روايات

رواية لماذا انا الفصل الثاني 2 بقلم نورا سعد

رواية لماذا انا الفصل الثاني 2 بقلم نورا سعد

رواية لماذا انا البارت الثاني

رواية لماذا انا الجزء الثاني

رواية لماذا انا
رواية لماذا انا

رواية لماذا انا الحلقة الثانية

– أحنا قبل الحادثة كنا مرتبطين، وخطوبتنا مكملتش شهر، أنا.. أنا بحبك، وأتمنى أني أكمل حياتي معاكِ… بس.. بس أنا عارف أن وضعي دَ مش سهل، وأنتِ حقك ترفضي، أنتِ مفيش حاحة تغصبك أنك تكملي في علاقة متعبة ومُهلكة زي دِ، لو قررتي ترفضي يا مليكة أنا هكون مقدر، وهحترم قرارك أين كان أيه يا بنت الناس.
نهى حديثه وظل يراقب تعبيرات وجهها بتآنّي، كان صدره يعلو ويهبط بعنف، ظل يضرب بأصابعه على الطاولة في توتر، كان ينتظر ردها عليه، أما هي؛ فنظرت له ورسمت على شفاتيها ابتسامة أنتصار! وقالت:
ـ أيه اللي أنت بتقوله دَ يا غيث! حقيقي أنت جيه في بالك أني ممكن أتخلى عنك! طب أي رأيك بقى أني عايزة أحدد معاد الفرح في أقرب وقت.
زار الأمل قلبه من جديد، وظل قلبه يرقص من أثر كلماتها، تهللت ملامحه، فهتف فور إنهاء حديثها: بجد يا مليكة؟ يعني.. يعني مش هتندمي على قرارك دَ في يوم من الأيام؟
مَدت يدها له وحضنت كفتي يداه وهي تهمس: أنا لو ندمت على حاجة، هكون ندمت على عمري اللي عشته بعيد عنك، أنا روحي متعلقه بيك يا غيث.

 

ابتسم بصدق وتبت في يدها هو الأخر، لم يتفوه بحرف أخر، ظل صامت وعيناه هي من تكلفت بأمر الحديث، ولكن قطع تلك اللحظات حديث مليكة وهي تقول: بس يا غيث أنت كنت شايل كل حاجة عن بباك، يعني.. شغل وشريكات وكل حاجة تقريبًا، دلوقت هتقدر تعمل اللي كنت بتعمله؟
ابتسم لها بشحوب وقال: أيوا متقلقيش، أنا هنزل من بكرا الشريكات أصلًا، هعرف أتصرف متقلقيش أنتِ.
ابتسمت هي الأخرى بتوتر ثم قالت: يعني حتى أنت وتعبان شايل كل حاجة يا غيث، هو بجد ليه بباك مفكرش حتى أنه يكتبلك شركة من الشريكات اللي أنت بتديرها بأسمك؟!
فَلت يده من يدها وقال بشحوب وأسى: مش كتر خيره يا مليكة أنه ملغاش التوكيل أصلًا، وبعدين بأسمي ولا بأسمه، ما في الأخر مالي ومال أبويا.
شعرت الأخرى أنها حرجته بحدثها هذا؛ فَبتسمت بتوتر وحاولت تغير مجرى الحديث، مَر الوقت عليهم دون شعور، حتى قرروا أن يعودوا للمنزل، وصل غيث لمنزله وودع مليكة، دخل البيت كان الظلام يسوّد المكان، ولا يوجد مصدر لصوت أحد، حرك كرسية في أتجاه غرفته، فتح الباب بهدوء وأتجاه للفراش ولكنه شهق فزعًا عندما رأى مايا زوجة أمجد مستلقاه على الفراش بطريقة مثيرة، وترتدي قميص نوم من اللون الوردي ويغطي روب من نفس اللون! غَضّ بصره سريعًا وهو يصيح فيها غاضبًا: أنتِ بتهببي أيه في أوضتي؟!
نظرت له بثيات ثم هبطت من على الفراش وهي تقول له بهدوء: أبدًا، كنت بنضف أوضتك وتعبت فقولت أريح جسمي شوية.
نهت حدثها وهي تقترب من الكرسي ثم واصلت: تعالى أساعدك عشان تقعد على السرير.

 

حاول أن يبتعد عنها بكرسيه لكنه فشل بسبب قبضت يدها على يد الكرسي من الخلف؛ فقال سريعًا: لا لا، أخرجي يا مايا بعد أذنك وألبسي حاجة مينفعش كده.
تجاهلت حديثه وأقتربت منه لكي تساعده على النهوض للفراش، لم يستطيع منعها فقام معها حتى جلس على الفراش، أستلقى بظهره على الفراش وكاد أن يطلب منها أن تذهب، ولكن.. ولكن مايا لم تعطي له فرصة لقول أي شيء، ظلت تقترب منه بإغراء شيئًا في شيء حتى انفاسها أصبحت تمتزج بأنفاسه، مَرت بأناملها على وجهه بنعومه وهي تهمس: أنت.. أنت أزاي مش حاسس بيا؟!
لم يعلم ماذا يفعل، شَلت تفكيره وجسده بحركاتها هذا، حاول الأبعاد عنها بجسده لكنه فشل بسبب شلل قدمه! فصاح فيها غاضبًا وهو يشيح يدها عنه بعنف: أنتِ أتجننتي! أبعدي يا مايا، أطلعي برا.
لم تهتم لصياحه، أقتربت منه أكثر وهي ترسم على شفاتيها أبتسامة ساخرة، مسكت خصله من خصالات شعرها وبرَمتها على أحد أصابعها بدلال وهي تقول: ولو مطلعتش؟ هتعمل أيه بقى؟؟
تركت شعرها ومَرت بأناملها على وجهه من جديد وواصلت: بجد أنا مستغرباك، مش عرفه أزاي قادر تضيع فرصة زي دِ من أيدك؟ دَ أنا حتى حببتك القديمة، ولا نسيت؟

 

شعر بالدماء تفور من رأسه، مسك يدها وبحركة سريعة كانت يدها مُقيدة بقبضته خلف ظهرها، قبض على يدها بعنف وصاح فيها بغضب: شكلك أتجننتي يا مايا، لو فكرة أني عشان عاجز هسيبك توصلي للي في دماغك يبقى بتحلمي، فوقي، فوقي وشوفي أنتِ بتعملي أيه بدل ما أندمك على اليوم اللي اتولدي فيه.
قابلت كلماته بضحكة عالية، ظلت تضحك بكامل صوتها حتى انتهت ثم صاحت وهي تحاول الأفلات من قبضته.
-أنت بجد مصدق نفسك؟ أنت دلوقت عاجز يا غيث، عاجز ومتقدرش تعمل حاجة، كل اللي تقدر تعمله أنك تمسكني من دراعي كده، لكن لو أنا أستعفيت عليك شوية زي كده.
نهت كلماتها وهي تصدم رأسها في وجهه بعنف حتى أرتد للخلف وفلتت يدها من قبضته وواصلت وهي تبعد عنه بعض الخطوات وتقول: شوفت؟ دلوقت متقدرش تعمل حاجة، صح؟
أقتربت منه من جديد وهي ترى نظرة العجز في عيناه، كانت تقترب ببطيء وهي تخلع معطفها البيتي الذي كان يخفي جسدها، لصقت فيه من جديد وهمست في أذنه بإغراء: أنت بتاعي أنا يا غيث، مهما عملت برضه هتكون بتاعي.
لم يستطع السيطرة على حاله أكثر من ذلك، نفَرت عروق يده وبارزت بشكل مُخيف، ثوانٍ وكان يجذبها من خصالاتها بعنف وصوت صراخها كان يضوي في الغرفة، كان على وشك أن ينهارها ويُسّبها بجميع سبّات العالم، لكن لم يتسطع فعل شيء بسبب دخول أمجد عليهم! فكان الوضع مُريب لأي شخص، غيث يجلس على الفراش ويجذب مايا من خصالات شعرها، ومايا تصرخ والدموع تغرق وجهها.

 

تسمّر أمجد في مكانه، لم يستطع أن يخطوا خطوة أخرى، أما غيث فكل ما فعله إنه دفعها بعيدًا عنه سريعًا، كاد أن يتحدث ويوضح لشقيقه الأمر، لكن سبقته مايا وهي ترهل نحو أمجد وتختبيء في أحضانه، ومن بين شهقات بُكاها التي بَرعت في تمثلهم قالت: الحقني يا أمجد، الحقني، أخوك… أخوك حاول يعتدي عليا، كنت.. كنت داخله أنضف له الأوضه لقيته دخل عليا وقفل الباب، لسه هسأل في أيه لقيته بيقولي كلام زبالة، وقلعني الروب ولما زعقتله ضربني، شووفت شووفت اخوك عايز يعمل فيا أيه؟ شوفت بجاحته وصلت لفين؟ مش صاين الرجل اللي معايشه معاه، مش قادر يمنع نفسه من مرات أخوه!
نهت حدثها وزادت في البُكى أكثر وأكثر، لم ينطق أمجد بشيء، وغيث ينظر لها ببلاهه وفم مفتوح، لم يعلم بماذا تهرتل تلك! وقبل أن يَفيق صدمه أخيه الذي قال:
ـ يعني دَ جازاتي؟ أعيشك في بيتي، ومراتي بتخدمك تقوم تبص لمرات أخوك! يا شيخ أتفو على دِ تربية.
نهى حديثه وهو يبصق فى الأرض بإستحقار، كاد غيث أن يدافع عن نفسه، أو.. أو شرح أي شيء لكن لم يعطيّ أمجد فرصة للدفاع حتى عن نفسه، خرج مايا من أحضانه ثم صاح بنبرة حادة صارمة: خمس دقايق وملمحكش في البيت.
نهى حديثه وخرج ومعه مايا، مايا التي نظرت لغيث بإنتصار وعلى شفاتيها ابتسامة سخرية، غاب لدقائق ثم دخل له مرة أخرى، كان غيث كما هو، يجلس على الفراش دون تعبير، وبملامح خالية من أي شيء، نظر له بغضب ثم هتف بحده: أنت لسه قاعد؟ بقولك قوم غور من هنا، أيه مبتفهمش!
نظر له ثم أخيرًا حاول ان ينطق.
-أمجد… أمجد أفهم، مايا.. مايا كدابة.

 

-أخرس… أخرس خالص.
هكذا صاح فيه أمجد بغضب، نظر له ثم قال: أيه مسمعتنيش؟ بقولك إطلع برا.
ضرب كف فوق الأخر ثم قال بآسف مُصطنع: أوبس دَ أنا نسيت أنك عاجز صحيح.
نهى حديثه وهو يقترب منه، مسكه من تلابيب ملابسه وبعنف حركه لكي يجلسه على كرسيه، كل هذا وغيث مستسلم له، لم ينطق بحرف واحد آخر، أجلسه على كرسيه بعنف ثم حركة لخارج المنزل وهو يُسّبه بكُل السبّات، وصل عند عتبة المنزل وقبل أن يغلق الباب في وجهه صاح فيه وهو ينظر له بإستحقار: مشوفش وشك تاني، من أنهاردة ولا أنت أخويا ولا أعرفك.
نهى حديثه وهو يصفح الباب في وجهه.
كان غيث ينظر لكل شيء حدث بعدم فهم، لم يستوعب أن أخيه صدق المسرحية السخيفة التي حدثت من لحظات، لم يصدق أن أخيه أقتنع بكلام الحية زوجته! أي عقل هذا اللي يصدق هذا الهراء من الأساس! كيف لشخص عاجز كما يقولون أن يعتدي على فتاة! وليس أي فتاة، بل زوجة أخيه! هل ذلك الحديث يُمكن لطفل صغير حتى إن يصدقه حقًا! حرك كرسية ببطيء، ظل يتحرك وهو لا يعلم إلى أين ذاهب ولا ماذا يفعل من الأساس، تذكر أنه حتى لا يمتلك نقود، وحاسبه البنكي كان على وشك الأفلاس، أخر مبلغ كان في حسابه البنكي قام بسحبه لكي يشتري لمليكة طقم من الماث، هداها بيه عندما قالت له في أحدى المرات أنها تتمنى أن ترتدي طقم من ذلك النوع، وهو كالعادة حقق لها أمنيتها وجلبه لها، ومن بعد ذلك حدثت له ذلك الحادثة التي فقد فيها قدمه، ومن وقتها وهو لم يمتلك نقود في حسابه البنكي، ولم يطلب من والده أن يحاوّل له نقود، قفلت كل النوافذ في وجهه، ويأس من إيجاد حل لذلك المأزق التي وقع فيه، فكر في مليكة، فَهى الوحيدة القادرة على سماعه، وبتأكيد ستساعده في إيجاد حل.

 

دخل للمطعم الذي أعتادوا أن يجلسوا فيه، هاتفها وطلب منها أن تأتي، تعجبت من طلبه ولكن نهت المكالمة بإنها سوف تُجهز حالها سريعًا وآتيه له على الفور.
*******************
أما في مكان أخر، كان أمجد يجلس في مكتبه ويهاتف والده.
-خير يا أمجد؟
-أبدًا حبيت بس أعرفك أني طردت غيث من عندي، عشان لو أتصل بيك يشتكيلك تكون عارف.
قابل فريد كلمات أبنه الأكبر بعدم أستوعاب، فصاح فيهِ غاضبًا: أنت أتجننت! طرد أخوك من بيتك!
رد عليه الأخر ببرود شديد: لا متجننتش يا والدي العزيز، بس ابنك هو اللي اتجنن، غيث حاول يعتدي على مايا يا أبويا.
صاح بأخر كلماته بعصبية، نزلت تلك الكلمات على فريد مثل السهام الحارقة، لم يستوعب ما قاله للتو، فتسأل بعدم فهم: يعتدي على مين؟ أنت بتقول أيه؟!
هتف أمجد بعصبية: اللي سمعته، جيت من الشغل لقيته ماسك مايا من شعرها ومقلعها الروب! كنت عايزه يعمل أيه تاني عشان أصدق أنه عايز يعتدي عليها؟!
-أزاي؟ ازاي دَ حصل وهو.. وهو..
صاح أمجد من جديد بغضب: وهو أيه؟ وهو مشلول؟ ما تقولها خايف ليه؟ ايوا يا والدي قدر يعمل اللي هو عايزه وهو مشلول، طول الفترة اللي فاتت مايا كانت بتشتكي منه وتقول أنه عينه ‏​‏​منـها وأنا اللي كنت بكدبها، بس خلاص شوفت بعيني أوسخ حاجة ممكن تتشاف، وياعالم لو كنت أتأخرت شوية كان أيه اللي حصل.

 

نهى حديثه وظل يلهث بعنف، لم يأتي له رد من والده، فَظن أنه غلق الهاتف، ولكن جاء صوت فريد وهو يقول : طب أقفل.. أقفل وأنا هتصرف مع الكلب دَ.
تسأل: هتعمل أيه؟
-يعني هعمل أيه، هلغي التوكيل وهسيبه يتعلم الأدب شوية.
ارتسمت على وجهه ابتسامه خبيثة ثم سأل: يعني أنا اللي هدير الشريكات؟
رد الأخر بحنق: هو أنا عندي حل تاتي، هتدير الشريكات لحد ما أشوف هعمل أيه في الزفت التاني، بس يارب متخسرنيش الجلد والصقد، أقفل.
أغلق المكالمة وابتسم في إنتصار؛ فَخيرًا سيحقق حلمه وهو من يدير شريكات فريد المنشاوي.
************
نعود مرة أخرى للمطعم، حيث وصلت مليكة كان غيث يجلس بوجه شاحب وعيون حمراء، جلست أمامه وسألته بلهفه: في أيه يا غيث؟ مالك؟ ومال عينك حمرة كده ليه؟
وكإنها هكذا أعطت له الصراح ليبكي، ظل يبكي ويتنحب مثل الطفل الذي فقد أمه للتو، ولأول مرة يسمح أن تتساقط دموعه أمام أحد، حاولت في تهدئته بكل الطرق ولكنها فشلت، حضنت يده بكف يدها وجعلته يفرغ كل طاقته في البُكى، أخيرًا بعد وقت ليس بالقليل هدأ من نوبة البكاء هذا، أقتربت منه وجففت له دموعه بأناملها ثم تسألت بهدوء: ممكن أفهم بقى في أيه؟
مسك كف يدها وقبلّها بهدوء ثم أخد نفس وبدأ يقُص عليها كل شيء حدث منذ دخوله المنزل حتى الأن، أنتهى من قَصّ ما حدث ولحقها بسؤال: أعمل أيه يا مليكة؟

 

كانت تنظر له بصدمة وعدم أستيعاب لكل ما حدث، فَكيف في ساعات محدودة هكذا ينقلب كل شيء رأسًا على عقب هكذا! نظرت له وعلامات الصدمة تسيطر على ملامحها وقالت….
يترى ليه مايا عملت عملت كل دَ؟
ازاي امجد صدق الكلام اللي مايا قالته؟ ولا هو كان بيتلكك اصلًا؟
فريد هيسمع غيث ولا هينفذ اللي قاله فعلًا؟
مليكع هتعمل أيه؟

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية لماذا انا)

اترك رد

error: Content is protected !!