..
ودخلا معا المحل الصغير الشعبي .. وجلسا متقابلين وبينهما منضدة خشبية بالكاد تكفي لفردين، وبعدما وضع صبي صغير أمامهما طبقين من الكشري المصري وبعض البهارات، بدأ أشهد يتناول ما في طبقه بشهية عالية .. وراقبته رقة ببهجة ومحبة، حتى رمقها وقال بابتسامة واسعة وهو يبتلع ما بفمه بتلذذ :
_ من زمان مكلتش بنفس مفتوحة كده!! .. مش عارف الكشري هو اللي لذيذ ولا القاعدة معاكي هي اللي بتحلي كل حاجة.
قالت رقة بثقة :
_ لأ القاعدة معايا هي اللي حلوة ..
رفع أشهد عينيه لعينيها وشعر إنها تمتلك بعض الخبث، فابتسم وقال لها بتسلية :
_ كنت حاسس.
وتمازحا سويًا لبعض الوقت ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وقفت سيارة حازم أمام المنزل القديم لمنطقة العشوائية، وعندما خرجت شهد وجارتها أم بسنت وولدها .. قال حازم لشهد بأمر بعدما خرج من السيارة وذهب ليجلس على مقعد بقهوة شعبية مقابلة للمنزل :
_ اعمليلي كوباية قهوة وابعتيهالي ..
وضع ساقا على ساق وهو يحدثها بأمر ، فقالت شهد بسخرية :
_ يعني قاعد في قهوة وبتطلب مني قهوة ؟! .. أنت متغدي قلقاس؟!
كتمت ام بسنت ضحكتها بينما ارتفعت ضحكتها الصبي ” حموكشة ” بصوتٍ عال .. فزم حازم شفتيه بغيظ ثم قال :
_ القهوة بتاعتك تقيلة زي دمك وبتضبط دماغي .. روحي اعمليلي قهوة بدل ما اطلع وراكي واعملها بنفسي .. وبعدين ده أنا اللي مركب الانبوبة ! .. أتقي شري بدل ما اطلع أفكها !
تحكمت شهد بضحكتها ولوت شهد زاوية شفتيها بسخرية وقالت للصبي :
_ خليك هنا يا حموكشة .. هناديلك تديهاله .. يكش نسكت بقا عشان أعرف أذاكر ..
سخر حازم وتمتم :
_ تذاكري ! … لا أن شاء الله مافيش مذاكرة النهاردة ولا حاجة ..
ولم تكترث له شهد وهي تدخل المنزل مع جارتها بخطوات واثقة حتى تحررت ابتسامتها وهي تدخل شقتها وتبدأ في إعداد القهوة .. وبعد قليل خرجت من المنزل وبيدها كوب القهوة الساخنة وهتفت :
_ يا حموكشة .. خد اديله الكوباية دي ..
أخذ الصبي منها القهوة وذهب بها لحازم الجالس على المقعد بارتياحية وابتسامة خبيثة لها .. وقال بسخرية:
_ القهوة بتتعمل في فنجان يا هندسة ..
قالت شهد بابتسامة مستفزة :
_ مش بنطلع الفناجين من النيش لأي حد كده ..
زم حازم شفتيه بغيظ ورمقها بنظرة حادة، فكتمت شهد ضحكتها ودخلت المنزل مرة أخرى .. وبعد نصف ساعة تقريبًا عندما اندمجت بالفعل بمراجعاتها الدراسية فوجئت بصوت فوضوي مزعج آتٍ من الشارع ! ..ذهبت وفتحت النافذة بعصبية واغتاظت عندما وجدت هذا الصوت يأت من سيارة حازم !!
رمته بنظرة غاضبة واغلقت النافذة وهي تتمتم بالشتائم، وحاولت أن تتجاهل هذا الصوت ولم تستطع ، وبعد دقائق نزلت على السلم سريعا وخرجت من المنول متوجهةً نحوه وهو مستندا على السيارة وينفث دخان السيجارة باستمتاع ونظرة ماكرة مبتسمة .. فهتفت به :
_ أقفل الصوت الزفت ده مش عارفة أذاكر !! ..
رد عليها بابتسامة مستفزة:
_ أومال اشغلك إيه ؟ … أم كلثوم ؟
هتفت به بعصبية:
_ ما تشغلش حاجة !!
فاقترح عليها :
_ طب اعمليلي كوباية قهوة كمان ..
تنفست شهد بغيظ وعادت للمنزل بخطوات سريعة، فضحك حازم وانتظر القهوة التي ارسلتها مع الصبي .. وبعد دقائق انتبهت شهد وهي تحاول صب تركيزها على ما تقرأه في المراجعات الدراسية صوت عال مخيف لموسيقى جنائزية !.
ضربت بيدها على مكتبها الخشبي وأخذت المسطرة حرف T ونزلت له مرةً أخرى بعصبية وصاحت به وبيدها المسطرة :
_ أنت شكلك كده مش هتيجي بالذوق !!
ابتسم بخبث وقال :
_ أجي فين ؟
أشارت له شهد مرة أخرى بعصبية وقالت :
_ بلاش استخفاف .. واقفل الأصوات دي وبطل استفزاز بدل ما ادغدغلك العربية دي أنت ما تعرفنيش !.
ضحك حازم بسخرية وقال :
_ عارفة ايه اللي مصبرني عليكي وعلى طولة لسانك ؟
لم تسأله شهد رغم فضولها، فاستطرد حازم وقال :
_ لسبببين .. أولهم صلة القرابة اللي للأسف بقت بنا .. تاني سبب أنك بتضحكيني ..
شهقت شهد من ما سمعته بآخر حديثه، فأكد لها حازم قائلا :
_ نفسي تشوفي نفسك وأنتي متغاظة وبتزعقي.. شكلك بيبقى أهبل أوي وبيضحكني ..
زمت شهد شفتيها بغيظ وتركته وصعدت لشقتها من جديد ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وفي سيارة أشهد التي تحركت بهما عائدان لمنزل رقة .. شردت لفترة طويلة، ولاحظ أشهد ذلك فقال متفهما :
_ ما تضيقيش من كلام أمي … لما تعرفيها هتغيري فكرتك عنها …
قالت رقة ببعض الضيق ونظرت له بنظرة جانبية وهو يقود السيارة:
_ فكرتي عنها ما أتغيرتش .. هي أم ومن حقها تقلق وتخاف على أبنها من أي اختيار غلط .. اللي ضايقني أنها حطتني في مقارنة ظالمة مع بنت خالتك .. اللي يمكن لو اتحطت في نفس ظروفي مكنتش هتبقى المتعلمة اللي معاها ما جستير !
خايفة تفضل المقارنة مستمرة طول الوقت معاها .. !
رد أشهد وقال بصدق :
_ أمي في قرارة نفسها عارفة أن هدير بنت خالتي ما تنفعليش، عمري ما حسيتها ولا حتى تقبلتها كأخت .. أنا مقدرش أعيش مع واحدة ما بتفكرش في أي شيء غير إنها تسيطر عليا وتمتلكني وتحركني حسب أهوائها..!
سخر وهو يهز رأسه رافضا الفكرة :
_ لا مستحيل طبعا .. لإني في أي ارتباط مش هكون غير المسيطر الوحيد ..
نظرت له رقة ببعض القلق وهو يتحدث هكذا .. ! حتى توقفت سيارة أشهد أمام منزلها بالمنطقة الشعبية، وحينما رآهم حازم قال لهما بعدما خرجا من السيارة :
_ كده تمام .. ارجع البيت بقا ارتاح شوية قبل ما ارجع الشغل..
قال له أشهد بتعجب
_ أنت كنت مستنينا ولا إيه ؟!
أجاب عليه حازم بعفوية وهو يدخل سيارته :
_ أصل شهد فوق لوحدها .. قولت مش همشي غير لما أختها توصل ..
ابتسمت رقة بنظرة ضيقة، ثم استأذنت منهما وصعدت لشقتها .. وحينما دخلت قالت لشهد التي استقبلتها بلهفة وتسألها :
_ كنتوا فين ده كله وايه اللي حصل خلاكي تجري من بيته؟!
أجابت رقة بابتسامة وراوغت في الإجابة:
_ سمعت امه بتزعق معاه بسببي عشان قومت وسيبت الغدا، بس مش مهم اللي حصل، المهم إننا كنا بنتمشى في الشوارع واتبسطتنا أوي .. وكلنا كشري .. بس قوليلي بقا، هو انتي حلمتي بحازم ولا ايه ؟
تعجبت شهد وسألتها بغرابة :
_ مش فاهمة ؟!
قالت لها رقة وهي تضحك :
_ أصله كان واقف تحت بعربيته لحد ما اطمن أني وصلت عشان ما تفضليش لوحدك في البيت !
تسحبت ابتسامة على شفتي شهد وقالت بدهشة :
_ آلاه ؟! … ابتدينا نقلق على بعض ولا ايه!
ضحكت رقة حتى أضافت شهد بتعجب :
_ أصل أنا قلقت عليه من شرب القهوة الكتير ونزلتله عصير أناناس وقراقيش من شوية .. هي المرحلة دي اللي قبل الإعجاب ولا اللي بعدها ؟ .. هي القراقيش في الحب ايه ؟
ضحكت رقة مرة أخرى وقالت :
_ جواز أن شاء الله ..
قرصتها شهد من ذراعها وقالت بغمزة ماكرة :
_ هنبقى سلايف يا رقوقة .. هنجلط الولية أمهم اللي عملالي فيها نازك السلحدار ..
انكمشت تعابير رقة للوجوم وقالت :
_ ربنا يحنن قلبها علينا يا شهد .. بتمنى يجي اليوم اللي أحس فيه إنها أمي .. أو على الأقل بتحاول تبقى كده.
أكدت شهد بثقة :
_ أنا حاسة أن ده اللي هيحصل والله .. محستش إنها ست شريرة على قد ما حسيت إنها لسه ماتعرفناش على حقيقتنا .. وبعدين كفاية عليكي أشهد وحنيته .. سيبك من أمه.
شردت رقة قليلا وقالت :
_ حاسة أن في شيء أنا معرفهوش .. أنا خايفة أوي !.
قلقت شهد من حديث شقيقتها، لإنها تشعر بنفس الأمر ولم تخبرها لكي لا تفسد سعادتها ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وفي المساء ..
وبعدما عاد أشهد ليواصل عمله بالشركة وأنتهى دوام اليوم .. خرج مساءً ودخل سيارته ثم أمر السائق أن يعود به للمنزل ..
وبعدما تحركت السيارة لمنتصف طريق العودة .. وجد السائق أن هناك سيارة تتبعهم .. فقال لأشهد بقلق :
_ في عربية ماشية ورانا بقالها نص ساعة يا اشهد بيه .. !
نظر أشهد من النافذة بعدما أشار له السائق على السيارة المراقبة .. وضيق أشهد عينيه عندما لمح نهال داخلها .. زفر بضيق وقال للسائق :
_ خليك ماشي على طول وما تركزش معاها ..
نفذ السائق ما قاله أشهد، بينما سيارة نهال كانت تتحرك بعشوائية بجانبهم .. فأمر أشهد السائق أن يسير من أحد الطرق الضيقة ، ولكن نهال كانت بحالة من الجنون الذي اوصلها أنها اصرت على محادثته اليوم .. وبعدها أسرعت بذلك الطريق الضيق وسبقت سيارة أشهد بمسافة ليست قصيرة، ثم وقفت بعرض الطريق واضطرت سائق أشهد بأن يتوقف بالسيارة ..
غضب أشهد منها وخرج من سيارته عندما وجدها تخرج من سيارتها وتتحرك بترنح كأنها ثملة !
انتظرت حتى أتى اليها ووقف أمامها غاضبا وصاح:
_ أنتي عايزة مني إيه ؟
ورغم ترنحها ولكنها كانت في أشد وعيها عندما ارتمت على صدره ونظرت له بتوسل ودموع قائلة :
_ عايزاك أنت .. عايزة أشهد حبيبي بتاع زمان .. فاكر ولا نسيت ؟
دفعها أشهد عنه بإزدراء وقال :
_ مابقاش موجود .. وما تدوريش عليه لإنك لو لفيتي لآخر عمرك مش هتلاقيه ..
ارتمت نهال على صدره مرةً أخرى وهي تتشبث بملابسه وتقول ببكاء شديد :
_ كفاية بقا يا أشهد أرجوك كفاية .. غلطت وعرفت غلطتي ، أنت مكنتش كده ! .. أنت كنت بتسامحني مهما غلطت ، مكنتش حتى بتعاتبني ! .. كنت بمجرد ما أقولك أسفة تنسى وتصفى .. حصلك ايه ؟ .. يا أشهد أنا كنت صغيرة وفاروق ضحك عليا بفلوسه .. بس كنت بحبك ولحد دلوقتي بحبك ..
حاول أشهد أن يتخلص بنفور من أصابعها المتشبثة بملابسه وقال بعصبية :
_ كنت بحبك .. كنت غبي ، بس بطلت أبقى غبي ، وكرهت الحب بسببك .. بسبب انسانة طماعة وأنانية ، بين يوم وليلة تنسى الانسان اللي حبها واتحدى الكل عشانها .. تنسى انها كانت مخطوبة عشان في يوم يصحى يلاقي نفسه أكبر مغفل في الدنيا لما يلاقي خطيبته بتتجوز راجل تاني !
ودفعها عنه قائلا بكراهية :
_ عرفتيه واتقابلتوا واتفقتوا ودبلتي في ايدك !! .. و ده كله وعايزاني اسامحك ؟! .. وأنسى أني كنت مغفل ؟!
وضعت نهال يدها المرتعشتان على وجهه الفاتن وقالت بتوسل وعينيها غارقة بالدموع :
_ محبتهوش ولا عمري حبيت غيرك .. ولا أنت حبيت ولا هتحب غيري ، أنا شوفتك النهاردة مع البنت اللي بيقولوا خطبتها ، مش هي دي بصتك وانت بتحب يا أشهد .. ولا هي دي شخصيتك وواحدة بتحبها قريبة منك .. أنت ناسي كنت معايا أزاي ؟! .. الكل كان بيحسدنا على حبنا لبعض .. انت كنت مجنون بيا … قول إنك بتتجوز عشان تنتقم مني .. أنا متأكدة إنك ما بتحبهاش.
صاح أشهد فيها بغضب وقال :
_ آه ما بحبهاش .. وآه هتجوز عشان تبعدي عني وأخلص منك .. أنتي عايزة مني إيه تاني ؟! .. أبعدي عن طريقي بقا !!
ولكن نهال لم تبتعد، بل اقتربت منه بوقاحة شديدة ولحظات خاطفة اقتطفتها في دهشة منه ومحاولة منه بأن يبعدها، وبعدها تركت أثار احمر شفاها على جانب شفتيه بابتسامة منتصرة مهووسة ، فصفعها أشهد بكراهية عدة صفعات وهتف بوجهها :
_ اللي بتقولي ما بحبهاش دي انضف منك مليون مرة .. وأنتي عارفة كويس أن عمري ما كنت هاخد الخطوة دي بجد غير وأنا من جوايا ومن قلبي عايز .. دلوقتي فعلًا أنا شايفك وشايفها كويس أوي .. أنتي ولا حاجة جنبها .. لا أنتي ولا غيرك ولا أي حد قابلني زيها .. أنتي انسانة مقرفة وخاينة وأنانية .. أنما هي أرق وأطهر بكتير أوي من إنك تجيبي سيرتها على لسانك .. لإن هي الوحيدة اللي بلاقي أشهد القديم معاها .. مش أشهد اللي معندوش قلب ولا بيثق في الناس ولا في مخلوق .. أنا حقيقي بحتقرك!.
صعقت نهال مما قاله ، حتى قالت وهي تنظر له بغضب جنوني :
_ أشهد اللي قدامي ده أنا اللي عملته ، ولا أنت كنت مفكر نفسك ذكي وبيزنس مان بصحيح ؟! … أنا اللي كنت ببعتلك الزباين وأنا اللي فتحتلك الطرق ، ولو مش مصدقني روح اسأل نص العملا اللي اشتغلت معاهم في أول طريقك .. أنا اللي كنت بوصي عليك في السوق من ورا جوزي عشان تنجح وتحقق أحلامك ومتيأسش وتفشل .. أنا اللي عملتك يا أشهد وأنا اللي أقدر أهدك
رد أشهد بسخرية :
_ لو كنتي بعتيلي عميل مرة .. فاللي اتعامل معايا تاني وتالت كان عشان شطارتي وشغلي .. أنا محدش عملني ومحدش له فضل عليا .. كان قدري إني أكون في يوم رجل الأعمال أشهد شاهين وبقيت .. بدليل أن أصغر فرع في شريكاتي بكل ثروة جوزك .. كان الأولى تستخدمي معارفك وزباينك في شغلك .. لكن ده مش جديد عليكي ..
ابتسمت نهال بابتسمة شيطانية وقالت بتهديد :
_ أنت شوفت محبتي يا أشهد، لكن لسه ما شوفتش أنتقامي .. وضربتي ليك المرة دي مش هتعليك .. هتدمرك، وأوعدك.
لم يكترث أشهد لما قالته وتركها بعد أن رماها بنظرة محتقرة …
فضغطت نهال على أسنانها بغيظ شديد ثم قالت :
_ مش فاكرها ملاك ؟!… أنا هوريك الملاك بتاعتك دي هتعمل فيك ايه !.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وباليوم التالي ..
استيقظت رقة واستعدت للذهاب للعمل .. وبعدما ايقظت شقيقتها شهد وتوجهت لتخرج من الباب .. لاحظت جريدة يومية ملقاة أمام باب الشقة .. تعجبت رقة منها .. ولكن لاحظت صورة منشورة واسم أشهد شاهين أسفلها بالخط العريض !
رفعت رقة الجريدة ونظرت للصورة وهي تشهق من الصدمة .. فقد كانت الصورة خادشة للحياء لأشهد وهو بين ذراعيه امرأة فاتنة بمشهد حميمي غير لائق !
ارتعشت يدها وهي تلتقط أنفاسها بالكاد ، حتى أتت شهد وهي تقول لها بالتسامة وتعطيها هاتفها :
_ تليفونك كنتي هتنسيه وأشهود بيرن … رقة في ايه ؟!
سألتها شهد بقلق عندما لاحظت حالتها ، لم تستطع رقة التفوه وهي تبك، فأخذت منها شهد الجريدة وصدمت من المنشور وقالت :
_ اكيد في حاجة غلط .. يبقى أشهد بيرن عشان كده ؟! .. ردي
رفضت رقة وهي تبك بانهيار ، بينما أجابت شهد على الهاتف، فقال أشهد ويبدو بصوته الانفعال :
_ أنا عارف أن اكيد وصلك الخبر .. أنا جايلك في الطريق وهفهمك كل حاجة ..
صاحت رقة ببكاء :
_ يبقى والدتك كان عندها حق .. أنا اللي عبيطة وصدقتك ..
قالت شهد بعصبية :
_ أنا مش فاهمة حاجة ؟! ..
قال أشهد بحدة :
_ انا كلمت المحامي وهرفع قضية على النشر الخبر ده .. مش لأي شيء غير أن المقصود أن خطوبتنا تنتهي … وأنا مش هسمح بكده.
وانتهى الاتصال ، حيث قالت شهد بجدية :
_ أنا شايفة إنك تسمعيه الأول ..
دخلت رقة وهي تبك وعينيها بدأت تنتفخ من البكاء ، فنظرت لها شهد بقلق وقالت :
_ عرفتي أنا كنت خايفة عليكي ليه ؟ .. أنتي رقيقة أوي ومش هتستحملي أي حاجة..
قالت رقة بألم :
_ مش هقدر اتحمل حقيقة انه استخدمني عشان ينتقم من واحدة بيحبها وسابته .. للدرجة دي أنا رخيصة كده في نظره ! .. يعني هو كدب عليا واتقدملي عشان كده ؟!
وأجهشت رقة بالبكاء، وشعرت شهد بالذنب لإنها كانت سببا لتلك الصدفة منذ البداية ..
فقالت شهد وهي تربت عليها بحنان :
_ لأ يا رقة .. ما اظنش واحد زيه هيضطر ياخد خطوة الجواز لمجرد أنه ينتقم من واحدة تانية … هو جاي وهيفهمنا كل حاجة ، هروح أبعت لأم بسنت وحموكشة يحضروا معانا .. عشان ما نبقاش لوحدنا مايصحش ..
وبعد مضي بعض الوقت دخلت سيارة أشهد الفارهة المنطقة العشوائية .. وبدأ الصغار يلتفون حولها بفرحة .. بينما خرج أشهد من سيارته وجيها ساحرا قد تزاحمت عليه جميع العيون .. وبعد لحظات صعد لشقة الفتاتان وعندما فتحت له شهد لاحظ عليها العبوس .. دخل أشهد عدة خطوات ونظر لرقة التي تجلس وعينيها منتفختان من البكاء وجارتها أم بسنت تواسيها .. وقال :
_ ردي على الكدب اللي اتنشر ده هو أن كتب كتابنا هيكون خلال الأسبوع ده بالكتير .. ده بالنسبة للناس .. أنما بالنسبالك أنتي .. فأنا ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك رد